النضج والوعي مسألة لا تخص أحداً دون أحد، بل تعم وتشمل حتى الهيئات والأحزاب والتجمعات المختلفة، وهو من العوامل الرئيسية لنجاح بعض الأحزاب أو الهيئات دون الأخرى؛ لأن موضوع النضج والاحتكام إلى العقل والبصيرة في السلوك من الأمور العامة التي تشمل الجميع. وهو ليس بالأمر السهل والهين، وإنما بحاجة...
آثار النضج
قال تبارك وتعالى في كتابه الكريم: (وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّٰلِحُونَ)(1).
إن من الأمور الصعبة والمهمة التي يلزم على الإنسان السعي وراءها وتحصيلها هو النضج، بمعنى أن يكون الإنسان ناضجاً في فكره وسلوكه. ولصعوبة الوصول إلى هذا المستوى نرى أنه لا يستطيع كل شخص الوصول إليه، ولا يتمكن تحصيله بسهولة؛ إذ أن هذا المستوى يتحصل من أثر توالي الأحداث، وتقلب الأحوال، وممارسة الصعاب، وحفظ التجربة، وبهذه الأمور وشبهها ينقدح النضج في داخل الإنسان ويترعرع وينمو.
وفي الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «من تورط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفظعات النوائب، والتدبير قبل العمل يؤمنك من الندم، والعاقل من وعظته التجارب، وفي التجارب علم مستأنف، وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال»(2).
فعندما يصل الإنسان إلى مفترق طرق، ويكون نهباً لمشاكل وصعاب، تتقاذفه من هنا وهناك، حينئذ يتبين جوهر الإنسان حيث النضج أو عدمه.
ذكر في قصة: أن امرأة كانت تصر على زوجها ليتزوج بامرأة أخرى، ولكنه لم يكن يستجيب لها، بل كان يعللها ويسوفها، وبعد مدة رضخ لرأيها وتزوج بامرأة أخرى، وبمجرد أن رأت الزوجة الأولى الوضع الجديد، وأن ضرة نزلت بيتها انقلب حالها واضطربت، وفجأة خرجت من البيت كاشفة شعرها مضطربة، متوجهة إلى المسجد، وجاء زوجها في إثرها ودار بينهم كلام طويل حتى انتهى إلى توافق الزوجين وتصالحهما ثم عادا معاً إلى الدار.
والشاهد في هذه الرواية: إن المرأة هذه ربما لم تكن تمتلك النضج الكافي ولم تعلم بما سيجري عليها؛ وإنما كانت تتأثر بتقلب الأحوال بسرعة عجيبة بحيث تفقد معها عقلها وتتصرف تصرفاً غير لائق بها، كما خرجت إلى المسجد كاشفة عن رأسها؛ فلم تكن تعلم بأنها غير قادرة على تحمل (ضرّة) تنزل عليها، ولكن عندما تحقق الأمر خرجت وهي كاشفة الرأس.
مراقبة النفس
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من أحكم التجارب سلم من المعاطب»(3).
وقال الإمام السجاد علي بن الحسين (عليهما السلام): «ابن آدم، إنك لاتزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وماكانت المحاسبة من همك، وما كان الخوف لك شعاراً، والحزن لك دثاراً، ابن آدم إنك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي اللّه عزّ وجلّ ومسئول، فأعد جواباً».(4)
إن الإنسان ربما يقف على اعتاب المستقبل وهو جاهل تماماً بما تخبئ له الأيام التالية، ولا يقدر أن يكشف ذلك أو يتنبأ به ليتخذ بإزائه الموقف الصحيح المعقول؛ ولذلك عليه أن يراقب نفسه وتصرفاته بدقة حتى لا يأتي عليه يوم يفقد فيه عقله وتوازنه أمام الحوادث والمشكلات بسبب قلة تجاربه، فيظهر أمام الآخرين وقد انكشف جوهره، وشخصيته الضعيفة المنهزمة وغير الناضجة.
وكيل السيد أبي الحسن الأصفهاني (رحمه الله)
كان من الأساليب الحكيمة للسيد أبي الحسن الأصفهاني (رحمه الله) في إدارة شؤون الناس، هو أنه (رحمه الله) كان يختار ويصطفي رجالاً من العلماء ليكونوا وكلاء عنه في البلدان المختلفة... فيبعثهم إلى مختلف البلاد لإدارة شؤون الناس، والقيام بالمهام الدينية هناك، من الوعظ والإرشاد وتوضيح المسائل الشرعية والإجابة عنها وإجراء عقود النكاح وغير ذلك من الوظائف التي تخص العلماء ورجال الدين عادة.
