هناك فرق واضح بين المتفائل والمتشائم على الصعيد المعنوي، إلّا أن أثره عادةً ينعكس في الواقع العملي، حيث إننا نرى المتفائل لا يحمل أيّ روح عدوانية تجاه الآخرين، لأنه يرى كل ما في الوجود خيراً، فهو مسالم ويحوطه الهدوء والانتظام. فمثلاً: هو يرى ويعتقد أنّ تأخر استجابة دعائه...
ما هو التفاؤل؟
قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «تفأل بالخير تنجح»(1).
أن ينفتح الإنسان بروحه وفكره على الحياة، ويثور ويتخطّى ويتمرّد على كل معاني الكسل واليأس والانهزام فذلك هو التفاؤل، فهو بمثابة طلائع النور والخير التي تضيء الحياة والقلوب النابضة بالعمل والسعي والحركة فتزداد النفس إشراقاً والروح خلاقيّة، بحيث لا تعرف للفشل معنى، ولا تعير اهتماماً للسقوط والنكسة.
ذلك لأنها تلحظ حالات النهوض والنجاح، وإمكانية القيام من بعد السقوط. والمتفائل إنسان حركي في رؤآه، متطلع في أفكاره متطوّر بروحه التي لا تعرف إلّا الخير والفوز. وكلما كان الإنسان متفائلاً في الحياة استطاع أن ينهل من الفيض الإلهي ويتكامل، لأنه ينفتح بروحه ومشاعره وأحاسيسه على الكون، وعلى ربّه، وعلى كل مفردات الحياة، ولا يتوقع على نفسه، ولا يدور حول ذاته.
على العكس تماماً من الإنسان المتشائم فإنه يرى الفشل في كل حركاته، ولا يتأمل الخير أبداً، بل لا تأتي على باله فكرة النجاح والتوفيق، ودائماً ينطلق من ذاته ويعود إليها عاجلاً. وحتى في المنطق، فنحن نرى أنّ منطق المتشائم دائماً يعبِّر ويبشّر بالشّر والأمور المزعجة، ويختار الكلمات المظلمة ذات الضبابيّة وعدم الوضوح أو الثقيلة التي تبعث سامعها على الحزن، وتدعوه لليأس وعدم الحركة والسعي بخلاف الإنسان المتفائل، فإنه دائماً وأبداً يبشر بالخير والأمل.
فوائد التفاؤل
يمكن أن نحصر فوائد التفاؤل في محورين:
الأول: الفائدة العملية: حيث إن المتفائل بالحياة لا يركن إلى اليأس، ولا يكلّ عن الحركة، بل يبعث دائماً عن الأجواء التي يتحرك وينفع الآخرين، وعلى رغم العقبات التي تصادفه أثناء سيره، تجده يمضي قُدماً، ويواصل في خطواته، ويسعى لأن ينفذ أفكاره في الواقع الخارجي، ويصل إلى آماله وأهدافه.
إن المنعطفات التي تعترض طريق الإنسان المتفائل لا تعني بالنسبة إليه أنها نهاية السير، بل إنها تجدد عنده العزم على التواصل، وهكذا كان علماء الشيعة فإن تسلط الحكومات الظالمة العديدة على القواعد الشيعيّة، وفتكها بها، وتقليص نفوذ الشيعة عن مواطن الحكم، وتهميش أدوارهم ونظائر ذلك من الأمور، كل تلك الممارسات أدّت إلى إضعاف الشيعة... ومع كل هذا وذاك فإن علماء الشيعة كانوا أوائل المجاهدين في طرد الاستعمار البريطاني من العراق، بل كانت حركة الثورة ضد المستعمر إنما صنعها الشيعة، وخططوا لها وقادها مراجعهم وهكذا ثورة التنباك. وقبل ذلك كان لمراجع الدين دور كبير في إيقاف النزاع بين الدولة العثمانية والفارسية وغيرها من المواقف الفردية والجماعية، التي تعكس دور التفاؤل في استمرار المسيرة.
