القرآن (كائن حيّ) يرتبط بعضه ببعضٍ، ويتفاعل بعضه مع بعض. ومن هنا لا يستطيع الفرد أن يفهم القرآن بشكل سليم إلاّ بعد أن يجمع بعضه مع بعض، ويلاحظ التفاعل، والارتباط فيما بين أجزائه المتفرّقة. وفي الأحاديث: إنّ القرآن يفسّر بعضه بعضاً. وأيضاً: يشهد بعضه ببعض وينطق...

رغم أنّ الأئمّة الطاهرين -عليهم أفضل الصلاة والسلام- أكّدوا على ضرورة الفهم الشمولي للقرآن، فقالوا: «إنّ القرآن يفسّر بعضه بعضاً». وقالوا كذلك: «يشهد بعضه على بعض، وينطق بعضه ببعض». فإنّ البعض أخذوا يفهمون الآيات بشكل مجزّأ بعيداً عن الآيات الأُخرى، بل -في بعض الأحيان- أخذوا يجزئون الآية الواحدة لكي يستنبطوا منها مفاهيم ما أنزل الله بها من سلطان. وقد تجلى (الفهم التجزيئي) للقرآن في المظاهر التالية:1) فصل الجملة القرآنية عن السياق.

2) التجزئة الموضوعية

المشكلة الثانية التي يعاني منها بعض أبناء الأُمّة: هي (التجزئة الموضوعية) في فهم القرآن الكريم.

فهذه القطاعات تحاول أن تفهم كلّ آية آية من القرآن بشكل مستقل، بعيداً عن فهم الآيات الأُخرى.. وكأنّ كل آية عالم مستقل وقائم بذاته.

وقد ترتّب على ذلك أمران:

1 ـ الفهم الخاطئ لبعض الآيات القرآنية:

 فالقرآن (كائن حيّ) يرتبط بعضه ببعضٍ، ويتفاعل بعضه مع بعض. ومن هنا لا يستطيع الفرد أن يفهم القرآن -بشكل سليم- إلاّ بعد أن يجمع بعضه مع بعض، ويلاحظ التفاعل، والارتباط فيما بين أجزائه المتفرّقة. ومن هنا جاء في الأحاديث: «إنّ القرآن يفسّر بعضه بعضاً». وجاء - أيضاً: «يشهد بعضه ببعض، وينطق بعضه ببعض».

لقد وجدت -على امتداد التاريخ الإسلامي- مذاهب كثيرة منحرفة، مثل: (الصفاتية) و(الحشوية) و(المشبهة) و(الكرامية) و(الجبرية)(1)، وغيرها. وهذه المذاهب كانت تستند إلى بعض الآيات القرآنية في دعم أفكارها الخاطئة، وكان الخطأ الذي ارتكبته هذه المذاهب -أو على الأصح: جزء الخطأ- هي (النظرة التجزيئية) إلى آيات القرآن. كانوا يجدون آية تتحدّث في موضوع معيّن، وكان ظاهرها يعطي معنى معيناً، فكانوا يتمسّكون بذلك المعنى ضاربين بسائر الآيات الواردة في هذا الموضوع عرض الجدار!.

هذا في الجانب العقائدي: أمّا في الجانب العملي فقد أخطأ البعض في فهم بعض الآيات القرآنية التي تصوّروها تدعو إلى الكسل، وإلى الجلوس في زوايا البيوت؛ ذلك لأنّهم نظروا إلى هذه الآيات نظرة (أُحاديّة الجانب) ولم يجمعوها مع سائر الآيات القرآنية التي تدعو إلى العمل، والجهاد، والتحرُّك(2).

إذن، فالنظرة التجزيئيّة إلى آيات القرآن الكريم تعني في كثير من الأحيان: فهم هذه الآيات بشكل خاطئ.

