يعيش العالم اليوم ومع انتشار موجة جديدة من وباء فيروس كورونا في اوروبا وباقي الدول الاخرى التي اصبحت تعاني من زيادة عدد الاصابات، حرباً جديدة ومختلفة وهي حرب اللقاحات، فالعالم الآن وبحسب بعض المراقبين، يسرع بشكل كبير لإنتاج لقاحات مضادة لفيروس كورونا المستجد او الحصول على تلك اللقاحات...
يعيش العالم اليوم ومع انتشار موجة جديدة من وباء فيروس كورونا في اوروبا وباقي الدول الاخرى التي اصبحت تعاني من زيادة عدد الاصابات، حرباً جديدة ومختلفة وهي حرب اللقاحات، فالعالم الآن وبحسب بعض المراقبين، يسرع بشكل كبير لإنتاج لقاحات مضادة لفيروس كورونا المستجد او الحصول على تلك اللقاحات، التي خلفت ايضاً شرخاً كبيراً بين دول العالم من ناحية الحصول عليها، إذ شكت الدّول الفقيرة من سوء توزيع اللقاحات، كما حصل خلاف بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حول توزيع لقاح أسترازينيكا، واتّهمت باريس روسيا وبكين باستخدام اللقاح كنوع من الدعاية.
حيث اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن أوروبا تواجه "حربا عالمية من نوع جديد" بسبب لقاحات فيروس كورونا، مشيرا إلى أن روسيا والصين تستخدمان اللقاحات الخاصة بهما لتعزيز "النفوذ". إلى ذلك، وعد ماكرون الفرنسيين أنه سيكون بإمكان جميع البالغين الراغبين تلقي اللقاح قبل نهاية الصيف. لكن الكرملين رفض هذه الاتهامات نافيا أن تكون روسيا والصين تستخدمان لقاحيهما كـ"أدوات نفوذ" على الساحة الدولية. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: "لا نوافق إطلاقا على اتهامات أن كلا من روسيا والصين تشنان حربا من نوع ما".
من جهة ثانية، لا تزال اللقاحات المستخدمة ومنها لقاح أسترازينيكا تثير قلقاً بسبب الاضرار الجانبية المحتملة. فقد قررت بعض الدول الانتظار مزيد من الوقت لتحديد ما إذا كانت ستستمر في استخدام اللقاح المضاد لفيروس كورونا في برنامج التطعيم، وكانت العديد من الدول في أوروبا علقت استخدام اللقاح بسبب مخاوف من أنه قد يكون مرتبطا بتكوين جلطات دموية ، رغم تأكيدات وكالة الأدوية الأوروبية بأن المنتج آمن وفعال.
حرب وخلافات
وفي هذا الشأن انطلقت في وقت سابق قمة عبر الإنترنت لدول الاتحاد الأوروبي في بروكسل بمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن. وتناقش القمة مسألة التزود باللقاحات، والخلافات بين الاتحاد وبريطانيا. وتعتبر بروكسل أن مجموعة أسترازينيكا البريطانية-السويدية مطالبة بتزويدها بكميات اللقاح المقررة بينهما في حين ترى المجموعة أن عقدها مع لندن يفرض عليها منح الأولوية للطلبات البريطانية.
وهيمنت صعوبات الحصول على اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وهي في صلب خلاف بين بروكسل ولندن، على قمة دول الاتحاد الأوروبي ويتوقع تسجيل تأخير أيضا في عمليات التسليم إلى البلدان المحرومة عبر آلية كوفاكس. ومع انتشار موجة ثالثة من الوباء في كل أنحاء أوروبا، يتوقع أن يعالج الاتحاد الأوروبي مسألة بطء حملات التحصين في القارة ومشاكل تسليم لقاحات أسترازينيكا، وهي مسائل تثير الإحباط داخل التكتل.
