تعرض بايدن لضغوط من الحلفاء الدوليين ومن كثيرين من أعضاء الحزب الديمقراطي في الداخل كي يجعل تقديم مليارات الدولارات من المساعدات لإسرائيل مشروطا في ظل عدد القتلى الهائل الناجم عن الهجوم المستمر على غزة. ولطالما رفض بايدن الذي يصف نفسه بأنه مؤيد للصهيونية، وقف أي شحنة...
بتجميده شحنة تضم آلاف القنابل وتحذيره من أنه قد يوقف أخرى، وجّه الرئيس جو بايدن أكثر رسائله قوة حتى الآن إلى إسرائيل ومنتقديه في الداخل، علما أن ثمة شكوكا في إمكان أن يؤثر هذا القرار على مجرى الحرب في غزة.
ويصنف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تحقق في حرب إسرائيل في غزة، هجوما متعمدا بأنه جريمة حرب حين يكون من المعروف أن الوفيات أو الأضرار بين المدنيين ستكون "زائدة عن الحد بشكل واضح" مقارنة بأي ميزة عسكرية مباشرة.
فقد قال مسؤول أمريكي إن الرئيس جو بايدن أمضى شهورا يحث فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على حماية المدنيين في غزة، لكن القرار الأمريكي بوقف بعض المساعدات العسكرية لإسرائيل يرتبط مباشرة بمكالمة هاتفية مشحونة أجرياها قبل شهر.
فقد وجه بايدن إنذارا لنتنياهو في مكالمة في الرابع من أبريل نيسان، بعد وقت قصير من مقتل سبعة من موظفي الإغاثة التابعين لمنظمة ورلد سنترال كيتشن في قصف جوي إسرائيلي، مفاده أنه إما أن يحمي المدنيين وموظفي الإغاثة أو ستتغير السياسة الأمريكية.
وتعرض بايدن لضغوط من الحلفاء الدوليين ومن كثيرين من أعضاء الحزب الديمقراطي في الداخل كي يجعل تقديم مليارات الدولارات من المساعدات لإسرائيل مشروطا في ظل عدد القتلى الهائل الناجم عن الهجوم المستمر على غزة. وقال المسؤول إنه من بين مكالمات صعبة كثيرة بين الزعيمين، شكلت مكالمة الرابع من أبريل نيسان نقطة تحول. فقبل ذلك، لم يهدد بايدن بوقف المساعدات على الرغم من المحادثات التي تزداد توترا.
والأسبوع الماضي، تحرك البيت الأبيض بناء على الإنذار. وأوقفت الولايات المتحدة إرسال شحنة تضم آلاف القنابل الثقيلة في ظل القلق من الهجوم الإسرائيلي البطيء في رفح، حيث تعارض واشنطن تنفيذ اجتياح إسرائيلي كبير دون ضمانات بحماية المدنيين.
وقال بايدن يوم الأربعاء، في أول تصريح علني عن وقف إرسال الأسلحة “قُتل مدنيون في غزة نتيجة هذه القنابل وغيرها من الوسائل التي يستهدفون بها المراكز السكانية”. وأشار وزير الدفاع لويد أوستن للصحفيين في نفس اليوم إلى أن أسلحة أخرى قد تُحجب.
والولايات المتحدة هي أكثر حليف موثوق لإسرائيل التي تمثل أكبر متلق للمساعدات الأمريكية منذ إعلان قيام الدولة اليهودية بعد الحرب العالمية الثانية.
ووقف بايدن شحن الأسلحة لا يضاهي مطلقا الحظر الذي فرضه الرئيس رونالد ريجان عام 1982 على بيع القنابل العنقودية لإسرائيل، لكنه يمثل نقطة تحول في العلاقات المتوترة بين إسرائيل وحليفتها الأكثر موثوقية وأكبر مقدم مساعدات لها.
وقال بروس ريدل الذي عمل 30 عاما في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) والخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد بروكنجز حاليا “هذا ليس وقفا لجميع مبيعات الأسلحة الهجومية إلى إسرائيل، لكنه تعزيز للضغط بأن الولايات المتحدة لا تريد حقا عملية رفح”.