2 ـ الفهم الناقص لـ(الموضوعات القرآنية):

فالقرآن الكريم لم يجمع بشكل موضوعي، أي لم يوضع كلّ موضوع منه في فصل مستقل، بل إنّ الآيات المتعلّقة بموضوع واحد تتقاسمها عشرات السور؛ ولذلك أصبح ضرورياً على كلّ من يريد أن يخرج بـ(رؤية قرآنية متكاملة) حول موضوع مّا، أن يمارس (النظرة الشمولية) للآيات المرتبطة بذلك الموضوع.

أمّا (التجزئة الموضوعيّة) فهي لا تعطينا إلاّ رؤية ناقصة، بالإضافة إلى أنّنا نخسر بسبب ذلك الكثير من المعطيات التي يمنحنا إياها (الفهم الشمولي) حينئذ، كما سنوضح ذلك فيما بعد.

والسؤال الآن هو: كيف نقوم بـ(الفهم الموضوعي) للقرآن الكريم؟!.

والجواب: إن العملية يجب أن تسير في أربعة مراحل:

1 ـ جمع الآيات القرآنية المرتبطة بالموضوع المقصود من مختلف السُّور القرآنية.

أمّا كيف يتم ذلك؟ فعن أحد طريقين:

أحدهما: الكتاب الذي ألّفه (جول لابوم) والذي نسّق فيه الآيات حسب مواضيعها، تحت عنوان (تفصيل آيات القرآن الحكيم)(3)، مع ملاحظة ملحقة أيضاً.

ثانيهما: المعجم الذي وضعه (محمد فؤاد عبد الباقي) والذي تناول فيه (الألفاظ) القرآنية على أُسلوب المعاجم اللُّغوية، تحت عنوان (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم).

وأُسلوب الرَّجوع إلى هذا المعجم هو تجريد (الموضوع) المراد بحثه عن الزوائد الصرفية، ثمّ البحث عنه في طيّات هذا الكتاب، فمثلاً: تبحث عن الزكاة في مادة «ز.ك.و» وعن الصلاة في مادة (ص.ل.و) وعن الصوم في مادة (ص.و.م) وهلمّ جرّاً.

2 ـ فرز الآيات وتصنيفها ووضع كل واحدة منها مع الآيات المماثلة لها.

3 ـ ترتيب هذه المجموعات على حسب ما يقتضيه (الإطلاق والتقييد) و(العموم والخصوص) و(التقدّم والتأخّر) وغير ذلك.

4 ـ وأخيراً، استنباط (الرؤية المتكاملة - والنهائية) من خلال ذلك.

ولا ننسى أن نؤكّد هنا -مرة أُخرى- ضرورة الرجوع إلى التفاسير وإلى روايات المعصومين عليهم أفضل الصلاة والسلام.

وهنا: يبرز سؤال ليقول: ما هي صورة (الجمع) بين الآيات القرآنية؟!.

والجواب: هنالك صور عديدة للجمع نذكر منها:

1 ـ (الجمع التفسيري).

2 ـ (الجمع الترتيبي).

3 ـ (الجمع الاستنباطي).

4 ـ (الجمع الموضوعي).

ولكن: كيف؟ دعنا نعرف:

أوّلاً: الجمع التفسيري

ويعني ذلك كشف المدلول الحقيقي للآية القرآنية من خلال آية أُخرى تتعرض إلى الموضوع ذاته. وهنا نستعرض بعض النماذج:

أ ـ يقول القرآن الكريم: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}(4).

نحن نعرف منذ البداية أنّ لكلّ آية مفهوماً ومصداقاً. فمفهوم الصراط -مثلاً- واضح، نعرفه من المعنى اللّغوي للكلمة في لسان العرب. فالصراط بمعنى الطريق المعبّد للسير.

والمستقيم بمعنى المعتدل، وأقرب الطرق إلى المقصد. فمفهوم الآية -إذن- واضح لا غبار عليه. ولكنّ مصداق الآية غير واضح. فلا ندري ما هو الصراط المستقيم الذي يجب أن نسير عليه؟. ولا ندري من هم الذين أنعم الله عليهم، حتّى نهتدي بطريقهم؟ فغير واضح من الآية واللُّغة ولسان العرب: ما هو الصراط المستقيم؟! فماذا علينا أن نفعل؟!

