قد سمعتُ من عدد من شباب الشيعة أنهم يلقون بمسؤولية ذلك على علماء الشيعة، فيقولون: إنهم فرَّطوا في حقِّنا، فلماذا جاؤوا بفيصل الأول لحكم العراق ولم يفوضوا الحكم إلى رجل شيعي منهم؟ ولماذا حرّموا على الناس دخول المدارس والوظائف والجيش؟ فلم تتكون لدينا المؤهلات المطلوبة للحكم...
قد سمعتُ من عدد من شباب الشيعة أنهم يلقون بمسؤولية ذلك على علماء الشيعة، فيقولون: إنهم فرَّطوا في حقِّنا، فلماذا جاؤوا بفيصل الأول (1) لحكم العراق ولم يفوضوا الحكم إلى رجل شيعي منهم؟
ولماذا حرّموا على الناس دخول المدارس والوظائف والجيش؟ فلم تتكون لدينا المؤهلات المطلوبة للحكم، بينما حصل السنّة على كافة المؤهلات التي أتاحت لهم الدخول في كل مسلك وإدارة ومرفق؟
ولماذا قاطعوا الحكومات والأنظمة المتعاقبة على حكم العراق، ولم يتعاونوا مع السلطات، ولم يفتحوا جسراً للتفاهم بينهم وبين المسؤولين على شؤون الدولة حتى يتمكنوا من إسناد بعض الوظائف إلى الشيعة؟
إنَّ هؤلاء الشباب، من حيث يشعرون أو لا يشعرون، يرددون كلمات المستعمرين الذين أخذوا يلفِّقون التهم ضد الشيعة وضد علماء الشيعة حتى لا تقوم لهم قائمة في العراق. شأن كل المستعمرين في كل زمانٍ ومكان الذين يسعون إلى التفريق بين الأمة وقادتها المخلصين.
واختصاراً نوجز الرد على الإشكالات الثلاثة؛ لتبدو الحقيقة واضحة، شاخصة للعيان:
أولاً: أمّا قولهم لماذا جاؤوا بفيصل وهو ليس بشيعي؟
فالجواب: أن الإمام الثائر ـ محمد تقي الشيرازي ـ لما انتزع العراق من براثن الإنجليز، جمع شيوخ العشائر الذين شاركوا في الثورة، واقترح عليهم أن ينتخبوا واحداً من أنفسهم، يكون ملكاً عليهم، فأبوا أن يلبّوا هذا الطلب؛ إذ أنف كل واحدٍ منهم أن يملَّك عليه أحدهم مساوياً لـه في الرتبة والشخصية والثقافة.
فقال لهم: وما تقولون في القرعة: (إنها لكل أمرٍ مشكل)(2)؟
فلنقترع بينكم فأيُّكم خرجت القُرعة باسمه فهو الملك أو الرئيس؟
قالوا: كلا، فإنّا لسنا على استعداد لأن نؤَمِّر أحدنا علينا.
فاقترح عليهم: إذاً، فاقبلوا بـ (فرمان فرما)(3) وهو شخصية مرموقة، وله مؤهلات إدارية وقيادية وهو رجل شيعي.
قالوا: لا، إنه ليس من عنصرنا.
وهنا تحدّث السيد محمد علي الطباطبائي(4)، وهو من رجال ثورة العشرين المشهورين، قال كلمته المشهورة تهكماً بمن قال: (إنه ليس من عنصرنا).
وأخيراً، أجبروا الشيخ الشيرازي على الموافقة على تعيين فيصل ملكاً على العراق.
وإني أظن أنّ هذه الخطة كانت استعمارية، مرّرت على العراقيين بتدبير من بريطانيا ونُسجت خيوطها في الظلام. وقد كشف (لورنس العرب)(5) الجاسوس البريطاني المشهور في كتابه «أعمدة الحكمة السبعة» عن ذلك.
من هنا، فعلماء الشيعة أرادوا سيادة العراقي الثائر الشيعي ولم يكونوا يرغبون بفيصل ومن هو على شاكلة فيصل، لكن الشيعة عصوا أمر علمائهم ولم يريدوا ذلك، وقد قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا رأي لمن لا يُطاع)(6)، ولم يرشح الشيرازي نفسه لأمور خاصة.
