العقلاء هم الناس الذين يستخدمون العقل في المسار الصحيح، ويسخرونه في طريق تكاملهم، وتكامل مجتمعهم وخدمة الناس بما أمر به الشرع، ويبتعدون عن كل ما يلوث العقل، ويبعده عن صوابه، مثل: شرب الخمر وأعمال السوء، وغير ذلك من الأمور المشينة للعقل، والمنافية للتصرف العقلائي الصحيح. ومن هنا يمكننا معرفة...
العقل لغة بمعنى المنع، واشتق منه العقال وغيره، وهو الذي يقيد شهوات الإنسان ويمنعه منها، أما اصطلاحاً أي المعنى المتداول في لسان الشرع المقدس، فهو نور إلهي وهبة ربانية، وهبه اللّه عزّ وجلّ إلى الإنسان؛ لكي يعرف خالقه، ويدرك به الأشياء، ويميز به بين الخير والشر والحق والباطل، وهذه الهدية الإلهية هي الفارق الأساسي في ما بين الإنسان وباقي المخلوقات، كالحيوانات والجمادات. وسميت بالعقل لأنه يمنع الإنسان من أن يرتكب ما يناسب الجهل والجهالة والجهال. فإن الإنسان والحيوان يشتركان في أمور عدة، منها:
1- الحس: إذ الإنسان حساس، وجميع الحيوانات الباقية تحس أيضاً.
2- الخيال: فالإنسان له قوة خيال، وبعض الحيوانات لها قوة خيال أيضاً، كما قيل.
3- الوهم: فالإنسان له وهم، وبعض الحيوانات لها قوة وهم أيضاً، كما قيل.
هذه بعض نقاط الاشتراك، ولكن أهم نقطة افتراق بين الإنسان والحيوانات وكثير من المخلوقات، والتي لها الأهمية العظمى في حياة الإنسان هو: العقل.
فالعقل الذي منحه اللّه للبشر، يختص بالإنسان وحده دون بقية الحيوانات، فبه عرف الإنسان خالقه، وعرف أمور دينه، وأمور حياته، فمن الأمور الدينية التي أرشده العقل إليها: معرفة اللّه والأنبياء والرسل والملائكة، واتباع الحق، ودحض الباطل، وما إلى ذلك(70).
أما الأمور الدنيوية (الحيوية) فالعقل كان من ورائها وسببا لتطور الإنسان فيها، فإنه يدل الإنسان على كيفية إيجاد الغذاء، وكيفية صنعه، وإيجاد المسكن والملبس، وهكذا في التطور فيها، وكذلك في الصناعات وسائر أمور الحياة الأخرى، أصلاً وتطوراً.
فالوجه في تفضيل اللّه الإنسان على باقي مخلوقاته هو فيما ملكه من العقل وما يترتب على العقل، قال سبحانه وتعالى: (وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا)(71).
الملائكة والإنسان
إن اللّه سبحانه وتعالى خلق الملائكة ومنحها العقل ولكن جرّدها عن الشهوة، بخلاف الحيوانات فقد أعطاها الشهوة وجردها عن العقل، ولكنه سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان أعطاه العقل والشهوة معاً، فإذا غلب عقله على شهوته يفضّل على الملائكة، أما إذا كان العكس أي سيطرت شهوته على عقله فهنا يصبح الإنسان أسوء حتى من الحيوانات.
وقد أشار الإمام الصادق (عليه السلام) إلى هذا المعنى حين ما سُئل: الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال (عليه السلام) : «قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) : إن اللّه عزّ وجلّ ركب في الملائكة عقلاً بلا شهوة، وركب في البهائم شهوة بلا عقل، وركب في بني آدم كليهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم»(72).
نعم يمكن للإنسان المؤمن أن يرتفع ببركة عقله، فيصير أفضل من الملائكة، كما ورد عن الامام الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: «مثل المؤمن عند اللّه عزّ وجلّ كمثل ملك مقرب، وإن المؤمن عند اللّه أعظم من الملك، وليس شيء أحب الى اللّه من مؤمن تائب، أو مؤمنة تائبة».(73)
من هم العقلاء؟
روى سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) وعنده جماعة من مواليه، فجرى ذكر العقل والجهل، فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام) : «اعرفوا العقل وجنده، والجهل وجنده، تهتدوا».
قال سماعة: فقلت: جعلت فداك، لا نعرف إلّا ما عرفتنا.
فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام) : «إن اللّه عزّ وجلّ خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره، فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، فقال اللّه تبارك وتعالى: خلقتك خلقاً عظيماً، وكرمتك على جميع خلقي، ـ قال: ـ ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانياً، فقال له: أدبر، فأدبر، ثم قال له: أقبل، فلم يقبل!! فقال له: استكبرت، فلعنه، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جنداً، فلما رأى الجهل ما أكرم اللّه به العقل، وما أعطاه أضمر له العداوة، فقال الجهل: يا رب، هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته، وأنا ضده، ولا قوة لي به، فأعطني من الجند مثل ما أعطيته؟ فقال: نعم، فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي؟ قال: قد رضيت، فأعطاه خمسة وسبعين جنداً.
فكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند، الخير، وهو وزير العقل، وجعل ضده الشر، وهو وزير الجهل، والإيمان وضده الكفر، والتصديق وضده الجحود، والرجاء وضده القنوط، والعدل وضده الجور، والرضا وضده السخط، والشكر وضده الكفران، والطمع وضده اليأس، والتوكل وضده الحرص، والرأفة وضدها القسوة، والرحمة وضدها الغضب، والعلم وضده الجهل، والفهم وضده الحمق، والعفة وضدّها التهتك، والزهد وضده الرغبة، والرفق وضده الخرق، والرهبة وضده الجرأة، والتواضع وضده الكبر، والتؤدة(74) وضدها التسرع، والحلم وضدها السفه، والصمت وضده الهذر، والاستسلام وضده الاستكبار، والتسليم وضده الشك، والصبر وضده الجزع، والصفح وضده الانتقام، والغنى وضده الفقر، والتذكر وضده السهو، والحفظ وضده النسيان، والتعطف وضده القطيعة، والقنوع وضده الحرص، والمؤاساة وضدها المنع، والمودة وضدها العداوة، والوفاء وضده الغدر، والطاعة وضدها المعصية، والخضوع وضده التطاول، والسلامة وضدها البلاء، والحب وضده البغض، والصدق وضده الكذب، والحق وضده الباطل، والأمانة وضدّها الخيانة، والإخلاص وضدّه الشوب، والشهامة وضدها البلادة، والفهم وضده الغباوة، والمعرفة وضدّها الإنكار، والمداراة وضدها المكاشفة، وسلامة الغيب وضدها المماكرة، والكتمان وضده الإفشاء، والصلاة وضدها الإضاعة، والصوم وضده الإفطار، والجهاد وضده النكول، والحج وضده نبذ الميثاق، وصون الحديث وضده النميمة، وبرّ الوالدين وضده العقوق، والحقيقة وضدها الرياء، والمعروف وضده المنكر، والستر وضده التبرج، والتقية وضدها الإذاعة، والإنصاف وضده الحمية، والتهيئة وضدها البغي، والنظافة وضدها القذر، والحياء وضدها الجلع، والقصد وضده العدوان، والراحة وضدها التعب، والسهولة وضدها الصعوبة، والبركة وضدها المحق(75)، والعافية وضدها البلاء، والقوام وضده المكاثرة، والحكمة وضدّها الهواء، والوقار وضده الخفة، والسعادة وضدها الشقاوة، والتوبة وضدها الإصرار، والاستغفار وضده الاغترار، والمحافظة وضدها التهاون، والدعاء وضده الاستنكاف، والنشاط وضده الكسل، والفرح وضده الحزن، والألفة وضدها الفرقة، والسخاء وضده البخل.
فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلّا في نبي، أو وصي نبي، أو مؤمن، قد امتحن اللّه قلبه للإيمان، وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود، حتى يستكمل وينقى من جنود الجهل، فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام)، وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده، وبمجانبة الجهل وجنوده، وفقنا اللّه وإياكم لطاعته ومرضاته»(76).
ومن هذا الحديث الشريف يُعرف العاقل عن غيره، فالعقلاء هم الذين أخذوا بجنود العقل، وغير العقلاء من تركها وأخذ بجنود الجهل.
العقلاء هم الناس الذين يستخدمون العقل في المسار الصحيح، ويسخرونه في طريق تكاملهم، وتكامل مجتمعهم وخدمة الناس بما أمر به الشرع، ويبتعدون عن كل ما يلوث العقل، ويبعده عن صوابه، مثل: شرب الخمر وأعمال السوء، وغير ذلك من الأمور المشينة للعقل، والمنافية للتصرف العقلائي الصحيح.
ومن هنا يمكننا معرفة العقلاء وتشخيصهم في الحياة، حيث يلزم أن يعاشر الإنسان العقلاء ويبتعد عن غيرهم، فالعقلاء من كانت تصرفاتهم عقلائية، وغيرهم من كانت تصرفاتهم غير عقلائية.
قانون المعرفة وطرقها
إن اللّه سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان جعله خاضعاً لقوانين وأنظمة خاصة سن الحياة عليها، ومن تلك القوانين: قانون المعرفة، وقد ذكر الحكماء لمعرفة الأشياء عدة طرق، منها:
قاعدة: أنه تعرف الأشياء بأمثالها، أي: معرفة الشيء بمقارنته بمثله.