علينا أن نعرف ذلك من خلال الربط بين هذه الآية، والآيات الاُخرى، ونكتشف مصداق الآية.

فلنقرأ في (يس) آية 60، قوله تعالى: {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}.

فنعرف أنّ الصراط المستقيم هو عبادة الله تعالى، والتزام منهجه في الحياة العملية والاجتماعية.

ونقرأ في آية أخرى قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}(5).

فنعرف: أنّ المراد من {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} هم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون»(6).

والآن.. لنتساءل: من هم (الضالون)؟! مَن هم هؤلاء الذين ندعو الله تعالى كل يوم عشر مرّات -على الأقل- لكي يبعدنا عنهم؟!

من خلال مراجعة الآيات الأُخرى نجد أنّ القرآن الكريم يحدّد (الضلال) فيما يلي:

1 ـ الكفر -بكافة أشكاله وألوانه- وفي ذلك يقول القرآن: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا}(7). {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا}(8). {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيْلِ}(9).

2 ـ التعدي على حقوق الآخرين.. وفي ذلك يقول القرآن: {بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ}(10).

3 ـ الإنحراف ـ بكافة ألوانه وأشكاله.. وفي ذلك يقول القرآن: {وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}(11). {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِيناً}(12).

وهكذا استطعنا أن نكتشف -من خلال الآيات الأُخرى- أنّ المراد بـ(الضالين) هم كلّ المنحرفين فكريّاً، والمنحرفين سلوكيّاً، والذين يتعدون على حقوق الآخرين. وهذا ما يطلق عليه: (تفسير القرآن بالقرآن).

ثانياً: الجمع الترتيبي

وذلك يعني: فرز مجموعة من الآيات وترتيبها ترتيباً منطقياً، ولهذا النوع من (الجمع) معطيات وفوائد، منها:

1 ـ حلّ التناقض المتوهّم بين الآيات القرآنية:

ذلك أننا حين ننظر إلى الآيات بشكل غير منظّم، فقد نتصوّر اختلافاً بين مفاهيم هذه الآيات، ولكنّنا بعد تنسيقها وتنظيمها لا نجد أيّ اختلاف، بل نجد الأمر من قبيل (الخصوص والعموم) أو (التقييد والإطلاق) أو ما أشبه ذلك، وهذا ما نرى مثيلاً له حتّى في كلماتنا اليومية.

2 ـ فهم (مرحلية) هبوط الأحكام الآلهية:

ذلك: أن الأمر أو النهي عندما يتعلّق بقاعدة أساسية من قواعد التصوُّر الإيماني، أي: بمسألة اعتقاديّة، فإن الإسلام يقضي فيها قضاءاً حاسماً منذ اللّحظة الأُولى.

ولكن: عندما يتعلّق الأمر أو النهي بعادة وتقليد، أو بوضع اجتماعي معقّد، فإن الإسلام يتريّث فيه، ويأخذ المسألة باليسر والرفق والتدرُّج، ويُهيّئ الظروف الواقعية التي تيسرّ التنفيذ والطاعة.

والآن، إليكم المثال التالي -حسب ما يستفاد من بعض التفاسير- : في مسألة تحريم الخمر لم يكن الأمر أمر توحيد أو شرك. وإنما كان أمر عادة وألفة، والعادة تحتاج إلى علاج، ولذلك تدرّج القرآن من مرحلة إلى مرحلة حتّى وصل إلى التحريم النهائي.

وقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): «ما بعث الله نبيّاً قط، إلاّ وفي علم الله تعالى أنه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر، ولم يزل الخمر حراماً، وإنّما يُنقلون من خصلة ثمّ خصلة». «ولو حمل ذلك عليهم جملةً لقطع بهم دون الدين».

