أخذت الدراسات والبحوث التي تناولت موضوع الإرهاب والتنظيمات المتطرفة والمتعصبة عبر التاريخ جانب واسع من الاهتمام الدولي الرسمي والأكاديمي، ولتفرع المجالات التي تتداخل وهذا الموضوع وأهميته الكبيرة التي تصب في استقرار وامن الدول الشعوب برزت الكثير من التخصصات الإنسانية التي تتعامل وأطروحاته وتفرعاته، وشخصيا كتبت العشرات من الدراسات والبحوث والمقالات التي حاولت سبر أغوار هذا الموضوع الحضاري والإنساني الخطير والهام، سواء كان ذلك على مستوى الدول او الأفراد، او في جانبه الديني او السياسي او الأمني او الاجتماعي او الاقتصادي وغير ذلك، منها موضوع الإرهاب من النظرية السياسية إلى المعالجات الأمنية والسياسة بين الأخلاق والقانون وسيكولوجيا المحفزات الثانوية للإرهاب، وهي على سبيل المثال لا الحصر.
إلا أننا في هذا الطرح سنتجنب التشعب بقدر المستطاع في تناول هذا الموضوع، مقتصرين التركيز حول محاولة الإجابة على السؤال محل الدراسة وهو: كيف ساهمت الأنظمة السياسية والحكومات المعاصرة، في صناعة الإرهاب وتسمين التنظيمات الإرهابية او المتطرفة والمتعصبة فكريا ودينيا؟ وبمعنى آخر: ما هي أهم الأفكار التي ساهمت الأنظمة السياسية والحكومات في ولادتها ونشوئها ومن خلالها تم تسمين تلك التنظيمات المتطرفة والمتعصبة والإرهابية بالأفراد، وخصوصا من فئة الشباب؟! ومنه سنتعرف على الحلول الممكنة لاحتواء وتقليص مخاطر هذه القضية من خلال تلك الأطروحات نفسها.
لذا ستكون الإجابة من خلال تناول نقاط معينة وهي على سبيل المثال لا الحصر أجد من -وجهة نظري الشخصية- أنها ابرز النقاط الحاضرة في وقتنا الراهن والتي تساهم بشكل ملحوظ وواضح في صناعة هذا الوحش الحضاري او تسمينه من خلال تغذيته بالأفراد والأفكار السلبية والتحريضية التي تساهم في اتساعه وانتشاره وقوته. ومن أهم وابرز تلك النقاط والأفكار والأسباب التي تجعلنا نوجه الاتهام واللوم للحكومات الغربية بوجه عام وحكوماتنا العربية على وجه الخصوص، النقاط التالية وهي بكل تأكيد على سبيل المثال لا الحصر،: فكرة صناعة عدو، الاغتراب السياسي والوطني والديني للشباب، افتقاد الثقة في الأنظمة السياسية والحكومات المعاصرة، وضعف الاقتصاد الوطني والتنمية الاقتصادية، وسوء المعالجات التي وجهت لهذه الظاهرة التي استفحلت في عصرنا الراهن) لذا سوف نتحدث عن بعضها بقليل من الشرح وليس الإسهاب والتفصيل، خصوصا تلك التي نجد أنها تقع على قمة سلم الأهمية والأسباب، وهي كالتالي:
الفكرة الأولي: (فكرة صناعة عدو)
حيث ساهمت أطماع وطموحات الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول الاستعمارية الحديثة في خلق وصناعة وحش الإرهاب الحديث، وتسمين مصادر وموارد التنظيمات المتعصبة والمتطرفة في كل أرجاء المعمورة، وخصوصا في الشرق الأوسط، وطبعا فان الحكومات المعنية بهذا الأمر ليست الحكومات الأجنبية فقط، بل وحتى الحكومات العربية كذلك، إذ أنها جميعا أي الحكومات في الغرب والشرق تتحمل وتحمل على عاتقها وزر هذا الأمر سواء بالصناعة او المشاركة او المساهمة المباشرة او غير المباشرة، وذلك من خلال إحياء أقدم فكرة في التاريخ السياسي والعسكري، فكرة خلق وصناعة أعداءها بنفسها، سواء كان أولئك الأعداء حقيقيون أم وهميون، ففي النهاية الغاية واحدة وهي خلق الأجواء المناسبة لجعل العالم يسير خلق مخاوفه، ويتمسك بشعارات جوفاء فضفاضة من اجل خدمة أطماعها الامبريالية التوسعية في العالم، او لهدف إحكام القبضة الأمنية على شعوبها في الداخل.
