q

يوم المرأة العالمي أو اليوم الدولي للمرأة ويصادف الثامن من شهر آذار من كل عام، حيثُ يتم الاحتفال بإنجازات النساء في كافة أنحاء العالم وفي كافة المجالات السياسية، والاقتصاديّة والاجتماعية، بالإضافة إلى الاعتراف بجهود المرأة، وكونها شريكة في التغيير والتقدّم. يتم الاحتفال بيوم المرأة العالمي في هذا التاريخ وذلك لأنّه تم عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في عام 1945 في باريس، ولكن بعض الباحثين يرجحون أنّ الاحتفال بهذا يوم جاء بسبب مجموعة من الإضرابات والاحتجاجات النسائية في الولايات المتحدة في هذا التاريخ.

الإسلام والمرأة

المرأة هي الأم والأخت والزوجة والخالة والعمة، وتَكريم المرأة هو تكريمٌ لأنفسنا واعترافٌ بدورها في بناء الأسرة بشكلٍ خاص والمجتمع بشكلٍ عامٍ، فلو نظرنا إلى مساهمة المرأة في بناء اقتصاد الأسرة الصّغيرة نستنتج أنّ للمرأة دوراً كبيراً في هذا المجال. مُنذ القدم كانت تساعد زوجها بعمله في الحقل وفي المرعى، وتطوّرت مُساهمات المرأة في المجال الاقتصادي بشكلٍ كبيرٍ بعد أنْ تغيّرت النظرةُ الاجتماعيةُ لدخول المدارس والجامعات، فأصبحتْ فاعلةً في جميعِ الوظائف، والمراكز الوظيفية التي تَشغَلُها.

لقد كان الدين الإسلامي سباقاً لكل هذه القرارات، وذلك بدعوته إلى احترام المرأة وإعطائها المكانة التي تستحقها؛ فخلّصها من ثقافة الجاهلية التي كانت تدعو إلى دفن الإناث فجاء الإسلام وحرّم هذه الأعمال، ودعا إلى الحفاظ على حقوق المرأة بنصوصٍ قرآنية واضحةٍ، وأكدّ على ذلك نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله بالممارسة والقول، فكانتْ مُعاملة نَبينا لزوجاته خيرُ دليلٍ على ذلك. من الحقوق التي أعطاها الإسلام للمرأة: حقّ الميراث، وحق التملّك، وحق اختيار الزوج، وغير ذلك من الحقوق التي تُحافظ على كرامتها وتصون بها نفسها.

المرأة صانعة الاجيال

المرأة هي صانعة الاجيال، فهي التي تستطيع أن تغيّر جيلاً بأكمله إن هي أرادت ذلك، إلّا أنّ البعض من الناس يمنعوا عنها حقوقها وبشكل يحيلها إلى كائنٍ عاديّ شأنه كشأن أيّ مخلوق آخر لم يكرمه الله تعالى، وهذا الأمر موجود في كافّة الثقافات اليوم، وليس مقتصراً على فئة معيّنة وكل شخص يتعامل مع المرأة بالطريقة التي تعجبه.

ممّا سبق ولإثبات أنّ المرأة كائن له قيمته المعتبرة التي لا يمكن لأحد أن ينتقص منها، نشأ ما يعرف بيوم المرأة العالمي الّذي يحتفل به الناّس في الثامن من شهر آذار من كلّ عام؛ حيث يحتفل العالم في هذا اليوم بالإنجازات الكبيرة والضخمة التي قامت المرأة بتحقيقها وعلى كافّة الصعد والتي منها: الإنجازات السياسيّة والاقتصادية والاجتماعيّة، وهناك بعض الدول الّتي تمنح جوائز للنساء على تفوقهنّ منها: دولة فلسطين العربيّة، إلى جانب كلٍّ من روسيا والصين وكوبا.

إنّ الاحتفال بهذا اليوم هو ضرورةٌ عالمية؛ فهو لم ينشأ من باب أنّ تكريم المرأة يكون في يوم واحد فقط في السنة مع المداومة على احتقارها في باقي أيام السنة كما يروّج له البعض، أو من باب أنّ المرأة في الغرب مضطهدة وفي عالمنا العربي هي جوهرةٌ وملكة ومن هذا الكلام المكرّر؛ بل على العكس تماماً فالاحتفال بهذا اليوم هو من باب تذكير من نسي ومن لا زال مصراً على أنّ المرأة خلقت لغاية معيّنة، بالإضافة إلى إبراز بعض النماذج الناجحة من النساء اللواتي يجب أن يكنَّ قدوةً لنساء العالم.