وعنه: «ليس أحد أرفق من الله تعالى، فمن رفقه تبارك وتعالى أنه ينقلهم من خصلة إلى خصلة، ولو حمل عليهم جملة (أي: مرة واحدة) (13) لهلكوا»(14).

والآن لننظر كيف تدرّج القرآن الكريم في تحريمه للخمر:

1 ـ في البداية بدأ القرآن بتحريك الوجدان الديني، والمنطق العقلي في نفوس المسلمين، وذلك ببيان أنّ الإثم في الخمر أكبر من النفع، فقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}(15).

وفي هذا إيحاء بأنّ تركها هو الأولى.

2 ـ ثم جاءت الخطوة الثانية بآية سورة النساء: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}(16).

والصلاة في خمسة أوقات -أو ثلاثة- متقارب لا يكفي ما بينها للسكر والإفاقة! وفي هذا تضييق لفرص المزاولة العملية لعادة الشرب، ولكسر اعادة الإدمان التي تتعلّق بمواعيد التعاطي؛ إذ المعروف أنّ المدمن يشعر بالحاجة إلى ما أدمن عليه من مسكر أو مخدّر في الموعد الذي اعتاد تناوله، فإذا تجاوز هذا الوقت، وتكرّر هذا التجاوز فترت حدّة العادة، وأمكن التغلُّب عليها.

3 ـ وبعدما تمّت هاتان الخطوتان جاء النهي الحازم الأخير بتحريم الخمر في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ *إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسَرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}(17).

وعندئذ.. قال المسلمون: أجل! لقد انتهينا يا رسول الله! ثمّ أخذوا يهريقون الخمور في الأزقّة حتّى جرت فيها!

ثالثاً: الجمع الاستنباطي

والجمع الإستنباطي يعني: الجمع بين آيتين من القرآن الكريم أو أكثر لاستنباط حكم تشريعي معيّن، أو فكرة معيّنة.

والتراث الذي خلّفه لنا الأئمّة الطاهرون عليهم الصلاة والسلام غني بهذا النوع من (الجمع)؛ ولذلك فنقتصر في هذا الفصل على نماذج منه.

أ ـ.. عن الدؤلي، قال: رفع إلى عمر أمرُ امرأةٍ ولدت لستّة أشهر، فأراد عمر أن يرجمها(18). فجاءت أُختها إلى عليّ بن أبي طالب، فقالت: إنّ عمر رجم أختي، فأنشدك الله إن كنتَ تعلَمُ أنّ لها عذراً لما (أي: إلاّ) أخبرتني به.

فقال علي: إنّ لها عذراً.

فكبّرت تكبيرة سمعها عمر ومَن عنده، ثم انطلقت إلى عمر فقالت: إن علياً زعم أنّ لأُختي عذراً.

فأرسل عمر إلى علي: ما عذرُها؟!

قال: إن الله يقول: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}(19).

وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا}(20).

وقال: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}(21) وكان الحمل هنا ستّة أشهر(22).

قال الراوي: ثم إنّها ولدت أخر لستَّة أشهُر(23). وهكذا.

استطاع الإمام علي (عليه السلام) أن يبيّن للناس من خلال هذه الآيات التي قد لا يبدو عند النظرة العابرة وجود أيّ ترابط فيما بينها، استطاع أن يبيّن لهم منها حكماً عظيماً من أحكام الإسلام، وأن ينقذ امرأة بريئة من حكم الرجم.

ب ـ إن سارقاً اعترف على نفسه بالسرقة فأحضروه إلى مجلس (المعتصم) الملك العباسي، كي يجري عليه الحدّ، ولكنّ المعتصم لم يعرف حدّه، فأحضر فقهاء بغداد وفيهم (ابن أبي داود) والإمام العظيم (محمد بن علي الجواد (عليه السلام)) فسألهم: من أين تقطع يد السارق؟.

فقال (ابن أبي داود) من مفصل الكفّ، واستدلَّ بآية التيمُّم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}(24).

