لا أحد يَشك بمدى الخطر المُحدق الذي يواجه المنطقة عموماً وما يحيط بالعراق على وجه الخصوص، باعتبار أن هذا البلد جزء من هذه المنظومة الإقليمية المُلتهبة دوماً بالأحداث والمفاجآت الدراماتيكية. فالأمر لم يعد أسقاط عملية سياسية هنا أو استهداف سياسي هناك، بل تجاوز هذا الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك...

لا أحد يَشك بمدى الخطر المُحدق الذي يواجه المنطقة عموماً وما يحيط بالعراق على وجه الخصوص، باعتبار أن هذا البلد جزء من هذه المنظومة الإقليمية المُلتهبة دوماً بالأحداث والمفاجآت الدراماتيكية. فالأمر لم يعد أسقاط عملية سياسية هنا أو استهداف سياسي هناك، بل تجاوز هذا الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك، وبات الاستهداف وجوديا وذات أبعاد استراتيجية.

وهذا يتضح من خلال التطورات المُتسارعة في بلاد الشام، والمتمثلة بوصول جماعات مسلحة من مختلف المشارب إلى سدة الحكم بعد إسقاطها للنظام السياسي في دمشق، مدعومة من قبل جهات إقليمية وأطراف دولية، وهي محاولة أخرى لاستكمال المشروع المُعد مسبقاً، ضمن ما بات يُعرف بالشرق الأوسط الجديد. فمن خلال حجم هذه التحديات يتضح لنا طبيعة هذا الاستهداف ومن هو المُستهدف، وبطبيعة الحال أن العراق كبلد محوري، وبكل ما يمثله من ثقل حضاري وتاريخي، وعامل توازن استراتيجي في المنطقة، ليس ببعيد عن هذا الأحداث وما تحمله من تطورات في المستقبل. 

ويبدو أن قَدر العراق كان ولا يزال أن يعيش في دوامة وخضم هذه التحديات، وأن يتعامل معها كأمر واقع، وبما أن الأمور تسير بهذا الاتجاه، لذا علينا قراءة هذه التحديات بتمعن، ودراسة أسبابها ومسبباتها ومدى تأثيرها الآني والمستقبلي، ومن ثم مواجهاتها بحكمة وحنكة سياسية، وبخطط استراتيجية مدروسة. وهنا لا نريد أن نَغرق في التشاؤم، لكن طبيعة وحجم التحديات تجعلنا نستشعر هذا الخطر، ونحذر من تبعاته، ولهذا علينا أن نرتقي إلى مستوى التحدي الذي يواجه العراق، وليس مجرد عبور أزمة معينة.

والسؤال المطروح اليوم بإلحاح هوعن الكيفية التي يمكن بموجبها التعاطي مع هذه التحديات الجسام، والمواقف التي يجب أن تُتخذ لمواجهة هذه المخاطر المُحدقة بالبلاد؟. من المعروف في كل بلدان العالم، أن هناك ثوابت وطنية يتم الإجماع عليها، ولا يمكن الحياد عنها، مهما بلغت حالة التنافس والتناقض بين الفرقاء والمكونات السياسية. 

وعادةً ما تكون المُـلمات والأزمات التي تتعرض لها البلاد في مقدمة الثوابت، التي يجب أن يحصل عليها الإجماع بين هؤلاء الفرقاء، وهذا يعني أن تتفق القوى السياسية في البلاد على اتخاذ موقف وطني موحد لمعالجة الأزمات في المنطقة، ومنها ما يحدث اليوم في سوريا، يقوم على الالتزام بالمصلحة الوطنية العليا للبلاد، وتبني خيار الحلول السلمية للأزمة السورية، واحترام خيارات الشعب السوري، ومواجهة التحديات المُحتمل وقوعها، ومدى تأثيرها على الواقع العراقي، في حال حصول تطورات خطيرة على الساحة السورية، على اعتبار أن العراق سيكون الأقرب ميدانياً ولوجستياً لهذا البلد المُبتلى بالأزمات، والذي تكورت على أرضه كل تناقضات الشرق الأوسط، آخذين بنظر الاعتبار هذا التداخل الشعبي والجغرافي والأمني بين البلدين. 

لذا يجب أن نتجنب آثار هذه العصفة بجميع الوسائل والسبل. فالخطر الذي يتهدد العراق والمنطقة عموماً لم يعد خافياً، ولهذا يفترض من الجميع الارتقاء إلى مستوى هذا الخطر ومجابهته بقوة وبحزم، فمهما كانت طبيعة الخلافات بين الشركاء في هذا الوطن فإنها تبقى ثانوية بالقياس إلى حجم التحديات التي تعصف بالمنطقة. ويفترض أن تكون هذه الطروحات الوطنية من البديهيات والمُسلمات التي لا يتخلف عليها اثنان.

اضف تعليق