الدين شريعة تملأ الحياة، في عباداته ومعاملاته، وأحواله الشخصية وعقوباته وقضائه وغير ذلك، فلا يبقى مجال للفراغ الموجب للحس بعدم الأمن، وكذلك الدين يملأ فراغ السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها، ويعطى إجابة لكل الأسئلة، ويعطي كل حاجة، فأين بعد ذلك الفراغ الموجب لأن يحس الإنسان بعدم الأمن...
إذا رأى الإنسان شيئاً يدل على العلم والقدرة والحكمة انتقشت في ذهنه ثلاثة أسئلة:
من أوجده، وما عمله، وماذا يكون مصيره؟
وهذه الأسئلة الثلاثة تنتقش في ذهن كل إنسان ينظر إلى الكون، حيث كل شيء فيه آثار العلم والقدرة والحكمة، فمن أوجده، وما هو تكليف الإنسان في هذا البحر الهائج الممتد من الكون في كل جوانبه، وإلى ماذا يكون مصير الإنسان.
والجواب الصحيح على هذه الأسئلة، هو ما يسمى بالدين، فالموجد عالم قادر حي حكيم مريد، ولابد أن يكون جعل للإنسان منهاجاً إذا سار عليه سعد، كما أنه لابد وأن يحاسب كما يحاسب كل عاقل عماله مرؤوسيه، وإلاّ كان خلاف المصلحة.
وحيث يدل الدليل على أنه لا يمكن أن يكون المبدأ غير الله، يذعن الإنسان بوجوده، وحيث إنه يلزم الحساب ولا حساب في الدنيا، فلابد وأن يكون هناك يوم حساب هو القيامة، وحيث إنه لابد من منهج فلابد وأن يكون رسول يبين ذلك المنهج، وكتاب فيه ذلك منهج، مثل صانع معمل دقيق حيث يجعل مهندساً يعرف تفاصيل المعمل، وكتاباً يبين خصوصياته ومزاياه ويرجع إليه لدى الحاجة.
موقف المستغلين تجاه الدين
وأمام هذه الحقيقة جاء المستغلون، وانقسموا إلى ثلاثة أقسام:
1: من تمكن من أن يستغل الناس بدون الاحتياج إلى جعل إله مكان الإله الحق، وأمثال هؤلاء أنكروا وجود الإله رأساً، وأخذوا يستغلون الناس باسم أن لا إله.
ونماذجهم في العصر الحاضر (لينين) و(ستالين) و(ماوتسي تونغ)، فهم رأوا إمكان التسلط على الناس والديكتاتورية، بدون الاحتياج إلى إرضاء فطرة الناس، وقد جعلوا من أنفسهم أشباه آلهة في إخضاع الناس بالقوة.
2: من تمكن من أن يجعل من نفسه إلهاً، بعد أن لم يتمكن من نزع فطرة الناس، وهؤلاء جعلوا من أنفسهم آلهة، حتى يستثمروا بدون مزاحمة حق الله سبحانه، فالإله هم بأنفسهم، ونماذجهم في العصر السابق: فرعون ونمرود، إذ قال الأول: (يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري)(1)، وقال الثاني في جواب إبراهيم (عليه السلام): (ربي الذي يحيي ويميت): (أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر)(2).
3: من لم يتمكن أن يجعل من نفسه إلهاً، بعد أن لم يتمكن من نزع فطرة الناس، وهؤلاء توسلوا بمختلف الوسائل لاستغلال الناس.
أ: تارة بالسحر والكهانة والعرافة، حتى يقولوا للناس: نحن متصلون
بالإله، ويستثمروا الناس باسمه.
ب: وتارة بنحت الأصنام وجعل أنفسهم سدنتها، ليستدروا من الناس الأموال وغيرها، وهؤلاء قسم منهم اعترفوا بالإله الحق مع جعل الأصنام شركاء له، أمثال مشركي مكة، ولذا كانوا يقولون: (مانعبدهم إلاّ ليقربونا إلى الله زلفى)(3).
ج: وتارة أنكروا وجود الإله الحق إطلاقاً، وجعلوا أصنامهم آلهة على اختلاف جعلهم للإله من ذكر وأنثى وغير ذلك، انظر (الأصنام) للكلبي.
وكل هؤلاء الأقسام المستغلون للناس بإنكار الإله، أو بإثباته شريكاً أو صنماً محضاً يشتركون في:
1) عدم الدليل لما زعموه، ولذا لا تجد لهم حتى دليلاً واحداً.
