q

عام بعد عام يزداد الوضع أكثر سوءا وخطورة في أفغانستان بالرغم من وجود قرابة 9000 جندي أمريكي للقيام بمهام التدريب ومعاونة القوات المحلية التي أنفقت واشنطن مليارات الدولارات على إعدادها من الصفر على أمل تسليم الأمور إليها بالكامل في يوم من الأيام.

لكن تواجد القوات الامريكية لم يوقف من حجم الخسائر والهجمات المستمرة التي تتعرض اليها قوات الامن في افغانستان بسبب انتشار التنظيمات الإرهابية في البلاد حيث وبحسب اخر احصائيات صدرت من الهيئة الخاصة لإعادة إعمار أفغانستان التي بينت مدى الخسائر الفادحة في قوات الجيش الافغاني في العام الماضي فقد سجلت قتل 6785 جنديا وشرطيا أفغانيا، وأصيب 11777 بجروح.

ان قوات الجيش الأمريكي تركز أهدافها الرئيسية في هجماتها على تنظيم داعش الإرهابي ومتغاضية خطورة طالبان التي تسيطر على 43 في المئة من البلاد بزيادة 13 في المئة عما كان عليه الوضع في العام السابق ودائما ما ترتكب كوارث كبيرة في أفغانستان كان اخر هجوم بعد حادثة ام القنابل عندما قامت الولايات المتحدة الامريكية بألقاء أكبر قنبلة غير نووية على موقع يشتبه أنه يخص مقاتلي تنظيم داعش في شرق أفغانستان.

الهجوم الأسوأ

لم تكد تمضي أيام على إسقاط الجيش الأمريكي أكبر قنابله التقليدية على موقع يشتبه أنه يخص مقاتلي تنظيم داعش في شرق أفغانستان حتى اخترق عشرة من مقاتلو حركة طالبان قاعدة للجيش في شمال البلاد وفتحوا النار على جنود ومجندين جدد وهم يتناولون الطعام ويغادرون مسجدا بعد أداء صلاة الجمعة في إخفاق أمني ذريع. حسب تصريح مسؤولون افغانين. وفق رويترز.

ومن وجهة نظر الأفغان وغيرهم ممن ينتقدون تردد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البادي حول كيفية تحقيق النصر في الحرب الصعبة كان الهجوم الذي وقع، وهو الأسوأ من نوعه منذ الإطاحة بحركة طالبان من الحكم عام 2001، دليلا على خطأ نهجه. ولم ترد القيادة العسكرية الأمريكية في كابول على طلب للتعليق غير أن الجنرال جون نيكلسون أكبر القادة العسكريين الأمريكيين في أفغانستان وعد بعد الهجوم على القاعدة "بالاستمرار في الوقوف" إلى جانب قوات الأمن الأفغانية.

مشهد فوضوي

وصف شهود حالة الارتباك التي حدثت في ظل عدم تيقن الجنود من هوية المهاجمين. وأضافوا أن المهاجمين استخدموا قذائف صاروخية وبنادق وعدة سترات ناسفة. حيث قال ضابط أصيب في الهجوم إن "المشهد كان فوضويا ولم أكن أعرف ما يجب علي القيام به... هناك إطلاق نار وانفجارات في كل مكان".

وقال جندي أصيب أيضا بالهجوم ان ما زاد على الارتباك الذي وقع في القاعدة حقيقة ارتداء المهاجمين لزي الجيش لذا في البداية صدر نداء عبر مكبر الصوت بعدم إطلاق النار لأنهم اعتقدوا أن هناك سوء تفاهم" موضحا أن بعض المسؤولين في القاعدة اعتقدوا في البداية أنه ربما يكون خلافا داخليا بين جنود. وفق رويترز.

محصلات متضاربة

اجمعت الصحافة الافغانية على وقوع أكثر من 130 قتيلا وعشرات المصابين بجروح بالغة في ظل غياب معلومات رسمية وصمت الحكومة التي اعلنت يوم حداد وطني. من جهتها، اشارت وزارة الدفاع الى "اكثر من مئة قتيل وجريح" هي حصيلة هجوم استمر خمس ساعات شنه عشرة رجال في الزي العسكري على جنود عزل كانوا يؤدون الصلاة في مسجد داخل القاعدة، بعدما وصلوا في شاحنات عسكرية مزودين بنادق رشاشة وسترات ناسفة.

