لابد للصائم من ترك محرمات اللسان من الكذب والتهمة والنميمة وايذاء الاخرين باللسان، فحفظ اللسان عن المحرمات وبل المكروهات مهم، وكذلك السمع والبصر، والجوارح. حفظ الجوارح عن المحرمات والامتناع عن المكروهات، يجعل الصوم صوماً ذا مرتبة رفيعة، وهذا الامر قد يكون صعباً في بدايته...
- ورد في الروايات الشريفة الحث على قراءة هذا الدعاء في أول ليلة من شهر رمضان: «وَاعِنّا عَلى مَا افْتَرَضْتَ عَلَیْنا مِنَ الْعَمَلِ، حَتّى یَنْقَضِيَ عَنّا شَهْرُك هذا، وَقَدْ ادَّیْنا مَفْرُوضَك فیهِ عَلَیْنا».
- الإنسان مزيج من العقل والشهوات ويمكنه معرفة الحسن من القبيح والصحيح من الغلط بعقله غالبا، ولكن النفس الإمارة والشهوات تمنعانه من أتباع الحسن، فلابد من عزم وإرادة ونية قوية لمتابعة الخير والصلاح.
- الفرائض في شهر رمضان عديدة، جزء منها الصيام والصلاة، وهناك على ذمة كل إنسان واجبات تجاه المجتمع والملازمين والأسرة والآخرين.
والعمل بجميعها يحتاج إلى عون ومدد إلهي. حتى يوفق الإنسان لتأدية الواجبات وترك المحرمات.
- ورد في الدعاء الشريف: «وَاعِنّا عَلى مَا افْتَرَضْتَ عَلَیْنا مِنَ العمل».
لابد من الاستعانة بالله عز وجل لأداء ما فرض الله علينا. وقبل ذلك نحتاج إلى عزم وإرادة لامتثال الفرائض. كما ورد في الحديث: «وواعظ من نفسه».
لابد أن يكون في داخل الإنسان واعظ يعظه لاتباع ما اقتنع به من الخيرات، ويعزم على ذلك، فلو لا العزم يضعف الإنسان عن توفيق الإتيان بالخيرات.
- لابد أولا من معرفة ما فرضه الله علينا والعزم على امتثال ذلك. ونستعين بالله عزّ وجل لتوفيق أداء ما فرضه الله علينا.
الانسان الضعيف يحتاج إلى معين لتحقق مقاصده، وهذا بعد العزم على ذلك، فالاستعانة بالله لابد أن تكون بعد العزم والإرادة.
- لابد أن نعلم أن بعض الأفعال توجب حبط اجر الصوم والتنقيص من ثوابه، فعلى الإنسان أن يعرف المفطرات التي تقلل من ثواب الصوم ويتجنبها.
ورد في الرواية أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله سمع امْرَأَةً تَسُبُّ جَارِيَةً لَهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله بِطَعَامٍ، فَقَالَ لَهَا: "كُلِي"!
فَقَالَتْ: إِنِّي صَائِمَةٌ!!
فَقَالَ: "كَيْفَ تَكُونِينَ صَائِمَةً وَقَدْ سَبَبْتِ جَارِيَتَكِ؟! إِنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ".
سب الجارية ينافي القبول ويهدم اجر الصوم.
- هذه الليلة وهي أول ليلة من شهر رمضان ليلة العزم على الالتزام بإتيان الواجبات وترك المحرمات.
إذا عزم الإنسان عزما قويا فسوف يوفق أن يأتي بالفرائض العديدة التي فرضها الله عليه.
ولكن بدون العزم لا يوفق إلا لقليل منها.
- الأدعية المأثورة والأذكار والزيارات الواردة لشهر رمضان مفاتيح كنوز السعادة الدنيوية والاخروية، فلابد ان يستعين الإنسان بالله لتوفيق أداءها.
«وَاعِنّا عَلى مَا افْتَرَضْتَ عَلَیْنا مِنَ الْعَمَلِ، حَتّى يَنقَضي عَنّا شَهْرُك هذا، وَقَدْ ادَّیْنا مَفْرُوضَك فیهِ عَلَیْنا».
- بعض الامور توجب بطلان الصوم، واذا كان واجباً توجب قضاءه، وهي المفطرات العشرة التي ذكرها الفقهاء في كتبهم، وهناك مراتب لقبول الصوم، وتسجيل ثوابه، والقبول يحتاج الى ترك كل المحرمات حتى غير المفطرات العشرة.
