وجود شرخ كبيرة كما أسلفنا سابقا ما بين صانع القرار وبين الواقع، لذى نجد التعليم في العراق يعاني الأمرين، يعاني التخلف والنمطية المقيتة في اغلب الميادين، التي تكاد ان تقتل وان تخنق المؤسسات التعليمية، ناهيك عن إشكالية عدم معرفة سوق العمل وما يتطلبه هذا السوق من تعليم معين...

ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات موضوعا تحت عنوان (تعزيز الكرامة الإنسانية بالتعليم)، بحضور عدد من الأساتذة ومدراء المراكز البحثية والأكاديميين المختصين، وقد جاء في الورقة التي تلاها الباحث في المركز الأستاذ الدكتور علاء إبراهيم الحسيني: 

يتفق ان الجميع على ان التعليم يشكل شريان للحياة، بالنسبة للثقافات المختلفة والحضارات المختلفة، التي تتالت على هذه الأرض، إذا لا يمكن القول بالتقدم أو بالنماء أو بالتنمية عموما، من دون وجود عنصر مهم وحاسم الا وهو التعليم، ذلك لأنه يشكل حلقة أساسية ومحورية من حلقات النهوض بالأمة والشعب.

لكن هناك ثمة إشكالية كبيرة قد تعترض واقع الأمة العراقية اليوم، بسبب حالة الانفصال أو الانفصام ما بين صانع القرار التعليمي وبين الواقع المعاش، الذي سبب ويسبب التراجع الملحوظ الذي نعيشه ألان وعلى مختلف المستويات، حيث عندما نريد ان نصون الكرامة، ونصون الحقوق والحريات، لابد ان ننطلق وان نبدأ من التعليم، وذلك على اعتباره محورا أساسيا يكفل لنا الكرامة الإنسانية.

الكرامة من وجهة نظرنا المتواضعة هي تعني ان يعيش الإنسان عزيزا، بلا أي مسبب من المسببات التي تنتقص من قيمته المعنوية، حيث يقول رب العزة والجلالة في محكم كتابه الكريم.. (ولقد كرمنا بني ادم)، هذا التكريم هو رفعه للإنسان، وهبه من الله سبحانه وتعالى، من اجل ان يعيش الإنسان في هذه الدنيا عزيزا كريما غير مهان، بأي صورة من صور الإهانة سواء كانت مادية أو معنوية أو أدبية.

لذلك أي معطى مهما كان وأي حديث يخدش هذا الشعور، وهذا الإحساس وينتقص من كرامته الإنسانية، التي هي عماد الإنسان وعموده الفقري، التي لا يمكن التفريط بها بأي حال من الأحوال، وهذا ما التفت إليه المشرع سواء كان في العراق أو على الصعيد الدولي، من خلال الاعتناء بكرامة الإنسان، والحق في التعليم، حيث ينبغي للإنسان ان يعيش كما يريد في الدولة وتحت مظلة التشريع الدستوري.

 وهو بكامل حريته وكرامته، شريطة ان تصان هذه الكرامة ولا يعتدى عليها بأي شكل من الإشكال، وهنا يبرز دور السلطات العامة في النهوض بمسؤولياتها الرسمية والفعلية، وتمنع كل ما من شانه ان ينتقص من هذه الكرامة، ومن مسببات الرقي بهذه الكرامة وتعزيزها، عندها ومن دون أي مقدمات يأتي الجواب انه التعليم.

 وهذا ما أشار إليه الدستور العراقي لعام (2005) في المادة (34)، التي تنص على ان التعليم حق من حقوق المواطن العراقي، بل أكثر من ذلك حيث فرض المشرع العراقي خاصية ان يكون التعليم مجانيا وإلزاميا على نحو واحد، إلزاميا في مراحله الأولى، ومجانيا في بقية المراحل الأخرى كالمتوسطة والإعدادية والجامعة.

وذلك من اجل ان نكفل للفرد العراقي حقه في التعليم، والكرامة الإنسانية، التعليم يعد بوابه تحفظ للإنسان كل مقومات الحياة الكريمة، لذلك نجد المشرع الدستوري عندما يتحدث عن الحياة الكريمة في المادة (29) والمادة (30) كل ذلك من باب التعليم، الذي يشكل حاضرة مهمة لحفظ كرامة الفتاة بتعليمها، وحفظ كرامة الفتى بتعليمه، وحفظ كرامة الإنسان على طول مسيرته في القطاع الحكومي أو في القطاع الخاص، كل هذه القنوات الحافظة تصب في خانة التعليم.

وذلك لاعتبارات اقل ما يقال أنها تحاكي حالة استثمار التعليم، أو احتواءه من خلال البحث عن العمل، لكن ما نراه اليوم وللأسف الشديد، وجود شرخ كبيرة كما أسلفنا سابقا ما بين صانع القرار وبين الواقع، لذى نجد التعليم في العراق يعاني الأمرين، يعاني التخلف والنمطية المقيتة في اغلب الميادين، التي تكاد ان تقتل وان تخنق المؤسسات التعليمية، ناهيك عن إشكالية عدم معرفة سوق العمل وما يتطلبه هذا السوق من تعليم معين.

 لاسيما إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار التعليم المهني في العراق، الذي أصبح من الماضي، رغم أهمية هذا التعليم وقدرته على تلبية متطلبات النهضة، وكذلك الحال بالنسبة للتعليم الأساسي بسبب ضغوطات الحياة ومشاكل الحياة، التي تسببت بتسرب الآلاف الشباب العراقي في الصفوف الأولى، وحتى التعليم العالي هو الأخر يتسم بالنمطية، بل هو في حقيقة الأمر لا يلبي حاجة سوق العمل الحقيقية.

