نظراً لخطورة هذه الجريمة وبشاعتها وانتهاكها لحرية الانسان، الا انه لابد من معاقبة الجاني المرتكب لهذه الجريمة، ولهذا يذهب فقهاء القانون الى ان الاختطاف هو كل سلوك يقوم به الجاني بنقل المجني عليه من مكانه الأصلي الى مكان اخر بهدف الاحتفاظ به ويخضع الى رقابة...
تعد جريمة الاختطاف من الظواهر والجرائم الاجتماعية الخطيرة لما لها من آثار على جوهر الحياة الاجتماعية والانسانية وهي الحرية والامن الشخصي. والاختطاف هو: فعل إجرامي خطير ومؤثر يتضمن نقل المخطوف عليه من قبل الجاني وفصله عن عائلته وعشيرته ومكانه الأصلي بطريقة عمدية الى مكان آخر بهدف الاحتفاظ به ومراقبته بشدة.
خصائص جريمة الاختطاف
السرعة في التنفيذ: يلجأ الخاطفون، مهما كان مستواهم، الى السرعة في التنفيذ لتجنب الانكشاف ومن ثم العقوبة.
دقة التدبير العقلي للعملية: يسعى الخاطفون الى اتخاذ كافة الإجراءات العقلية المحكمة ويتدارسون جميع الطرق التي تؤدي الى الانقضاض على الضحية. لابد من القول أن عملية الاختطاف في مرحلة التدبير قد تستغرق ساعات أو أيام أو شهور أو حتى سنوات فذلك يتناسب طردياً مع نوع الضحية المراد خطفها. وعليه كان الاختطاف ظاهرة تظهر في المجتمع بشكل فجائي ولا قاعدة ولا قانون لها، فقد يستعمل لعملية الخطف الخداع وهو يستميل به الضحية ومن شأنه أن يؤثر على إرادتها ويسلبها الرضا، وقد يستخدم التحايل سواء بإحاطة الكذب بمظاهر خارجية أو تعزيزه بأوراق مزورة. لذا فإن الاختطاف جريمة قصدية لاتكون بنية بريئة فوجودها مرتبط بأغراض تتعلق بالمختطِف ونواياه تجاه المخطوف وتجاه المجتمع.
التشخيص الاجتماعي لجريمة الاختطاف
اصبحت جريمة الاختطاف أكثر انتشاراً بعد الغزو الاميركي للعراق نتيجةً لانعدام الامن والاستقرار وانتشار الفوضى والفساد في كافة مؤسساته الاجتماعية، فضلا عن الصراعات العشائرية، لذا تداخلت فيها عوامل محلية واقليمية وعالمية انعكست في زيادة انتشار هذه الجريمة.
اما عن دور الاسرة، يرى الباحثون بانها من اهم المقومات الاجتماعية المؤثرة في تكوين شخصية الفرد في المجتمع وذلك لأنها تكون مسؤولة عن تربيته وإرشاده وإصلاحه وتأهيله نحو الطرق السليمة، فضلا عن تحديد مستقبله في الحياة الاجتماعية، على عكس الاسرة المتصدعة والمفككة فإنها تعلب دوراً مؤثر في نشوء الظاهرة الاجرامية وذلك من خلال ما يتلقاه الفرد من معاملة قاسية وحرمان عاطفي واهمال، فضلا عن إصابة احد أعضاء الاسرة بخلل او مرض نفسي او ضغط او اضطراب او طلاق او موت احد الوالدين وغيرها من الظواهر الاجتماعية والنفسية.
كذلك يُعد المناخ المدرسي عاملا مؤثرا في تلقين وترشيد الفرد وهذا ما يتم عن طريق متابعته ومراقبته خاصةً من قبل بعض المربيين التربويين، فالمناج المدرسي يغذي روح الانتماء للجماعة وينمو القدرات والمهارات من اجل التواصل في الدراسة، في حين اذا كان المناج المدرسي غير ملائم فانه يساعد على ابراز هذه الظاهرة وخاصة اذا واجه الفرد معاملة قاسية من بعض المربيين التربويين. فالمعاملة القاسية هذه قد تؤدي الى لجوء التلاميذ الى خارج الإطار المدرسي وعدم الانتظام في متابعة الدوام.
زيادة على ذلك، فان الفقر والبطالة وعدم التوزيع العادل للثروات والخدمات بين جميع فئات المجتمع أيضا عوامل مؤثرة في بروز هذه الظاهرة. فحرمان الفرد من اشباع حاجاته الضرورية بالطرق المشروعة مما قد يدفعه في النهاية إلى سلوك سبيل الجريمة التي قد تتخذ صورة جريمة الاختطاف بغية الابتزاز وطلب الفدية. وهذا ماحصل في ظل الحصار الاقتصادي والحروب والصراعات الاجتماعية والسياسية التي عاشها العراق في الوقت الراهن.
كما وتعد الثقافة الوافدة عبر الاعمال الفنية السينمائية والدرامية عاملا مؤثرا في بروز جريمة الاختطاف، اذ شجعت بعض الافراد على ممارسة وتقليد بعض المشاهد الجرمية، ناهيك عن عدم خضوع البرامج الفنية والثقافية الى رقابة الجهات المختصة مما يجعل هذه البرامج غير هادفة وفارغة المضمون والرؤية المنبثقة من استراتيجية شاملة للتربية والتعليم، لذا اصبحت اغلب الاعمال الفنية تثير العنف والتطرف والالفاظ غير الأخلاقية وكلمات الرذيلة وأحياناً ما يثير بعض الغرائز والشهوات كل هذا مما يقدم او يدفع المشاهد الى تقليدها وسط بيئة تعاني من تخلف التعليم والتربية وفقدان وسائل الترفيه والتعلم.
كذلك تشكل الثقافة الواردة من الخارج مؤثرا في بروز ظاهرة الاختطاف الإجرامية عبر الاعمال الفنية وما تتضمنه من مشاهد تدعوا الى العنف والاجرام وتكون فاعلة أكثر في بلد تكاد تنعدم فيه كافة وسائل الترفيه ويفتقد للاستقرار السياسي والامني. كذلك تبرز خطورة الاختطاف في كونها اصبحت اداة للتأثير السياسي وابعاد الخصوم المعارضين من ساسة واعلاميين وناشطين مدنيين.
التشخيص القانوني لجريمة الاختطاف
نظراً لخطورة هذه الجريمة وبشاعتها وانتهاكها لحرية الانسان، الا انه لابد من معاقبة الجاني المرتكب لهذه الجريمة، ولهذا يذهب فقهاء القانون الى ان الاختطاف هو كل سلوك يقوم به الجاني بنقل المجني عليه من مكانه الأصلي الى مكان اخر بهدف الاحتفاظ به ويخضع الى رقابة شديدة من قبل المختطفين. لذا نص قانون العقوبات العراقي (111) سنة (1969) في المادة 421 من قانون العقوبات على انه ( يعاقب بالحبس من قبض على شخص او حجزه او حرمه من حريته بأية وسيلة كانت بدون امر من سلطة مختصة في غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين والأنظمة وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على 15 سنة وخاصة اذا كان الفاعل متنكرا بزي مستخدمي الحكومة او حمل علامة رسيمة مميزة له إضافة الى التهديد بالقتل والتعذيب والانتقام)، بينما عقوبة جريمة الاختطاف بطريقة الاكراه او الحلية فقد نصت عليها المادة 422 من قانون العقوبات على (ان من خطف بنفسه او بواسطة غيره وبغير اكراه او حيلة حدثاً لم يتم الثامنة عشرة من العمر، يعاقب بالسجن مدة (15) سنة اذا كان المخطوف انثى او بالسجن مدة عشر سنين اذا كان ذكراً). ويستفاد من ذلك ان المشرع قد فرق في هذا الخصوص بين حالتين الاولى خطف الاحداث والبنات ممن لم يبلغوا (18) سنة كاملة بالتحايل او الاكراه، والثانية إذا تم خطفهم بدون تحايل او اكراه، وبذلك تكون العقوبة الإعدام وغيرها من المواد والنصوص القانونية.
ولأجل الحد من خطورة هذه الجريمة لابد من وضع بعض التوصيات كالاتي:
1- حث الاسرة على المعاملة الحسنة للأطفال ومراقبتهم من اجل التصدي للجريمة.
2- ضرورة إنشاء محاكم قضائية خاصة لمعاقبة الأشخاص الذين يغتصبون الأطفال او يتاجرون بأعضائهم الجسدية.
3- تشديد العقوبة في حالة اختطاف الأطفال القصر ذكرا كان ام انثى، وتشديد عقوبة الجناة فيها حتى يتم محاربة الجريمة ومعرفة سبل الوقاية منها.
4- على وسائل الاعلام والثقافة والتربية ان يقوموا بالتوعية والإرشاد والتعريف بمخاطر هذه الجريمة واثارها على الافراد والمجتمع.
اضف تعليق