الانتخابات في الدول العربية ومنها العراق الذي الف الاستبداد والعشوائية السياسية بدأت تغيب البرامج وتصعد مؤشرات أخرى منها ما يتعلق بشراء الذمم بفعل المال السياسي المستشري بين الأحزاب والكتل السياسية أو بفعل العنف والضغوط أو استغلال المواقع التنفيذية والبرلمانية من قبل المرشحين أو بفعل التركيز على عوامل التحشيد...
ترتكز الانتخابات في أي بلد يعتمد مبادئ الديمقراطية على أسس صحيحة وبرامج انتخابية واقعية ينفذها المرشح بعد فوزه بالانتخابات، وتكون هذه البرامج الانتخابية هي المعيار الوطني والقانوني والاخلاقي بصعود كفة هذا المرشح أو هذه الكتلة أو تلك، إضافة إلى عناصر المهنية والكفاءة والنزاهة في شخص المرشح وكتلته الانتخابية، وبالتالي فإن تفويز المرشح من قبل الناس يكون على ما جاء في برنامجه الانتخابي وسلوكه السياسي وكفاءته، وهذه إحدى دعائم العملية الديمقراطية، يكون التنافس على أساس البرامج وليس لمحددات أخرى.
تشير التقارير إلى أن الانتخابات في الدول العربية ومنها العراق الذي الف الاستبداد والعشوائية السياسية بدأت تغيب البرامج وتصعد مؤشرات أخرى منها ما يتعلق بشراء الذمم بفعل المال السياسي المستشري بين الأحزاب والكتل السياسية أو بفعل العنف والضغوط أو استغلال المواقع التنفيذية والبرلمانية من قبل المرشحين أو بفعل التركيز على عوامل التحشيد عبر استحضار الطائفة او الدين او الشخصيات السياسية او اللجوء إلى أبناء العشيرة والعمومة او ما يمكن أن نسميه في هذا المقال بـ(الفزعة الانتخابية) في إشارة إلى النصرة او الحماية التي ينتدبها أبناء العشائر في نصرة بعضهم بعض في كثير من المناسبات بغض النظر عن معايير العدالة او الحق، إذ يرى مراقبون في شؤون الانتخابات أن البلدان العربية ذات النزعة العشائرية برز معها ما يمكن أن نسميه بشكلانية الديمقراطية.
إن البرامج الانتخابية لعديد من مرشحي الانتخابات البرلمانية يغيب عنها الاحتكام لخطط العمل والأفكار الجادة فيما يحاول المرشحون محاكاة الناخبون عبر التركيز على محددات النخوة العشائرية والفزعة.. الخ، وقد تدخل الدائرة الواحدة حرب باردة بين العشائر ذاتها إذا ما كان هناك مرشحون من قبائل أخرى فيكون الفيصل فيما بينهم هو أبناء العشيرة وتشير التقارير إلى أن الاصطفافات العشائرية باتت سمة أساسية في الانتخابات النيابية في العراق المزمع إجراؤها في العاشر من تشرين الأول القادم 2021، حيث يحتكم المرشح وبعد ذلك الناخب للفزعة العشائرية فقط في عملية الانتخابات بغض النظر عن مؤهلاته وكفاءته وهو بكل تأكيد لا يخدم العملية الانتخابية وإفرازاتها في انتخاب مشرعين يصلحون واقع البلد ومشاكله الكثيرة.
بل أن ذلك سيزيد من الفوضى وعمليات الفساد وسوء استخدام السلطة بصيغ واشكال مختلفة وسينعكس سلبا على مبادئ الديمقراطية والتعددية السياسية القانونية، ومن عيوب تنفيذ القانون الانتخابي الجديد رقم 9 لسنة 2020 أن تقسيم مجلس المفوضين للمحافظة قسم المحافظة إلى دوائر انتخابية بموجب القانون كأنما أراد أن يراعي الواقع العشائري عبر التركيز على ضم عدد المناطق العشائرية والريفية في دائرة واحدة حتى وأن كانت متباعدة وهذا ما حصل في عدد من المحافظات العراقية مما يجعل من المنافسة داخل هذه الدائرة الانتخابية الواحدة ذات اللون الواحد مما ستكون نتائجها أيضا على ذات اللون.
وهنا تكمن المشكلة المتكونة من إشكاليات يشترك بها المرشح بالدرجة الأولى، ومن ثم الناخب، وإلى حد ما القانون الانتخابي خاصة وأن بعض المرشحين سمح لهم مجلس المفوضين وهم من ليس من سكنة الدائرة الانتخابية بالترشيح، وكان يفترض أن يحدد القانون الانتخابي مدة سكن المرشح في الدائرة الانتخابية لمدة لا تقل عن خمسة سنوات حتى لا يكون هناك تنقلات مبنية على أساس المصالح والنزعات الدينية والطائفية والعصبوية العشائرية، واللافت أن غاية العديد من المرشحين في تلك الدوائر وغيرها ليس التشريع بمعناه السياسي والقانوني والوطني والأخلاقي وبناء الدولة، إنما لأهداف التمكين ولكسب الوجاهة الاجتماعية والسياسية والمصالح والمكاسب الاقتصادية وللتغول الحزبي، فمثلما هي الأنظمة البرلمانية الفيصل للإصلاح والتطوير هي السلطة التشريعية البرلمانية.
في ضوء هذه المشاكل فإن قبل كل دورة انتخابية تقع المهمة الأساسية في وصول الأكفأ والأفضل والاصلح وانتخاب المرشحين على أساس البرامج الانتخابية الواقعية وليس لاعتبارات ضيقة او لمنطلقات حزبية او فزعوية، من هنا يفضل للناخبين تحديد عملية اصلاح الواقع السياسي عبر الخطوات الاتية:
1- المشاركة في الانتخابات والتصويت على أساس المرشح الأكفأ، وأن يكون الحكم في الانتخاب العقل والاعتبارات الوطنية وليس العاطفة ودغدغة المشاعر او الاعتبارات الضيقة.
2- الانتخاب على أساس البرامج وليس على أساس اعتبارات مصلحية او عصبوية او طائفية او عرقية محددة، وهذا ما أشارت إليه القوى الروحية في المجتمع العراقي من ضرورة انتخاب الاصلح من بين المرشحين لتكوين دولة قائمة على أساس المواطنة ومصلحة الدولة العليا.
3- أفضل معاقبة للمرشحين الفاسدين او الذين يستغلون الدين او الطائفة او العشيرة هو بانتخاب الأفضل والأكفأ بغض النظر عن كتلته الانتخابية او عشيرته او حزبه السياسي او منطقته السكنية وان يكون الانتخاب للأفضل من الدائرة الانتخابية الذي تتوفر فيه العدالة والنزاهة وأن لا يكون اساء استخدام السلطة او اسرف على حساب المال العام.
4- إن استمرار العمل بشكلانية الديمقراطية عبر وصول اشخاص غير اكفاء من أحزاب او أشخاص، وبعد أن دخلت الحزبية إلى العديد من العشائر سيكون لتداخل الحزبية مع العشائرية أبعاد خطيرة على مجمل العملية الديمقراطية والسياسة والاقتصاد في البلد، وأبعاد هذا الخطر مهمة تقع على عاتق عشائرنا الكريمة إضافة الى التكوينات الاجتماعية والسياسية والدينية في ضرورة الفرز السياسي وتكوين معايير وطنية في خطوات العملية الانتخابية من الترشيح والانتخاب وصولا إلى التمثيل في مجلس النواب او حتى في الاشتراك بالتمثيل الوزاري بأي حكومة عراقية اتحادية.
اضف تعليق