q

تعد قضية التلوث الغذائي بمختلف انواعها من أهم القضايا واكثرها خطورة بسبب ارتباطها المباشر بحياة الانسان، الذي اصبح اليوم وفي ظل التطور المتسارع الذي يشهده العالم، يتعرض للكثير من المشكلات الصحية والامراض الخطيرة الناتجة عن التلوث البيئي والغش الصناعي، الذي ازداد بشكل كبير ومخيف في العديد من الدول وهو ما اثرت سلباً على نوع وسلامة الغذاء، ويشير مصطلح تلوث الغذاء بحسب بعض المصادر، إلى احتواء الطعام أو الماء على ما يجعله غير صالح للاستهلاك الآدمي أو الحيواني، سواء كانت كائنات دقيقة ضارة، أو مواد كيماوية سامة أو غذاء ملوث بالمواد المشعة القاتلة، مما قد يترتب على تناول الغذاء إصابة المستهلك بالأمراض، التي تعد أشهرها أمراض التسمم الغذائي.

ويموت سنوياً بحسب بعض التقارير غير الرسمية، أكثر من مليون مواطن على مستوي العالم بسبب التسمم الغذائي. وفي الواقع، قد تكون الأمراض بفعل ميكروبات الطعام، والتي تحتل المرتبة الثانية من حيث الانتشار بعد نزلات البرد في المجتمعات الغربية، سبباً مباشراً للاستخدام المفرط والعشوائي لأكثر من 50000 طن من المضادات الحيوية سنوياً. وفي عام 2008، أثارت إحدى كبرى الحوادث المتعلقة بسلامة الغذاء في تاريخ الدستور الغذائي الذعرَ لدى المستهلكين في جميع أنحاء العالم؛ فقد سقط عدة آلاف من الأطفال مرضى في الصين لأنهم شربوا مستحضرات لتغذية الرضع ملوثة بالميلامين. لأن التركيز العالي من الميلامين في الأغذية يمكن أن يسبب فشلاً كلوياً، بل يمكن أن يقتل الأشخاص. وعلى أثر اكتشاف مستحضرات تغذية الرضع الملوثة، تم اكتشاف منتجات مستوردة ملوثة بالميلامين في بلدان أخرى أيضاً.

الاغذية المغشوشة

وفي هذا الشأن فقد ضبط 2500 طن من الاغذية المغشوشة او المزورة في 47 بلدا خلال عملية مشتركة لانتربول ويوروبول على ما ذكرت الشرطة الدولية. وقد افضت العملية الى توقيف اشخاص عدة لم يكشف عن عددهم المحدد فيما تتواصل التحقيقات على ما اضافت انتربول في بيان صادر من مقرها في ليون (وسط فرنسا الشرقي). وقد استهدفت العملية الواسعة النطاق التي شارك فهيا موظفون في الشرطة والجمارك وخبراء في سلامة الاغذية، متاجر واسواقا ومطارات ومرافئ فضلا عن مناطق صناعية.

وفي ايطاليا ضبطت السلطات 31 طنا من ثمار البحر المجلدة التي وضعت بعد ذلك في محلول كيميائي يحوي حمض الليمون والفوسفات وفوق اكسيد الهيدروجين قبل ان تعرض للبيع على انها "طازجة". وفي تايلاند اتلف 85 طنا من اللحم المستورد بطريقة غير قانونية فيما ضبط 20 الف ليتر من الويسكي. وقد ضبط في الاجمال 275 الف ليتر من المشروبات خلال عملية "اوبسون 4" غالبيتها من المشروبات الكحولية المغشوشة. وفي بريطانيا تم اقفال مصنع ينتج الفودكا المزيفة. بحسب فرانس برس.

وقال مايكل ايليس مدير وحدة مكافحة الاتجار بالبضائع غير القانونية في انتربول في البيان "الاطعمة والمشروبات المغشوشة والسيئة النوعية تشكل تهديدا حقيقيا للصحة والسلامة. يواجه الناس مخاطر كثيرة تؤدي احيانا الى وفاتهم بسبب جشع مجرمين همهم الوحيد تحقيق الربح".

تلوث المنتجات الغذائية

في السياق ذاته تحقق ادارة الأغذية والأدوية الأمريكية في تلوث بعض المنتجات التي تصنعها شركة بلو بيل كريمريز المصنعة للأيس كريم (البوظة) بعد تقارير عن ثلاث وفيات في مستشفى في كانساس. وقالت ادارة الاغذية والادوية نقلا عن المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها وادارة الصحة والبيئة في كانساس إن خمسة مرضى في المستشفى أصيبوا بواحدة من أربع سلالات نادرة من البكتريا الليسترية المستوحدة.

