وزراء العدل في 16 ولاية أمريكية أدانوا حظر الرئيس دونالد ترامب دخول رعايا 7 دول إسلامية إلى الولايات المتحدة، ومجموعة من الشركات الأمريكية الكبرى اعربت عن قلقها من الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب لوقف تلقي طلبات الهجرة وحظر دخول مواطني 7 دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، فيما قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أنها تأسف لمنع الدخول إلى الولايات المتحدة الذي فرضته الحكومة الأمريكية على لاجئي ومواطني بعض الدول، كما ان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو اكد ان إرادة بلاده في استقبال اللاجئين "بمعزل عن معتقداتهم، ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي اعلنت عن عدم موافقتها على الحظر الذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تلك ابرز وليس مجمل الاعتراضات والتنديد الدولي ضد قرار ترامب، ولحد هذا ليس هناك شئيا غريبا في الموضوع فترامب قبل فوزه اعلن عدائه للمسلمين، الا ان ما يثير العجب ان ستة دول عربية (سوريا، العراق، ليبيا، الصومال، السودان و اليمن) طبق عليها الحظر بالاضافة الى ايران ولم تحرك دول عربية ساكنا، ولم تأخذ الجامعة العربية دورها في الاعتراض او التنديد او الاعلان عن اجتماع طارئ لبحث حلحلة الامر، كما لم تبدي منظمات عربية كثيرة استيائها من القرار الذي طال الامة العربية برمتها.
وبحسب المتابعين فان الرئيس ترامب لم تكن افكاره العنصرية والتميزية وليدة ما بعد الفوز بالرئاسة، لكنها الوتر الذي عزف عليه كثيرا خلال حملته الانتخابية، الا ان قرار الحضر وبحسب وزارء امريكيين جميعهم ديموقراطيون، يتعارض مع الدستور ومع قيم أمريكا وهو غير شرعي.
البحث والتعمق في الاعمال الارهابية التي حدثت في الولايات المتحدة بحسب حقوقيين يؤكد ان الهجمات التي شهدتها اميركا شنها مواطنون أمريكيون أو مواطنو دول أخرى لم يشملها القرار، كما ان ترامب عندما اعلن القرار أشار إلى هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، بيد أن منفذي الهجمات وعددهم 19 شخصا لم ينتموا إلى أي من الدول المحظورة، وإنما ينتمون للمملكة العربية السعودية والإمارات ومصر ولبنان، حيث نقل عن سفير السعودية في الولايات المتحدة عبد الله بن فيصل بن تركي أن ترامب وجه تهديدا للسعودية بطريقة غير مباشرة مطالبا اياها بدفع "الخوة" والا ستضاف الى قرار المنع، والا كيف للسعودية ان تكون خارج هذا القرار، وكيف لترامب المُتَهِم لهذا الدول بالارهاب ان يتغافل عن تصريحاته المؤيدة لقانون "جستا" الذي يعطي الحق للمتضررين من أحداث 11 ايلول/سبتمبر برفع دعاوة على السعودية المتهم الابرز بهذه العملية الارهابية التي ذهب ضحيتها الآلاف.
التأثيرات الخارجية والدول الكبرى والتنديد الحقوقي والمنظماتي ودعم الشركات للمهاجرين امر قد يدفع بالرئيس ترامب للنظر بقرار الحظر، الا ان ما لايمكن تصحيحه هو الموقف العربي تجاه الدول المشمولة بالقرار والتي تقاتل الارهاب الذي اوجدته اميركا بالنيابة عن دول تدافع عن القومية العربية قولا وتضربها فعلا كونها دول لم تملك حضارة كحضارة العراق او عراقة كعراقة اليمن او تراثا كتراث سوريا وكذلك السودان والصومال وليبيا وحتى ايران الدولة الاقوى في المنطقة، وبينما التزمت الدول العربية نطق بعض مسؤوليهم ليعبروا عن مدى الحقد تجاه دول الحضارة العربية، حيث قال نائب قائد شرطة الإمارات، الفريق ضاحي خلفان في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر "ليس بالضرورة أن تستقبل أمريكا شعوبا متخلفة، كفاية استقبلت الكثيرين من قبل، جماعات غير منتجة ما تستاهل تكون بأمريكا، فالصومالي حده مقديشو...والسوري حده تركيا.. والعراقي حده مشهد وش لكم بأمريكا".
وهنا لا بد من التساؤل..... ما الذي دفع الرئيس ترامب من التوقيع على مثل هذا القرار وسط احتجاجات ومظاهرات متعددة في اميركا ضده منذ توليه كرسي الرئاسة؟، وماهي الاضرار الامنية والاقتصادية التي ستمنى بها الولايات المتحدة الناتجة عن هذا القرار؟.