ثانياً: وأما استنكارهم على العلماء تحريمهم للمدارس، والوظائف، ودخول سلك الجيش.
فالجواب على هذا الاستنكار هو:
1ـ لم يقل أحد بتحريم الدخول إلى المدارس أو الوظائف أو الجيش.
أليس العلماء أنفسهم، دخلوا الوظائف، فهذا السيد محمد الصدر(7) أصبح رئيساً لمجلس الأعيان ورئيساً للوزراء، والشيخ الشبيبي(8) أصبح وزيراً للمعارف، والشيخ محمد حسن أبو المحاسن(9) أيضاً وزيراً للمعارف.
أضف إلى ذلك السيد هبة الدين الشهرستاني(10) والشيخ علي الشرقي(11) وغيرهم(12)، هؤلاء كلُّهم من أهل العلم، ودخلوا سلك الوظيفة، وارتقوا حتى وصلوا إلى المناصب العالية.
أما عن الجيش، فقد تأسست أول فرقة في الجيش العراقي على اسم الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، وكان تأسيسها في مدينة النجف الأشرف، وتم ذلك تحت سمع العلماء وبصرهم وبتشجيع منهم، وعلى هذا فقس ما سواه.
ثم إننا لا ننكر أنهم اعتزلوا الحكومة لما رأوا فيصل وهو أخذ يتعاون مع الإنجليز، ولا يهتم بمطالب الشعب المشروعة، ثم إنهم قاطعوا الحكومة كما تقاطع الأحزاب الحكومات المتعاقبة(13).
وقد تصدّى العلماء لحكومة فيصل الذي تحوّل إلى رداء يخفي تحته أذيال الاستعمار البريطاني. وقد بلغت المواجهة حدّاً إلى أن قام فيصل بنفي العلماء من أمثال الشيخ مهدي الخالصي(14)، والسيد أبو الحسن الاصفهاني(15)، والميرزا محمد حسين النائيني(16).. والسيد الحجة الكربلائي(17).. وغيرهم(18).
وفي الحقيقة إنَّ علماء الشيعة قاموا بهذه المقاطعة بغية إصلاح الأمور، وبالفعل فقد نالوا بعض ما أرادوا.
2ـ لنفرض جدلاً أن علماء الشيعة حرّموا كل هذه الوظائف وحرّموا الدخول إلى المدارس والجيش، فنتساءل ونقول: أو ليس قد دخل بعض الشيعة كل هذه الوظائف حتى إنهم وصلوا إلى بعض المراتب في الدولة والجيش ومجلس الأمة والشيوخ وغيرها. فلماذا لم يخدموا الشيعة؟ ولماذا كل المؤسسات والدوائر صارت تُدار من قبل متعصبي السنة وهم أقلية في الأقلية السنية؟
فهل ما حدث هو ذنب العلماء أم ذنب الذين لم يطيعوا العلماء بل وخالفوا أوامر العلماء ورغبتهم في اختيار أحدهم للقيادة العليا في العراق.
ثالثاً: وأما قولهم: لماذا قاطعوا الحكومات المتعاقبة على بلادهم ولم يتعاونوا مع السلطات ولم يفتحوا جسراً للتفاهم...إلخ؟
فالجواب: إنهم قاطعوا بعض الحكومات لا جميعها، وهل يُعد ذلك ذنباً من قبلهم. ثم لماذا لا يسألون لِمَ قاطع العلماء الحكومات، أليس لكونها عميلة للاستعمار؟، وبالتالي هل يعتبر هذا الموقف خاطئاً أم أنه موقفٌ سليم؟!.
أما عن مدّ جسور التفاهم مع الحكومات، ففي التاريخ أمثلة عديدة عن قيام العلماء بمدّ جسور التفاهم والحوار مع بعض الحكومات، وكلّما أحسّ العلماء بفائدة ولو ضئيلة للإسلام والشيعة في الاتصال بالحكومة، أقدموا على ذلك، وإني لأذكر الوزراء، والنواب، والضباط الكبار، وسائر شخصيات الدولة الذين كانوا يزورون العلماء في بيوتهم، وكان العلماء يستغلون تلك الفرصة فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وينصحون الحكام إلى ما فيه صلاح الأمة وخيرها. ويطالبون الحكومات بالإخلاص في العمل لما فيه خير العراق والعراقيين والإسلام والمسلمين عامة.