ووجدت ثلاث من السلالات الأربع النادرة لهذه البكتريا في منتجات صنعها المصنع الرئيسي لشركة بلو بيل كريمريز في برينهام في تكساس. وتوضح سجلات المستشفى لاربعة مصابين أن منتجات الأيس كريم قدمت لهم من هذه الشركة لكن لم يتضح ما اذا كانت هذه المنتجات جاءت من مصنع برينهام. وقالت ادارة الاغذية والادوية الامريكية إن شركة بلو بيل كريمريز اعلنت انها سحبت المنتجات المتأثرة من متاجر التجزئة والمستشفيات. واغلقت الشركة خط انتاجها الذي تصنع فيه هذه المنتجات.

وقالت الشركة التي تأسست قبل 108 أعوام في موقعها على الانترنت ان هذا أول سحب لمنتج لها على الاطلاق. والليستيريوسيس مرض نادر ويمكن ان يكون مميتا وينتج عن تلوث الغذاء بالبكتريا الليسترية المستوحدة. وتسبب هذه الحالة الحمى وألام العضلات وتصيب بشكل اساسي الاشخاص الكبار والنساء الحوامل والمواليد الجدد والبالغين الذين لديهم مناعة ضعيفة. وفي بعض الاحيان يسبقها اسهال واعراض اخرى بالجهاز الهضمي.

على صعيد متصل قال تقرير حكومي أمريكي إن أكثر من 80 في المئة من حالات معينة للاصابة بالبكتريا المعوية (إي كولاي) مرتبط بلحوم الابقار والخضروات المنزرعة بطريقة الخطوط. وأوضح التقرير الذي نشرته ثلاث وكالات أمريكية معنية بسلامة الغذاء ان الاصابة بالسالمونيلا ترجع إلى تناول طائفة متنوعة من الأطعمة تتراوح بين الطماطم (البندورة) والبذور المستنبتة والدجاج ولحوم الابقار والخنازير.

ووضعت التقرير مؤسسة تحليل سلامة الغذاء وهي شراكة بين وزارة الزراعة الامريكية والادارة الأمريكية للاغذية والعقاقير والمراكز الأمريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها وهي المرة الاولى التي تستعين فيها ثلاث وكالات اتحادية أمريكية تعنى بسلامة الغذاء بمنهج واحد لتحديد مصادر الامراض التي تنقلها الاغذية. يجئ التقرير في الوقت الذي تتردد فيه نداءات تطالب بانشاء وكالة واحدة لسلامة الغذاء مثلما ورد في مقترحات الموازنة الاتحادية لعام 2016 التي اعلنها الرئيس الامريكي باراك اوباما.

واستعان التقرير ببيانات مستقاة من نحو ألف اصابة مرضية بين عامي 1998 و2012 لتحديد الاغذية المسؤولة عن الاصابة بالامراض من أربعة كائنات بكتيرية رئيسية تحملها الاغذية هي (السالمونيلا) و(البكتريا المعوية إي كولاي) و(ليستريا مونوسايتوجينيس) و(كامبيلوباكتر). وتشير تقديرات المراكز الأمريكية إلى ان هذه الكائنات الاربعة تسبب حالات مرضية تصل الى 1.9 مليون حالة سنويا في الولايات المتحدة تتسبب فيها الاغذية. بحسب رويترز.

وقسم الباحثون الاصابة بالامراض الى 17 فئة من الاغذية ووجدوا ان فئتين منها تمثل معظم الامراض الناجمة عن بكتريا كامبيلوباكتر وبكتريا اي كولاي المعوية وبكتريا ليستريا لكن سبع فئات تمثل نسبة مماثلة من أمراض السالمونيلا. واشارت النتائج إلى ان 74 في المئة من الأمراض سببها بكتريا كامبيلوباكتر على النحو التالي : منتجات الألبان (66%) والدواجن (8%). و82 في المئة من أمراض البكتريا المعوية سببها إي كولاي على النحو التالي : لحوم الابقار (46%) والخضروات المنزرعة في خطوط (36%). و81 في المئة من الامراض تسببها بكتيريا لستريا على النحو التالي : الفاكهة (50%) ومنتجات الألبان (31%).