فلو كان اليأس قد دبّ في نفوس المسلمين، وأصابتهم حالة الجمود لما استطاعوا طرد المستعمرين من بلادهم، ولما استطاعوا خوض الثورات التحررية. فالتفاؤل هو المحرّك اليومي للجميع، فعند كل صباح يتجدد أملٌ في ذات كل إنسان بفضل اللّه، ويتحرك على ضوء هذا الأمل الجديد، وترى الإنسان يرتّب بعض الأشياء والمقدمات للنتائج على الشوط البعيد، والبعض يضع برامجاً لحياته، دون أن يلحظ المعوّقات، ولا يعني ذلك أبداً أنه جاهل بها. وإنما التفاؤل الكبير جعله يتجاوزها حتى على المستوى النظري وحين يجد سبيله إلى العمل فإنه يتحرك بخطوات راسخة، حتى وإن واجهته تلك العقبات والسلبيات.
الفائدة الثانية المعنويّة: في كل يوم يرى الإنسان المتفائل صورة جديدة للحياة تختلف عن ذي قبل، بفعل آماله وأفكاره المتجدّدة والمنفتحة على الحياة، وتنشط هذه المشاعر عند كل صباح، وعقيب كل دعاء وصلاة واتصال مع اللّه عزّ وجلّ. ومن هنا يكون المؤمن ذا آمال كبيرة جداً أكبر من قدرته، ولكنها مرتبة وهادفة على العكس تماماً من الإنسان المادي غير المؤمن باللّه أو الذي ابتعد عن طريق الارتقاء بالعبادة، إذ نراه يتحرك بعشوائية واظطراب، بل وفي كثير من الأحيان نلحظ الانحرافات السلوكية والفكرية عليه، لأنه يريد أن يحقق آماله ويفعِّل مشاعره بأي طريقة كانت، حتى وإن أثَّر على الجوّ العام.
الفارق بين المتفائل والمتشائم
ثم هناك فرق واضح بين المتفائل والمتشائم على الصعيد المعنوي، إلّا أن أثره عادةً ينعكس في الواقع العملي، حيث إننا نرى المتفائل لا يحمل أيّ روح عدوانية تجاه الآخرين، لأنه يرى كل ما في الوجود خيراً، فهو مسالم ويحوطه الهدوء والانتظام. فمثلاً: هو يرى ويعتقد أنّ تأخر استجابة دعائه إنما لصالح يدّخره اللّه له، أو لخلل في شروط الدعاء، ولا يعتقد أن اللّه يعاديه أو يعاكسه، بخلاف المتشائم فهو عدائي أولاً وإنعزالي ثانياً، ويختار رفقاء مشابهين له، فتراهم مجموعة كاملة من الشؤم والعدوانية، لأنهم يرون أن اللّه تعالى قد قدر لهم أن يعيشوا هكذا ويلقون باللوم كلّه على اللّه عزّ وجلّ، أو على الناس، ويتناسون تكاسلهم واختياراتهم السيئة في الحياة، فيظنون بالناس وباللّه السوء، الأمر الذي يزيد في تعكير صفوة حياتهم، ولا يخفى أن الاتجاه الجبري هو الذي ساعد كثيراً على ظهور مثل هذه الشخصيات على مسرح الحياة، من خلال عرض موضوع القضاء والقدر، والبلاء والجبر والاختيار بصورة جبرية محضة، مما أدى إلى تكدّر العلاقات بين الإنسان وربّه، وبالتالي مع الناس أيضاً. على أنّ حالات التخلف الاجتماعي هي الأخرى أيضاً ساعدت على انتشار مرض التشاؤم في قطاعات كثيرة من المسلمين، مع أن الإسلام يرفض هذا الاتجاه، ويؤكد على التفاؤل، ويبعث نحو الأمل والتجدد، من خلال الإيمان المطلق بقدرته المتجددة، والقادرة على تبديل الأحوال، مما يبعث على الاطمئنان في قلب كل إنسان.
من شروط النصر
من الذي يرغب عن النصر والفوز؟ وعيش تلك اللحظات الروحية التي يقصر اللسان عن وصفها؟ فإنها تمثل حاكمية الإرادة الحرة، وتحريرها من أسر الظلمة. ولكن لكي يتحقق النصر لا بدّ من توفر شروط عديدة، منها القيادة الرشيدة والخطّة المدروسة، والجيش القويّ عدّة وعدداً، وغير ذلك من الشروط. ولعل أهم أمر هو روحيّة الجندي المقاتل، وما يحمل من معنويات، ومستوى قوة الإرادة لديه. فذلك هو الطرف المهم في المعادلة، وهو واضح من خلال التجارب التأريخية، فكلما هُزم المقاتل داخليّاً ونفسياً، فإنه لا يستطيع أن يقف ويصمد لحظة واحدة أمام العدوّ، وإن كان في يديه أعظم سلاح.