وقصفت إسرائيل أمس الخميس شرق رفح، بعد أن انهارت فيما يبدو محاولة التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مقابل الإفراج عن الرهائن، وحذرت الولايات المتحدة من أن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية على خطأ.
وقال مسؤول أمريكي ثان إن الإدارة كانت تنوي إبقاء وقف الأسلحة طي الكتمان لكنها تحدثت عنه بعد أن سرب الإسرائيليون الخبر.
ويقول بعض المؤيدين إن إفشاء هذه الخطوة قد يصب في مصلحة بايدن.
وقال جيرمي بن عامي، رئيس منظمة (جيه ستريت) اليهودية الليبرالية، “شهور وشهور مرت من النقاش حول ’ما الرسائل التي تنقلها هذه الحكومة إلى الحكومة الإسرائيلية‘ و’إلى أي مدى يأخذون الأمر على محمل الجد‘”.
وأضاف بن عامي “حقيقة أن هذا أصبح معلنا هي جزء من الرسالة… إنها رسالة إلى العالم مفادها… لا ضمان مطلق للمساعدات الأمريكية”.
وجاءت الانتقادات لاذعة من المعارضة الجمهورية التي تدعم بكاملها تقريبا نتنياهو إذ اتهمت الرئيس الأمريكي بتقويض أمن إسرائيل. وقال المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب يوم الخميس على وسائل التواصل الاجتماعي “إذا صوت أي يهودي لصالح جو بايدن، فيجب أن يخجل من نفسه”.
بايدن يوجّه أقوى رسالة إلى إسرائيل
ولطالما رفض بايدن الذي يصف نفسه بأنه مؤيد للصهيونية، وقف أي شحنة من الأسلحة التي ترسلها الولايات المتحدة كل عام إلى إسرائيل بقيمة ثلاثة مليارات دولار، حتى أنه دفع الكونغرس إلى زيادتها عقب هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الذي شنته حركة حماس في جنوب الدولة العبرية ما أدى إلى اندلاع الحرب في قطاع غزة.
لكنّ مسؤولين أميركيين يقولون إنه وجد نفسه مجبرا على تغيير موقفه بعدما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنه مصر على المضي قدما في الهجوم على رفح في جنوب القطاع، متحديا مطالبات بايدن العلنية بعدم شنّ عملية برية في المدينة التي نزح إليها أكثر من مليون فلسطيني.
وخلال مقابلة أجرتها معه محطة “سي إن إن” الإخبارية قال بايدن “إذا دخلوا (الإسرائيليون) إلى رفح فلن أزوّدهم بالأسلحة التي استُخدمت في السابق (..) ضدّ مدن”.
وقال مسؤولون أميركيون كبار إن الولايات المتحدة علّقت الأسبوع الماضي عملية تسليم 1800 قنبلة زنة الواحدة منها ألفا رطل (907 كيلوغرامات) و1700 قنبلة زنة الواحدة منها 500 رطل، وقد يكون هناك المزيد من عمليات تعليق مماثلة.
وقال بايدن ردّاً على سؤال حول السبب الذي دفع إدارته إلى تعليق إرسال شحنة القنابل هذه إنّ “مدنيين قُتلوا في غزة بسبب هذه القنابل (…) هذا أمر سيّء”.
واعتبر سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان الخميس أن تهديد الرئيس الأميركي جو بايدن وقف إمدادات أسلحة معيّنة إلى إسرائيل في حال اجتياحها مدينة رفح المكتظة بالسكان، “مخيّبا للآمال”.
ويأتي ذلك فيما يواجه بايدن انتقادات متزايدة من الجناح اليساري للحزب الديموقراطي قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية، ومع تصاعد الحركة الطالبية المؤيدة للفلسطينيين في كبرى جامعات الولايات المتحدة.
لكن هذا قرار التجميد واجه ردود فعل متباينة.
فأشاد السيناتور بيرني ساندرز، أحد أبرز منتقدي الحرب، بقرار بايدن وقال إن على الولايات المتحدة الآن ممارسة كل نفوذها للمطالبة بوقف إطلاق النار و”الكف عن المشاركة في حرب نتانياهو المروعة ضد الشعب الفلسطيني”.
