ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات موضوعا تحت عنوان (الاستثمار في حقوق الإنسان)، بحضور عدد من الأساتذة ومدراء المراكز البحثية والأكاديميين المختصين، في ملتقى النبأ الأسبوعي، وقد جاء في الورقة التي تلاها الباحث في المركز الدكتور علاء إبراهيم الحسيني:
الاستثمار هو مصطلح اقتصادي وتجاري بالدرجة الأولى، ولكن نحن نبتغي ان نربطه في حقوق الإنسان، إي ان نوجه الاستثمار في الإنسان وفي حقوق الإنسان، وليس فقط في خانة الاستثمار التجاري، أو في الجوانب الاقتصادية، التي نعرفها على مستوى العالم، أو على مستوى التطبيقات اليومية.
حيث تتجه بوصلة الاستثمارات الاقتصادية والتجارية في عالمنا اليوم، إلى الميادين أكثر ريادية على مستوى الربح، حيث تتسابق الشركات الكبرى لاسيما الشركات المتعددة الجنسية العابرة للحدود، فيما بينها لاستثمار أموالها ورؤوس أموالها في قطعات منها القطاعات النفطية، أو قطاعات الوقود بشكل عام، أو قطاعات الصناعات الحربية، وقطاعات أخرى مربحة بالنسبة لهذه الشركات.
آخر هذه الجوانب هي الجوانب التقنية والتكنولوجية والذكاء الاصطناعي ومسالة التواصل الاجتماعي، لكن لعل هذه الاستثمارات غاب عنها الجانب الأخلاقي، وحضر فيها الجانب الربحي أو الجانب المادي، هذا السلوك المتأصل في وجدان وضمير الدول الرأسمالية والاستعمارية، التي جعلت من تلك المناخات ظروف طيبة اتجاه إيجاد مفهوم الاستعمار الاقتصادي أو الاستغلال التجاري للدول الأكثر ضعفا.
ومن أهم مصاديق هذا النظرية ما يحصل اليوم في الدول الإفريقية أو غيرها من الدولة الغنية في مواردها الأساسية والبشرية، في مقابل ذلك هي فقيرة في النواحي التكنولوجية والتقنية، لذلك مثل هذا الأمر تحديا كبيرا للضمير الإنساني، وهذا مما اعطي فسحة كبيرة للام المتحدة كمنظمة معنية بالدرجة الأساس في دعم وصيانة حقوق الإنسان، إلى التركيز على هذا الموضوع، لاسيما في تسعينيات القرن الماضي.
بداية الشرعة الدولية بدأه في عالمنا المعاصر في عام (10/12/ 1948)، لما تمت الموافقة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في جمعية العامة لحقوق الإنسان، ومن بعد ذلك جاء العهدين الدوليين، ومن بعد ذلك سارت الأمم المتحدة اتجاه الكثير من الاتفاقيات التي تخص حقوق الطفل، ومنع الإبادة، والسكان الأصليين، وغيرها من الاتفاقيات الأخرى التي تتعلق بحقوق الإنسان.
ما بعد الحرب الباردة، وبروز التكتل الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، التي هيمنت على شرايين الاقتصاد العالمية، لاحظت الأمم المتحدة أهمية التركيز على موضوعة التنمية، لاسيما بعد الإخفاقات الكبيرة في مجال الانتصار لحقوق الإنسان والعالم، لذلك ذهبت قمة ريو جانيرو في البرازيل للعام (1992) للتركيز على مسألة التنمية، ومنذ ذلك الحين بداءة تتداول على الألسن فكرة التنمية الاقتصادية، التجارية، الشاملة وغيرها من المصطلحات الآخر.
لكن على الرغم من ذلك بقي ان المشكلة في الجانب الأخلاقي في التعامل الاقتصادي والتجاري، لذلك بقت الأمم المتحدة منشغلة في دوامة ان تضع معايير للشركات الاستثمارية، مع الدولة التي تتعاقد معها أو تستثمر أموالها فيها، هذه الشركات تنطلق من حقائق تخدم مصالح تلك الشركات، وذلك من اجل ان تحصل على قدر اكبر من الحقوق، دون ان تلزم نفسها بشيء من الالتزامات لتلك الدولة أو لشعب تلك الدولة، أو لبيئة تلك الدولة، أو للأضرار التي ستسببها بشكل مباشر أو غير مباشر لشعب تلك الدولة.
بعبارة ثانية الشركات تحاول ان تتملص من المسؤولية إزاء تلك الدول التي تستثمر فيها، أو تمارس نشاطها الاقتصادي والتجاري في تلك الدول، بسبب تلك الأضرار التي ستنعكس عليها لان الشركات محصنة، من خلال وضع شروط معينة اتجاه الدول التي تعمل بها، من ضمن تلك الشروط الثبات التشريعي، وأيضا التخلص من ولاية القضاء الوطني، وشروط التحكيم إمام غرف التجارة في باريس ودبي
لذلك استمرت الأمم المتحدة تسعى خلف هذا الموضوع إلى ان استطاعت في العام (2011)، ان تضع مجموعة معايير أو قواعد استرشادية للمعاهدات والاتفاقيات الثنائية الاقتصادية الاستثمارية، العراق وحده وقع خلال الفترة الممتدة من (2005/2020)( 164) بين اتفاقية أو مذكرة استثمارية مع شتى دول العالم.
بالتالي كنا ومازلنا نتسائل عن المسؤولية التي تثار حول الاستثمار؟، وعن توجيه الاستثمار نحو بوصلة حقوق الإنسان، بمعنى إننا نريد ان نحصل على نتيجتين أو فائدتين، الفائدة الأولى ان اتفاقيات الاستثمار، يشار فيها إلى القوانين والقواعد المتعلقة بحقوق الإنسان، سواء كانت تتعلق بالمواثيق الدولية والمعاهدات، أو القوانين الوطنية التي تتعلق بالقانون الوطني الداخلي للدولة.