 مما يخلق حالة من التكدس في تخصصات معينة، غير ذات صلة بسوق العمل والتطورات الماثلة أمامنا، في حين نفتقر اشد الافتقار إلى بعض التخصصات الأخرى المهمة، أضف إلى ذلك ساهمت السياسة غير المدروسة للتعيين في العراق، في تعظيم هذا الموضوع، أي موضوع التعينات والتدرج الطبي (6) لسنة (2000)، الذي أصبح علامة فارقة في تاريخ العراق، حتى اخذ بمقاليد الآباء والأمهات نحو المجموعة الطبية.

 وذلك من اجل ضمان التعيين، وليس من اجل حفظ كرامة هذا الإنسان أو تعليمه، وفق ما يميل إليه أو يرغب فيه، بالتالي لو أجرينا إحصائية بسيطة سنحصل على النتيجة التالية.. 

ان 99،9 من الطلبة يدرسون في غير التخصصات التي يرغبون فيها، وأنهم زجوا في منافذ تعليمية محددة بشكل قسري وبتوجيه من الأهل والأقارب والمجتمع، والغاية بطبيعة هذا الحال هي الحصول على فرصة عمل تضمن لأبنائهم أو بناتهم العيش الكريم، ولكن ما لا يفهمه الأهل إنهم يدفعون بهم إلى المجهول، أو نحو مجالات تعليمية محدودة الخيارات.

 لذا لابد من وجود فلسفة تشريعية أو استراتيجية يمتلكها صانع القرار التعليمي في العراق، لاسيما إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار تلك النصوص الدستورية التي كفلت حق التعليم، لاسيما تلك التي تتعلق بالمواثيق والنصوص الدولية ذات العلاقة التي ضمنت هذا الحق من مثل.. الإعلان العالمي لحقول الإنسان الذي صدر في العام (1948) في المادة (26)، حيث ينص على حق التعليم من منظار عالمي ودولي.

 وهذا بحد ذاته يشكل مشكلة عراقية خالصة تدور حول غياب الرؤية الحقيقية، لبناء استراتيجية قادرة على ان تحدث فرق في الأجيال القادمة، بل ممكن ان تقودنا إلى تنمية واقعية، فلو أخذنا بنظر الاعتبار مثلا رسم السياسة التعليمية في البلد، وهي منوطة بموجب المادة (114) من الدستور، على ثلاثة مرتكزات وهي السلطات الاتحادية والإقليمية واللامركزية.

 وذلك على اعتبار ان رسم السياسة التعليمية لم يكون من اختصاص السلطات المركزية فحسب، لأنه لم يرد في المادة (110) التي حددت الاختصاصات الحصرية والحكرية، بل ورد في المادة (114) التي تتحدث عن الاختصاصات المشتركة، التي ينبغي ان يتم مشاركتها من السلطة الاتحادية من جهة، وما بين السلطة الإقليمية من جهة أخرى والسلطة المركزية.

 في واقع الأمر حينما صدر قانون المحافظات على سبيل المثال.. (21) لسنة (2008)، لم نجد إشارة إلى التعليم الا استثناء في المادة (31)، ان المحافظ حينما يريد ان يستحدث جامعة أو كلية أهلية، ينبغي ان يبدأ التنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، دون ان يترك لهم كسلطات محلية الخيار في اختيار نوع هذه الجامعة، أو نوع هذه الكليات وميادينها، ومدى إمكانية ان تكون هذه الجامعة أو الكليات ريادية في تحقيق التنمية البشرية.

 لذلك نحن نفتقر إلى وجود مجلس أعلى للتربية والتعليم في العراق، وهذا المجلس من المفترض ان يتشكل من مجموعة من الخبراء، على مستوى الوزارات ذات الصلة..كوزارة التربية، ووزارة التعليم، والمحافظات، وكذلك إقليم كردستان، والجهات المستفيدة من مراكز البحث العلمي، ومؤسسات المجتمع المدني، حتى نعطي لهذا المجلس فرصة ان يخطو الخطوة الأولى اتجاه استراتيجية حقيقية تعليمية.

 وللولوج أكثر في حيثيات وتفاصيل هذا الموضوع تم طرح الأسئلة التالية على الحاضرين الكرام لإثراء ما جاء في هذه الورقة من أفكار:

السؤال الأول: صيانة الحق في الكرامة الإنسانية يعزز في التعليم النوعي لا الكمي، فما هي المعوقات التي تقف مانعا أمام ذلك؟

السؤال الثاني: رسم وتنفيذ السياسة التعليمية في البلاد مسؤولية مشتركة بين الجهات المركزية والمحلية وذوي الشأن، فما هو المعوق الذي يقف دون نمو الشراكة الناجعة فيما تقدم؟

السؤال الثالث: لماذا الانفصال بين صانع القرار التعليمي ومتطلبات سوق العمل لضمان مستقبل الأجيال القادمة؟

المداخلات

المناهج القديمة مشكلة كبيرة يجب تجاوزها

- الدكتور خالد الأسدي؛ باحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث:

ان موضوع التعليم من الموضوعات الحساسة جدا والاستثنائية، بحكم ما يترتب على النشاط التعليمي من منجزات خلاقة تمس كرامة وأساس تطوره وتحضره، التعليم في العراق قطع أشواطا مهما في أوقت سابقة لاسيما في العام (71/ 79)، وهي فترة ذهبية لن يصل لها التعليم في العراق ما قبل وما بعد هذا التاريخ.

 فمنذ ذلك الزمن والتعليم في العراق يحقق الانتكاسات المتكررة في هذا المجال، على صعيد المناهج الدراسية بكافة مراحلها من دون ان تشملها حالة التغيير أو التطوير، خاصة على مستوى التعليم الجامعي الذي حدد بمناهج محددة أو بكتاب محدد، حتى أصبح الطالب العراقي أسير فكرة النجاح فقط، لذلك تعد مشكلة المناهج القديمة مشكلة كبيرة يجب تجاوزها خدمة للتعليم.

يضاف إلى ذلك فان قلة التطور المهني للتدريسيين يشكل علامة فارقة في تاريخ تأخر التعليم في العراق، ناهيك عن قلة الكفاءة عند المعلم العراقي، الذي أمسى يخاف من أهل التلميذ، ومن الإشراف، ومن المدير، وينفذ ما يريده الطالب، الأمر الرابع لا توجد أهداف عالية لأصحاب القرار من اجل الرقي بالطالب، إلى جانب ذلك نظام الامتحان في العراق إلى الان تسير بذات الوتيرة، لجان الإشراف التربوي في العراق لا تبحث عن تقويم العملية التعليمية بل تبحث عن الأخطاء البسيطة، العمل السياسي دخل في مجال التعليم، ناهيك عن التدخلات الخارجية والداخلية في العملية التعليمية.

بالتالي هذه الإشكاليات الجوهرية تكاد تنسف العملية التعليمية برمتها، لذلك نحن مطلبين اليوم قبل أي وقت آخر ان نحقق شكل من إشكال التعاون بين الجمهور وصان القرار والمؤسسة التعليمية، من اجل ترميم ما تخرب.

على السياسي العراقي ان يؤمن بحقيقة إنفاق دولار واحد على التعليم خير من ان ينفق ألف الدولار في ميدان الحرب.

هذا ما أنتجه صانع القرار

- الدكتور خالد العرداوي؛ مدير مركز الفرات للدراسات والتنمية الإستراتيجية:

ان الأولويات يجري تأكديها من خلال الموازنات، بالنتيجة ان صانع القرار العراقي عندما يقول ان التعليم أولوية، يجب ان نتحقق أولا من الموازنة المخصصة للتعليم، فعلى سبيل المثال وليس الحصر بعد انقلاب عام (68)، يقال ان حكومة عبد الرحمن عارف كان تضع في موازنتها لتأسيس جامعة الكوفة، وكان المبلغ المقرر يتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة مليون دينار عراقي آنذاك، وهو رقم كبير وكبير جدا.

 لكن هذا ما لم يتحقق بسبب حكومة الانقلاب البعثي، التي وضعتها في أولوياتها سرقة الزعامة من الرئيس المصري جمال عبد الناصر، حتى يكونوا زعماء وقادة الأمة العربية، لذلك أقدم الرئيس العراقي آنذاك احمد حسن البكر على اخذ ميزانية جامعة الكوفة وأنفقها في أمور أخرى، هذا مما جعل من فكرة تأسيس جامعة الكوفة حلم مؤجل لعام (1987) وهي سنة إنشاء تلك الجامعة، التي تأخرت إلى عشرين عام بتمام والكمال.

ان صانع القرار في الدولة دائما ما يرفع شعار التضحية بالمصلحة العامة على مذبح المصلحة الخاصة السياسية، وهذه المصالح الخاصة مرة تأتي خدمة للصالح العام، ومرة أخرى تأتي بالضد من مصلحة الناس والمجتمع، وهذا ما حصل فعلا ما بعد العام (2003)، يوم كان صانع القرار العراقي يتاجر في كل شيء، الا في إيجاد تجارة رابحة تخدم المصلحة العامة.

لذلك نجدهم يسيرون بخطى ثابتة باتجاه مجموعة فعاليات منها.. التهريب نافع وتاجروا فيه، وكذلك الحال بالنسبة للتعيينات هي أيضا مربحة، وهي كانت داعم حقيقي للانتخاب السياسي، المقاولات هي الأخرى لها حصة الأسد في خدمة المصالح الخاصة، التي يسعى لها صانع القرار في العراق، ناهيك عن عمليات الاستثمار الخاص في مجال التعليم، وهو يصب في مصلحة صانع القرار.

هذا غيض من فيض ما أنتجه صانع القرار، في سبيل حرف مسار تاريخ تأسيس الجامعات والكليات والمعاهد الخاصة ومن دون ضوابط، بل أكثر من ذلك يتم قبول الطلبة بغض النظر عن الضوابط والتعليمات، بالتالي من يفكر بهذه الطريقة العشوائية والانتهازية، هو قطعا لا يؤسس لتعليم نوعي.

 لذلك هم تساهلوا في الكثير من القضايا منها.. المعدلات والطاقة الاستيعابية للجامعات، وتساهلوا أيضا في تشكيل معاهد وجامعات نوعية، والدليل على ذلك ان وزير التعليم الأسبق عبد الرزاق العيسى قال بالحرف الواحد..(لا توجد لدينا جامعات أهلية بل دكاكين تمنح شهادات)، بمستوى هذه الرؤية وهذه الثقافة لن يكون لدينا تعليم نوعي، بل تعليم كمي فاشل، وإلا كيف نفسر دلالات ان نجد طالب بمعدل بسيط يدخل المجموعة الطبية، والسبب لأنه يمتلك وفرة مالية، بل في أحيان كثيرة نجد العوائل الميسورة تبعث أبنائها الذين لا يحملون معدلات بسيطة جدا لخارج العراق كي يحصل على شهادة بالطب أو شهادات عليا.