وقاعدة: أنه تعرف الأشياء بأضدادها، أي: معرفة الشيء بمقارنته بضده.
فيمكن معرفة بعض الأشياء إما بمقارنته بشيء مثله، أو بمقارنته بشيء ضده، مثلاً: إذا أريد معرفة البياض وشدته، يمكن تعريفه بمقارنته ببياض آخر، وكلاهما يفرّق نور البصر لكن على درجات، أو نعرفه بمقارنته بضده الذي هو السواد، فالسواد قابض للبصر، وهكذا في سائر الأشياء.
وهذه القاعدة تنطبق نوعاً ما على معرفة العقلاء وتصرفاتهم، ومعرفة غير العقلاء وتصرفاتهم.
فإذا أردنا معرفة العقلاء وتشخيصهم في المجتمع والتأريخ، يمكن لنا ذلك وبسهولة فنقارنهم بأضدادهم الذين هم ـ غير العقلاء ـ أي: السفهاء والمجانين الذين يمارسون الأعمال الاعتباطية مما يضرون به أنفسهم ويضرون الآخرين به، فإذا وجدنا إنساناً لا يمارس الأعمال الاعتباطية، ولا يضر نفسه، ولا الآخرين فهو من العقلاء. ولا يخفى أن العقل كل العقل هو طاعة اللّه عزّ وجلّ، فإنه أمان من الأضرار والأخطار. وقد روي أنه قيل للنبي (صلى الله عليه وآله) : ماالعقل؟ قال: «العمل بطاعة اللّه، وإن العمال بطاعة اللّه هم العقلاء»(77).
وهكذا تكون لدينا صورة واضحة لتشخيص الإنسان العاقل وغير العاقل، عبر التصرفات العقلائية وغير العقلائية، فإن من يقوم بمساعدة المحتاجين وينبه الغافلين، ويدل الناس على الصراط المستقيم، ويحنو على إخوانه ويرعاهم ويكون أمينا على أموالهم وأنفسهم وعيالهم، فهو من العقلاء الممدوحين في الناس على طول الخط.
أما من يُعرف ـ والعياذ باللّه ـ برذيلة شرب الخمر أو الكذب أو الغيبة أو السفه في تصرفاته، وعدم التوازن في مأكله وملبسه ومعشره، فهو من غير العقلاء.
فمثلاً لو كان هناك والد يهتم بولده ويربيه تربية حسنة ويسعى لإبعاده عن الأمراض والأعراض فإذا أصابته وعكة أو أحس بمرضه أخذه إلى الطبيب واعتنى به حتى يبرء، فإن هذه التصرفات تدل على عقله وأنه من العقلاء.
وإذا رأينا شخصاً قام بالإضرار على أولاده ولم يحسن التصرف في تأديبهم، فإذا ارتكب طفل غير رشيد خطأ، رأيت هذا الوالد في حالة عصبية شديدة هستيرية لا يمكن ردعه عنها فيأخذ السكين فيقطع يد ولده وفلذة كبده!! أو يعمل عملاً يضر بنفسه أو غيره، فهل يسمى هذا عاقلاً وهل يمكن أن يعد من العقلاء؟!!
إن التصرفات العقلائية واللاعقلائية هي التي تبين ببرهان الإنّ(78) مدى عقل الإنسان.
من آثار عدم التعقل
إن الابتعاد عن التصرفات العقلائية يوجب آثاراً سلبية كثيرة، والتاريخ شاهد على ما نقول:
كان أحد الأشخاص الأثرياء، ويعمل بوظيفة مدير لإحدى المدارس، كثير التدخين حتى أضر التدخين به واضطر أن يسافر إلى لندن للعلاج، وقد حذره الأطباء هناك بأن استمراره في التدخين يوجب السرطان وسيقضي على حياته، والمفروض أن يكون الشخص المثقف في المجتمع يراعي صحته، والمتوقع منه أن يكون قدوة لغيره في التصرفات العقلائية، ولكن هذا الشخص بعد ما أحس بتدهور حالته الصحية، ذهب إلى لندن للمعالجة والفحص العام لحالته البدنية ورجع، فقمنا بزيارته برفقة جمع من الأصدقاء، وبعد تهنأته بسلامة العودة، سألناه عن نتائج الفحص وأسباب تدهور صحته، وعن تشخيص الأطباء لحالته؟
فقال: إن الأطباء المتخصصين قالوا: إن مرضي ناتج عن الإفراط في التدخين، وفي حالة استمراري على التدخين فإني سأصاب بمرض السرطان حتماً، وفي أثناء كلامه هذا أخرج علبة السجائر من جيبه وبدأ بالتدخين!! حينها قال له الجالسون بتعجب: كيف تدخن، ولا تترك التدخين، رغم تحذير الأطباء لك؟!
