صحيفة النيويورك تايمز، تيم ارانجو-ترجمة: حيدر المنكوشي
النجف، العراق- آية الله العظمى علي السيستاني، وهو أعلى سلطة روحية بالنسبة للكثيرين من المسلمين الشيعة في العالم، وقف وحيدا كبطل مع الجهود الرامية إلى عقد انتخابات مباشرة والتأكد من ان الشخصيات المرشحة سياسية وليست دينية وذلك لحكم البلاد.
ويعد من المناضلين الذين ساهموا بتحويل العراق من الدكتاتورية إلى الديمقراطية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003.
ومن خلال فرزه لرجال السياسة عن رجال الدين فقد اوضح شكل العلاقة بين الدين والسياسة والتي تختلف اختلافا واضحا من النظام الديني الشيعي في إيران، حيث آية الله الخامنئي يمتلك نفوذا كبيرا هناك.
ويقول الخبراء الآن، في مواجهة المخاوف من تنامي قوة البلدان المجاورة وأتباعها داخل العراق وسط حرب طائفية، جعلت آية الله السيستاني يتدخل بشكل مباشر في السياسة العراقية، في محاولة لتعزيز الدولة العراقية.
تم اصدار توجيهات وتوصيات من قبل ممثله خلال خطبة الجمعة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وضرورة محاسبة الفاسدين وتقديمهم للعدالة بالإضافة الى اصلاح القضاء ودعم قوات الامن الوطنية بدلا من الدعم العشوائي من قبل الدول لبعض الفصائل المسلحة. وهنالك تواصل مستمر من قبل نجل اية الله السيستاني مع رئيس الوزراء العراقي مطالبا اياه بإصلاحات أسرع.
وقد اثارت هذه الضغوطات من تنامي جولة جديدة لاستجواب عدد من القادة السياسيين والدبلوماسيين في بغداد، كما صعد آية الله السيستاني مرة أخرى من نوع الخطاب في سبيل مساعدة بلد يعاني من أزمة خانقة.
وهناك من يعارض هذا التدخل فقد صرح زعيم شيعي بارز من بغداد رفض ذكر اسمه قائلا "كثير من الناس مندهشون عندما يرون السيستاني يشارك حتى في السياسة" في اشارة الى سياسة الزعيم الايراني الاعلى اية الله علي خامنئي، والزعيم الثوري آية الله روح الله الخميني.
آية الله السيستاني 85 عاما، نادرا ما يتم مشاهدته وقد سافر مرة واحدة إلى لندن لتلقي العلاج الطبي، وهو عادة ما يستقبل الزوار في مكتبه البدائي في مبنى مستأجر في النجف داخل زقاق ضيق غير بعيد عن ضريح الامام علي عليه السلام، واحدة من أقدس الأماكن لدى المسلمين الشيعة.
والزعيم الشيعي اية الله السيستاني الذي يمتلك شعبية واسعة في المجتمع الاسلامي لديه موقع الكتروني يرشد الناس عن احكام الصلاة والغسل وامور الحياة الاخرى، يقوم بإرشاد المقاتلين الذين يقاتلون في ساحات المعركة ضد داعش بضرورة الحفاظ على النفس من خلال لبس الدروع الواقية.
وعلى الرغم من تأثيره القوي الذي لا يمكن إنكاره، وكثيرا ما تم وصف دوره في العراق بأنه "الأبوي" والذي يعمل على توجيه السياسة من بعد، والتدخل في الأوقات الصعبة، ولكنه يبقى بمعزل عن المعركة الانتخابية من الحكم.
ويذكر ان هذا النهج في التقليد هو الاهدأ والذي يمتاز به مقلدي النجف في العراق على عكس حوزة مدينة قم المقدسة احدى المدن الشيعية في ايران. وهو جزء من تنافس تاريخي بين المدينتين القديمتين والتي تشبيه التنافس بين جامعتي " اكسفورد وهارفرد"
ولكن في ظل الأزمة الحالية التي يشهدها العراق، من الحرب ضد داعش الى الفساد المستشري في الحكومة العراقية الى التدخل الخارجي من قبل بعض دول الجوار دفعت اية الله السيستاني لرسم عملية حسابية جديدة.
وصرح علي العلاق قائلا "في الأشهر الأخيرة رأى سماحته ان هنالك خطرا كبيرا على الساحة السياسية والأمنية".
مؤكدا " ان السيد السيستاني يمثل ضمير الشعب العراقي".
حتى الآن، على الرغم من دفع آية الله السيستاني للإصلاحات، التي احتضنها السيد العبادي والتي تم تنفيذ عدد قليل منها، مما يؤكد معارضة بين منافسيه رئيس الوزراء وعمق الفساد والخلل وقد قام السيد العبادي بتخفيض رواتب النواب وعدد من حراسهم الشخصيين، وألغت عدة مناصب رفيعة المستوى، بما في ذلك نائب رئيس الوزراء ونائب الرئيس، ولكن لم يكن هناك أي محاولة جادة حتى الآن على الفساد أو إصلاح القضاء.
وفي العام الماضي، أصدر آية الله السيستاني فتوى لحمل السلاح ضد داعش ممن يستطيع ذلك، وقد استجاب الكثير من الشباب لها ولكن بنفس الوقت خلقت فصائل جديدة مدعومة من دول الجوار وازداد النفوذ الخارجي في البلاد. وقد ادت الى تزايد القلق لدى آية الله السيستاني من أن تلك الفصائل تشكل تهديدا لوحدة العراق، كما يقول الخبراء، وذلك بسبب ان العديد من قادة الفصائل المسلحة قد تحدوا الجهود التي تبذلها الحكومة للمصالحة مع الاقلية السنية في العراق، وهي من اولويات السيد السيستاني.
قال مهدي خلجي، وهو زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الذي درس في المعهد الديني في قم وكتب كثيرا عن آية الله السيستاني.
"ان آية الله السيستاني قلق في المقام الأول حول التوترات بين السنة والشيعة ودور دول الجوار في تفاقم الانقسامات الطائفية في العراق."
هنا في النجف حيث آية الله السيستاني، وثلاثة من كبار آيات الله الأخرى تمثل مجتمعة المؤسسة الدينية الشيعية المعروفة باسم المرجعية، هناك شعور الأسف لتقديم الدعم الحاسم للطبقة السياسية الشيعية في العراق في السنوات التي تلت الغزو عام 2003.
دعم المرجعية على مدى السنوات أضفى شرعية كبيرة للأحزاب الدينية الشيعية التي جاءت على الساحة السياسية والتي هي الآن مصدر الغضب الكبير للجماهير التي بدأت احتجاجا على الحكومة العراقية في أغسطس.
قال نصير كاشف الغطاء "نحن نعاني جميعا من الماضي"
مضيفا "نحن بحاجة لإجبار السياسيين لتنفيذ الأشياء التي تصب في مصلحة الشعب ودور المرجعية هو حماية لحقوق المجتمع ".
السيد كاشف الغطاء من بين رجال الدين الذين يدعمون تدخل آية الله السيستاني في السياسة، ومثل بعض الآخرين هنا، فإنه يدعو إلى دور أكثر حزما.
واضاف "اذا كان الأمر بالنسبة لي، كنت قد اتخذت المزيد من تدابير جذرية".
جوست هلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، قام مؤخرا بزيارة النجف وكتب في نيويورك ريفيو أوف بوكس "، ويقول ان بعض أعضاء النخبة الشيعية في العراق والذين ينتهجون بعض سياسات دول الجوار، ينتقدون السيستاني لكونه قوي بما فيه الكفاية في مداخلاته ".
وفي مقابلة قصيرة مع نجل آية الله السيستاني، محمد رضا علي، قائلا" لن يستمر التدخل في السياسة لوقت طويل وربما بعد سنة واحدة".
اضف تعليق