بالتالي عندما يكون قاعدة بيانات ووعي صانع القرار بهذا المستوى المتدني، ليس من الحكمة بمكان ان نتطلع لتعليم نوعي وكيفية، بل على العكس تماما كل التوقعات تقول انه سيكون كمي ودون المستوى، وهذه حقيقة لا غبار عليه خصوصا عندما نرصد ميزانية التربية والتعليم في العراق مع بعضها، نجدها اليوم بمستوى ميزانية هيئة الحشد الشعبي، بمعنى ان ميزانية مؤسسة أمنية واحدة تستنزف منا كل موارد الدولة العراقية.

بالتالي عندما تكون البيئة فاسدة في قمة الهرم، من الطبيعي جدا ومن دون أدنى شك ستتأثر القاعدة الشعبية، لهذا نجد اليوم جهات مركزية ومحلية تتشارك في سياسة الفساد، من هنا لابد ان تتحد كل الجهود وان تتضافر على قاعدة المسؤولية المشتركة كي نجد ضوابط يعمل بها المجتمع ككل، الأمر أيضا ينسحب على سوق العمل والمخرجات التعليمية التي تليق بهذا السوق. 

خلاصة القول ان لم يكون لدينا قادة حقيقيين واستراتيجيين يفكرون للمدى البعيد، لا يمكن ان ننهض بالتربية والتعليم على حد سواء، بل على السياسي العراقي ان يؤمن بحقيقة إنفاق دولار واحد على التعليم خير من ان ننفق ألف الدولار في ميدان الحرب. 

كل الدلائل والمؤشرات المحسوسة والملموسة توحي بان مستقبل التعليم في العراق في حالة تردي مستمر.

التعليم والأمن القومي

- خليفة التميمي؛ باحث وكاتب:

ان التعليم يعني..(الإدارة العلمية للتعلم بقيادة المعلم)، ترجع أصول هذه الكلمة (المعلم) إلى جذوره قديمة بمعنيين.. المعنى الأول توصيل المعلومة أو توصيل العلم إلى المتعلم بوسائل الإكراه والقوة والضغط، تلك الوسائل الأساسية أو البدائية، هي بمثابة خارطة طريق أكل عليها الدهر وشرب من منظار بعض المتعلمين.

الا ان زخم تلك التقديرات والتوقعات لم يقدم لنا البديل الناجح، لاسيما وان مستوى التعليم في العراق اليوم يمر بانتكاسات كبيرة جدا، لاسيما ونحن نناقش العملية التعليمية في العراق على مدى عقدين من الزمن، فعلى سبيل المثال في ولاية السيد المالكي الثانية، أشير عليه ان يمنح مئة يوم لمناقشة الواقع الاجتماعي والسياسي والأمني في العراق.

بطبيعة الحال ان مفهوم التعليم تلقائيا يرتبط بالأمن القومي، وذلك على اعتباره ان التعليم هو الحصن الحصين لمنع الغزو الثقافي، وهو أشبه ما يكون بالجهاز المناعي لدى الإنسان لمقاومة الفيروسات والجراثيم، لذلك كل الدلائل والمؤشرات المحسوسة والملموسة توحي بان مستقبل التعليم في العراق في حالة تردي مستمر. 

الفشل في التعليم يعكس فشلا سياسيا

- الشيخ مرتضى معاش:

تعزيز الكرامة الإنسانية يتطلب جهودًا متواصلة في مجالي التربية والتعليم. فالتربية بدورها تنقسم إلى شقين مهمين: دور الأسرة ودور المدرسة. كلا الدورين يعتبران أساسيين لتعزيز مفهوم الكرامة الإنسانية منذ المراحل الأولى لحياة الإنسان.

الكرامة الإنسانية هي حق لكل فرد، وهي أيضاً وثيقة الصلة بالتعليم، فالإنسان منذ أن يكون جنينًا في رحم أمه يبدأ بالشعور بالحياة، وله حقوق وكرامة يجب أن تُصان. كل تصرف يصدر عن الوالدين أو المجتمع تجاه هذا الجنين أو الطفل فيما بعد يترك أثرًا عليه، سواء كان ذلك في الطعام الذي يُقدّم له أو الكلمات التي تُقال بحضوره. وعند ولادته واستمراره في النمو، تتحمل الأسرة مسؤولية كبيرة باعتبارها الحاضنة الأساسية للطفل، حيث تسهم بشكل مباشر في تشكيل هويته وتنمية كرامته الإنسانية.

تعزيز كرامة الإنسان يبدأ من التربية والتعليم، وهنا يلعب دور الأسرة والمدرسة معًا في غرس هذه القيم الأساسية. 

الحاضنة الخارجية والاجتماعية، وبالخصوص التعليمية، تترك انطباعًا دائمًا في ذهن الإنسان. هذا الانطباع يبدأ منذ اليوم الأول في المدرسة، ويستمر طوال عمره، سواء من ناحية التعليم الكمي أو النوعي. يمكن تصور تأثير هذا الانطباع على الطالب عندما يرى الانحطاط في الأبنية المدرسية المتهالكة الغارقة في الاتربة والاوساخ.

الكرامة تعني شعور الإنسان بقيمته، وهذا الشعور يأتي من خلال تعامل الإنسان مع الآخرين. الكرامة تعزز الانتماء والشعور بالمواطنة. الإنسان الذي يشعر بالكرامة في وطنه يحس بالمواطنة، أما الذي لا يشعر بالكرامة فلا يحس بالوطنية ولا بالمواطنة.

