البنك المركزي في النظام الاقتصادي لدول العالم هو بمثابة المدير المالي في النظام الاقتصادي لكل دولة، فهو المسؤول الرئيسي عن السياسة المالية والنقدية فيها ونقصد بالمسؤول الرئيسي هو ان البنك المركزي يسعى الى السيطرة على عرض المال وعلى قيمته بأصدار العملات ووضع اسعار الفائدة، وهذا الدور يعد دوراً جوهرياً لكل من المال والائتمان وذلك لانهما يشكلان الشريان الرئيسي للنظم الاقتصادية الحديثة، فأذا ارتفع المال والائتمان بصورة سريعة فائقة فربما لن تستطيع الشركات التجارية ان تساير متطلبات زيادة الانتاج مما يؤدي ذلك الى رفع الاسعار والذي بدوره يؤدي الى ارتفاع مؤشر التضخم ، واما اذا كان المال والائتمان لا يفي باحتياجات النظام الاقتصادي للدولة ما فأن ذلك ينتهي الى هبوط الانفاق وتليها حالة الكساد الاقتصادي.
تسعى البنوك المركزية في انكلترا والاتحاد الاوربي وبنك الاحتياط الفدرالي الامريكي الى تنظيم علم تدفق المال والائتمان وذلك من خلال تحديد سعر الفائدة الذي يهدف الى السيطرة على التضخم ولضمان استقرار النظام الاقتصادي.
ان البنك المركزي يكون ذات سلطة واستقلالية واضحة ويكون عمله وسياسته تتبع السياسة الاقتصادية للدولة ويكون هو الحاكم الرئيسي على عمل المصارف الحكومية والمصارف الاهلية في الدولة، وان معظم البنوك المركزية في الدول الكبرى المتقدمة في هذه الايام تفضل ان تكون مستقلة، وهذا يعني انها لا تخضع لأية سيطرة بالنسبة لتحديدها اسعار الفائدة وادارتها لعرض المال وعلى سبيل المثال فأنه تم منح بنك انجلترا "الاستقلال الاجرائي" في عام 1997م وهذا يعني انه منح سلطة تحديد اسعار الفائدة لتحقيق الهدف الذي اعدته الحكومة للتعامل مع التضخم.
ان اكثر الاسواق المالية العلمية تعول كثيراً على قرارات البنوك المركزية لأنها تؤثر في سعر العملة والسندات، ففي هذا الصدد يعتبر الاحتياطي الفدرالي الامريكي الذي يطلق عليه اسم (فيد) هو الاكثر اهمية نظراً لحجم الاقتصاد الامريكي العملاق وحالة الدولار الامريكي بصفته العملة الاولى المتداولة عالمياً.
ان التصريحات التي يدلي بها مسؤولو البنك المركزي تلاقى احتراماً كبيراً من قبل المؤسسات المالية في تلك الدولة (يقول جيمس جارفيلد عن البنوك المركزي من يتحكم في حجم المال في اية دولة يعتبر سيد الصناعة والتجارة الاوحد فيها).
ويعتبر بنك امستردام المركزي الذي انشئ سنة 1609 م هو اول بنك ، كانت المعاملات المالية التي تنفذها البنوك المركزية الاوربية في بادئ الامر تكون من خلال تبادل العملات الذهبية والفضة لكن بنك امستردام شرع في ان يسمح للزبائن بإيداع الذهب والفضة به مع فرض رسوم بسيطة وكان المودعون يحصلون على ائتمان يتم تسجيله في سجلات البنك، اما في الولايات المتحدة الامريكية انشئا ول بنك في عام 1791 م ، اما البنك الثاني فقد انشئ عام 1816 م ايضا في الولايات المتحدة الامريكية لكم كلاهما اغلقا بسبب المعارضة السياسية القوية التي ادت الى ذلك ادت تلك المشاكل الى مخاوف مالية كبيرة في امريكا ادت تلك المخاوف والمشاكل الى تأسيس بنك مركزي قوي يدعى الاحتياطي الفدرالي عام 1913م ، ويعتبر البنك المركزي الاوربي من اكبر البنوك المركزية العالمية الذي تأسسه عام 1999 مع بداية انتشار اليورو التي اصبحت العملة الاوربية الموحدة.
اسعار الفائدة تعتبر هي الاداة الاكثر فاعلية التي تستخدمها البنوك المركزية لتحقيق اهدافها بخفض حالة التضخم والتوازن الاقتصادي فأن انخفاض سعر الفائدة يؤدي الى تحفير السياسة النقدية والنظام الاقتصادي بعرض المال بسعر اقل مما يؤدي الى منع التضخم وتهدئة النظام الاقتصادي، اما اذا قرر البنك المركزي رفع اسعار الفوائد فعليه بيع سنداته للمصارف وسوف تدفع المصارف ثمن تلك السندات نقداً وهذا ما يعمل على خفض عرض المال فيشكل ضغطاً يؤدي الى صعود او ارتفاع الفائدة.
تؤثر اسعار الفائدة للبنوك المركزية في النظام الاقتصادي من خلال تحديد اسعار الاقراض ليلاً ثم تصبح علامة ارشادية لكل اسعار الفائدة المختلفة في النظام الاقتصادي، ان التغيير في سعر الرسمي للفائدة له أربع نتائج رئيسية:
1. يؤثر في اسعار الفائدة الاخرى في النظام الاقتصادي، مثل السعر الذي يدفعه للبنك للرهن العقاري.