وهنا تقول الجماعات الحقوقية إن قرار ترامب يستهدف المسلمين بسبب عقيدتهم، حيث يعتقد المسؤولون، بحسب صحيفة الجارديان البريطانية، أن القرار جاء بدافع أيديولوجي داخلي لترامب، ودون الرجوع والتشاور مع وزارات الدفاع والعدل والأمن الداخلي والذين كانوا بالطبع سينصحون ترامب بالتراجع عن هذا القرار، لما سيكون له من آثار على العلاقات الخارجية الأمريكية، فضلا عن المخاوف الأمنية والالتزامات القانونية في البلاد، بينما الدوافع وراء إصدار هذا القرار، وفقًا لما جاء في نصه، هي هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، والهجوم المسلح في سان برناردينو في ولاية كاليفورنيا عام 2015، بيد ان التناقض هنا جلي كالشمس في وسط النهار اذ أن المتورطين في هذه الحوادث، أو أغلبهم كانوا من دول ليست ضمن قائمة الدول التي شملها حظر ترامب، كما ان هذا القرار لايتناسب مع تعهدات واتفاقات الادراة الامريكية ووعودها باعادة الاستقرار الى المنطقة والوقوف الى جابنهم لاسيما العراق من اجل التخلص من الارهاب كونه خطرا يهدد الجميع، بينما يمثل هذا القرار وفاءا سريعا للتعهد الذي أعلن عنه خلال الحملة الانتخابية.
وعلى اعتبار ان ترامب رجل صفقات فانه ينظر إلى الاموال قبل كل شئ لذلك ليس غريبا ان لا يشمل قرار الحظر السعودية، أكبر اقتصاديات المنطقة العربية، فضلا عن انها واحدة من أكبر المصدرين لمنفذي العمليات الارهابية، حيث انها تساعد اميركا كثيرا بحربها الرامية الى تقسم البلدان وتفريقها، كما لم يشمل الإمارات التي تنافس لاعتلاء قائمة أكبر الاقتصاديات في المنطقة العربية، فيما لم تسجل مصر ضمن هذه الدول على الرغم من احتضانها لجماعة الاخوان المصنفة ارهابية.
اما التأثيرات والاضرار فستكون كبيرة على قطاعات عريضة من الأفراد والمؤسسات في الولايات المتحدة، فطبقا لتقرير أصدرته وزارة التجارة الأمريكية عام 2013، حول وضع الشركات متعددة الجنسيات داخل الولايات المتحدة الأمريكية حتى عام 2011، حوالي 22.9 مليون عامل غير أمريكي يعملون في الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وهم معرضون جميعا للتأثر بالقرار الذي أصدره ترامب، ومضاعفاته وما يترتب عليه، فضلا عن عمال غير أمريكيين يعملون في شركات أمريكية متعددة الجنسيات، ولكن في فروع خارج الولايات المتحدة، ويُقدر أعداد هؤلاء حوالي 11.7 مليون عامل، وهذه الشركات تملك رأس مال قدرت قيمته عام 2011 بحوالي 706 مليارات دولار أمريكي، شارك في ضخها في السوق الأمريكية عدد كبير من الأفراد غير الأمريكيين، ومنهم من أصحاب الجنسيات الخاصة بالدول السبع التي نص عليها قرار الحظر.
وبينما تؤكد صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن القرار غير قانوني، لأنه يتعارض مع القواعد المنصوص عليها في الدستور الأمريكي، والقوانين الموجودة في الولايات المتحدة، الصادرة منذ عقود طويلة، والتي تنص على مكافحة التمييز ضد اللاجئين والمهاجرين على أساس العرق أو الجنسية، ماذا لو تضامنت الدول الاسلامية والتي يتجاوز عددها الخمسين دولة واتخذت قرارا بمنع دخول الأمريكيين احتجاجا على عنصرية ترامب، كما فعلت ايران والعراق واتخذوا قاعدة التعامل بالمثل، كم ستتأثر الولايات المتحدة من هذا القرار اقتصاديا وامنيا، ولكن لا غرابة من الصمت العربي وربما لا غرابة ايضا من ان يرحب الزعماء العرب بخطوات ترامب العنصرية، والا لم يستطيعوا مجتمعين اتخاذ موقفا أخلاقيا شجاعا على غرار الرئيس المكسيكي انريكي بينيا نسييتو، الذي الغى زيارة مقررة لواشنطن، وان شركاتهم العملاقة لم تتخذ موقفا كما تعهدت شركة ستاربكس التي تدير أكثر من 25000 متجر في 75 دولة حول العالم بتوظيف عشرة آلاف لاجئ في مختلف أنحاء العالم خلال السنوات الخمس المقبلة، ردا على قرار دونالد ترامب.
اضف تعليق