لذلك تستعمل الدول قبل الحرب معركة الإعلام الذي يثبِّط معنويات الجنود لدى الطرف المقابل، ويضعف من إرادتهم ويفتّ من قواهم، حتى لا يقدروا بعدها على الصمود وخوض المعركة. والتفاؤل هنا دوره مهم جداً، فكلما كان المقاتل متفائلاً بالنصر كانت إرادته ونفسيّته ومعنوياته بمستوى تفائله، مما يضفي عليه حالة الصمود والمقاومة المستمرة، لأنه حين يدخل ميدان الحرب، في ذهنه فكرة واحدة وهي أنه منتصر، لذلك يحاول جاهداً أن يحقق ذلك مهما كلّف الأمر.
أما إذا كان المقاتل متشائماً، فإنه يدخل الحرب خائر القوى، يلاحظ قوة الطرف الآخر وفي باله فكرة الانهزام، بل إنه منذ أوّل لحظة يواجه فيها العدو، أو قبل ذلك، يفكر بكيفيّة الهروب والخلاص، لأنه لا يعتقد بأن النصر حليفه أبداً، بسبب تشاؤمه الذي أثَّر على إرادته فأضعفها. ولذلك حاول الإسلام أن ينفي حالات التشاؤم ويرفضها، ويؤكد على أن التشاؤم ليست له أيّ حقيقة في الواقع، محاولاً بذلك رفع أيّ حالة من شأنها أن تضعف إرادة الإنسان.
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «... والطيرة ليست بحقّ...» (2).
ولقد شهدنا
لقد شهدنا كيف تقدم الصليبيون لاحتلال العالم وسحق الشعوب المظلومة ومصادرة ثرواتها، ولا يخفى أنهم انتصروا في بادئ الأمر، ولكن عندما نتساءل عن سبب انتصارهم، سوف نكتشف أن أهم سبب كان تعبئة المقاتلين تعبئة روحية من خلال رجال الدين. حيث عملت الكنيسة والقساوسة والرهبان بجدّ ومثابرة على بث روح الحماس في الجنود روحياً. وزرع الأمل وطرد اليأس من نفوسهم، وتلقينهم بأنهم شعب اللّه المختار. وصار فتح وإستعمار البلدان واجباً دينيّاً بالنسبة للجنود، بعد أن خلطوا فيهم الدماء مع فكرة الشعب الخالد الذي يجب أن يبقى على الأرض وحده لا يشاركه غيره من الشعوب والديانات الأخرى فبات كل جندي يرى أنه أفضل من غيره فيجب أن يبقى حيّاً، والآخرون إمّا أن يموتوا أو يكونوا تابعين له. وبمستوى هذا الشعور تحرك اليهود أيضاً من أجل ترسيخ كيانهم اللقيط على أرض فلسطين وفي الطرف المقابل كانت عزائم المسلمين خائرة، ومعنوياتهم مسحوقة، وإراداتهم معدومة بسبب انغماسهم في الدنيا، وابتعادهم عن الدين، وانحراف حكوماتهم، والجهل الذي انتشر في ربوع البلدان الإسلامية، بسبب الترف والملّذات، وتنازلهم عن المبادئ الإسلامية الحكيمة. وهكذا سرقت الثروات العظيمة وخيَّم الجهل واستوطن اليهود فلسطين.
والكل يعلم
والكل يعلم أن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) انتصر على أعظم الجيوش، وخاض أكبر المعارك، واستطاع أن ينشر الإسلام في الأرض، في عدد قليل من الجنود، وأسلحة متواضعة ورديئة، إذا قيست مع أسلحة الجيوش التي حاربته. إلّا أنه (صلى الله عليه وآله) عبّأ المسلمين تعبئة روحية عالية، وغذّاهم بالغذاء المعنويّ الغنيّ، وثقفهم بثقافة الإيمان والتوحيد، التي تعني أنه لا مؤثِّر في الوجود إلّا اللّه، مما يزرع في قلوب المسلمين القوة والثبات، والتحدّي لأي قوّة في العالم. لذلك خاض المسلمون معركة بدر، وسطّروا فيها أروع معاني البطولة، وأجمل صور الصمود والثبات والتضحية، مع قلّة عددهم. ثم خاضوا الحرب تلو الحرب، دون تعب أو كلل، حتى أوصلوا الإسلام العظيم إلى الصين وأسبانيا وفرنسا والهند وايران... وهكذا، فقد لعب التفاؤل دوراً كبيراً في نشر الإسلام وإعلاء كلمة التوحيد، وإعزاز المسلمين أنفسهم، لأن الدين يدفع الإنسان نحو التواصل والاستمرار والحركة في الحياة، وإشعاره بالمسؤولية، باعتباره خليفة اللّه في الأرض.