وقد ذكر أنه بعث مرة أحد الأفراد وكيلاً عنه إلى إحدى المناطق، وبعد مدة حدث خلاف كبير في تلك المنطقة، ولعل وكيل السيد كان طرفاً في النزاع، وهو أمر لا يليق بوكيل المرجع الديني؛ حيث يفترض فيه أن يكون دوره دائماً الإصلاح بين الناس لا صنع الخلاف بينهم. فاستقدمه السيد ليطلع على واقع الأمر ويعرف سبب الاختلاف، وعندما حضر هذا الوكيل عند السيد الاصفهاني قال له السيد: نحن بحاجة إلى وجودك في النجف عندنا هنا. قال ذلك من دون أن يستفسر سبب الاختلاف أو وجهه. ويلزم هنا أن نلاحظ كيف أن السيد (رحمه الله) غيّر مهمة وكيله إلى مهام أخرى باحترام حيث قال: نحن بحاجة إلى وجودك هنا.
وكان هذا أسلوباً حكيماً وسليماً ومؤدباً يستعمله فقهاؤنا في حل المشاكل؛ إذ يتجنبون دائماً الشدة والعنف والغلظة في التعامل مع الأصدقاء والأعداء، ولا يوجهون إهانة لطرف من الأطراف أبداً، وهذه أخلاق الإسلام وسياسته الصالحة في إدارة الناس، قال اللّه تعالى: (فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ)(5).
ثم بعد ذلك استفسر بعض الحاضرين من السيد (رحمه الله) عن السبب الذي دعاه إلى عزل هذا الوكيل وبهذه الطريقة الهادئة، من دون سؤاله عن تفاصيل الاختلاف وسببه؟!
فأجاب السيد: عرفت بأنه لا يليق لهذا المنصب؛ وذلك أني عندما دعوته ليجلس بجانبي ـ حيث كان جالساً في نهاية المجلس ـ رأيته قام وجاء إليّ مهرولاً، فعرفت أنه لا يتمتع بالوقار والنضج في السلوك، وهذه صفات لا تمنح صاحبها أهلية إدارة مثل هذا المنصب الحساس، ولذلك لم أسأله عن سبب الاختلاف، لعدم الداعي له بعد الذي رأيته منه.
ولا يخفى أن وكيل المرجع هو وجه المرجع ومرآته التي تعكس ـ عادة ـ أخلاقه وسلوكه.
وذكر عن بعض الفضلاء الذي كان يجالس أحد مراجعنا الكبار (قدس اللّه أسرارهم) قال مرة: كلما استمرت مجالستي لهذا المرجع الكبير ازددت إعجاباً به وإخلاصاً له، فضلاً عن إعجابي الشديد بعلميته القوية وتقواه وأخلاقه الفاضلة؛ وذلك لما كنت أراه من شدة ارتباطه بالناس من جهة، وشدة تأثر الناس به والتزامهم بتوجيهاته وإرشاداته، وكان سبب قوة روابطه الاجتماعية وتأثيره المتزايد في المجتمع هو النضج الكامل الذي كان يتمتع به في كل شؤونه.
النضج الاجتماعي
ذكر في قصة: أن عبداً هرب من سيده والتجأ إلى غابة، وبعد عدة أيام فوجئ بأسد ضار كان يتوثب لافتراسه وهو يزأر، فاستيقن أنه سوف يكون طعمة للأسد الذي سينهش لحمه ويفترسه بعد قليل، ولكن عندما اقترب منه الأسد جلس على الأرض متألماً من شيء أصابه وهو يشير إلى قدمه، فانتبه العبد إلى أن هناك شوكة كبيرة في رجل الأسد تؤلمه كثيراً أعجزته عن الوثوب عليه وافتراسه، فعمد العبد إلى تلك الشوكة وأخرجها من رجل الأسد؛ ليحظى بعد ذلك بصداقة الأسد جراء عمله هذا....