وفي هذا يقول الشاعر:
أيتها النفس أجملي جزعاً
إن الذي تحذرين قد وقعا
فالمشكلة كما يتصوّرها الشاعر قد وقعت فعلاً، والأكثرية في العراق صاروا محرومين من أبسط حقوقهم، فليس العلاج أن يكيل بعضنا التّهم ضد البعض الآخر، يوزّع الشتائم على هذا وذاك، فلنعتبر بالماضي، ونعمل للمستقبل، والكلام الآن في كيفية العمل، وهي بنظري:
1ـ تثقيف المسلمين عامة والشيعة بصفة خاصة تثقيفاً حضارياً يتلاءم وثقافة العصر، ويستقي جذوره من الدين الإسلامي.
2ـ نشر الوعي في طبقات الأمة، عبر تنظيمهم في منظمات مختلفة متوزعة على مساحة الشؤون الدينية والدنيوية.
3ـ توحيد الصفوف ونبذ الفُرقة والانقسامات والتفرقة والعصبيات القبلية.
4ـ النهوض بالمجتمع عمرانياً واقتصادياً.
5ـ العمل على استرجاع الحقوق المغتصبة من الشعب، وذلك بإعطائه زمام الأمور، واحترام إرادة الأكثرية، فمن دون استعادة حقوق الأكثرية التي لخّصناها في النقاط السابقة، لا يمكن لأوضاع العراق أن تستقر، ولمشاكله أن تنتهي وتزول.
وما نقولـه ليس غريباً؛ لأنه مقبول دينياً، ويسمّى بالشورى، وهو مستحسن دنيوياً ـ ويسمّى بالديمقراطية ـ وهو مطلوب بموازين العقل والشرع.
* مقتطف من كتاب: لكي لا تتنازعوا، للمرجع الديني الراحل الامام السيد محمد الشيرازي
.......................................
(1) فيصل بن حسين حاكم مكة، ولد في الطائف سنة 1301ه (1883م) وتوفي سنة 1352ه
(1933م) في سويسرا ودفن في بغداد، كان ضابطاً في الجيش العثماني في إسطنبول ونائباً في مجلس النواب العثماني سنة 1331ه (1913م)، وعاد إلى مكة بعد نشوب الحرب العالمية الأولى، وكان من عملاء الإنجليز؛ إذ تربّى على يد لورنس الجاسوس البريطاني، نصّبه الإنجليز حاكماً على سورية بعد تكوينها من قبلهم في 17 جمادى الآخرة 1338ه (8/3/1920م) ـ كما عينوا أخاه عبد الله على شرق الأردن ــ ثم نصبوه حاكماً على العراق سنة 1339ه (1921م) ـ بعد أن طرده الألمان من سوريا عند احتلالهم لها ـ، واستمر في الحكم إلى سنة 1352ه (1933م). يقول فريتزا غرويا المفوض الألماني في العراق في مذكراته عن طريقة تنصيب فيصل حاكماً على العراق: «تسلم الملك فيصل في كانون الثاني من سنة 1921م دعوة من ملك بريطانيا لزيارة لندن، حيث كان سيعرض عليه عرش العراق وكان يرافق فيصلاً كل من: رستم حيدر والأمير عادل أرسلان ومرافقه الشخصي تحسين قدوري»، راجع العراق في مذكرات الدبلوماسيين الأجانب لنجدة فتحي صفوة: ص128, أولى جُلَّ اهتمامه على إرضاء الإنجليز وكسب ودّهم، وقال في خطبة التتويج: «وقد صرحت مراراً بأن ما نحتاج إليه لترقية هذه البلاد يتوقف على معاونة أمة تمدنا بأموالها ورجالها وبما أن الأمة البريطانية أقرب الأمم إلينا وأكثرها غيرة على مصالحنا فإننا سنستمد منها ونستعين بها وحدها على الوصول إلى غايتنا المنشودة في أسرع وقت».
(2) إشارة إلى الحديث الوارد عن الرسول الأكرم (ص): (القرعة لكل أمر مشكل). فتح الأبواب: ص292، غوالي اللآلي: ج2 ص112 وص285 وج3 ص512.
(3) أحد الشخصيات التي قارعت الاستعمار الإنجليزي، لـه باع طويل في ثورة العشرين، رشحه الإمام الشيرازي لإدارة العراق.