الأمر الآخر ان الاستثمار يتجه نحو قطاعات معينة، هذه القطاعات قد لا تلبي الاستجابة الحقيقية لحقوق الإنسان بالدرجة الأساس، لا سيما ذلك الاستثمار الذي يستهدف المؤسسات التعليمية، المؤسسات الصحة، المؤسسات التربوية، المؤسسات الإسكانية.
لو أخذنا على سبيل الفرض التجربة العراقية في قطاع الإسكان هل كانت هذه التجربة تبعث على الأمل، قطعا الإجابات ستكون على الأعم الأغلب سلبية وغير ايجابية، بحكم كون تلك المجمعات غير موجه للطبقات الضعيفة أو الأشد فقرا، بل على العكس من ذلك هي موجه للطبقة المرفه وفوق الوسطى، بالتالي هذه الاستثمارات بعيدة كل البعد عن تعزيز حقوق الإنسان العراقي.
أضف إلى ذلك إلزام الشركات الاستثمارية بمراعاة مبادئ الإنسان وحرياته، تتطلب منا ان نقف عند بعض الجزئيات التي افرزها الواقع العملي، خاصة وان هذه الشركات لما تستثمر في قطاع معين هي لا تأتي من فراغ، وإنما تأتي من أجندات وسياسيات للدولة التي تتبعها، لذلك الأجندات السياسية سوف تكون حاضرة في هذا الموضوع.
الشاهد هنا الاتفاقيات التي وقعها مؤخرا الرئيس الأمريكي مع الدول الخليجية، وما هي الأسباب الحقيقية التي دعت تلك الشركات للعمل مع تلك الدول، التي تشهد استقرار سياسي ومحكومة من قبل أنظمة دكتاتورية، بالتالي هي توفر بيئة أمنة للشركات الباحثة عن الإرباح فقط، ولا تبحث عن الفضيلة، أو عن الجوانب الأخلاقية، هذه الشركات محملة بالتقنية وبالتكنولوجية المتطورة، التي لا تنافسها شركات أخرى، بل هي شركات احتكارية.
بالنتيجة نحن إمام إشكالية كبيرة ومعقدة جدا، فتلك الشركات تنطلق من فكرة الثبات في العقد، والثبات في النصوص القانونية الوطنية، في مقابل ذلك نحن كأفراد نعول على فكرة بسيطة وهي التوقع، بمعنى إنا شخصيا ماذا أتوقع من الحكومة، وماذا أتوقع من الشركة الاستثمارية، هذه التوقعات حمايتها موجبة، لأنها تنطلق من حسن نية، وبالتالي فان حسنه النية ملزم، وعل الحكومة ان تحترم حسن النية وحسن التوقع.
من هنا تتشكل نظريتين:
النظرية الأولى: نظرية الأمن القانوني تنصرف على الطرفين الشركات والمتأثرين بنشاط هذه الشركات بشكل مباشر أو غير مباشر، والأمر هنا بطبيعة الحال لا يشمل المتعاملين معها على اعتبارهم يتبعون أطراف من أطراف هذا العقد.
النظرية الثانية: النظرية القانونية التي تتعلق بالجهة التي أبرمت هذا العقد ومما انطلقت، لذلك من الضروري جدا وجود تكافئ الفرص.
ولأجل لملمت أطراف هذا الحديث نذكر المتلقي العزيز إننا نناقش اليوم الاستثمار في حقوق الإنسان، وليس الاستثمار في الموارد وتعظيم الموارد، نحن نبحث أيضا عن إنسانية الاستثمار وأساليب الاستثمار، وان يكون هذا الاستثمار موجها إلى الإنسان وفي خدمة الإنسان وعلى كافة الصعد والمستويات.
وذلك على اعتبار ان الدستور العراقي في المادة (25) يلزم الحكومة العراقية بان تصلح الاقتصاد العراقي وفق أسس علمية حديثة تكفل استثمار أو استغلال كل موارده، وتنويع مصادره، لذلك إما ان الأوان للحكومة العراقية ان تنمي هذه الفكرة، التي تدعو لبناء نظام اقتصادي قائم على الاستثمار في الإنسان العراقي.
وهذا الاستثمار يحتاج إلى تضافر جهود كل مؤسسات الدولة العراقية والمؤسسات الأهلية، التي لها علاقة بالاستثمار في الإنسان ومنها مؤسسات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث والنقابات، وغيرها من الجهات الأخرى الرسمية وغير الرسمية، التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالإنسان.
وللمزيد من النقاش نطرح السؤالين التاليين للإجابة عليهما:
السؤال الأول: لماذا تتجه بوصلة الاستثمار الكبرى صوب الدول التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية واستبدادية، بدل ان تتجه نحو الدول الأقل نموا والأغنى في الموارد البشرية والأولية؟.
السؤال الثاني: ما السبيل لترشيد السياسات الحكومية العراقية باتجاه الاستثمار الحقيقي في حقوق الإنسان العراقي؟.
المداخلات
بناء السلطة يتقدم على بناء الإنسان
- الدكتور خالد العرداوي؛ مدير مركز الفرات للدراسات والتنمية الإستراتيجية:
يعتقد ان الاتجاه حاليا في قضية الاستثمار يتجه صوب الدول الاستبدادية، هذا ناجم عن تغير الرؤية العالمية لما يجري في النظام الدولي، قبل كورونا كانت التركيز حول مصطلحات العولمة ومقتضيات العولمة، وفي ظل العولمة كان يجري الحديث عن عولمة حقوق الإنسان، وعولمة الأفكار، وعولمة رؤوس الأموال أيضا، بالنتيجة كان هناك نوع من الانفتاح باتجاه هذه القضايا.