لكنّ النائبَين الجمهوريَين البارزَين مايك مكول ومايك رودجرز وصفا الخطوة بأنها “مروعة” و”خطأ استراتيجي غير مدروس” تضعف إسرائيل فيما تتفاوض لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة.
وقال رافاييل كوهين، مدير برنامج الإستراتيجية والعقيدة في مجموعة “راند كوربوريشن” للبحوث إن تعليق شحنات الأسلحة “هو علامة واضحة على التوتر في العلاقات (الأميركية الإسرائيلية) والضغط المتزايد على بايدن من الجناح اليساري للحزب الديموقراطي من أجل الحد من عدد الضحايا الفلسطينيين”.
وأضاف “مع ذلك، من منظور سياسي بحت، يحتاج بايدن ونتانياهو واحدهما إلى الآخر”.
وأشار كوهين إلى أن بايدن قد يخشى إغضاب الناخبين الوسطيين إذا ذهب أبعد من اللازم في تحولاته، في حين يعرف نتانياهو أنه يحتاج إلى دعم الولايات المتحدة فيما يسود غضب عالمي واسع النطاق ضد إسرائيل.
في السابق، اتّخذت إدارة بايدن خطوات أصغر لإظهار استيائها من نتانياهو، بما فيها فرض عقوبات على مستوطنين إسرائيليين متطرفين وتمرير قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعم وقف إطلاق النار.
وفي الماضي، ساهمت تدخلات أميركية في تغيير السلوك الإسرائيلي. في العام 1991، حضرت إسرائيل على مضض مؤتمر مدريد الذي أدى إلى عملية سلام مع الفلسطينيين بعدما رفض الرئيس الأميركي وقتها جورج بوش الأب ضمانات قروض لبناء مستوطنات.
وفي العام 1956، أجبرت ضغوط أميركية مكثفة، شملت تهديدات اقتصادية، إسرائيل وبريطانيا وفرنسا على التخلي عن سيطرتها على قناة السويس من مصر.
لكنّ خبراء تساءلوا عما إذا كان ممكنا أن يحصل ذلك هذه المرة لأن إسرائيل تنظر إلى حربها الحالية مع حماس من منظور وجودي بعد هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر غير المسبوق.
وقال جون ألترمان، نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “لا أستطيع تصوّر أن الاستياء الأميركي من احتمال غزو رفح لا يحتل حيزا كبيرا في حسابات الحكومة الإسرائيلية”.
وأضاف “في الوقت نفسه، للإسرائيليين حسابات أخرى”.
وقالت آري تولاني التي تتابع تجارة الأسلحة في مركز السياسة الدولية “ما زلنا نرى تداول أسلحة بقيمة مئات ملايين الدولارات من دون أن نعرف تفاصيل تداولها”.
وشكّكت في أن يكون لتعليق شحنات الذخائر “تأثير عملياتي فوري” لكن هذه الخطوة أفهمت إسرائيل أن عليها الامتناع عن إلقاء قنابل زنة ألفي رطل مثلما سبق أن فعلت.
وأضافت “بالنسبة إلى مكان مكتظ مثل غزة (…) لا يمكن استخدام قنابل بهذا الحجم وفقا لقانون الصراع المسلح”.
لن تهزم حماس
بدوره قال البيت الأبيض الأمريكي يوم الخميس إن الرئيس جو بايدن يعتقد أن تنفيذ إسرائيل لعملية كبيرة في رفح لن يحقق هدف إلحاق الهزيمة بحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة.
وقال جون كيربي المتحدث باسم البيت الأبيض للأمن القومي في مؤتمر صحفي “اجتياح رفح… لن يحقق هذا الهدف”.
وأضاف كيربي أن حماس تعرضت لضغوط كبيرة من إسرائيل وأن هناك طرقا أفضل الآن لملاحقة فلول قيادة الحركة بدلا من تنفيذ عملية محفوفة بمخاطر كبيرة على المدنيين.
