q
إنسانيات - مجتمع

بيت أبو الكورونا

عن ضحايا التنمر المجتمعي بسبب فايروس كورونا

من قصة التنمر هذه عرفت لماذا الناس تتردد للفحص ليس خوفا من المرض وانما خوفا من تنمر المجتمع عليهم ومعاملتهم غير الاخلاقية معهم، تعرض الشاب الى ايذاء نفسي فقط لمجرد انه كان مشكوك في اصابته اذن كيف سيعامل الشخص المصاب من قبل المجتمع؟

كنت قبل ايام في حديث مع احد الاصدقاء وتكلم معي عن حادثة حدثة معه خلال ازمة وباء فايروس كورونا واثرت كثيرا في نفسيته، صديقنا تعرض لوعكة صحية انفلونزا بسيطة وحرصا منه على صحة عائلته واصدقائه وتنفيذا للإرشادات خلية الازمة ذهب للفحص عند اقرب مركز صحي.

بعد الفحص السريري واجراء الاشعة شك الطبيب في ان يكون مصاب بفايروس كورونا ولكن مع الاسف طريقة تعامل الطبيب معه وافضاح أمره امام الجميع جعله يشعر بإحراج كبير، يقول الشاب البالغ من العمر 29عام تفاجئت عند خروجي من المركز للصعود الى سيارة الاسعاف لنقلي الى المستشفى المركزي لإتمام اجراءات الفحص العامة كان جميع المنتسبين في المركز يتهامسون ويتلازمون علي ويتكلمون بينهم هذا هو المصاب.

شعرت بأحراج كبير جدا واحسست بأنني مجرم وتم القبض علي، شعرت ان الطريق الى سيارة الاسعاف طويل جدا واقدامي لا تساعدني على تسريع خطواتي شعور مهين جدا لم اصدق وانا اصعد سيارة الاسعاف لأضم نفسي بها وعندما صعدت السيارة لمت نفسي على ذهابي الى المركز وسألت نفسي اين خصوصية المريض؟

وعند ذهابه الى المستشفى العام كانت معاملة الكوادر الطبية انسانية بحسب حديثه احس بطمئانية وعند اخذ العينة منه واجراء كافة الفحوصات قال له الطبيب لا يوجد عليك اي علامات او اعراض يمكن من خلالها تشخيص اصابتك، مع هذا اذهب الى البيت والتزم بالعزل الطبي داخل البيت وعند اظهار النتائج يتم التواصل معك.

وعند رجوعه الى بيته تفاجئ ان والده الكبير بالسن سكره مرتفع بسبب نقل الخبر اليه من احد جيرانهم الذين كانوا متجمهرين امام المركز الصحي عند خروجه للذهاب الى المستشفى وفد اوصل المعلومة بصورة تنمرية جعل والده يصاب بالهلع والخوف عليه وعلى جميع افراد عائلته.

بعد يومين اتصلوا به ليبلغوه ان النتائج سلبية وغير مصاب بفايروس كورونا، في اليوم التالي ذهب الى وظيفته فهو موظف في القطاع الخاص وكان دوامه وفق نظام الخمسين بالمئة، طبعا جيرانه لم يردوا السلام علي واكتشف ان بيته اصبح يلقب في المنطقة بيت ابو الكورونا، طبعآ هو بلغ مرؤوسيه في الوظيفة بكل شفافية عما حدث له بعد ان رجع من المستشفى باتصال هاتفي ليستأذن منهم لغاية اظهار النتائج، وعندما ظهرت النتائج اتصل بهم وابلغهم.

لكنه تفاجئ عند دخوله الى مكان وظيفته ان زملائه هربوا منه بصورة مخجلة وبعضهم لم يرحبوا به، وعندما اجزم لهم عدم اصابته لم يصدقوا به واعطوه اجازة اجبارية مدة شهر، صح هو اجراء وقائي ولكن المعاملة التي تعرض لها كانت سيئة جدا، وابلغني بأنها تجربة جدا صعبة.

عند سماعي الى هذه القصة عرفت لماذا الناس تتردد للفحص ليس خوفا من المرض وانما خوفا من تنمر المجتمع عليهم ومعاملتهم الغير اخلاقية معهم، تعرض هذا الشاب الى ايذاء نفسي فقط لمجرد انه كان مشكوك في اصابته اذن كيف سيعامل الشخص المصاب من قبل المجتمع؟

فقد سجلت في الفترة الماضية الكثير من الاصابات الذين اصيبوا بفايروس كورونا ولم يراجعوا المستشفى حتى ان بعض الحالات وصلت الى تفشي المرض والوفاة.

وحسب تصريحات خلية الازمة ان اغلب من توفى في فايروس كورونا بسبب تأخرهم في الحضور الى المستشفى لتلقي الرعاية الكاملة.

هنا منظمات المجتمع ومنابر مواقع التواصل الاجتماعي وجهت اصابع الاتهام على المصابين الذين يخشون الذهاب الى المستشفى ولم يتسألوا لماذا لم يذهبوا وفضلوا الموت على العلاج.

ان السبب الرئيسي وراء تردد المصابين للفحص هو ثقافة المجتمع بصورة عامة وطريقة معاملتهم مع المصاب وعائلته، ان المرض هو اختبار رباني للبشر يختبر سبحانه وتعالى الانسان وايمانه عندما يفقده صحته، وفايروس كورونا هو جائحة عالمية اصيبت جميع بقاع الارض، وهو مرض اعراضه عادية جدا هي اعراض الانفلونزا وانتقاله سريع عن طريق الرذاذ فلا داعي للاستهجان.

هو ليس مرض غير شرعي او ينتقل بطرق غير شرعية. والمصاب به انسان عادي ربما كان غير ملتزم باجراءات الصحة العامة وهذا الذي يجب ان يلام عليه، او انه ملتزم ولكن مشيئة الله ان يصاب به.

فهنالك الكثير من الحالات التي تشافت من مرض كورونا ولكنهم اثارها النفسية من تبعات المجتمع لاتزال ترافقهم ومعاناة مواجهة المجتمع اشد عليهم من هذا الوباء اللعين.

لذا فعندما يصاب احد بهذا المرض يجب ان ندعمه نفسيا ونساعده على اجتياز الأزمة، يجب ان نضع انفسنا في موقع المصاب وعائلته ونتعامل معهم وفق هذا المنظور. فجميعنا معرضين للاصابة وعلينا ان نتجاوز هذه الجائحة بكل وعي وانسانية عالية من خلال التزامنا بالتعليمات وتعاملنا مع المصابين بكل شفافية وحذر. ونسأل الله ان يخلص العالم من شر هذا الوباء بأقرب وقت.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق