أي ضمير بشري يبرر ما تعرضه مشاهد موثقة بالصوت والصورة لإرهابي دخل على عائلة، وهي على مائدة الإفطار ليفتح النار ويقتلهم جميعا يقوم بتصوير ذلك وهو يحمد الله على جريمته، ثم يقول بأن هؤلاء من فلول النظام، أو بنات تم قتل والدهن المسنّ وهو متقاعد مدني، وبقيت جثته بينهن لأيام وهن خائفات لا يدرين ماذا يفعلن؟...
لا نستغرب ما نشاهده من ذبح طائفي في سوريا. عانينا من هذا التوحش طويلا، من قبل المجموعات التي تقوم بالذبح الطائفي الآن، وبالدوافع الطائفية نفسها، والضحايا هم من الهوية ذاتها التي تعرضت للذبح في العراق. لم يمرّ سوى ثلاثة أشهر على بدء سيناريو التحضّر والمدنية المصطنعة حتى سقط القناع وعاد الشرع إلى الجولاني الذبّاح، الذي تدرّب ومعه حكومته على الوحشية، في العراق في سنوات شبابهم المبكرة.
ما كان لعاقل أن يصدق أن من بدأ شبابه بالتطرف والتكفير والذبح ومارسها طوال سنين أن يتحول فجأة إلى مدني متحضر ذي عقلية منفتحة متسامحة.
هو لا يمارس القتل بنفسه الان، بل يشرف عليه ويحمي القتلة، مرة بالادعاء أنها حالات فردية وأخرى باعتقال القتلة ثم اطلاق سراحهم، وهم في الغالب أجانب وليسوا سوريين، جاؤوا من الشيشان وباقي دول القوقاز، فضلا عن دول عربية ليفرغوا احقادهم الطائفية ويمارسوا وحشية غذتهم بها مدارس التكفير والقتل الأموي، التي تحولت إلى أداة بيد أجهزة مخابرات دولية. وعندما يحتج الضحايا يرسل لهم قواته والتهمة جاهزة: فلول نظام الأسد ومثيرو الشغب. كل ذنب الضحايا هو أنهم من طائفة تدين بالولاء لمن ناصبه معاوية العداء وانقلب عليه وأمر بسبّه على المنابر، رغم انه كان أحد الخلفاء الأربعة بعد رسول الله. القتلة من اتباع معاوية الخلّص يتصرفون اليوم بالحقد الأموي ذاته على آل البيت. تهمة الضحايا الأخرى ان العائلة الحاكمة الظالمة لعشرات السنين في سوريا تنتمي إلى هذه الطائفة أو انتسبت اليها كما في رواية متداولة.
لا تقولوا لنا انه شأن داخلي سوري ولا يمكن الخوض فيه. سوريا بلد مجاور وبيننا وشائج وتأثير متبادل، والتكفيريون الحاكمون الجدد ومعهم ميليشياتهم القوقازية المنفلتة لا تهدد السوريين فقط، بل يصل تهديدها إلى دول الجوار والعراق منها. المضحك أن من بين من ينكرون على العراقي التطرق إلى الوضع السوري، عراقيون هللوا وكبروا لوصول الذباحين إلى الحكم السوري، بل وبينهم ما زار وهنّأ وقدم عشرات ملايين الدولارات مساعدة لهم من مال حرام جمعه باسم أهله الموزعين بين مخيمات اللاجئين حتى اليوم وعلى يد المجموعات التكفيرية ذاتها. لا يكتفى هؤلاء بالصمت أمام هذه المجازر الطائفية في سوريا اليوم، بل يغردون ويصرحون متهمين الضحايا بالتهم ذاتها، التي يروجها الحكم الجديد والقنوات العربية السيئة، التي طالما وصفت الإرهابيين من قتلة العراقيين بالمجاهدين والثوار.
كثير من هؤلاء كان قد رحب بالقتلة عندما توافدوا على الأرض العراقية، وبينهم حكام سوريا الجدد، ومارسوا القتل الطائفي في بلد لا علاقة لهم به.
الملفت للنظر أن مثقفين سوريين من العلمانيين يدعمون الذبح الطائفي الجاري، ويصفون الضحايا بأقذع الألفاظ؟ إنها الطائفية القذرة التي تنخر العقول، ولا تختص باتباع عقائد دينية فاسدة بل تشمل حتى المعادين للدين.
أي ضمير بشري يبرر ما تعرضه مشاهد موثقة بالصوت والصورة لإرهابي دخل على عائلة، وهي على مائدة الإفطار ليفتح النار ويقتلهم جميعا يقوم بتصوير ذلك وهو يحمد الله على جريمته، ثم يقول بأن هؤلاء من فلول النظام، أو بنات تم قتل والدهن المسنّ وهو متقاعد مدني، وبقيت جثته بينهن لأيام وهن خائفات لا يدرين ماذا يفعلن؟. أي ضمير يملكه من يبرر ذلك. كل هذه المشاهد المروعة تجري ويخرج علينا علمانيون سوريون من الداخل والخارج داعمين القتل ومبررين له.
ما يحدث هو استبدال نظام مجرم سفاح بآخر لا يقل عنه اجراماً وبطشاً. الفرق إن الاجرام السابق كان محل ادانة من دول عربية وأجنبية، فيما الإجرام الحالي يحظى بتأييد وتبرير هذه الأطراف واعلامها والأسباب دائما طائفية- سياسية مزدوجة.
اضف تعليق