فأجابهم بلا مبالاة: ليس الأمر مهماً ـ أي اصابته بالسرطان ـ !!
وبالفعل بعد فترة قصيرة، سمعنا أنه استفحل عليه المرض بشدة هذه المرة، فذهب إلى لندن للعلاج مرة ثانية، وحين ما عاد من سفره الثاني، وذهبنا لزيارته أيضاً، أخبرنا قائلاً: إن الأطباء يقولون: إن المرض في هذه المرّة تحول وبشكل أكيد إلى سرطان في الرئة، وأني قد لا أعيش وأقاوم هذا المرض أكثر من ستة أشهر!!
وفعلاً، وبعد ستة أشهر ودّع هذا الرجل الدنيا، وذهبنا لحضور تشييع جنازته!!
فهل هذا التصرف مقبول ومعقول من إنسان كان اللازم عليه أن يكون أكثر عقلانياً، بحكم ثقافته ومركزه الوظيفي والاجتماعي، وهل هناك من يمدحه على تصرفه هذا ولا مبالاته واستهانته بصحته التي أنعم بها عليه الباري؟!
فلو كان تصرف هذا الشخص تصرفاً عقلائياً، لما وصل إلى هذه الحالة التي أفقدته حياته بهذه السهولة، صحيح أن الموت والآجال بيد اللّه، ولكنه سبحانه وتعالى جعل لكل شيء سبباً، وعلى الإنسان أن يتبع الأساليب الصحيحة لتدبير أموره والحفاظ على صحته من خلال الالتزام بالعادات الصحية والاجتناب عن العادات السيئة، وامتثال أوامر اللّه تعالى والانزجار والردع عن نواهيه، والباقي على اللّه.
فلو مرض الإنسان يجب عليه أن يهيئ الأسباب لعلاجه كتوفير المال والواسطة، والبحث عن الطبيب الحاذق لكي يعالجه، وما إلى ذلك...
فإذا كانت له القدرة على ذلك ولم يهتم بتوفير الأسباب فسوف يحاسبه اللّه تعالى على تقصيره، فقد روي عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «أبى اللّه أن يجري الأشياء إلّا بأسباب، فجعل لكل شيء سبباً، وجعل لكل سببٍ شرحاً، وجعل لكل شرح علماً، وجعل لكل علم باباً ناطقاً، عرفه من عرفه وجهله من جهله، ذاك رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ونحن»(79).
وعنه (عليه السلام) أيضاً قال: «قال موسى (عليه السلام) : يا رب، من أين الداء؟
قال: مني.
قال: فالشفاء؟ قال: مني.
قال: فما تصنع عبادك بالمعالج؟! قال: يطبب بأنفسهم، فيومئذٍ سمي المعالج: الطبيب»(80).
وسُئل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : أنتداوى؟
قال: «نعم، فتداووا، فإن اللّه لم ينزل داءً إلّا وقد أنزل له دواء، وعليكم بألبان البقر، فإنها ترعى من كل الشجر»(81).
إذاً، الإنسان الذي لا يسير بسيرة العقلاء ولا يتصرف بالتصرفات العقلائية نراه دائماً يبتلي مع مرور الزمن بأمور هو في غنى عنها وكان يمكن له تجنبها بالسير على سيرة العقلاء، وليس سيرة السفهاء أو المتهورين، وقد قال اللّه تعالى في قرآنه الكريم: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا)(82) مشيراً سبحانه وتعالى إلى ضرورة التحلي بالاعتدال واختيار حالة الوسط العقلائية في كل فعل يقوم به، وعمل يقدم عليه، وفكرة يريد تبنيها أو مناقشتها.
الحيوانات ورسائلها
ذكر بعض العلماء قصصاً فيها حكم وعبر على لسان الحيوانات، وهذه القصص والحكايات فيها إشارات ودلالات ترمز إلى قضايا مهمة في حياة البشر، ينقل أن دجاجة قالت يوما لأحد أفراخها: إياك أن تقترب من القطة؛ لأنها عدوتك تريد أن تأكلك، فالحذر الحذر منها.
ولكن الفرخ لم يقبل النصحية من أمه وقال: لا يا ماما، إن القطة لاتفعل ذلك، فهي حيوان لطيفة جميلة!! فاقترب يوماً الفرخ من القطة دون مبالاة ودون التفات لتحذير أمه، وإذا بالقطة تمسكته وبسرعة خاطفة بمخالبها، وراحت تأكله قطعة قطعة.
وهكذا يكون الإنسان الذي لا يعتني بعقله، ويتصرف تصرفات غير عقلائية، فإنه يكون مصيره السقوط في الهاوية والعياذ باللّه، ويخسر الدنيا والآخرة، فلا يكون إنساناً نافعاً لا لنفسه ولا لمجتمعه.
للبحث تتمة...
اضف تعليق