في ظل التطور العلمي والتكنولوجيا الكبير الذي يشهده العالم، يرى الكثير من الخبراء ان علاجات مرض السرطان تشهد هي الأخرى تطورات كثيرة ومختلفة وهو ما يعطي مساحة من الأمل للمرض لمن يعاني من هذا المرض الخطير، فقد أثبتت الدراسات والبحوث العلمية كما تنقل بعض المصادر، أن العلاج المبكر يتميّز بمزيد من الفاعلية ويسمح بالشفاء التام بنسبة كبيرة عكس ما يحصل في حال التأخر بالعلاج، هذا بالإضافة ان بعض العلاجات الجديدة قد أسهمت بتقليل معاناة المرضى وإطالة حياة المصابين بالمرض بمختلف أنواعه، كسرطان القولون وسرطان الثدي وسرطان الرئة وسرطان الدماغ وسرطان الكلى وسرطان الرئة للخلايا غير الصغيرة. وتضيف المصادر في الخمسين سنة الأخيرة، تطورت الأبحاث والدراسات والاكتشافات المتعلّقة بالسرطان بشكل ملحوظ.
من جانب آخر قلل بعض الخبراء من أهمية العلاجات المُطورة واعتبروها مجرد تجارب إضافية لأهداف تجارية، خصوصا وان تكلفة وأسعار علاجات السرطان تشكل عائقا يقف في وجه المرضى من أصحاب الدخل المحدود. وفي تقرير خاص نشرته مجلة "ايكونومست"، في تقرير حول هذا الموضوع، عن وكالة "أي أم أس"، الأميركية للأبحاث الصحية فان العام 2012 فقط قد شهد انتاج اكثر من 500 دواء لمرض السرطان، مشيرة إلى أن حجم ما تم تصنيعه في هذا المجال يعادل خمسة أضعاف أدوية مرض السكري، الذي يصنف في الفئة الثانية من حيث عدد المصابين.
وجاء في تقرير اخر أن الإنفاق العالمي على أدوية السرطان بلغ مئة مليار دولار عام 2014 بزيادة قدرها 10.3 في المئة عن عام 2013 وأن هذا المبلغ الإجمالي كان 75 مليار دولار قبل خمس سنوات فقط. وجاء في تقرير بعنوان التوجهات العالمية لعلم الأورام الذي أصدره معهد معلومات الرعاية الصحية (آي.إم.إس) إن المئة مليار دولار تمثل 10.8 في المئة من إجمالي الإنفاق العالمي على الأدوية وأنها تشمل العقاقير المساعدة لعلاج الغثيان والأنيميا على سبيل المثال وأن هذه الزيادة الكبيرة في الإنفاق وراءها علاجات جديدة مكلفة في الأسواق المتقدمة.
وتوقع المعهد أن ترتفع قيمة السوق عام 2018 إلى ما يتراوح بين 117 و147 مليار دولار. وهناك عقاقير متشابهة تحفز النظام المناعي للجسم لمقاومة السرطان تنتجها شركات بريستول مايرز وروش وأسترا زينيكا وآخرون مما يزيد المنافسة بينها وقد يسهم في توفر الأدوية بأسعار معقولة. وتصدرت الولايات المتحدة قائمة الإنفاق وكان نصيبها 42.2 في المئة من إجمالي الإنفاق ثم جاءت الأسواق الخمس الرئيسية في أوروبا وهي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا واسبانيا وإيطاليا.
أبحاث حول فيتامين بي 3
وفي ما يخص اخر الابحاث والدراسات فقد كشفت دراسة طبية اميركية ان التناول المنتظم لمادة نيكوتيناميد، وهيشكل من فيتامين بي 3، يقلل من احتمال الاصابة ببعض امراض سرطان الجلد بنسبة 23%. وأجريت هذه الدراسة في استراليا، ومن المقرر ان تعرض نتائجها في المؤتمر السنوي للجمعية الاميركية للدراسات السريرية للاورام في شيكاغو. ومن شأن نتائج هذه الدراسة ان تؤدي الى تقليل وتيرة الاصابة بهذا المرض وتخفيض النفقات المدفوعة لمكافحته، بحسب الباحثين.
ولم تشمل هذه الدراسة مرض الميلانوما، وهو أخطر انواع سرطان الجلد واقلها انتشارا. ويمكن الحصول على مادة نيكوتيناميد من الصيدليات من دون وصفة طبية، وهي لا تسبب آثارا جانبية. وقالت ديونا داميان استاذة علوم امراض الجليد في سيدني والمشرفة على هذه الدراسة "إنه المؤشر القوي الأول على امكانية تقليل نسب الاصابة بسرطان الجلد فقط من خلال تناول فيتامين والانتباه لكيفية التعرض للشمس". واضافت "نأمل ان يكون لهذه النتائج تطبيقات عيادية فورية".
وشارك في الدراسة 386 شخصا سبق ان اصيبوا بسرطان الجلد من غير الميلانوما في السنوات الخمس الماضية، وهم اشخاص معرضون اكثر من غيرهم وبنسبة عالية للاصابة مجددا به. وقسم المشاركون في الدراسة الى مجموعتين، تناول افراد الاولى 500 مليلغرام من مادة نيكوتيناميد يوميا على مدى عام، اما افراد المجموعة الثانية فقد تناولوا عقارا وهميا. وتبين مع انتهاء مدة الاختبار ان نسبة الاصابة بالمرض تراجعت بنسبة 23% في صفوف المجموعة الاولى، وانها عادت وارتفعت وتساوت مع المجموعة الاولى بعد توقف افرادها عن تناول الفيتامين. بحسب فرانس برس.
ويعود السبب في زيادة هذا الفيتامين مناعة الجسم ضد سرطان الجلد انه يعزز قدرة الخلايا على اصلاح الاضرار اللاحقة بالحمض الريبي النووي ويحمي جهاز المناعة فيها، بحسب ما كشفت تجارب اجريت على فئران. ورغم حملات التوعية المستمرة لضرورة الحماية من اشعة الشمس، يزداد انتشار أمراض سرطان الجلد في العالم. وفي الولايات المتحدة وحدها، يتلقى خمسة ملايين شخص سنويا علاجات ضد سرطان الجلد من غير الميلانوما.
تجارب سريرية ونتائج واعدة
من جانب اخر اظهرت نتائج تجربة سريرية حديثة ان العلاج المناعي، وهو مقاربة جديدة لمعالجة السرطان تحفز النظام المناعي للقضاء على الخلايا السرطانية، يحقق نتائج واعدة في محاربة الورم النقوي المتعدد وهو احد اشكال اللوكيميا. وبينت هذه التجربة السريرية في المرحلة الثالثة مع الجسم المضاد "إلوتوزوماب" المطور من جانب مختبرات بريستول مايرز وآبفي الاميركية أن العلاج المناعي من شأنه تقديم حل علاجي جديد للمرضى المصابين بمرض الورم النقوي المتعدد والذين يعانون انتكاسة في حالتهم الصحية، على ما اوضح الباحثون الذين اجروا التجربة.
وسمح استخدام الـ"إلوتوزوماب" مع العلاج الكيميائي التقليدي باطالة امد التخفيف من عوارض المرض لدى المصابين بمعدل خمسة اشهر مقارنة مع نتائج مجموعة ضابطة. وشارك حوالى 650 مريضا مصابا بالورم النقوي المتعدد في حالة انتكاسة في هذه التجربة، عولج نصفهم بالليناليدوميد وهو علاج كيميائي والديكساميثازون، وهو مضاد قوي للالتهابات في حين ان المجموعة الاخرى تناولت بالاضافة الى ذلك الـ"إلوتوزوماب". وبعد مرحلة متابعة وسطية استمرت 24 شهرا، قلص الـ"إلوتوزوماب" خطر تقدم مرض السرطان والوفيات بنسبة 30%، على ما اوضح الباحثون.
وقال ساغار ليونال استاذ علم الامراض السرطانية في جامعة ايموري في اتلانتا بولاية جورجيا الاميركية والمسؤول عن التجربة السريرية خلال مؤتمر صحافي هاتفي "يبدو ان اضافة هذا العلاج المناعي المحدد الاهداف لدى المرضى مع ورم نقوي متعدد في حالة انتكاسة، يحسن اكثر النتائج السريرية". واضاف "اكثر ما كان لافتا هو ان الاثار الايجابية للإلوتوزوماب بدت وكأنها تزيد مع الوقت ما يظهر فعالية العلاج المناعي". بحسب فرانس برس.
