الكثير من المسلمين، حيث يتقهقرون يوما ً بعد يوم، وهم يزعمون التقدم. وهناك بعض الناس، ينسب تأخره وخسارته في مختلف مجالات الحياة إلى غيره، فيأتي بأسباب وعلل لا صحة لها، وإنما هي مجرد تبريرات واهية، ونتيجة ذلك هو المعبر عنه في الآية بـ(ضلال السعي) كأنه أضل الطريق، فانتهى به...

الأخسرون أعمالاً

قــال اللّه سبحانـه في الكتاب العزيـز: (قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا * ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا)(1).

أي: (قُلۡ) يا رسول اللّه، لهؤلاء الكفار، أو لكل من يسمع، مؤمناً كان أم كافراً (هَلۡ نُنَبِّئُكُم) أي نخبركــم (بِٱلۡأَخۡسَرِينَ) أي بأخسر الناس (أَعۡمَٰلًا) الذين يكون خسائرهم أكثر من خسائر غيرهم؟ (ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا) فكل ما سعوا وعملوا في هذه الحياة ضل وضاع عنهم (وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا) أي: يظنون أنهم يعملون حسناً، و«الذين ضل» من تتمة الاستفهام، بدل من «الأخسرين»(2).

من مصاديق (الأخسرين أعمالاً)

علماً بأن هناك مصاديق كثيرة للأخسرين أعمالاً، منهم: من أشار إليه مولانا الكاظم (عليه السلام) في قوله تعالى: (قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا) قال (عليه السلام): «إنهم الذين يتمادون بحج الإسلام ويسوفونه»(3).

ومنهم: النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات والأهواء، ففي البحار عـن أبـي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله (قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا * ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا) قال: «هم النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات والأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع»(4).

الخوارج هم الأخسرون

ومن مصاديق (ٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا): الخوارج الذين حاربوا أمير المؤمنين (عليه السلام) في النهروان.

عن الأصبغ بن نباتة قال: خطبنا أمير المؤمنين (عليه السلام) على منبر الكوفة فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال: «أيها الناس، سلوني فإن بين جوانحي علماً جماً».

فقام إليه ابن الكواء فقال: يا أمير المؤمنين، ما الذاريات ذروا؟

قال (عليه السلام): «الرياح».

قال: فما الحاملات وقراً؟

قال (عليه السلام): «السحاب».

قال: فما الجاريات يسرا؟

قال (عليه السلام): «السفن».

قال: فما المقسمات أمرا؟

قال (عليه السلام): «الملائكة».

قال: يا أمير المؤمنين، وجدت كتاب اللّه ينقض بعضه بعضاً؟

قال (عليه السلام): ثكلتك أمك يا ابن الكواء، كتاب اللّه يصدق بعضه بعضاً، ولا ينقض بعضه بعضاً، فسل عما بدا لك».

قال: يا أمير المؤمنين، سمعته يقول: (رَبِّ ٱلۡمَشَٰرِقِ وَٱلۡمَغَٰرِبِ)(5)، وقال في آية أخــرى: (رَبُّ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ وَرَبُّ ٱلۡمَغۡرِبَيۡنِ)(6)، وقــال فـي آيـة أخرى: (رَبُّ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ)(7)؟

قال (عليه السلام): «ثكلتك أمك يا ابن الكواء، هذا المشرق وهذا المغرب، وأما قوله: (رَبُّ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ وَرَبُّ ٱلۡمَغۡرِبَيۡنِ) فإن مشرق الشتاء على حدة، ومشرق الصيف على حدة، أما تعرف بذلك من قرب الشمس وبعدها، وأما قوله: (رَبِّ ٱلۡمَشَٰرِقِ وَٱلۡمَغَٰرِبِ) فإن لها ثلاثمائة وستين برجاً، تطلع كل يوم من برج، وتغيب في آخر، فلا تعود إليه إلّا من قابل في ذلك اليوم».

قال: يا أمير المؤمنين، كم بين موضع قدمك إلى عرش ربك؟

قال (عليه السلام): «ثكلتك أمك يا ابن الكواء، سل متعلّماً ولا تسأل متعنّتاً، من موضع قدمي إلى عرش ربي، أن يقول قائل مخلصاً: لا إله إلّا اللّه».

قال: يا أمير المؤمنين، فما ثواب من قال: لا إله إلّا اللّه؟

قال (عليه السلام): «من قال: لا إله إلّا اللّه، مخلصاً، طمست ذنوبه كما يطمس الحرف الأسود من الرق الأبيض، فإن قال ثانية: لا إله إلّا اللّه، مخلصاً، خرقت أبواب السماوات وصفوف الملائكة، حتى يقول الملائكة بعضها لبعض: اخشعوا لعظمة اللّه، فإذا قال ثالثة: لا إله إلّا اللّه، مخلصاً، تنته دون العرش، فيقول الجليل: اسكني، فو عزتي وجلالي، لأغفرن لقائلك بما كان فيه»، ثم تلا (عليه السلام) هذه الآية: (إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ)(8) يعني إذا كان عمله صالحاً ارتفع قوله وكلامه... .

قال: يا أمير المؤمنين، فأخبرني عن نفسك؟

قال (عليه السلام): «كنت إذا سألت أعطيت، وإذا سكت ابتدئت».

قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ: (قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا)(9) الآية.

قال (عليه السلام): «كفرة أهل الكتاب اليهود والنصارى، وقد كانوا على الحق فابتدعوا في أديانهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً».

ثم نزل (عليه السلام) عن المنبر وضرب بيده على منكب ابن الكواء، ثم قال: «يا ابن الكواء، وما أهل النهروان منهم ببعيد».

فقال: يا أمير المؤمنين، ما أريد غيرك، ولا أسأل سواك.

قال ـ الراوي ـ : فرأينا ابن الكواء يوم النهروان، فقيل له: ثكلتك أمك، بالأمس تسأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عما سألته، وأنت اليوم تقاتله؟! فرأينا رجلاً حمل عليه فطعنه فقتله(10).

وعن أبي الطفيل أنه سأل ابن الكواء أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قوله تعالى (قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا) فقال (عليه السلام): «إنهم أهل حروراء» ثم قال (ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا) في قتال علي بن أبي طالب (عليه السلام)»(11).

وقد روى المحدثون أن رجلاً تلا بحضرة علي (عليه السلام): (قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا * ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا) فقال علي (عليه السلام): «أهل حروراء منهم»(12).

وفي تفسير العياشي عن إمام بن ربعي قال:

قام ابن الكواء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني عن قول اللّه (قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا * ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا) قال (عليه السلام): «أولئك أهل الكتاب كفروا بربهم وابتدعوا في دينهم فحبط أعمالهم وما أهل النهر منهم ببعيد»(13).