لكن بعد تأثيرات العولمة والانكفاء على الاقتصادات الوطنية نوعا ما، هذا خلق مشكلة خصوصا مع وجود دعم القوى الكبرى في واشنطن للقوى التي تريد ان تطور قضية حقوق الإنسان فيها، هذا الدول عندما طالبت بحقوق الإنسان، وزرع الديمقراطية، وتطوير مبادئ حقوق الإنسان فيها، الدول الديكتاتورية أدركت حينها بان هذا المعطى يعني تهديد لمصالحها، وهو شكل من أشكال الفوضى في هذه البلدان، لذلك عادت أمريكا التي كانت تدعم الديكتاتوريات في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
عادت مرة أخرى في مطلع الألفية تتحدث عن دعم حقوق الإنسان، على اعتبارها لها الأولوية على نظام الحكم، ولكن بعد كورونا وبعد الربيع العربي، أصبحنا إزاء حالة أخرى لا تتعلق في حقوق الإنسان، بل تخدم مصالح الدول الكبرى مع وجود نظام حكم مستقر، أفضل من ان تطالب بالديمقراطية وحقوق الإنسان وتخسر مصالحك ويصبح نظام الحكم غير مستقر، خصوصا بعد ان خسرت هذه الدول مصالحها لصالح الحركات الاسلامية، وهذا هو ما يفسر السؤال الأول.
إما بالنسبة للوضع في العراق هي منعقدة على طبيعة النية السياسية والإرادة السياسية، لذلك لا اعتقد النية السياسية منصبة على الاستثمار في قضية حقوق الإنسان، اليوم قضية حقوق الإنسان مع وجود نظام سماه..فوكوياما: (اللصوصقراطية)، هذا النظام لا تعنيه حقوق الإنسان الا بجانب عرضي.
ولذلك لا يجري الاستثمار في حقوق الإنسان، بل على العكس من ذلك تم تعطيل القوانين والمؤسسات الدستورية، إلى جانب ذلك وبغض النظر عن حقوق الإنسان الحالي، العراق اليوم لا يوجد في قاموسه حقوق الأجيال القادمة، وحق الإنسان في البيئة والثروة ونظام الحكم، هذه المعاني ليس في مخيلة صاحب القرار العراقي.
وهذا مؤشر سلبي في تاريخ الدولة العراقية، التي تستثمر كل تلك التقنيات الحديثة بالضد من حقوق الإنسان العراقي وبناء الإنسان، والسبب لان بناء السلطة يتقدم على بناء الإنسان.
تثقيف الإنسان العراقي للدفاع عن حقوقه
- محمد علي جواد تقي؛ باحث وإعلامي وكاتب في شبكة النبأ المعلوماتية:
ان مفهوم الاستثمار هو ذات طابع اقتصادي ونفعي، ما مفهوم حقوق الإنسان هو مفهوم إنساني بحت ومحدد ولا تحكمه قوانين، لذلك من وجهة نظري الحكومة العراقية هي المعنية في المقام الأول في مراعاة حقوق الإنسان، وليس الشركات المتعددة الجنسيات.
في بلد مثل العراق يعاني من الفساد والمحسوبية، قطعا هو يهتم بالأضرار التي تتسبب بها تلك الشركات، خاصة في مناطق جنوب العراقي التي تعاني من فكرة التعدي على أراضي المواطنين تحت شعار أنها تابعة لهذا أو ذاك المشروع، على الجانب الآخر على المؤسسات الثقافية والأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني مسؤولية تثقيف الإنسان العراقي للدفاع عن حقوقه.
سبب المشكلة صاحب القرار
- علاء الكاظمي؛ باحث واكاديمي:
هناك تحفظ على الآليات التي تتخذها الشركات المتعددة الجنسيات والعابرة للحدود، لأنها في حقيقة الأمر تحاول بشكل أو بآخر التحايل على الناس، وهذا ليس بالشيء الجديد بل هناك الكثير والكثير من الروايات والقصص المميتة والكارثية، التي تسببت بها تلك الشركات العاملة في قطاع التغذية والصناعات الكيمياوية والعسكرية والتجميلية والمطاعم.
بالنتيجة الإنسان هو الخاسر الوحيد في تلك المعادلة، بحكم إشكالية النظام العالمي الداعم للشركات الاستثمارية، التي لا تقيم وزنا لحقوق الإنسان بأي حال من الأحوال، بل هي تنساق خلف مرجعية تحصيل الأموال، ومن ثم الذهاب الى الرغبة وليس العقل.
بمعنى آخر ان الشركات الاستثماري لا تطيق فكرة المرجعيات الدينية الساعية لتشذيب الناس وتهذيبهم، لذلك من الطبيعي جدا ان تلتجئ تلك الشركات إلى النظم الديكتاتورية، إما فيما يخص ترشيد السياسات الحكومية فصاحب القرار السياسي في العراق هو سبب هذه المشكلة.
الترشيد أساس النهضة
- خليفة التميمي؛ كاتب واعلامي:
الجذري اللغوي والاصطلاحي لكلمة استثمار تعني طلب الحصول على ثمر، والثمر هو حمل الشجرة، بطبيعة الحال هناك أنواع من الثمر، كما يصفها القران الكريم وفي أكثر من مورد..(ولكم فيها ثمر) بمعنى راس المال او أنواع المال، ويقال..(للولد والنسل) هذا ثمرة القلب، ويقال للفائدة استثمار، ويقال للنفع أيضا استثمار.
المصطلح الاقتصادي للاستثمار هو عبارة عن عمل لأفراد أو جماعات يؤدي إلى زيادة في الناتج القومي، من استلموا السلطة في العراق وخلال عقدين من الزمن لم يأخذوا بهذا المفهوم لا على المستوى اللغوي والعناية به، ولا على المستوى الاصطلاحي الاقتصادي لكي يعتنوا به ويكون العراق في موقع متقدم، نتفق جميعا على ان الترشيد والاستثمار هو أساس النهضة وأساس التطوير.
