المرجع الراحل الامام السيد محمد الشيرازي

محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي (1928 - 2001) هو أحد مراجع الدين الشيعة المعروفين في العراق وإيران. عُرف بألقاب عديدة منها الإمام الشيرازي والمجدد الشيرازي الثاني، وكذلك عُرف بلقب سلطان المؤلفين، حيث أن مؤلفاته تجاوزت الألف. ينتمي إلى أسرة «الشيرازي» حيث أنه النجل الأكبر للمرجع مهدي بن حبيب الله الشيرازي، والأخ الأكبر للمرجع الحالي السيد صادق الحسيني الشيرازي، وينتسب لهذه الأسرة بعض رجال الدين المعروفين والمشهورين كمحمد حسن الشيرازي قائد ثورة التبغ المشهورة ضدّ البريطانيين في إيران، وكذلك محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين في العراق.

وقد بدأ بتأليف (موسوعة الفقه) وهو في الخامسة والعشرين، ووصل تصنيفها إلى حوالي 165 مجلد.

ولد في مدينة النجف في الخامس عشر من ربيع الأول عام 1347 هـ، وقد هاجر بصحبة والده - المرجع مهدي بن حبيب الله الشيرازي - إلى مدينة كربلاء وكان يبلغ من العمر آنذاك تسع سنوات.

 قام بتأليف موسوعة في (الفقه) وفي ثنايا موسوعة الفقه طرح كتباً تميز بها لطرحها لأول مرة ألا وهي (فقه الحقوق)، (فقه القانون)، (فقه السياسة) (فقه الاقتصاد)، (فقه الاجتماع)، (فقه الدولة الإسلامية) وكتب أخرى بشكل عام.

وقد اهتم الإمام الشيرازي بالمؤسسات الدينية والإنسانية، فأسس عشرات المساجد والحسينيات والمدارس والمكتبات ودور النشر وصناديق الإقراض الخيري والمستوصفات، كما وقد أسس وكلاؤه ومقلدوه وأنصاره ـ بتشويقه وتخطيطه ورعايته ـ كثيراً من المشاريع الإسلامية والإنسانية في كثير من بقاع العالم

تميز الإمام الشيرازي بفكره المعطاء، الغني، المختمر بالتجارب، والمفعم بالنضج والنظرة الواقعية إلى الأمور، والأصيل المستلهم من الكتاب الكريم والسنة المطهرة والذي يعالج شتى القضايا الحيوية ومشاكل العصر، فإنه يؤمن بضرورة تحكيم الأخوة الإسلامية، وإعادة الأمة الإسلامية الواحدة، وتوفير الحريات الإسلامية، ويدعو إلى الحوار الحر والمؤتمرات والتعددية السياسية، وشورى المراجع واللاعنف.

كان الخلق الإسلامي النموذجي هو الطابع الذي ميز حياة الإمام الشيرازي الشخصية ومسيرته العلمية طوال أكثر من نصف قرن من الزمن، فلقد لمس فيه القاصي والداني الزهد في جميع أبعاد حياته، والإعراض عن مباهج الحياة الدنيا، والتقوى من الله والتوكل عليه وتفويض الأمر إليه، والتواضع الكثير واحترام الصغير والكبير، والصبر والصمود والاستقامة، وتحمل شتى المصاعب والمتاعب في سبيل إعلاء راية الإسلام والحب في الله ولله وبالله وخدمة الناس ومداراتهم، وسعة الصدر، والإغضاء عن الأذى، والعفو عند المقدرة، فكان بذلك خير أسوة وخير قدوة وكان المثال الذي يحتذى به في مكارم الأخلاق وكان الأنموذج الذي تتطلع إليه الأمة بشتى شرائحها وتوجهاتها.

تشكل حياته سلسلة متواصلة الحلقات من الجهاد في سبيل الله والدفاع عن حريم الشريعة الإسلامية ونصرة المظلومين وإغاثة الملهوفين ومواجهة الحكام الجائرين بالمواقف المبدئية والأساليب السلمية المشروعة. وقد عانى الكثير في سبيل ذلك، حيث واجهته الحكومات الجائرة بمختلف السبل وتصدت للقضاء عليه وعلى فكره بشتى الطرق. وكان الصبر والصمود والاستقامة ومواصلة العمل بهمة وروح متفانية وعزم وتصميم قل نظيره إلا في الرجال الأفذاذ الذين أرخصوا النفوس وما لذ وطاب من الدنيا لأجل أهدافهم السامية ومبادئهم الرفيعة.

وتعرضت أفكاره وكتبه ومؤسساته إلى الحرق والمصادرة والمنع وتلامذته إلى السجن والتشريد والمضايقة إلا أنه لم يتوان عن عزمه ولم يتراجع عن أهدافه ومبادئه الحرة الداعية إلى إنقاذ المسلمين والنهضة بالأمة الإسلامية نحو غد أفضل يسوده العدل والحرية والسلام وكان مبدأه في الحياة السلم واللاعنف.

19862