فقام الأسد بإظهار تودده وحبه للعبد، حيث كان يأتي لزيارته في مخبأه كل يوم، واستمرت الأيام على هذه الحالة والأسد يزور الرجل كل يوم. حتى كان ذات يوم فلم يأت الأسد كعادته فاحتمل العبد بأن الأسد قد وقع في شباك الصيادين، وبعد مدة عثر عمال السيد على الغلام فأخذوه مكتوفاً إلى مولاه في المدينة وحكم عليه بالموت، وكانت طريقة القتل في تلك المدينة تتم بإلقاء المحكوم عليه بالموت في حفرة كبيرة لا يستطيع الفرار منها، ثم يطلقون عليه أسداً جائعاً يفترسه حتى الموت، فعندما جعلوا هذا العبد في الحفرة أمام الأسد الضارٍ، وإذا بالأسد أقبل عليه يهز ذيله لإظهار حبه وصداقته له، فعرف العبد بأن هذا الأسد صاحبه السابق، وقد أدهش المنظر الناس كثيراً، وحملهم على اعتبار ما جرى مكرمة عظيمة وفضلاً للعبد، فأخذوا يصفقون له ويعظمونه، ثم جعلوه ملكاً عليهم طبقاً لما كان مرسوماً عندهم، من أن تنصيب الملك وعزله كان يتم بيدهم واختيارهم.
وشاهد كلامنا في هذه القصة ـ وإن كانت غير واقعية ومن صنع الخيال الأدبي ـ هو أن الناس كانوا لا يتمتعون بالنضج السياسي والثقافي في حق الانتخاب؛ فلذلك عزلوا ملكهم السابق عن منصبه وعينوا شخصاً آخر مكانه بلا داع أو مبرر. فهل يستطيع عبد غير ناضج على إدارة المدينة؟!
فهل كان تنصيب رجل محنك صاحب تجربة وأهلية سياسية وإدارية، متمتع بالصفات التي تؤهله لمنصب الرئاسة والملوكية، أفضل؟ أم تنصيب العبد الذي لم يكن يمتلك من مؤهلات الإدارة سوى ما رأوه من علاقته بالأسد؟!
من الواضح أن المجتمع الذي لا يتصرف في شؤونه العامة طبق البصيرة والنضج، ولا يحكم العقل والمنطق السليم في أموره سوف يتردى في الحياة، وتسوء أوضاعه يوماً بعد يوم.
النضج حاجة عامة
إن النضج والوعي مسألة لا تخص أحداً دون أحد، بل تعم وتشمل حتى الهيئات والأحزاب والتجمعات المختلفة، وهو من العوامل الرئيسية لنجاح بعض الأحزاب أو الهيئات دون الأخرى؛ لأن موضوع النضج والاحتكام إلى العقل والبصيرة في السلوك من الأمور العامة التي تشمل الجميع.
وهو ليس بالأمر السهل والهين، وإنما بحاجة إلى التعب والجد والاجتهاد ليل نهار، والتحمل الكثير للصعاب والمشاكل، حتى يحصل الإنسان على درجة من التعقل والنضج تكون على شكل ملكة ثابتة في ذاته وكيانه، بحيث يستطيع أن يحل أكثر مشكلاته وأموره، ويتخذ مواقفه دائماً بالتي هي أحسن، وتحت ظل الحكمة والحنكة والذكاء.
الاستشارة من مقومات النضج
ومن أهم مقومات النضج هو الاستشارة، فإذا أراد الإنسان أن يكون ناضجاً في قراراته فعليه باستشارة ذوي الرأي، ولا يستبد برأيه في الأمور.
علماً بأن الاستشارة تبدأ بأصغر الأمور وتنتهي بأعظمها وهي إدارة البلاد والعباد، فلا يحق للحاكم ـ غير المعصوم (عليه السلام) ـ أن يتخذ قرارات بشأن الأمة من دون الاستشارة، ومن هنا رأينا ضرورة شورى الفقهاء المراجع، واستشارة الأخصائيين الزمنيين، وعقد المؤتمرات الأقليمية والعالمية، واحترام الرأي الآخر، في سبيل الإنهاض بالأمة.
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «بعثني رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إلى اليمن فقال وهو يوصيني: يا علي ما حار من استخار، ولا ندم من استشار»(6).
وقال الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام): «من استشار لم يعدم عند الصواب مادحاً، وعند الخطأ عاذراً»(7).
وقال علي (عليه السلام): «ما عطب امرؤ استشار»(8).