نأتي أيضا لمفهوم الحق والحقوق، الحق لغويا يعني الإحاطة بالشيء، وتعني كلمة الحقوق ثلاثة معاني أساسية هي.. الوجوب والثبوت، ونقيض الباطل، وأيضا اليقين.
بالنتيجة من تصدى للسلطة في العراق لم يكونوا على قدر المسؤولية والوعي بالأعباء، لذلك هم واجهوا سياسة جديدة في العراق والوطن العربي اسمها الفوضى، وكان من مؤشرات الفوضى الأساسية هي الرفض والممانعة والتحدي والعصيان والغضب العام.
وهذا مما استنزف موارد المجتمع البشرية والمادية في سبيل إدامة مصالحهم الخاصة، الان في الحاضر برزت التحديات ولم يجدوا الحلول، ولم يسمعوا من الطبقة الأدنى منهم، في مقابل ذلك هم غير قادرين على إيجاد استراتيجية جديدة تعالج تلك الثغرات أو تحد منها على اقل تقدير، بالتالي الفوضى ستجلب فوضى عارمة لا سامح الله.
خفض في الطلب وأجمل في المكتسب
- الشيخ مرتضى معاش:
ان موضوع الاستثمار في حقوق الإنسان تعني في حقيقة الأمر التنمية، والتنمية بحد ذاتها كسردية منتشرة كدعاية عند الإعلام العالمي، ومرتبطة ارتباطا مباشرا بالغرب بشكل خاص، وتقودها الأمم المتحدة في مشروع التنمية المستدامة للعام (2030)، وأيضا البنك الدولي، الذي يرعى هذه التنمية والاستثمار في حقوق الإنسان.
بغية خفض معدلات الفقر إلى مستويات كبيرة، لا سيما الشرائح الاجتماعية التي تقع تحت خط الفقر (الفقر المدقع)، بمعنى ان الدخل اليومي للفرد الواحد يبلغ اقل من دولارين فقط، علما ان عدد الفقراء بالفقر المدقع ما قبل جانحة كورونا وصل إلى (700) مليون إنسان، إما ما بعد كورونا تنامى هذا العدد، ولكن من ينتقد هذه السردية يقول ان هؤلاء أصبحوا أكثر فقرا، بسبب انخفاض القوة الشرائية للدولار.
الفقير الذي قبل عقدين من الزمن، كان أفضل حالا من الشخص الذي يدعي انه خرج عن دائرة الفقر المدقع، المشكلة الأساسية هي ليست مشكلة حكومات فقط، بل هي مشكلة حكومات وشعوب، الحكومات هي تعمل لتلبية ضغوط الرأي العام، في مقابل ذلك الناس تبحث عن وظائف، بالتالي الحكومة هدفها توفير وظائف للناس بأي طريقة كانت، حتى تستطيع ان تحقق مشروعها الانتخابي.
هذه الوظائف بطبيعة الحال تأتي على حساب التنمية في الصحة والتعليم وكل الموارد الأخرى التي تحدثنا عنها سابقا، حتى في الولايات المتحدة الأمريكية اكبر اقتصاد في العالم من ناحية الناتج المحلي الإجمالي، هي أيضا تعيش أزمة كبيرة في قضية التعليم والصحة وانخفاض المهارات المطلوبة لتطوير سوق العمل.
عندها تضطر الحكومات إلى الاستدانة والاقتراض من اجل إيجاد وظائف كما هو الحال في العراق، الذي يعاني من خلل كبير في التنمية، خصوصا مع ارتفاع التضخم وارتفاع الضرائب سوف يؤدي إلى انخفاض القوى الشرائية للموظف، لذلك عندما يزداد التعيين يقابلها زيادة في الضرائب.
بالتالي يؤدي هذا الفعل إلى انخفاض قوة العملة الشرائية، عندما تقوم الحكومة بالاستدانة من اجل تغطية هذا العجز، هذه العملية التسلسلية والمستمرة ليس لها حل، حتى الغرب الذي يرفع راية حقوق الإنسان والديمقراطية الناعمة وحقوق الأقليات هي من اجل الهيمنة والسيطرة، تختلف الأساليب لكن الغاية واحدة، الاستعمار القديم جاء عبر السفن التجارية، اليوم هو يلبس رداء العولمة والتكنولوجيا.
بالنتيجة هو يسعى لتلبية حاجات المواطنين وحقوق المواطنين الذين أعطوا الأصوات الانتخابية، فتأتي الحكومات وتنتهك حقوق الإنسان في دول أخرى، من اجل تلبية حقوق الإنسان في دولها، انها الازدواجية والتناقض بحد ذاتها، لذلك الرأسمالية في طبيعتها وجوهرها لا تنتج الا هذا، لأنها تنطلق من قاعدة أساسية هي النمو الاقتصادي، الذي لابد ان يكون مرتفعا حتى تستطيع الشركات ان ترفع قيمة أسهمها.
هذه الإشكالية لا يمكن حلها الا من خلال خفض الاستهلاك الأعمى، فمثلا شركة (كوكو كولا) من اكبر الشركات العالمية هي متهمة في اكبر عملية تلوث بلاستيكي في العالم، بالنتيجة ليس لنا ملاذ الا التماشي مع قول الإمام علي عليه السلام: (فَخَفِّضْ فِي الطَّلَبِ وَأَجْمِلْ فِي الْمُكْتَسَبِ) هذه هي المعادلة الصحيحة في بناء الاقتصاد والتنمية المطلوبة.
الشاهد هنا الأماكن المخصصة للرياضة في كربلاء تحولت فجأة إلى مول ومطعم، فبدل ان ننمي صحة الشباب العراقي وأجسامهم بالاستثمار السليم، توجهت الحكومات المحلية الى زيادة الاستهلاك السيء بما يؤدي تزايد الامراض فيهم والأضرار بصحتهم، فعنداك عندما تزداد الأمراض تزداد تكاليف العلاج والإنفاق الحكومي، هذا ان دل على شيء فيدل على قلة التفكر والحكمة والتعقل، في فهم الغايات المطلوبة في بناء المجتمع الجيد.