ما يراه الطالب داخل مدرسته يؤثر على شعوره بالانتماء للوطن وإحساسه بوجوده وأهميته في الحياة.

عندما يشعر الإنسان بأنه دخل إلى مكان ليس له أهمية فيه، تترتب على ذلك آثار سلبية. عند دخول الطالب إلى المدرسة، من حيث البناء المدرسي ومن حيث أسلوب التعامل الذي يتضمن الإهانة، السب، الشتم، الضرب، والعنف والعنف اللفظي، إضافة إلى التلقين الإجباري وكأنه جماد لا قيمة له، فلن يبقى لهذا الإنسان كرامة؟ يركزون على التلقين لا على التفكير، مما يؤثر سلبًا على احترام الذات وهشاشة الكرامة الإنسانية.

وإذا كانت البيئة التعليمية معززة للقيم والكرامة الإنسانية، سيشعر الطالب بالانتماء والاحترام، أما إذا كانت البيئة تحمل ممارسات سلبية فإن هذا يؤدي إلى تدمير إحساس الطالب بقيمته ومدى أهميته.

الآية القرآنية تقول: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)الإسراء70، هذا التفضيل هو بالعقل حيث فضّل الله سبحانه وتعالى الإنسان على المخلوقات الأخرى بالعقل.

لكن عندما يذهب الطفل إلى المدرسة ويجد أن هذا التفضيل ليس له قيمة، حيث لا تُعطى أي أهمية للعقل، التفكير، التأمل، أو التفكر، يشعر الطفل بأنه لا قيمة لعقله. لذلك نجد اليوم ليس هناك اهمية عند معظم الناس لحالات التعقل والثقافة والعلم.

كرامة الإنسان مرتبطة بشكل كبير بالتعليم والتفكير، ومن هنا تأتي أهمية تعزيز التفكير والتأمل بدلاً من مجرد التلقين. عندما يهمل العقل في العملية التعليمية ويتم التركيز على الأسلوب القسري، يشعر المتعلم بأنه مجرد أداة بلا قيمة شخصية، ما يؤدي إلى نفور من بيئة التعليم وانتشار ظواهر مثل التسرب المدرسي وتردي مستوى الانسجام مع الجو التعليمي. وقد اصبح التعليم ليس إلا وسيلة لضمان التعيين أو لتسيير الأمور. 

إذا أردنا بناء وطن مستقر ومتقدم، يجب أن يعتمد هذا الوطن على بناء البيئة الحاضنة التي تعزز كرامة الإنسان وشعوره بالانتماء. حيث يبدأ بناء الإنسان برسم الدولة لسياسات تعليمية تهتم بهذه القضية. فالفشل السياسي الموجود في الدولة يعكس الفشل في التعليم. والأزمة الاقتصادية التي يمر بها المواطنون هي نتيجة لعدم تعزيز الكرامة التعليمية وفشل في بناء الانسان، لذلك فإن الكرامة التعليمية هي في النهاية تعزيز للكرامة الاقتصادية للإنسان في المجتمع.

كذلك، الأزمات الاجتماعية مثل انتشار الكراهية بين الناس، الاختلافات، الأزمات العائلية، الصراعات، النزاعات، والعنف المسلح، هي نتيجة لغياب الكرامة التعليمية. فالإنسان الذي ينمو عنيفًا نتيجة للعنف الأسري والعنف التعليمي يصبح من الصعب تعليمه بل قد يصبح ذلك مستحيلاً. مما يؤدي هذا إلى ترسيخ الكراهية الكبيرة تجاه الآخرين.

فالإهمال التعليمي والعنف الأسري يؤثران على شخصية الأفراد، ما يجعل منهم أشخاصًا غير قادرين على التكيف مع متطلبات الحياة ومستقبل العمل.

يعتمد المستقبل والأجيال القادمة وازدهار سوق العمل على مراجعة عملية بناء التعليم ورسم سياسات تعليمية تعزز أهم مفهوم وهو كرامة الإنسان. المفهوم الأساسي هو أن التعليم بكافة أشكاله يجب أن يساهم في تعزيز كرامة الإنسان وحقوقه الإنسانية الأساسية والطبيعية في الحياة. يجب أن يكون ذلك الهدف حتى نضمن مخرجات سوق العمل ومستقبل الأجيال القادمة.

فالتعليم ليس أداة لضمان وظيفة فقط، بل هو أساس لبناء مجتمع قوي وسوق عمل مستقبلي كبير.

نلاحظ أن أولئك الذين لديهم سوق عمل قوي وأجيال قادمة قوية يستندون إلى بنى أساسية تربوية وتعليمية قوية، اليابان كمثال. نلاحظ كيف أسسوا نظامًا تعليميًا يجعل الفرد محور الاهتمام ويعزز قيمته منذ الصغر. هذه البُنية التربوية القوية هي الأساس لازدهارهم الاقتصادي والمجتمعي.

في النهاية، يجب أن ندرك أننا بدون إصلاح تعليمي شامل يعزز كرامة الإنسان سنواجه أزمات متفاقمة في المستقبل على جميع المستويات. التعليم هو المفتاح لكل تغيير إيجابي وسليم للمجتمع.

التناغم بين منهج الاسرة والمنهج التعليمي

- الاستاذ جواد العطار، عضو سابق في الجمعية الوطنية: 

تربية النشأ والمناهج التعليمية امران مرتبطان بقوة، فالبيت يزرع البذرة الاولى لكنها تحتاج الى عناية وتنمية عبر مؤسسة المدرسة والمؤسسات الدينية والاجتماعية الاخرى في عملية تراتبية يفترض ان تكون متناسقة ومترابطة في تغذية العقل الغض الفتي للجيل الجديد.