ومضى يقول “القول بأننا نتخلى عن إسرائيل، أو لسنا مستعدين لمساعدتها على إلحاق الهزيمة بحماس، لا يستقيم مع الحقائق”.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير يوم الخميس إن الجولة الحالية من المفاوضات في القاهرة التي تستهدف التوصل لاتفاق لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين انتهت دون حسم واضح للخلافات. وأضاف أن إسرائيل ستمضي قدما في عمليتها في رفح كما هو مزمع.
وقال كيربي “ما زلنا نعتقد أن هناك طريقا للمضي للأمام، لكنه يتطلب بعض القيادة من كلا الجانبين… يتطلب بعضا من الشجاعة الأدبية من كلا الجانبين حتى يتمكنا في نهاية المطاف من الاقتراب على الطاولة والتوقيع على هذه الصفقة”.
وأوضح كيربي أنه تُجرى مشاورات أمريكية إسرائيلية للبحث عن بدائل لعملية برية كبيرة في رفح.
وقال عن الهجوم على رفح المكتظة بالسكان “هذا خيار لإسرائيل أن تتخذه… وهو ما نأمل ألا تفعل”.
وأوضح كوهين “بغض النظر عن خطاب نتانياهو، تأخذ إسرائيل الضغوط الأميركية على محمل الجد”.
لكن عدم اجتياح رفح “يعني من الناحية العملية عدم المساس بأربع كتائب على الأقل من مقاتلي حماس بالإضافة إلى قيادتها العليا وترك أكثر من 100 رهينة في أيدي” الحركة.
وتابع كوهين “من منظور إسرائيلي استراتيجي، ذلك غير مرجّح وقد يؤدي أيضا إلى انهيار ائتلاف نتانياهو”.
وحتى مع تعليق هذه الشحنة، يعتقد أن إسرائيل تملك مخزونا كبيرا من الأسلحة. فهي لديها صناعة دفاعية قوية، كما أن إدارة بايدن أرسلت مرات عدة أسلحة إليها لا تتخطى عتبة الكمية التي تتطلب موافقة الكونغرس.
الإسرائيليون مستعدون للقتال بأظافرهم
من جهته قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الخميس إن الإسرائيليين مستعدون للقتال "بأظافرهم" في رفض مستتر لتحذير الرئيس الأمريكي جو بايدن من احتمال حجب إمدادات الأسلحة بسبب عملية مزمعة في رفح.
وبدأت إسرائيل هذا الأسبوع التحرك الذي تهدد به منذ فترة طويلة ضد رفح بإجلاء بعض المدنيين والقيام بتوغلات محدودة بعد ذلك، وتقول إن الآلاف من مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وربما عشرات الرهائن الذين احتجزتهم في هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول، موجودون بين أكثر من مليون فلسطيني نزحوا من الحرب.
والتزمت حكومة نتنياهو الصمت إزاء تقارير تفيد بأن واشنطن تمنع شحنة من القنابل التي تسقطها الطائرات حتى أعلن بايدن يوم الأربعاء عن هذا الإجراء، قائلا إنه يأتي في إطار تحذير أمريكي للإسرائيليين من "الذهاب إلى رفح".
وقال نتنياهو دون أن يشير على وجه التحديد إلى الإعلان الأمريكي "إذا كان علينا أن نقف وحدنا، فسنفعل".
وأضاف في بيان مصور "إذا كان لا بد من ذلك، فسنقاتل بأظافرنا.. ولكن لدينا ما هو أكثر بكثير من أظافرنا، فبهذه القوة الروحية، وبعون الرب، سننتصر معا".
وردد عضوان آخران يتمتعان بحق التصويت في حكومة الحرب التعليقات نفسها، وهما وزير الدفاع يوآف جالانت ووزير الدفاع السابق من تيار الوسط بيني جانتس، لكن لم يذكر أي منهما صراحة أن أمرا سيصدر باجتياح أعمق لرفح.
وقال جالانت في ما وصفه بحديث إلى الأعداء والأصدقاء يوم الخميس إن إسرائيل ستفعل ما يلزم لتحقيق أهدافها العسكرية في قطاع غزة وفي الشمال.
وأضاف بحسب ما جاء في نص خطاب نشره مكتبه "أتحدث إلى أعداء إسرائيل وكذلك إلى أصدقائنا المقربين. لا يمكن إخضاع دولة إسرائيل... سنتمسك بموقفنا، سنحقق أهدافنا، سنضرب حماس، سنضرب حزب الله، وسنحقق الأمن".