الاستثمار في العقول استثمار ناجح
- الدكتور عقيل الحسناوي؛ أستاذ جامعي:
يعلق على جزئية الاستثمار السكني الذي تعج به الساحة العراقية اليوم، الأرض التي يقام عليه المجمع السكني تعطى بالمجان للمستثمر، من ثم جاءت الإجراءات الأخرى التي تتعلق بمبادرة البنك المركزي المفصلة فصالا كاملا على المستثمر، لاستلام مبلغ الوحدة السكنية كاملا تحت عنوان المبادرة.
هذه الإجراءات مهدت الطريق واسعا إمام المستثمر المحلي والأجنبي على سواء، ان يحقق أرباح فلكية لا تقاس بأي حال من الأحوال مع السعر الحقيقي للوحدة السكنية، ناهيك عن التسهيلات التي تقدمها الحكومة العراقية للمستثمر من مثل الحصول على الأرض بشكل مجاني، وان يتقاضى المستثمر أجور الوحدة السكنية كاملا من المصارف العراقية.
ولأجل معالجة هذه الهفوات والأخطاء فلابد للاستثمار الداخلي ان يخضع للقوانين الداخلية، أما بالنسبة للاستثمار الأجنبي فهو في كل الأحوال لا يخضع للقانون الداخلي، بل يخضع للتحكيم الدولي، مثلا في القانون التجاري هناك نزاع بين العقد والمعاهدة، أحيانا اثناء التحكيم يتم تطبيق العقد، وأحيانا أخرى يتم تطبيق المعاهدة، فعند تطبيق المعاهدة تكون المسؤولية دولية وليست فردية.
إلى جانب ذلك تم ابتكار بند الحماية أو (شرط المظلة)، وذلك اجل حماية الاستثمار الأجنبي من الدولة المضيفة للاستثمار، بالمجمل الدولة تستطيع حماية الاستثمار بطريقة أو بأخرى، في الدول الأوروبية هناك نظام يسمى..( اللائحة العامة لحماية الخصوصية)، هذه اللائحة تخدم المواطن الأوروبي على طول خارطة الاتحاد الأوروبي وله حق التعديل والحذف.
من الناحية الثانية الأخرى هناك أمور تتعلق بالاستثمار تخص مخاطر التطور العلمي، على سبيل المثال عقار طبي يتم استخدامه الآن وبعد عشر سنوات تظهر مضار هذا العقار، نستشف من خلال ذلك المثال ان الاستثمار اخذ اليوم ابعاد جديدة، في كوريا الجنوبية هناك أشكال من الاستثمار في العقل كالرقائق التي تستخدم في كافة مجالات البحث العلمي والتكنولوجي.
لذلك اتجهت الشعوب نحو المسؤولية الأخلاقية للشركات وبغض النظر عن المسؤولية القانونية لأنها لا تكفي، والسبب لأنها تتحكم بالإنتاج، لذا أصبح التوقع هو سيد الأحكام وهو من الزم الشركات بالتبرع للصحة والتعليم ودعم البحث العلمي، هذه المنطلقات تأتي من جراء المسؤولية الأخلاقية، بعض تلك الشركات تخصص نسب معينة من أرباحها لخدمة تلك المشاريع والخطط.
هذا النهج جاء بسبب المطالب الشعبية وتفعيل المسؤولية الأخلاقية للشركات، في قانون الاستثمار السابق كانت هناك مجموعة مزايا وإعفاءات للشركات الخاصة، بمعنى ان الدولة تتنازل عن مجموعة من الإعفاءات من اجل جذب المستثمرين، وهذا يسمى (السباق نحو القاع)، هذا النوع من الاستثمار هو الذي دفع أوروبا للاستثمار في الدول الآسيوية كفيتنام الفلبين ماليزيا بنجلادش.
الحكومة العراقية على سبيل المثال تستثمر في التعليم المجاني في جميع مراحله، بالتالي ان الاستثمار في العقول هو الاستثمار الناجح.
البنية الثقافية المتعبة والمهلهلة
- علي حسين عبيد؛ باحث وكاتب في شبكة النبأ المعلوماتية:
ان جذر تلك المشكلة يتوقف عند البنية الثقافية المتعبة والمهلهلة، في أي مجال تذهب الان تجد ان الثقافة في الوسط الاجتماعي العراقي وفي كل الأعمار تجد لديهم نقص في هذا الجانب، لذلك عندما نأتي الان لنتحدث عن الحكومة العراقية، كأننا نخالف الواقع جملة وتفصيلا، لأنها بأي من الأحوال هي نتاج هذه البيئة الثقافية وهذا المجتمع.
لذلك من السذاجة بمكان ان تطالب الحكومة العراقية بهدف كبير مثلما هو مطروح في هذه الحلقة، وهي لا تمتلك المؤهلات الكافية، هذه الأهداف وهذه البرامج تتصدى لها شخصيات كبيرة في الأخلاق، العقل، التفكير، بكل هذه المواصفات العظيمة للرجل القيادي.
أنت عندما تطلب هذه الأشياء الكبيرة جدا من عقليات ونفوس ضعيفة جدا، هذه مشكلة نعاني منها، لذلك لا بد من العودة إلى جذر العائلة العراقية، المشكلة من وجهة نظرنا تحل من خلال الاستثمار في حقوق الانسان من الطفل صعودا الى بقية المراحل العمرية.
نظرية الصدمة الأمريكية
- الدكتور خالد الأسدي؛ باحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث:
فكرة الصدمة التي اعتمدتها الإدارة الأمريكية في السجون داخل وخارج أمريكا، ومن ثم تم تطبيق نظرية الصدمة على الشعب الشيلي، وفرضوا عليه مجموعة من الضرائب والعقوبات وارتفعت الأسعار وعمت الفوضى، من بعد ذلك جاءوا بالشركات الأمريكية كحلول ناجعة للشعب الشيلي.
