على الفرد أن يعرف الأفكار غير المنطقية لديه والتي أدت الى التفكير السلبي وأن يعمل على تحديدها ومراجعتها وتصحيحها ليستبدل بها أفكار إيجابية، وعادة ما ينشأ التفكير السلبي لدى الفرد بسبب التنشئة الاجتماعية الخاطئة التي يسهم بها الآباء والمعلمون والمجتمع، وذلك من خلال الاستمرار في اللوم...
ان اكتساب مهارة التفكير الايجابي تحتاج الى جهد ووقت كبير، كونه اولى خطوات النجاح، ومن خلاله يستطيع الإنسان التعامل بشكل أفضل مع المواقف والمشكلات التي يواجهها في حياته، فعندما يفكر الفرد بطريقة إيجابية عقلانية منطقية يكون منتجاً متفائلا بالحياة، لأن التفكير الايجابي يزيد من نشاط الدماغ ويعمل على زيادة مستوى السيروتونين والدوبامين فيه مما يجعل الانسان يشعر براحة وسعادة، وعندما نفكر بطريقة ايجابية فان العقل الباطن يتقبل هذه الافكار من العقل الواعي ويبحث في مخزون الذاكرة عن كل الذكريات والمواقف التي تدعم هذا التفكير الايجابي فينعكس ذلك ايجابيا على حياتنا وصحتنا، فالعقل الباطن يقبل ما يزرع فيه ولا يفرق ما بين الصح والخطأ.
لذا تطوير الذات لا يقف عند مرحلة او فئة عمرية محددة للفرد فبإمكان كل انسان ان يسعى لتطوير ذاته في اي وقت يشاء طالما توفرت لدية الارادة والطموح، والتغيير يبدا من داخل الانسان، اي لا ينتظر المساعدة من غيره، والدليل على ذلك ما جاء في كتاب الله عز وجل ((إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)) [الرعد: 11]، فلابد للفرد ان يجمع قواه الداخلية وثقته بنفسه وبموهبته ويطلق العنان لقدراته ليحصل التغيير من خلال الايمان الفعلي بما يرمي اليه من اهداف وطموحات.
يمر مجتمعنا اليوم بكثير من الازمات وأشدها خطورة هي أزمة إهمال تنمية الذات وتطويرها، وبالأخص لدى فئة الشباب، فتجد الغالبية منهم ينتظرون أن تأتي فرص التغيير والإصلاح عن طريق غيرهم (من جيل جديد، من حاكم قوي، من دولة أجنبية عظمى، أو من حكومة جديدة قوية... إلخ)، وبالتالي لا يقومون ببذل أي جهد لتغيير أنفسهم، او دور يغير من واقعهم على مختلف الأصعدة.
فلابد للفرد ان يبتعد عن التفكير السلبي قدر الامكان، كونه يؤدي إلى خفض الإنتاجية والشعور بالتعاسة أو الاضطراب الانفعالي، وينعكس ذلك على الصحة العامة للفرد النفسية والبدنية على السواء، ويرى د . كارلتون سيمنتون أنه كلما طال إحساس المرء بالضيق مع ارتباط ذلك بوجود توجهات سلبية لديه كان أكثر عرضة للأمراض الخطيرة، وأثبت باحثون بجامعة ويسكونسن أنّ الناس الذين يمارسون التفكير الإيجابي يكافحون الأمراض بشكل أفضل، وتوصل علماء النفس إلى أن التفكير السلبي لا ينشأ مباشرة من خلال ما يواجهه الفرد في حياته من مشاكل وصعوبات في الحياة ولكن هو نتيجة تبعية وردة فعل لما تحدثه تلك المشاكل والصعوبات داخله من أفكار.
ومن أبرز مسببات الأفكار السلبية لدى الفرد: الفراغ، عدم الثقة بالنفس، الانطوائية، قلة المشاركة الاجتماعية، التركيز على السلبيات والعيوب الموجودة لدى الفرد، التنشئة الاجتماعية الخاطئة.
بينما من أهم النصائح التي تقود الإنسان للتفكير بإيجابية هي: إشكر الله على الاشياء التي تمتلكها ولا تفكر بالأشياء التي لا تمتلكها، اقرأ الموضوعات والكتب المهمة ومارس ما قرأته في حياتك، تذكر دائما الاحداث السعيدة والانجازات الناجحة التي قمت بها ولا تتذكر احداث الماضي السيئة ولا تعش في الماضي وانما فقط استفد من اخطاء الماضي، الثقة بالنفس، تقبل ذاتك وقدرها، مارس الهوايات المفضلة، تطوير المهارات والقدرات الشخصية، التخطيط الجيد للمستقبل وتحديد الأهداف المهنية والاجتماعية بدقة ووضوح والإصرار على تحقيقها.
خلاصة القول، ينبغي على الفرد أن يعرف الأفكار غير المنطقية لديه والتي أدت الى التفكير السلبي وأن يعمل على تحديدها ومراجعتها وتصحيحها ليستبدل بها أفكار إيجابية، وعادة ما ينشأ التفكير السلبي لدى الفرد بسبب التنشئة الاجتماعية الخاطئة التي يسهم بها الآباء والمعلمون والمجتمع، وذلك من خلال الاستمرار في اللوم، والتركيز على السلبيات والأخطاء التي يرتكبها الطفل، وتكرار التحذير من الوقوع في الخطاء، والإسراف في العقاب.
ففي بعض الأحيان، يجب أن تتبدل بعض الأمور لتحصل على التغيير المطلوب، أحيانا يجب عليك أن تكسر حتى تلمح وتتعرف على تلك القوة الرهيبة القابعة داخلك، أحيانا يجب أن تخطئ لتكتسب الحكمة، أحيانا يجب أن يتملكك الحزن لتتمكن من السعادة في المستقبل، تذكر كل ما سبق أحيانا.
اضف تعليق