وقال (عليه السلام): «لا رأي لمن انفرد برأيه»(9).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «المستبد برأيه موقوف على مداحض الزلل»(10).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «وإن الجاهل من عد نفسه بما جهل من معرفة العلم عالماً، وبرأيه مكتفياً»(11).
ضياع الجهود
كان في إحدى المناطق مجموعة من الرجال العاملين والنشطين من أجل الإسلام، يتعاهدون الموعظة والإرشاد دائماً من العلماء والخطباء، وكان العلماء ينصحونهم بالوحدة والتلاحم والانسجام، ولكنهم اتخذوا سبيل الاختلاف والاضطراب في ما بينهم، فخيم عليهم النزاع والتنافر حتى آل الأمر بهم في النهاية إلى تفرقهم وتلاشى كيانهم، فضيعوا كل الأتعاب والنشاطات التي بذلوها في هذا السبيل، وكان ذلك بسبب عدم النضج والتعقل والوعي في إدارة العمل.
ومن الواضح أنهم افتقدوا حب الناس وخسروا شعبيتهم التي قدّموا من أجلها الكثير؛ وذلك لأن الذي يعجز عن حل مشاكله ولم يتمكن من كسب وإدارة أعضائه الخاصين والعاملين معه فهو عن كسب الآخرين أعجز.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «... احذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلاث(12) بسوء الأفعال وذميم الأعمال، فتذكروا في الخير والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم. فإذا تفكرتم في تفاوت حاليهم فالزموا كل أمر لزمت العزة به شأنهم، وزاحت الأعداء له عنهم، ومدت العافية به عليهم، وانقادت النعمة له معهم، ووصلت الكرامة عليه حبلهم، من الاجتناب للفرقة، واللزوم للألفة، والتحاض عليها، والتواصي بها. واجتنبوا كل أمر كسر فقرتهم، وأوهن منتهم(13)، من تضاغن القلوب، وتشاحن الصدور، وتدابر النفوس، وتخاذل الأيدي.
وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم، كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء، ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء وأجهد العباد بلاء وأضيق أهل الدنيا حالاً، اتخذتهم الفراعنة عبيداً فساموهم سوء العذاب وجرعوهم المرار، فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة وقهر الغلبة لايجيدون حيلة في امتناع ولاسبيلاً إلى دفاع حتى إذا رأى اللّه سبحانه جدَّ الصبر منهم على الأذى في محبته والاحتمال للمكروه من خوفه جعل لهم من مضايق البلاء فرجاً، فأبدلهم العزّ مكان الذل والأمن مكان الخوف، فصاروا ملوكاً حكاماً وأئمة أعلاماً، وقد بلغت الكرامة من اللّه لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم. فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء مجتمعة، والأهواء مؤتلفة، والقلوب معتدلة، والأيدي مترادفة، والسيوف متناصرة، والبصائر نافذة، والعزائم واحدة. ألم يكونوا أرباباً في أقطار الأرضين، وملوكاً على رقاب العالمين؟ فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر أمورهم، حين وقعت الفرقة، وتشتتت الألفة، واختلفت الكلمة والأفئدة، وتشعبوا مختلفين، وتفرقوا متحاربين، وقد خلع اللّه عنهم لباس كرامته، وسلبهم غضارة نعمته، وبقي قصص أخبارهم فيكم عبراً للمعتبرين...»(14).
النضج الطبي
أصيب شخص في العراق بألم شديد في قدمه، فراجع الكثير من الأطباء لأجل العلاج ولكنه لم يجد عندهم شفاء ولا فائدة، وفي النهاية يئسوا من معالجته والقضاء على آلامه إلّا بقطع رجله، فلم يستجب المريض لذلك.
وفي ذات يوم سافر هذا المريض إلى مدينة الكوفة فصادف على جسر الكوفة رجلاً من البدو، وبعدما تعرف عليه وصادقه، شكا له مرضه الشديد، فوصف له ذلك البدوي علاجاً، فقال: خذ عدة ضفادع وشق بطونها من الوسط، وضعها على موضع الألم وشدها برباط.
يقول صاحب القصة: فعلت ذلك كما قال لي البدوي، وبعد أربع وعشرين ساعة فقط ارتفع الألم وارتحت منه، ولم يعد ليّ ذلك الألم أبداً!