وتستهدف الـ"إلوتوزوماب" احدى البروتينات الموجودة على سطح خلايا البلازما الخبيثة كما تؤدي الى اطلاق عملية التصدي من الخلايا المناعية ضد السرطان. وهذا الاثر الموجه يؤدي بالتالي الى مستويات ضعيفة من السمية. وفي سنة 2014، سمحت الوكالة الاميركية للادوية والاغذية (اف دي ايه) في مسار معجل باعتماد الـ"إلوتوزوماب" مع العلاجات التقليدية للمرضى الذين يعاود الورم النقوي المتعدد ظهوره لديهم بعد علاج سابق. وينظر الى العلاج المناعي الذي حقق نجاحات لافتة في السنوات الاخيرة في الحرب ضد مرض الميلانوما، اخطر انواع سرطان الجلد، على انه تقنية قد تحمل نتائج ثورية وتقدم املا في المعالجة من انواع يصعب علاجها من السرطان.
علاج جديد لسرطان الرئة
من جهة اخرى فربما يضاعف علاج جديد لسرطان الرئة متوسط العمر المتوقع عند بعض المرضى، حسب ما أظهرت تجربة "فارقة". الدواء المسمى نيفولوماب يوقف قدرة الخلايا السرطانية على التخفي عن نظام المناعة في الجسم، مما يجعل السرطان عرضة للهجوم من الخلايا المناعية. ووصفت نتائج دراسة، أجريت على 582 شخصا وقدمت إلى الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريرية، بأنها "تعطي أملا حقيقيا للمرضى".
ويعد مرض سرطان الرئة من أكثر أنواع السرطان فتكا، إذ يتسبب في موت نحو 1.6 مليون شخص سنويا على مستوى العالم. ومن الصعب علاج هذا المرض بسبب عدم اكتشافه في وقت مبكر في الغالب، كما أن الكثير من الأشخاص الذين يعانون أمراضا مرتبطة بالتدخين يكونون غير مؤهلين للخضوع لعمليات جراحية. نظام المناعة في الجسم مدرب على مقاومة المرض، لكنه ربما يهاجم أجزاء من الجسم إذا لم تؤد وظائفها بشكل طبيعي، مثل في حالة الإصابة بالسرطان.
وتستطيع الأورام إنتاج بروتين يسمى PD-L1 بي دي إل وان، والذي يعطل أي جزء من النظام المناعي يحاول الهجوم عليه. والعقار نيفولوماب واحد من سلسلة من الأدوية تسمى (مثبطات نقاط التفتيش)، والتي طورتها شركات الأدوية. وتستطيع هذه الأدوية أن تمنع السرطان من تعطيل الجهاز المناعي للجسم، ومن ثم الحفاظ على استمرار مهاجمة الورم.
وأجريت التجربة على مرضى في أوروبا والولايات المتحدة، يعانون سرطان الرئة في مراحله المتقدمة، وجربوا حقا وسائل علاج أخرى. وعاش الأشخاص الذين جربوا العلاجات القياسية 9.4 أشهر أخرى من أعمارهم، بينما عاش الذين استخدموا دواء نيفولوماب لمدة 12.2 شهرا إضافية في المتوسط. لكن بعض المرضى أظهروا نتائج مذهلة، إذ عاش الذين كانت أورامهم تنتج مستويات عالية من بروتين PD-L1 لمدة 19.4 شهرا إضافيا.
وقدمت شركة "بريستول مايرز سكويب للصناعات الدوائية" هذه البيانات. ويقول الباحث الرئيسي المسؤول عن الدراسة، الدكتور لويز باز أريس من مستشفى جامعة دوسي دي أكتوبري في مدريد: "تشكل هذه النتائج علامة فارقة في تطوير بدائل علاجية جديدة لسرطان الرئة". وأضاف: "عقار نيفولوماب هو أول مثبط لبروتين PD-L1 يظهر نتائج مهمة، في تطوير متوسط الحياة للمرضى، في المرحلة الثالثة من سرطان الرئة غير الصدفي وذي الخلايا غير الصغيرة".
