لكل انسان تركيبته الجسمانية والعقلية والنفسية عن كل ابناء آدام الآخرين، فما لهذا من قدرات وامكانات ليس بالضرورة ان تتوفر لذاك، ومن هذا الاختلاف تنتج اختلافات في برامج ومناهج التعامل مع الناس واخص بالذكر مجالي التربية والتعليم، وهذا ما يعرف بمبدأ الفروق الفردية في التعليم...

لكل انسان تركيبته الجسمانية والعقلية والنفسية عن كل ابناء آدام الآخرين، فما لهذا من قدرات وامكانات ليس بالضرورة ان تتوفر لذاك، ومن هذا الاختلاف تنتج اختلافات في برامج ومناهج التعامل مع الناس واخص بالذكر مجالي التربية والتعليم، وهذا ما يعرف بمبدأ الفروق الفردية في التعليم الذي من المهم الاخذ به تحاشياً لتعريض الطلبة للظلم، فما هي الفروق الفردية، وماهي إيجابيتها؟

ما هي الفروق الفردية؟

تعرف الفروق الفردية بأنها الاختلاف في درجة وجود الصفة (جسمية او نفسية) لدى الافراد وتقاس بالدرجة المئوية فهي اذن انحراف الفرد عن المتوسط الجماعي في صفة من الصفات.

ولاجل ان يؤدي التعليم اهدافه التي تتمثل في صناعة انسان واعي مزود بالمهارات الحياتية اللازمة ومنها رفد سوق العمل لتحقيق مطالب السوق، لتحقيق حالة اشباع السوق بالافراد المنتجين وفي الاختصاصات كافة، ولعل هذا الهدف هو الاهم من اهداف التعليم الذي يعد المعبر الوحيد إلى سوق العمل والى الانخراط الإيجابي في المجتمع واداء المهام التي تترتب على الانسان المتعلم والعكس هو المختلف تماماً فكلما تعلم الانسان اكثر كلما ازدادت مسؤولياته وواجباته.

حين خلق الله البشر بهذا التباين صغيراً كان ام كبيراً حتماً انه كان يريد من وراءه شيء وهي اني افضل بعضكم على بعض في الرزق، وليس هناك ادنى شك من ان كل ما لدى الانسان هو من رزق الله، والدليل على التفضيل الرباني قوله تعالى: (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) [النحل:71].

ان تشابه الافراد في بعض الصفات لا يعني التطابق أي لا يعني انهم متساوون تساوياً تاماً، فالافراد بالرغم من انهم يخضعون جميعاً لنفس القوانين السيكولوجية في ادراكهم وتعلمهم وتفكيرهم وما يدفعهم الى السلوك الا انه من المستحيل ان يكونوا متساوين في التكوين النفسي.

 فكل فرد فريد من نوعه وحتى التوائم المتطابقة توجد بينهم فروق في الصفات الجسمية والقدرات العقلية والسمات الخلقية والاجتماعية، وهو ما يحتم على من يتصدى لمهمة التربية والتعليم الوعي بضرورة التعامل مع كل فرد حسب ملكاته.

ضروب الفروق الفردية لدى الانسان

لا تقتصر الفروق الفردي على الضعف او الزيادة في القابلية العقلية، بمعنى اذا ارتفعت نسبة الذكاء او انخفضت على سبيل المثال فقط، بل هناك جوانب اخرى للفروق الفردية يجب مراعاتها مثل إعاقات تعلمية وعن بطء في التعلم حتى الكلام عن التخلف العقلي والتوحد وغيرها، ومن هنا بدأت الفروقات الفردية تؤثر على أداء المعلم وتتطلب منه تغييراً جوهرياً في طرائق التعليم لئلا تشكل عائقاً لمسار التعليم. 

وهناك أيضا فروقات بما يخص الوظائف الادراكية وتنسيق عملها كمتلق أساسي للمعلومات فنرى طالباً يحفظ غيباً كل كلمة بالتكرار على صوت عالي أو آخر يكتفي بالقراءة الشاملة البصرية، وهناك من يحتاج إلى عرض مفصل للمعلومات أولاً، وآخر يحتاج إلى عرض للخطوط العريضة والأهداف، وآخر يود إدراك المنفعة العملية لهكذا محتوى قبل استيعابه. 

كما أن هناك فروقات اجتماعية وسلوكية وأخلاقية تجعل أيضا التفاوت ظاهراً، أما الفروقات الأكثر وضوحاً مثل الاضطرابات التعلمية (ديسلكسيا، ديسكلكوليا، ما يسمى تعسفاً إفراطًا بالحركة) أو الإعاقات الذهنية أو الحركية أو الحواسية، فان دخولها الى عالم المدرسة المحافظ لا يزال خجولاً مما يستدعي لفت الانتباه اليه.

ما هي عائدات مراعاة الفروق الفردية؟ 

1-اولى عائدات مراعاة الفروق الفردية في التعليم هي توصيل اي فرد متعلم إلى الاستقلالية الذهنية والعاطفية والاجتماعية عند المتعلم والتخلي عن كل أشكال التبعية الفكرية، وهذه الطريقة تشعر المتعلم بالاحترام والاهتمام به والابتعاد عن الفرض والتسلط الذي يبطئ التعليم ويقلل من فرص نجاحه.

2- تنوع اساليب ووسائل التعامل مع الطلبة على حسب قدراتهم يعطي لكل فرد صورة واقعية عن قدراته فيستثمر امكانته ويعمل على تصحيح عيوبه او اخفاقاته وبالتالي يتعامل مع حياته بواقعية اكثر فيخطط لها على حسب قدراته ولا يذهب في احلامه وطموحاته بعيداً عن الواقع فيفشل وتذهب اماله سدى.

3- والوعي باهمية الفروق الفردية وممارسته في التعليم يعطي كل ذي يحقه ويمنع الظلم عن الطلبة ذوي المستويات المنخفضة في كافة الملكات والقدرات الانسانية المختلفة، فليس منطقياً ان يعلم الطالب متوسط الفهم والاستيعاب بذات الطريقة والوسيلة التي يعلم بها عالي الذكاء على سبيل المثال لا الحصر.

في الخلاصة نقول: من المنطقي جداً ان يتابين البشر في كل السمات والصفات والقدرات ولأجل هذا التابين يجب التعامل مع كل فرد حسب امكاناته فليس منطقياً تحميل احد مالا طاقة له به وبذا يحقق التعليم وظائفه واهدافه المرجوة. 

اضف تعليق