وقال زعماء الدول الأعضاء الـ27 في مسودة استنتاجات "الإسراع في إنتاج اللقاحات وتسليمها وتقديمها ما زال ضروريا من أجل التغلب على الأزمة، ويجب تكثيف الجهود في هذا الاتجاه". وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "قال الأمريكيون منذ صيف العام 2020 سنسخر كل وسائلنا وننطلق. لذلك لديهم كمية أكبر من اللقاحات. أبدوا طموحا أكبر من طموحنا". وأكد الاتحاد الأوروبي والسلطات البريطانية ء العمل على حل "يخدم مصلحة الطرفين" لتسوية هذا الخلاف.
وفي مواجهة "وضع وبائي خطير جدا"، شددت المفوضية الأوروبية آلية الاشراف على تصدير اللقاحات التي أقرت في كانون الثاني/يناير ما أثار انتقادات لندن، الوجهة الرئيسية للجرعات المصدرة من القارة الأوروبية. وصدر الاتحاد الأوروبي نحو 10 ملايين جرعة من كل اللقاحات إلى المملكة المتحدة لكنه لم يتلق في المقابل أي جرعة منتجة لديها، على الرغم من أن العقد الموقع مع أسترازينيكا ينص على إرسال جرعات من مصنعين في المملكة المتحدة. وأوضحت المجموعة أن عقدها مع لندن يفرض عليها منح الأولوية للطلبات البريطانية.
بدورها، حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين من أن الاتحاد الأوروبي "يصدر على نطاق واسع" ولكن "يجب السير في الاتجاهين". وسارع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى التنديد بهذه الإجراءات وحذر من عواقب "الحواجز التعسفية" على لقاحات مضادة لفيروس كورونا. ووفقا لشركة التأمين "يولر هيرميز"، فإن تأخر الاتحاد الأوروبي لسبعة أسابيع حتى الآن في الجدول الزمني للتلقيح، قد يكلف اقتصاده 123 مليار يورو في العام 2021.
وتلقى أكثر من نصف سكان إسرائيل البالغ عددهم 9,2 ملايين نسمة جرعتين من لقاح فايزر/بايونتيك المضاد لكوفيد-19، ضمن حملة التطعيم الوطنية بحسب وزارة الصحة الإسرائيلية. وقامت إسرائيل بتطعيم أكثر من 4,6 ملايين شخص ما أدى إلى انخفاض معدلات الإصابة وسمح بتخفيف محدود للقيود. وفي البرازيل، تجاوز عدد ضحايا الوباء الذي أصبح خارجا عن السيطرة، عتبة 300 ألف وفاة.
ودفعت هذه الموجة الوبائية الثانية المستشفيات في غالبية ولايات البلاد إلى حافة الانهيار، إذ تجاوز معدل إشغال أسرة العناية المركزة فيها 80%، في حين وصل احتياطي الأكسجين للمرضى المصابين بأعراض خطرة إلى مستويات "مقلقة" في ستّ من ولايات البلاد السبع والعشرين. وتثير هذه الفورة الوبائية في البرازيل قلقا متزايدا في العالم بسبب انتشار المتحور الأمازوني "بي1" الذي يعتبر أشد عدوى وفتكا. بحسب فرانس برس.
وقالت بريطانيا إنها قد تضع قريبا فرنسا على "قائمة حمراء" وتشدد عمليات التدقيق بالوافدين من فرنسا التي أضافت ثلاث مقاطعات إلى 16 مقاطعة أخرى خاضعة لتدابير بغية لجم انتشار المرض. وفي الولايات المتحدة، رحب المسؤولون الصحيون بأولى الآثار الإيجابية لحملة التلقيح ولا سيما تراجع دخول المسنين إلى أقسام الطوارئ في المستشفيات. وحاليا، يتم إعطاء حوالى 2,5 مليون جرعة يوميا في المتوسط في البلاد.
