بدلاً من العقاب ومن الأشياء التي لا ينبغي فعلها، يركّز أسلوب التأديب الإيجابي على تنمية علاقة إيجابية مع طفلك وعلى إفهامه ما هو المطلوب منه حيال سلوكه. والبشرى لكلّ أب وأمّ أنّ هذا الأسلوب ناجع وإليكم الطريقة التي بوسعكم استخدامها للبدء بتطبيقه، خصّص وقتاً للاختلاء بطفلك...

لا يكاد يخلو أب أو أمّ من أحيان تمرّ عليهم يشعرون فيها بالإعياء والحيرة لمعرفة السّبيل الأمثل لتأديب طفلهم. فمن نافلة القول أنّ ضبط النّفس ليس بالأمر الهيّن سواءً أكنت تتعامل مع عويل طفل صغير أو مع مراهق غاضب. ولا يتمنّى أيّ والد أو والدة أن يجدا نفسيهما في مواقف كهذه...

لا يكاد يخلو أب أو أمّ من أحيان تمرّ عليهم يشعرون فيها بالإعياء والحيرة لمعرفة السّبيل الأمثل لتأديب طفلهم. فمن نافلة القول أنّ ضبط النّفس ليس بالأمر الهيّن سواءً أكنت تتعامل مع عويل طفل صغير أو مع مراهق غاضب. ولا يتمنّى أيّ والد أو والدة أن يجدا نفسيهما في مواقف كهذه، ومع ذلك فإن زبدة القول هي أنّ الصّراخ والعنف الجسدي غير مجديان.

بخلاف سرد التبعات السلبية المتعددة لنمط التربية بالضرب والعنف، والتي تؤدي إلى تشوّه شخصية الطفل وتساهم في إصابته بكثير من الاضطرابات والمشكلات النفسية، إلا أن هناك أكثر من طريقة لتأديب الطفل بشكل إيجابي بنّاء

التربية الإيجابية لا تتطلب اللجوء للعنف لكي يعرف الطفل الصواب من الخطأ – iStock لطالما كان الضرب أحد أكثر وسائل التربية المُتبعة لعقاب الأطفال حول العالم.

وبالرغم من أن معظم خبراء التربية والأمومة والطفولة ينصحون بتجنُّبه كوسيلة للتأديب، إلا أن الآباء يعترفون بضرب أطفالهم في مناسبات مختلفة اعتقاداً أنها الطريقة الأقرب لتحقيق النتائج المرجوة من سلوكيات الطفل.

وبخلاف سرد التبعات السلبية المتعددة لنمط التربية بالضرب والعنف، والتي تؤدي إلى تشوّه شخصية الطفل وتساهم في إصابته بكثير من الاضطرابات والمشكلات النفسية، إلا أن هناك أكثر من طريقة لتأديب الطفل بشكل إيجابي بنّاء.

بدلاً من العقاب ومن الأشياء التي لا ينبغي فعلها، يركّز أسلوب التأديب الإيجابي على تنمية علاقة إيجابية مع طفلك وعلى إفهامه ما هو المطلوب منه حيال سلوكه. والبشرى لكلّ أب وأمّ أنّ هذا الأسلوب ناجع وإليكم الطريقة التي بوسعكم استخدامها للبدء بتطبيقه، خصّص وقتاً للاختلاء بطفلك، تعدّ الخلوة أمراً مهماً لبناء أي علاقة جيدة فما بالك حين تكون العلاقة التي نتحدث عنها هي تلك التي تجمعك بطفلك، يقول الخبراء من الممكن أن يكون ذلك لعشرين دقيقة في اليوم. أو حتى لخمس دقائق. وبوسعك دمج الوقت هذا مع نشاطات كجلي الصحون سوية وغنائك لأغنية ما، أو التحدّث معه وأنت تنشر الغسيل. بيتُ القصيد هنا هو أنّ اهتمامك يجب أن يكون منصبّاً على طفلك. المهم حقًا هو أن تركز على طفلك. أي أن تطفئ التلفاز، وتغلق هاتفك، وتنزل إلى مستواهم وتختلي بهم.


أثْنِ على أفعالهم الحميدة، غالباً نجد أننا معشر الآباء والأمهات نركّز على هفوات أطفالنا وقد لا نفوّت فرصة للإشارة إليها. وقد يفهم طفلك ذلك على أنه سبيلٌ إلى جذب انتباهك إليه، ما يديم من سلوكياته السيئة بدلاً من أن ينهيها.