والشاهد في هذه القصة هو: الإشارة إلى أن أهمية العلوم ليست فقط بالتعلم وفهم مسائلها، بل الأهم من ذلك هو النضج، وهكذا في الطب، حيث من الضروري النضج الطبي لدى الأطباء، وعدم التسرع واليأس من علاج المريض لمجرد ممارسة العلاج معه لفترة معينة، بلا تأكد تام وكامل من طرق العلاج؛ إذ أن بعض الأطباء ربما لا يتمتع بالتجارب الكافية التي تمنحه القدرة اللازمة على مكافحة الأمراض وتشخيص العلاج لها، ولا يمتاز بالنضج والمهارة الكافية في عمله، الأمر الذي يدعو أحياناً إلى التسرع في الحكم على المريض بعلاجات صعبة وعسيرة، كان من الممكن علاجه بطرق أسهل وأيسر لو تأنى ودقق وفحص أكثر، كما حكم بعضهم على هذا المريض بقطع ساقه بلا تحقيق أو تدقيق في احتمال وجود علاج آخر، أو بالاعتقاد بأن هذا العلاج ـ القطع ـ هو الوحيد.
النضج العلمي لدى الشيخ الأنصاري (رحمه الله)
لقد امتاز الشيخ المرتضى الأنصاري (رحمه الله) بالعمق والنضج العلمي الشديد في آرائه، فقد كان يتابع أقوال وآراء سائر الفقهاء، قولاً قولاً ورأياً ورأياً، ويفسرها ويوضحها، ويقلب وجوهها، ولايقبلها أو يؤيدها أو يردها بدون تدقيق وتحقيق.
مثلاً:
قاعدة: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)(15)، وقاعدة: (ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده)(16) وغيرها من القواعد الفقهية المهمة، كان يدقق النظر فيها ويقلب وجوه النظر والرأي حتى ينتهي إلى النتيجة قبولاً أو رداً، بتحقيق ودقة، وبلا تسرع وملل؛ ولذا نجد أن كتابيه (الرسائل) في الأصول و(المكاسب) في فقه التجارة، أصبحا من أهم المحاور التي تدور حولها الدراسة الدينية في الحوزات العلمية، بسبب نضج مؤلفها وضلوعه في العلم، وقوته في التدقيق والتحقيق، وشمولها لأدق الآراء وأعمقها في هذين العلمين.
نظرة إلى التاريخ العباسي
كان هارون العباسي أحد سلاطين بني العباس، وللأسف يعتبره بعض الغربيين الملك الأكبر للبلاد الإسلامية، حيث جعلوا منه شخصية عالمية مهمة؛ تشويهاً للإسلام. ولو لا وجود الحوزة العلمية في إيران لسرى ذلك التشويه حتى إلى إيران أيضاً في تقديس هذا السلطان الظالم، كما نواجه ذلك في صلاح الدين الأيوبي حيث يقدسه البعض مع ما ارتكب من الجرائم الكبيرة في حق الإسلام والمسلمين.
يذكر أنه في إحدى السنين عزل هارون واليه على خراسان (الفضل بن يحيى البرمكي)(17) ونصب مكانه (علي بن ماهان) وكان ابن ماهان رجلاً متملقاً وظالماً وقاسي القلب؛ ولذلك كان يمعن في أخذ الضرائب والأموال من الناس، ويجحف في ذلك كثيراً ويرسلها إلى بغداد محملة على آلاف النياق.
وذات يوم قال هارون ليحيى وهو أبو جعفر البرمكي سائلاً: أين كانت تذهب هذه الأموال في زمن ولاية ابنك على خراسان، ولم يكن يبعثها إلى بغداد؟
وكان هارون يريد بقوله هذا أن يشير إلى عدم أهلية الفضل البرمكي وكفاءته في الولاية؟!
فقال له يحيى: سوف يأتي يوم تضطر إلى صرف عشرة أضعاف هذه الأموال التي بعثها إليك (علي بن ماهان) من خراسان لتعيد سلطانك على أهلها وتخضعها لحكمك، ومع ذلك لا يعود الأمر إلى ما كان عليه أولاً! وكان يحيى صادقا في كلامه هذا وذلك لكثرة توغله في القضايا السياسية، وكانت رؤيته هذه نتيجة نضجه السياسي.