ولكنّ العلماء الآخرين أطبقوا على قطع اليد من المرفق مستدلين بآية الوضوء: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}(25).

كلُّ ذلك والإمام الجواد (عليه السلام) ساكت لا يتكلَّم بشيء. حتّى التفت إليه المعتصم قائلاً: ما تقول؟!

غير أنّ الإمام (عليه السلام) لم يك يريد الردَّ على هؤلاء.

فقال: قالوا وسمعت!

فتطلّع المعتصم إلى رأي جديد يضمره الإمام (عليه السلام)، فألحّ عليه قائلاً: لا رأي لي عند هؤلاء، بالله عليك إلاّ ما حكمت.

فقال الإمام: «إنّ النبي أمر أن توضع المواضع السبعة (التي منها الكفّان) في السجود على الأرض. ويقول الله الحكيم: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}(26) فلا تقطع الكفّ التي هي من المساجد، بل تقطع الأصابع الأربع فحسب»(27).

وهكذا استطاع الإمام الجواد (عليه السلام) أن يكشف حدود قطع يد السارق بالجمع بين آيتين كريمتين هما قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} وقوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}.

جـ ـ عن علي بن يقطين: قال: سأل المهديُّ (الملك العباسي) أبا الحسن (عليه السلام) (أي: الإمام الكاظم) عن الخمر، فقال: هل هي محرّمة في كتاب الله؟ فإن الناس يعرفون النهي ولا يعرفون التحريم.

فقال له أبو الحسن (عليه السلام): بل هي محرمة.

قال: في أيِّ موضع هي محرَّمة بكتاب الله يا أبا الحسن؟!

قال: قول الله تبارك وتعالى:

{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}(28).

فأما قوله: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا} فيعني الزِّنا المعلن، ونصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر في الجاهليّة.

وأمّا قوله: {وَمَا بَطَنَ} يعني: ما نكح من الآباء، فإنّ الناس كانوا قبل أن يبعث النبي (صلى الله عليه وآله) إذا كان للرجل زوجة، ومات عنها، تزوّجها ابنه من بعده إذا لم تكن أُمّه، فحرّم الله ذلك.

وأمّا {الإِثْمِ} فإنّها الخمر بعينها، وقد قال الله في موضع آخر: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}(29).

فأمّا الإثم في كتاب الله فهي الخمر. والميسر فهي النرد، وإثمُهما كبير.

فقال المهديّ: هذه والله فتوى هاشمية!(30).

رابعاً: الجمع الموضوعي

و(الجمع الموضوعي) يعني: فرز الآيات القرآنية التي تتحدّث حول موضوع معيّن، وتصنيفها إلى مجموعات، وترتيب هذه المجموعات حسب تسلسلها المنطقي، ومن ثم: استخراج الحكم القرآني النهائيّ حول ذلك الموضوع.

ويختلف (الجمع الموضوعي) عن (الجمع الإستنباطي) في نقاط كثيرة، منها:

1 ـ (الجمع الاستنباطي) يتمّ -عادة- ضمن آيتين أو ثلاث، فهو جمع محدود. بينما (الجمع الموضوعي) يتمّ -عادة- ضمن مجموعة كبيرة من الآيات.

2 ـ (الجمع الاستنباطي) تكون نتيجته - غالباً - حكماً شرعياً، بالمعنى المتداول لهذه الكلمة، بينما تتّسع آفاق (الجمع الموضوعي) لتشمل كثيراً من القضايا: السياسية. والإجتماعية. والثقافية.. وغيرها.

3 ـ (الجمع الاستنباطي) يقتصر على فئة محدودة من (الراسخين في العلم) -باعتبار صعوبة استخراجه- بينما تفتح أبواب (الجمع الموضوعي) أو (الفهم الموضوعي) -لا فرق- لمجموعة أكبر.