التوزيع العادل
بحسب الخبراء في منظمة الصحة العالمية، فإن لقاح مرض كـوفيد-19 خطوة كبيرة إلى الأمام في مكافحة العالم لهذه الجائحة. وكما ذكرت المنظمة فإن القضاء على الجائحة لن يتحقق في أي مكان إلا إذا تم القضاء عليها في كل مكان. ومع التفاوت الهائل في الحصول على اللقاحات بين الدول الغنية من ناحية، والدول متوسطة ومنخفضة الدخل من ناحية أخرى، تشتد أهمية مبادرة كوفاكس.
ويُعدّ مرفق كوفاكس ركيزة اللقاحات في مبادرة تـسريع الوصول إلى أدوات مكافحة كوفيد-19، التي تقودها منظمة الصحة العالمية وشركاؤها، لتطوير مجموعة من الأدوات لمحاربة فيروس كورونا. وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن البرنامج يدعم أسرع الجهود العالمية وأكثرها تنسيقا ونجاحا في التاريخ لمكافحة أي مرض. والهدف من المرفق هو توزيع ملياري جرعة، خاصة إلى الدول منخفضة الدخل، في عام 2021، وتمنيع 27% من مواطنيها. ولطالما كانت منظمة الصحة العالمية تقول منذ بداية الجائحة: "لا أحد في مأمن حتى يكون الجميع في مأمن".
وكان لدى عدد من البلدان الموارد اللازمة لطلب كميات هائلة من اللقاحات مسبقا، لضمان وقوف سكانها في مقدمة قائمة الانتظار عندما يحصل مصنّعو الأدوية على الضوء الأخضر لتسليم اللقاحات، وحذر خبراء حقوق الإنسان من "اكتناز اللقاحات" وأصرّوا على ضرورة إتاحة اللقاحات للجميع. وبتمويل من البلدان الغنية والجهات المانحة الخاصة التي جمعت أكثر من ملياري دولار، تم إطلاق مرفق كوفاكس في الأشهر الأولى من الجائحة لضمان عدم استبعاد الأشخاص الذين يعيشون في الدول الفقيرة عندما تظهر اللقاحات الناجحة في الأسواق.
وتتولى اليونيسف، بالتعاون مع منظمة الصحة للبلدان الأميركية التابعة للأمم المتحدة، زمام المبادرة في جهود شراء وتوريد الجرعات. وتشتري حوالي 92 دولة منخفضة الدخل اللقاحات بدعم من كوفاكس، ومن المتوقع أن يتم تطعيم أفقر المواطنين فيها بالمجان. وأعلن 80 من الاقتصادات ذات الدخل المرتفع تمويل اللقاحات من ميزانياتها الخاصة.
مع نهاية عام 2020، كانت منظمة الصحة العالمية قد جمعت ما يقرب من ملياري جرعة من اللقاحات الحالية والمرشحة للاستخدام في جميع أنحاء العالم. تجميع مثل هذا المخزون الضخم من اللقاحات يعني أن بإمكان منظمة الصحة العالمية أن تقول بكل ثقة أن كوفاكس سيوزع جرعات كافية لحماية العاملين في مجال الرعاية الصحية في جميع البلدان المشاركة في المرفق بحلول منتصف عام 2021. وسيتم تسليم حوالي 1.2 مليون جرعة من لقاح فايزر-بيوإنتك، الذي يتطلب تخزينا شديد البرودة إلى 18 دولة في الربع الأول من عام 2021، من إجمالي 40 مليون جرعة متفق عليها.
من جهة اخرى دعت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويالا، إلى توسيع القدرات في البلدان النامية لتصنيع اللقاحات، قائلة إن الاختلال الهائل في الوصول إلى لقاحات فيروس كورونا التي تصب في الغالب في صالح الدول الغنية والمتقدمة أمر غير مقبول. وقالت أوكونجو إيويالا إنها تؤيد إنشاء إطار عمل من شأنه أن يمنح البلدان النامية "بعض الآلية في الحركة والوصول إلى تصنيع لقاحات مع نقل التكنولوجيا" أثناء الأوبئة المستقبلية، مستنكرة "عدم المساواة في تلقي اللقاحات" في الوباء الحالي.