وهكذا صار الأمر حيث ثار أهل خراسان ضد ظلم وإجحاف (علي بن ماهان)، مما اضطر هارون إلى تعبئة جيش كامل من أجل السيطرة على تلك الثورة الناشبة في خراسان وإخمادها، وقاد بنفسه ذلك الجيش وقد مرض في أثناء ذلك ومات هناك ودفن بخراسان، بعدما صرف أضعاف أضعاف ما أخذه (علي بن ماهان) من أهل خراسان!!
والانتهاء إلى هذه النتيجة كان واضحاً؛ لأن الحاكم الذي يضغط على الناس ويكرههم على دفع الضرائب والأموال يخرج حبه من قلوب الناس، ويفقد مكانته عندهم، الأمر الذي يعجل في سقوطه.
نضج الميرزا الشيرازي (رحمه الله)
ينقل المرحوم السيد علي شبر (رحمه الله) بأنه أرسل مجموعة من العلماء رسالة إلى الميرزا الشيرازي (رحمه الله) في العراق تنص على أن وكيل الميرزا في المكان الفلاني، أصبح متبطراً معتنياً بالأمور الدنيوية والمادية، وهو لا يليق بأن يكون وكيلاً عن المرجع الأعلى للطائفة، فطلبوا من الميرزا عزله عن هذا المنصب الحساس.
ولكن الميرزا تأنى في قراره وتصبر في اتخاذ الموقف، حتى فاتحه بعض علماء سامراء المقدسة بهذا الشأن وطلبوا منه بيان وجه توقف الميرزا في عزل هذا الوكيل؟
فأجابهم الميرزا: بأن هذا الوكيل كانت له ـ قبل أن يكون وكيلنا ـ شخصية اجتماعية بين الناس بدرجة خمسين بالمائة مثلاً، وعندما أصبح وكيلاً عني بلغت شخصيته الاجتماعية مائة بالمائة، ولو عزلته عن الوكالة فأكون سبباً لذهاب كل شخصيته وسقوطه اجتماعياً، ولا يجوز لي أن آخذ نصف شخصيته التي كانت له قبل الوكالة، وإنني الآن في تفكير متواصل لأجد طريقة جيدة عن كيفية استرجاع النصف المكمل لشخصيته فقط من دون المس بنصفه الأول!!
نعم، بهذه الخصائص النبيلة تمكن علماؤنا من قيادة الناس وإنقاذهم من الاستعمار في أيام المحن والآلام، والحفاظ على الإسلام في كل عصر(18).
والمسلمون إذا أوجدوا في أنفسهم البصيرة وبلغوا مرتبة سامية من النضج في العلم والعمل، سوف يتمكنون من نشر الإسلام وتطبيقه في العالم، وعند ذلك يدخل الناس في دين اللّه أفواجاً أفواجا، وتعود للمسلمين سيادتهم وعزتهم التي كانت لهم في الصدر الأول بإذن اللّه تعالى.
كان المجدد الشيرازي (رحمه الله) من كبار العلماء الناضجين، ويتبين ذلك من خلال مواقفه الحكيمة في قصة التبغ (التنباك)، وقصة يهود همدان، وقصة شراء أراضي طوس من قبل الروس، وقصة إنقاذ شيعة أفغانستان حيث قام السلطان المخالف المتعصب بذبحهم حتى جعل منائر من رؤوسهم.
وعندما هاجر الميرزا الكبير إلى سامراء المقدسة انتقلت الحوزة العلمية إليها وتجمع فيها العلماء والفضلاء وانتشرت تعاليم أهل البيت (عليهم السلام) وقوي أتباعهم وشيعتهم.
أسس مدرستين علميتين في سامراء، وبنى جسراً على شط سامراء، وبنى حمامين للمدينة للرجال وللنساء، قام بترميم روضة العسكريين (عليهما السلام) المطهرة، بنى سوقاً كبيراً للمدينة، وبنى حسينية لإقامة مجالس عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) فيها، بنى دوراً كثيرة للفقراء، وكان ينفق حتى على فقراء السنة، في عام 1311ه قام بعض أيادي الاستعمار بإشعال نار الفتنة بين الشيعة والسنة، فقام الميرزا بإخماد تلك النيران بنضجه وحكمته ودرايته، فلما أراد الوالي العثماني ببغداد والقنصلية البريطانية التدخل فيها أخبرهم بأن المسألة بسيطة وسنقوم بحلها ولا حاجة لتدخلهم فيها.