وتدرس العديد من شركات الأدوية كيف تصنع أدوية مماثلة. ويجرب الدكتور مارتن فورستر من معهد السرطان بكلية لندن الجامعية بعض هذه الأدوية. وقال فورستر: "إنه أمر مثير حقا، اعتقد أن هذه الأدوية ستشكل نقلة نوعية في طريقة علاجنا لسرطان الرئة". ويرى أنه بعد فشل العلاج الكيميائي فإن المعدلات الحالية للنجاة من المرض مفزعة. ويضيف: "لكن في حالات المرضى الذين يستجيبون للعلاج المناعي، فإن النتائج تظهر سيطرة طويلة على المرض. أعتقد أنه تحول كبير في علاج سرطان الرئة، وبالنسبة إلى المرضى سيكون تحولا دراميا".
ويقول معهد أبحاث السرطان في المملكة المتحدة إن تسخير الجهاز المناعي سيكون "جزءا أساسيا" من علاج السرطان. ويقول الدكتور ألان وورسلي المسؤول بالمعهد: "تظهر هذه التجربة أن إحباط قدرة سرطان الرئة على الاختفاء من أمام الخلايا المناعية ربما يكون أفضل من العلاجات الكيميائية الحالية". ويضيف: "مثل هذه التطورات تعطي أملا حقيقيا لمرضى سرطان الرئة، الذين ليس لديهم حتى الآن سوى خيارات قليلة جدا". ومن المأمول أن تعمل تلك الأدوية على علاج عدة أنواع من السرطان، واعتمد عقار نيفولوماب حقا لعلاج سرطان الجلد في الولايات المتحدة. بحسب بي بي سي.
لكن لا يزال هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاح إلى من يجيب عليها. فالآثار طويلة المدى لتعديل النظام المناعي للجسم تبقى غير معروفة حتى الآن، كما أن أفضل طريقة لمعرفة الأشخاص الذين سيستجيبون لهذا العلاج غير مؤكدة. كما أنه من المرجح أن تكون تكلفة هذا النوع من العلاج باهظة جدا، مما يمثل عائقا أمام الخدمات الصحية التي ستسعى لتوفيره.
العلاج الجيني
على صعيد متصل تمر الرؤية الطبية للسرطان بمرحلة انتقالية مع تركيز الاطباء على علاج الجينات المعيبة التي تسببت في المرض لا علاج العضو الذي أمسك المرض القاتل بتلابيبه. ويأمل خبراء علم الاورام في ان يمكنهم فهم الأساس الجيني للسرطان لا التركيز على العضو الذي نشأ فيه المرض سواء كان الثدي او الكلى من توفير علاجات أفضل وأكثر فاعلية تناسب ظروف كل حالة.
لكن خبراء بارزين في المرض يقولون ان الاطباء في اختبارهم لهذه النظرية عن كثب يواجهون نجاحات في أحيان واخفاقات في أخرى مما يشير الى ان التوصل الى العلاج الامثل للسرطان قد يكون معقدا أكثر مما أمل البعض. ويقول الدكتور ريتشارد بازدور كبير خبراء علم الاورام في الادارة الامريكية للاغذية والادوية انه حتى وقتنا هذا لا يوجد فهم كامل للتحور الجيني الذي يؤدي الى نمو السرطان.
وقال بازدور في مقابلة خلال اجتماع للجمعية الامريكية لطب الورم الاكلينيكي في شيكاجو "ما يريده الناس والواقع العلمي شيئان مختلفان تماما." ويقول انه في الوقت الراهن هناك "فقط حفنة من العلاجات" تستهدف جينات بعينها مسببة للسرطان. وبدأ بعض أطباء الاورام يستخدمون هذه العقاقير لعلاج السرطان لدى اناس لديهم تحورات جينية مشابهة رغم ان هذه العقاقير لم تحصل على موافقة الجهات المعنية لعلاج هذا النوع من السرطان الذي يعاني منه المريض.