وعبر جانتس عن تقديره لما وصفه الجيش الإسرائيلي بالدعم والإمدادات الأمريكية غير المسبوقة في الحرب.
وكتب على تطبيق إكس "على إسرائيل واجب، فيما يتعلق بالأمن القومي والأخلاق، أن تواصل القتال من أجل إعادة رهائننا وإنهاء تهديد حماس لجنوب إسرائيل".
وأضاف "على الولايات المتحدة واجب أخلاقي واستراتيجي بأن تمد إسرائيل بالأدوات الضرورية لهذه المهمة".
وفي موازاة مع هذا الخلاف المعلن، تحاول الولايات المتحدة رعاية محادثات، بوساطة مصرية وقطرية، بين إسرائيل وحماس والتي من شأنها إطلاق سراح بعض الرهائن.
وتتعثر المحادثات بسبب مطلب حماس إنهاء الحرب في غزة. لكن إسرائيل ليست مستعدة سوى لهدنة مؤقتة فقط. وغادر المفاوضون يوم الخميس اجتماعاتهم الأخيرة في القاهرة دون التوصل لاتفاق، وقالت إسرائيل إنها ستمضي قدما في عملية رفح المزمعة.
وقال كبير المتحدثين العسكريين الإسرائيليين الأميرال دانيال هاجاري في مؤتمر صحفي إن القوات المسلحة لديها ذخائر كافية لرفح "والعمليات المزمعة الأخرى".
وتعد الولايات المتحدة أكبر مورد للأسلحة إلى إسرائيل، كما سرعت عمليات تزويدها بالأسلحة بعد هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول الذي أعقبه الهجوم الإسرائيلي على غزة. وقال بايدن إن إمدادات الأسلحة التي تمكن إسرائيل من الدفاع عن نفسها، مثل نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ، ستستمر.
وفي عام 2016، وقعت الحكومتان الأمريكية والإسرائيلية مذكرة تفاهم ثالثة توفر مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات، ومنحا تبلغ 33 مليار دولار لشراء معدات عسكرية، إضافة إلى خمسة مليارات دولار لنظام الدفاع الصاروخي. وفي الشهر الماضي، وافق الكونجرس على تمويل إضافي لإسرائيل بقيمة 26 مليار دولار.
ولكن بايدن قال إن الولايات المتحدة ستواصل تقديم أسلحة دفاعية لإسرائيل، ومنها نظام القبة الحديدية للدفاع الجوي.
وأضاف “سنواصل التأكد من أن إسرائيل آمنة فيما يتعلق بالقبة الحديدية وقدرتها على الرد على الهجمات التي انطلقت من الشرق الأوسط مؤخرا”.
وقلل الجيش الإسرائيلي على ما يبدو من تعليق الإدارة الأمريكية لشحنة الأسلحة وقال إن البلدين الحليفين يحلان أي خلافات “خلف الأبواب المغلقة”. وفي مؤتمر صحفي استضافته صحيفة يديعوت أحرنوت، قال المتحدث باسم الجيش دانيال هاجاري إن التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة وصل “على حد اعتقادي إلى مستوى غير مسبوق”.
وفي جنيف، قال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة إن “الذعر واليأس” يسيطران على السكان في رفح.
وقالت أوريلي جودار رئيسة الفريق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في غزة يوم الأربعاء إن تأثير الهجوم على رفح سيكون كارثيا لأكثر من مليون شخص.
وأضافت “الأحوال المعيشية في كل قطاع غزة متردية للغاية بالفعل. ولن تتجه إلا صوب مزيد من التفاقم للناس الذين يشردون مرة أخرى ويضطرون للعيش في خيام مؤقتة وبلا توفر يذكر لاحتياجات أساسية جدا مثل المياه”.
ما القنابل التي تم تعليق إرسالها؟
قال مسؤولون أمريكيون إن واشنطن أوقفت إرسال شحنة تتكون من 1800 قنبلة تزن الواحدة منها ألفي رطل (907 كيلوجرامات) و1700 قنبلة تزن الواحدة منها 500 رطل (نحو 227 كيلوجراما).