- ارتكاب المحرمات يوجب حبط ثواب الصوم، لان الله يتقبل من المتقين، (انما يتقبل الله من المتقين) قد يأتي الانسان في حال صومه بحرام، وان لم يكن مفطراً ولكنه يوجب حبط ثواب صومه اذا لم يتب، ويمنعه عن القبول، وهناك مراتب عالية من الصيام، لا يحصل الانسان عليها الا بترك المحرمات والمكروهات.
- الحصول على الدرجة العالية من الصوم متوقف على ترك كل المحرمات والمكروهات، ولابد أولاً من العلم بما حرمه الله وبما يكرهه، ومن ثم يمكن تركها.
- قد ورد في رواية عن مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله علیها: ما یصنع الصائم بصیامه اذا لم یصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه.
ما ينفع الصيام اذا لم يصن الصائم لسانه وسمعه وبصره وجوارحه، فلابد من السعي لصون جميع الأعضاء والجوارح ايضاً.
- لابد للصائم من ترك محرمات اللسان من الكذب والتهمة والنميمة وايذاء الاخرين باللسان، فحفظ اللسان عن المحرمات وبل المكروهات مهم، وكذلك السمع والبصر، والجوارح.
- حفظ الجوارح عن المحرمات والامتناع عن المكروهات، يجعل الصوم صوماً ذا مرتبة رفيعة، وهذا الامر قد يكون صعباً في بدايته، ولكن عندما ينتهي شهر رمضان، يحصل الانسان على درجة عالية ومرتبة رفيعة، ويُنجيه عن الحزن في الآخرة.
- ويجب على اليد ترك ما حرم عليها، من السرقة، والظلم بالآخرين، والتعدي، ورد في الرواية: إن امرأة كانت تطوف وخلفها شاب فمد يده حتى وضعها على ذراع المرأة، فأثبت الله يد الرجل في ذراعها، واتوا بهما الى الامام الحسين عليه السلام، فاستقبل الكعبة ورفع يديه ودعا، حتى خلص يده من يدها.
وقد يحصل مثل هذا الأمر احياناً، وذلك لمصلحة تنبيه الناس إلى ترتب العقاب على المحرمات.
- الدنيا دار الابتلاء والامتحان، ولا يحصل مثل هذه العقوبات الدنيوية على ارتكاب المحرمات غالباً، وان كان كذلك، لترك جميع الناس المحرمات، ولكن الله يريد ان يمتحن الانسان، حتى يترك المحرمات باختياره.
- فليلاحظ الانسان في ايام الصيام إلى افعاله، ويسعى لأن تكون اعضاءه وجوارحه مصونة عن المحرمات ويحاول ترك المكروهات بما يمكنه، حتى يحظى في يوم القيامة على الدرجات الرفیعة، فإن الدرجات مختلفة، ويتحسر الذين لم يحصلوا على الدرجات العالية على ما فاتهم.
- ورد في الحديث: إن الله سائلكم عن أعمالكم حتى عن مس أحدكم ثوب أخيه بين إصبعيه.
فبهذا المقدار من التصرف في مال الأخرين، وان لم يكن محرماً ولكن مسؤول عنه يوم القيامة، لا يحل لشخص ان يتصرف في مال اخيه الا برضاه. الاسلام دين سمح، ولكنه دقيق في الامور الاجتماعية وغيرها، فمادام الانسان يصوم في شهر رمضان فليعزم على ترك المحرمات والمكروهات.
قال الله عز وجل: لا اِكْراه فِي الدّينِ
- هذه الآية الكريمة تشتمل على كلمات اربع هي اساس الحرية في الاسلام. لا يوجد في الاسلام شيء بعنوان الاكراه والاجبار في الدين.
لا يجبر الكافر والملحد ولا النصراني على ان يكون مسلما.
- ويقول الله تعالى: قَدْ تَبَينَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَي، عندما يتبين الحسن من القبيح والجيد من الرديء فلا حاجة لإجبار احد على اختيار الحسن والجيد. إن الله خلق الدنيا والانسان في الدنيا للاختبار والامتحان، ولا يتحقق الامتحان بالإجبار.