خسارة المسلمين

ومن مصاديق (ٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا) في يومنا هذا: 

وهذه الظاهرة من أسباب تأخر المسلمين في الحال الحاضر، حيث أصبحوا غير مستعدين للاعتراف بأخطائهم وعيوبهم، ولايريدون أن يُتعبوا أنفسهم بإزالتها.

الجهل سبب الخسارة

ثم إن أسباب خسارة الأعمال عديدة، من أهمها: الجهل المركب، وهو أسوأ من الجهل البسيط، فالجاهل إذا كان يعلم بجهله فإنه جاهل بسيط، وربما سعى للتعلم والقضاء على الجهل، أما الجاهل الذي لا يعلم بجهله فإنه جاهل مركب، وهو لا يرى نفسه على خطأ حتى يسعى في إصلاحها.

قال تعالى: (قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا * ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا)(15).

وهذا من مصاديق الجهل المركب.

ثم إن هناك أسباباً أخرى للخسران، منها: فقدان التدريب والتجربة في العمل، وكذلك الجهل بالطرق التي تؤدي إلى النتيجة الصحيحة، فأحياناً نرى الإنسان في طريق الخسران والضرر الكبير، معتقداً أنه في الطريق الصحيح وأنه رابح ومنتفع ولا يرى غير ذلك.

وقد جاءني ذات مرة شخص، وأطلعني على كتاب له قد ألفه، واختار له عنواناً كبيراً نسبه لنفسه، وكان كتابه مليئاً بالأخطاء النحوية والصرفية، بحيث لو ألف الكتاب أي طالب علم عادي، لم يرتكب ما ارتكبه من أخطاء. وحيث إنه قد صرف وقتاً طويلاً لتأليف هذا الكتاب كان يحسبه عملاً في القمة! مع أن الواقع كان على العكس تماماً، فهو في ظنه قد أنتج عملاً جباراً، في حين أن عمله لم يكن يعد عملاً بالمستوى.

هذا نوع من الجهل المركب.

ومما يزيد الطين بلة إذا كان الجاهل المركب لا يقبل بالنصيحة. فبعض الناس إذا أُرشد إلى الطريق الصحيح والموازين الصحيحة يعتبر ذلك إهانة له!، ولا يستعد للقبول، وهذا أيضاً من عوامل تأخر الفرد والمجتمع، حيث إنهم يستبدون برأيهم على أنه الصحيح والواقع، دون الالتفات إلى عيوبه والأخذ بنصائح الآخرين.

مقام الفتوى

يذكر أن بعد وفاة المرحوم السيد أبي الحسن الأصفهاني (رحمه الله) أراد البعض التصدي لمقام الفتوى، في حين أنه لم يكن يتسم بذلك العلم والفضل الذين يؤهلانه للاجتهاد والتصدي. فإنه إذا كان يرى نفسه بالمستوى وهو دونها فإنه من الجهل المركب.

إن مَثَل هذا الشخص كمثل من يريد الصعود إلى سطح عالٍ بدون سُلّم!!

نعم بلوغ مقام المرجعية ليس بالأمر المستحيل، لكن هناك موازين ومراحل عليه أن يقطعها الإنسان ضمن حسابات وقياسات صحيحة، مضافاً إلى سائر الشروط المذكورة في الكتب الفقهية، حتى يتمكن من تحقيق الغرض، وهذا من سنن الحياة، حيث بني الكون على (قانون الأسباب والمسببات) الحقيقية لا الخيالية، والجهل المركب لا يغير من الواقع شيئاً بل هو خيال وسراب فقط.

ولنأخذ مثال الإنسان حيث إنه في وجوده ونموه وتكامله، يمر بمراحل موزونة ومحسوبة ودقيقة، ولا يكون ذلك أبداً بالخيال والجهل المركب، ولا بالطفرة وعدم التدرج عادة.

وهكذا كل شيء في هذه الحياة، فإن الطفرة وعدم التدرج قد يكون محالاً، وربما كان خلاف الحكمة، ومن هنا كان النظام الصحيح، والمرحلية الطبيعية، والسعي الحثيث، هو السبيل الناجح من أجل تسنّم المراتب والمقامات العالية... .

فعلى الإنسان أن يحدث في وجوده حالة من التقدم ويوفر مقوماته، وأن يسعى لكي تكون خطاه دائماً نحو الخير والفضيلة وإلى الأمام، كما عليه أن يطّلع على الأسباب والوسائل الضرورية لتقدّمه، وهكذا أن يطلع على أسباب التأخر كالركود وطلب الراحة، ليبتعد عنها.

من علائم التأخر

هناك علائم لتأخر الفرد والأمة، يمكن من خلالها معرفة أنه متأخر، وإن كان الفرد ـ أو الأمة ـ يرى أنه متقدم، أي كان على الجهل المركب. ومن تلك العلائم: الكسل والبطالة.

فإذا رأينا الأمة كسولة، أو قد انتشر فيها ظاهرة البطالة، فهذا يعني تأخر الأمة وإن ادعت أنها متقدمة أو زعمت ذلك.

يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «آفة العمل البطالة»(16).

وقال (عليه السلام): «آفة النُجح الكسل»(17).

وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «لا راحة لمؤمن على الحقيقة إلّا عند لقاء اللّه، وما سوى ذلك ففي أربعة أشياء: صمت تعرف به حال قلبك ونفسك فيما يكون بينك وبين باريك، وخلوة تنجو بها من آفات الزمان ظاهراً وباطناً، وجوع تميت به الشهوات والوسواس والوساوس، وسهر تنوّر به قلبك، وتنقّي به طبعك وتزكي به روحك»(18).

وقال (عليه السلام) أيضاً لأصحابه: «لا تتمنوا المستحيل»، قالوا: ومن يتمنى المستحيل؟ فقال: «أنتم؛ ألستم تمنون الراحة في الدنيا؟». قالوا: بلى، فقال (عليه السلام): «الراحة للمؤمن في الدنيا مستحيلة»(19).

حيث يستفاد من هذا الحديث أن على المؤمن أن يكدّ في العمل في دار الدنيا ويجهد نفسه، ولا يكون كسولاً ولا عاطلاً، ولايبحث عن الراحة الدنيوية بل يكون في طلب الراحة الأخروية.

لماذا تأخر المسلمون؟

إن المسلمين قد خسروا مواقع عديدة في هذا العالم وتأخروا عن ركب الحضارة كثيراً، وذلك بسبب قلة التجربة والممارسة، وترك التعاليم الإسلامية، مضافاً إلى سوء الحكام. ولكن تجد البعض يعلل التأخر بحجج واهية، هذا فيما إذا استعد للاعتراف بالتأخر، أما لو عكسنا الواقع وحسبنا أنفسنا متقدمين، والحال أننا متأخرون، فنحن في قمة الخسارة، وهذا هو الجهل المركب، وينطبق علينـا قولـه تعالى: (قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا...)(20) انطباقاً تاماً على وضعنا الحالي.