وباختصار فان بروز التنظيمات الإرهابية والمتطرفة في كل بقاع الأرض وخصوصا في عالمنا العربي اليوم هو نتيجة مباشرة لما صنعته أيادي قامت بإحياء فكرة صناعة العدو من خلال بث روح الكراهية والحقد والفوضى، إذ لا يتعدى ما يحدث في الوقت الراهن أن يكون صناعة سياسية بشرية شيطانية مخططا لها بشكل مسبق، تهدف إلى تحويل العالم إلى مستنقع موحل تكسب من وراءه بعض القوى العالمية والأنظمة السياسية مكاسبها الرخيصة، وان ذلك النوع من الاستراتيجيات الظلامية سالفة الذكر غير مستبعد ابدأ، بحيث لا يجب أن نتصور أن افتعال الأحداث أو السعي خلف الظلال ومواجهة الأوهام، أو محاربة طواحين الهواء هو شيء ساذج وغير متوقع أو ممكن أبدا في عالم الاستراتيجيات السياسية الدولية الحديثة، فهذا هو العالم الذي نعيش فيه، عالم يتحدى الواقع والمعقول، وسياسات دولية لا اخلاقية تتعدى حدود المستحيل والتصور، وعلى رأس تلك الاستراتيجيات والخطط المستقبلية، فكرة إنشاء الأعداء ومحاربتهم.
وكما جاء في كتاب السياسي مايكل ريفير والذي يحمل عنوان تزييف الإرهاب - سبيل إلى الديكتاتورية أن الحكومات المشتبه باشتراكها في اعتداءات 11/9/2001، قد أنشأت تقليدا ساخرا ومهيبا، وأبعد من أن يكون فكرة لا مثيل لها هي أقدم خدعة في كتاب تعود إلى العصر الروماني، إذ تنشئ الأعداء التي تحتاج إليهم، واقرب مثال حديث على ذلك هو مشروع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن لمكافحة وحش الإرهاب.
الفكرة الثانية: (الاغتراب السياسي والوطني للشباب)
حيث من الملاحظ أن اغلب المنتمين والمنظمين إلى تلك التنظيمات هم من فئة الشباب، وخصوصا من الفئات التي تحمل أفكار الكراهية والحقد والضغينة على أنظمتها السياسية بسبب سوء الأوضاع المعيشية التي يعانون منها هم وأفراد أسرهم او أبناء وطنهم، او بسبب القمع وتكميم الأفواه والتنكيل الأمني وكبت الحريات السياسية، والحقيقة أن الأنظمة السياسية والحكومات تمارس دورا جوهريا في تحديد نمط وشكل ومضمون الهوية الوطنية للشباب، خاصة فيما يتعلق بالمواطنة بوصفها ثابتا جوهريا تتشكل على أساسه الدولة، ويستقر من خلاله الوطن، والهوية هنا: تتضمن الولاء والانتماء، والذي يعني ارتباط الفرد بالأرض والشعور بكونها جزءا من مجموعة أوسع _ الأسرة والقبيلة والجنسية والقومية -، ينتمي إليها ويحس بالاطمئنان والفخر والرضا المتبادل بينه وبينها، والولاء الذي يرتبط بالانتماء هو صفة أصيلة للهوية الوطنية، حيث أن الولاء يرتبط بالانتماء وهو علاقة بين وطن وفرد يعلن ولاءه للنظام السياسي - الذي يفترض أن يمثل ذلك الوطن أفضل تمثيل في الداخل والخارج -.
و- للأسف الشديد –فقد انعكس الواقع السياسي سلبا وبشكل مباشر على التكوين النفسي والثقافي للشباب العربي، حيث تشير العديد من الإحصائيات والدراسات الموثقة، أن نسبة تتجاوز الـ 70% من الشباب العربي محبط من إمكانية تغيير الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في ظل الأنظمة السياسية الراهنة، وان أكثر من 25% تعيش حالة من الانفصام عن الواقع العربي، وتعيش حالة من عدم الاكتراث واللامبالاة بذلك الواقع وقضاياه، وباقي النسبة تتذبذب بين الأمل واليأس والخوف والحقد والتمني، وهو ما يدل على أعلى درجات الاغتراب السياسي والثقافي للشباب العربي في وطنه.
ولقد انتهج الشباب العربي عدد من المناهج والطرق المؤلمة للخروج من تلك الحالة من الاغتراب الوطني، فمثلت الهجرة أولى الطرق لذلك، مما افقد أوطاننا العربية العديد من العقول والأدمغة التي استفاد منها الغرب وكان أولى بأوطانها أن تستفيد منها ومن علمها، أما الشكل الثاني فقد اتخذ حالة من العنف السياسي والعسكري المنظم، مدعوما من الخارج بالمال والأفكار المستوردة والخارجة عن تعاليم الدين الإسلامي، وكذلك من خلال الانضمام إلى التنظيمات المتطرفة والمتعصبة والإرهابية، وليس اصدق على ذلك من التفجيرات والمواجهات المسلحة مع الأنظمة في العديد من الدول العربية، - وباختصار – فان حالة الإحباط التي يعيشها الشباب العربي على الصعيد السياسي والاقتصادي نشطت حالة العنف لديهم، فتبلورت في العقل الجمعي بصفة عامة وفي عقل الشباب العربي على وجه الخصوص و باعتبارها أفضل السبل لنيل الحقوق وأفضل الطرق لحل الكثير من القضايا وتلبية العديد من المتطلبات المعيشية.
الفكرة الثالثة: (افتقاد الثقة في الأنظمة السياسية والحكومات المعاصرة)
من ابرز الأسباب التي أدت إلى انتشار واستفحال التنظيمات المتطرفة والمتعصبة وتسمين منابعها وتقوية شوكتها في العالم العربي بوجه خاص، هو افتقاد الشعوب لثقتها في أنظمتها السياسية، والثقة في المؤسسات الحكومية التي تدير شؤون المواطنين وحياتهم اليومية، الثقة في المسؤولين القائمين على تلك المؤسسات الرسمية، الثقة في الدستور والقوانين المنبثقة عنه والتي يفترض أن توجه سلوك الناس إلى ما فيه خير الوطن والمواطن بعدالة ودون استثناء وتمييز بين حاكم ومحكوم، او بين غني وفقير، وما إلى ذلك، وكذلك الثقة في الخطط والمرئيات والتوجهات الرسمية التي تحرك عجلة التنمية والبناء والتقدم وتدفع الحاضر القائم إلى مستقبل مزدهر بكل قوة واطمئنان، الثقة في الواقع السياسي ككل، كل ذلك وغيره يدور فيما يطلق عليه او يسمى اصطلاحا بالثقة السياسية والتي ترتبط من جانبها بما يمكن أن نطلق عليه بالحكم الرشيد او المستنير.
عليه يمكننا وباختصار شديد أن نؤكد على أن الثقة السياسية بمختلف جوانبها وتوجهاتها، هي اليوم وكانت بالأمس وستبقى من ابرز عوامل استمرار الأمن والاستقرار والطمأنينة في أي وطن، واهم ركائز التنمية والديمقراطية والوفاق بين أطراف الإنتاج والعمل الوطني في أمة، وكل ذلك بالطبع يدور في إطار تحقيق ما أطلقنا عليه بالدولة المطمئنة في زمن الفوضى والاضطرابات والصراعات وفقدان المناعة الوطنية ضد كل أشكال الاختراقات الخارجية، وعلى رأسها بث روح التعصب والتطرف بين المواطنين ضد أنظمتهم السياسية وحكوماتهم، وحتى ضد بعضهم البعض، حيث اللجوء للانتقام السياسي او العسكري، ومحاولة تدمير تلك الأنظمة والحكومات التي لم تستطع توطيد تلك العلاقة الحتمية مع مواطنيها، وما بد أبدا لأي نظام سياسي مستنير وحكومة واعية من وضع الثقة السياسية على قمة الأولويات التي تصب في إطار بناء الدولة الآمنة المستقرة المطمئنة، واحتواء الأفكار القائمة على التعصب وأشكال العنف والتطرف السياسي.