- من ميزات الاسلام التي لا نظير لها في التاريخ، إلا في تاريخ الأنبياء، هي هذه الحرية التامة في اختيار الدين، وحتى الحكومات والانظمة الداعية إلى الحرية لا تصل اليها، ورسول الله الذي عاش قبل الف واربعمائة سنة، وكان العالم آنذاك غارقة في الاكراه والاجبار، قد طبق اعلى نماذج الحرية، وهذه المسألة مهمة جدا.
- لم يكره رسول الله صلى الله عليه وآله احد على اعتناق الاسلام لا في مكة ولا في مدينة، مع انه كان صاحب القدرة المطلقة فيها، وانتصر بحول الله عز وجل في العشرات من الحروب التي فرضها عليه المشركون، ومع ذلك لم يجبر احدا على الاسلام. وكان يعيش اليهود والنصارى في جوار رسول الله صلى الله عليه وآله الى آخر ايامه.
- حتى إن هناك بعض من ارتد على الاسلام، او جاءوا الى المدنية واسلموا على يد رسول الله او من اهل المدينة ومن الانصار اسلموا خلال العشر سنوات الالوف، بعضهم ارتدوا، نتيجة ضغوط اهاليهم وغير ذلك، وكان رسول الله يستطيع ان يردهم الى الاسلام، ولكن لم يأمرهم بذلك.
- المتتبع في تاريخ رسول الله صلى الله عليه آله يجد العديد من الذين اسلموا وارتدوا بعد ذلك، ولم يجبرهم على العود الى الإسلام، كما ورد في التواريخ، ونقل العلامة المجلسي في كتابه بحار الانوار، ان هناك رجل من الانصار يدعى ابا الحصين. وكان له ابنان، فقدم تجار الشام الى المدينة، فلما ارادوا الرجوع من المدينة اتاهم ابنا ابي الحصين، فدعوهما الى النصرانية، فتنصرا ومضيا الى الشام، فأخبر ابو الحصين رسول الله صلى الله عليه وأله، واراد ردهما، ولكن لم يفعل رسول الله ذلك. فانزل تعالى: لا اِكْراه فِي الدين.
- المشركون فرضوا على رسول الله صلى الله عليه وآله عشرات الحروب، وكان الرسول في جميعها في مقام الدفاع، وانتصر فيها بحول الله تعالى، ومع ذلك لم يكره احدا على الاسلام بعد النصر، ولم نجد نقطة في الاسلام تدل على اكراه الآخرين لقبول الاسلام. وهذه مسألة مهمة جدا، خاصة في زماننا هذا الذي ادعت الانظمة الغربية بالحرية وافتخرت بها، وحقق الاسلام أفضل نماذجها قبل الف واربعمائة عام، وفي حكومة رسول الله صلى الله عليه وآله.
- يجب على المسلمين خصوصاً الشباب الغيارى في البلاد الاسلامية وغير الاسلامية، ان يبلغوا هذه النقطة الغراء من تاريخ الاسلام، وهو نشر اربع كلمات وهي: [لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ]، وفيها أقصى حدود الحرية. نعم ينبغي أن يتحقق البلاغ المبين، الواضح، المقنع، بالأدلة والبراهين وأن يصل الى الجميع، وبعد ذلك، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
- اسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق المسلمين لتبليغ هذه الرسالة الاسلامية، نشر مفهوم الحرية الإسلامية المستفادة من العديد من الآيات والروايات الشريفة، ومنها ما ورد في هذه الآية المباركة: [لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ].
- قال الله عزّ وجل في القرآن الحكيم: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا
فتح مكة قصة من قصص تاريخ رسول الله صلى الله عليه وآله، وهي تتضمن العشرات والعشرات من العبر المهمة على مدى التاريخ.
وقل نظير كل واحدة منها، ومن حيث المجموع فقصة فتح مكة المكرمة على يدي رسول الله صلى الله عليه وآله عديمة النظير في تاريخ البشرية، من حيث تدبير رسول الله صلى الله عليه وآله، والفضائل التي ظهرت فيها، وكلمات رسول الله وسيرته وعمله.
- وإحدى أعلى نماذج الفضيلة في فتح مكة، ما جرى مع صفوان بن امية، ولا نظير لها في التاريخ. صفوان من أشد أعداء رسول الله، ومن كبار تجار المشرکين في السلاح، وكان صاحب أكبر مركز للأسلحة. وشارك في الحروب ضد رسول الله، وعاداه من أول البعثة وإلى يوم فتح مكة، ما يقارب عشرون سنة حارب رسول الله بمختلف أنواع الحروب.