فإذا أردنا أن نتقدم ونحسن صنعاً حسب الموازين الكونية الصحيحة، فعلينا أن نتمسك بالمراحل التدريجية للكمال والتقدم، عبر الندوات المشتركة، والمشورة الدائمة، في أمورنا وأعمالنا؛ لنصل إلى التفاهم الحقيقي والمستمر في نقل التجارب وتكامل الأفكار على طريق صنع المجتمع الصحيح والقويم.

التقدم والقضاء على الجهل

هنالك أمور عديدة يمكن أن تساعدنا على التقدم والرقي إذا استطعنا التمسك بها، في بدايتها القضاء على الجهل وخاصة الجهل المركب، وذلك بالاجتهاد في طلب العلم والعمل به، وكذلك دراسة التاريخ والاستفادة من تجاربها، إلى غيرها من الأمور.

ومن أهم أسباب القضاء على الجهل المركب: الاستشارة.

عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: «قيل: يا رسول اللّه، ما الحزم؟ قال: مشاورة ذوي الرأي، واتباعهم»(21).

وإذا لاحظنا التاريخ ورأينا الشعوب المتقدمة أو القبائل التي تفوقت على غيرها في مختلف أعمالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية وما أشبه، نرى أن من أسرار تقدمهم عدم الجهل المركب، وأنهم لا يقدمون على أي عمل إلّا بعد استشارة الخبراء والأخذ بأفضل الآراء، وبذلك تقل أخطاؤهم، ويزداد تقدمهم.

فإن الاستشارة تعرّف الإنسان على الخطأ والصواب، وتأخذ بيده إلى الطريق السليم. وتمنعه من الجهل المركب، بل مطلق الجهل، مثال ذلك مثال من يريد أن يرى قفاه، فإنه لا يستطيع، ولكنه إذا جمع مرآتين مرآة أمامه ومرآة خلفه، فعند ذلك يستطيع أن يرى قفاه... وهكذا يستطيع أن يصل الإنسان إلى صحة عمله أو خطأه بالمشورة؛ لأن كل مستشار فهو بمنزلة المرآة يبين لك جانباً من جوانب القضية، ومن هنا كان تعدد الاستشارات مطلوباً لا أن يقتصر على واحدة، وفي ذلك قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «خوافي الآراء تكشفها المشاورة»(22).

وعنه أيضاً (عليه السلام) قال: «ما استنبط الصواب بمثل المشاورة»(23).

الإسلام دين السلام

من مقومات القضاء على الجهل: تركيز مبادئ السلم في المجتمع، فإن العنف سبب للجهل، وربما الجهل المركب، وكذلك يكون الجهل من أسباب العنف.

لقد ركز الإسلام تركيزاً كثيراً على السلم والسلام حتى جعله شعاراً للإسلام فإن: (الإسلام دين السلام)، ومن مصاديق التركيز على ذلك، هو فيما إذا التقى المسلم بآخر، حيث يستحب أن يقول له: (السلام عليكم).

قال اللّه تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ)(24).

وكذلك كانت السيرة النبوية (صلى الله عليه وآله) وسيرة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) حيث كانوا يتعاملون مع كل الناس وفق قانون السلم والسلام وبالصورة الحسنة حتى مع أعدائهم، وهذا يعني أننا مطالبون بأن نعمل على جمع الناس وتوحيدهم، تأسياً بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وآله الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بدون تفريق أو تحيّز في المعاملة، حتى مع علمنا بمخالفة الآخرين، وما ذلك إلّا لأن العفو واللين والسلم والسلام من شعارات الإسلام. قال تعالى: (وَأَن تَعۡفُوٓاْ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۚ)(25).

وليس من الصحيح أن نشن الهجوم على الآخرين لنبعدهم عن العمل، بل الطريق الصحيح والسليم والذي أكد عليه الإسلام، هو جمع الكلمة والوحدة والسلام الدائم، طبعاً مع حفظ الموازين الشرعية ومراعاة الأهم والمهم.

الشهيد الثاني (رحمه الله) وطريق النجاح

العلم هو الذي يقضى على الجهل المركب، وبقدر ما يجتهد الإنسان في طلب العلم يبتعد عن الجهل، كما هو واضح.

يذكر أن الشهيد الثاني (رضوان اللّه عليه) المتوفى قبل خمسمائة عام تقريباً، كان قد تباحث مرة مع أحد العلماء في مسائل علمية عديدة، وغلبه في تلك المسائل إلّا في علم التجويد، حيث لم يكن مسلطاً عليه بدقة، فاعتبر ذلك نقصاً، فراح يسأل عن عالم متبحر في علم التجويد فأرشدوه إلى شخص في مصر، وآنذاك سافر الشهيد (رحمه الله) إلى مصر ودرس علم التجويد على يد ذلك العالم ثم عاد إلى لبنان وبعد ذلك حرر كتابه (المسالك) المشهور والذي يعد من أمهات الكتب الاستدلالية الفقهية.

والآن وبعد مئات السنين من استشهاده لم يستغن طلبة العلم عن مطالعة علومه وآرائه الموجودة في رسائله ومؤلفاته القيمة، ويعود سبب ذلك إلى ما أجهد وأتعب نفسه للعلم بحيث هاجر مرات عديدة إلى مختلف المراكز العلمية، منها: إلى ميس سنة (925ه‍) وإلى كرك نوح سنة (933ه‍)، ثم انتقل إلى وطنه جبع سنة (934ه‍) وأقام بها مشتغلاً بمطالعة العلم والمذاكرة إلى سنة (937ه‍) حيث رحل إلى دمشق وبقي بها إلى سنة (938ه‍)، ثم رحل إلى مصر سنة (942ه‍) ثم ارتحل من مصر إلى الحجاز سنة (943ه‍) وبعد قضاء الواجب من الحج والعمرة عاد إلى وطنه الأول ووصله سنة (944ه‍)، وفي سنة (946ه‍) سافر إلى العراق لزيارة الأئمة (عليهم السلام) وبعد أن عاد سافر إلى بيت المقدس سنة (948ه‍)، ثم رجع إلى وطنه وبقي فيه إلى سنة (951ه‍) حيث سافر إلى جهة الروم في القسطنطينية زمن السلطان سليمان بن عثمان، وقد وصل مدينة القسطنطينية سنة (952ه‍) وبعد أن أقام بها عدة شهور توجه إلى العراق، وبعد زيارة العتبات المقدسة في كربلاء والنجف والكاظمية وغيرها، عاد إلى بلده منتصف صفر من سنة (953ه‍) ثم انتقل إلى بعلبك يدرس فيها مدة، كل ذلك من أجل طلب العلم والمعرفة، والمباحثة مع العلماء، والبحث عن المؤلفات والأحاديث النبوية وسيرة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) حتى وصل إلى قمة العلم وأشرف منازل العلماء.

