تعد اليوم التكنولوجيا المالية والمقصود بها التقانة والابتكارات التي تسعى لمنافسة الأساليب المالية التقليدية عند تقديم الخدمات المالية. مثل استخدام الهواتف الذكية في الخدمات المصرفية أو ما يعرف بالبنوك الخلوية، وكذلك خدمات الاستثمار عبر الهاتف المحمول، والعملات الرقمية المشفرة، والتي تهدف إلى جعل الخدمات المالية...
تعد اليوم التكنولوجيا المالية والمقصود بها التقانة والابتكارات التي تسعى لمنافسة الأساليب المالية التقليدية عند تقديم الخدمات المالية. مثل استخدام الهواتف الذكية في الخدمات المصرفية أو ما يعرف بالبنوك الخلوية، وكذلك خدمات الاستثمار عبر الهاتف المحمول، والعملات الرقمية المشفرة، والتي تهدف إلى جعل الخدمات المالية في متناول الجمهور العام. تتألف شركات التكنولوجيا المالية من مشاريع ناشئة ومؤسسات مالية وشركات تقنية راسخة تهدف لتعزيز استخدام الخدمات المالية التي تقدمها الشركات المالية الحالية، أو أن تحل محلها. تقوم العديد من المؤسسات المالية الحالية بتطبيق حلول وتقنيات التكنولوجيا المالية من أجل تحسين وتطوير خدماتها، وتحسين موقعها التنافسي. وبمنظور موسع، فإن التكنولوجيا المالية يمكن تعريفها بتطبيق واستخدام التقانة الحديثة في القطاع المالي.
كما إن التغيرات والاحداث السريعة في مجال التكنولوجيا ومايلحق بها من تطورات تساهم في تحويل المشهد الاقتصادي والمالي وتغييره، وهذا ما يتيح فرصا واسعة، الا انه في الوقت نفسه يزيد المخاطر المحتملة. وباستطاعة التكنولوجيا المالية مساندة النمو المحتمل وجهود تقليص الفقر من خلال تعزيز التطور المالي والشمول المالي والكفاءة المالية، غير أنها قد تفرض مخاطر من شأنها تهديد الاستقرار المالي والنزاهة والسلامة المالية، فضلا عن مخاطر مرتبطة بحماية العملاء والمستثمرين.
وتجمع هذه الأجندة الاعتبارات الرئيسية الخاصة بواضعي السياسات والمجتمع الدولي في 12 عنصرا تمخضت عن تجربة البلدان الأعضاء، ويشمل ذلك:
1- الانفتاح على المزايا المأمولة من التكنولوجيا المالية بتأثيرها الاجتماعي والاقتصادي واسع النطاق، لا سيما في البلدان منخفضة الدخل والدول الصغيرة، وللفئات التي تنقصها الخدمات المالية، والاستعداد لجني المنافع الممكنة على نطاق واسع، بما في ذلك: زيادة إتاحة الخدمات المالية والشمول المالي، وتعميق الأسواق المالية، وتحسين أنظمة المدفوعات وتحويلات العاملين عبر الحدود.
2- تمكين التكنولوجيات الجديدة من تحسين تقديم الخدمات المالية من خلال تيسير إقامة البنى التحتية التأسيسية، وتعزيز فرص الاستفادة منها على نحو مفتوح وبتكلفة معقولة، وضمان وجود بيئة من السياسات الداعمة. وتتضمن البنى التحتية التأسيسية وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية، إلى جانب البنى التحتية الرقمية والمالية (مثل خدمات الإنترنت ذات النطاق الترددي الواسع، وخدمات البيانات المحمولة، ومستودعات البيانات، وخدمات الدفع والتسوية).
3- تعزيز المنافسة والالتزام بتوفير أسواق مفتوحة وحرة وتنافسية لضمان بيئة تحقق تكافؤ الفرص للجميع، ولتشجيع الابتكار والمنافسة العادلة واختيارات المستهلكين وإتاحة الخدمات المالية عالية الجودة.
4- دعم التكنولوجيا المالية لتشجيع الشمول المالي وتطوير الأسواق المالية من خلال التغلب على التحديات المتعلقة بمدى انتشارها ومعلومات العملاء والجدوى التجارية، ومن خلال تحسين البنية التحتية. ويشكل الاقتصاد الرقمي الآخذ في التطور، إلى جانب الرقابة الفعالة، عنصرا ضروريا في التغلب على المعوقات التي طالما حالت دون تحقيق الشمول المالي عبر نطاق واسع من الخدمات المالية، وفي تمكين البلدان النامية من الاستفادة من المسارات الجديدة الواعدة للتنمية الاقتصادية والمالية بهدف تدعيم النمو وتخفيف حدة الفقر.
5- مراقبة التطورات عن كثب لتعميق فهم الأنظمة المالية الآخذة في التطور بغية تدعيم صياغة السياسات التي تعزز منافع التكنولوجيا المالية وتعمل على تخفيف المخاطر المحتملة. وستستلزم الوتيرة السريعة لتطور التكنولوجيا المالية إدخال التحسينات والتوسعات الممكنة في المدى الذي تصل إليه أطر الرصد والمتابعة من أجل مساندة أهداف السياسة العامة وتجنب أي اضطرابات في النظام المالي. ومن المتوقع أن يؤدي تبادل المعلومات وإتاحتها إلى المساعدة في تحقيق مستوى أفضل من الرصد والمتابعة.