والحقيقة أن (الجمع الموضوعي) أو (الفهم الموضوعي) لآيات القرآن الكريم يعتبر من أهمّ أنواع (الجمع القرآني) وذلك لسببين:

الأوّل: (الميزات) التي يتمتّع بها هذا النوع من الجمع، والتي أسلفنا بعضها قبل قليل.

الثاني: (المعطيات) و(النتائج) التي يفرزها هذا النوع من الجمع، والتي من أهمّها: الخروج بـ(رؤية قرآنيّة متكاملة) حول موضوع معيّن.

والآن، لنستعرض نموذجاً واحداً من (الجمع الموضوعي) لآيات القرآن، مع مراعاة الاختصار؛ لتكون نافذة متواضعة تفتح أمام عيون القرّاء الكرام الآفاق الواسعة لـ(الفهم الموضوعي لآيات القرآن الكريم).

الشفاعة، ماذا تعني

عندما نلقي نظرة موضوعيّة على الآيات التي تتحدّث حول الشفاعة، نجدها تنقسم إلى أربع مجموعات:

المجموعة الأُولى: لا للشفاعة

ويندرج ضمن هذه المجموعة كلُّ الآيات التي تنفي الشفاعة، والتي تنقسم إلى أربعة أقسام:

1 ـ الآيات التي تنفي الشفاعة بشكل مطلق، وينحصر هذا القسم في الآية الكريمة التالية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(31).

2 ـ الآيات التي تنفي الشفاعة التي كان يتصوّرها اليهود، والتي سوف نتحدّث عنها -فيما بعد-.. يقول القرآن الكريم: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ *وَاتَّقُوا يَوْمًا لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ}(32).

ويقول: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ *وَاتَّقُوا يَوْمًا لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ}(33).

3 ـ الآيات التي تؤكّد أنّ (لا شفاعة للكفّار) في يوم القيامة.. مثل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}(34).

{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ *وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ *مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ}(35) {قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ *تاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ *إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ *وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ *فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ *وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ}(36).

{وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ *حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ *فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}(37).

4 ـ الآيات التي تنفي أن تملك الأصنامُ المعبودةُ الشفاعةَ، مثل: {وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}(38).

{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}(39).

{وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ}(40).

{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلاَ يَعْقِلُونَ}(41).

{أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَانُ بِضُرٍّ لاَ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنْقِذُونِ}(42).

المجموعة الثانية: الشفيع هو الله

المجموعة الثانية: هي مجموعة الآيات التي تصرِّح بأنَّ الشفاعة مختصَّة بالله تعالى، وليس هنالك شفيع غيره، وفي هذا المجال يقول القرآن: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}(43).

{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ}(44).

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ}(45).

{قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}(46).

المجموعة الثالثة: هنالك شفعاء، ولكن بعد إذن الله

ونقرأ في هذه المجموعة: الآيات التالية: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}(47). {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ}(48).

المجموعة الرابعة: شروط خاصة

في هذه المجموعة نقرأ الآيات التالية: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا *لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَانِ عَهْدًا}(49).

{وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى}(50).

{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}(51).

{يَوْمَئِذٍ لاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً}(52).

{مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ}(53).

والآن.. لنلقِ نظرة تحليليّة -ولكن موجزةً- حول هذه المجموعات القرآنية:

1 ـ المجموعة الأُولى من الآيات الواردة حول الشفاعة لا تتناقض مع بقيّة المجموعات؛ ذلك لأنّ سائر المجموعات تثبت أقساماً معيّنة من الشفاعة، وهذه المجموعة تنفي أقساماً أُخرى لا ترتبط بالأُولى، لا من قريب ولا من بعيد، فهذه المجموعة تنفي:

أ ـ الشفاعة الاعتباطية.. التي لا تتقيّد بقيد أو شرط - كما هو مورد القسم الأوّل من المجموعة الأُولى(54).

ب ـ الشفاعة التي كان يحلم بها اليهود الذين كانوا يقولون: إنّنا أولاد الأنبياء، ومهما كانت ذنوبنا ثقيلة فإنّ آباءنا سوف يشفعون لنا.