لكن المشكلة الاساسية هي غياب التناغم بين منهج الاسرة والمنهج التعليمي الذي في اغلبه مشوه او مجافي للحقائق والوقائع التي غذاها المصدر الاول وهو البيت.

لذلك نحن بحاجة وضرورة لاعادة صياغة المناهج التعليمية بما يتوافق مع معتقدات المجتمع وتنقيتها من اي تزييف او تحريف اضر بالاجيال السابقة، ونأمل ان لا يصل الضرر الى الاجيال الحالية والمستقبلية من اجل مستقبل افضل للبلد والمجتمع بتنشئة جيل واعي مثقف محصن ومحمل بالقيم الدينية والاخلاقية، يعرف طريقه ويرسم مستقبله ومستقبل بلده بشكل صحيح بما يصب الى مزيد من التطور والرقي للفرد والمجتمع.

ثنائية الارتقاء بالنهج التعليمي

- الاستاذ علاء الكاظمي؛ باحث:

التعليم اليوم يعاني من الكثير من الإشكاليات والسياسات الخبيثة، التي تحاول ان تقوم وتحجم المسيرة التعليمية في هذا الوطن، ولأسباب اقل ما يقال عنها أنها مدروس بعناية فائقة، من سواء داخلية أو خارجية، في المجمل إننا أمام امتحان عسير يخص حل ثنائية الارتقاء بالنهج التعليمي ضمن الإمكانيات المتوفرة الان.

المعلم وتأسيس التعليم في الشخصية

- الأستاذ علي حسين عبيد؛ كاتب وباحث في شبكة النبأ:

ركز على دور المعلم أو المدرس في هذا الجانب، لاسيما ونحن نعود بالذاكرة إلى المرحلة الابتدائية، ولقائنا الأول بالمعلم، أكاد اجزم ان المعلم آنذاك كان له دور كبير في سمو التعليم ورقيه وتأسيسه داخل شخصية الطفل العراقي، لذلك نجد ذاكرة الطفل العراق آنذاك تحتفظ بشكل من إشكال الرمزية والبهاء للمعلم، بالتالي النماذج الجيدة هي التي رسخت في ذاكرة الطفل العراقي.

فعلى سبيل المثال إنا شخصيا تترسخ في ذهني إلى ألان صورة المعلم الجيد في الصف الثاني أو الثالث الابتدائي، ولا أستطيع ان أغادر هذا الصورة الإنسانية والتربوية، في المقابل هناك نموذج آخر سيء لمعلم العلوم، وهو في غاية التكبر والعجرفة ولا يحترم الخصوصيات الاقتصادية للطالب، فلو عكسنا هذه الحالة الان على واقعنا التدريسي لوجدنا النموذجين، نموذج جيد، في مقابل ذلك توجد نماذج أخرى سيئة وهم كثر.

العنف اللفظي والبدني

- الاستاذ محمد علي جواد تقي؛ إعلامي وكاتب في شبكة النبأ المعلوماتية:

التعليم انه قطاع حيوي مستقل، لأنه يمس حقيقة بناء الإنسان أو كرامة الإنسان، التي هي على النقيض تماما من فكرة المهانة، التالي بدا تدب في مفاصل العملية التعليمية بشكل أو بأخر، حتى شاكل هذا الحضور عامل مهم لفقدان الثقة ما بين أركان هذا النظام، الذي ينقسم لثلاثة أقسام... الأسرة المدرسة الطالب.

هذه الأركان الثلاثة هي التي تؤسس لنا النظام التعليمي، مع ما يحمل من خواص القوة في ثنائية الأسرة والمدرسة، مقابل الطالب على اعتباره الحلقة الأضعف، خاصة مع وجود حالة العنف اللفظي والبدني ضد الطالب.

كذلك فالسلطات الممنوحة للمحافظات بالنسبة للمدارس ودوائر التربية، يفترض ان يكون للهوية المناطقية، حضور لافت لرسم سياسية خاصة للمدارس، لان المنهجية العامة تخلق مطبات معرفية وثقافية وتاريخية.

كذلك يشكل المال الذي شكل حاجزا مهما لوجود التواصل ما بين سياسة الدولة وسياسة التعليم وبين سوق العمل. 

إصلاح التعليم وسوق العمل

- حيدر الاجودي؛ باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:

يصف النظام التعليمي في العراق بأنه مر في مراحل عديدة، وهذه المحطات جاءت نتيجة الواقع السياسي العراقي المأزوم.. سياسيا وامنيا واقتصاديا وصحيا وزراعيا وتعليميا، ما يعنينا في هذا المقال النظام التعليمي، الذي هو ركن أساسي من أركان ثلاثية التنمية، التي تعتمد على الاقتصاد الصحة التعليم، لذلك إصلاح التعليم ركن مهم جدا للنهوض به. 

فعلى هذا الأساس نرى الشباب العراقي اليوم يعيش بين نارين.. نار سوق العمل الذي يتجه نحو العصر الرقمي، وبين التطور التكنلوجي، وبين الوقوف على النظام التعليمي التقليدي.