هذه الشركات لديها نوع من أنواع التخادم المتبادل بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تخصص تلك الشركات حصص مالية للولايات المتحدة، لذلك أصبحت تلك الشركات هي اليد الضاربة للدول العظمى، على الجانب الآخر الدول الكبرى عليها ان تهيئ لها الأرضية، تم تطبيق نظام الصدمة في أفغانستان وفي باكستان ودول أخرى.
ما يعنينا الان ان العراق يعيش نظرية الصدمة الأمريكية وذلك من خلال ارتفاع الأسعار، وتذمر الناس من الحكومة، وعزل العراق عن المجتمع الدولي بطريقة أو بأخرى، وكل هذه المعطيات هي مقدمات لاستقدام الشركات الأجنبية.
غسيل الأموال
- الدكتور منتصر العوادي، اكاديمي وباحث:
ان الحديث عن حقوق الإنسان هو حديث كبير ومطول، بوصف هذه المفردة وهذا المصطلح هو مصطلح عميق وفيه مداخلات كثيرة، النقطة البارزة في هذا الأمر هو العنوان ذاته، الأمم المتحدة المنظمة الأولى في العالم هي التي شرعت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ومنذ ذلك العهد والى يومنا نجد هذه الحقوق هي عبارة عن بنود مركونة على الرفوف، والدليل ان الأمم المتحدة وكل من يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان نجدهم عاجزين عن الدفاع عن حقوق هذا الإنسان، الشاهد هنا عمليات الإبادة التي يتعرض لها الإنسان الفلسطيني، وما قبل ذلك ما حدث في بورما والعراق إبان الاحتلال الأمريكي.
حوادث عديدة سجلها التاريخ ولم نجد للأمم المتحدة صوتا أو بارقة أمل في إرجاع هذه الحقوق إلى مستحقيها، بل والأدهى من ذلك نجد مؤسسات استغلت عنوان حقوق الإنسان في أمور خطيرة تمس غسيل الأموال، هم يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان ويجبون أموال عن طريق التبرعات والمنظمات، ليستحصل مبالغ كبيرة لتهريبها أو استغلالها في دعم الجماعات المتطرفة أو الإرهابية.
بالتالي أصبحت هذه التيمة هي محل إشكال، لاعتبارات اقل ما يقال عنها بأنها تحاكي مصادر تلك الأموال وكيفية إنفاقها، في العراق على سبيل الشاهد من يطالب بحقوقه، إما ان يتم تصفيته جسديا، وأما ان يهجر خارج البلد، هذا مما شكل عامل ضغط كبير وكبير جدا إمام الإفراد للمطالبة بحقوقهم.
القائمون على الحكومة هم لا يملكون ثقافة حقوق الإنسان، هم عبارة عن مافيات وعن لصوص، وهذه حقيقة ناصعة يدركها القاصي والداني وحتى دول العالم، ما يعنينا في هذه المرحلة هي تثقيف الناس على ان حقوق الإنسان حالة يقرها الشرع والدين والإنسانية، ومن دون هذا التوجه فنحن كمن يسير نحو الهاوية، غالبية المجتمع العراقي يجهل ما له من حقوق وامتيازات في بنود القانون العراقي.
تلك البنود مهمشة ولا تظهر للواجهة الا عندما تبحث عنها بنفسك، كان تكون حقوق مالية أو حقوق معنوية، هذه الأمور تحتاج إلى ثقافة، بالتالي من يطالب بحقوق لا بد ان يستند إلى شرعة قانونية أو شرعة دينية، من خلالها يستطيع الدفاع عن نفسه ويثبت حقه في هذا الأمر.
الاستثمار الحقيقي في الصحة العامة
- الدكتور لطيف القصاب؛ إعلامي وباحث:
ان السياسة العامة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لاسيما فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، خاصة وان كل الدلائل تشير إلى ولوغ تلك المؤسستين الكبيرتين العملاقتين والمتمردتين في المقام الأول على حقوق الإنسان، بواسطة تلك الاشتراطات المتعسفة التي تمليها على الدول منها على سبيل المثال خفض الإنفاق العام.
لدينا خمسة دول كبرى رأسمالية هي..(أمريكا فرنسا بريطانيا ألمانيا اليابان)، هذه الدول على اختلاف مناهجها الاقتصادية والسياسية ثمة قاسم مشترك بينهم، وهو تحديد مقدار الربح لاسيما في قطاعات تهم الشرائح الضعيفة، الاستثمار الأجنبي من وجهة نظري هو الاستثمار الأكثر نزاهة وهو محارب من أجندات كثيرة داخلية.
الاستثمار المحلي أصبح قاعدة ينطلق من خلالها الجهات المتنفذة، تلك الجهات قدمت خدامة جليلة لقطاعات معينة وشرائح معينة، لكنها دخلت في مضمار فيه جور على الكسبة والفقراء والمعوزين، الاستثمار الصيني في العراق حالة صحية لأنها استطاع ان يقلص مساحة الدوام المزدوج في المدارس، وقلص أيضا عدد الطلبة في الصف الواحد.
ختاما لا بد ان نعرج على القطاع الرياضي ووجود مساحة فارغة، وهذا هو الاستثمار الحقيقي في الصحة العامة، فالإنسان الرياضي يكون معافى من الإمراض المزمنة والمستعصية، ولكن عندما تصادر تلك الساحات وتقيم عليه مولات أو مطاعم.
