الازمة السورية ربما ستشهد في الفترة المقبلة تصعيد كبير وخطير بسبب التدخلات الخارجية، فعبد الانجازات العسكرية المهمة التي تحققها الجيش السوري بدعم مباشر من بعض الحلفاء، عمدت وبحسب بعض المراقبين دول منافسة داعمة للجماعات المسلحة التي خسرت المعركة، الى اعتماد ضغوط خطط جديدة في سبيل اضعاف الحكومة السورية من جديد لأجل تحقيق مصالحها، وهو ما قد يسهم بخلق صراع خطير في المنطقة...
الازمة السورية ربما ستشهد في الفترة المقبلة تصعيد كبير وخطير بسبب التدخلات الخارجية، فعبد الانجازات العسكرية المهمة التي تحققها الجيش السوري بدعم مباشر من بعض الحلفاء، عمدت وبحسب بعض المراقبين دول منافسة داعمة للجماعات المسلحة التي خسرت المعركة، الى اعتماد ضغوط خطط جديدة في سبيل اضعاف الحكومة السورية من جديد لأجل تحقيق مصالحها، وهو ما قد يسهم بخلق صراع خطير في المنطقة خصوصا مع وجود دول واطراف قوية. وحمل الرئيس السوري بشار الاسد، ست دول مسؤولية الحرب في بلاده، فيما اشار الى ان "سوريا تحارب الإرهابيين" الذين هم "جيوش تركيا وأمريكا والسعودية".
وقال الأسد في حديث لصحيفة "كاثيمرني" اليونانية ، إن "فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة إضافة إلى السعودية وقطر وتركيا يتحملون مسؤولية الحرب في سوريا من خلال دعمهم للإرهابيين". في معرض تعليقه على تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن "المهمة أنجزت في سوريا"، اعتبر الأسد أن "المهمة الوحيدة التي أنجزت هي عندما ساعدوا "داعش" على الهرب من الرقة، فقد هرب قادة "داعش" من الرقة بمساعدتهم وتحت غطائهم، وذهبوا إلى دير الزور لمحاربة الجيش السوري".
وأضاف: "كلنا نعرف وبوضوح تام أن المهمة الوحيدة التي كانت الولايات المتحدة تقوم بها في سوريا هي دعم الإرهابيين بصرف النظر عن أسمائهم وعن مسميات فصائلهم". وردا على مخاوف البعض من دور "أكبر مما ينبغي" لموسكو وطهران في سوريا بعد انتهاء الحرب، أكد الأسد أن "إيران وروسيا هما من أكثر الدول التي تحترم سيادة سوريا"، مضيفا: "من غير المنطقي أن تشارك في حرب لمساعدة سوريا في الدفاع عن سيادتها، وبالوقت نفسه تقوم بخرق هذه السيادة أو التدخل بها". وقلل الأسد من احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة تبدأ في سوريا، وعزا ذلك لوجود "قيادة حكيمة في روسيا" تمكنت من تجنب الوقوع في فخ الصراعات التي تحاول "الدولة العميقة في الولايات المتحدة" خلقها وتوريط روسيا فيها من أجل "إذلالها وتقويضها".
وقال الأسد إنها "قد لا تكون حربا عالمية ثالثة مكتملة الأركان، لكنها حرب عالمية، ربما بطريقة مختلفة، ليست كالحربين الأولى والثانية، قد لا تكون حربا نووية، لكنها بالتأكيد ليست حربا باردة، إنها أكثر من حرب باردة وأقل من حرب مكتملة الأركان"، معربا عن أمله في "ألا نرى أي صدام مباشر بين القوى العظمى، لأنه عندها ستخرج الأمور عن نطاق السيطرة".