ومن هنا كان جواب سقراط لمن شتمه وأعابه قائلاً: يا فاقد النسب! فأجابه سقراط بجواب حكيم: إن نسبي العائلي يبدأ مني، ونسبك العائلي ينتهي بك.

حيث ذهب إلى أن شرف الانتساب في العلم لا في النسب.

نعم العلم هو ضد الجهل، ومتى ما كان العلم ارتحل الجهل، فإذا أردنا القضاء على الجهل المركب علينا بطلب العلم، دائماً وأبداً، كما قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «اطلب العلم من المهد إلى اللحد»(26).

والحقيقة أن هذه الأمور راجعة إلى التدبير الموزون، فاللّه سبحانه وتعالى قادر على كل شيء وهو الحكيم المتعال.

أما الإنسان فإنه عاجز جاهل، ويحتاج إلى التعلم والممارسة والتدريب والتجربة والصبر والاستعداد؛ لأن إدارة الأعمال ودفع عجلة الأمة الإسلامية إلى الأمام، أمر صعب جداً لا يتحقق بسهولة، بل يحتاج إلى نشر الفكر الإسلامي، وإحياء علومه الحقّة، وإخراج الأفكار الغربية والاستعمارية من أذهاننا وبلادنا، أي غربلتها من كل الشوائب الدخيلة على ثقافة الأمة الإسلامية، وهذا يتم عبر الندوات المشتركة والمشاورات المستمرة، وبعث روح الممارسة والتدريب بين المسلمين، للوصول إلى التطبيق الصحيح، وترك الأعمال الباطلة من العنف وغيرها، والتي يحسبها البعض هي الصحيحة، والقضاء على الجهل البسيط والجهل المركب، والتي تؤدي إلى تأخر المسلمين بهذا الشكل الذي نحن عليه.

التبشير المسيحي

تقوم القساوسة في الغرب بدعوة الناس إلى الإيمان بالدين المسيحي، والالتزام بالتعاليم التي يُمليها البابا(27) عليهم، وقد خصصت لهم مكاناً يتسع لحوالي مائة ألف شخص، يقوم البابا فيها بإلقاء المحاضرات في المناسبات المختلفة، وأحياناً تقوم إذاعة خاصة بنقل هذا الحديث، حيث يستمع إليه الملايين في العالم حسب بعض الإحصاءات(28)... .

بالإضافة إلى سائر برامج الكنيسة، وما يسعون لأجله من تثقيف الشعوب على ثقافتهم.

ولكننا لا نفعل حتى عشر ذلك في سبيل نشر الثقافة الحقة وهي ثقافة الإسلام.

إن المجتمع الغربي وإن حصل على بعض التقدم في المجال المادي الدنيوي، وقضى على بعض الجهل في ذلك، ولكنهم فقدوا الآخرة ولم يعلموا بها، وخسروا العاقبة، وذلك لمخالفتهم أمر اللّه تعالى، قال عزّ وجلّ: (بَلِ ٱدَّٰرَكَ عِلۡمُهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ مِّنۡهَاۖ بَلۡ هُم مِّنۡهَا عَمُونَ)(29).

أي إن علم هؤلاء منحصر في الدنيا، وليس لهم في الآخرة من علم، وعواقب الأمور لمن علم الآخرة وعرفها؛ لقوله تعالى: (وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ)(30).

وقد أصبح بعض الأمة اليوم مصداقاً للخاسرين في الدنيا والآخرة ـ والعياذ باللّه ـ حيث حصر نفسه في الجهل ـ وربما كان جهله جهلاً مركباً ـ وأغمض عينيه عن عواقب الأمور وأسباب التطور والتقدم وطرق تحصيله، كما نسي الآخرة وضرورة تحصيلها، وهذا من أسباب تأخر المسلمين.

والخلاصة: إن المسيحيين لعملهم حصلوا على الدنيا (النسبي) دون الآخرة، ونحن المسلمين تركنا العلم والعمل معاً، مع أنه إذا عملنا حصلنا على الدنيا والآخرة. ولكن كسلَنا أفقدنا موازين التقدم، فلم نتبع القرآن والشرع الحنيف ولا العترة الطاهرة (عليهم السلام)، فتأخرنا مع ما لنا من مقومات التقدم.

العلم والعمل

من هنا لا يكفي العلم وحده بل يحتاج إلى العمل أيضاً، ولايكفي القول بمفرده بل لا بد وأن يتبعه الفعل، كما هو واضح. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «المحسن من صدقت أقواله أفعاله»(31).

وقال (عليه السلام): «إنكم إلى إعراب الأعمال أحوج منكم إلى إعراب الأقوال»(32).

وقال (عليه السلام): «زيادة الفعل على القول أحسن فضيلة، ونقص الفعل عن القول أقبح رذيلة»(33).

وقال (عليه السلام): «لسان الحال أصدق من لسان المقال»(34).

وقال (عليه السلام): «يقبح بالرجل أن يقصر عمله عن علمه، ويعجز فعله عن قوله»(35).

ذات مرة قال لي شخص: إنني أستطيع تأليف كتاب كـ(العروة الوثقى)(36) في السعة والعمق في أسبوع واحد فقط! هذا قول لاعمل فيه، فإنه قد غفل هذا الشخص عن الشخصية العلمية التي امتاز بها صاحب العروة، وكثرة جده واجتهاده في طلب العلم، فإنه لم يعلم بأن (السيد محمد كاظم اليزدي (رحمه الله)) قد ذهب مشياً على الأقدام من يزد إلى النجف الأشرف، حتى تمكن من إنجاز هذا الكتاب، كما سافر إلى خراسان وأصفهان قبل هجرته للنجف ودرس على علمائها، وقد طالع كتاب (الجواهر)(37) وهو في الطريق، وأتم كتابه (العروة الوثقى) بعد اثنتي عشرة سنة، فإنه بعد ما أفنى سنين طويلة من عمره الشريف في طلب العلم والاجتهاد في تحصيله، حينذاك أدرك أسراره وغوامضه، وتعرف على مطالبه، ثم قام بعد ذلك بكتابة (العروة الوثقى).

نعم، إن كتابة كتاب مثل (العروة الوثقى) عمل يحتاج إلى جهد سنين عديدة، لا إلى أسبوع واحد فقط كما كان يدّعي هذا الشخص، ولكن في الحديث الشريف: «عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان»(38).

وقس على ذلك الكثير من أمورنا التي نقولها ولا نعمل بها.

وقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «تعلموا ما شئتم أن تعلموا، فلن ينفعكم اللّه بالعلم حتى تعملوا به، إن العلماء همتهم الرعاية، والسفهاء همتهم الرواية»(39).

وقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «لا تعلموا العلم لتماروا به السفهاء، وتجادلوا به العلماء، ولتصرفوا به وجوه الناس إليكم، وابتغوا بقولكم ما عند اللّه، فإنه يدوم ويبقى، وينفد ما سواه، كونوا ينابيع الحكمة، مصابيح الهدى، أحلاس البيوت(40)، سرج الليل، جدد القلوب، خلقان الثياب، تعرفون في أهل السماء، وتخفون في أهل الأرض»(41).

المجالس والتعازي

إن من أهم ما يقضي على الجهل البسيط والمركب، ويوجب نشر الثقافة الدينية هي المجالس الحسينية الشريفة.

فإن من خلال هذه المجالس المباركة يمكن للإنسان أن يحصل على إقامة الروابط مع مختلف أفراد المجتمع وخاصة المثقفين منهم، وإزالة الجهل والشبهات، والتحصين بالمعرفة والوعي وأسباب النجاح... .

إقامة المجالس الأسبوعية وحضورها، وكذلك الشهرية والموسمية، وقراءة التعازي على سيد الشهداء وأهل البيت (عليهم السلام)، فيها بركة كثيرة ـ مادية ومعنوية ـ ويستطيع الإنسان من خلالها أن يصل إلى هداية الناس وإرشادهم للفضيلة والتقوى ولخير الدنيا والآخرة، وهذا الأمر بالطبع يحتاج إلى السعي وبذل الجهد، لتكون هذه المجالس ناجحة ومفيدة وعاملة لتقدم المجتمع ونجاحه.

ومن اللازم علينا نحن الطلبة أن نربي مجتمعاتنا على الثقافة والوعي الإسلامي الحقيقي؛ وذلك لأن مجتمعاتنا اليوم أصبحت تعاني من مشاكل عديدة، فهي تعيش في ظل القمع والاستبداد، وتعاني من حالة الاستسلام والخنوع، وتمزق أوصالها الخلافات والصراعات، وينتشر في أجوائها الفساد والانحراف، وتعصف بأفكار أبنائها أمواج التضليل الإعلامي والتشويش الثقافي.

والمجالس الحسينية وما شابهها ينبغي الاستفادة منها بأكبر قدر ممكن لمعالجة هذه المشكلات والأوضاع، فإنها إضافة إلى أثرها المعنوي والاستمداد الغيبي التي تجلبه لنا من اللّه والأئمة (عليهم السلام) هي محل لنشر الثقافة والوعي وارتباط المجتمع بالقيادة الدينية.

عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم روضة من رياض الجنة فارتعوا فيها، قيل: يا رسول اللّه، وما الروضة؟ قال: مجالس المؤمنين»(42).

وقال لقمان (عليه السلام) لابنه: «يا بني، اختر المجالس على عينك، فإن رأيت قوماً يذكرون اللّه جلّ وعزّ فاجلس معهم، فإن تكن عالماً نفعك علمك، وإن تكن جاهلاً علّموك، ولعل اللّه أن يظلَّهم برحمته فيعمك معهم، وإذا رأيت قوماً لا يذكرون اللّه فلا تجلس معهم؛ فإن تكن عالماً لم ينفعك علمك، وإن كنت جاهلاً يزيدوك جهلاً، ولعل اللّه أن يظلَّهم بعقوبة فيعمك معهم»(43).

وقال الإمام الرضا (عليه السلام): «من جلس مجلساً يحُيى فيه أمورنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب»(44)

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) لفضيل: «تجلسون وتحدثون؟».

قال: نعم، جُعلت فداك.

قال (عليه السلام): «إن تلك المجالس اُحبها، فأحيوا أمرنا يا فضيل، فرحم اللّه من أحيا أمرنا، يا فضيل من ذَكَرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر اللّه له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر»(45).

وقال (عليه السلام): «أبلغ موالينا السلام، وأوصهم بتقوى اللّه العظيم، وأن يعود غنيهم على فقيرهم، وقويهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيّهم جنازة ميّتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم؛ فإن في لقاء بعضهم بعضاً حياة لأمرنا» ـ ثم قال (عليه السلام): ـ «رحم اللّه عبداً أحيا أمرنا»(46).

وقال الإمام الباقر (عليه السلام): «اجتمعوا وتذاكروا، تحفَّ بكم الملائكة، رحم اللّه من أحيا أمرنا»(47).

المجالس وقضايا الأمة

كما يلزم على المسئولين والإداريين في المجالس الحسينية ـ مضافاً إلى بيان السيرة وذكر المصائب ـ أن يتناولوا القضايا التي تعيشها الأمة من سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، وكل ما يمس حياة الفرد المسلم وواقعه الذي يعيشه، لكي يتحقق الغرض من وجودها بشكل أتم، وبذلك ستكون في المجتمع نفوس تحمل الروح الحسينية الأبية وتعاليم الإسلام وتعاليم الأئمة الطاهرين (عليهم السلام)، فهم (عليهم السلام) شعلة من التضحية والفداء والعمل والعلم والتقدم والسعادة والنجاح. فإذا أردنا أن لا نكون من الخاسرين في أعمالنا فلنحيي مجالس أهل البيت (عليهم السلام) بكل صورها.

ومن كل ما تقدّم من شواهد وإيضاحات للآية الكريمة في بداية البحث، نعرف أن غاية هذا الدين العظيم هي النجاح في الأعمال الدنيوية والأخروية، وهذا يتطلب القضاء على الجهل البسيط والمركب، والتحلي بمعرفة الدين بصورة صحيحة، وأخذه من منابعه الأصلية وهي القرآن والعترة الطاهرة÷، وتطبيقه بشكل صحيح... من أجل الوصول إلى حياة طيبة سليمة وواعية، حتى تسود المجتمع العدالة في كل الميادين، فلا يوجد مكان للحرمان أو الظلم السياسي أو المالي، فإن توصلنا إلى هذا الأمر نكون قد نجحنا في نشر أهداف هذا الدين العالمي، وإدارة حياتنا بالأسلوب الأفضل.

ورد عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال ـ في خطبة له (عليه السلام) ـ : «... أيها الأمة التي خدعت فانخدعت، وعرفت خديعة من خدعها فأصرت على ما عرفت، واتبعت أهواءها وضربت في عشواء غواتيها، وقد استبان لها الحق فصدت عنه، والطريق الواضح فتنكّبته. أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لو اقتبستم العلم من معدنه، وشربتم الماء بعذوبته، وادخرتم الخير من موضعه، وأخذتم الطريق من واضحه، وسلكتم من الحق نهجه، لنهجت بكم السبل، وبدت لكم الأعلام، وأضاء لكم الإسلام، فأكلتم رغداً، وما عال فيكم عائل، ولا ظُلم منكم مسلم ولا معاهد، ولكن سلكتم سبيل الظلام، فأظلمت عليكم دنياكم برحبها، وسدت عليكم أبواب العلم، فقلتم بأهوائكم، واختلفتم في دينكم، فأفتيتم في دين اللّه بغير علم، واتبعتم الغواة فأغوتكم، وتركتم الأئمة فتركوكم، فأصبحتم تحكمون بأهوائكم، إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذكر، فإذا أفتوكم قلتم: هو العلم بعينه، فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه، رويداً عما قليل تحصدون جميع ما زرعتم، وتجدون وخيم ما اجترمتم وما اجتلبتم. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لقد علمتم أني صاحبكم، والذي به اُمرتم، وإني عالمكم، والذي بعلمه نجاتكم، ووصي نبيكم (صلى الله عليه وآله) وخيرة ربكم ولسان نوركم، والعالم بما يصلحكم، فعن قليل رويداً ينزل بكم ما وعدتم، وما نزل بالأمم قبلكم...»(48).

