تواصل بعض الدول في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) جهودها وتحركاتها في سبيل اعادة استقرار اسعار النفط في الاسواق العالمية، من خلال ايجاد اتفاقات جديدة تهدف الى رفع اسعار النفط، حيث ابرمت المنظمة في وقت سابق اتفاق خاص بين الدول الاعضاء اضافة الى روسيا، بهدف خفض إنتاج الخام بواقع 1.8 مليون برميل يوميا لرفع أسعار الخام، وبدأ خفض الإمدادات وزيادة الطلب العالمي في تقليص فائض المعروض، وهو ما دعم سعر النفط، ليصل إلى أعلى مستوى خلال أكثر من عامين عند نحو 60 دولارا للبرميل.
هذه النتائج المهمة وبحسب بعض المراقبين دفعت بعض الدول الاعضاء الى العمل على تمديد هذا الاتفاق، وقد أكد وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه، إنه لا يرى معارضة داخل «أوبك» لتمديد تخفيضات الإنتاج التي تقودها المنظمة للتخلص من تخمة المعروض أو حتى تعميقها. وقال وزير النفط الفنزويلي، إيولوخيو ديل بينو، إن هناك مناقشات بشأن تعميق الخفض أو تمديد الاتفاق. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال منتدى للطاقة في موسكو، أن الوصول إلى اتفاق لتمديد الاتفاقية الحالية لتخفيض الإنتاج بين كل المنتجين أمر ليس بالمستبعد، ولكنه رهن بتطورات السوق. وقال بوتين إنه من الصعب الآن تحديد الحاجة للاتفاق، ولكن سوف يتم النظر إلى وضعية السوق في شهر مارس (آذار) (شهر نهاية الاتفاق)، وإذ ما كانت هناك حاجة لتمديده فإنه من الأفضل أن يكون التمديد حتى آخر العام المقبل.
وامتدح بوتين الاتفاق الحالي، معتبرا أن اتفاق خفض إمدادات النفط بين «أوبك» وبعض المنتجين المستقلين ساعد في تحقيق الاستقرار في الأسواق، وأنه يفتح الآفاق أمام المزيد من التعاون. وقال بوتين: «من الأمثلة الجيدة على التحركات المشتركة الناجحة اتفاق روسيا وعدد من دول (أوبك)». وأضاف: «لم نحقق الاستقرار في سوق النفط فحسب، بل إن الآفاق مفتوحة الآن أمامنا لتنفيذ مشروعات واعدة وللتعاون التكنولوجي، نظرا لأن الاستثمارات عادت (إلى قطاع النفط)».
وقلصت أوبك والدول الأخرى الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا لكن منتجي النفط الصخري الأمريكيين يغطون الفجوة حيث من المنتظر زيادة إنتاجهم للشهر الرابع على التوالي في أكتوبر تشرين الأول. تلقت الأسعار دعما أيضا من زيادة الطلب العالمي والتوترات في العراق عضو أوبك، حيث أجرت السلطات في إقليم كردستان العراق شبه المستقل استفتاء على الاستقلال على الرغم من معارضة بغداد والقوى الغربية لذلك الإجراء. وقال مصدر آخر في القطاع من منتج رئيسي في الشرق الأوسط إن ارتفاع الأسعار ”قد يكون قصير الأمد“.
وقال مصدر في القطاع من أحد منتجي الشرق الأوسط ”التخفيضات ستمدد لكن المسألة هي متى سيجري الإعلان عن ذلك؟ هل سيكون في نوفمبر (تشرين الثاني)؟ أم من الأفضل الانتظار لفترة أطول قليلا وإعلانه في يناير كانون الثاني؟“ وقال ”السوق آخذة في التحسن... من ثم يمكنك أن ترى أثر التخفيضات“ لافتا إلى أن السوق تحركت الآن صوب الوضع الذي تزيد فيه أسعار التسليمات الفورية عن الأسعار الآجلة.
تمديد خفض الإنتاج
في هذا الشأن قال اثنان من وزراء النفط في أوبك إن المنظمة تبحث تمديد اتفاق خفض إنتاج النفط أو تعميق التخفيضات مع الدول غير الأعضاء لتترك بذلك المجال مفتوحا أمام المزيد من التحركات للتخلص من تخمة المعروض ودعم الأسعار. ويسري الاتفاق الذي تنفذه منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون مستقلون من بينهم روسيا لخفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا حتى مارس آذار 2018.
وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه، الذي يزور موسكو حاليا مع عدد من وزراء النفط في أوبك لحضور إحدى المناسبات في قطاع الطاقة، إنه لا يري معارضة داخل أوبك لتمديد تخفيضات الإنتاج التي تقودها المنظمة للتخلص من تخمة المعروض أو حتى تعميقها. وقال زنغنه ردا على سؤال عما إذا كانت هناك محادثات لتعميق الخفض أو تمديده ”يعتمد هذا على قرار جماعي وتوافق داخل أوبك، لكنني أعتقد أنه لا توجد معارضة لهذا الاقتراح“.
وحين طلب منه تحديد ما إذا كان يعني أنه لا يوجد اعتراض على تعميق التخفيضات أجاب قائلا ”نعم“. وبدأ خفض الإمدادات وزيادة الطلب العالمي في تقليص فائض المعروض وهو ما دعم سعر النفط ليصل إلى أعلى مستوى خلال أكثر من عامين عند نحو 60 دولارا للبرميل. وقال وزير النفط الفنزويلي إيولوخيو ديل بينو إن هناك مناقشات بشأن تعميق الخفض أو تمديد الاتفاق. بحسب رويترز.
ومثل هذه الخطوة ستحتاج دعم السعودية التي تقود أوبك وروسيا أكبر مشارك في الاتفاق من خارج المنظمة. وقالت روسيا إن من السابق لأوانه الحديث بشأن تمديد الاتفاق. وحثت روسيا بقية المنتجين على الانضمام إلى اتفاق خفض الإنتاج. وقال ديل بينو إنه جرى توجيه الدعوة إلى ما بين 10 و12 دولة منتجة في أمريكا الجنوبية وأفريقيا للمشاركة. وجرى توجيه الدعوة لاثنين من صغار المنتجين غير المشاركين في الاتفاق، وهما مصر وتركمانستان، لحضور اجتماع أوبك الماضي في مايو أيار لكنهما لم يسهما في أي تخفيضات للإنتاج.
وقال الأمين العام لأوبك محمد باركيندو إنه واثق من أن المنظمة ستتمكن من إعادة الاستقرار إلى أسواق النفط العالمية بشكل مستدام. وأضاف باركيندو أن جميع الدول المشاركة في اتفاق خفض إنتاج النفط بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين مستقلين تدعم المبادرة وأن روسيا ملتزمة التزاما كاملا بتعهداتها.
إنتاج أوبك
على صعيد متصل أظهر مسح أجرته رويترز أن إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ارتفع هذا الشهر بمقدار 50 ألف برميل يوميا مع زيادة صادرات العراق وارتفاع الإنتاج في ليبيا المعفاة من اتفاق خفض الإمدادات. وخلص المسح إلى أن مستوى التزام أوبك بالتعهدات التي قطعتها على نفسها بشأن خفض الإمدادات انخفض إلى 86 بالمئة في سبتمبر أيلول مقارنة مع 89 بالمئة في أغسطس آب. وواصلت السعودية أكبر مصدر للخام في العالم تحمل الجزء الأكبر من تخفيضات أوبك من خلال ضخ إمدادات دون المستوى المستهدف لها.
وتظهر زيادة إمدادات العراق أن التوتر السياسي بشأن استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق لم يؤثر على صادرات البلاد من الخام. وكانت المخاوف بشأن المخاطر على تلك الإمدادات ساعدت في دعم النفط الذي بلغ نحو 60 دولارا للبرميل، وهو أعلى مستوى في أكثر من عامين. وقال كارستن فريتش المحلل لدى كومرتس بنك في فرانكفورت ”من غير الممكن توقع التوصل إلى حل سريع للأزمة، وهو الأمر الذي من المفترض أن يستمر في دعم أسعار النفط“.