وأضافت "فكرة أن 70 بالمائة من اللقاحات اليوم تم إعطاؤها من قبل 10 دول فقط هي فكرة غير مقبولة في الواقع". ودعمت العشرات من الدول الأعضاء في المنظمة التجارية الجهود التي تقودها جنوب أفريقيا والهند لحمل منظمة التجارة العالمية على منح إعفاء مؤقت من اتفاقية الملكية الفكرية للمساعدة في تعزيز إنتاج لقاح كوفيد – 19 في وقت نقص الإمدادات. وتعارض بعض الدول الأكثر ثراء وتلك التي لديها صناعات دوائية قوية الفكرة، قائلة إنها ستعوق الابتكار في المستقبل.
الى جانب ذلك قالت هوا تشون يينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، إن الصين تزود 80 دولة وثلاث منظمات دولية بلقاحات مرض (كوفيد-19) في الوقت الراهن، وتصدر اللقاحات إلى أكثر من 40 دولة، وتتعاون مع أكثر من 10 دول فيما يتعلق باللقاحات من بحث وتطوير وإنتاج. أدلت هوا بتلك التصريحات خلال مؤتمر صحفي عقب تحذير مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس من اتساع الفجوة بين كميات اللقاحات المضادة لفيروس كورونا التي تمتلكها الدول الغنية وتلك التي توزع في الدول الأفقر عبر مبادرة (كوفاكس) العالمية.
وأوضحت هوا أن الإحصاءات تشير إلى أن الدول الغنية، التي يمثل تعداد سكانها 16 بالمئة من إجمالي سكان العالم، تملك الآن 60 بالمئة من اللقاحات المتاحة في العالم، لافتة إلى أن عدة دول متقدمة غنية اشترت جرعات من اللقاحات تعادل مثلي أو ثلاثة أمثال تعدادها السكاني، فيما لا تملك الدول النامية الفقيرة الآن اللقاحات الغربية أو لا تستطيع الحصول عليها.
وأكدت هوا أن اللقاحات سلاح قوي ضد الفيروسات وأمل في إنقاذ الأرواح، مضيفة أن اللقاحات يجب أن تخدم العالم كله وتفيد البشرية بأسرها. وأشارت إلى أن الصين أخذت بزمام المبادرة في إصدار الوعود بجعل اللقاحات منفعة عامة عالمية وبذل كل الجهود الممكنة لتعزيز إمكانية حصول الدول النامية عليها بتكلفة ميسورة، ما تحقق بالفعل.
وأشارت إلى أن الصين انضمت إلى مبادرة (كوفاكس) وأعلنت التزامها بتوفير 10 ملايين جرعة من اللقاحات كمساهمة أولية لتلبية الحاجات الملحة في الدول النامية. ولفتت إلى أن الصين استجابت أيضا لنداء الأمم المتحدة الذي دعا إلى التبرع باللقاحات للعاملين في بعثات حفظ السلام من جميع أنحاء العالم، متابعة بقولها "نعتزم أيضا التعاون مع اللجنة الأولمبية الدولية لتوفير اللقاحات للرياضيين الذين يستعدون للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية". وأكدت هوا أن الصين تعارض مسلك "قومية اللقاحات" غير الأخلاقي وغير المسؤول، وتعارض خلق "فجوة مناعية"، متابعة بقولها "نحث أيضا جميع البلدان القادرة على بذل قصارى جهودها لتوفير اللقاحات للبلدان المحتاجة، لا سيما البلدان النامية، حتى يحصل عليها مواطنو جميع البلدان بتكلفة ميسورة".
فوائد ومخاطر
من جانبها قالت منظمة الصحة العالمية إن فوائد لقاح أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا تفوق مخاطره. ويأتي ذلك بعد استئناف عدد من الدول حملات التطعيم باستعمال أسترازينيكا وتصريح وكالة الأدوية الأوروبية بأنه لقاح آمن وفعال. وقالت لجنة منظمة الصحة العالمية الاستشارية بشأن سلامة اللقاحات أن سمات لقاح أسترازينيكا "ما زالت إيجابية في ما يتعلق بفوائده مقابل مخاطره، مع إمكانية هائلة (لديه) لتجنيب الإصابات وخفض حالات الوفاة في أنحاء العالم". وأضافت أن "البيانات المتاحة لا تشير إلى زيادة بالمجمل في حالات تجلط الدم" بعد تلقي لقاح فيروس كورونا.