أما بالنسبة للسالمونيلا فكان النطاق أكثر اتساعا إذ يعزى 77 في المئة من الامراض لعوامل على النحو التالي : الخضروات المنزرعة عن طريق البذور (18%) والبيض (12%) والفاكهة (12%) والدجاج (10%) والبذور المستنبتة (8%) ولحوم الابقار (9%) ولحم الخنزير (8%). وقال كريس برادن من قسم الامراض المنقولة عبر الغذاء والمياه والبيئة التابع للمراكز الامريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها إن توحيد منهج البحث يتيح للوكالات تنسيق جهودها على أكمل وجه. واضاف "يمكننا ان ننجز المزيد كمجموعة بقدر أكبر من العمل فرادى".

لحوم فاسدة تفسد شوق اللحوم

الى جانب ذلك شهدت شبكة مطاعم الوجبات السريعة الاميركية ماكدونالدز هبوطا حادا في مبيعاتها في اسيا، بسبب فضيحة اللحوم الفاسدة الي ضربت متاجرها في الصين واليابان، بحسب ما اظهرت بيانات. وكانت السلطات في مدينة شنغهاي الصينية اقفلت في وقت سابق مصنع هوسي فود، وهو فرع من مجموعة "او اسي آي" الاميركية التي تزود شركات كبرى لمطاعم من بينها ماكدونالدز وكي اف سي باللحوم.

واتهمت السلطات موظفي الشركة الاميركية بانهم كانوا يخلطون لحوما فاسدة بلحوم طازجة وتعمدوا تضليل مراقبي النوعية الذين ارسلتهم سلسلة مطاعم ماكدونالدز. وقالت ماكدونالد ان هذه الحادثة اثرت على اعمالها في الصين واليابان في دول اخرى، موضحة ان سوق هذه الدول يشكل 10% من مبيعاتها على مستوى العالم. واضافة الى ماكدونالد، تعاني شبكات مثل هوسي فود وبرغر كينغ وبابا جونز وستاربكس من انخفاض في الاقبال عليها لاسباب مماثلة ايضا.

على صعيد متصل حذرت وكالة مراقبة سلامة الاغذية في بريطانيا من ان حوالي ثلاثة أرباع الدواجن الطازجة التي تباع في متاجر التجزئة البريطانية وجد فيها اثار بكتريا مسؤولة عن تسمم غذائي قد يؤدي الي الوفاة. وقالت الوكالة التي تعطي الأولوية الأولى في سلامة الغذاء لمعالجة مشكلة البكتريا العطفية إن متاجر الاغذية الكبرى لا تتخذ اجراءات كافية لمنع تلوث الغذاء بهذه البكتريا التي تصيب 280 الف شخص سنويا في بريطانيا. وتقود الوكالة حملة لحث جميع متاجر الاغذية على التصدي لهذه المشكلة. بحسب رويترز.

وقالت الوكالة -التي نشرت نتائج من مسح مدته عام عن البكتريا العطفية في الدواجن الطازجة- إن متاجر التجزئة لا تفي باهداف الحد من تلوث الغذاء. وقال ستيفن ويرني مدير السياسات بالوكالة "تشير هذه النتائج إلى ان صناعة الغذاء وخصوصا بائعي التجزئة بحاجة إلى عمل المزيد للحد من كمية البكتريا العطفية الموجودة في الدواجن الطازجة." ووجد المسح الذي اجرته الوكالة أن 18 بالمئة من الدواجن التي تم فحصها ملوثة باكثر من ألف وحدة من البكتريا العطفية في الجرام وهو اعلى مستوى من التلوث وان أكثر من 70 بالمئة من الدواجن ملوثة بهذه البكتريا.

مكونات معدلة وراثيا

من جانب اخر قال تقرير نشرته جماعة كونسيومر ريبورتس غير الهادفة للربح إن أغلبية الأغذية الأمريكية المعبأة التي تحمل علامة "طبيعية" والتي اختبرتها الجماعة تحتوي في الحقيقة على مستوى كبير من المكونات المعدلة وراثيا. وقال أورفاشي رنجان المدير التنفيذي لمجموعة كونسيومر ريبورتس المعنية بسلامة الغذاء واستدامته إن المستهلكين غالبا ما يخدعون بعلامة "طبيعي". وقالت الجماعة إنها أجرت مسحا شمل أكثر من 80 منتجا غذائيا مصنعا تحتوي على الذرة أو الصويا وهما أكثر محصولين معدلان وراثيا إلى حد كبير يزرعان في الولايات المتحدة لتحديد ما إذا كان ما تدعيه علامات التصنيف دقيقا.

