q
ما يهمنا هنا وضعنا العراقي، يمكن القول ان العراق مرر رسائل خاطئة إلى الطرفين والتي صدرت من سياسيين ومن الشارع والنهج الذي تتبناه الأطراف السياسية، وغياب التقييم الجاد وخطورة الوضع لدى المجتمعات المهتمة باستباق الحالة، بمعنى انه تصرف غير مسؤول تجاه الأزمة...

متى تبرهن النفوس التي أزهقت والمليارات التي صرفت بأنها كفيلة لوضع حد للصراع؟!، لماذا لم يصغ الجميع لمنطق السلام والقدرة على التعايش، ولا تزال لغة العقل غائبة والبديل الحرب؟!

السلام هو إرادة والصراعات لا يمكن لها أن تدوم ويمكن تسويتها فالعالم لم يعد مقفلا على جماعة دون أخرى لكن الثقة كانت ضحية للصراع، هذا النوع من الفهم المشترك كمقدمة لشروط التفاوض ويتغلب على هواجس الخوف من التردد، فهو يخلق أجواء هادئة بتكاليف أقل وبشكل مرن مع تقدير حجم التنازل لكل طرف عبر قنوات التفاوض وإلا سيتم التهرب ونكران أي اتفاق مبدئي وسيعود كل طرف إلى المربع الأول.

من أهم وسائل إعادة الثقة تبدأ بمعاملة الخصم كبشر سوي، لأن الظروف التي حكمت كانت قاسية وألم المعاناة والحروب أمر قاس.

الجماعات المتحاربة نست طعم السلام والعيش السعيد. والحديث من العمق الإنساني في الكثير من الأحيان وبشكل صادق يثير دفائن القلوب. ومما يساعد في تجاوز المحنة حضور أطرف عاشت المعاناة لأنها عاشتها وبنفس الوقت عاشت السلام.

ومن المهم جدا إدامة هذه الثقة بشكل تفاوضي يأتي بنتائج ايجابية ومعززة بوثيقة رسمية، فعلى سبيل المثال تجربة مانديلا بحواراته مع (بارنارد وكوتسي) لأنه كان يعلم إن القوة والقرار ليست بيده، فعمد فيما بعد إلى توجيه رسائل طمأنة إلى خصومه بخصوص مخاوف البيض من السود وان تكون المفاوضات رسمية تؤمن مصالح شعب مانديلا.

إن اشتباك السياسة مع الأمن يطيلان من عمر الصراع، فقادة الجيوش نسمع منهم باستمرار كلما زاد نفوذ السياسي كلما تأخر حسم المعركة. فعلى سبيل المثال ما حدث في أفغانستان بعد أن حشدت الولايات المتحدة جنودها عام 2011 فإنها لم تحقق ما كانت تطمح إليه.

بنهاية المطاف أن الولايات المتحدة الأمريكية ذات دوائر متعددة في القرارات السياسية والأمنية بحيث يصعب ترويضها فإنها تمتلك قوى لا ترتبط بشكل مركزي يخضع لقرار هرمي، فيما نظيرتها إيران ترتبط بشكل هرمي قيادي يمكن أن يكون قرارها مركزي يقلل مخاطر تشتت الآراء. هذه العوامل مؤثرة على النجاح أو الفشل، فيبقى العامل الرئيسي هو القدرة على إبرام الاتفاق.

فهناك ست محاور للحوار من المحتمل تعتمدها واشنطن وطهران من أجل التخفيف من التوتر بين الحاصل بعد أن تبادل الطرفان هجمات صاروخية.

وتأتي هذه المراحل حسب الأهمية:

المرحلة الأولى: الاتصالات عبر الوسطاء وجمع المعلومات.

المرحلة الثانية: مرحلة ترميم الثقة.

المرحلة الثالثة: الفرص والخيارات التي يمكن من خلالها فتح قناة الحوار أو التفاوض.

المرحلة الرابعة: نقل الحوار إلى مرحلة أوسع، بحيث تضم أطراف أخرى.

المرحلة الخامسة: توقف الهجمات المتبادلة أو قصف التواجد الإيرانية في المنطقة.

المرحلة السادسة: مفاوضات رسمية تفضي باتفاق سياسي.

الجماعات المتقاتلة تاريخيا ترى إن مراحل السلام تمر بثلاثة مراحل:

المرحلة الأولى: استثمار المفاوضات كأداة لدعم المجهود العسكري.

المرحلة الثاني: تكون الحرب من أجل اللجوء للمفاوضات.

المرحلة الثالثة: التركيز على فحوى المفاوضات بحيث تضمن مرحلة إنهاء الحرب. فمرحلة الاتصالات تلحق بها مرحلة فتح القنوات بحيث إنها تؤمن تواصل فعال.

ما يهمنا هنا وضعنا العراقي، يمكن القول ان العراق مرر رسائل خاطئة إلى الطرفين والتي صدرت من سياسيين ومن الشارع والنهج الذي تتبناه الأطراف السياسية، وغياب التقييم الجاد وخطورة الوضع لدى المجتمعات المهتمة باستباق الحالة، بمعنى انه تصرف غير مسؤول تجاه الأزمة.

*كاتب صحفي

اضف تعليق