6- تطويع الإطار التنظيمي والممارسات الرقابية لمتطلبات تطوير النظام المالي على نحو منظم وتأمين استقراره وتسهيل الدخول الآمن للمنتجات والأنشطة الجديدة والوسطاء الماليين الجدد؛ وتدعيم الثقة والاطمئنان؛ والاستجابة للمخاطر. وقد يكون من الممكن معالجة الكثير من مخاطر التكنولوجيا المالية عن طريق الأطر التنظيمية الحالية. إلا أن هناك قضايا جديدة قد تنشأ من الشركات والمنتجات والأنشطة الجديدة التي تقع خارج النطاق التنظيمي الحالي. وقد يتطلب هذا تعديل الأطر التنظيمية وتطويعها لاحتواء مخاطر المراجحة، مع الإقرار بضرورة استمرار التناسب بين التنظيم ومستوى المخاطر.
7- حماية نزاهة الأنظمة المالية من خلال تحديد وفهم وتقييم مخاطر إساءة استخدام التكنولوجيا المالية بصورة إجرامية والتخفيف من هذه المخاطر، واستخدام التكنولوجيات التي تعزز الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وفي حين أن ابتكارات التكنولوجيا المالية عادة ما تدعم الأهداف المشروعة، فإن بعض الابتكارات قد تمكن المستخدمين من التهرب من الضوابط الحالية لتحقيق غايات إجرامية، مما يشكل تهديداً للنزاهة المالية.
8- تحديث الأُطُر القانونية لتهيئة بيئة قانونية داعمة مع مزيد من الوضوح القانوني واليقين فيما يتعلق بأهم الجوانب في أنشطة التكنولوجيا المالية. وتؤدي الأطر القانونية السليمة إلى دعم الثقة والموثوقية في المنتجات والخدمات المالية. غير أن هذا الدعم يتقوض إذا أخفقت الأطر القانونية في مواكبة ابتكارات التكنولوجيا المالية وتطور الأسواق المالية العالمية.
9- ضمان استقرار الأنظمة النقدية والمالية المحلية من خلال النظر بعين الاعتبار إلى انعكاسات مبتكرات التكنولوجيا المالية على خدمات البنوك المركزية وهيكل السوق، مع حماية الاستقرار المالي، والتوسع في شبكات الأمان إذا دعت الحاجة، وضمان الكفاءة في انتقال أثر السياسة النقدية. ويمكن أن تؤدي التكنولوجيا المالية إلى إحداث تحول في الأسواق المالية التي تنتقل من خلالها إجراءات السياسة النقدية، كما يمكن أن تشكل تحدياً أمام إدارة السياسة النقدية وأن تعيد تعريف دور البنوك المركزية كمقرض أخير.
10- إقامة بنية تحتية قوية للخدمات المالية والبيانات للحفاظ على منافع التكنولوجيا المالية القادرة على الصمود في مواجهة الاضطرابات – بما في ذلك الأعطال التي تُحْدِثها الهجمات الإلكترونية – والتي تدعم الثقة في النظام المالي من خلال حماية سلامة البيانات والخدمات المالية. وتثير إقامة مثل هذه البنية التحتية القوية طيفاً واسعاً من القضايا التي لا تتعلق فقط بالقطاع المالي وإنما أيضاً بالاقتصاد الرقمي ككل، بما في ذلك ملكية البيانات وحمايتها وخصوصيتها والأمن الإلكتروني ومخاطر التشغيل والتركز وحماية المستهلك.
11- تشجيع التعاون الدولي وتبادل المعلومات عبر المجتمع التنظيمي العالمي لتبادل المعرفة والخبرات والممارسات الفُضلى لدعم إقامة إطار تنظيمي فعال. ونظراً لأن التكنولوجيات الجديدة تعمل بشكل متزايد عبر الحدود، فإن التعاون الدولي ضروري لضمان إصدار استجابات فعالة على صعيد السياسات لتعزيز الفرص والحد من المخاطر التي يمكن أن تنشأ عن اختلاف الأطر التنظيمية.
12- تعزيز الرقابة الجماعية على النظام النقدي والمالي الدولي وتطويع السياسات القائمة واستحداث سياسات جديدة لدعم النمو العالمي الاحتوائي، وتخفيف حدة الفقر وإرساء الاستقرار المالي الدولي في بيئة سريعة التغير. وقد بدأت التكنولوجيا المالية تطمس الحدود المالية - سواء على المستوى المؤسسي أو الجغرافي - مما قد يعزز الترابط ويزيد من انتقال التداعيات وتقلب التدفقات الرأسمالية. وقد تؤدي هذه التطورات إلى زيادة تعدد الأقطاب وتوثيق الترابط في النظام المالي العالمي، مما قد يؤثر على توازن المخاطر فيما يخص الاستقرار المالي العالمي.
الا انه يبقى التحدي الأبرز الذي يواجه شركات التكنولوجيا المالية في المنافسة المحتدمة بين عدد كبير من اللاعبين الأصغر حجماً والأقل تنظيماً من جهة، وزيادة المعروض العام للشركات الناشئة المبتدئة من جهة ثانية.
اضف تعليق