(4) السيد محمد علي بن مهدي الطباطبائي الحائري، ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن (عليه السلام)، ولد في كربلاء المقدسة سنة 1302ه (1884م) وتوفي سنة 1381ه (1961م) ودفن في كربلاء. تتلمذ عند الميرزا جعفر الحائري والسيد هادي الخراساني والشيخ محمد تقي الشيرازي. شارك في ثورة العشرين وتعرض للاعتقال عدّة مرات، نفاه الإنجليز إلى جزيرة (هنجام) مع رجالات الثورة، ترجم له في تراث كربلاء: ص289 للسيد سلمان هادي آل طعمة.
(5) توماس أدوَرد لورنس، المشهور بـ(لورنس العرب)، ولد بمقاطعة ويلز سنة 1888م، درس في أكسفورد تحت إشراف دايفيد ج هوغارث ـ ضابط المخابرات المتخصص بشؤون الشرق الأوسط الذي كانت معلوماته عن أوضاع البلدان العربية في ظل الحكم العثماني لا تضاهى في ذلك الحين ــ، قام لورنس برحلة على الأقدام في عدد من البلدان الإسلامية، تخرج سنة 1910م من الجامعة في أكسفورد والتحق بمدرسة الإرساليين الإمريكيين في لبنان لتحسين لغته العربية. انخرط رسمياً في سلك المخابرات العسكرية البريطانية سنة 1914م وتسلّم قيادة العمليات العسكرية لاحتلال العراق سنة 1917م واستولى على مدينة بغداد في 11/ 3/ 1917م، أصبح مستشاراً للرئيس البريطاني تشرشل في شؤون الشرق الأوسط، ويعد مهندس تمزيق الأمة الإسلامية ومهندس تجزئة أراضيها، وقام برسم الحدود بين العراق وإيران. يصف لورنس أهدافه قائلاً: (أهدافنا الرئيسية تفتيت الوحدة الإسلامية ودحر الإمبراطورية العثمانية وتدميرها … وإذا عرفنا كيف نعامل العرب وهم الأقل وعياً للاستقلال من الأتراك فسيبقون في دوامة من الفوضى السياسية داخل دويلات صغيرة حاقدة ومتنافرة غير قابلة للتماسك إلاّ أنها على استعداد دائم لتشكيل قوة موحدة ضد أية قوة خارجية). قتل بحادث دراجة نارية سنة 1935م إثر انهيار في دماغه. من مؤلفاته: أعمدة الحكمة السبعة. راجع (الوقائع السرية في حياة لورنس العرب ص 52 ــ 53) للمؤلفين: فيليب نايتلي وكولين سمبسون، وكتاب أعمدة الحكمة السبعة للورنس.
(6) الكافي (فروع): ج5 ص6 ح6، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج2 ص74.
(7) السيد محمد حسن الصدر، ولد في مدينة سامراء سنة 1304هـ(1887م)، أسّس حزب الاستقلال سنة 1337ه (1919م) والذي عرف بحرس الاستقلال في فترة العمل السّري، لعب دوراً بارزاً في ثورة العشرين، فكان الرابط بين قيادة الثورة والعشائر المحيطة بلواء الدليم وسامراء، نفاه الإنجليز سنة 1341هـ (1922م) مع بعض العلماء الأجلاء إلى خارج العراق وعاد إليه سنة 1343هـ (1924م)، ترأس مجلس الأعيان في العهد الملكي لدورته الأولى والرابعة، وترأس مجلس الوزراء سنة 1367هـ (1948م)، ومن المهام التي عملها في وزارته: إلغاء معاهدة «بورتسموث» التي تضمنت إقامة تحالف دفاعي مشترك مع بريطانيا، وكذلك ألغى المعاهدة الموقعة مع الإنجليز سنة 1349هـ (1930م)؛ ولأجل ذلك لم تدم وزارته أكثر من خمسة أشهر، توفي في 4 نيسان 1956م.