وكان من الممولين للعشرات والعشرات من الحروب ضد رسول الله، كان يشجع ويعطي السلاح، ويهيئ السلاح.
- صفوان بن امية العدو اللدود، وفي احدى قصصه ضد رسول الله صلی الله عليه وآله طلب من خادمه الذهاب الى المدينة، لقتل الرسول صلى الله عليه وآله، وضمن له كل ما يريده من الاموال ان اتى بذلك، وان لم يوفق به، وقتل هناك ان يحمي بناته وعياله بأحسن وجه. واعطاه المال والسيف لقتل رسول الله صلى الله عليه وآله. فجاء الرجل الى مدينة المنورة ودخل المسجد، وكان يبحث عن فرصه مناسبة لقتل رسول الله، ولكن بمجرد جلوسه امام رسول الله اخبره الرسول صلى الله عليه وآله بمقصده، وقص عليه قصته مع صفوان وما جرى بينهما، فحينئذ استيقظ وجدانه، وعرف ان رسول الله متصل بالوحي، وآمن به.
- وفي يوم فتح مكة، بعد ما دخل إليها الرسول صلى الله عليه وآله وعفى عن اهلها، جاء صاحب صفوان الى داره، وسأل عنه، قالوا انه انهزم، خوفاً من الإنتقام والقتل، وايقن انه سيقتل عقاباً لما أتى به من المظالم طوال السنين ضد رسول الله صلی الله عليه وآله، ففر الى الجبال.
والرجل اتى الى رسول الله صلی الله عليه وآله وطلب منه الامان له، وقبل رسول الله صلی الله عليه وآله. فبحث الرجل عن صفوان ووجده، وقال اتيتك بأمان من رسول الله صلى الله عليه وآله، ولكن لم يصدقه صفوان، وقال: ان محمداً لم يكذب، ولكن اخاف منك الحيلة عليّ، ولن اصدقك الا ان تأتيني بعلامة من رسول الله صلی الله عليه وآله فإنه لا يكذب، وهكذا كان يعرف الرسول صلی الله عليه وآله، وحتى اعدى عدوه يعرفه بالصدق والامانة.
- وطلب علامة من رسول الله صلی الله عليه وآله لكي يأتي به الى صفوان، وفي بعض التواريخ ان الرسول صلى الله عليه وآله اعطى عمامته وقال: ان صفوان يعرف عمامتي، واذهب به اليه حتى يصدقك، فعرفه صفوان.
ومثل هذا الرجل مع ما فعل من المآسي والمظالم، يغفر له، ويعفى عنه، وهذا اسلوب الاسلام السمح. فجاء وطلب مهلة شهرين.
وامهله الرسول صلی الله عليه وآله اربعة اشهر، وبعد ما رأی حسن تعامل الرسول صلی الله عليه وآله وجميل خُلقه، آمن وصار من المسلمين، وصار ابنه من اصحاب رسول الله صلی الله عليه وآله وكان مع امير المؤمنين صلوات الله عليه.
- هذه معجزة الاسلام، وهكذا كان رسول الله صلی الله عليه وآله يقابل الاساءة بالإحسان، ويقلب العدو اللدود الى المؤمن المسلم بالله عزّ وجل.
فقد عفا عن صفوان الذي فعل ما فعل من الاذى والحرب والكيد، وعلى الرغم من كل ذلك يعفو عنه يوم فتح مكة، حتى يصبح صفوان مسلماً وذريته من المسلمين.
واذا عرف العالم اليوم مثل هذه الفضائل فيشتاق الى الاسلام.
- العالم لم يسمع بقصة صفوان بل المسلمون لم يسمعوا بمثل هذه القصص، وينبغي ايصال هذه القصص إلى العالم، وان تعرض إلى العالم بمختلف الانحاء وبصورة افلام، وفي الفضائيات.
وشهر رمضان مناسبة جيدة لعرض هذه الصور من الاسلام على العالم سواء في البلاد الاسلامية وغيرها، أسأل الله التوفيق لحمل هذه المسؤولية خصوصاً الشباب الغيارى والفتيات المؤمنات.
اضف تعليق