ان التعددية ظاهرة ملازمة للمجتمع البشري منذ عرف هذا المجتمع ظواهر التبادل السلعي والملكية الخاصة والدولة، بل وقبل ذلك وبعده فان التمايزات الثقافية والعرقية والدينية بما تفرضه من تمايزات في الرؤى والمواقف السياسية هي تمايزات ملازمة لطبيعة المجتمع البشرى ذاته، والتعددية تأكيد وإقرار وتسليم لعالم متنوع ومختلف، وغدت إحدى ثوابت آلية الحياة المعاصرة. وكيفية التعامل والتفاعل معها سيقود بشكل أو بآخر، إلى بلورة الملكية الذاتية والاحترام والتسامح والحوار والمرونة في حوارنا وتعايشنا مع الأخر الا في ظل تحقيق السلام والسلم الاجتماعي وتعبر الاختلافات أو المتعددات عن ذواتهما في الهويات الثقافية والبرامج الاقتصادية والاعتقادات الدينية والتجمعات الاثنية والأنظمة السياسية وغيرها، فلم يعد كافياً تشخيص التعددية وإنما كيفية تجسيدها عملياً باعتبارها حقيقة واقعية حاضراً، كما كانت في الماضي وستكون في المستقبل.
اذ ان في دراستنا هذه سوف نتطرق أولاً: مفهوم التعددية. ثانياً: مفهوم السلم الاجتماعي. ثالثاً: مميزات المجتمع التعددي ومستويات التعددية رابعاً: اقسام التعددية. خامساً: دور التعدية في تعزيز السلم الاجتماعي قراءة تحليلية. سادساً: الاستنتاجات والتوصيات.
أولا: مفهوم التعددية:
الاستقلالية التي تحظى بها جماعات معينة في إطار المجتمع مثل الكنيسة والنقابات المهنية والاتحادات العمالية والأقليات العرقية، وعلى ذلك تعتبر التعددية "أحد شروط الممارسة الديموقراطية وبالتالي فهي تتعارض تعارضا تاما مع وجود الدولة الشمولية بل تفترض قدرا من الحياد من قبل السلطة العليا أي الدولة التي ينبغي أن تحترم القوى والمؤسسات التي تعمل في إطارها على تعميق الخير العام للبلاد(1).
يشار اليها أيضا على أنها عبارة عن تنظيم حياة المجتمع وفق قواعد عامة مشتركة تحترم وجود التنوع والاختلاف في اتجاهات السكان في المجتمعات ذات الأطر الواسعة، وخاصة المجتمعات الحديثة حيث تختلط الاتجاهات الأيديولوجية والفلسفية والدينية(2).
وقد تتعلق التعددية، كما يرى (جان إيفز كاليفز) بمجال القانون والدولة، فالدولة هي التي تسبغ الشرعية وتبررها أو ترفضها وتنحّيها جانبا بالنسبة لوضع تعدّدي معيّن من خلال التقنين باستخدام الأداة القانونية.وهناك من يرى التعددية، كـ"كرافورد يونغ"، في علاقاتها بالدولة القومية ذات السيادة والنظام السياسي القائم فيها، والذي يحدد بصورة قاطعة حدود التفاعل، بغض النظر عن طبيعة هذا التفاعل، بين الجماعات المختلفة التي يتشكل منها المجتمع، والتي تتباين من حيث أصولها العرقية أو اللغوية أو الطائفية، ومن حيث أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية، ومفاهيمها السياسية(3).
ومن خلال معرفتنا لمفهوم التعددية الا انها توجد حيثما يوجد تنوع أياً كان الشكل الذي يتخذه ديني أو عقائدي أو فلسفي أو طبقي أو حزبي... الخ يتمسك به الفرد أو الجماعة وبهذه الصورة يتغير معنى التعددية بتغيّر الموضوع ذاته، ومن ثم تكون إيجابية مقبولة أو سلبية مرفوضة، وذلك بسبب اختلاف القيم أو الظروف الاجتماعية موضوع التنوّع أو التعدّد في كل حالة فهي حين تتعلق باحترام المعتقدات الدينية أو الأخلاقية لا تضحى فقط مقبولة بل ويجب التأكيد عليها غير أن النظرة تختلف حينما يتعلق الأمر بالنواحي الاجتماعية والاقتصادية.