الفكرة الرابعة: (ضعف الاقتصاد الوطني والتنمية الاقتصادية)
حيث يعد ضعف الاقتصاد جانب مهم للغاية في تنمية العنف في المجتمع، وهو ما يؤكده هارولد لاسكي في كتابه – الحرية في الدول الحديثة – في قوله: (انه حين يبدأ اقتصاد المجتمع بالانكماش، حينئذ تكون الحرية في خطر، فالتقلصات الاقتصادية دائما تعني الخوف، والخوف يولد الشك باستمرار، -وهو ما يجعل أفراد المجتمع- أكثر استعدادا للسماع الى أصوات الجديدة، وأنهم في الغالب يطالبون بتغييرات جديدة، وفي هذه الحالة لا تستطيع الدولة الاحتفاظ بسلطتها لذلك تلجا إما الى القمع الداخلي او الحرب مع الدول الأخرى).
هكذا نفهم أن (هناك علاقة تناسب عكسية بين التنمية الاقتصادية والعنف، - أي – كلما تزايدت مظاهر الإصلاح الاقتصادي، انحسرت مظاهر العنف السياسي ومعدلاته، - بمعنى – ان العنف ينخفض في النظم السياسية التي تعتمد الحداثة والإصلاح نظرا لوجود مؤسسات سياسية واجتماعية واقتصادية وسيطة تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وتضبط ظاهرة الحراك الاجتماعي، فالحركات السياسية الكبرى كالشيوعية والفاشية كما يقول ذلك – كارل بولانيي – نبعت جزئيا من ردود الفعل الشعبية على حالات انعدام المساواة التي رافقت حرية العمل التجاري، والذي هو كذلك بسبب عدم تدخل سلطة الدولة واضطلاعها بمسؤولية المساعدة والمشاركة وليس السيطرة والتحكم والتسلط في حل تناقضاته الداخلية وتحدياته النابعة من ضربات العولمة العابرة للقارات والحدود، فليس من الممكن تسويغ كل التدخلات الحكومية في الاقتصاد تحت عنوان النزعة المؤسسية، ورؤية أن المجتمع المدني لا يمكن أن يتحقق إلا عبر الدولة كما أراه شخصيا.
خلاصة الأمر: بأنه وحيثما حاز مجتمع ما اقتصادا قويا ومتوسعا، شعر الناس فيه بالأمن وبإحساس بالرفاهية والرحابة وتوفر فرص العمل وإمكانية التطور والتقدم إلى الأمام، وسيكون هذا المجتمع واثقا من نفسه، فهو مجتمع لا يسيطر الشك على أفراده، فالاقتصاد القوي يجعل الناس يحسون بان الأمل موجود أمامهم، وأتصور أن الأمل هو شرط حيوي ومحفز قوي يدفع الناس لاحترام القانون، أما حين يفقد الأمل فان الشك يبدأ بالتغلغل إلى النفوس والأفكار، وحيث يتواجد الشك ينتشر الخوف، وبكل تأكيد فان الخوف والشعور بالقلق من الناحية الاقتصادية من أهم أسباب التحايل على القوانين والسعي لاختراقها، فالفرد منا حين يشعر بأنه مهدد من الناحية المادية والمعيشية يبدأ بالبحث عن وسائل أخرى للوصول إلى هدفه الذي حالت الظروف الاقتصادية او بعض القوانين دون الوصول إليه.