لكن وسائل الاعلام نقلت عن مصادر عسكرية في قاعدة الفرقة 209 التي تبعد 15 كلم من مزار شريف ان حصيلة الضحايا، ومعظمهم متطوعون شبان حضروا من ولايات في شمال شرق البلاد بهدف تلقي التدريب، تراوح بين 135 و140 قتيلا وصولا الى 160. وكان ضابط في القاعدة لم يشأ كشف هويته افاد فرانس برس منذ صباح السبت ان هناك "140 قتيلا على الاقل". من جهتهم، اعلن متمردو طالبان سقوط "500 قتيل" في مبالغة معتادة.

غضب عارم

اثارت هذه المحصلات المتضاربة وعدم قدرة المسؤولين واجهزة الاستخبارات على حماية القوات المسلحة داخل قاعدة عسكرية، غضبا عارما. فعبر مواقع التواصل الاجتماعي التي يستخدمها المجتمع المدني الافغاني للتعبير عن آرائه، اختلط الحزن بالغضب وطالب كثيرون بالمحاسبة.

وفي هذا السياق، كتب محلل سياسي يشارك في الحركات الشبابية على موقع تويتر ويوقع باسم "بادلون" "من سيستقيل بعد كارثة مزار شريف؟ وزير الدفاع، نائبه ام مجرد شخص ثانوي؟". وكتب آخر ان "افضل طريقة لتكريم (الضحايا) هي معاقبة من تعاونوا مع العدو: يجب ان يرحل بعض المسؤولين".

وقال المحلل عتيق الله ارمخيل لوكالة فرانس برس ان كارثة مزار شريف هي "اولا فشل تام لاجهزة الاستخبارات يتكرر ويتكرر. نحن في مواجهة مقاتلين يهاجمون في مجموعات صغيرة ويحدثون خسائر هائلة. علينا ان نتعلم التصدي لأساليبهم".

استقالة قيادات

من اجل ذلك أعلن مكتب الرئيس الأفغاني أشرف عبد الغني عبر حسابه على تويتر "استقالة وزير الدفاع عبد الله حبيبي ورئيس أركان الجيش قدم شاه شاهيم وتسري الاستقالة على الفور". وقال شاه حسين مرتضوي القائم بأعمال المتحدث باسم عبد الغني لرويترز إن استقالة المسؤولين جاءت بسبب هجوم مزار الشريف. وأيضا أعلن مكتب عبد الغني تغيير قادة أربعة فيالق بعد الهجوم وقال مسؤولون بوزارة الدفاع إنه تم اعتقال ما يصل إلى ثمانية أفراد بالجيش مما يسلط الضوء على الشكوك بأن المهاجمين حصلوا على مساعدة من الداخل. وفق رويترز

وتعرض حبيبي لضغط كبير من نواب أفغان بعد الهجوم الذي نفذه تنظيم داعش على مستشفى عسكري في كابول في مارس آذار. وأصر حبيبي وشاهيم في مؤتمر صحفي على أن استقالتيهما كانت طواعية. وقال حبيبي للصحفيين "يجب أن نبحث دائما عن حلول للمشاكل ومن ثم قررت أنه يجب أن يتولى المسؤولية شخص آخر".

استهداف الهجوم

قال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان في بيان إن الهجوم جاء ردا على مقتل عدد من كبار قادة الحركة في شمال أفغانستان في الآونة الأخيرة. وأضاف أن أربعة من المهاجمين كانوا من المتعاطفين مع طالبان وتسللوا إلى الجيش وخدموا لبعض الوقت. ولم يؤكد الجيش هذا الزعم. لكن مسؤولين بالتحالف قالوا إن القوات الأجنبية لم تستهدف في الهجوم. بحسب رويترز

والقاعدة مقر للفيلق 209 بالجيش الوطني الأفغاني المسؤول عن معظم شمال أفغانستان بما في ذلك إقليم قندوز الذي يشهد قتالا عنيفا. وتضم أيضا قوات أجنبية من بعثة دولية بقيادة حلف شمال الأطلسي لتقديم المشورة والتدريب للقوات الأفغانية. ولم يصب أي فرد من القوات الدولية بأذى في الهجوم وفقا لمسؤولين في التحالف.