ثانياً: مفهوم السلم (السلام) الاجتماعي:
هو عبارة عن جملة من المبادئ والقيم والسلوك والأفكار التي تهدف إلى تحقيق مبدأ حسن التعايش مع الآخر، نبذ العنف، تفضيل اللجوء إلى وسائل سلمية وقانونية لحل النزاع، الإحساس القوي بالانتماء إلى لحمة المجتمع وعصبته بشكل يصبح فيه من العسير القيام بسلوكيات تؤدي بشكل مباشر إلي هدم النسيج الاجتماعي أو إحداث تشوهات عميقة وجوهرية ومتعمدة فيه. اذ إن السلام(السلم) الاجتماعي هو نقيض العنف الاجتماعي، لكن ذلك لا يعني انتفاء العنف بصفة نهائية عن مجتمع ما، والا فسيقودنا ذلك إلى فخ من المثالية ولن نستطيع تحويل هذا المفهوم إلى ممارسة حقيقية وواقعية(4).
وبهذا فان السلم ام السلام الاجتماعي يعني به حالة من الوئام والمصالحة بين جميع المكونات السكانية والقوى الاجتماعية أي في ظل غياب كل مظاهر العنف والقهر والخوف في المجتمع وعلى الرغم من هذا فان السلم ام السلام نقض العنف الاجتماعي بكافة إشكاله والصراع الاجتماعي.
ثالثاً: مميزات المجتمع التعددي
إن المجتمع التعددي هو المجتمع المجزأ بفعل الانقسامات الدينية أو الأيديولوجية أو اللغوية أو الجهوية أو الثقافية أو العرقية، كما أنه المجتمع الذي تنتظم بداخله الأحزاب السياسية، ومجموعات المصالح، ووسائل الإعلام والمدارس، والجمعيات التطوعية، على أساس الانقسامات المميزة له ، ومن مميزات هذا المجتمع التعددي:
أولا: تباينات تتمتع بدرجة متفاوتة من الثبات لا تتبدل كتبدل الرأي العام.
ثانياً: تصنيف اجتماعي لبعض المجموعات بسبب الاختلاف الديني أو اللغوي أو العرقي.
ثالثاً: تنظيم هذه المجموعات ضمن مؤسسات تحتية تربوية واجتماعية واعلامية ودينية وغيرها تتوفر عدة اسس لقياس درجات التعدد في المجتمع.
رابعاً: في المجتمع المتنوع بأغلاق، يلد الفرد ويصلي ويدرس ويعاشر ويعمل ويلهو ويشيخ ويدفن في بيئته دون غيرها.
أما المجتمعات المنفتحة فهي تتمتع بدرجة عالية من التداخل المصلحي وبدرجة عالية من العضويات المتداخلة، أي ان الأفراد هم غالبا اعضاء في عدة منظمات وجمعيات طوعية فيصبح سلوكهم أكثر اعتدالا لأنهم مرغمون على التوافق بين عدة مصالح هم أعضاء في مؤسسات لها(5).
مستويات التعددية
هنالك مستويين تقوم التعددية عليها هما:
المستوى الأول: مستوى الفرد وبموجبه هناك فكرة تؤكد ان لا أحد يملك الحقيقة كلها وبالتالي ليس من حق أحد مصادرة اراء أفكار أخرى وان بدت غير صحيحة من وجهة نظر ما.