هذا النوع من الشفاعة مرفوض في رؤية القرآن؛ وذلك لأنّ مجرّد الانتساب إلى عائلة (الرسالة) لا يكفي تبريراً للإنحراف عن خط الله تعالى، ومن ثمّ انتظار الرحمة والغفران الإلهيين من دون أيّ جهد أو تعب.

جـ ـ كما أنّ الكفّار الذين قطعوا كلّ علاقاتهم مع الله.. واتّخذوا من دونه أوثاناً وشركاء، هؤلاء لا يمكن أن تقبل شفاعة أحد في حقّهم - يوم القيامة.

د ـ ومن الطبيعي: أن (الأصنام) المعبودة من دون الله، لا يمكن أن تقوم بمهمة الشفاعة، خلافاً لكلّ التصورات الجاهليّة التي كانت تقدّس الأصنام لـ (تقرِّبهم إلى الله زلفى) ولتقوم بمهمّة الشفاعة لهم عند الله -.

2 ـ وإذا تجاوزنا عن هذه الأقسام الأربعة من (الشفاعات المرفوضة). نصل إلى (الشفاعة المقبولة).

هذه الشفاعة -كما تؤكّد ذلك (المجموعة الثانية)- هي مختصّة بالله ويعني ذلك: أنّ مَن سوى الله لا يستطيع أن يشفع للعصاة باستقلاله.

إذن، فالشفاعة الاستقلاليّة هي مختصّة بالله بينما (الشفاعة التبعيّة) يمكن أن تكون نصيب الآخرين(55).

3 ـ إذن، فإن هنالك شفعاء آخرين من دون الله، إلاّ أنّهم لا يستطيعون أن يشفعوا إلاّ من بعد إذنه وهو ما تؤكِّده (المجموعة الثالثة) من آيات الشفاعة.

4 ـ ولكن متى يأذن الله؟!.

إنّ المجموعة الرابعة هي التي تجيبنا على هذا السؤال، فهي تحدِّد شروطاً خاصّة في (المشفوع له) ومن دون توفّر هذه الشروط، فإنّ الله سبحانه لا يأذنُ بالشفاعة.

وهذه الشروط هي: أن يكون المشفوع له (مرضياً لله) و(متَّخذاً عند الرحمن عهداً). وبعبارة أُخرى: أن يكون (الخط العام) في حياته خطّاً إلهيّاً سليماً، وعندئذ: تتكفّل الشفاعة سائر انحرافاته الجزئيّة(56).

إلى هنا نختم حديثنا حول (الجمع الموضوعي) لآيات القرآن الكريم، رغم وجود نماذج أُخرى كثيرة في إطار هذا الموضوع.

وعلى القرّاء الكرام: أن يحاولوا القيام بـ(الجمع الموضوعي) لآيات القرآن في المواضيع التي تشغل تفكيرهم - لكي يخرجوا برؤية قرآنيّة شاملة حول تلك المواضيع.

* مقتطف من كتاب: (التدبر في القرآن) لمؤلفه آية الله السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي

.......................................... 

(1) للمزيد من التفاصيل راجع: التمهيد 3: 56-72.

(2) بالإضافة إلى أنّهم أخطأوا في فهم نفس تلك الآيات.

(3) هذا الكتاب منقسم إلى (18) باباً، وهي: التاريخ، محمد (صلى الله عليه وآله)، التبليغ، بنو إسرائيل، التوراة، النصارى، ما بعد الطبيعة، التوحيد، القرآن، الدين، العقائد، العبادات، الشريعة، النظام الإجتماعي، العلوم والفنون، التجارة، علم تهذيب الأخلاق، النجاح، وتندرج تحت كل باب من هذه الأبواب فصول متعدّدة.

(4) الحمد: 6-7.

(5) النساء: 68.

(6) القرآن كتاب حياة: 61-62.