وأعلنت شركة أسترازينيكا البريطانية-السويدية في وقت سابق، أن لقاحها المضاد لكوفيد-19 فعّال بنسبة 76% في الوقاية من الأعراض المرضية للفيروس، وذلك بناء على بيانات محدثة لنتائج تجربة سريرية جرت في الولايات المتحدة والبيرو وتشيلي. وبذلك تكون أسترازينيكا قد خفضت نسبة فعالية لقاحها من 79% قبل صدور هذه النتائج إلى 76% ، وذلك بعد أن أعربت الهيئة الأمريكية الناظمة للقاحات عن مخاوف من أن تكون الشركة استخدمت بيانات قديمة لتحديد مدى فعالية اللّقاح.
وتضمن بيان للشركة البريطانية-السويدية أن نتائج "التحليل الأولي لتجارب المرحلة الثالثة (للقاح) في الولايات المتحدة أكدت أن فعاليته كانت متوافقة" مع البيانات التي أعلنت. وتابعت أن اللقاح فعال بنسبة 100% في الوقاية من العوارض المرضية الشديدة لكوفيد-19، وهو نفس الرقم الذي أعلنت عنه سابقاً. ودافعت الشركة الدوائية عن لقاحها الذي يرفض قسم كبير من الأوروبيين تلقيه، مؤكدة أنه فعال بنسبة 79% ضد فيروس كورونا لدى الأشخاص المسنين ولا يزيد خطر حصول جلطات دموية، وذلك استنادا إلى تجارب سريرية أُجريت في الولايات المتحدة على 32449 شخصاً.
لكن سرعان ما وجدت أسترازينيكا نفسها في موقع دفاعي بعد أن أعرب المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة عن "قلقه من أن تكون أسترازينيكا قد استخدمت معلومات قديمة في هذه التجارب، وهو أمر أدّى إلى رؤية غير كاملة لفعالية اللقاح". وتعهد مختبر أسترازينيكا أن يقدم في بيانات حديثة إلى هذه الهيئة الناظمة الأمريكية. وكان لقاح أسترازينيكا يعتبر ركيزة أساسية في محاربة الوباء لأنه أرخص ثمناً ومن الأسهل تخزينه ونقله مقارنة مع اللقاحات الأخرى. بحسب فرانس برس.
لكن الثقة في هذا اللقاح تراجعت بعدما علقت حوالي 12 دولة مؤقتاً استخدامه بسبب حالات قليلة من تجلط الدم، على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية وهيئات ناظمة أخرى خلصت إلى عدم وجود أي رابط بين هذه الحالات واللّقاح. وهناك مشكلة أخرى مرتبطة بأسترازينيكا: فالجرعات التي ينتجها معهد "سيروم إنستيتيوت" في الهند و"التي كان من المقرر شحنها في آذار/مارس ونيسان/أبريل" عبر آلية كوفاكس لمساعدة البلدان المحرومة، "ستتأخر بسبب عدم تلقيها تراخيص التصدير" من الهند التي تواجه طلبا محليا متزايدا وموجة جديدة من الفيروس وفقا لناطق باسم تحالف اللقاحات (غافي). وتهدف آلية كوفاكس إلى تقديم جرعات لـ20 في المئة من سكان حوالى 200 بلد ومنطقة هذا العام وتتضمن آلية تمويل لمساعدة 92 دولة محرومة.