وكلّما استغرق الإنسان في أجواء الدين، وأجواء الحب الإلهي، والقرب منه تبارك وتعالى، فإنه لا يعرف للتشاؤم أي معنى، ولا يعرف الخيبة ولا الكسل، بل إنه يرى أن الكمال يحصل عليه يوماً بعد يوم. وعليه فيجب أن يواصل الحياة ويجاهد ويصارع كلَّ من يعترض مسيرة كماله واتصاله بربِّه عزّ وجلّ. أمّا إذا ضعف هذا الإحساس الديني، والهاجس الروحي، بسبب الأهواء والميول والجهل والتجهيل، فلا يبقى للملكات الإنسانية الجميلة أي موضع في هذا الإنسان فيعود ضعيفاً خائفاً مستغرقاً في الدنيا، إلى أن يعرف حقيقتها، وأنها زائلة غير دائمة له، فيكرهها ويتشاءم منها، ومن كل صورها، ومن أناسها.
لكي ينتشر الإسلام
إنها مسؤولية كل مسلم، مهما كان دوره في الحياة، أن يسعى لنشر الإسلام لإنقاذ البشرية جمعاء من الظلمة والطواغيت، والذين يلعبون بمقدرات الشعوب، على حساب أهوائهم وملذّاتهم. وعلى كل مسلم أن يعرف دوره في هذا الواجب المقدس، لا سيّما وأن للمسلم قناعات بأن هذا القرن هو قرن حاكمية الإسلام، لذلك نرى الطواغيت أخذوا يكثفون من إرهابهم ضد المسلمين. ولكن مهما فعلوا فإن المسلم يحبّ دينه، ولن تضّره هذه التوافه، ويوماً بعد يوم سوف يثبت المسلمون إرادتهم، ويحكّموا الإسلام كدين ونظام ليسوس الناس كلهم.
ولكن إنما يمكن لذلك أن يتمّ، إذا عمل المسلمون بأسباب النصر والعزّة، التي نذكر هنا بعضاً منها:
1- أن تظلّ فكرة التفاؤل في ذهن كل مسلم، لكي يبقى يتحرك ولا يقف أبداً، ويشعر في أعماق نفسه أنه منتصر، وأنه صاحب الحق، وأنه القوي دائماً، وأن الحياة تتجدد، والكفر لا بدّ أن يزول، لأنه باطل، ولن ينسجم مع الحق، ويقوي إرادته من خلال إحساسه وشعوره هذا. وأن يبعد نفسه عن أي فكرة تحمل إشارة أو إشعاراً بالتشاؤم، لأن ذلك مقدمة للفشل والسقوط.
2- أن يدرس لغة العصر، ويتفاعل مع الناس بالأساليب المتمدّنة، ولا يكون هجيناً غريباً وسط الناس بل عليه أن ينسجم مع الأجواء التي يعيش فيها الناس، ومن خلالها يحاول أن يغيّر. والإسلام لا يعني أن نعيد الشعوب إلى الوراء ونحرمهم من التطور التكنلوجي والتمدن العصريّ، بل يغذي الناس بالأفكار الحضارية التي تربطهم مع بعضهم بعنوان الأسرة الواحدة، وتربطهم مع اللّه بعنوان الخالق والمخلوق. وهكذا ينظّم الإسلام الفرد داخلياً وخارجياً مع ربه، ومع الناس ومع الطبيعة. فعلى العاملين لنشر الإسلام أن يستخدموا الأدوات الحديثة في التبليغ، والأمور الناجحة في إيصال الفكرة، وأن يكلموا الناس بلغاتهم، ليسهل أخذ الفكرة والتفاعل معها. وباختصار: أن يبحث العاملون عن الطرق المختصرة لنشر الإسلام كفكرة ونظام ودين.