2. يمكن ان يؤثر اسعار الاصول مثل الاسهم والسندات.
3. تأثير في سعر الصرف لدى أي دولة حيث يجعل عملة تلك الدولة اما جاذبة او غير جاذبة.
4. يمكن ان يؤدي الى تغيير التوقعات والتنبؤات والثقة ايضاً.
ان التنبؤ لدى البنك المركزي بحالة السوق او النظام الاقتصادي لا يحدث بين عشية وضحاها بهذه البساطة، بل السياسة المالية والاقتصادية تستغرق فترة طويلة لكي تؤثر وتتأثر، وعلى متخذي القرارات في البنوك المركزية ان يجدوا مكان للفارق الزمني في الية الانتقال في اتخاذ قراراتهم الخاصة سعر الفائدة، ان القرار الذي يتخذ او يطرأ على اسعار الفائدة قد يستغرق وقتاً طويلاً قد يصل الى عام كامل لكي يحصل متخذي القرار على الناتج النهائي للنمو الاقتصادي.
ان المعلومات الدقيقة التي تتكون لدى البنوك المركزية عما يحدث للأسعار او النظام الاقتصادي خلال فترة محددة تكون صعبة ومعقدة انما تتطلب تلك المعلومات الى فترات زمنية متباعدة كما انها تحتاج الى مراجعة دائميه، على سبيل المثال، في عام 1998م اظهرت الدراسات الاستطلاعية ان الاقتصاد العالمي قد تخلف بشدة نظراً لأزمة الاسواق الطارئة التي حلت في حينها فقد قامت البنوك المركزية بخفض اسعار الفائدة كنتيجة لتك الازمات المالية، اما الاحصائيات التي نشرت قد اظهرت ان الاقتصاد كان ينمو بشدة الذي ادى ان صانعي السياسة اصابهم نوع من التخوف والقلق، بعد ذلك ادى خفض اسعار الفائدة الى ازدهار شركات التكنلوجيا الشبكية في عامي 1999 و2000.
وقد اشارة الاقتصاديون الى مثل تلك الاحداث وغيرها ممن لم اتطرق اليها بانها (صدمات) وقد يضربون بتنبؤات البنك المركزي بعرض الحائط، لهذا السبب تفضل البنوك المركزية نشر التنبؤات كمجوعة من الاحداث المحتملة.
ان استهداف البنوك المركزية للتضخم أصبح من خلال اسلوب الاستهداف النقدي خلال فترة الثمانينات من القرن المنصرم على نطاق واسع ففي الولايات المتحدة الامريكية استخدم الاحتياطي المركزي استهداف العرض النقدي (عرض المال) بنجاح من خلال خفض الاسعار التي ارتفعت بصورة جنونية اثناء التضخم في فترة السبعينات حتى وصلت الاسعار الى مستوى لا يمكن السيطرة عليه، كما ان البنك المركزي الاوربي قد اعلن سياسته الواضحة نحو الاستهداف لعرض النقد منذ نشأته سنة 1999م.
وتتميز قواعد استهداف التضخم بأربع صفات اساسية:
1. تعهد واضح من البنك المركزي بالحفاظ على تضخم منخفض ومستقر كهدف اساسي للسياسة النقدية.
2. هدف احصائي واقعي محدد للتضخم.
3. المسئولية وهو ضمان عدم خروج صانعي السياسة عن نطاق اهدافهم.
4. نظرة استباقية مستقبلية نحو استهداف التضخم.
ان بعض البنوك المركزية تؤكد على ان عمل السياسة النقدية هي فن وليس علماً، ومع ذلك فأن العديد من خبراء الاقتصاد يؤكدون على انه من الافضل ايجاد قواعد تحدد المسار الذي تسير عليه البنوك المركزية معتمدةً على الحالة الاقتصادية في وضع اقتصادي معين.
ان البنوك المركزية تستطيع ان تخفض اسعار الفائدة لاختبار وتحفيز النظام الاقتصادي عندما يتباطأ ويواجه خطر الركود، كما انها تستطيع ايضاً ان ترفع اسعار الفائدة لتبطئ حركة النظام الاقتصادي امنعه من التضخم، لكن في حين يمكن لسعر الفائدة ان يستمر في الارتفاع اذا تطلب الامر ذلك الا انها لها حد ادنى لابد ان يجب تكون عليه وهو حد الصفر، لهذا السبب فأن ايقاف الانتعاش الاقتصادي اسهل بكثير من الافلات من الافلاس.
دور البنك المركزي لا يتوقف عند ادارة الطلب والتضخم في النظام الاقتصادي، بل هي تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على الاستقرار المالي ونعني بذلك انها تراقب الحالة الصحية للنظام المالي بالكامل، كما وانها تشرف على طريقة اداء البنوك للأعمال التجارية وتضمن عمل الاسواق بأسلوب سلس.
وخلاصة اود نود ان نقول بأن البنوك المركزية عي التي تدير الاقتصاد، وهي المسئولة عن السياسة النقدية وتستطيع ان ترفع اسعار الفائدة لتهدئة سير النظام الاقتصادي وخفض التضخم، كما يمكنها خفض اسعار الفائدة لكي تحفز الطلب في النظام الاقتصادي.
اضف تعليق