الفكرة الخامسة: (مواجهة الاغتراب الديني)
بشكل عام تؤكد الكثير من الدراسات والبحوث واستطلاعات الرأي الدولية منها والإقليمية بان عودة التيارات والاتجاهات الدينية في العالمين العربي والغربي كانت نتيجة مباشرة لانهيار الأيديولوجيات العلمانية التي أظهرت الأيديولوجيات الدينية من جديد في أواخر القرن العشرين، لكي تؤدي دورا رئيسيا في الصراعات الدولية في بدايات القرن 21، لان شرعية الايدولوجيا تنبع من استجابة العقل إلى حاجات أخرى غير الحاجات العلمية والتقنية، لذلك نرى الناس يعملون على إحياء الجذور الدينية للحصول على دواء لمشاكلهم التي لا تستطيع الدولة القيام بأي شيء تجاهها، وفي الأحوال كافة كما يقول مكيافيللي: فان احترام العبادة السماوية يكون مصدر العظمة للجمهوريات، وان إهمالها يؤدي الى تدهورها وخرابها، لأنه حيث يوجد الافتقار إلى الخوف من الله، تكون المملكة إما قد أصابها الخراب او سيطر عليها الخوف من الأمير، وهو خوف يستعاض به عن الدين.
وبمعنى آخر – نجح مفكرو ومخططو تلك التيارات وحركات الإسلام السياسي او التنظيمات المتعصبة لفكرة التشدد والغلو والتعصب الديني في فهم نقطة ضعف النفسية الجماهيرية والاجتماعية العربية نحو تزايد رصيد الكراهية والحنق تجاه أساليب إدارة الحكم والثروات لتلك الأنظمة السياسية العربية التي لا زالت تنظر إليها الجماهير الغاضبة على أنها أنظمة قمعية وعميلة للغرب والاستعمار، ولا هم لها سوى ملئ بطون وجيوب أتباعها ورعاياها، حتى وان كان ذلك على حساب الشعب وقوته ومستقبله.
فكانت تلك النقطة مدخل أيديولوجي استطاعت تلك التيارات والأحزاب من استغلاله والعزف على وتره مع بعض اللمسات العاطفية والدينية لسحب البساط من تحت تلك الأنظمة القائمة، (وغالبا ما تقبل أيديولوجيا معينة بسبب عناصر نظرية خاصة تفضي الى مصالحها، - وليس بالضرورة على عناصر أصيلة فيها، وإنما قد ينبثق ذلك الاختيار من مواجهة عرضية ولحظية - فحين تكافح مجموعة فلاحيه فقيرة مثلا ضد مجموعة حضرية استعبدتها ماليا، فقد تتجمع حول عقيدة دينية ترفع من قيم الحياة الزراعية وتلعن الاقتصاد النقدي ونظامه الائتماني بوصفه غير أخلاقي)
الفكرة السادسة: (المعالجات الأمنية والسياسية لظاهرة الإرهاب والتطرف)
نستطيع أن نؤكد وبما لا يدع مجالا للشك بان من اخطر التحديات التي تواجهنا اليوم في طريق احتواء ظاهرة الإرهاب والتطرف والانضمام لتلك التنظيمات التي تعمل ليل نهار على تقويض الأمن والاستقرار في العالم، والتي نجحت في استقطاب العديد من الشباب حول العالم إليها هو المعالجات الأمنية والسياسية الخاطئة لاحتوائها، فمن الملاحظ أن المعالجة التي بدأت توجه لظاهرة الإرهاب ـ في السنوات الأخيرة على وجه التحديد ـ هي معالجات سياسية وأمنية أساسا، واخشي أن تظل تدور في هذا الإطار الذي لن ينجح وحده في حل مشكلة جوانبها القانونية والاجتماعية والدينية، ومن ثم يجب استخدام الفكر والعقل والفن القانوني في المواجهة).
وعليه ومن منطلق هذه التحديات الناتجة عن امتداد منهجية والية البحث عن حلول منطقية لهذه الظاهرة إلى ما هو ابعد من اشكالياتها الخارجية والواضحة، فإننا نوجه عناية القائمين على صياغة القوانين وسياسات العمل في هذا الإطار، على مراعاة بعض العوامل الخفية والمهمة الناتجة عن تحديات منهجية البحث الجاد، كوجود بعض الاعتبارات العملية والعلمية والعوامل المهمة والرئيسية الموجهة والمحفزة لهذا الوباء، كالعامل النفسي والاجتماعي والديني، وأخذها بعين الاعتبار عند وضع تلك القوانين والسياسات الإقليمية والمشاركات الدولية في إطار التعاون الدولي للحد من انتشار واستفحال هذه الظاهرة وهذا الوباء الفتاك في بيئتنا الإقليمية والدولية.
اضف تعليق