الهجمات الاستعمارية
إن العالم الغربي والشرقي المعادي للإسلام يشن في هذا اليوم هجمات دعائية كاذبة ضد الإسلام والمسلمين، ويتهمهم بأنهم أمة متأخرة تنشر التفرقة والحرب والانحطاط أينما حلت، وقد نجح في تشويه صورة الأمة إلى حد كبير بحيث أصبح العالم ـ بعضه ـ لا يقيم للإسلام والمسلمين قيمة أو أهمية، وهذا بسبب قلة الوعي والنضج والحكمة التي أصبحت في المسلمين، فعلينا أن نزيح عن أفكار العالم هذه النظرة الخاطئة بنشر الموازين العلمية والتقدمية والأحكام الإلهية المنسجمة مع الفطرة الإنسانية في العالم.
وهذا ليس بالأمر الهيّن والسهل الممكن إلّا بالعمل بموازين الإسلام، وإيجاد النضج الكامل والوعي التام في أنفسنا لنصل إلى درجة نكون فيها قادرين على هداية العالم أجمع، ونشر العدل والرفاه والصلاح والاستقرار في كل البقاع والأرجاء.
قال تبارك وتعالى: (هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ)(19).
نور المؤمنين في القيامة
جاء في الآيات الكريمة والروايات الشريفة الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) أن المؤمن يأتي يوم القيامة وتشع جبهته نوراً، وهو يحمل في يده اليمنى صحيفة أعماله الصالحة فرحاً ومستبشراً، كما أنه ينظر بنوره هذا إلى مسافات تختلف بحسبه(20) وذلك حسب أعماله الصالحة في الدنيا. فمنهم من يكون نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه، ومنهم من يكون نوره كشجرة، ومنهم من يكون نوره مثل راية بيده، ومنهم من يعطى أصغر من ذلك، وبعض لا يعطى إلّا على إبهام قدميه يضيء مرة ويطفأ أخرى.
قال تعالى: (يَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَسۡعَىٰ نُورُهُم بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۖ)(21).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «إنما المؤمنون يوم القيامة نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم من الجنان»(22).
وفي تفسير القمي: يقسم النور بين الناس يوم القيامة على قدر إيمانهم، يقسم للمنافق فيكون نوره بين إبهام رجله اليسرى فينظر نوره، ثم يقول للمؤمنين: مكانكم حتى أقتبس من نوركم فيقول المؤمنون لهم: (ٱرۡجِعُواْ وَرَآءَكُمۡ فَٱلۡتَمِسُواْ نُورٗاۖ)(23) فيرجعون ويضرب بينهم بسور له باب فينادون من وراء السور المؤمنين (أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ)(24)، قال: بالمعاصي (وَٱرۡتَبۡتُمۡ) قال: أي شككتم...(25).
فالعمر قصير جداً والإنسان في كل آن معرض لزيارة ملك الموت له لأخذ روحه ونقله إلى عالم الأموات (وَمَا تَدۡرِي نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُۚ)(26).
لذا على الإنسان أن يجمع ذرات النور ليوم الآخرة ما أمكنه، بواسطة الطاعات والأعمال الصالحة، ومن أهم الطاعات التي سعى إليها الأنبياء والنبي الأعظم والأئمة الطاهرون (عليهم السلام) هو نشر أحكام اللّه وتطبيق أحكام الإسلام، فلذا علينا أن نجعل معظم جهودنا في هذه الطاعة المهمة، ونهيئ لأنفسنا النضج الكامل حتى نستطيع أن نؤدي واجباتتنا ومسؤولياتنا على أتم صورة وأحسن وجه لكي ننجح في إصابة الأعمال الحسنة وحتى لا نكون مسيئين من حيث نتصور أننا محسنين.
كما قال اللّه تعالى: (قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا * ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا)(27).
«اللّهم ارزقنا توفيق الطاعة وبعد المعصية، وصدق النية وعرفان الحرمة، وأكرمنا بالهدى والاستقامة، وسدد ألسنتنا بالصواب والحكمة، وأملأ قلوبنا بالعلم والمعرفة، وطهر بطوننا من الحرام والشبهة، واكفف أيدينا عن الظلم والسرقة، واغضض أبصارنا عن الفجور والخيانة، واسدد أسماعنا عن اللّهو والغيبة، وتفضل على علمائنا بالزهد والنصيحة، وعلى المتعلمين بالجهد والرغبة، وعلى المستمعين بالاتباع والموعظة»(28).