نسأل اللّه عزّ وجلّ أن يمن علينا بالعلم والمعرفة وأن يخلصنا من الجهل بأنواعه البسيط والمركب.

«إلهي فاسلك بنا سبل الوصول إليك، وسيّرنا في أقرب الطرق للوفود عليك، قرّب علينا البعيد، وسهل علينا العسير الشديد، وألحقنا بالعباد الذين هم بالبدار إليك يسارعون، وبابك على الدوام يطرقون، وإياك في الليل يعبدون، وهم من هيبتك مشفقون، الذين صفيت لهم المشارب، وبلّغتهم الرّغائب، وأنجحت لهم المطالب...»(49).

من هدى القرآن الكريم

موجبات الضلالة

قال تعالى: (وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِيمَٰنِ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ)(50).

وقال سبحانه: (وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا)(51).

وقال عزّ وجلّ: (أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)(52).

وقال جلّ وعلا: (وَمَن يَكۡفُرۡ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا)(53).

من عوامل التقدم

أ: الاستفادة من التجارب

قال تعالى: (فَٱعۡتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ)(54).

وقال جلّ وعلا: (لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِۗ)(55).

وقال عزّ وجلّ: (أَفَمَن يَعۡلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰٓۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ)(56).

وقال سبحانه: (أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ)(57).

وقال جلّ وعلا: (وَلَقَدۡ مَكَّنَّٰهُمۡ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّٰكُمۡ فِيهِ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ سَمۡعٗا وَأَبۡصَٰرٗا وَأَفۡ‍ِٔدَةٗ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُمۡ سَمۡعُهُمۡ وَلَآ أَبۡصَٰرُهُمۡ وَلَآ أَفۡ‍ِٔدَتُهُم مِّن شَيۡءٍ إِذۡ كَانُواْ يَجۡحَدُونَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ)(58).

ب: المشاورة

قال تعالى: (وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ)(59).

وقال سبحانه: (فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ)(60).

ج: العفو والسلم

قال تعالى: (وَجَزَٰٓؤُاْ سَيِّئَةٖ سَيِّئَةٞ مِّثۡلُهَاۖ فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ)(61).

وقال عزّ وجلّ: (إِن تُبۡدُواْ خَيۡرًا أَوۡ تُخۡفُوهُ أَوۡ تَعۡفُواْ عَن سُوٓءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّٗا قَدِيرًا)(62).

وقال جلّ وعلا: (وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ)(63).

وقال سبحانه: (وَدَّ كَثِيرٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَٱعۡفُواْ وَٱصۡفَحُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦٓۗ)(64).

وقال جلّ وعلا: (خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَٰهِلِينَ)(65).

الإيمان طريق النجاة

قال عزّ وجلّ: (وَنَجَّيۡنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ)(66).

وقال سبحانه: (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيۡنَا نُنجِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ)(67).

وقال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَٰرَةٖ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ * تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ)(68).

وقال جلّ وعلا: (وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ بِمَفَازَتِهِمۡ لَا يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوٓءُ)(69).

من هدي السنّة المطهّرة

موجبات الضلالة

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ألا وإن شرائع الدين واحدة، وسبله قاصدة، من أخذ بها لحق وغنم، ومن وقف عنها ضل وندم»(70).

وقال (عليه السلام): «ومن كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق، ومن زاغ ساءت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة وسكر سكر الضلالة»(71).

وقال (عليه السلام): «ضل من اهتدى بغير هدى اللّه»(72).

وقال (عليه السلام):«ضلال النفوس بين دواعي الشهوة والغضب»(73).

وقال (عليه السلام): «صديق كل امرئ عقله، وعدوه جهله»(74).

من عوامل التقدم

أ: الاستفادة من التجارب

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «مَن حفظ التجارب أصابت أفعاله»(75).

وقال (عليه السلام): «مَن أحكم التجارب سلم من المعاطب»(76).

وقال (عليه السلام): «من كثرت تجربته قلّت غرّته»(77).

وقال (عليه السلام): «المجرّب أحكم من الطبيب»(78).

وعنه (عليه السلام): «التجارب لا تنقضي والعاقل منها في زيادة»(79).

ب: المشاورة

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «المستشير متحصن من السقط»(80).

وقال (عليه السلام): «نعم الاستظهار المشاورة»(81).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «لن يهلك امرؤ عن مشورة»(82).

وقال (عليه السلام) في وصية له: «اعلم، أن ضارب علي (عليه السلام) بالسيف وقاتله، لو ائتمنني واستنصحني واستشارني ثم قبلت ذلك منه لأديت إليه الأمانة»(83).

ج: العفو والسلم

قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة: العفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك»(84).

وقال (صلى الله عليه وآله): «عليكم بالعفو؛ فإن العفو لا يزيد العبد إلّا عزاً، فتعافوا يعزكم اللّه»(85).

وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصية لابنه الحسن (عليه السلام): «فإذا استحق أحد منك ذنباً فإن العفو مع العدل أشد من الضرب لمن كان له عقل»(86).

وقال (عليه السلام): «المبادرة إلى العفو من أخلاق الكرام»(87).

وقال (عليه السلام): «العفو أعظم الفضيلتين»(88).

طرق النجاة

قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «يا علي، ثلاث موبقات وثلاث منجيات، فأما الموبقات: فهوى متبع، وشُحّ مطاع، وإعجاب المرء بنفسه. وأما المنجيات: فالعدل في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وخوف اللّه في السر والعلانية كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»(89).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «رحم اللّه امرأً سمع حكماً فوعى، ودُعي إلى رشاد فدنا، وأخذ بحجزة هادٍ فنجا»(90).

وقال (عليه السلام): «الزموا الحق تلزمكم النجاة»(91).

وقال (عليه السلام): «بالإيمان تكون النجاة»(92).

وقال الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام): «إنّ أنجاكم من عذاب اللّه أشدكم خشية للّه»(93).

* مقتطف من كتاب القطوف الدانية، وهو مجموعة من محاضرات المرجع الراحل الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي

................................................... 

(1) سورة الكهف، الآية: 103- 104.

(2) انظر: تفسير تقريب القرآن 3: 422.

(3) عوالي اللئالي 2: 86.