2) مزج عقائدهم بالخرافات أمثال الطوطم، والوالد للإله، وأن الملائكة بنات الله، والأوراد والأعمال السحرية، وأن العالم لم يزل شعلة، وصحة التناقض، وأن مسير التاريخ الاقتصاد، وإلى غيرها من الخرافات.
فقدان الدين ينتج الخوف والقلق
وحيث إن عدم الإله، أو وجود الإله المزيف شريكاً مع الإله الحق أو وحيداً في الميدان، لا يمكن أن يملأ فطرة الإنسان التي تطلب الحق والأمن في ظل ذلك الحق، امتلأ العالم ـ قديماً وحديثاً ـ بالخوف والقلق، وقد نسب كل طائفة عدم الأمن إلى سبب خاص.
أ) فجماعة قالوا بأن عدم الأمن ناش عن ضعف الثقافة، فإذا تثقف الاجتماع رجع إليه أمنه، لكن لماذا لا نرى الأمن عند المثقفين أيضاً.
ب) وتولستوي وآخرون قالوا: بأن عدم الأمن وليد الفقر الروحي، فإذا غنى الروح تبدل القلق إلى الأمن، لكن السؤال هو ماذا يقصد بالفقر الروحي، وبالغنى الروحي.
ج) وجاء فرويد ليقول: إن عدم الأمن ناش من كبت قضايا الجنس، فإذا تمكنا من إطلاق سراح الجنس ذهب عدم الأمن.
وفيه:
أولاً: هل إن المكبوت غريزة واحدة، أو عدة غرائز، مثل كبت غريزة الشهرة والمال و...
وثانياً: فلماذا يجد من أطلق سراح جنسه عدم الأمن أيضاً.
د) وماركس وأتباعه نسبوا عدم الأمن إلى الاقتصاد الطبقي، فإذا أمكن تحويل الاقتصاد إلى يد الدولة ذهب عدم الأمن.
وفيه:
أولاً: هل إن الناقص عند الإنسان الاقتصاد فقط، حتى إذا عدل تنتهي المشكلة.
وثانياً: فلماذا عدم الأمن في روسيا وبلاد الشيوعية، بعد أن تحقق حكم ماركس، بل حس الإنسان الذي يعيش تحت ظل ذلك النظام بعدم الأمن أكثر.
هـ) أما الذي يمكن أن يكون سبب عدم الأمن بنظرنا، فهو عدم الدين عقيدةً عند كثيرين، وتطبيقاً عند آخرين، فإن الدين عقيدة يملأ الفكر، فلا يبقى مجال فارغ حتى يشعر الإنسان بعدم الأمن الفكري، وقد عرفت أن المبدأ والمعاد والرسالة أمور فطرية، لدى أقل التفات إلى البرهان القائم على تلك، أما العدل فهو امتداد للمبدأ في قبال من أنكره بحجة غير تامة، والإمامة امتداد للرسالة، دل عليه العقل والنقل، انظر كتاب (الألفين) للعلامة الحلي (رحمه الله) وغيره.
كما أن الدين شريعة تملأ الحياة، في عباداته ومعاملاته، وأحواله الشخصية وعقوباته وقضائه وغير ذلك، فلا يبقى مجال للفراغ الموجب للحس بعدم الأمن، وكذلك الدين يملأ فراغ السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها، ويعطى إجابة لكل الأسئلة، ويعطي كل حاجة، فأين بعد ذلك الفراغ الموجب لأن يحس الإنسان بعدم الأمن.
وقد كرر القرآن الحكيم الإشارة إلى ذلك، قال سبحانه: (أولئك لهم الأمن)(4)، وقال تعالى: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزونون)(5)، وقال سبحانه: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)(6)، إلى غيرها من الآيات، وحتى أنه ذكر الإسلام مناهج تورث الأمن لغير الآمن، من صبر وثبات وإقدام وكفاح وغير ذلك.
سبب تخلف المسلمين
ويبقى السؤال لماذا نجد المسلمين متخلفين إذا كان دينهم بهذه المثابة.
والجواب: إن المريض الذي لا يستعمل دواء الطبيب الحاذق لا يشفى، لا أنه لم يجد الدواء، وإنما لأنه لم يستعمل الدواء، فقد ترك المسلمون الإسلام في جملة من بنوده، ولذا أحسوا بعدم الأمن، وحاق بهم سيئات ما عملوا، وقد حذرهم وغيرهم القرآن الحكيم من ذلك.
حيث قال: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً)(7).
وقال تعالى: (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)(8).
فلم يستجيبوا وكان الموت والمعيشة الضنك.