وقالت الجماعة إنه بينما وجد أن كثيرا من الأغذية التي تحمل علامة "غير معدلة وراثيا" أو "عضوية" خالية من أي مكونات من الذرة أو الصويا المعدلة وراثيا فإن جميع الأغذية التي تحمل علامة "طبيعية" احتوت على كميات كبيرة من المكونات المعدلة وراثيا. وقالت الجماعة إن المكونات المعدلة وراثيا موجودة في حبوب ورقائق وجبة الإفطار ورقائق البطاطا وأغذية الرضع.

وأوضحت الجماعة أنها اختبرت عينتين على الأقل من كل منتج من المنتجات الثمانين التي شملها المسح لتحديد مقدار المكونات المعدلة وراثيا.

واحتوت المنتجات التي اعتبرت خالية من المكونات المعدلة وراثيا على ما لا يزيد عن 0.9 بالمئة من الذرة أو الصويا المعدلتين وراثيا. ويأتي هذا التقرير بينما تحث رابطة مصنعي مواد البقالة الذي تمثل أكثر من 300 شركة مصنعة للمواد الغذائية الحكومة الاتحادية على تعريف مصطلح "طبيعي" على الأغذية المغلفة والسماح بوضع شارة "طبيعي" على الأغذية التي تحتوي على مواد معدلة وراثيا.

وأقيمت دعاوى قضائية ضد بعض الشركات المصنعة التي وضعت علامة "طبيعي مئة بالمئة" على المنتجات التي تحتوي على مكونات معدلة وراثيا. وتشمل بعض المحاصيل المعدلة بالتكنولوجيا الحيوية في السوق في الوقت الحالي الذرة والصويا والكانولا وبنجر (شمندر) السكر وجرى تعديلها وراثيا لمكافحة الآفات أو لتحمل الرش المباشر بالمبيدات الحشرية. وتقول الشركات إنها محصولات آمنة. وتؤيد كثيرا من الدراسات العلمية هذه المزاعم. بحسب رويترز.

لكن المنتقدين يشيرون إلى دراسات تبين وجود صلات لهذه المنتجات بمشكلات صحية تعرض لها الإنسان أو الحيوان وبأضرار بيئية. وقال تحالف دولي للعلماء في أكتوبر تشرين الأول الماضي إنه لا يوجد توافق داخل الجماعة العلمية بشأن سلامة الحاصلات المعدلة وراثيا. وأقرت ولاية فيرمونت قانونا يلزم الشركات بأن تميز المنتجات الغذائية التي تحتوي على مكونات معدلة وراثيا بعلامة تعلن ذلك وتدرس أكثر من 20 ولاية أخرى إصدار قوانين مماثلة. ويؤيد اتحاد المستهلكين وهو الذراع السياسية لجماعة كونسيومر ريبورتس إلزام الشركات بتمييز الأغذية التي تحتوي على مكونات معدلة وراثيا.

تشديد الفحص والمراقبة

من جهة اخرى أعلنت أكبر هيئة في الصين للرقابة على الجودة ان الصين ستشدد اجراءات فحص الحليب المجفف الوارد من نيوزيلندا بعد ان هدد من يشتبه بانهم نشطاء في مجال حماية البيئة بتلويث منتجات غذائية للاطفال تصدرها شركة كبرى. وقالت شرطة نيوزيلندا إن شركة فونيرا النيوزيلندية الرائدة في صناعات منتجات الألبان تلقت رسائل ومعها عبوات من منتجات غذائية للاطفال ملوثة بالمادة السامة (1080) -واسمها الكيميائي فلوروخلات الصوديوم- تطالب بمنع استخدام مبيدات الآفات في موعد غايته نهاية مارس آذار الجاري.

وأدى ذلك لتراجع سعر الدولار النيوزيلندي إلى أدنى مستوى له خلال ستة أسابيع بسبب مخاوف من احتمال تأثير ذلك على اقتصاد البلاد الذي يعتمد على منتجات الألبان التي تمثل نحو ربع حجم عائداته من التصدير. والصين أكبر مشتر لمنتجات الالبان النيوزيلندية. وقالت الادارة العامة للرقابة على الجودة والتفتيش والحجر الصحي بالصين في بيان على موقعها الالكتروني "اتخذت الصين اجراءات بالفعل وستطلب ان ترفق بكل شحنة من الحليب المجفف الوارد من نيوزيلندا شهادة رسمية تفيد بانها لا تحتوي على مادة 1080 ". بحسب رويترز.