من هدي القرآن الحكيم
النضج الفكري والحرية
قال تعالى: (فَبَشِّرۡ عِبَادِ * ٱلَّذِينَ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ)(29).
وقال عزّ وجلّ: (لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّۚ فَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(30).
النضج وعواقب الأمور
قال سبحانه: (وَٱلَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ وَيَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ)(31).
وقال جلّ وعلا: (قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱللَّهِ وَٱصۡبِرُوٓاْۖ إِنَّ ٱلۡأَرۡضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ)(32).
نور المؤمن في القيامة
قال عزّ وجلّ: (أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ)(33).
وقال تعالى: (وَمَن لَّمۡ يَجۡعَلِ ٱللَّهُ لَهُۥ نُورٗا فَمَا لَهُۥ مِن نُّورٍ)(34).
وقال سبحانه: (أَوَ مَن كَانَ مَيۡتٗا فَأَحۡيَيۡنَٰهُ وَجَعَلۡنَا لَهُۥ نُورٗا يَمۡشِي بِهِۦ فِي ٱلنَّاسِ)(35).
وقال جلّ وعلا: (يُؤۡتِكُمۡ كِفۡلَيۡنِ مِن رَّحۡمَتِهِۦ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ نُورٗا تَمۡشُونَ بِهِۦ)(36).
المؤمن وقور
قال تعالى: (وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰمٗا)(37).
وقال عزّ وجلّ: (وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ)(38).
وقال سبحانه: (هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ)(39).
من هدي السنّة المطهّرة
النضج الفكري والحرية
وفي حديث المعراج قال تعالى لحبيبه المصطفى (صلى الله عليه وآله): «يا أحمد! استعمل عقلك قبل أن يذهب فمن استعمل عقله لا يخطئ ولا يطغى»(40).
وقال الإمام الجواد (عليه السلام): «الرأي مع الأناة، وبئس الظهير الرأي الفطير»(41)(42).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «إنما يهلك الناس لأنهم لايسألون»(43).
وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ»(44).
النضج وعواقب الأمور
قال الإمام الباقر (عليه السلام): «قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته فإن يك خيراً أو رشداً اتبعته وإن يك شرا أو غياً تركته»(45).
وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسين (عليه السلام): «من تورط في الأمور بغير نظر في العواقب فقد تعرض للنوائب، التدبير قبل العمل يؤمنك الندم»(46).
وقال (عليه السلام): «الفكر في العواقب ينجي من المعاطب»(47).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «قف عند كل أمر حتى تعرف مدخله من مخرجه قبل أن تقع فيه فتندم»(48).
وفي ما أوصى آدم (عليه السلام) إلى ابنه شيث: «إذا عزمتم على أمر فانظروا إلى عواقبه فإني لو نظرت في عاقبة أمري لم يصبني ما أصابني»(49).
المؤمن وقور
قال الإمام الصادق (عليه السلام): «أحسن زينة الرجل السكينة مع الإيمان»(50).
عن الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): أي الخصال بالمرء أجمل؟ فقال: «وقار بلا مهابة، وسماح بلا طلب مكافأة، وتشاغل بغير متاع الدنيا»(51).
نور المؤمن في القيامة
قال الإمام السجاد (عليه السلام) في الدعاء: «اللّهم وما أجريت علي ألسنتنا من نور البيان وإيضاح البرهان فاجعله نوراً لنا في قبورنا ومبعثنا ومحيانا ومماتنا»(52).
النضج والتعلم في الشباب
قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «من تعلم العلم في شبابه كان بمنزلة النقش في الحجر ومن تعلمه وهو كبير كان بمنزلة الكتاب على وجه الماء»(53).
وقال الإمام الباقر (عليه السلام): «لو أتيت بشاب من شبّاب الشيعة لا يتفقه لأدبته».
وفي حديث قال (عليه السلام): «لأوجعته»(54).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «لست أحب أن أرى الشاب منكم إلّا غادياً في حالين: إما عالماً أو متعلما،ً فإن لم يفعل فرط، فإن فرط ضيع، وإن ضيع أثم، وإن أثم سكن النار، والذي بعث محمداً (صلى الله عليه وآله) بالحق»(55).
اضف تعليق