وفي إطار الاتفاق مع روسيا والدول الأخرى غير الأعضاء في أوبك، تقلص المنظمة إنتاجها بنحو 1.2 مليون برميل يوميا اعتبارا من الأول من يناير 2017 وحتى مارس آذار من العام القادم. كما خلص المسح إلى غياب مزيد من الزيادات الكبيرة في الإنتاج في نيجيريا أو ليبيا المعفاتين من خفض الإنتاج. وساعدت الزيادة في إنتاج ليبيا ونيجيريا على ارتفاع الإنتاج إلى أعلى مستوى في 2017 خلال يوليو تموز مما يضاف إلى مهمة أوبك المتمثلة في محاولة تقليص الفائض في المعروض من الخام.
وضخت ليبيا إمدادات إضافية بلغ حجمها 50 ألف برميل يوميا هذا الشهر مع استئناف العمل في حقل الشرارة النفطي بعد إغلاق خط أنابيب. لكن الإنتاج ما زال متقلبا وظل في سبتمبر أيلول في المتوسط دون مستويات تتجاوز المليون برميل يوميا جرى تسجيلها في وقت سابق من هذا العام.
وانخفض إنتاج نيجيريا 30 ألف برميل يوميا. وأعلن مشروع رويال داتش شل في نيجيريا حالة القوة القاهرة على صادرات خام بوني الخفيف بسبب إغلاق خط أنابيب للتصدير. وارتفع إنتاج العراق 40 ألف برميل يوميا بفضل زيادة الصادرات من إقليم كردستان شبه المستقل حسبما تظهر بيانات الناقلات. ولم تسجل الصادرات من المرافئ الجنوبية بالبلاد تغيرا يذكر وفق بيانات الناقلات ومصادر في القطاع.
وزاد إنتاج السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم، 20 ألف برميل يوميا، في الوقت الذي ارتفعت فيه الصادرات وتراجع استخدام الخام في محطات الكهرباء المحلية لعوامل موسمية بحسب مصادر في القطاع. كما عززت إيران، المسموح لها بزيادة صغيرة في اتفاق أوبك، إمداداتها بإضافة 20 ألف برميل يوميا. ومن بين الدول ذات الإنتاج الأقل، صدرت أنجولا كميات أقل من الخام مقارنة مع أغسطس آب وكذلك كان الحال مع فنزويلا بحسب المسح.
وأعلنت أوبك العام الماضي مستوى مستهدفا للإنتاج بلغ 32.50 مليون برميل يوميا استنادا إلى أرقام منخفضة في ليبيا ونيجيريا. ويشمل المستهدف إندونيسيا التي غادرت المنظمة منذ ذلك الحين لكنه لا يشمل غينيا الاستوائية، أحدث دولة تنضم إلى المنظمة. وبحسب المسح، بلغ متوسط الإنتاج في سبتمبر أيلول 32.72 مليون برميل يوميا بما يزيد بمقدار 970 ألف برميل يوميا عن المستوى المستهدف المعدل لحذف إندونيسيا من دون أن يشمل غينيا الاستوائية.
ومع إضافة غينيا الاستوائية، بلغ إجمالي الإنتاج في سبتمبر أيلول 32.86 مليون برميل يوميا بارتفاع قدره 50 ألف برميل يوميا عن أغسطس آب. ويستند مسح رويترز إلى بيانات ملاحية توفرها مصادر خارجية، إلى جانب بيانات تومسون رويترز ومعلومات توفرها مصادر في شركات النفط وأوبك وشركات استشارات.
التجارة وزيادة الإيرادات
في السياق ذاته يتجه منتجو نفط الشرق الأوسط إلى تداول الخام حيث شجعهم انخفاض الأسعار طوال ثلاث سنوات على إيجاد مصادر جديدة للإيرادات بخلاف نشاط تصدير إنتاجهم. والسعودية، العضو البارز في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وأكبر مصدر للنفط في العالم، من بين من أخذوا هذا المنحى إذ تعتزم شركة تابعة لأرامكو المملوكة للدولة البدء في تجارة النفط الخام غير السعودي حسبما ذكرت مصادر مطلعة.
وينضم إلى ذلك التوجه أعضاء آخرون بمنظمة أوبك في الوقت الذي تظل فيه أسعار النفط عند نصف المستويات التي سجلتها في منتصف 2014. ويتعاون العراق مع شركة روسية في تأسيس شركة لتجارة النفط في الوقت الذي تدرس فيه أبوظبي والكويت خططا لتجارة الخام. وقال ديفيد فايف كبير الخبراء الاقتصاديين لدى جانفور لتجارة السلع الأولية على هامش مؤتمر للنفط في سنغافورة ”إنهم يسعون لأن يصبحوا أكثر مرونة وأن يقتنصوا هامشا إضافيا داخل السوق“.