التخصيصات المالية هي المحك الحقيقي

- الاستاذ محمد علاء الصافي؛ باحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث:

ان التخصيصات المالية هي المحك الحقيقي لمعالجة إشكالية التعليم، التي عانت الأمرين من ضعف التخصيصات المالية قياسا مع وزارة الدفاع والداخلية العراقية، بالتالي يتبادر إلى الذهن من عدم وجود جدية للوقوف على هذا الملف الحيوي، ناهيك عن غياب سياسة التعليم المجاني، والانفلات الأخلاقي في المدارس، والسبب هنا يعود لاكتظاظ الطلبة حتى وصل الصف الدراسي إلى ثمانين طالب. 

يضاف إلى ذلك قضية الأبنية المدرسية في كربلاء وحدها، وهي تحتاج إلى (400) مدرسة حتى نفك قضية الدوام الثنائي والثلاثي، بالنتيجة نحن نشهد حالة تنافس على الموارد الاقتصادية خدمة للمصالح الحزبية والشخصية، وليس من اجل تطوير سوق العمل أو بناء استراتيجية تعليمية متطورة، بالتالي هناك تخبط في السياسات الحكومية.

العمل في الجامعات الأهلية

- الدكتور لطيف القصاب؛ إعلامي وباحث سياسي:

ان مجانية التعليم تدخل في صلب الكرامة الإنسانية، هذا في المقام الأول، لأنها تبعد عن الشباب العراقي شبح المدرسة الأهلية، لكن ما يعكر صفو تلك التأملات هو عملية انسيابية القبول في الجامعات العراقية، التي تبعد الطلبة المتفوقين الحاصلين على درجة 99 أو 98 أو 97، صوب المعاهد الطبية، في المقابل هناك طلبة حاصلين على درجة اقل من ذلك يتم قبولهم في المجموعة الطبية في الجامعات الأهلية، بالتالي أصبحت القضية قضية تجارية. 

لذلك على صانع القرار العراقي ان يعيد النظر في مسالة مجانية التعليم من قبل الحكومة، وان تخصص الحكومة العراقية موازنات كبيرة لوزارة والتربية التعليم، لاسيما أولئك الطالبة الذين لا يستطيعون مواصلة المشوار التعليمي بسبب واقعهم المادي، وكذلك الانتباه أيضا إلى الأستاذ العمل في الجامعات الأهلية وهو الحلقة الأضعف، بل ينظر للطالب على انه أهم من الأستاذ.

 بهذا الفهم القاصر تدار العملية التعليمية، ويتعسف في الفصل بين العلوم الإنسانية والعلوم الصرفة والدقيقة، فيعطى راتب أكثر بكثير مما يعطى للأستاذ بالتخصصات الإنسانية، وهذا أيضا ليس في مصلحة الزمالة، ويجعل الجو مشحونا، كله بسبب الإنفاق أو طرق الإنفاق من الابتدائية وصولا إلى الجامعة، لاسيما الجامعة الأهلية.

التعليم النوعي

- الاستاذ صادق الطائي:

اليابان واندونيسيا وماليزيا وكوريا الجنوبية، جميعها كانت متخلفة صناعياً واجتماعياً، ولكن الان كيف اصبحت؟ كذلك بعد عشرة سنوات سوف نسمع اخبار عن صناعة وخدمات جيدة تصدر في (بنغلادش) لانها تمارس عملية تعليم يعطي كرامة وشعور انساني متقدّم. 

التعليم النوعي هو الذي يكوّن شعب نوعي وطلائع قيادية ونوعية في المجتمع، على عكس التعليم الكمي الذي غير قادر صناعة نبوغ وصعود وتطويّر، بل هو قادر صناعة جيل يقرأ ويكتب وينام هذا الذي تريده امريكا من الشعوب فقط، اسمه ثورة تعليمية ولكنه يخالف الثورة التعليمة (النوعية) التي تصنع المجتمعات المتقدمة.

بلا شك النظام الحاكم والتشكيلة الوزارية المتنفذة في البلد هي المعوق الرئيسي والذي يقف مانعاً امام التعليم المتطوّر والحياتي للامة التي تريد التعليم النوعي اذا كانت تشكيلة وزارية مشبوُهة او سفارة مؤثرة على القرار السياسي مثل (العراق) ولعل اتفاقية (الصين الاقتصادية) ورئاسة عادل عبد المهدي والقوة التشرينية اكبر دليل دامغ واكيد لدورالسفارتين الامريكية والبريطانية في بغداد.

تعاون الجهات المركزية والادارة المحلية والعوائل ذات الرغبة في ترسيخ وتمكين وادارة دفة التعليم

المتطوّر (النوعي) يكون، ولكن يترسخ من خلال احداث موجة دعائية، تشترك بها كل القوى 

وصناعة جلسات ولقاءات وفعاليات جماهيرية، حتى يترسخ ويتأكد التعليم النوعي لدى الجماهير. هذا صحيح، مثلا عندما نسأل ولد معيّن دون العاشرة من العمر لماذا لاتدرس ولماذا تعمل اعمال صعبة لا تناسب عمرك؟ يقول المدرسة تحتاج الى قرطاسية والى ملابس والى نفقات الدراسة ملابس والى نفقات مادية للدراسة ماذا نجيبه، الله ينعل امريكا، ركزت وشوقت التجار على التعليم الاهلي من خلال النقود فقط والتعليم الكمي اي فقط يعطوه (شهادة تخرج) اما ماهي حاجة البلد الان من امور حياتية، اعتقد كلام المواطن دون العاشرة من العمر صحيح، ولكن هل نترك الامر كما هو، نخسر البلد ومن فيه، علينا ان نتحرك على ثلاث محاور:

١- الحكومة، والقول بان المدارس الاهلية (قنابل موقوتة) تزيد من المعاناة والفقر والحاجة، لابد من انهاء دورها والتخلص منها.