وحين يفلح العقار تكون النتائج مذهلة. وكأن السرطان قد تبخر والتقدم الذي أحرز في فرص البقاء على قيد الحياة يحسب بالشهور والسنوات لا بالاسابيع. وهذا التحول دفع عددا كبيرا من الاطباء في التساؤل عما اذا كان الاسلوب المتبع في الموافقة على العقاقير استنادا الى نوع الورم الذي تستهدفه بحاجة الى تغيير. لكن في المقابل حدثت احباطات. فالادوية التي تنتجها شركتا روش وجلاكسو سميثكلاين التي تستهدف اوراما تشهد تحورات تعرف باسم (براف) يمكن ان يكون لها تأثير فعال وان كان غير دائم في علاج سرطان الجلد او الورم القتاميني. لكن هذه الادوية لم تفلح مع مرضى سرطان القولون الذي وراءه نفس التحور (براف) وذلك وفقا لدراسة نشرت عام 2012 وبدأت تبث الشك بين الخبراء.
وتقول الدكتورة باربرا كونلي من المعهد الوطني للسرطان "الاغراء في الممارسة هو ان تجد التسلسل الجيني للورم واذا ظهر شيء له دواء حاصل على الموافقة يقبل طبيبك على تجربته بغض النظر عن نوع الورم. لكن الامر قد لا يكون بهذه البساطة." وطبقا لبيانات جديدة قدمت في الجمعية الامريكية لطب الورم الاكلينيكي اتضح ان سرطان القولون الذي به تحور (براف) وراؤه تحور اخر اسمه (إجفر). وفي مثل هذه الاورام قد يضطر الطبيب الى استخدام تركيبة بها عدة عناصر حتى تضرب الهدفين معا.
ويقول الدكتور بيرت فوجلستاين خبير الجينات السرطانية بجامعة جون هوبكينز في بالتيمور انه لا توجد ادلة كافية على ان اختيار الدواء وفقا للتحور الجيني لدى المريض يحسن من الرعاية التي يلقاها. ويضيف "هذا بالقطع افتراض لم يتم اثباته بعد ويجب ان نختبره." ويقول خبراء الاورام الذين أجرت معهم رويترز حوارات ان رسم خريطة للتحور الجيني للاورام أصبح عملية روتينية خاصة مع مرضى المراحل المتقدمة الذين لم ينفع معهم الاسلوب التقليدي.
وتقول (فاونديشن مديسن) التي تجري هذه الاختبارات ان الاقبال زاد عليها بنسبة 67 في المئة في الربع الاول من العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ويقدر الدكتور ريتشارد شيلسكي كبير المسؤلين الطبيين في الجمعية الامريكية لطب الورم الاكلينيكي والاستاذ بجامعة شيكاجو انه في 70 في المئة من هذه الاختبارات يجد الاطباء تحورا جينيا يمكن ان يختاروا له عقارا ما. لكن شركات التأمين الصحي لا تبادر بتغطية علاج دون حصوله على موافقة الجهات المختصة لاستخدامه في هذه الحالة تحديدا الا اذا كانت هناك أدلة على نجاحه. بحسب رويترز.
وقالت جنيفر مالين المديرة الطبية لادوية السرطان لدى شركة آنثيم للتأمين الصحي "انهم يجربون. ومن قال ان هذه العلاجات ليس لها اثار جانبية؟ لها اثار جانبية." وستخضع المسألة لدراسة موسعة خلال تجربة اكلينيكية كبيرة للسرطان تحت اشراف المعهد الوطني للسرطان. والقصد هو اختيار العلاج المناسب للخلل الجيني وراء اصابة شخص ما بالسرطان من بين واحد او اكثر من العلاجات التجريبية التي تمت الموافقة عليها لاستهداف هذا الجين. ويقول فوجلستاين ان الامر يتطلب تجارب اكلينيكية واسعة لاثبات النظرية الافتراضية التي تقول ان اختيار علاج المريض استنادا الى ما يحدث من تحور جيني في الورم الذي اصابه ينجح.
علاج اخر
في السياق ذاته كشفت دراسة حديثة على الفئران أن عقاقير تجريبية لعلاج السرطان، يمكن أن تستخدم أيضا في علاج إصابات النخاع الشوكي. وحققت الفئران، التي حصلت على عقاقير لعلاج السرطان تُعرف بـ"نوتلينز"، تعافيا في الحركة بصورة أفضل بالمقارنة مع الفئران التي لم تحصل على أي علاج.
وقال الباحثون في امبريال كوليج لندن إن العقاقير يمكن أن تختبر على البشر خلال 10 سنوات.