وقالت أربعة مصادر إن الشحنات التي تأجلت لأسبوعين على الأقل تتضمن ذخائر من صنع شركة بوينج تحول القنابل الغبية إلى قنابل دقيقة التوجيه، بالإضافة إلى قنابل صغيرة القطر (إس.دي.بي-1).
وقنابل (إس.دي.بي-1) عبارة عن قنبلة انزلاقية دقيقة التوجيه تحتوي على 250 رطلا (نحو 113 كيلوجراما) من المتفجرات.
وكانت هذه الشحنات جزءا من شحنة نالت الموافقة في وقت أسبق، وليست ضمن حزمة مساعدات إضافية في الآونة الأخيرة وقيمتها 95 مليار دولار أقرها الكونجرس الأمريكي في أبريل نيسان.
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في جلسة استماع بمجلس الشيوخ يوم الأربعاء إن الولايات المتحدة تراجع "المساعدة الأمنية على المدى القريب... في ضوء الأحداث الجارية في رفح".
وأضاف أوستن "كنا واضحين جدا... منذ البداية أنه يجب على إسرائيل ألا تشن هجوما كبيرا على رفح دون الأخذ في الاعتبار المدنيين الموجودين في ساحة المعركة وحمايتهم". ويلوذ أكثر من مليون مدني فلسطيني برفح، وكان كثيرون منهم قد نزحوا في السابق من أجزاء أخرى من غزة بعد أوامر إسرائيل بالإخلاء منها.
وقال مسؤول أمريكي اشترط عدم الكشف عن هويته إن القرار الأمريكي اتخذ بسبب الخوف من "الاستخدام النهائي للقنابل التي تزن ألفي رطل والأثر الذي قد تسببه في مناطق حضرية كثيفة السكان كما رأينا في أجزاء أخرى من غزة". وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة راجعت بدقة تسليم الأسلحة التي قد تستخدم في رفح.
والقنابل الكبيرة مثل تلك التي تزن 2000 رطل، تأثيرها يمتد لمساحة كبيرة. وتقول الأمم المتحدة إن "الضغط الناتج عن الانفجار قادر على تمزيق الرئتين وتفجير تجاويف الجيوب الأنفية وقطع الأطراف على بعد مئات الأمتار من موقع الانفجار".
وجاء في تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر لعام 2022 أن استخدام متفجرات واسعة النطاق في منطقة مكتظة بالسكان "من المرجح جدا أن يكون له آثار بلا تمييز أو ينتهك مبدأ التناسب".
ولا يحظر القانون الإنساني الدولي صراحة القصف الجوي في المناطق المكتظة بالسكان، لكن لا يتعين أن يكون المدنيون أهدافا، ويتعين أن يكون الهدف العسكري المحدد متناسبا مع الإصابات أو الأضرار المحتملة في صفوف المدنيين.
ويصنف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تحقق في حرب إسرائيل في غزة، هجوما متعمدا بأنه جريمة حرب حين يكون من المعروف أن الوفيات أو الأضرار بين المدنيين ستكون "زائدة عن الحد بشكل واضح" مقارنة بأي ميزة عسكرية مباشرة.
ردود الافعال
رد مشرعون أمريكيون على قرار الرئيس جو بايدن تعليق إرسال ذخائر معينة إلى إسرائيل، والذي يمثل فيما يبدو تحولا محتملا في السياسة الأمريكية على الرغم من إعلان وزارة الدفاع (البنتاجون) أن الخطوة ليست نهائية.
قال السناتور الديمقراطي زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر: "أعتقد أن العلاقة بين إسرائيل وأمريكا قوية، ولدي ثقة في ما تفعله إدارة بايدن".
وانتقد السناتور ميتش مكونيل، زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، بايدن بشدة ووصفه بأنه ينحني "تحت وطأة الضغط السياسي الداخلي من قاعدة حزبه المناهضة لإسرائيل والشيوعيين في حرم الجامعات الذين قرروا أن يدثروا أنفسهم بعلم حماس (حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية) وحزب الله".