طالبان أخطر من داعش

ان ترعرع طالبان في افغانستان أكثر وأكبر من جرائم داعش من حيث العدة والعدد حيث يقدر عدد مقاتلي تنظيم داعش الارهابي بالمئات في حين أن عدد مقاتلي طالبان يقدر بالألوف أو بعشرات الألوف وقد سيطروا على مساحات كبيرة من أفغانستان في السنوات القليلة الماضية. وسبق أن أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن عدد من التفجيرات الدامية في أفغانستان وباكستان لكن خبراء كثيرين يعتقدون أن حركة طالبان هي الخطر الرئيسي على حكومة الرئيس أشرف عبد الغني المدعومة من واشنطن.

لكن الولايات المتحدة الامريكية تصر دائما على ان تهجم على مواقع داعش الإرهابي. يبدوا ان أمريكا لها وجهة نظرها الخاصة كما قال الضابط السابق بالجيش الأمريكي كريستوفر كوليندا الضابط السابق بالجيش الأمريكي والذي خدم في أفغانستان وكان من المسؤولين عن رسم استراتيجية الحرب إن وجهات نظر واشنطن وكابول كانت في كثير من الأحيان تختلف اختلافا كليا. وأضاف الى رويترز أن المسؤولين الأمريكيين يميلون للتركيز على الجماعات الدولية مثل داعش والقاعدة في حين يرى المسؤولون الأفغان أن باكستان وحركة طالبان هما الخطر الرئيسي.

وقال مير واعظ ياسيني أحد كبار أعضاء البرلمان عن إقليم ننكرهار مشيرا إلى تنظيم داعش "الخطر الأكبر على الأمن والاستقرار في هذا البلد هو متمردو طالبان وليس قوات داعش". وأضاف "تسقطون أكبر قنابلكم على داعش لكن ماذا عن طالبان الذين يقتلون شعبنا كل يوم؟"

روسيا تدعم طالبان

كان الجنرال جون نيكولسون، قائد القوات الأمريكية والدولية في أفغانستان، قال إنه "لا يدحض" تقارير تتحدث عن توفير روسيا الدعم لحركة طالبان الإسلامية المتشددة بما في ذلك الدعم بالسلاح. وقال مسؤول عسكري أمريكي كبير تحدث للصحفيين شريطة عدم الكشف عن هويته إن معلومات لأجهزة مخابرات تشير إلى أن روسيا توفر المال والأسلحة الرشاشة لطالبان.

سبق أن نفت روسيا توفير أي مساعدات عينية أو مالية لحركة طالبان لكنها أوضحت أنها لا تزال محتفظة بعلاقة مع مسؤولي الحركة بغية السعي إلى مفاوضات السلام.

استراتيجية غير مؤكدة

رغم زيادة عدد الجنود الأمريكيين بعشرات الآلاف لفترة انتهت في 2012 نفد صبر بعض المسؤولين الأفغان مما اعتبروه تركيزا أمريكيا على الانسحاب ومن ثم عدم التركيز على وضع نهاية للحرب. ويقول هؤلاء إن غياب الاهتمام استمر في الأشهر الأولى من إدارة ترامب الجديدة التي لم تعين حتى الآن سفيرا لها في كابول وبعض المسؤولين المعاونين في وزارة الخارجية الأمريكية. وفق رويترز.

وقال الضابط السابق كوليندا "من الصعوبة بمكان أن يكون لديك سياسة واستراتيجية منسقة عندما لا تكون قد شغلت المناصب. ومن وجهة نظر إدارة ترامب تأتي أفغانستان في ذيل قائمة الأولويات." وقد ألمحت بعض تصريحات المسؤولين الأمريكيين الجدد أنهم قد ينتهجون نهجا أكثر تشددا مع باكستان لكن إدارة ترامب لم ترسم حتى الآن استراتيجية واضحة للمنطقة.

ضحية الارهاب

لذا يشعر بعض القيادات الأفغانية بالغضب لما يرون فيه تقاعسا من جانب الأمريكيين عن أخذ إجراءات قوية بما يكفي تجاه طالبان وكذلك باكستان التي يتهمونها بإيواء المتمردين ودعمهم كنوع من التحوط في مواجهة النفوذ الهندي في المنطقة. وتنفي باكستان ذلك وتقول إنها هي نفسها ضحية الإرهاب من جانب جامعات مختلفة منها جماعات تعمل من داخل أفغانستان.

يقول محللون الى رويترز إن الاستراتيجية التي أقرتها الولايات المتحدة أخيرا بالتركيز على حماية المدن الكبرى والمراكز السكانية الأخرى في أفغانستان وفي الوقت نفسه تدعيم القوات لن تكفي لدفع طالبان إلى مائدة المفاوضات. ومع تراجع وحدات الجيش الأفغاني واضطرارها في بعض الحالات للتخلي عن قواعد متفرقة وقواعد ريفية فلا يسع الحكومة سوى الإعلان عن السيطرة على، أو بسط نفوذها في، 57 في المئة من البلاد وفقا للتقديرات العسكرية الأمريكية أواخر العام الماضي.

عام صعب آخر

بعد أيام قليلة على هجوم لطالبان على قاعدة عسكرية كبيرة في مدينة مزار الشريف في شمال البلاد يزور وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أفغانستان ليعقد محادثات مع الرئيس الأفغاني أشرف عبد الغني ومسؤولين وقادة أمريكيين. وقال ماتيس "2017 سيكون عاما قاسيا آخر على قوات الأمن الأفغانية الباسلة والقوات الدولية التي وقفت وستواصل الوقوف كتفا بكتف مع أفغانستان ضد الإرهاب". وفق رويترز.

وفي الوقت ذاته يتأهب الجيش الأفغاني لما قد يكون عاما من القتال الشرس ضد مسلحي طالبان الذين يسيطرون على أكثر من 40 في المئة من البلاد. ولا يزال هناك نحو 9000 جندي أمريكي في أفغانستان علاوة على آلاف من قوات التحالف الدولي. وقال نيكولسون في جلسة أمام الكونجرس في الآونة الأخيرة إنه بحاجة إلى الآلاف من القوات الدولية الإضافية للخروج من الطريق المسدود الذي وصلت إليه الحرب مع مسلحي طالبان.

الغموض في مكافحة الارهاب

من وراء هذه المنظمات الإرهابية؟ ومن الذي يدعمها؟ اعلم انه سؤال تقليدي وسط طوفان الهجمات الإرهابية المنتشرة في الأراضي والتي كلما تقدم يوم بنا كلما تأكدنا ان من تدعهما تلك الدول الكبرى والتي تقود العالم هي أمريكا وإسرائيل...

نلاحظ ان هنالك اهتمام دولي وعالمي بظاهرة الإرهاب لكن الغموض واضح نحو مكافحة الإرهاب وخير دليل ما يحدث في أفغانستان ففي موجة الحرب على الإرهاب المنتشرة في الساحة وتوجيه زناد القنابل صوب داعش أمريكا تضرب مقرات داعش في أفغانستان بأقوى القنابل التي تمتلكها ربما لان داعش بات ورقة منتهية في حسابات أمريكا لذا تضرب قواعده لكي تنال صدى اعلامي واضح بأنها تكافح الإرهاب.

وفي نفس الوقت تتغاضي القوات الامريكية عن الهجمات الإرهابية الدامية التي تقوم بها طلبان فهي تقف بالخفاء الى جنب تلك الهجمات ولا استبعد من انها تمول تلك الهجمات فبرغم من ان الهجوم الذي حصل مؤخرا في أفغانستان كان يهدف القوات الامريكية حسب مزاعم طالبان الا انه لم يصاب منهم سوى قوات الجيش الافغاني؟؟؟؟

اضف تعليق