عندما اعلنت الولايات المتحدة الامريكية عن تشكيل (التحالف الدولي)... سارع اصدقائها الاوربيين، سيما بريطانيا وفرنسا، لاعلان التأييد والموافقة على الانضمام اليه مع عشرات الدول الغربية والعربية، بالمقابل فان الولايات المتحدة وقفت مع اصدقائها الاوربيين في فرض العقوبات الاقتصادية ضد روسيا عندما وضعت يدها على شبه جزية القرم، ودعمت الانفصاليين في اوكرانيا، كما اجتمع الاوربيون مع الامريكان في التوصل الى اتفاق نووي "تاريخي" في خندق واحد مقابل لايران تحت قبة الامم المتحدة...

لكن هل يختلف الوضع في هذه المواقف الدولية الحساسة عن الازمة السورية بالنسبة للحلفاء؟ ام ان الامر مشابه لما سبق من الامثلة؟

في البداية دعونا نثير بعض الشكوك حول العلاقة التي تجمع الولايات المتحدة الامريكية بحلفائها الاوربيين... فمن يستطيع التاكيد ان هناك انسجاما سياسيا وتوافقا في الافكار بين الطرفين!

الاتحاد الاوربي ككتلة سياسية واقتصادية قد تشكل تهديدا حقيقيا لمستقبل السيطرة الامريكية، خصوصا على المستوى الاقتصادي... وقد اثار الكثير من خبراء الاقتصاد، الشكوك حول الولايات المتحدة الامريكية، بالوقوف خلف الانهيار الاقتصادي الكبير الذي ضرب اوربا عام 2008، والمثير في الامر ان الولايات المتحدة الامريكية خرجت بعد الازمة العالمية انفه الذكر باقتصاد اقوى من السابق.

حتى في الازمة الاوكرانية، صحيح ان الولايات المتحدة الامريكية دعمت العقوبات الاقتصادية ضد روسيا، لكنها لم تحرك ساكنا لدفع الخطر عن حدود الاتحاد الاوربي، ولم تمنع روسيا من السيطرة على القرم، مثلما لم تمنعها من دعم الانفصاليين، وقد تحدث مسؤولين غربيين ان امريكا شجعت روسيا للتوسع في اوربا نكاية بالاتحاد الاوربي وليس العكس.

اما في سوريا... فالخلاف الامريكي- الاوربي يبدو جليا واضحا بعد ان عارضت دول اوربية (فرنسا وبريطانيا) عدة مشاريع امريكية لحل الازمة السورية، وقد دعمت فرنسا دولا كانت على تقاطع حاد مع الرؤية الامريكية في سوريا، منها دول الخليج وتركيا التي ارادت اقامة (منطقة امنة) ومولت جماعات متطرفة من اجل اسقاط الاسد باي ثمن، وهو ما اعلن عنه نائب الرئيس الامريكي "جو بايدن"، عندما اكد ان حلفاء امريكا دعموا الارهاب في سوريا، وخص بالذكر تركيا، اضافة الى الامارات والسعودية.

بقي ان نشير الى امر اخر يدلل على الخلاف الامريكي-الاوربي، وتحديدا في سوريا... فمع اللقاءات التي رتبت لها الولايات المتحدة الامريكية مع تركيا وروسيا والسعودية في فينا، ووصف على انه اجتماع نادر يمكن ان يفضى الى حل ينهي الصراع القائم منذ خمس سنوات دامية... اعلنت فرنسا انها رتبت لقاء للحلفاء الغربيين والعرب في فرنسا لبحث انهاء الازمة السورية قد يشمل السعودية والامارات العربية المتحدة والاردن وقطر وتركيا والمانيا والولايات المتحدة وايطاليا وبريطانيا.

الامر المثير في الامر ايضا ان، فابيوس، وزير خارجية فرنسا، استبعد حضور روسيا في هذا الاجتماع الفرنسي، في ذات الوقت الذي اعلن فيه الامريكان، ان ايران ستوجه لها دعوة رسمية بالحضور الى اجتماع فينا القادم.

اغلب الظن ان الصراع الاوربي-الامريكي على قيادة الجولة القادمة للازمة السورية ما زال قويا، وان اختلاف وجهات النظر تحدده الاجتماعات الامريكية والاوربية مع الاطراف المشتركة في كلا الموقفين، فامريكا استعانت بالروس (الدب الاوربي) لاخافة الاوربيين وابعادهم عن سوريا بالنيابة عنها، فيما يسعى الاوربيون لجمع المواقف واقناع الخليج وتركيا ومصر والاردن وغيرها بالرؤية الاوربية لسوريا... وفي كلا الامرين ما زال المزاد مفتوحا على جميع الاحتمالات الاوربية والامريكية.

اضف تعليق