(4) بحار الأنوار 2: 298 عن تفسير القمي.

(5) سورة المعارج، الآية: 40.

(6) سورة الرحمن، الآية: 17.

(7) سورة الشعراء، الآية: 28.

(8) سورة فاطر، الآية: 10.

(9) سورة الكهف، الآية: 103.

(10) الاحتجاج 1: 259.

(11) مناقب آل أبي طالب 3: 186.

(12) بحار الأنوار 33: 352.

(13) تفسير العياشي 2: 352.

(14) أي: ليست عللاً ولا أسباباً حقيقية.

(15) سورة الكهف، الآية: 103-104.

(16) غرر الحكم ودرر الكلم: 817.

(17) عيون الحكم والمواعظ: 181.

(18) بحار الأنوار 69: 69.

(19) أعلام الدين: 278.

(20) سورة الكهف، الآية: 103.

(21) وسائل الشيعة 12: 39.

(22) غرر الحكم ودرر الكلم: 818.

(23) غرر الحكم ودرر الكلم: 687.

(24) سورة البقرة، الآية: 208.

(25) سورة البقرة، الآية: 237.

(26) في نهج الفصاحة: «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد»: 218 وهو من المشهورات.

(27) هو الحبر الأعظم للكنيسة الكاثوليكية، أسقف روما، وخليفة القديس بطرس الأول، وهو ممثل السيد المسيح في العالم، ويعتبره الكاثوليك معصوماً أي منزهاً عن الخطأ.

(28) في وسط الإهمال المتزايد أو القصور والتقصير الكبير من قبل المسلمين في مجال التبليغ والإعلام وجدت المنظمات التنصيرية المدعومة من الكنائس الغربية فرصتها، بل واستغلتها أيما استغلال، إذ أنها وتحت ستار تقديم المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء، تعمل هذه المنظمات وبشكل دؤوب في تنصير المسلمين حتى في البلدان الإسلامية، وعلى الأخص في القارة الأفريقية، وذلك تطبيقاً لمخططات وبرامج تم وضعها بدراسة وعناية كبيرين، كما تم تهيئة الإمكانيات البشرية والمالية اللازمة لهذه الغاية من خلال مؤتمرات كثيرة عقدت لهذا الغرض، يأتي في مقدمتها مؤتمر عقد في ولاية كلورادو الأمريكية عام (1978م) حيث تم وضع خطة شاملة تحت شعار تنصير المسلمين، يتم العمل على هذه الخطة للخمسين عاماً القادم. وعقد فى هولندا مؤتمر آخر نظمته الطائفة البروتستانتية في عام (2000م) واستمر تسعة أيام وحضره عشر آلاف مندوب من أنحاء العالم، وتكلف المؤتمر (45 مليون) دولار تبرع أحد المنصرين المشهورين، وقد حققت منظمات التبشير المسيحية نجاحات كبيرة في بعض البلدان الإسلامية كالباكستان وبنجلاديش والسودان والمغرب والجزائر، وقد وصل عدد الكنائس فى بنجلاديش الى (170) كنيسة خلال ثلاث سنوات، وتضاعف عدد الكنائس فى أفريقيا خلال العقد الأخير حتى وصل إلى أكثر من 24 ألف كنيسة.

وإليك بعض النشاط التبشيري حسب ما نشرته (مجلة LAVIDA) في عام 1987م) وهو تقرير سنوي لدائرة تنصير الشعوب في الفاتيكان:

بلغ عدد المنصرين الكاثوليك في العالم (471000) منصر. وعدد المدارس التابعة لهم في العالم (58000) مدرسة. وعدد المعاهد التابعة لهم في العالم (26000) معهداً. وإن مجموع الإعانات التي وزعتها الدائرة (120 مليون) دولار لعام (1986م). وأن (422 لغة) أفريقية ترجمت إليها الأناجيل. وأن (104 ألف) قسيس ومنصر يعمل في إفريقيا. وأن (16671) معهداً كنيسياً في إفريقيا أنشأ حتى عام (1990م). وأن الكنائس في أفريقيا تشرف على (500) جامعة وكلية، و(489) مدرسة لاهوتية لتخريج المنصرين، و(2594) مدرسة ثانوية، و(83900) مدرسة ابتدائية، و(11130) روضة أطفال. وهناك (600) مستشفى، و(265) معهد للأيتام، و(130) ملجأ للمرضى، و(115) مدرسة للمكفوفين، و(85 ملجأ مميز للأرامل، و(5112) مستوصف كلها تملكها أو تدار تحت إشراف الكنائس في إفريقيا. وهناك (6 ملايين) مسلم يدرس في المدارس التنصيرية. وتصدر (75) مجلة تنصيرية في إفريقيا. وأن مقدار ما أنفق على النشاط التبشيري في افريقيا بلغ (32 مليار) دولار. وهذه الأرقام نشرت سنة (1410ه‍) والأرقام الحالية تفوق ذلك بكثير.

وذكر موقع إحدى المحطات العربية الأرقام والمعلومات التالية:

قارة أفريقيا التي يزيد عدد سكانها على المليار نسمة كان الدين الإسلامي الدين الأساسي فيها، وهناك ثلاثون لغة إفريقية كانت تكتب بالخط العربي، انخفض عدد المسلمين فيها إلى (316 مليون)، وهؤلاء نصفهم من العرب في الشمال الإفريقي، وأخيراً أصبح عدد المسلمين فيها لا يتجاوز (150) مليون نسمة، وبالمقابل ارتفع عدد الكاثوليك من واحد مليون في عام (1902م) إلى (330 مليون) نسمة في عام (2000م). وفي أفريقيا الآن مليون ونصف مليون كنيسة، وأن عدد أعضاء هذه الكنائس (46 مليون) نسمة، وما معدله في كل عام (6 ملايين انسان يتحول إلى النصرانية. في عام واحد جمعت المؤسسات التنصيرية المسيحية (194مليار دولار) وهو ما يعادل ميزانيات جميع الدول العربية. و(كينيا) على سبيل المثال عدد سكانها (ثلاثون مليون نسمة)... ربعهم من المسلمين، في كل (كينيا) يوجد (900 مسجد) مقابل (25 ألف) كنيسة، وهذه المساجد نصفها غير صالح للاستفادة.

‍‍وقد أعلن اتحاد الكنائس للتبشير الذي عُقد في (كاليفورنيا) سنة (1980م) أنه توجد في مصر (Association) مؤسسة اسمها (Upper Egypt) بمعنى مصر العليا، ولها ستون فرعًا تنصيريًّا في مصر، وفي دولة مثل (موريتانيا) وهي دولة عربية مسلمة، عدد سكانها مليونان ونصف مليون نسمة مسلمة بالكامل بها هيئة (ديلوليس) الأمريكية، ومنظمة (الرويال) العالمية، ومنظمة (كاراتاس)، وجمعية الأمل الموريتانية، ومنظمة انفجار البشر، واتحاد الإنجيليين العرب، وكل هذه جمعيات تنصيرية في موريتانيا، وما من دولة عربية مستثناة من برنامج التنصير. أما في ماليزيا فتوجد خمسمائة مؤسسة تنصيرية.

ذكرت مجلة اسمها (International Bulletin of Missionary Researches)، وهذه خاصة بالأبحاث التنصيرية، نشرت الآتي عن عام (1996م): عدد المنظمات التنصيرية (23,300 منظمة)، جمعت في عام (1996م) (193مليون) دولار، عدد المنظمات التي ترسل مُنَصِّرين منها إلى الخارج (4,500 منظمة)، عدد المنصرين الذين يعملون داخل أوطانهم (4,635,500 مُنَصِّر)، ارتفع بعد ذلك إلى (6 مليون إلّا ربع)، عدد كتب الإنجيل التي وزعت خلال عام واحد ملياران إلّا ربع نسخة، عدد المجلات والدوريات التنصيرية (3,100)، عدد أجهزة الكمبيوتر في المؤسسات التنصيرية (20 مليون و696 ألف و100 جهاز)، ارتفعت في عام (1998م) إلى (340 مليون) جهاز كمبيوتر، ظهرت كلمة السيد المسيح (عليه السلام) بهدف تبشيري وليس بهدف ديني على شاشات التليفزيون في عام واحد هو عام (1996م) (1500مرة) بمعدل 4 مرات يوميًّا، أُنفِق على التنصير في عام (1997م) (200 مليار) دولار، تشرف الكنيسة على (104 ألف) معهد ومدرسة، بهذه المعاهد والمدارس (6 مليون) تلميذ مسلم، وتشرف على (500 جامعة)، تُشرف أيضا على (490 مدرسة) لاهوت لتخريج المنصرين، عندها (10.677) مدرسة رياض أطفال، وألف وخمسين صيدلية، لها (3600 محطة) ما بين مرئية ومسموعة تبث (447 مليون) ساعة تنصيرية في كل عام!!

وفي نفس الوقت ذكر أن ثريًّا عربيًّا بنى في لندن قصرًا بسبعة مليار دولار. ونشرت صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية خبرًا مفاده: أن ثريًّا عربيًّا خسر في ليلة واحدة على موائد القمار (85 مليون فرنك)، ولم يكتفِ بهذا بل قدم مليون فرنك بقشيش للنساء‍‍‍‍‍‍!!

(29) سورة النمل، الآية: 66.

(30) سورة آل عمران، الآية: 85.

(31) عيون الحكم والمواعظ: 45.

(32) عيون الحكم والمواعظ: 174.

(33) غرر الحكم ودرر الكلم: 391.

(34) غرر الحكم ودرر الكلم: 573.

(35) عيون الحكم والمواعظ: 555.

(36) كتاب العروة الوثقى، تأليف آية اللّه العظمى السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي المتوفى سنة (1337ه‍)‍، يبرز كتاب (العروة الوثقى) كرسالة عملية للأحكام الشرعية لفقيه عصره ووحيد دهره العلامة اليزدي (رحمه الله)، هذه الرسالة احتلت مقام المحورية للأبحاث الاستدلالية في الفقه لكثير من العلماء الأفاضل الذين جاءوا بعده من جهابذة الطائفة ومراجعها وفقهائها، فكتب العشرات من التعليقات والحواشي والأبحاث الفقهية في ذيل مسائل هذه الرسالة الشريفة، ولم يكن ذلك إلّا لما امتازت به من كثرة الفروع ودقة النظر في بيان الأحكام الشرعية.

(37) قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في الذريعة: جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام، للفقيه العلامة الشيخ محمد حسن ابن الشيخ باقر ابن الشيخ عبد الرحيم ابن الآغا محمد الصغير ابن المولى عبد الرحيم الشريف الكبير الذي جاور النجف الأشرف.

(38) غرر الحكم ودرر الكلم: 454.

(39) تنبيه الخواطر 2: 213.

(40) أحلاس: جمع حَلَس وهو مسحٌ يبسط في البيت وتجلّل به الدابة، ومن المجاز: كن حَلس بيتك: أي الزمه.

(41) منية المريد: 135.

(42) السرائر 3: 635.

(43) الكافي 1: 39.

(44) الأمالي للشيخ الصدوق: 73.

(45) قرب الإسناد: 37.

(46) مصادقة الإخوان: 34.

(47) مصادقة الإخوان: 38.

(48) الكافي 8: 31.

(49) بحار الأنوار 91: 147.

(50) سورة البقرة، الآية: 108.

(51) سورة النساء، الآية: 116.

(52) سورة الجاثية، الآية: 23.

(53) سورة النساء، الآية: 136.

(54) سورة الحشر، الآية: 2.

(55) سورة يوسف، الآية: 111.

(56) سورة الرعد، الآية: 19.

(57) سورة غافر، الآية: 21.

(58) سورة الأحقاف، الآية: 26.

(59) سورة الشورى، الآية: 38.

(60) سورة آل عمران، الآية: 159.

(61) سورة الشورى، الآية: 40.

(62) سورة النساء، الآية: 149.

(63) سورة آل عمران، الآية: 134.

(64) سورة البقرة، الآية: 109.

(65) سورة الأعراف، الآية: 199.

(66) سورة فصلت، الآية: 18.

(67) سورة يونس، الآية: 103.

(68) سورة الصف، الآية: 10- 11.

(69) سورة الزمر، الآية: 61.

(70) نهج البلاغة، الخطب الرقم: 120 من كلام له (عليه السلام) يذكر فضله ويعظ الناس.

(71) نهج البلاغة، الحكم الرقم: 31.

(72) غرر الحكم ودرر الكلم: 426.

(73) غرر الحكم ودرر الكلم: 310.

(74) غرر الحكم ودرر الكلم: 421.

(75) غرر الحكم ودرر الكلم: 666.

(76) عيون الحكم والمواعظ: 431.

(77) عيون الحكم والمواعظ: 432.

(78) غرر الحكم ودرر الكلم: 64.

(79) غرر الحكم ودرر الكلم: 83.

(80) غرر الحكم ودرر الكلم: 64.

(81) غرر الحكم ودرر الكلم: 717.

(82) المحاسن 2: 601.

(83) الكافي 5: 133.

(84) الكافي 2: 107.

(85) الكافي 2: 108.

(86) بحار الأنوار 74: 216.

(87) غرر الحكم ودرر الكلم: 84.

(88) غرر الحكم ودرر الكلم: 87.

(89) تحف العقول: 8.

(90) نهج البلاغة، الخطب الرقم: 76 من خطبة له (عليه السلام) في الحث على العمل الصالح.

(91) غرر الحكم ودرر الكلم: 150.

(92) غرر الحكم ودرر الكلم: 297.

(93) الكافي 8: 68.

اضف تعليق