وحتى الآن لم يثبت وجود علاج فعال لإصابات النخاع الشوكي، والتي تؤثر على مراكز الإحساس أو تحريك بعض أعضاء الجسم. وغالبا ما تكون تلك الأضرار دائمة ولا يمكن علاجها، نظرا لصعوبة إعادة نمو الخلايا العصبية بالنخاع الشوكي.
واستخدمت الدراسة، التي نشرت في دورية (Brain)، عقاقير استخدمها الباحثون لتكون آمنة في تجارب على الإصابة المبكرة بالسرطان. والفئران المصابة في النخاع الشوكي استطاعت المشي على سلم مرة أخرى بعد تلقيها عقاقير السرطان التجريبية وخلال التجارب على فئران بالغة، أوقفت العقاقير تفاعل سلسلة معينة من البروتينات كانت تقيد نمو الخلايا العصبية. وتمكنت 75 في المئة من الفئران من الحركة على سلم بعد أن كانت معاقة. بحسب بي بي سي.
أما الفئران التي لم تتلق عقاقير علاج السرطان فحققت تعافيا بسيطا في الحركة. وقال سيمون دي جيوفاني، مسؤول الدراسة من قسم الطب في امبريال كوليج لندن :"بخلاف الأطراف، فإن الخلايا العصبية في النخاع الشوكي لا يمكنها النمو مرة أخرى بعد الإصابة." وأضاف :"لقد بدأنا فقط في فهم الأسباب الأساسية وراء هذا الإختلاف." وأوضح أن الدراسة نجحت في تحديد الآلية التي تتحكم في تجديد الأعصاب، ويوجد بالفعل عقاقير تجريبية تستهدف هذا الاتجاه، وتنتظر الفرصة لترجمة هذه النتائج طبيا. وذهب ليقول بأنه على الرغم من أن نتائج التجارب على الفئران كانت مشجعة جدا، يجب تكرار الدارسة على الجرذان، التي تتشابه في نخاعها الشوكي مع البشر.
تعاون طبي جديد
من جانب اخر كشفت مجموعة "آي بي ام" عن شراكة مع 14 عيادة ومعهدا أميركيا متخصصا في علاج السرطان سيستخدم كمبيوتر "واتسون" الخارق الذي صممته لتسريع تحليل الحمض النووي وتحديد الحاجات الخاصة للمرضى. وعند استخدام الطب المجيني لمعالجة السرطان، "يؤخذ جزء من الورم ويقسم" من الناحية الجينية، على ما شرح نورمان شاربلس مدير المركز المعني بالسرطان في جامعة كارولاينا الشمالية المشارك في هذا البرنامج، خلال مؤتمر صحافي في نيويورك.
وينبغي بعد ذلك "استخراج معنى هذه المعطيات" من خلال تحديد التحولات المهمة وهنا يلعب "واتسون" دورا، وفق ما صرح شاربلس. وفي حين يمضي الأطباء أسابيع لتحليل كل تحول على ضوء المعلومات الطبية المتوافرة، في وسع "واتسون" التوصل إلى استنتاجات "في خلال بضع دقائق"، على ما أكدت "آي بي ام"، مشيرة إلى أنه من شأن هذا التقدم أن يسمح للمزيد من المرضى بالاستفادة من العلاجات المتوافرة حاليا للبعض منهم. بحسب فرانس برس.
وكانت "آي بي ام" قد أطلقت كمبيوتر "واتسون" في مجال الطب المجيني قبل سنة تقريبا في إطار برنامج شارك فيه بداية مركز "نيويورك جينوم سنتر" (ان واي جي سي) متمحور على نوع خاص من سرطان الدماغ. وازداد عدد المعاهد المشاركة في هذا البرنامج كثيرا ومن المزمع أن يتوسع نطاقه بعد أكثر في نهاية السنة ليشمل مراكز علاج أخرى في فترة لاحقة من السنة. ومن المرتقب استخدام الكمبيوتر لدراسة جميع أنواع السرطان. وتم الإعلان عن هذه الشراكات الجديدة في إطار مؤتمر نظمته "آي بي ام" في نيويورك تحت عنوان "عالم واتسون" لتسليط الضوء على القدرات والفرص التي يوفرها هذا الكمبيوتر الخارق.
اضف تعليق