(7) النساء: 136.

(8) النساء: 116.

(9) البقرة: 108.

(10) لقمان: 11.

(11) ص: 26.

(12) الأحزاب: 36.

(13) ما بين القوسين ليس من الرّواية.

(14) الصافي 1: 187.

(15) البقرة: 219.

(16) النساء: 43.

(17) المائدة: 90-91.

(18) باعتبار أنّها ولدت قبل إكمال تسعة أشهر من زواجها، ممّا أثار ريبة عمر في ارتكابها للفحشاء قبل زواجها.

(19) البقرة: 233.

(20) الأحقاف: 15.

(21) لقمان: 14.

(22) فإذا كانت مدّة الرضاع أو الفصال - لا فرق - حولين (أي أربعة وعشرين شهراً) وكانت مدّة الحمل والفصال معاً ثلاثين شهراً، فالنتيجة هي: أنه يمكن أن تكون فترة الحمل ستّة أشهر فقط.

(23) الغدير 6: 93.

(24) النساء: 46.

(25) المائدة: 9.

(26) الجن: 18.

(27) راجع: العقوبات في الإسلام: 25-26.

(28) الأعراف: 33.

(29) البقرة: 219.

(30) البرهان 2: 14؛ الصافي 1: 188.

(31) البقرة: 254.

(32) البقرة: 47-48.

(33) البقرة: 122-123.

(34) الأعراف: 53.

(35) الشعراء: 91-93.

(36) الشعراء: 96-101.

(37) المدثر: 46-48.

(38) الأنعام: 94.

(39) يونس: 18.

(40) الروم: 13.

(41) الزمر: 43.

(42) يس: 23.

(43) الأنعام: 51.

(44) الأنعام: 70.

(45) السجدة: 4.

(46) الزمر: 44.

(47) البقرة: 255.

(48) يونس: 3.

(49) مريم: 86-87.

(50) الأنبياء: 28.

(51) النجم: 260.

(52) طه: 109.

(53) غافر: 18.

(54) والذي يؤيد ذلك أمران.

أ ـ إن ذلك هو مقتضى الجمع بين الآيات المختلفة الواردة في الشفاعة.

ب ـ قوله تعالى في تلك الآية: {وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ} (البقرة: 254).. فكما أن المنفي في جملة (ولا خُلّة) هو الخلّة الباطلة، بدليل قوله تعالى في آية أُخرى: {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} (الزخرف: 67) فكذلك المنفي في قوله {وَلاَ شَفَاعَةٌ} هو الشفاعة الباطلة.

(55) كما أن (علم الغيب) مختصٌّ بالله، لكن بمعنى أنّ أحداً لا يستطيع - باستقلاله - أن يخرق حجب الغيب، ولكنّه يستطيع - بالتبع وعطاء الله - أن يطلع على ذلك.

يقول القرآن الكريم: {قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} (النحل: 65). ويقول: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} [فيطلعهم على الغيب] (آل عمران: 179) وليس بين الآيتين أيُّ تناقض.. فالأُولى تنفي أن يطلّع أحد على الغيب باستقلاله - سوى الله - بينما الآية الثانية - تؤكّد أنّ من الممكن أن يمنح الله لبعض رسله (علم الغيب) فيكون علمهم بالغيب علماً تبعيّاً لا استقلالياً.

(56) هنا لا بد من أن نشير إلى نقطتين:

الأُولى؛ إننا اعتمدنا في هذا البحث (بحث الشفاعة) بشكل رئيسي على الدراسة المفصلة التي كتبها الأستاذ الشيخ جعفر سبحاني تحت عنوان: «شفاعت درقلمرو: عقل، قرآن، وحديث» (باللُّغة الفارسية).

الثانية: إننا اختصرنا هذا البحث إلى أبعد الحدود. وذلك لكي لا يخرج عن موضوع الكتاب، ومن أراد التفصيل فعليه بالكتاب المذكور.

اضف تعليق