البحر المتوسط
وفي هذا الشأن قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن سفنا عسكرية روسية مزودة بصواريخ كاليبر الموجهة ستكون في حالة تأهب دائم في البحر المتوسط للتصدي لما وصفه بالتهديد الإرهابي في سوريا. ويظهر نشر الصواريخ كيف تعزز روسيا وجودها العسكري في الشرق الأوسط منذ تدخلها في سوريا في 2015 لتقلب موازين الحرب الأهلية لصالح حليفها الرئيس بشار الأسد.
وأطلقت روسيا من قبل صواريخ كاليبر من فرقاطات وغواصات متمركزة في البحر المتوسط على أهداف لمسلحين لدعم هجمات شنها الجيش السوري. وقال بوتين إن السفن الحربية المسلحة بصواريخ كاليبر ستكون وحدها في حالة تأهب دائم، وليس الغواصات. وأعلن بوتين عن نشر السفن المزودة بالصواريخ في كلمة أمام القيادة العسكرية العليا خلال اجتماع في مدينة سوتشي المطلة على البحر الأسود. وقال إن نشر السفن جاء نتيجة ”التهديد الإرهابي الذي لا يزال قائما في سوريا“. بحسب رويترز.
وتملك روسيا بالفعل قاعدة بحرية دائمة في طرطوس على الساحل السوري، وقاعدة جوية في حميميم بسوريا. وألمحت روسيا في وقت سابق إلى أنها ستزود الأسد أيضا بصواريخ أرض جو متطورة من طراز إس-300 رغم اعتراضات إسرائيل التي تضغط بقوة على روسيا حتى لا تتخذ هذه الخطوة. وبعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لموسكو، بدا أن روسيا تراجعت عن موقفها، إذ قالت إنها لا تجري محادثات مع سوريا بشأن إمدادها بالصواريخ، ولا تعتقد أنها ضرورية. ونفى الكرملين أن يكون تراجعه عن مسألة الصواريخ أو أن يكون أي قرار له مرتبطا بزيارة نتنياهو.
استعادة نصف أراضي
على صعيد متصل أورد تقرير لمركز "جاينز آي إتش إس ماركيت" أن الضربات الجوية ضد الفصائل المعارضة في سوريا ازدادت بنسبة 150% منذ التدخل الروسي في أيلول/سبتمبر 2015 وأتاحت للنظام استعادة السيطرة على نصف أراضي البلاد، مشيرا إلى أن 14% فقط منها استهدف تنظيم داعش. وبحسب تحليل مركز جاينز حول الإرهاب والتمرد، فإن النظام السوري ضاعف ثلاث مرات المساحات التي يسيطر عليها لترتفع من 16% من البلاد في منتصف أيلول/سبتمبر 2015 إلى 47% في نهاية آذار/مارس 2018.
وأشار التقرير إلى أن التدخل الروسي لم يضمن بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد فحسب، بل قلب مسار النزاع بصورة حاسمة في وجه مجموعة واسعة من القوى المعارضة في البلاد. وكتب مدير المركز ماثيو هينمان أن "التدخل الروسي أعطى النظام السوري المساحة والوقت الضروريين لتركيز قواه على المواقع الاستراتيجية واستخدام قوته بشكل مكثف لاستعادة أراض يسيطر عليها" المعارضون. وتابع أن "المعطيات التي تم جمعها تكشف دور الضربات الجوية في هذه الاستراتيجية، في وجه قوى معارضة غير قادرة على الدفاع عن نفسها بل حتى على الرد على التهديد الذي تطرحه السيطرة الجوية".
ولفت التقرير إلى أن النظام السوري استعاد مناطق واسعة من وسط البلاد، وضمن أمن مدن حيوية ومواقع استراتيجية أساسية مثل حلب وحماة وحمص ودير الزور قرب الحدود العراقية، كما أنه أمن الحدود مع لبنان وحد بشكل كبير من الخطر على دمشق واحتوى الفصائل الإسلامية في محافظة إدلب. وبحسب التقرير، فإن الضربات الجوية الروسية والسورية ازدادت بين أيلول/سبتمبر 2015 ونهاية آذار/مارس 2018، إي خلال سنتين ونصف سنة من التدخل العسكري الروسي، إلى 6833 ضربة، بالمقارنة مع 2735 ضربة خلال فترة السنتين والنصف سنة السابقة. كما أن حصيلة القتلى المدنيين سجلت تراجعا محدودا من 6899 إلى 6254 قتيلا خلال هاتين الفترتين نتيجة دقة أكبر في الاستهداف، وفق التقرير. بحسب فرانس برس.