شاهد حي
ينقل عن أحد الخطباء المبلِّغين أنه في كل عام يذهب إلى أمريكا، ويستأجر قناة تلفزيونية، ويبّث محاضراته عن الإسلام باللغة الإنجليزية التي أتقنها لهذا الغرض. ويستمع إلى محاضراته من الأمريكان ملايين من الناس، وبالفعل فقد استطاع أن يُدخل في الإسلام بفضل محاضراته الكثير من الناس. إن هذا الإسلوب ناجح جداً لأنه حضاري موافق لرغبات الناس، ولا يكلفهم شيئاً سوى الاستماع، وما أكثر الناس الذين يحبون أن تصلهم الأشياء والأفكار جاهزة دون تعب!
3- على الجميع أن يتجنبوا حالات العنف في نشر الإسلام، لأنه أمر غير ملائم لطبع الإنسان وميوله، ولا ينسجم مع أصل الحياة والطبيعة، بل إنه ينفر الناس ويبعّدهم. فالناس تحب حالات السلم والهدوء، والحوار والإقناع والدليل، أما لغة العنف والإثارة فغير صالحة في التبليغ أبداً، ولعلّها تخلق مشاكل ودماءً، وتعثّر السير، وبالتالي لا يتفاعل الناس مع الإسلام، لأنهم يرون فيه العنف والقتل وكلّ ما هو غير طبيعي. وأفضل شيء في التبليغ هو الحوار الهادي، المصحوب والمقترن بالدليل والبرهان والحجج، كما قال اللّه سبحانه في كتابه: (ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ)(3). وهكذا تحرّك رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وباقي الأئمة الطاهرين (عليهم السلام)، إلّا في بعض المقاطع الزمانيّة، حيث اقتضى الأمر الثورة والقيام. ولم يكن هذا الأخير أمراً مخالفاً للتبليغ بل كان يصب أيضاً في نشر الإسلام.
«اللّهم إنّي أجد سبل المطالب إليك مشرعة، ومناهل الرجاء إليك مترعة، والإستعانة بفضلك لمن أمّلك مباحة، وأبواب الدعاء إليك للصارخين مفتوحة، وأعلم أنك للراجي بموضع إجابة، وللملهوفين بمرصد إغاثة»(4).
من هدي القرآن الحكيم
لِنتعامَلْ بسلام
قال سبحانه: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ)(5).
وقال تعالى: (يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ)(6).
وقال عزّ وجلّ: (وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ)(7).
وقال جلّ وعلا: (هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡقُدُّوسُ ٱلسَّلَٰمُ)(8).
ونتمَسَّك بالدين
قال عزّ اسمه: (وَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَۚ)(9).
وقال جلّ شأنه: (فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ ٱلۡقَيِّمِ)(10).
وقال عزّ من قائل: (أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ)(11).
ولا نَيأس أبداً
قال سبحانه: (ٱلۡيَوۡمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمۡ)(12).
وقال تعالى: (وَلَا تَاْيَۡٔسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا يَاْيَۡٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ)(13).
وقال عزّ وجلّ: (وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِۦٓ أُوْلَٰٓئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحۡمَتِي وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ)(14).
وقال جلّ ثناؤه: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ قَدۡ يَئِسُواْ مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِ)(15).
من هدي السنّة المطهّرة
لنتعامل بسلام
قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): «ألّا اُخبركم بخير أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟» قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: «إفشاء السلام في العالم»(16).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الحمد للّه الذي شَرَعَ لكم الإسلام... فجعله أمناً لِمَن عَلِقَهُ، وسِلماً لِمَن دَخَلَهُ»(17).
وقال (عليه السلام): «إنَّ اللّه تعالى خصَّكم بالإسلام، واستخلصكم له، وذلك لأنه اسمُ سلامة»(18).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «السّلام تحيّة لملّتنا، وأمان لذّمتنا»(19).
ونتمسَّك بالدين
قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): «يا أبا ذر: مِلاك الدين الورع ورأسه الطاعة»(20).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا حياة إلّا بالدين»(21).
وقال (عليه السلام): «حِفظُ الدين ثمرةُ المعرفة ورأسُ الحكمة»(22).
وقال الإمام الباقر (عليه السلام) لجابر بن يزيد الجعفي: «يا جابر، ... وحبّنا أهل البيّت نظام الدين»(23).
ولا نَيأس أبداً
قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «الفاجر الرّاجي لرحمة اللّه تعالى أقربُ منها من العابد المُقنِط»(24).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «قَتَلَ القَنُوطُ صاحبهُ»(25).
وقال (عليه السلام) في صفة المنافقين: «ومقْنِطُو الرّجاء»(26).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «اليأس من روح اللّه أشدُّ بَرداً من الزمهرير»(27).
اضف تعليق