(8) الشيخ محمد رضا بن محمد جواد الشبيبي، عالم وشاعر وسياسي، ولد في النجف الأشرف سنة 1307هـ (1889م)، وتوفي في بغداد سنة 1386هـ (1966م)، ودفن في النجف الأشرف، تتلمذ عند السيد مهدي بحر العلوم وشيخ الشريعة الأصفهاني والسيد عبد الهادي الشيرازي، أحد الأعضاء البارزين لحزب الاستقلال، الذي أسسه السيد محمد الصدر، شارك في ثورة العشرين، وكان رابطاً مع شيوخ العشائر في الفرات الأوسط، تقلّد وزارة المعارف في خمس دورات ورئاسة مجلس الأعيان في دورته الثالثة سنة 1937م، وأصبح عضواً لمجلس النواب في ثماني دورات ورئيساً للمجمع العلمي العراقي، وعارض حلف بغداد والتبعية للغرب، وفي سنة 1385ه (1965م) رفع مذكرة احتجاج إلى عبد الرحمن البزاز رئيس الوزراء في عهد عبد السلام عارف، طالب فيها ردم الهوة الطائفية في مرافق الدولة والوظائف الحكومية. له عدّة مؤلفات، منها: تأريخ الفلسفة، أدب النظر في فن المناظرة، المأنوس في لغة القاموس، ديوان الشبيبي، تاريخ النجف. ترجمه أعيان الشيعة: ج9 ص287.
(9) الشيخ محمد حسن حمادي محسن الجنابي الحائري، المشهور بـ(أبي المحاسن)، ولد في مدينة كربلاء سنة 1293ه (1876م)، وتوفي في الجنابية سنة 1344ه (1925م)، شارك في ثورة العشرين وكان شاعراً للثورة وممثلاً للإمام الشيرازي H في المجلس الملّي، تعرض للاعتقال عدّة مرات، تقلّد وزارة المعارف سنة 1341ه (1923م)، لـه ديوان شعري يعرف ب(ديوان أبي المحاسن) وقد حقق من قبل تلميذه الشيخ محمد علي اليعقوبي. ترجمته في كتاب كربلاء في الذاكرة، وكتاب (أبو المحاسن الشاعر الوطني الخالد) للسيد سلمان آل طعمة، وكتاب شاعرية أبي المحاسن للأديب خضر عباس الصالحي.
(10) السيد محمد علي الشّهرستاني، المشهور بـ(هبة الدين)، ولد في مدينة سامراء سنة 1301ه
(1884م) وتوفي سنة 1386ه (1967م)، أصدر في العهد العثماني مجلة (العلم) في فترة إقامته في النجف الأشرف وذلك سنة 1328ه (1910م) ثم تبعها بمجلة (المرشد) في فترة إقامته في الكاظمية، شارك في ثورة العشرين وأصبح رئيساً للمجلس العلمي الذي شكلّه الإمام الشيرازي لقيادة الثورة، حكم عليه الإنجليز بالإعدام بعد الثورة لكنه لم ينفذ نتيجة للضغط الشعبي، تقلّد وزارة المعارف في وزارة الجيلاني الثانية واستقال منها احتجاجاً على فترة الانتداب. أعماه الإنجليز سنة 1343ه (1924م) عندما كان يرقد في إحدى المستشفيات للعلاج، تقلّد رئاسة مجلس التمييز الشرعي الجعفري بين سنة 1342ه ــ 1353ه (1923م ـ 1934م)، أصبح نائباً عن مدينة بغداد سنة 1354ه (1935م) ثم ترك الحياة السياسية، لـه 28 كتاباً ورسالة مطبوعة، من أبرزها: الهيئة والإسلام، المعجزة الخالدة، نهضة الحسين (عليه السلام)، ولـه 234 كتاباً ورسالة غير مطبوعة.
(11) الشيخ علي بن جعفر بن محمد حسن بن أحمد الشرقي، ولد في النجف الأشرف سنة 1309ه (1892م) وتوفي سنة 1384ه (1964م)، شاعر وسياسي، قارع الاحتلال الإنجليزي للعراق في الحرب العالمية الأولى؛ فكان يحمل كتب الدعوة والفتاوى التي تحث على الجهاد إلى العشائر العراقية. تولّى القضاء الشرعي في مدينة البصرة، وتولّى رئاسة مجلس التمييز الشرعي فترة من الزمن، وأصبح عضواً في مجلس الأعيان، وتقلد الوزارة عدة مرات، منها: وزيراً بلا وزارة في وزارة أرشد العمري الثانية التي تألفت في 29 نيسان 1954م واستقالت في 17 تموز 1954م، من مؤلفاته: العرب والعراق، ذكرى السعدون، تاريخ اليزيدية، الأحلام، عواصف وعواطف وهو ديوان شعري. ترجمه حسن الأمين في موسوعته الإسلامية: ج6 ص97.
