q
كل الحكومات السابقة تحدثت عن تنمية القطاع الخاص، لكن أغلب المسؤولين فيها تحكمهم العقلية الاشــتــراكــيــة، وحـالـة الـكـراهـيـة والـتـخـويـن للقطاع الـــخـــاص، فــضــلا عــن حــالات الابـــتـــزاز الــتــي يــتــعــرض لها المستثمرون المحليون والأجانب، حتى بات هؤلاء يسخرون من أي حديث وتصريحات عن الاستثمار في العراق...

كل الدراسات تؤكد أن عدد نفوس العراق سيبلغ 50 مليون نسمة في العام 2030. هــذا يعني تـفـاقـم أزمــــات كل القطاعات، الصحية، والتعليمية، والمعيشية، والسكنية. في كل عام يتخرج من الجامعات والمعاهد ما يقرب من 200 ألف شخص سينضمون إلــى ساحة العاطلين عن العمل. أقــول: ستتفاقم هــذه الازمــات، لأنني أرى، ووفــق الـواقـع الـذي نعيشه، غياب التخطيط ووضع الــبــرامــج لمـعـالـجـة الأزمــــات الحالية، فضلا عن وضع الخطط المستقبلية للحيلولة دون تفاقمها.

الـعـقـلـيـة الــتــي تـحـكـم عـقـول السياسيين غير مفهومة. لا هـي اشتراكية بحيث تتولى الحكومة تنفيذ خطط مركزية وتوفير الخدمات مباشرة، ولا هي عقلية السوق، بحيث تركن إلــى القطاع الـخـاص وتدعمه، لكي يقوم بدوره في بناء الاقتصاد ومعالجة الأزمات.

وإن أرادت الحكومة المعالجة فإنها تلجأ إلـى المعالجات الشعبوية، التي تفاقم الأزمات بدل حلها، خـذوا مثلا أزمـة السكن: أقصى ما تعد به الحكومات المتعاقبة هوٍ توزيع أراض سكنية، وإن بالغت فـي كرمها فإنها تعد بقروض سكنية لا تكفي لبناء غرفتين، خصوصا اذا ما أخذنا بالاعتبار الرشوة المستقطعة من موظفي البنك والعمولات المدفوعة لقاء دفع معاملة القرض في كل مرحلة.

أيضا لنأخذ بالاعتبار مشكلة الأيدي العاملة غير المنتجة، والتي تجعل كلفة البناء مضاعفة، لو افترضنا أن كل ذلك تم، فأن ناتج توزيع الأراضي لن يكون سوى عشوائيات جديدة تضاف إلى العشوائيات الحالية المتوسعة يوما بعد آخر.

مناطق بلا خدمات ولا مواصلات، وبناء عشوائي وبسيط بقدر ما يتوفر من سيولة. الحل هو في توفير التسهيلات للقطاع الخاص لبناء مجمعات سكنية تباع بالتقسيط وبمراقبة حكومية للأسعار. إلى جانب مبادرة الحكومة بنفسها إلى بناء مجمعات سكنية واطئة الكلفة لــذوي الـدخـل المـحـدود، واستيفاء ثمنها بالتقسيط المريح.

يمكن للحكومة تشغيل شركاتها العريقة فـي الإعــمــار والمعطلة حاليا، مشكلة عبئا على الخزينة كـمـا يـمـكـن إحـالـتـهـا لمـقـاولـين عراقيين شــرط الأشـــراف على المواصفات. الأثمان تسدد من قروض مصرفية تتولى الحكومة دفع فوائدها.

كان هذا مشروع المرحوم الدكتور أحــمــد الـجـلـبـي الــــذي قـدمـه ّذ منذ للحكومات المتعاقبة، ولو نف ذاك الوقت لكنا قطعنا شوطاً كبيرا في حل مشكلة السكن. أمـا مشكلة البطالة المتفاقمة، فالحل لا يكون بتعيين المزيد من الخريجين، لينظموا إلى جيوش العاطلين عن العمل الحقيقي في دوائر الدولة ومؤسساتها.

الـحـل يكمن فــي إيــجــاد فرص عمل حقيقي منتج، مـن خلال تنمية القطاع الـخـاص ودعمه بالتسهيلات وضمان الأمن ووقف الابتزاز، الذي يتعرض له، وهي عقبات قتلت القطاع الخاص ودفعت بـالأمـوال إلـى العواصم الأخرى.

كل الحكومات السابقة تحدثت عن تنمية القطاع الخاص، لكن أغلب المسؤولين فيها تحكمهم العقلية الاشــتــراكــيــة، وحـالـة الـكـراهـيـة والـتـخـويـن للقطاع الـــخـــاص، فــضــلا عــن حــالات الابـــتـــزاز الــتــي يــتــعــرض لها المستثمرون المحليون والأجانب، حتى بات هؤلاء يسخرون من أي حديث وتصريحات عن الاستثمار في العراق.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق