ظاهرة رمي المخلفات في الاماكن العامة والطرقات والشوارع والبحيرات المائية تفشت في الآونة الاخيرة بشكل يبعث على الحسرة سيما مع ملاحظة تفاقمها واتساع دائرتها يوم بعد اخر، والغريب في الأمر أن من بين أبطالها شبابا من الجيل المتعلم مما يؤكد غياب ثقافة الحفاظ على البيئة...
ما من طريق نسير فيه الا نرى المخلفات وقد رميت على قارعة الطريق، فرغم مظاهر الحضارة الزائفة التي نتغنى بها لكننا لازلنا نحمل الكثير من التخلف والرجعية وانعدام الذوق العام في الكثير من سلوكياتنا.
ظاهرة رمي المخلفات في الاماكن العامة والطرقات والشوارع والبحيرات المائية تفشت في الآونة الاخيرة بشكل يبعث على الحسرة سيما مع ملاحظة تفاقمها واتساع دائرتها يوم بعد اخر، والغريب في الأمر أن من بين أبطالها شبابا من الجيل المتعلم مما يؤكد غياب ثقافة الحفاظ على البيئة.
حين نشاهد ركاب السيارات الفارهة الذين يتمتعون بمناظر مقبولة شكلياً ويتصنعون الرقي والاناقة، الا انهم يفشلون في المحافظة على هذه الاناقة عند نفاذ اول عبوة مشروب غازي كانوا قد تناولوها، فرميهم لمخلفاتهم في الشوارع والاماكن العامة بطريقة حيوانية تعكس رفضهم لمتطلبات المدنية الحديثة.
الكثير من الناس لا يعيرون اهمية للمحافظة على المرافق العامة معللين ذلك بأن المسؤول عن النظافة العامة هي الجهات الرسمية وهي من تتولى متابعة الامر، فيعمدون الى رمي اعقاب السكائر وفضلات الاطعمة فضلاً عن البصق بطريقة تشمئز لها النفس.
حين تحاول منع احدهم من القيام بهذا السلوك غير اللطيف يبرر فعلته بأن الجميع يقومون برمي المخلفات وامتناعه عن الرمي لا يغير من الامر شيء متناسياً انه متحداً مع اشباهه من عديمي الذوق هم من جعلوا من الامر ظاهرة تنم عن انعدام الوعي والاستهتار بحقوق الناس.
من ابرز السلبيات التي تتركها الظاهرة هي تشويه صور المدن وتلويث الاماكن العامة، حيث تتحول هذه النفيات بعد فترة زمنية قليلة الى مراكز لبث الروائح الكريهة اضافة الى منظرها المثير للسخرية سيما اذا كانت المدينة يقصدها زوار اجانب.
هذه السلوكيات التي باتت تهدد المبادئ والقيم والاخلاق وتكشف عن انعدام الاحساس بالمسؤولية تجاه المكان والانسان حولت الكثير من الاماكن الى مصادر لأمراض قد تصيب الانسان ولم ينجو من ضررها حتى الحيوان حين يلتهمها مما يجعله يصاب بمرض او يجعل من امكانية نفوقه واردة فيما يتعلق بالحيوانات المائية.
هل يعي الافراد الذين يرمون مخلفاتهم سيما مخلفات الصناعات البلاستيكية ان هذه المخلفات تصمد لسنوات بوجه التحلل ما يجعل امكانية تحولها الى مواد مسرطنة؟، والمصداق الانتشار المثير للقلق للمصابين بهذه المرض المميت في جميع محافظات العراق حمانا الله واياكم شره، وهل يكلفهم وضع هذه المخلفات في اكياس ووضعها في حاويات النفايات جهداً مضنياً؟.
تشير هذه السلوكيات الى انانية مفرطة وانخفاض لقيمة النظافة عند الانسان يصاحبه عدم تقدير الحياة والمجتمع، أو احترام الآخرين وحفظ حقهم في بيئة نظيفة وحياة تليق بالبشر في مختلف المجالات.
جميعنا يتحتم علينا ان نعي ان النظافة في مجملها مطلب نادى به الشرع اضافة الى كونه مطلباً انسانياً وصحياً، فالإسلام يؤكد على ضرورة الاهتمام بالنظافة وارساء اسسها وقواعدها لكي تكون سلوكية متأصلة في نفوس البشر في كل زمان ومكان، وتحريم الاعتداء على ما هو عام واجب فرضه الدين واماطة الاذى عن الطريق لا زيادة الاذى واجب ايضاً وليس منة لاحد على أحد.
ان من أكثر الاسباب التي تؤدي الى حدوث الكثير من الظواهر السلبية ومن ضمنها ظاهرة رمي النفايات هي: غياب الوعي لدى الانسان الذي يجعله رافضاً للقيام بكل ما يعترض مصلحة المحيط ويؤثر عليهم نفسياً.
ثاني الاسباب هو غياب روح المواطنة يصاحبها غياب روح الانتماء كنتيجة لشعور الناس بالحيف والظلم الذي تمارسه الحكومات على شعوبها غير ان ذلك لا يبرر ارتكاب مثل هذه الاخطاء.
وثالث الاسباب هو غياب قوة الدولة التي تفرض القوانين على المواطنين ومنها القانون الذي يجبرهم على احترام المصلحة العامة والابتعاد عن كل ما يعكر صفو الذوق العام، وهذا الغياب يسمح للسلوك بأن يكون عادة من خلال تكرار السلوك لمرات عديدة.
كما غياب المحدد الديني يعقد من المشكلة ويفاقمها، فالوازع الديني يكون رادعاً للإنسان في الكثير من المواقف التي تحتاج الى حضور صوت الله في الناس لتغليب حاجات الجماعة على الحاجة الفردية وتلك سمة ينشدها الدين القويم.
على الضفة الاخرى من المشكلة تظهر جملة من الحلول التي تحد من المشكلة ولو بالممكن واولى هذه الحلول هي ان تستخدم السلطات صلاحيتها من خلال وضع كاميرات في الاماكن التي تحدث فيها مثل هذه السلوكية وفرض غرامات مالية غليظة على المعتدين على المرافق العامة.
ووضع التشريعات والقوانين التي تجرّم إلقاء النفايات لتكون نوعا من أنواع ردع الشخص عن القيام بمثل ذلك السلوك، وعلى مؤسسات الدولة ان تنشر الوعي في المجتمع عبر تبنيها لفكرة ان الممتلكات العامة هي ملك للمجتمع وليس للدولة والاساءة لها هي اساءة للمجتمع، وتتم هذه التوعية عبر برامج تبثها وسائل الاعلام.
كما يفترض ان يلعب الاهل دور القدوة لأبنائهم، فالأبناء يقلدون ما يشاهدون و ما يقوم به الأهل، فحين يرمي الاب او الام القمامة امام طفله سيشجعه على تكرار هذه السلوك غير السوي.
فليس متعباً ان تضع في سياراتك كيس صغير تضع فيه بقايا مأكلك او مشربك او منديلك الذي تستخدمه اثناء تجوالك، وليس عيباً ان تحمل عبوة فارغة او ما شاكلها بيدك لحين العثور على حاوية النفايات، كما لأبداء استياءك من عمل زميل لك او صديق او رفيق اثر في تعديل سلوكه تجاه هذه الجزئية، كل هذه السلوكيات يمكن ان تبقي الالق غالب على وجه المدن والشوارع وتجعلها باسمة انيقة.
اضف تعليق