ومن أصل هذه الضربات، استهدفت 960 فقط أي 14% منها تنظيم داعش، في حين أكدت موسكو أن تدخلها يستهدف هذا التنظيم والحركات الإسلامية المتطرفة الأخرى. وركز القسم الأكبر من الضربات على فصائل معارضة أخرى، وفق ما كشفته الدراسة الجغرافية، فاستهدف ثلثا الغارات محافظات حلب وإدلب وريف دمشق وتركزت على مناطق حيث حضور عملاني ضعيف لتنظيم داعش، علما بان هذه المحافظات الثلاث كانت هدفا لثلثي الغارات الجوية تقريبا قبل التدخل الروسي.
سحب جميع القوات الاجنبية
في السياق ذاته قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه نظيره السوري الرئيس بشار الاسد في سوتشي، جنوب روسيا، انه لا بد من سحب "جميع القوات الاجنبية" من سوريا مع تفعيل العملية السياسية. واوضح بوتين حسب ما نقلت عنه وكالة الانباء السورية الرسمية "نؤكد أنه مع تحقيق الانتصارات الكبرى والنجاحات الملحوظة من قبل الجيش العربي السوري في الحرب على الإرهاب ومع تفعيل العملية السياسية لا بد من سحب كل القوات الأجنبية من أراضي" سوريا.
واعتبر ان "إعادة الاستقرار في البلاد يوفر الظروف المواتية لمتابعة العملية السياسية". واضاف بوتين "بهذا الصدد أكد الرئيس الأسد أنه سيرسل لائحة بأسماء المرشحين لعضوية لجنة مناقشة الدستور في أقرب وقت ممكن إلى الأمم المتحدة". وتابع ان "روسيا رحبت بهذا القرار وتدعمه كل الدعم وذلك في ضوء الاتفاقات التي خرج بها مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد قبل أشهر في سوتشي".
من جهته، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين "اليوم، أجرى الرئيس بوتين محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد الذي توجه الى سوتشي في زيارة عمل". وقد التقيا للمرة الاخيرة في 11 كانون الاول/ديسمبر في قاعدة حميميم الروسية في سوريا عندما أمر بوتين بانسحاب جزئي للوحدات العسكرية الروسية المنتشرة في هذا البلد. وكان الرئيسان التقيا قبل ذلك اواخر تشرين الثاني/نوفمبر في سوتشي ايضا.
وفقا للكرملين، هنأ بوتين الرئيس السوري على "نجاحات جيش الحكومة السورية في مكافحة الجماعات الإرهابية" وشدد على "ضرورة تهيئة ظروف جديدة لاستئناف العملية السياسية على نطاق واسع". وقال "بفضل هذه النجاحات العسكرية تم خلق ظروف إضافية مناسبة لاستئناف مسار العملية السياسية الكاملة وقد تم إحراز تقدم كبير في إطار عملية أستانا كما تم إحراز تقدم واضح أثناء مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي".
من جهته، قال الاسد ان "مساحة الإرهابيين في سوريا أصبحت أصغر بكثير (...) وهذا يعني المزيد من الاستقرار وهذا الاستقرار هو باب واسع للعملية السياسية التي بدأت منذ سنوات". واضاف "لدينا الكثير من الحماسة لهذه العملية لأنها ضرورية بالتوازي مع مكافحة الإرهاب ونعرف بأن هذا الموضوع لن يكون سهلا لأن هناك دولا في العالم كما تعلمون لا ترغب بأن ترى هذا الاستقرار كاملا في سوريا". بحسب فرانس برس.
واعتبر الاسد ان اللقاء "فرصة لوضع رؤية مشتركة للمرحلة القادمة بالنسبة لمحادثات السلام سواء في أستانا أو سوتشي" دون ان ياتي على ذكر محادثات جنيف. وكانت روسيا تدخلت في سوريا في 30 ايلول/سبتمبر 2015 ، ما سمح للجيش الحكومي باستعادة معظم الاراضي.
تفاقم الازمة الانسانية
الى جانب ذلك قال مقرر خاص لدى مجلس حقوق الانسان للامم المتحدة في جنيف ان العقوبات الدولية المفروضة على سوريا "تفاقم الازمة الانسانية" في هذا البلد الذي يشهد نزاعا مدمرا منذ العام 2011. وبعد بدء الحرب في سوريا، اقرت القوى الغربية عقوبات اقتصادية بهدف اضعاف نظام الرئيس بشار الأسد مستهدفة خصوصا قطاعي المصارف والنفط.
وقال ادريس الجزائري، المقرر الخاص، في بيان ان "النتائج غير المقصودة للعقوبات الأحادية على الجمهورية العربية السورية حالت دون الاستجابة إلى الحاجات الإنسانية الملحّة للشعب". وتابع "لا اريد أنْ أقلّل من أهمية الدور الذي يلعبه النزاع في التّسبّب بهذا الوضع الفظيع (...) لكني أؤكّد أنّ الإجراءات القسرية لم تسهم إلاّ في مفاقمة الوضع".
واشار الجزائري الى ان "الاخطر من ذلك، هو عدم الوضوح في الاستثناءات الإنسانية ما افضى إلى امتناع البنوك غير الراغبة بالمجازفة وشركات التأمين والشحن ومورّدي المنتجات الإنسانية عن التعامل مع أي فردٍ له صلةُ بسوريا". واضاف "انا متخوّفٌ جداً من طريقة تنفيذ العقوبات. انها لا تسمح للجهات الإنسانية بالوصول إلى الاستثناءات الإنسانية التي تُعتَبر متاحةً بموجب الإجراءات القسرية الأحادية المطبّقة على سوريا".
وقال "تتمثّل الحاجة الأكثر إلحاحاً في كل قطاعات المجتمع السوري بالحصول على قطع الغيار للحفاظ على استمرارية كلٍّ من المعدات الطبية وإمدادات الطاقة والمياه والجرارات وسيارات الإسعاف والحافلات والمعامل". واوضح المقرر الخاص "لقد ألحقت الأضرار الاقتصادية أثراً مباشراً لا يميّز بين الأفراد وطالَ حتى أكثرهم ضعفا". بحسب فرانس برس.
واكد ان الازمة "اضرت بالاقتصاد، وانخفض إجمالي الناتج المحلي إلى الثلثين وأصبح نصف السوريين في سنّ العمل عاطلين عن العمل كما انخفضت قيمة العملة إلى عُشرِ ما كانت عليه عام 2010". واشار الى "ارتفاع تكلفة الغذاء ثمانية أضعاف منذ بداية الازمة، ما يؤدي الى معاناة حوالي ثلث السوريين نتيجة انعدام الامن الغذائي". واضاف الجزائري ان "الاثر المثبّط الناتج عن المبالغة في الالتزام بالعقوبات يجبر الجهات الإنسانية والاقتصادية على البحث عن آليات تسديدٍ غير رسميّةٍ، ما يؤدي إلى زيادة التكاليف والتأخير وانخفاض مستوى الشفافية وفي بعض الحالات يمنع الشركات من الاستمرار". واشار البيان الى ان المقرر الخاص سيقدّم تقريراً شاملاً حول استنتاجاته وتوصياته الى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2018.
اضف تعليق