المستوى الثاني: المستوى الاجتماعي فالملاحظ ان اكتشاف ثرا وتعدد تجارب الجماعات والشعوب الأخرى وهذا ما دفع الأوربيين بالتعرف على تلك الشعوب والجماعات خارج اوربا وتوسيع معارفهم بالنسبة الى العالم الذي كان مقتصرا في السابق على العالم المسيحي ليدركوا وجود مجتمعات متباينة عنهم في العرق واللون والدين والعادات والتقاليد وأنظمة الحكم وانماط الحياة وطرق التفكير وحرية التعبير واحترام الحقوق الإنسانية وتنمية المواطنة لدى افراد.
وعلى هذا فان هنالك جملة حقائق يمكن من خلالها تحديد هذا المستويان أبرزها:
1) ان التعدد هو واقع فعلي حتى داخل المجتمع الواحد المنقسم عموديا الى فئات وطبقات متمايزة في المليكة والنفوذ والايديولوجيات ومستويات المشاركة في انتاج راس المال هذا بالإضافة الى ان المجتمع كل المجتمع منقسم افقيا الى انقسامات اثنية ودينية ولغوية ومذهبية وهي ترتبط بالتقسيم الاجتماعي للعمل بين التجارة والصناعة والزراعة والحرف وكذلك الانقسام بين العمل الذهبي والعمل العضلي وبين الرجل والمرأة.
2) ان التعددية تعبر عن نفسها في المجتمع من خلال مجموعة صيغ أبرزها: تيارات ثقافية وحركات اجتماعية وأحزاب سياسية وتعاون نقابي وجمعيات واتحادات.
3) ان مبدأ التعددية ينتهي الى بناء التحالفات بعد المساومة والمفاوضة بين التمايزات الاجتماعية والسياسية لكسب الراي العام على المستوى الاجتماعي والسياسي.
4) يتصل مبدا التعددية بالتجربة الديمقراطية الليبرالية لان التجربة الأخيرة تعتمد مبادى وحقوق تسمح بالاعتراف بالتعددية من حيث الوجود وحق التعبير وحق المشاركة للتمايزات في الحياة المجتمعية العامة، فالليبرالية اذ كانت تقوم على حق المعارضة في الوجود والعمل وعلى دور كبير لوسائل الاتصال بوصفها التعبير وعلى مبدأ التداول السلمي للسلطة، فان هذه المقومات كلها تخدم التعددية من حيث الاعتراف بالتعدد وبالتعبير وحق المشاركة للمتعددين في الشؤون العامة.
5) يتحدد مبدأ التعددية من مبادئ أخرى ويشكل معها منظومة متكاملة هي منظومة الديمقراطية التي تتشكل ماهيتها في التقرير بحق الأغلبية السياسية واحترام اراء الأقلية السياسية والتقرير بحث المساواة امام القانون.
6) ترتبط التعددية بمبدأ الفصل ما بين السلطات حيث ان النظم الاستبدادية تجعل المجتمع بالكامل منصهرا داخل كيان الدولة، اما في النظم الديمقراطية فان المجتمع لا يذوب داخل كيان الدولة، فلا تكون جميع السلطات متمركزة في الدولة بمعنى اخر لابد من ان يتواجد الى جانب السلطة العامة (الدولة) دوائر في العمل مستقلة استقلالا ذاتياً (الحياة الاسرية، المشروعات الاقتصادية، الأديان، المهن، النقابات، القضاء، التعليم، الخ) ولا تخضع قواعد سلوم هذه الدوائر للسلطة العامة(6).
رابعاً: اقسام التعددية
يمكن تقسيم التعددية إلى أقسام كثيرة، ولكن نركز على أهمها:
1) التعددية الدينية: هي التي تعترف بوجود التنوع الديني في المجتمع الواحد وتختص كذلك بالتعدد في الدين والعقيدة والشرائع والمناهج وعلى هذا الأساس تسعى الى احترام هذا التنوع في تعدد المذاهب في المجتمع الواحد وقبول ما يترتب عليه من اختلاف وإيجاد صيغ ملائمة للتعبير عن ذلك بإطار مناسب بشكل يحول دون نشوب صراع ديني يهده المجتمع عن طريق الاعتماد على حرية التفكير والتنظيم واعتماد الحوار ومبدأ المساواة امام سيادة القانون.
