يجب ان تكون هناك شمولية في عملية الإصلاح، وألا تختصر على جانب بعينه، بل تتسع لتشمل الجوانب الإدارية والقانونية والاقتصادية والتربوية، ناهيك عن تغيير بعض المفاهيم والسلوكيات الاجتماعية والثقافية المغلوطة، فتغير وتصحيح تلك المفاهيم ستكون بمثابة وازع أخلاقي لردع الكثير من الظواهر السلبية، التي يعاني منها المجتمع عموماً...
كانت ولا تزال مفردة الاصلاح من بين أكثر المفردات تداولاً في وسائل الإعلام المختلفة، وعلى ألسنة المعنيين بالشأن السياسي، وهذا أمر إيجابي، إذا أخذنا بنظر الاعتبار الإصلاح كمفهوم، يمثل رؤية شاملة في كل مناحي الحياة المختلفة، يهدف إلى تحديد وتصويب الخلل، ومن ثم تطوير الواقع، وصولاً إلى ما هو أفضل.
وفي كل الأحول يتطلب الإصلاح استخدام آليات وأدوات متعددة، حتى يتمكن من تحقيق أهدافه، وأن يعبر بشكل مباشر عن حاجة المجتمع وتطلعاته، وطبقاً لهذه المعايير فإن العراق كبلد ليس استثناءً من ذلك.
وبما أن الحديث يتركز اليوم عن الإصلاح في الجانب السياسي، فإننا نعتقد أن الواقع السياسي لأي بلد ما هو إلا صدى وانعكاس لواقع اجتماعي واقتصادي وثقافي يعيشه ذلك البلد، يضاف إليها تراكمات تاريخية تؤثر بشكل أو بآخر على هذا الواقع. ولعل هذا البلد هو من أكثر البلدان التي عانت من انعكاس ظروفه المختلفة على واقعه السياسي، على اعتبار أن الأذى الذي لحق به طوال عقود خلت لم يسلم منها أي مرفقٍ من مرافق الحياة، بما في ذلك منظومة القيم الاجتماعية والثقافية والتربوية التي يتبناها.
لذا يجب ان تكون هناك شمولية في عملية الإصلاح، وألا تختصر على جانب بعينه، بل تتسع لتشمل الجوانب الإدارية والقانونية والاقتصادية والتربوية، ناهيك عن تغيير بعض المفاهيم والسلوكيات الاجتماعية والثقافية المغلوطة، فتغير وتصحيح تلك المفاهيم ستكون بمثابة وازع أخلاقي لردع الكثير من الظواهر السلبية، التي يعاني منها المجتمع عموماً، وسيكون لهذا الوازع قوة تأثير أكثر بكثير من قوة القانون.
إن الإصلاح والتغيير بالمجالات الاجتماعية والثقافية والأخلاقية سيفضي بلا شك إلى سهولة التغيير والإصلاح السياسي، حيث يعتمد التدرج الطبيعي في التغيير. إن ما يعانيه اليوم الواقع السياسي، ومجمل العملية السياسية من تعثر، إنما هو إفراز طبيعي لجملة التراكمات التي استورثها هذا البلد من حقب تاريخية، أقل ما يقال عنها إنها كانت مُعتمة.
وقد استمرت تبعات تلك الحقب المأساوية إلى يومنا هذا، وبالتالي ألقت بظلالها على واقعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ولتحقيق الشمولية في الإصلاح، لا بدَّ من البحث عن أطر وقنوات محددة لتمرير عملية الإصلاح الشامل.
وعلى الرغم من أن المسؤولية في هذا الجانب لا يمكن حصرها بجهة معينة، بل هي مسؤولية وطنية تضامنية، إلا أننا نعتقد انه بإمكان المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية، ومؤسسات المجتمع المدني، وكل الجهات التي تتبنى الأساليب العصرية، لمعالجة الأخطاء والسلوكيات الاجتماعية، القيام بهذه المهمة الوطنية.
اضف تعليق