لعبة إمبريالية جديدة
- صادق الطائي، كاتب وناشط:
ان فكرة التقدم العلمي وطرح فكرة (الرباطات) الانسان الالي سوف يغزو معامل الانتاج والعمل
اليومي بدل الانسان، لعبة إمبريالية جديدة الغرض منها جعل الانسان الغربي هو وادواته يحكمون العالم بلا منازع، تتجه الاستثمارات الضخمة والكبيرة صوب الدول التي تقودها أنظمة دكتاتورية استبدادية، وتحاول ان تتحاشى الدول التي تحكمها أنظمة ديمقراطية حتى لو كانت أكثر وفرة في الثروات.
الاستعمار الاوربي وانظمته تريد في عملها الاستثماري تتجاوز ابن البلد وتعمل لصالحها فقط، بل الدول التي تعمل للاستثمار في حقوق الانسان وتريد ان يكون هو والقيم التي يحملها في مركز مرموق وتحويله الى رأس مال محسوب تتحول نحوه واليه اكثر حاجات البلد والنشاطات الاجتماعية متماسك وقادر على الصمود والبناء الايجابي وتقويض الفساد داخل المجتمع بكل صوره واشكاله، الحكومات العراقية المتعاقبة واحدة تلو اخرى، لم تهدأ طيلة العشرين سنة الماضية حتى تفكرّ في تطوير الانسان وعملية الاستثمار، بل هدر للطاقات واشغال البلد بمشاكل مصنوعة، تقليم اظفار امريكا وابعادها عن القرار السياسي هو الطريق الوحيد الاستثمار الحقيقي في حقوق الانسان العراقي.
خدمة الإنسان
- احمد جويد؛ مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:
ان مفردة الاستثمار يقابلها الاستغلال، وهي كلمة سيئة بطبيعة الحال وهي عكس الاستثمار، الاستثمار في حقوق الإنسان يعني ان نسخر كل شيء لخدمة هذا الإنسان، وكيف نحفظ لهذا الإنسان كرامته، وليس ان نسخر الإنسان لخدمة الشركات، الإمام علي عليه السلام حينما سئل عن أيهما أفضل العلم أم المال قال يا كميل: العلم خير من المال. العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو على الإنفاق، والمال يزول، ومحبة العالم دين يدان به، وبه يكسب العالم الطاعة في حياته).
لذلك ما الجدوى من وجود حقول نفطية وغازية واستثمارات كبيرة، في مقابل ذلك الإنسان متعب ومنهك ومعدم وجاهل ومتخلف ومريض صحيا، الله سبحان وتعالى يقول في محكم كتابة.. (ولقد كرمنا بني ادم)، إذا الإنسان هو محور هذا الوجود وسخر له كل شيء في هذا الوجود.
هذه المبادئ هي استغلال وليس استثمار، الدول الكبرى التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية والتي شرعت حقوق الإنسان، هي ليست بدوافع إنسانية وأخلاقية، بل من اجل إدانة دولة بعينها وهي المانيا، مؤخرا زيارة ترامب للمنطقة يلتقي بالشرع وهو رجل إرهابي وقاتل، ترامب يقيم علاقات مع دولة ديكتاتورية مثل الإمارات والسعودية التي لديها مقعد في حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
هذا المنطق هو منطق مزدوج هو أشبه ما يكون بالضحك على الذقون، بالتالي نحن ندعو الحكومة العراقية والأحزاب العراقية ان تحيي فينا حقوق الإنسان التي أوجدها القران الرسول الكريم وأهل بيته الكرام عليهم السلام، قضايا التعليم والصحة من الأمور الضروري التي لابد ان نستثمر فيها.
والسبب لان الأسرة العراقية لا تستطيع ان تحقق لأبنائها تعليم خاص بسبب التكاليف الباهظة، العراق دول غنية تستطيع ان تستثمر في قضايا الصحة، التعليم، الخدمات، الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الحقيقي والناجع، فبدل ان نخرج جيلا جاهلا من الجامعات نخرج جيل ناجح، في قضايا التقنية والتكنولوجيا.
بالتالي لزاما علينا ان نستثمر في الإنسان وفي الأموال في نفس الوقت، بوركينا فاسو هي دولة غير ساحلية في غرب أفريقيا، تشهد الان نهضة غير اعتيادية في مجالات متعددة خلال ثلاثة سنوات فقط، لذلك عند وجود إرادة سياسية شجاعة ووطنية تتجه نحو حماية الإنسان والاستثمار في حقوق الإنسان، عن طريق ما موجود من موارد بشرية ومعدنية، عندها لا يوجد عائق إمام النهوض بالبلد اقتصاديا وإنسانيا.
الاستقرار السياسي المصطنع
حسين علي حسين عبيد؛ باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:
ان مسببات لجوء الاستثمار صوب النظم الديكتاتوري هو الاستقرار السياسي المصطنع، سهولة التفاوض واتخاذ القرارات، توفر هذه الدول حوافز واسعة للمستثمر كالإعفاء الضريبي وبيع الأرض بسعر رمزي، إلى جانب ذلك النظم الديكتاتورية تسير وفق قاعدة التحكم الكامل بالعائدات، بغض النظر عن الفوائد التي تعود للأفراد.
الإجابة على السؤال الثاني تشمل أيضا مجموعة أمور أولوها.. إدماج حقوق الإنسان في السياسات الوطنية، أيضا يمكن إصلاح مؤسسات الدولة، تعزيز سيادة القانون، دعم الاستقلال القضائي، توسيع فضاءات الحريات المدنية، إلى جانب ما تقدم يمكن للدولة بناء شركات مع المجتمع المدني والمؤسسات الدولية.
بوصلة الإنفاق الحكومي نحو الجوانب الإنسانية
- حامد الجبوري؛ باحث في مركز الفرات للتنمية والبحوث الإستراتيجية:
يعلق على فكرة ارتفاع الأسعار في العراق بشكل مستمر، خاصة وان تقارير البنك المركزي المتعلقة بالسياسية النقدية مسيطر عليها من خلال نافذة العملة، إما ما يخص الاستثمار هو موضوع اقتصادي، وأيهما يتقدم على الآخر التنمية الاقتصادية أم التنمية البشرية، ما قبل تسعينيات القرن الماضي كان التنمية الاقتصادية هي العنوان الأبرز، لكل اقتصادات دول العالم.