٢-الحكومة المحلية لها دور قيادي وكبير ولها دور أبوي عظيم إزاء هذه المشكلة جيد ان تصنع وتقود مناسبات دينية او اجتماعية او سياسية تدعو الى مزيد من التبرع للفقراء واصحاب الحاجة من ملابس وقرطاسية لأصحاب الحاجة وتعمير المدارس الحكومية لطلاب المستقبل.

٣- اصحاب الشأن او اصحاب الحاجة من الطلاب الجدد، لابد من الاهالي ان يوصلو قولاً الى الطلاب ولابد ان الفكرة فيها تشويق ودعاية مقبولة وبسيطة ان الفكر المتطوّر والمشرق سوف يفوز على التعليم المادي (شجرة الصحراء اقوى من الشجرةالتي تزع في البستان) هذه حقيقة لابد يعرفها الكل.

راتب المعلم الشهري

- الأستاذ احمد جويد؛ مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:

ان موضوعة التعليم يشكل هاجسا مهما للمجتمع بصورة عامة، المجتمع المتعلم وتحت أي ظرف هو يختلف كثيرا عن المجتمع الجاهل، بل في واقع الأمر لا يقارن به بأي حال من الأحوال، وللاستدلال على هذا الموضوع تنقل الرؤية في ثلاثينيات القرن الماضي وفي إحدى مناطق وقرى الجنوب العراقي، كان هناك شيخ عشيرة ولديه عشرات الأسر تعمل في أرضه بصفة إجراء، وكان شديد جدا مع الفلاحين وقاسي حد الضرب، في ذلك الوقت طلب شيخ العشيرة من وزارة المعارف آنذاك ان تبني مدرسة طينية في قريته.

وقد اعترض عليه بعض خاصته تحت دعوى ان هذه الخطوة ليست بصالحه، والسبب كما يعتقدون ان الجيل المتعلم سوف يقوض سلطة شيخ العشيرة، وهذا ما رفضه الشيخ بذريعة انه سيغادر الحياة عندما يكون هؤلاء المتعلمين في المقدمة، نستشف من خلال تلك القصة ما لأهمية التعليم في المجتمع بشكل عام، وعلى الفرد بشكل خاص، وتحفظ له كرامته.

 من خلال التعليم نستطيع ان نحفظ للإنسان كرامته، وهذا ما طرحه الإسلام في بداية حضوره في عالمنا العربي حينما دعي الناس للقراءة والكتابة والتعلم، تلك القاعدة الربانية التي وضعها الإسلام، سعى إلى تحطيمها العراق في ثمانينات القرن الماضي، ببركة البرنامج السياسي للنظام البعثي القائم على إفشال التعليم في العراق، حيث جاءوا لنا بمعلمين من خارج البلد دون المستوى قياسا مع المعلم العراقي.

 واستمر الحال على ما هو عليه حتى وصلنا إلى تسعينيات القرن الماضي يوم كان المعلم العراقي، لا يجد قوت يومه بسبب المرتبات المتدنية والضعيفة جدا، مما اضطر المعلم العراقي للعمل على الرصيف خارج أوقات الدوام الرسمي، بسبب ان راتب المعلم الشهري كان لا يعادل طبقة بيض واحدة في ذلك الوقت.

 في حين كان المعلم العراقي في السبعينيات يتقاضى مرتبات عالية جدا، تحقق له سنويا هو وعائلته السفر إلى أوروبا الشرقية، بالتالي لابد ان نعيد للمعلم هيبته وكرامته، وثانيا ان نعمل مسابقات لاختيار المعلم النموذج، ثالثا نرفض فكرة عدم تكافئ الفرص للطلبة، وهذه طامة كبرى أساسها الشهادة وليس التعليم، وهذا خلاف المنطق والعقل فالتعليم هو الأساس وليس الحصول على الشهادة.

الدافع هو التعيين 

- الأستاذ حامد الجبوري؛ باحث في مركز الفرات للتنمية والبحوث الإستراتيجية:

الرأسمالية في العالم الغربي جعلت المؤسسات التعليمية تحتل مواقع مرموقة، الأمر الأخر ان التعليم حالة مجردة بعيدا عن الظروف والعادات والتقاليد، لذلك فقداننا للمؤسساتية واستقلاليتها خلق حالة من حالات التداخل، من اجل بناء ثقافة معينة، الأمر الأخر فان تعلق الطلبة بالجوانب المادية فوت عليهم فرصة الاهتمام بتخصصات معينة، والدافع هنا بطبيعة الحال هو التعيين ليس غيره.

إما ما يخص التعليم العالي فمنذ العام (2006) إلى (2019) تم الإنفاق عليه من الإنفاق الاستثماري بنسبة اقل من(1%)، هذا مما شكل حقيقة مؤلمة في تاريخ الوعي التعليمي للطالب، من ناحية أخرى ان البطالة بشكلها العام، هي تدل على ضعف الاقتصاد، بينما تكون البطالة على مستوى الشهادات العليا، هذا دليل على ضعف التعليم.

بمعنى ان التعليم غير قادر على إنتاج خبرات ومهارات جيدة، بفعل كل تلك الاطاريح والتصورات التي طرحها الأساتذة المختصين هنا، لذلك نستطيع ان نقول ومن دون أي توجس إننا نعاني من ضعف اقتصادي ومن ضعف تعليم. 

..........................................

** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات/2009-Ⓒ2025

هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...

http://ademrights.org

ademrights@gmail.com

https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق