أي عظمة حملها هذا العملاق والثائر العظيم حتى أبكى جميع المخلوقات واحزن القلوب العارفة، عظمة أختص بها سيد الشهداء من خالقة الذي فضله وأحبه حتى اعز وقيمة تلك الدموع النازلة من أعين العارفين فجعل ثوابها عظيما وبها ومن خلالها يميز المؤمن العارف. وقد ورد فضل البكاء على الحسين...
أي عظمة حملها هذا العملاق والثائر العظيم حتى أبكى جميع المخلوقات واحزن القلوب العارفة، عظمة أختص بها سيد الشهداء من خالقة الذي فضله وأحبه حتى اعز وقيمة تلك الدموع النازلة من أعين العارفين فجعل ثوابها عظيما وبها ومن خلالها يميز المؤمن العارف.
وقد ورد فضل البكاء على الحسين (ع) في أحديث النبي الاعظم (ص) وأهل بيته (ع) والتي جمعنا بعضها لنتعرف من خلالها على عظمة الدموع في كربلاء..
فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: كل عين باكية يوم القيامة إلاّ عيناً بكت على مصاب الحسين، فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة.
وعن الإمام الصادق (ع) عن آبائه قال: قال أبي عبد الله الحسين: أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا استعبر.
وعن الإمام علي بن موسى الرضا (ع): إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا بأرض كرب والبلاء، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فلبيك الباكون، فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام.
وفي ما ورد أن البكاء على الحسين(ع) يُعزي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين عليها السلام، كما في خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) في حديث: يا أبا بصير، إن فاطمة عليها السلام لتبكيه وتشهق إلى أن قال يا أبا بصير، أما تحب أن تكون فيمن يُسعد فاطمة عليها السلام، فبكيت حين قالها، فما قدرت على المنطق، وما قدرت على كلامي من البكاء.
وعن مسمع بن عبد الملك انه قال، قال لي أبو عبد الله (ع) في حديث: رحم الله دمعتك، أما إنك من الذين يُعدون من أهل الجزع لنا، والذين يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا.
وقد نقل الشيخ الصدوق في (أماليه في صفحة رقم: 131)، قال: (حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: قال الرضا (ع): من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.
وعن الرضا (عليه السلام) ايضاً: على مثل الحسين فليبك الباكون، فإنّ البكاء عليه يحط الذنوب العظام.
وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: من ذُكرنا عنده ففاضت عيناه حرّم الله وجهه على النار، لكل شيء ثواب إلاّ الدمعة فينا.
وعن ريان بن شبيب عن الإمام الرضا عليه السلام في حديث: يا بن شبيب، إن كنت باكياً لشيء فابك الحسين بن علي عليه السلام، فإنه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً، ما لهم في الأرض شبيهون، ولقد بكت السموات السبع والارضون لقتله إلى أن قال: يا بن شبيب، إن بكيت على الحسين عليه السلام حتـّى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته، صغيراً كان أو كبيراً، قليلاً كان أو كثيراً.
يا بن شبيب ان سَرّكَ ان تلقى الله عز وجل ولا ذنب عليك فزُر الحسين (عليه السلام)، يا بن شبيب ان سَرّكَ ان تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي (صلى الله عليه وآله) فالعن قتلة الحسين عليه السلام.
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السلام، حتـّى تسيل على خديه، بوّأه الله بها غرفاً يسكنها أحقاباً، وأيما مؤمنٍ دمعت عيناه حتـّى تسيل على خده فيما مسنا من أذى من عدونا في الدنيا بوّأه الله مبوّأ صدق.
وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: قال الحسين بن علي (عليه السلام): أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلا بكى وفي رواية أُخرى: أنا تقيل العبرة قتلت مكروبا.
أوضح ذلك الإمام الصادق عليه السلام حيث قال: البكاءون خمسة: آدم، ويعقوب، ويوسف، وفاطمة الزهراء بنت النبي الأعظم صلى الله عليه وآله)، وعلي بن الحسين (عليهم السلام). فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الأودية.
وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره، وحتى قيل له (تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى. تكون حرضا أو تكون من الهالكين وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن فقالوا: إما أن تبكي بالنهار وتسكت بالليل، وإما أنا تبكي بالليل وتسكت بالنهار، فصالحهم على واحد منهما.
وأما الزهراء عليها السلام، فبكت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى تأذى بها أهل المدينة، وقالوا لها: قد آذيتِنا بكثرة بكائك، فكانت تخرج إلى المقابر مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف.
وأما الإمام علي بن الحسين فبكى على أبيه الحسين (عليهما السلام) عشرين سنة أو أربعين سنة، وما وضع بين يديه طعام إلا بكى، حتى قال له مولى له: جعلت فداك يا بن رسول الله، إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين! قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، وأعلم من الله مالا تعلمون إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عبرة.
اضف تعليق