اتفاق روسي صيني
على صعيد متصل أعلن الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة، عن التوصل إلى اتفاق مع شركة صينية لإنتاج في الصين أكثر من 100 مليون جرعة بالسنة من اللقاح الروسي ضد كورونا "سبوتنيك V". وأشار الصندوق إلى أن إنتاج اللقاح بهذا الحجم سيسمح بتطعيم أكثر من 50 مليون شخص، وفي إطار الاتفاق الموقع سيتعاون الصندوق الروسي مع الشركة الصينية على تسجيل اللقاح وتسويقه في الصين، وستحصل TopRidge Pharma على الحق في توزيع اللقاح في الصين القارية وكذلك في هونغ كونغ وماكاو وتايوان، وذلك بعد موافقة الجهة التنظيمية.
ولقاح "سبوتنيك V" الروسي أول لقاح تم تطويره على مستوى العالم ضد فيروس كورونا، وفي وقت سابق ذكرت مجلة "لانسينت" الطبية الشهيرة أن نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح الروسي أظهرت أن فعاليته تزيد على 90%. وحتى الآن تم تسجيل اللقاح في أكثر من 50 دولة في العالم، فيما تلقى الجرعتين الأولى والثانية منه حتى الآن في روسيا ملايين المواطنين، في حملة تطعيم مجانية شاملة ستطال ستين في المئة من السكان.
من جانب اخر أعلن خبراء منظمة الصحة العالمية، أن لقاحي مختبري سينوفارم وسينوفاك الصينيين، ثبت أنهما آمنين وفعالين ضد فيروس كورونا، غير أنهما ما زالا بحاجة إلى المزيد من البيانات. وأعلنت مجموعة الخبراء الاستراتيجية الاستشارية حول التلقيح في منظمة الصحة العالمية أن "اللقاحين أثبتا سلامتهما وأبرزا فاعلية جيدة ضد كوفيد-19 حين يكون المريض يظهر أعراضا". وأضافت "لكنه ما زال يتعين توافر بيانات (...) في ما يتعلق بالمسنين والأشخاص الذين يعانون أمراضا أخرى".
وفي وثيقة تلخص أبرز النقاط التي طرحت خلال الاجتماع، قال الخبراء إن هذين اللقاحين الصينيين اللذين قدما طلبا للموافقة على استخدامهما لدى منظمة الصحة العالمية "أثبتا سلامتهما وأبرزا فاعلية جيدة ضد كوفيد-19 حين يكون المريض يظهر أعراضا". وأضافت "لكن ما زال يتعين توافر بيانات (...) في ما يتعلق بالمسنين والأشخاص الذين يعانون أمراضا أخرى". وتابعت أنه بعد استخدامها سيكون من الضروري إجراء دراسات حول فاعلية وأمان هذين اللقاحين "لتقييم أثرهما على هاتين الشريحتين".
وقرارات منظمة الصحة العالمية بشأن طلب المواقفة الذي قدمه سينوفارم وسينوفاك ليست متوقعة قبل مطلع أبريل على أقرب تقدير. وتسمح موافقة منظمة الصحة العالمية بموجب إجراء الحالات الطارئة للدول بتسريع إجراءات الموافقة التنظيمية الخاصة بها لاستيراد اللقاح وإدارته، كما تتيح لليونيسيف شراء اللقاح لتوزيعه على الدول التي تحتاجه.
وقال رئيس مجموعة الخبراء أليخاندرو كرافيوتو إن الخبراء سينتظرون قرار منظمة الصحة العالمية بشأن موافقتهم قبل نشر توصياتهم بخصوص استخدام اللقاحين الصينيين. وفي 31 ديسمبر 2020 منحت منظمة الصحة أول موافقة بشكل طارئ للقاح فايزر/بايونتيك المضاد لكوفيد-19. وقامت بالمثل في 15فبراير للقاحات أسترازينيكا (تلك المصنعة في كوريا الجنوبية وفي الهند من قبل معهد الأمصال) وفي 12مارس للقاح بجرعة واحدة أعدته شركة جونسون آند جونسون.
تجارب جديدة
في السياق ذاته كشفت آخر التجارب السريرية لفعالية لقاحات فيروس كورونا المستجد، تتعلق بمدة فعالية لقاح فايزر-بيونتيك على الشخص الذي تم تطعيمه. وقالت شركتا فايزر وبيونتيك، إن التجربة السريرية الجارية للمرحلة الثالثة من لقاح فيروس كورونا الذي تنتجه الشركتان، أكدت استمرار فعالية اللقاح لمدة ستة أشهر على الأقل، بعد الجرعة الثانية. ووفقا لموقع "سي إن إن"، لا يمكن الإجابة على السؤال المتعلق بمدة فعالية اللقاح، إلا بعد مرور وقت كاف، وبينما تعد 6 أشهر من الفعالية للقاح، أمرا متوقعا، إلا أنها مدة مبشرة للفعالية الطويلة الأمد للقاح.
وقالت الشركتان إن اللقاح لا يزال فعالا بنسبة تزيد عن 91 بالمئة، ضد الفيروس، من دون ظهور أي أعراض، لمدة 6 أشهر على الأقل. وفي حين أن معدل الفعالية الجديد البالغ 91.3 بالمئة أقل من 95 بالمئة المُبلغ عنها خلال تجربة شملت 44 ألفا في نوفمبر، ينتشر عدد من السلالات المتحورة من فيروس كورونا حول العالم منذ ذلك الحين.
وفي دراسة مخبرية جديدة تقدم علامة إيجابية على فعالية اللقاح، أثبت لقاح "فايزر" ضد كوفيد-19 قدرته على تحييد متحور فيروس كورونا المستجد، الذي تم اكتشافه لأول مرة في البرازيل. وكتب الباحثون في رسالة إلى مجلة "نيو إنغلاند الطبية"، أن تحييد المتحور البرازيلي من فيروس كورونا المستجد، المعروف باسم P.1، كان "مكافئا تقريبا" لتحييد السلالة الأصلية للفيروس، والتي أثبت لقاح "فايزر" فعالية كبيرة ضدها.
وكانت السلالة المتحورة P.1 قد أثار قلق السلطات الصحية، نظرا للزيادة في عدد الإصابات التي يتسبب بها في البرازيل. كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، الدكتور أنتوني فاوتشي، كان قد حذر من أن هناك "تقارير أولية" تشير إلى أن الفيروس المتحور أكثر عدوى، وأن الأجسام المضادة التي تنتجها اللقاحات "قد تكون أقل فعالية". لكن النتائج التي نشرها باحثون من شركة "فايزر"، وشريكتها الألمانية "بيونتك"، والفرع الطبي بجامعة تكساس، جاءت مطمئنة.
وكما كان متوقعا، أثبتت الدراسة أيضا تحييدا قويا للمتحور B.1.1.7، الذي تم اكتشافه لأول مرة في المملكة المتحدة. وفيما يتعلق بمتحور الفيروس المكتشف لأول مرة في جنوب إفريقيا والمعروف باسم B.1.351، وهو الأكثر إثارة للقلق، نظرا لقدرته المحتملة على إضعاف فعالية اللقاحات إلى حد ما، فقد وجدت الدراسة أن تحييد هذا المتغير كان "قويا، ولكنه أقل". ورحب أستاذ علم الأحياء بجامعة واشنطن، كارل بيرغستروم، بنتائج الدراسة، وقال في تغريدة على تويتر: "نرى نشاطا تحييديا عاليا ضد جميع السلالات التي تم اختبار اللقاح ضدها، بما في ذلك P.1 الذي ينتشر بسرعة كبيرة في البرازيل". وأضاف الأستاذ الجامعي أن نشاط اللقاح ورغم تضاؤله "ضد سلالة B.1.351 من جنوب إفريقيا، فإنه لا يزال مثيرا للإعجاب للغاية." وحذر مؤلفو الدراسة من أن نتائجهم تستند إلى دراسة في المختبر، ويجب في النهاية التحقق من صحتها من خلال أدلة واقعية.
اضف تعليق