وفي حديثه عن تأخير الأسلحة تحديدا، اتهم مكونيل بايدن بأنه "فصل بين أمريكا وحليف وثيق"، مضيفا أن القرار حُجب عن الكونجرس وأننا "ما زلنا لا نعرف الحقائق الأساسية".
وأضاف "حجب الإدارة المساعدة عن إسرائيل مدمر في حد ذاته. ففي الداخل، لن يؤدي إلا إلى إثارة شهية اليسار المناهض لإسرائيل، وفي الخارج سيعزز جرأة إيران ووكلائها الإرهابيين".
وقال السناتور الديمقراطي تيم كين، العضو في لجنتي العلاقات الخارجية والقوات المسلحة بمجلس الشيوخ: "على مدى أشهر، حثثت إدارة بايدن بقوة على إعطاء الأولوية للاحتياجات الدفاعية لإسرائيل، بما في ذلك إعادة تزويد مخزون لأنظمة ’القبة الحديدة’ و’مقلاع داود’ للدفاع الجوي التي تعتبر شديدة الأهمية بخاصة بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل في 14 أبريل نيسان، وليس الأسلحة الهجومية التي قد تتسبب في معاناة هائلة في غزة وفي تفاقم التوترات في أنحاء المنطقة. سرني أن رأيت توقف بعض شحنات الأسلحة الهجومية مؤقتا، وأحث الإدارة على مواصلة توخي الحذر في نقل الأسلحة التي يمكن استخدامها في الأعمال العسكرية الهجومية التي تؤدي إلى خسائر كبيرة في صفوف المدنيين".
وقال النائب الديمقراطي رو خانا وهو عضو في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب دعا في الماضي إلى وقف إطلاق النار، لرويترز إنه يريد الاطلاع على مزيد من التفاصيل لكنه ينظر بشكل إيجابي إلى الإجراء. وأضاف "أنا أؤيد حجب الأسلحة الهجومية".
وقال السناتور الجمهوري لينزي جراهام: "إذا أوقفنا الأسلحة اللازمة لتدمير أعداء دولة إسرائيل في وقت شديد الخطورة، سندفع الثمن. هذا فحش وعبث. أعطوا إسرائيل ما تحتاجه لخوض حرب ليس بوسعها تحمل مغبة خسارتها".
وقال مايكل مكول، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، ومايك روجرز، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب: "أفزعنا إيقاف الإدارة شحنات الأسلحة الحيوية إلى إسرائيل. حجب الأسلحة عن إسرائيل يضعف قوة الردع الإسرائيلية أمام إيران ووكلائها مثل حماس وحزب الله. وعلاوة على ذلك، اتخذ هذا القرار السياسي الكارثي سرا وأخفي عمدا عن الكونجرس والشعب الأمريكي. وفي الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل التفاوض بنية حسنة لتحقيق إطلاق سراح الرهائن، ومن بينهم مواطنون أمريكيون، يطعن الخطأ الاستراتيجي قصير النظر الذي ارتكبته الإدارة في مبدأ "التزامها الذي لا يتزعزع" كحليف.
"يتعين على الإدارة السماح لشحنات الأسلحة هذه بالمضي قدما لدعم التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل وضمان قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها وإلحاق الهزيمة بحماس".
وقال السناتور الأمريكي المستقل بيرني ساندرز: "نظرا للكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي خلقتها حرب نتنياهو في غزة حيث يواجه مئات الآلاف من الأطفال الجوع، الرئيس بايدن محق تماما في وقف تسليم القنابل لهذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة. لكن يتعين أن تكون هذه خطوة أولى".
وأضاف "يتعين على الولايات المتحدة الآن أن تستخدم كل نفوذها للمطالبة بوقف إطلاق النار على الفور، وإنهاء الهجمات على رفح، وتوصيل كميات هائلة من المساعدات الإنسانية فورا إلى الناس الذين يعيشون في يأس. نفوذنا واضح. على مر السنين، قدمت الولايات المتحدة عشرات المليارات من الدولارات كمساعدات عسكرية لإسرائيل. لم يعد بمقدورنا أن نتواطأ في حرب نتنياهو المروعة ضد الشعب الفلسطيني".
اضف تعليق