تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو التشرد أو اليتم أو البطالة، وتعمل على وقايتهم من الجهل والخوف والفاقة، وتوفر لهم السكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم، وينظم ذلك بقانون...
تشن السلطات حملة على "بيوت التجاوز" وهي وحدات سكنية يقوم المواطنون ببنائها خارج اطار القوانين، بما في ذلك التجاوز على الاراضي المملوكة للغير، و"الغير" هنا هو الدولة غالبا.
ظاهرة التجاوز تكشف عن مشكلة مركبة من عنصرين: العنصر الاول: عدم التزام المواطن بالقوانين، اضطرارا او اختيارا. وهذه ظاهرة غير مقبولة وغير حضارية، لاننا لا يمكن تصور مجتمع انساني حضاري خارج اطار القانون. ولا يمكن التسامح مع اية مخالفة للقوانين. ولا يمكن توجيه اللوم الى السلطات المعنية لقيامها بتطبيق القانون، ولا يصح مواجهة تطبيق القانون بتقاليد عشائرية لا يعترف بها القانون.
العنصر الثاني: عدم التزام الدولة بالدستور. لان الدستور ينص في المادة (30) على ما يلي: "تكفل الدولة للفرد وللأسرة ـ وبخاصة الطفل والمرأة ـ الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياةٍ حرةٍ كريمة، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم."
وواضح ان الدولة لم تقم بواجبها الدستوري في هذا الشأن وبقيت مشكلة السكن احدى المشكلات المزمنة في المجتمع العراقي.
والا، فلو كانت الدولة العراقية التزمت بمضمون هذه المادة بشكل سليم لما اضطر المواطن العراقي الى تجاوز القانون.
ولا شك ان التزام الدولة بهذه المادة لا يعني ان يتكل المواطن على الدولة ولا يجتهد في العمل من اجل ان يكون قادرا على اعالة نفسه وعائلته، فاذا اعيته الحيلة وتعذر عليه الامر، كان على الدولة ان تتقدم وتساعده على حل مشكلته.
ويقدر بعض الباحثين حاجة العراق الى الوحدات السكنية من مليونين الى مليونين ونصف وحدة سكنية لغاية عام ٢٠٢٠.
وهذا يتطلب جهدا مكثفا من قبل الدولة لحل هذه المشكلة. ويستطيع الفكر ان يتوصل الى حلول كثيرة للمشكلة. وتقدم الدول الاخرى حلولا كثيرة ايضا يمكن الاستفادة منها. وتشكل تجربة مدينة بسمايا نموذجا متقدما بالامكان تكراره في مناطق اخرى ايضا. (حوالي ١٠٠ الف وحدة سكنية)
وان لم تتمكن الدولة من تكرار نموذج بسمايا، فبالامكان الذهاب الى حل يمكن تسميته بالحل التعاوني، والتعاون بين ثلاثة اطراف هي: المواطن ذو الحاجة، والمجتمع، والدولة. ويتالف الحل التعاوني من العناصر التالية:
اولا، يؤسس اصحاب المال ورجال الاعمال في المجتمع جمعيات تعاونية استثمارية لبناء المجمعات السكنية براسمال محدد، يدفع نصفه رجال الاعمال فيما تدفع الدولة النصف الثاني.
ثانيا، تقوم هذه الجمعيات ببيع الوحدات السكنية للمواطنين المسجلين بالجمعية باقساط مريحة، مقابل ملكية كامل الوحدة السكنية، او نصفها على تملك الدولة النصف الثاني. ( يمكن للمواطن شراء النصف الثاني لاحقا).
ثالثا، تقوم الدولة بتوفير الاراضي لبناء الوحدات السكنية، وانشاء البنى التحتية من ماء وكهرباء ومجاري الخ.
في هذه الاثناء تقوم الدولة بتسجيل اسماء المتجاوزين والتحقق من فعلية احتياجهم للسكن. (يقال ان بعضهم يملكون بيوتا لكنهم يقومون بتاجيرها لاخرين). ثم ادراج الحالات الحقيقية ضمن قوائم المشمولين بالسكن التعاوني ضمن شروط عادلة ومنصفة.
وماذا بشان المعدمين والفقراء والمعوقين والذين لا يملكون موردا ماليا؟
في هذه الحالات، تقوم الدولة بتطبيق الجزء الثاني من المادة ٣٠ والذي يقول: "تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو التشرد أو اليتم أو البطالة، وتعمل على وقايتهم من الجهل والخوف والفاقة، وتوفر لهم السكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم ، وينظم ذلك بقانون".
والى ان يتحقق ذلك، يجب على الدولة ان توفر بدائل سكن للمتجاوزين المضطرين قبل تهديم اسقف منازلهم على رؤوسهم. فشرط القانون العادل ان يطبق بطريقة انسانية.
ويبقى الاخطر من ذلك تجاوز "كبار" السياسيين على عقارات الدولة!.
اضف تعليق