وحتى الوقت الراهن، تهيمن شركات تجارة عالمية مثل فيتول وجانفور وترافيجورا وجلينكور على تجارة النفط وكذلك شركات النفط العالمية مثل بي.بي وشل. وقال مصدر رفيع المستوى بقطاع النفط مطلع على التطورات في أرامكو السعودية التي تعتزم إطلاق طرح عام أولي العام المقبل ”الأمر كله يدور حول الاستغلال الأمثل“. وأسست أرامكو في 2012 وحدة لتسويق المنتجات المكررة وزيوت الأساس والبتروكيماويات السائبة هي أرامكو السعودية لتجارة المنتجات البترولية (أرامكو للتجارة).
وقالت مصادر في القطاع إن تجارة النفط الخام لم تكن في البداية ضمن صلاحيات الشركة، لكن أرامكو للتجارة تعتزم في الوقت الحالي تجارة الخام غير السعودي لتزويد المشروعات العالمية المشتركة لأرامكو بالأساس مثل مصفاة موتيفا الأمريكية وإس-أويل في كوريا الجنوبية. وتتلاءم المبادرة مع الهدف المعلن لأرامكو في أن تصبح أكبر شركة متكاملة للطاقة مع خطط لتوسعة عمليات التكرير وإنتاج البتروكيماويات.
وقال سداد الحسيني، وهو مسؤول تنفيذي سابق لدى أرامكو، إن التحرك صوب التجارة تطور منطقي لاستراتيجية أرامكو لاقتناص قيمة في سلسلة النفط ومنتجاته بالكامل. وقال إن القطاع تنافسي جدا وإن دخول أرامكو يجب أن يكون حصيفا واستراتيجيا مضيفا أن أرامكو ستركز على المنتجات والأسواق التي تناسب اهتماماتها ويعني هذا أنه يتعين عليها التعامل لا محالة مع براميل من النفط والمنتجات التي لا تنتجها كما هو الأمر مع إنتاجها. وقال مصدر تجاري إن أرامكو للتجارة ستمارس نشاط تداول النفط الخام في الأساس عبر مكتبها في سنغافورة، حيث تهدف إلى تعيين ما يتراوح بين عشرة إلى 15 موظفا هناك بحلول نهاية العام.
وكانت سلطنة عمان أول منتج في الشرق الأوسط يتحول إلى التجارة لتؤسس مشروعا مشتركا مناصفة مع فيتول في العقد الماضي. واشترت الحكومة في سلطنة عمان بعد ذلك عمان للتجارة الدولية (أو.تي.آي)، التي تتداول الخام ومنتجاته والغاز الطبيعي المسال العماني، وهي حاليا مملوكة بالكامل لشركة النفط العمانية التي تديرها الدولة. ويلحق منتجون آخرون للنفط في الشرق الأوسط بالركب في الوقت الحالي. وتدرس شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) تأسيس وحدة للتجارة. بحسب رويترز.
وقال متحدث باسم أدنوك ”تماشيا مع استراتيجية أدنوك في تعزيز القيمة التجارية لكل برميل ننتجه، نحن في المراحل الأولية من النظر في تداول لا يستهدف المضاربة ومدعوم بأصول ونجري مناقشات مع العديد من الشركاء المحتملين في القطاع“. وكانت مصادر في القطاع قالت في مايو أيار إن شركة تسويق النفط العراقية (سومو) الحكومية تتعاون مع لوك أويل الروسية في مشروع بدبي لتجارة النفط الخام. وتقول المصادر إن المشروع قد يتوسع لاحقا إلى تجارة المنتجات المكررة والبتروكيماويات. وتدرس الكويت تأسيس شركة جديدة لتسويق المنتجات المكررة. وقال مسؤول لدى مؤسسة البترول الكويتية إن الشركة ستساعد الكويت على بيع المنتجات في الأساس من مشروع للتكرير في الدقم بسلطنة عمان.
اضف تعليق