المرأة نصف المجتمع

للمرأة دور كبير في كافة مجالات الحياة وفي كافة ميادين العمل المختلفة والمتنوّعة، فهي مربّية أجيال وفي الوقت ذاته من قادة المجتمع في مجالات السياسة والاقتصاد وفي المجالات التنمويّة والتعليميّة. وعلى مر التاريخ نرى العديد من الأسماء النسويّة التي سطعت وحققت نجاحات باهرة في مجالات كانت تعتبر حكراً على الرجال، ففي القدم وخاصة في الدول الأوروبيّة كانت حقوق النساء مهضومة وكُنَّ يعانين من المعاملة السيئة وخاصة النساء اللواتي ينتمينَ إلى الطبقات العاملة والكادحة، حيثُ كانت ظروف العمل التي يعانين منها ظروف قاسية للغاية، لهذا قامت النساء بأول محاولة للاحتجاج في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1856 ولكن الشرطة فرّقت المظاهرة بأساليب وحشيّة وقاسية، ومن هنا بدأ النضال النسائي نحو المطالبة بالحقوق والمساواة والعدل.

إنّ السرّ في نجاح المُجتمعات يكمُن في تَمكين المرأة ومساواتها مع الرجل من أجل الوصول إلى بيئةٍ صحيةٍ ومُتطوّرة، تكتمل فيها عوامل التفوّق، والنّجاح، والتّقدم، والازدهار. قد تُثيرُ مُصطلحات التّمكين أو المساواة امتعاضاً لدى البعض، سواءً عند النساء أو الرجال، ولهم الحق جزئياً في ذلك؛ فقد أساء البعض استعمال هذه الأفكار؛ حيث قاموا بتحويلها إلى ذريعةٍ يتمّ من خلالها ابتذالُ المرأةِ واستغلالها جنسياً في أعمالٍ مُنافية للأخلاق، وقد بدأ هذا الابتذال واضحاً في بعض المُجتمعات، خاصةً مع ظُهور النّزعات الرأسمالية، التي عملت على استغلال كلِّ شيءٍ في سبيل تحقيق مطامعها وأغراضها، وأوّل ما تمَّ استغلاله بسبب هذه النزعات الإنسان، ومن ثمّ المرأة. إنّ بعض التصرّفات الخاطئة التي يُمارسها البعض لا يَجب أنْ تَحجبَ عنا تلك الحقيقة الواضحة وضوح الشمس، والمُتمثّلة في أنَّ المُجتمعات لن تُحققَ ما تُريدُه دون المرأة، ولن تَنهضَ دونَ إشراكها في مُختلفِ الأعمال، واستغلال قُدراتها التي تتوفّر فيها بشكلٍ جيّد. اليوم العالمي للمرأة نظراً لأهميةِ المرأةِ ومكانتها؛ فقد تمَّ تخصيصُ يومٍ كاملٍ لها، وهو في الثامن من شهر آذار من العام الميلادي؛ حيثُ يتمّ في هذا اليوم الاحتفال بالإنجازات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية التي تَتَحقّق على أيدي النساء، وهناكَ بعض الدول تَحوَّل فيها هذا اليوم إلى يوم إجازةٍ واستراحةٍ للنساء.

وقد جاء إصدارُ قرارِ الاحتفالِ بالمرأة في يومٍ خاص بها في عام ألف وتسعمئة وسبعةٍ وسبعين ميلادية، وذلك مِن قِبَل الأمم المتحدة، وبعد أنْ صَوّتَتْ الدّول على اختيارِ يومِ الثامن من شهرِ آذار ليكونَ اليومَ الخاص بهذه المناسبة. أتاح اليوم العالميُّ للمرأة فرصةَ تسليطِ الضوءِ على إنجازاتها، مما أدى إلى تَعرُّف النساء - شرقاً وغرباً - على إنجازهنّ في المجالات والأصعدةِ المختلفة؛ الأمر الذي أدى إلى تَحفيز النِّساء اللواتي اعتقدن أنَّ القِطار قد فاتهنَّ، أو تَحفيز أُخرياتٍ على المُطالبةِ بِحقوقِهنَّ المَسلوبة حول العالم؛ فبعض النساء والجمعيات النسوية تَحشد في هذا اليوم لِمظاهراتٍ عظيمةٍ تهدف إلى التعريف بقضايا المرأة العادلة. استطاعت الجهات المُنظّمة تحقيقَ مكاسبَ للمرأة، ربّما لم تكتمل على الوجه الأمثل والمطلوب نظراً لقلةِ الوعي السائد في بعض المجتمعات، بالإضافة إلى عدمِ وجود الإرادة السياسيّة الحقيقية التي تَطمح إلى إحداثِ التغيير المَنشود، عدا عن مَصلحة البعض في تَجهيلِ المرأة لِأسباب رأسمالية كما ذكرنا مسبقاً؛ فالجهل بيئةٌ مناسبةٌ جداً ليقوم القوي باستغلال الضّعيف، وفي الحقيقة ليس هناكَ ثمَّة شخص ضعيف، إنّما جَهلُه هو الذي يُضعفه.

اضف تعليق