هل ولى عصر الدين
وما يشاهد من تأخر الدين في العوالم الثلاثة، الغربي والشرقي والإسلامي، لم يكن لأن عصر الدين ولى كما يزعمه الماديون، بل بالعكس لأن جملة من حملة الدين ولى عصرهم لسوء تصرفهم، فإذا أساء جملة من الأطباء التصرف مما سبب رغبة المرضى عنهم فهل ذلك لأن عصر الطب ولى، أو لسوء تصرف الأطباء، وهل يعقل أن يولي عصر الطب.
إن الكنيسة أساءت التصرف إساءة بالغة، فانصرف الغرب عنها، وقصص محاكم التفتيش وإحراق العلماء وغير ذلك شاهدة على ما نقول، ولما وقع العالم في الرأسمالية نجم الانحراف الذي أوقع الناس في الشيوعية، انفلاتاً عن دين قيصر روسيا ورأسمالية التجار المنحرفين المتحالفين مع قيصر، وقد زعم رافضو الدين في الغرب والشرق أنهم ينالون خيراً من ذلك، لكنهم وقعوا في الأسوأ، فلا رأسمالية الغرب ولا اشتراكية الشرق سببت لهما الأمن.
هذا بالإضافة إلى أن دين المسيح (عليه السلام) صار منحرفاً، وقد انقضى زمانه مما لم يكن ينفع في إدارة أمور الحياة، وأي دين هذا الذي تتعقد عقيدته بالتوحيد والتثليث في آن واحد، إلى غير ذلك من تعقيدات العقيدة، وما هذا الدين الذي ليس له مناهج للحياة، بل يدعو إلى الظلم، فيقول: (دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله).
كما أن المسلمين أساؤوا التصرف، مما سبب ضعف بلاد الإسلام، فسلط الله عليهم أعداءهم، وقد قال سبحانه: (بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً)(9)، إلى أن يقول: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها)(10).
المستقبل للإسلام
وحيث قد عجز الإنسان عن القوانين الوضعية من ناحية، ومن الإلحاد من ناحية ثانية، ومن المادية من ناحية ثالثة، أخذ يتوجه إلى الدين، مما يحتم أن يكون المستقبل للدين، والإسلام بصورة خاصة، حيث يعطي متطلبات الإنسان في أنظف إطار، له المستقبل الزاهر، لكن يشترط أن يعرضه القائمون عليه عرضاً صحيحاً مناسباً للعصر الحاضر.
والمراد بالمناسب للعصر الحاضر كون الحلول للمشاكل يناسب عصر الصناعة، إذ كليات الدين قابلة الانطباق لكل عصر ومصر.
مثلاً في الإسلام الحرية، وفيه الاختيار للحاكم، وفيه الفقيه الذي هو قمة الحكم، وفيه الاقتصاد والاجتماع السليم، وفيه خدمة الناس، فاللازم أن تنظم الحريات بحيث يكون كل أحد حراً في جميع أموره باستثناء المحرم، ومن المحرم إضرار نفسه وإضرار الآخرين، وأن تجعل الأحزاب السياسية في إطار القوانين الإسلامية، مما لهم الحق الكامل في اختيار الحاكم المؤهل للحكم، وأن يجعل شورى المراجع الفقهاء ممن يقلدهم الأمة، حيث يسيرون الدولة بأكثرية الآراء، ويكونون هم السلطة العليا للدولة، حيث يكون تحت نظرهم السلطات التنفيذية والتشريعية ـ أي التطبيقية ـ والقضائية.
وأن يعدل الاقتصاد والاجتماع، حتى لا يكون استغلال الإنسان للإنسان بالأسلوب الرأسمالي، أو الشيوعي، أو الاشتراكي، أو التوزيعي، وحتى يكون الاجتماع سليماً في أسلوب العائلة، وارتباط الأحزاب والمنظمات بعضها ببعض، وكذلك بالنسبة إلى سائر الأمور الاجتماعية من المعاملات وغيرها، إلى غير ذلك من المناهج اللازمة، مثل كيفية معاملة الأقليات، والترابط بين دولة الإسلام وبين سائر الدول.
وحينذاك، لا يكون استعمار بمختلف أشكاله، العسكري والفكري والثقافي والاقتصادي والسياسي، فلا قواعد ولا أحلاف في بلاد الإسلام، كما لا تسلط لعسكر المستعمر على بلاد الإسلام بالغزو، ولا تشتت، ولا فرقة، بل دولة واحدة ذات ألف مليون مسلم، ولا اتجاه فكري مستورد عن بلاد الاستعمار، كما هو الحال، حيث إن الشباب الذين يذهبون إلى بلاد الاجانب يأتون بالأفكار الاستعمارية في كيفية إدارة أمورهم الشخصية والاجتماعية والسياسية وغيرها.
