الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يدل الناخب إلى الشخص الاصلح لشغل المقعد النيابي. فأغلب المرشحين توجد عنهم معلومات في شبكة الانترنت، من تحصيل وشهادات ومواقف ومناصب سبق أن شغلها وغيرها مما لا يحصى. بإمكانك توجيه أسئلة إلى الذكاء الاصطناعي، الذي لا يجمع لك المعلومات من الشبكة الافتراضية...

للتقنيات المتطورة وجهان، سلبي وإيجابي. الأمر يتعلق في الغالب بطريقة استخدام هذه التقنيات. التقنيات هي أداة، وبالإمكان استخدامها في اتجاهات سلبية أو إيجابية. قبل حوالي عقدين ونصف دخل الانترنت إلى الاستخدام العام، فكان معيناً على إنجاز الكثير من الأعمال بكلف أقل وسرعة أكبر. كان الانسان يبعث برسالة ورقية عبر البريد، ليستغرق وصولها إلى المقصد أياما طويلة. 

كان الصحافي يكتب مقاله يديويا ويأخذه بنفسه أو يرسله بيد مبعوث له إلى الصحيفة، وهناك يجري طبعه أولا ثم رصفه في ماكيت الصحيفة الورقي، الذي يتحول إلى خطوات الطبع الأخرى. بتطور تقنيات الاتصال باتت الرسالة والمقال يصلان عبر الفاكس، ثم الإيميل بعد دخول الانترنت، خلال دقائق قليلة. كنّا نلجأ إلى أرشيف مؤسسات صحافية أو مراكز دراسات لأخذ معلومات عن شخصية نريد إجراء لقاء معها، أو موضوع نريد الكتابة عنه، وفي عصر الانترنت بدأنا نحصل على ما نريد بضغطة زر على متصفح غوغل. ثم جاءت وسائل التواصل، التي وفرت للجميع منبراً لنشر نصوص ومواد صوتية وصورية بشكل حرّ. هنا جاءت طبيعة الاستخدام لتحدد مفاعيل هذا التطور الذي أحدث ثورة في كل المجالات. 

الذكاء الاصطناعي هو أحدث صيحات التطور الاتصالي عبر الانترنت. الكثيرون يحذرون من سلبيات هذا التطور الانفجاري، الذي يخترق الخصوصيات ويقلّص الكثير من الوظائف وغيرها من السلبيات. لكن الوجه الآخر لهذا التطور هو إيجابي كبير جعل من المهام المعقدة، في غاية السهولة، في كل المجالات.

في الحياة السياسة، تمثل الانتخابات مفصلا حيوياً يخوضه الجمهور، الذي يختار من يمثله في برلمان يسنّ القوانين وينتخب رئيس البلاد الذي يقوم بدوره بتكليف مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة. اتحدث هنا عن نظامنا العراقي البرلماني، حيث تشكيل السلطة يبدأ من البرلمان، الذي يجب أن يكون بمستوى هذه المهمة. عادة ما يعطي الناخب صوته لشخص لا يعرفه اعتماداً على تعريف شخص آخر أو جهة سياسية أو شيخ عشيرة أو غيره ذلك. 

الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يدل الناخب إلى الشخص الاصلح لشغل المقعد النيابي. فأغلب المرشحين توجد عنهم معلومات في شبكة الانترنت، من تحصيل وشهادات ومواقف ومناصب سبق أن شغلها وغيرها مما لا يحصى. بإمكانك توجيه أسئلة إلى الذكاء الاصطناعي، الذي لا يجمع لك المعلومات من الشبكة الافتراضية، ويقدمها لك كما يفعل متصفح غوغل انما يقوم بتحليل تلك المعلومات، ويستخرج لك أجوبة على ما تطرحه عليه من أسئلة. 

مثلا تسأله: "ما هي المؤهلات الاكاديمية والخبرات المهنية لفلان ومواقفه من القضايا السياسية والاقتصادية وقضايا الفساد، وهل هناك قضايا وشبهات مثاره حوله؟". سيأتيك الجواب مفصلاً. تكرر هذه الأسئلة حول مرشحين آخرين، بعدها يقوم برنامج الذكاء الاصطناعي بجمع المعلومات حول كل شخص وتحليلها بدقة ليعطيك الجواب الذي يتوصل اليه. بعدها تسأل البرنامج عن " ما هي الفروقات الأساسية بين المرشحين فلان وفلان من حيث الخبرات والمؤهلات؟" فيأتيك الجواب. ويمكن أن تسأله أيضا: ما هي التوقعات المستقبلية لسياسات المرشح (فلان) وتأثيرها على الاقتصاد الوطني خلال السنوات الأربع القادمة؟". وكذلك: مَنْ الأفضل لتولي هذا المقعد بين المرشحين (تذكر أسماءهم)؟. 

الأجوبة ستكون مذهلة في دقتها ورصانتها. هذه الأفكار طرحها وجربّها عالم عراقي نجا من الاغتيال في العراق ويتحفظ على ذكر اسمه. شخصيا اختبرت هذه الأفكار فسألت الذكاء الاصطناعي عن شخصية معينة (طرحت الاسم) وتحديداً عن أهليته لتولي موقع تنفيذي فاذهلني جواب البرنامج كما يلي:" (فلان) يحمل فكرا وقادا وله طروحات متقدمة في السياسة والفكر، أما المناصب التنفيذية فتحتاج إلى مؤهلات إدارية وقيادية لو توفرت لديه فسيكون مؤهلاً لتوليها". 

علماً بأن الشخص الذي سألت عنه لم يعرف عنه أن تولى منصباً تنفيذيا وأجزم أنه لا ينجح في التنفيذ بقدر نجاحه في إنتاج الفكر.

العالم العراقي صاحب هذا الطرح في استخدام الذكاء الاصطناعي في اختيار المرشحين أجرى تجربة في هذا السياق عبر سؤال برنامج الذكاء الاصطناعي عن أفضل الخيارات المناسبة لتولي رئاسة الحكومة العراقية فجاءه الجواب كالتالي:

"الترتيب المقترح لشخصيات رئاسة الوزراء بناءً على التحليل العام:

-محمد شياع السوداني: الأنسب من حيث التوازن بين الخبرة الإدارية والسياسية.

-عامر عبد الجبار إسماعيل: خيار قوي إذا كان التركيز على التنمية المستدامة والبنية التحتية.

-حيدر العبادي: خيار مناسب للأزمات الأمنية ولكنه أقل كفاءة في الإصلاح الاقتصادي.

-مصطفى الكاظمي: رغم جهوده، يفتقد للدعم السياسي القوي وتحقيق نتائج ملموسة".

بهذا الشكل يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي ليس في اختيار المرشحين للبرلمان بل حتى في اختيار الأشخاص المناسبين للمواقع التنفيذية.

قد يعترض أحدهم بالقول إن المواقع التنفيذية يشغلها من ترشحهم الكتل السياسية؟: جوابي هو أن هذه العملية تقوم على افتراض أن الكتل السياسية تريد تنصيب الأفضل والاكفأ بما يؤدي إلى تقديم الخدمة الأفضل إلى الجمهور.

اضف تعليق