للحوار الأسري عائدات إيجابية، فهو يفتح الباب لبناء العلاقات الطيبة بين الزوجين والأبوين والأبناء، ويؤدي وظيفة خافض لحرارة الصراعات والمشكلات. كما يقنع الأطفال بهدوء بعيدًا عن فرض الآراء، ويساعد على اكتساب ثقافة الاعتراف بالأخطاء، وتفهم إحباطات الطفل، ويمنح فرصًا للتعبير عن المشاعر، ليشيع الحب في العائلة...

يفترض أن يحكم حياة الأسر الإنسانية التقبل والاحترام والحوار البناء الهادف الذي يضع حلًا لمشكلة أو يصنع قرارًا لما هو آت. فالكثير من الأسر ذات الترابط القوي هكذا تدير حياتها وتعبر بها كل الأزمات التي تعصف بها، والطريق إلى ذلك هو الحوار. وبدون الحوار سيحل التخبط والعشوائية، ويخلف وراءه الكثير من المشكلات التي ربما لا تجد لها علاجات أو تبقى آثارها قائمة. فما هو الحوار الأسري؟ وما هي عائداته؟

يُعرّف الحوار الأسري على أنه "نوع من أنواع الاتصال والتواصل الإيجابي مع الطرف الآخر من خلال احترام وتقدير الكبير للصغير، الذي يؤدي إلى تهذيب سلوك الأبناء، وذلك بمخاطبتهم بلغة هادئة، مما يؤدي إلى التفكير المنظم السليم، ويؤدي أيضًا إلى تدريب الأبناء على الجرأة ومواجهة الحياة، وتهيئة الأبناء لإنشاء أسر مترابطة يسودها الحوار الهادف البناء".

بماذا يعود الحوار الأسري على الأسر؟

للحوار الأسري عدة عائدات إيجابية، شريطة أن تُتبع فيه الأسس السليمة، ومن أهم هذه العائدات هي:

• بناء العلاقات الطيبة والجيدة: يفتح الحوار الباب لبناء العلاقات الطيبة والجيدة بين الزوجين، وبين الأبوين وأبنائهم، مما يؤسس لعلاقة قائمة على التفاهم والاحترام وتقبل رأي الآخر. وهذا ما يجعل تربية الأطفال بصورة إيجابية صالحة، وحينها نُعطي الطفل فسحة كبيرة من الثقة بالنفس والتقبل لنفسه ولمحيطه الاجتماعي.

• خفض حرارة الصراعات والمشكلات: يؤدي الحوار الأسري البناء وظيفة الخافض لحرارة الصراعات والمشكلات الأسرية، إذ يمكن لمشكلة كبيرة أن تُحل بعد تبيان حقيقة القصد من الكلام أو من السلوك. والعكس هو بقاء فتيل الصراع مشتعل، مما قد يُوصل الطرفين إلى الطلاق أو إلى نتائج سلبية، وبالتالي يغيب الأمن الأسري والنفسي وتعيش العائلة، لاسيما الأطفال، في جو مشحون غير مريح ولا مستقر.

• غرس ثقافة التقبل والمرونة: يقنع الحوار الأطفال بأية أفكار بصورة هادئة بعيدًا عن الصراعات، وعن فرض الآراء من الآباء. وبذا يتربون على فكرة التقبل للآخرين والتعاطي معهم على أنهم مكملون لا متقاطعون معهم. وهذا ما يمنحهم مرونة نفسية تعطيهم أفضلية في التعامل مع الأحداث من حولهم، والعكس يعني كبتهم وكبت مشاعرهم مما يجعلهم يفرضون آراءهم بالقوة.

• اكتساب ثقافة الاعتراف بالأخطاء: يساعد الحوار الأسري على اكتساب ثقافة الاعتراف بالأخطاء الشخصية من قبل الآباء أثناء الحوار أمام الأبناء على تقليد هذا السلوك الإيجابي من قبلهم. وبالتالي يتاح للأبناء فرص لتصحيح مسارات حياتهم بعيدًا عن التردد أو قبول الواقع كما هو، مما يجعل الفرد غير ساعٍ للتطوير على مستوى عائلته وعلى مستواه الشخصي سواء أكان عمليًا أو علميًا.

• تفهم إحباطات الطفل ومشاركته فيها: يساعد الحوار الأسري على تفهم إحباطات الطفل، وخيبات الأمل التي شعر بها والمشاركة فيها، وتعليمهم المشاعر المتعلقة بالحزن وخيبات الأمل والقلق، وأنها جزء من الحياة الشخصية. وتعليمهم أنها مشاعر مؤقتة تزول مع مرور الوقت، ومساعدتهم على التعبير عنها بدلاً من كبتها، وبالتالي تتحول إلى عقد نفسية مكبوتة ستُفجر يومًا ما على صاحبها وتقتل أو تنتزع منه قواه النفسية.

• تشجيع التعبير عن المشاعر وإشاعة الحب: يمنح الحوار الأسري فرصًا لكل أبناء الأسرة بالتعبير عن مشاعرهم لبعضهم البعض، سواء بين الأبوين أنفسهم أو بين الأبوين وأبنائهم، وبالتالي يشيع الحب بين أبناء العائلة الواحدة.

في الختام، لأجل هذه العوائد الإيجابية، يجب أن يتخذ الحوار الأسري كأسلوب حياة في كل أسرنا الكريمة.

اضف تعليق