(12) كالدكتور عبد الرزاق محيي الدين الذي شغل وزارة الوحدة في وزارة طاهر يحيى وعارف عبد الرزاق وعبد الرحمن البزاز وعبد الرحمن عارف، وأصبح عضواً في مجلس الرئاسة المشتركة بين العراق ومصر سنة 1965م وانتخب سنة 1966م أميناً عاماً للقيادة السياسية الموحدة بين العراق والجمهورية العربية المتّحدة.
(13) يقول الباحث الدكتور علي باباخان في كتاب (كربلاء ودورها الحضاري): ص560 حول موقف العلماء تجاه فيصل: «لم يكن موقف العلماء موحداً إزاء ترشيح فيصل حيث برز اتجاهان رئيسيان مختلفان، فالمعارض مثله اثنان من كبار المجتهدين وهما المرجع الأعلى السيد أبو الحسن الأصفهاني والشيخ محمد حسين النائيني، أما الاتجاه المؤيد فقد مثله السيد محمد الصدر والشيخ مهدي الخالصي، لكن بيعة الخالصي لفيصل كانت بشرط: أن يسير فيصل بالحكم سيرة عادلة وعلى أن يكون الحكم دستورياً ونيابياً وأن لا يتقيد العراق في عهده بأية قوة أجنبية». ثم يضيف: «إن الخالصي سحب بيعته للملك فيصل عندما أخل هذا الأخير بوعوده، وعلى أثرها هُجّر من العراق إلى إيران بحجج كاذبة وملفقة في عام 1923م».
(14) الشيخ مهدي بن محمد حسين الخالصي، عالم وفقيه وشاعر، ولد في مدينة الكاظمية سنة 1276ه وتوفي في مدينة مشهد الإيرانية سنة 1343ه، ودفن قرب مرقد الإمام الرضا (عليه السلام)، ينتمي إلى أسرة تعيش في مدينة الكاظمية وتعد من الأسر العلمية التي أنجبت عدداً من العلماء الفطاحل، درس في مدينة الكاظمية والنجف وسامراء عند الشيخ عباس الجصاني والشيخ محمد حسين الكاظمي والميرزا حبيب الله الرّشتي والمجدد الشيرازي، من مواقفه السياسية: أفتى بوجوب جهاد الإنجليز في الحرب العالمية الأولى وسار مع جماعة من العلماء لساحات الوغى واشترك في جبهة الحويزة، وكذلك شارك في ثورة العشرين وقاد خلالها الكتائب القتالية. أصدر الإنجليز بعد انتهاء الثورة أمراً باعتقاله ولكنه اختفى. وقاطع المجلس التأسيسي في زمن فيصل الأول ممّا حدا بفيصل أن نفاه مع لفيف من العلماء إلى خارج العراق فذهب إلى مدينة عدن اليمانية ثم إلى مكة المكرمة ومنها إلى إيران وبقي هناك إلى أن وافاه الأجل. له منظومات في العلوم العربية المختلفة تبلغ الألف بيت، ولـه ما يقارب عشر رسائل مختصرة وكتاب العناوين في الأصول وكتاب القواعد الفقهية وكتاب الشريعة السمحاء وغيرها، للمزيد راجع أعيان الشيعة: ج10 ص157 للسيد محسن الأمين وذكرى الخالصي لعبد الرزاق الأمين وزعيم الإسلام الخالد من إصدارات جامعة مدينة العلم سنة 1369ه. ولا يخفى أن العلماء الذين بايعوا فيصلاً كان قسم منهم قد راهن على قابلية حكومته للانعتاق من الهيمنة والوصاية البريطانية، وقسم آخر ـ كما فعل الخالصي ـ أراد أن يعلّم العراقيين كيف يبايعون ليبقى حق العراق محفوظاً متى ما طالب العراقيون به ومتى ما أخل به الحكام. فبيعة الشيخ الخالصي هدفها كان؛ كما عن ولده محمد: «خشيته من أن يبايع الناس فيصلاً».