وأضافت الادارة ان على المستوردين تقديم تقارير تتضمن اختبارات تثبت ان المنتج خال من التلوث وان على التجار التاكد من سلامة اجراءات التغليف مشيرة إلى عدم رصد أي حالات تسمم في الصين. وقالت الشرطة إنها لم تعثر على أي آثار لهذا السم الذي يشبه حبيبات الملح في أي من منتجات المصانع فيما طمأنت وزارة الصناعات الأساسية النيوزيلندية المستهلكين قائلة إن احتمالات تلويث المنتجات ضئيلة للغاية. وقالت الشرطة إنه تم تشديد الاجراءات لتأمين المنشآت الغذائية ومنافذ التوزيع.

مفتاح سلامة الغذاء

من جانب اخر قال باحثون إن الأسواق التقليدية تبيع أكثر من 85 في المئة من الغذاء الذي يستهلكه سكان منطقة جنوب الصحراء بافريقيا وانه بدلا من إنشاء متاجر كبيرة على النمط الغربي لتحل محل هذه الاسواق يجب على الحكومات تدريب الباعة الجائلين على تحسين سلامة الغذاء. وقال كتاب صدر عن المعهد الدولي للثروة الحيوانية إنه خلافا للمفهوم الشعبي السائد فان الأسواق المحلية التي تقام في الهواء الطلق غالبا ما تبيع الحليب واللحوم الأكثر سلامة عن المتاجر الكبرى في معظم أرجاء القارة الافريقية.

ويعرض الباعة الجائلون المحليون منتجات أكثر طزاجة لبضعة ملايين من المستهلكين من محدودي الدخل فيما لا يحتفظ الكثير من المتاجر الكبرى بسلاسل توزيع منتظمة او انظمة تبريد سليمة للحيلولة دون فساد المنتجات بالتلوث. وقال الكتاب -الذي يحمل عنوان "سلامة الغذاء والاسواق غير الرسمية: المنتجات الحيوانية في منطقة جنوب الصحراء بافريقيا" إن التدريبات البسيطة بشأن سلامة الغذاء للباعة غير الرسميين يمكن ان تحد من انتشار متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) وانفلونزا الطيور والالتهاب الرئوي وكائنات ممرضة مثل السالمونيلا والبكتيريا القولونية.

ويسهم الباعة الجائلون بالشوارع ايضا في دعم الاقتصاد المحلي ويميلون الى استيراد المنتجات من مزارعين مجاورين بدلا من الاسواق المحلية. وقالت دليا جريس الخبيرة في المعهد الدولي للثروة الحيوانية في بيان "من الخطأ الاعتقاد بانه يكفي ان ننتهج حلولا ابتكرت في الدول الغنية التي تحبذ العمليات التجارية الضخمة عوضا عن صغار المنتجين". واضافت "هذا لن يؤدي الا الى تفاقم الجوع ويحد بصورة أكبر من خيارات الفقراء لكسب الاموال".

وتوصل الباحثون الى ان توفير التدريب والتقنيات البسيطة للقصابين في نيجيريا -وهي مصدر شائع لتلوث الطعام- أدى الى تراجع كميات اللحوم الفاسدة بنسبة 18 في المئة. ويدر ذلك مدخرات تصل الى 780 دولارا لكل قصاب (جزار) مدرب بسبب تناقص تكلفة الأمراض المرتبطة بتناول لحوم ملوثة في حين ان تكلفة التدريب تسعة دولارات. وقال الباحثون إن فقراء المستهلكين يدفعون أقساطا تتراوح بين خمسة الى 15 في المئة من ثمن المنتج مقابل الحصول على منتجات يضمنون سلامتها.

وتوصل الباحثون الى ان من غير المرجح ان يمثل ارتفاع الدخول والتوسع العمراني شهادة وفاة لهذه الاسواق التي تطرح اطعمة طازجة تناسب اذواق السكان المحليين. وحتى مع زيادة الدخول في معظم أرجاء القارة الافريقية فلا يزال من المتوقع ان تلبي الأسواق غير الرسمية بين 50 الى 70 في المئة من طلب المستهلكين بحلول عام 2040. بحسب رويترز.

لذا فيتعين تضافر جهود واضعي السياسات وتجار الأسواق والمستهلكين لتحسين سلامة الغذاء بدلا من تمني ان تحذو منطقة جنوب الصحراء بافريقيا حذو مسار التنمية في الغرب حيث حلت المتاجر الكبرى محل أكشاك البيع المحلية. وقالت جريس بالمعهد الدولي للثروة الحيوانية "تنمو الأسواق غير الرسمية ولا تنحسر في دول العالم النامية وهي تشبه في عدة مناحي النسق السائد في الدول الغنية".

اضف تعليق