ولا تكون الثقافة في المدارس والمعاهد والإعلام على وفق الثقافة الاستعمارية كآراء دارون، وماركوز، وماركس، وفرويد، وسارتر، ودركايم، وغيرهم.
ولا يكون الاقتصاد نظم على نحو الرأسمالية الغربية أو الشيوعية الشرقية أو ما أخذ منهما من الألوان، بل اقتصاد إسلامي مما يجعل المال مقابل خمسة أشياء: (العمل، والفكر، والمواد، والشرائط، والعلاقات الاجتماعية)، وحينئذ لا يكون استغلال الدولة للإنسان كما في الشيوعية، ولا الرأسمالي للإنسان كما في الرأسمالية، ويكون سائر المعاملات على طبق النظام الإسلامي.
ولا تكون السياسة حسب رأي الشرق الديكتاتور، ولاحسب رأي الغرب الذي:
1: يقنن القانون.
2: ويسيطر رأس المال على الانتخابات بإعلامه وبجماعاته الضاغطة، وبغير ذلك.
3: ويكون الناس خارجين عن الميدان المرتبط بهم، بعد انتخاب النائب انتخاب رئيس الجمهور، بل إذا شاؤوا أخذت آراؤهم في كل قضية مهمة.
وقد ذهب بعض علماء الاجتماع إلى أن الكيفية أن يجتمع الناس كل شهر مرة مثلاً في حلقات خمسمائة مثلاً، ليدلوا بآرائهم في القضايا المهمة، بعد أن ينظم أهم الأمور التي لها مدخلية في القضية جماعة من الحياديين، فيكون المجلس مقيداً يأخذ أكثرية هذه الآراء لا كيفما شاء المجلس بنفسه، ولا بأس بذلك إذا عدل بما يطابق الصيغة الإسلامية، فالحكمة ضالة المؤمن يأخذها أين وجدها.
4: ولا يكون للطفل حق الانتخاب، عكس الإسلام الذي يعطي حتى للنساء والأطفال حق الانتخاب إذا شاءت النساء، وشاء أولياء الأطفال، لأن المنتخب يتصرف في شأن الطفل، فإذا شاء وليه جعل له صوتاً أيضاً، يؤديه هو بالوكالة عن الطفل.
وبذلك ترجع إلى الإنسان إنسانيته، وتصرف المواد في مصارفها اللائقة، ويذهب القلق ويأخذ الأمن مكانه، ويكون بلد الإسلام أسوة عملية لسائر بلاد العالم فيأخذون منه، كما أخذوا منه عند ظهور الإسلام، وينعدم الفقر والجهل ويتقلص الإجرام والمرض إلى اقصى حد ممكن، والله القادر المستعان.
ويجب أن ينظم المتدينون أنفسهم حتى يستوعبوا كل الحياة، فلا يجد الانحراف الرأسمالي أو الديكتاتوري أو ما أشبه سبيلاً ليأخذ في التخريب، كما وجد الانحراف الشيوعي والقومي والبعثي والوجودي وما أشبه، إلى قلوب الشباب منفذاً، فخرب تخريباً لا مثيل له.
فاللازم تنظيم كل شيء دينياً ودنيوياً، من الروضة إلى ما بعد الجامعة، ومن الثكنة إلى ساحة الميدان، ومن الزوجين إلى العائلة الكبيرة، ومن الأعمال الفردية إلى المؤسسات الكبيرة، وهكذا.
كما أن المهم تنظيم أمور النساء بحيث يقدرن أن يدخلن كل ميدان يصلح لهن، سواء في السياسة ـ غير الإمارة والقضاء ـ أو الثقافة، أو الصناعة، أو التجارة، أو الزراعة، أو الإدارة، أو الوظيفة أو غيرها.
ويجب أن يكون التنظيم الديني الدنيوي غير ضار بالحرية، لأن الأصل في الإنسان الحرية، فالناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم، ثم تأخذ سائر الأمور بعد ذلك مجراها، ولا يتوهم أن بين الأمرين مناقضة، إذ من الممكن أن يكون محفز النظام التنافس الحر، بالإضافة إلى جعل برامج للسمو الروحي مما يوجب العمل الدائب تلقائياً، بدون جبر وإكراه.
والمحفز الروحي والتنافس في تحصيل رضى الله، هو الذي أوجب تلك الانطلاقة الفريدة في تاريخ المسلمين أول ظهور الإسلام، ومن الممكن إعادة كل ذلك إذا وعى القائمون بالأمر كيفية العمل، وكانت القدرات موزعة بحيث لم يتمكن أحد من الديكتاتورية.
اضف تعليق