2) التعددية المذهبية: هو الاعتراف بتعدد المذاهب والفرق داخل الدين الواحد دليل ما يمتز به الدين الإسلامي هو تعدد الفرق والمذاهب فهي تمثل اراءً وافكاراً وتصورات مختلفة فلا يمكن الغاؤها مما يؤدي الى التعصب وتفتيت المجتمع وخلق الفتن والصراعات الطائفية.
3) التعددية الاجتماعية: هي من الظواهر الملازمة للوجود البشري منذ ان عرف هذا المجتمع التبادل والتفاعل الإنساني وتشكل في مجموعات متباينة اذ ان التغايرات الاجتماعية والثقافية من حيث العرق والجنس والقومية والدين وما ينتج عنه من رؤى مختلفة سياسياً واجتماعيا هي لاستقرار الحياة البشرية.
4) التعددية السياسية والحزبية: يعني بها مشروعية تعدد القوى والآراء السياسية وحقها في التعايش وفي التعبير عن نفسها والتأثير في القرار السياسي في مجتمعها وهذا الاعتراف بوجود تنوع في مجتمع ما يفعل وجود دوائر انتماء عدة فيه ضمن الإطار الواحدة واحترام هذا التنوع ومثول ما يترتب عليه من اختلاف في العقائد والمصالح والاولويات وإيجاد صيغ ملائمة للتعبير عن ذلك بحرية بشكل يحول دون نشوب صراعات داخل المجتمع فاشتراك جميع فئات المجتمع في هذا الاطار بآرائهم عن المشاركة السياسية او هي احدى مكونات الديمقراطية التي عدت نظام الحكم الأمثل للمجتمعات السياسية فضلا عن ارتباطها الموضوعي بالأحزاب السياسية بوصفها احدى اهم اليات العمل السياسي والتداول السلمي للسلطة السياسية وقناة الاتصال المزدوج بين السلطة والجماهير(7).
5) التعددية الثقافية: تعني فكرة التعايش بين أكثر من مظهر ثقافي داخل نفس الوسط المجتمعي، وعندما يكون لدى المجتمعات وجود لتعبيرات ثقافية متنوعة، فإن ذلك ينعكس في ظهور ديناميات مجتمعية مختلفة بين تلك الكيانات الثقافية، وفي معظم الحالات هذه العلاقات تعكس ديناميات بين الأكثرية والأقلية، فرغم كونها معنيه بالتعامل مع الجماعات المتمايزة ثقافيا إلا أنها لا تعني تعدد المكونات الثقافية للمجتمع، بل هي تشتمل على قبول ورضا كافة تلك المكونات بواقعها المجتمعي المتعدد والاعتراف به رسميا، وبناء على ذلك الاعتراف يتم إقرار آليات معينة في كيفية التعامل مع هذا التنوع الثقافي ام التعددية الثقافية(8).
خامساً: دور التعددية في تعزيز السلم الاجتماعي (قراءة تحليلية)
ان موضوع التعددية والسلم الاجتماعي في الوطن العربي قد شغلاً حيزاً كبيراً من تفكير مواطنيه خصوصاً في العقود الأخيرة والتعددية لها اشكال فهناك تعددية اجتماعية وسياسية ودينية وذهبية وثقافية وعلى هذا بان التعددية من اهم عوامل تحقيق السلم الاجتماعي والتعايش السلمي بين طوائف المجتمع حيث انها تعزز نسيج العلاقات بين افراد المجتمع وتشيع روح الطمأنينة بين مختلف الاطياف كما انها تعزز روح التفاهم والتسامح بين الافراد والفئات وتقلص مسافات التباعد بين التيارات الفكرية من خلال تقريب وجهات النظر وفي اقل الأحوال تؤدي الى تفهم مختلف الاتجاهات بعضها البعض وكل هذا تسهم التعددية في تحقيق جانب من السلم والتسامح بين افراد المجتمع.
اذ ان عملية تحقيق السلم المجتمعي وتسالم اهلة يأتي في اعلى الواجبات مؤسسات ومنظمات الدينية والاجتماعية وينبغي ان نعلم ان المحافظة علية يستلزم من افراد المجتمع قيامهم بواجبات والامر المهم الذي يغفل عنه بعضهم الا هو ترك القيام الاثم الذي يؤدي الى عدم بلورة تحقيق السلم المجتمعي فالتعددية رغم اخلافها في المضمون والمعنى فأنها تعمل على تحقيق الاستقرار المجتمع وتعمل على غرس قيم التعاون والاحترام وتعبير الراي لدى الافراد.
كما ان القران الكريم يرسخ قيم السلم الاجتماعي ويؤكدها من باب حفظ الضرورات التي جاءت الشريعة بحفظها ورعايتها وتعد التعددية احد اهم طرق رعاية السلم الاجتماعي حيث ان اختلاف الافراد في المجتمع الإنساني بطبيعتهم والوانهم ورموزهم يؤدي الى إشاعة العنف والعدوان فيما بينهم اذ ان التعددية تعمل على حل تلك الخلافات بين الافراد كما انها هي الحل الأمثل لرعاية الرابطة بين افراد المجتمع وافضل أساليب التفاهم سواء كان ديني ام اجتماعي ام سياسي وعلى الرغم من ذلك فان الإسلام قد أسس ثقافية إنسانية تدعو الى التعايش والسلمي للناس رغم اختلافهم وتعددهم.
فالسلم الاجتماعي هو عكس حالة الحرب أو العدوان بمعنى استمرار العلاقات بين افراد طبقا لأحكام القانون والعادات والأعراف والتعددية الاجتماعية، التي تؤكد على إيمان الحكومات والدول بالحقوق الأساسية للشعوب، وتحقيق العدالة، واحترام الهوية الاجتماعية والمواطنة والانتماء للمجتمع، اذ تسعى الدول إلى تعزيز السلم الاجتماعي لكي تدفع بالرقي الاجتماعي قدما وترتقي بمستوى الحياة في جو أرحب من الحرية، وأن يكون التسامح والسلام وحسن الجوار هو الثقافة التي تتربى عليها الشعوب لضمان حفظ السلم المجتمعي.
اذ ان الاخلال في تحقيق السلم المجتمعي في المجتمع بمعنى استعمال القوة والحرب اذ انه يشمل العدوان حيث يصعب في اغلب الأحيان التمييز بين حالة العدوان وحالة الاستقرار أي السلم الاجتماعي فالتعددية الاجتماعية تمارس اثار مهمة في تنمية روح التعاون والتنافس بين اغلب افراد المجتمع من اجل العيش بحياة كريمة وبعيدة كل البعد عن حالات العنف والعدوان على رغم من اشكالها سواء كانت (دينية ام مذهبية ام حزبية أي سياسية ام اقتصادية ام ثقافية ام اجتماعية) فان لها دور في تعزيز وتنمية الانتماء للوطن الواحد.
اذ العلاقة بين التعددية والسلم الاجتماعي تتوقف على طبيعة العلاقات بين الجماعات والقوى المختلفة داخل المجتمع، فإذا ارتبطت الجماعات ببعضها البعض رغم تعدد الولاءات التحتية وتقاطعها بقيم ثقافية مشتركة تصبح النتيجة وجود مجتمع يقوم على صورة من صور التوازن التنافسي للسلطة بدرجة أو بأخرى وكذلك على صور استقرار واحترام الحقوق الإنسانية.
اذ ان التعددية تعبر عن حرية التجمع السلمي والتعبير عن الراي ضمن الإطار العام على أسس واضحة وسليه وان الاختلاف مقبول شريطة ان تكون كلها لمصلحة البلد الواحد وان تكون مصلحة البلد فوق الاختلافات وفوق التعددية فاذا أدت التعددية الى التمزق والفرقة بين طواف المجتمع وجب منعها اذ انها لا تنضبط بضوابط الدينية والأخلاقية الا انها تنضبط بضابط واحد الا هو عدم ممارسة العنف ضد الاخرين والاضرار بهم.
ويتضح مما سبق فان التعددية جاءت الى تحقيق حق الوجود أي حق التمايزات الاجتماعية والسياسية في الوجود وأيضا حقي التعبير أي حق التمايزات الاجتماعية والسياسية في التعبير عن مصالحها والدفاع عن نفسها وأيضا حق المشاركة أي حقي التمايزات الاجتماعية والسياسية بالمشاركة في إدارة الشؤون العامة وفي اتخاذ القرارات السياسية داخل المجتمع.
الاستنتاجات
1) ان مصطلح التعددية يشمل المبادئ والمفاهيم التي تتناول منهج التعامل مع ظاهرة التباين والتنوع في حياة الناس فالتعددية وصف لطاهرة طبيعية قائمة وواقعة في كل المجتمعات ومن جانب اخر هي نظرية وتصور لحقيقة حدود التباين والتنوع وضوابط الاتفاق والافتراق وكيفية تنظيم المجتمع على أساس ذلك بمعنى أن التعددية كمصطلح تعبر عن أحد أشكال الممارسة الديموقراطية وهذا التمييز بين المفهوم وبين المصطلح تمييز من شأنه أن يعطي ديناميكية للحياة العامة بحيث يفصل ما بين التنوع كأصل طبيعي وفطري في الحياة ولابد منه، ومما لا شك فيه أن التعددية، الدينية والطائفية والمذهبية والقومية، ليست هي المسئولة عن أي نزاع من النزاعات التي تعرفها المجتمعات العربية. وليس لوجودها أي نصيب فيما تعاني منه الدولة والحياة السياسية والعقائدية من توتر وتمزق واضطراب، إن المسئول عن كل ذلك هو استغلال التعددية، أي توظيفها من قبل النخب الاجتماعية في الصراعات السياسية والاقتصادية.
2) ان السلم الاجتماعي هو حالة نقيض الحرب والعنف والعدوان اذ انه حالة تشيع بها الامن والاطمئنان وإشاعة روح التضامن بين الشعوب في احترام وقبول وتثمين الثقافة السلام وتنوعها في عالمنا المعاصر المرتكزة على حقائق التعددية والية حوار بين الثقافات لأنه لا يمكن ان يزدهر السلم الا بإشاعة روح التضامن والاعتراف بإنسانيتنا المشتركة وبوجود الاخر كخطوة أولى نحو عقد اجتماعي وثقافي واخلاقي جديد في تنمية العلاقات بين الشعوب وإرساء القواعد الراسخة للتعاون الاجتماعي مع احترام الخصوصيات الروحية والثقافية.
التوصيات
1) من الضروري التزام المسلمين في علاقاتهم الإنسانية ومن ضمنها العلاقة بغيرهم بالمبادئ الخلقية الثابتة الواضحة الا هي العدل والمساواة والمحبة والتمسك بالفضيلة الخ.
2) إمكانية قيام المؤسسات الإسلامية في تعزيز عيش المسلمين داخل المجتمع واحد في سلام ووئام بعدا عن التفرق فيما بينهم.
3) ينبغي نبذ فكرة التعصب بأشكاله المتعددة من اجل تعزيز التعددية والسلم الاجتماعي بين طوائف المجتمع.
4) ضرورة إشاعة التسامح ونشر ثقافة السلام بين فئات المجتمع والتي يمكن من خلال تعزيز السلم الاجتماعي وان هذا لا يمكن ان يتحقق الا عن طريق التعددية التي تعمل على حفظ حق التعبير والمشاركة في اتخاذ القرارات التي تخص المجتمع.
اضف تعليق