ولكن من جراء انتشار الفقر أو المرض أو عدم وجود تعليم، لذلك سعت الأمم المتحدة من خلال مؤسساتها إلى إيجاد تقرير يأخذ بنظر الاعتبار الآثار الجانبية، ولذلك تم إصدار تقرير يسمى تقرير التنمية البشرية، الذي يتناول موضوع التعليم والصحة ونصيب الفرد من الدخل، منذ ذلك التاريخ والى الآن كل سنتين يصدر هذا التقرير الذي يشمل (168) دولة، العراق يحتل المرتبة (121) في مؤشر التنمية البشرية.
اما بالنسبة للاستثمار في حقوق الإنسان التي تشمل على حرية.. الصحة، التعليم، التفكير، المعتقد، البيئة، أيضا ما يخص تقوية المؤسسات هو أيضا يصب في خانة حماية حقوق الإنسان بشكل عام، مؤشرات التنمية الأمنية والتنمية البشرية في العراق تؤكد على إننا ننفق سنويا (20) ترليون على الجانب الأمني، بينما التنمية البشرية يصل مستوى الإنفاق عليها إلى (13) ترليون فقط، نستشف من خلال تلك الأرقام ان الاتجاه يسير نحو التنمية الأمنية وليس التنمية البشرية.
بالتالي نحن نحتاج إلى إعادة بوصلة الإنفاق الحكومي نحو الجوانب البشرية والإنسانية، التي تتعلق بقضايا.. التربية، التعليم، الصحة، البيئة وما إلى ذلك.
استهلاك المياه الجوفية
- حيدر الاجودي، باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية.:
ان موضوع الاستثمار في حقوق الإنسان هو ليس شعار، بل يعتبر حجر الزاوية لاقتصاد مستدام، بعض الاستثمارات لا تبحث عن الديمقراطية، بل تبحث عن البيئة المستقرة والآمنة، لان النظم الديكتاتورية تخلق لها مجتمع طيع يسهل التحكم به، ناهيك عن عدم وجود منظمات مجتمع مدني أو إعلام حقيقي مستقل يراقب ويتابع عمل المؤسسات الحكومية.
الاستثمارات الكبرى تميل نحو هكذا نظم استبدادية وشمولية، في مقابل ذلك لدينا فرص استثمارية تختل فيها البنية المؤسساتية ومن فساد ومن قرار سياسي غير صحيح، فيكون الاستثمار في هذه الدول بمثابة مخاطرة أو مهلكة لهذا الاستثمار، ما يخص الاستثمار الزراعي الذي يشغل بال الإنسان العراقي والمزارع العراقي حد سواء.
هذا الاستثمار يمنح الشركات والمستثمرين أراضي شاسعة وكبيرة في مساحتها وبأسعار زهيدة جدا، مع الأسف الشديد يتم استغلال هذا الاستثمار بصورة بشعة من خلال استهلاك المياه الجوفية من قبل المستثمر، فعلى سبيل المثال سنويا ينخفض منسوب المياه الجوفية ثلاثة أمتار في منطقة عين التمر، فخلال ثلاثة سنوات متتالية انخفض منسوب تلك المياه إلى تسعة أمتار.
أيضا استنزاف الأراضي من خلال استخدام المبيدات الكيمياوية المسرطنة على المدى البعيد، هذا كله بسبب غياب البعد النظري للمؤسسات الحكومية الرصينة، من اجل بناء اقتصاد مستدام وبهكذا صورة بشعة.
توصيات
وفي ختام الجلسة قدم المركز توصياته:
ان الدولة الديمقراطية هي التي تعزز استثماراتها في رأس المال البشري أو رصيدها الإنساني من مواطنيها، ويعزز ما تقدم الاستثمار في تنمية وتعزيز مفاهيم حقوق الانسان أو ما يعرف بـ(الاستثمار الإنساني) إذ تكمن الحلول للأزمات في توطيد علاقة الهيئات الحاكمة أو المؤثرة في المجتمع بالفرد.
ان الاستثمار في حقوق الإنسان يعني وضع الناس وقيمهم في مركز الصدارة عند مناقشة السياسات الاقتصادية أو التجارية والاستثمارية، أو بعبارة أخرى إنسانية النشاط التجاري والاقتصادي والتوجه بهما صوب صناعة رأس مال بشري بدعم قطاع التعليم، الصحة، والأمن والسكن الكريم والخصوصية والمساواة وتكافؤ الفرص، ونبذ العنف التجاري أو الاستثماري القائم على التمييز والطبقية والربحية والتعامل المادي البحت البعيد كل البعد عن الجانب الأخلاقي، ويمكن ان يسهم ذلك في بناء:
1- مجتمع متماسك قادر على الصمود في وجه الأزمات.
2- انسان حر قادر على البناء والتأثير الإيجابي.
3- تعزيز التنمية الشاملة على جميع الصعد.
4- تعزيز قيم العدالة والمساءلة والشفافية في كل المؤسسات العامة أو الخاصة.
5- العدالة الاقتصادية والتجارية التي من شأنها ان تحد من المخاطر.
6- تحقيق الأمن الأسري فعندما يجد الانسان فرصة العمل اللائق بما يوفر له العيش الكريم سينطبق في أفق أرحب نحو الفضيلة.
7- تقويض الفساد في المجتمع بكل صوره وتجلياته السلبية.
فالاستثمار في حقوق الإنسان ضرورة أخلاقية واستراتيجية تسهم في بناء مجتمع أكثر عدالة وإنصاف، وتحقيق السلم الاجتماعي.
..........................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات/2009-Ⓒ2025
هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org
ademrights@gmail.com
https://twitter.com/ademrights
اضف تعليق