(15) السيد أبو الحسن بن محمد بن عبد الحميد الموسوي الأصفهاني، ولد في مدينة أصفهان الإيرانية سنة 1277ه، وتوفي في الكاظمية سنة 1365ه، ودفن في النجف الأشرف، يعد من تلاميذ الميرزا حبيب الله الرّشتي والشيخ كاظم الخراساني، شارك في ثورة العشرين وعارض تعيين فيصل الأول ملكاً على العراق، تصدّى لمهام المرجعية بعد وفاة الشيخ محمد حسين النائيني سنة 1355ه، كما شارك في الحركة الدستورية في إيران، لـه عدة مؤلفات، منها: وسيلة النجاة، منتخب المسائل، شرح كفاية الأصول، حاشية على تبصرة المتعلمين، حاشية على العروة الوثقى.
(16) الشيخ محمد حسين بن عبد الرحيم النائيني الملقب بشيخ الإسلام، ولد في نائين في حدود سنة 1273ه (1857م)، وتوفي سنة 1355ه (1936م) عن عمر يناهز الثانية والثمانين سنة، عالم فاضل ومحقق مدقق وفقيه وأصولي بارع وأديب متميّز، هاجر إلى العراق سنة 1303ه، ودرس في سامراء عند المجدد وحتى وفاة الأخير سنة 1312ه، ثم هاجر منها إلى كربلاء والنجف بعد أن بذلت الدولة العثمانية ما بوسعها لإضعاف الحوزة العلمية في سامراء، عارض مع السيد أبو الحسن الأصفهاني المجلس التأسيسي الذي شكله فيصل الأول باعتباره لا يفي بالغرض لإنقاذ الشعب العراقي. يعد من تلامذة الشيخ محمد باقر الأصفهاني ومحمد حسن النجفي والمجدد الشيرازي والسيد محمد الفشاركي والشيخ محمد تقي الشيرازي والشيخ محمد كاظم الخراساني، آزر الخراساني في الحركة الدستورية. أبعد إلى إيران مع لفيف من العلماء سنة 1341ه ثم أعيد إلى العراق بعد أن شرط الإنجليز وفيصل عليه ألاّ يتدخل في الأمور السياسية، آلت إليه المرجعية بعد وفاة شيخ الشريعة الأصفهاني، من تلامذته: السيد الخوئي والشيخ محمد علي الكاظمي صاحب كتاب فوائد الأصول والشيخ موسى الخونساري صاحب كتاب منية الطالب في شرح المكاسب، من مؤلفاته: تنبيه الأمة وتنزيه الملّة، رسالة لعمل المقلدين، أجود التقريرات، رسالة في أحكام الخلل في الصلاة، رسالة في اللباس المشكوك، رسالة في التعبدي والتوصلي، رسالة في نفي الضرر. للمزيد راجع موسوعة طبقات الفقهاء: ج6 ص54 للسبحاني.
(17) السيد عبد الحسين بن علي بن أبي القاسم الطباطبائي، الملقّب بـ(الحجّة)، عالم جليل وفقيه فاضل ومرجع معروف، ينتمي إلى أسرة عرفت بالعلم والزعامة والشرف، وهو من أحفاد السيد علي الطباطبائي ـ صاحب الرياض ـ، تتلمذ على السيد محمد كاظم الخراساني، توفي سنة 1363هـ. ترجمه نقباء البشر في القرن الرابع عشر.
(18) أمثال السيد حسن الطباطبائي والسيد عبد الحسين الطباطبائي والجواهري والشهرستاني، وقد بلغ عددهم ستة وعشرين عالماً وفاضلاً، وكان ذلك سنة 1341ه (1923م) في وزارة السعدون الأولى، عندما وقف هؤلاء بحزم ضد الهيمنة الإنجليزية وضد انتخابات المجلس التأسيسي، الذي كان يراد به المصادقة على المعاهدة العراقية ـ البريطانية، التي تجعل العراق تحت الهيمنة البريطانية. للمزيد راجع كتاب تاريخ العراق السياسي: ص87 لطفي جعفر فرج، وكتاب لمحات من تاريخ العراق السياسي: ج6 ص252 للدكتور علي الوردي. يقول إسحاق النقاش في كتابه (شيعة العراق): (أشارت بعض التقارير البريطانية بأن الملك فيصل كان متلهفاً بصفة خاصة على إضعاف نفوذ العلماء الذين اعتبرهم غير مخلصين للإنجليز).
اضف تعليق