لا شيء يعطي الأطفال نشوة كالثّناء، فالمديح يجعلهم يشعرون بأنهم يحظون بحبّ أهاليهم وبأنّهم متميّزون. وينصح الخبراء الوالدين ترقّبا صدور فعل حميد عنهم وأثنيا عليه، حتى وإن لم يكن ذلك الفعل سوى لعبهم مع أخ أو أخت لهم لخمس دقائق. فمن شأن ذلك أن يحفّز السلوكيات الحميدة وأن يقلّل من الحاجة إلى اللجوء إلى معاقبتهم.

أفهم طفلك ما الذي تنتظره منه بالضبط، يقول الخبراء: إن إعلامك لطفلك بما عليه فعله بالضبط أجدى بكثير من إعلامك له بما هو ممنوع من فعله. فحين تطلب من طفلك ألا يثير الفوضى مثلاً، أو أن يكون مؤدّباً، فإنك تصعّب عليه فهم ما عليه فعله بالضبط. أمّأ الأوامر الواضحة كـ ‘لملم كلّ لُعَبِكَ لو سمحت وضعها في الصندوق المخصّص لها’ فهي تفهمه تماماً ما هو المطلوب منه، وتزيد من احتمال استجابته لطلبك.

بيد أن من المهم أن تأمره بالمستطاع. فطلبك منه بأن يبقى هادئاً ليوم كامل مثلاً هو طلب قد لا يطيقه مقارنة بطلبك منه أن يصمت لعشر دقائق لأنك تتحدث على الهاتف. أنت خير من يعلم قدرات طفلك، فلا تطلب منه ما يعجز عنه، لأنه حتماً سيخفق حينها.

ابتكر أساليبَ لتلهيته، يقول الخبراء: حين يَحْرُنُ طفلك فقد يكون إلهاؤهُ بنشاط أكثر إيجابية استراتيجية نافعة. فحين تصرف انتباهه نحو شيء آخر — بتغييرك للموضوع، أو بلعب لعبة، أو بأخذه إلى غرفة أخرى، أو بمشية معه، فإنك تكون قد نجحت في صرف طاقته نحو سلوك إيجابي.

وحسن التوقيت هو أمر غاية في الأهمية أيضاً. إذ يتضمّن الإلهاء كذلك تحسّسَ اقتراب وقوع مشكلة واتخاذ فعل لدرء وقوعها. إن من شأن انتباهك إلى الأحيان التي يبدأ فيها طفلك بالشعور بالتململ، أو النّزق، أو حين ترنو أنظار طفليك معاً إلى ذات اللعبة، أن يساعدك على درء المشكلة قبل حدوثها.

استخدم عواقب هادئة، إن معرفتنا أننا إذا ما أتينا فعلاً فإن شيئاً ما سيحصل نتيجة لذلك هو جزء من التربية التي نتلقاها في صغرنا. تعريف ذلك لطفلك هو عملية بسيطة تشجّع حسن السلوك عنده وتعلّمه المسؤولية في ذات الآن.

أعطِ طفلك فرصة للقيام بما هو صواب عن طريق شرحك له عن عواقب سوء السلوك التي قد تنتظره. فمثلاً إذا ما أردت أن يتوقف طفلك عن الشخبطة على الحيطان، فعليك إعلامه بأن عليه أن يكفّ عن فعل ذلك وإلا فإنك ستنهي وقت اللعب المخصص له. من شأن هذا أن يعطي أطفالك تحذيراً وفرصة لتغيير سلوكهم في آن معاً.

فإن لم يكفّوا، فعليك تنفيذ وعيدك بهدوء وبدون أن تظهر غضبك، "وأثنِ على نفسك لفعلك ذلك لأنّه ليس أمراً سهلاً!" ويقول الخبراء: أمّا إن توقفوا، فَكِلْ لهم المديح كيلاً. فما تفعله هو أنك تخلق حلقة ردّ فعل إيجابي لطفلك. وقد أظهرت الدراسات نجاعة العواقب الهادئة في تعليم الأطفال عن عواقب سوء سلوكهم، كما أن الثبات هو عامل مهمّ في التربية الإيجابية، ولذا فإن تنفيذك لوعيدك أمر مهم. وكذلك اتخاذك لعواقب معقولة. بوسعك مصادرة هاتف مراهق لساعة، لكن مصادرته لأسبوع كامل قد يكون أمراً عسير التنفيذ.


اضف تعليق