العقوبة في التشريع الإسلامي والوضعي.. دراسة مقارنة |
|||||
حيدر البصري |
|||||
تمهيد.. |
|||||
لم تكن العقوبة أمراً مستحدثاً في حياة الإنسان أو حالة طارئة فيه، إنما تعد العقوبة من الأمور التي رافقت الإنسان منذ ولادته، فيمكن القول بأن العقوبة مما عجنت به فطرة الإنسان. فالإنسان لا يندفع نحو العقوبة ولا ينساق ورائها إلا بدافع من تلك الغرائز القابعة في نفسه، وتحديداً تلبية لنداء غريزة حب البقاء. فمع (وجود الإنسان على الأرض تكونت لديه فكرة واضحة عن مبدأين أساسيين في الحياة ما زالا حتى الآن ركنين من أركان المجتمع الإنساني هما: * العمل الحسن ويقابله العمل الحسن (أي الثواب). * العمل السيء ويقابله العمل السيء (أي العقاب)). على هذا لم تكن لتجد مرحلة من المراحل التي مر بها الإنسان، ولا عهداً من العهود التي تعاقبت على قيادته وتوجيهه ـ سواء كان هذا التوجيه من وحي الدين أم كان من وحي القوانين الأرضية ـ يخلو من مبدأ العقوبة إذ أن مبدأ العقوبة يرتبط بحياة الإنسان وبقاءه، حيث قلنا ـ كما تقدم ـ بأنه من آثار غريزة حب البقاء، هذه الحقيقة التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله: ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) . عليه فلو أردنا تسليط الضوء على العقوبة وإخضاعها للتحليل لابدّ لنا من معرفة الأدوار التي مرت بها ولو بنحو مقتضب بناءاً على ضيق المجال. ولكن وقبل كل شيء لا بدّ لنا من معرفة حقيقة هذا المبدأ الذي نتكلّم حوله مما يدفعنا إلى تقديم تعريف للعقوبة. |
|||||
هناك تعريفات عديدة يسوقها فقهاء القانون الجنائي للعقوبة لا يتسع المجال لتقصيها بل ننتقي منها واحداً يمكن من خلاله رسم معالم المبدأ مورد البحث. فهذا التعريف يقول: (العقوبة قدر مقصود من الألم يقرره المجتمع ممثلاً بمشرّعه ليوقع كرهاً على من يرتكب جريمة في القانون، بمقتضى حكم يصدره القضاء). إن مما يؤخذ على هذا التعريف هو انه لم يحدد بالدقة مقدار ذلك الألم، وإن (قدر الألم) المذكور في التعريف قد لا يشمل عقوبة إزهاق الروح (الإعدام) في حين يجب أن يكون التعريف جامعاً لجميع أفراد المعرَّف. |
|||||
يمكن تعريف العقوبة في الشريعة الإسلامية بالآتي: العقوبة هي جزاء يقرره الشارع في حق كل من يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، أو يعين آخر على مخالفة تلك الأحكام، وتختلف طبيعة ذلك الجزاء باختلاف الجرم حدّةً وخفة. مما تجدر الإشارة إليه أن الشريعة الإسلامية قد حافظت على التوازن الذي يجب أن تقوم عليه العقوبة من خلال حفظها للنسبة بين الجرم والجزاء وهذا ما لم تلتفت إليه القوانين الوضعية. فالشريعة الإسلامية تضع في حسبانها أن العقوبة إنما تقرر لأجل حفظ التوازن الاجتماعي، وهو ما لم تنظر إليه القوانين الوضعية بما هو هو، إنما اعتبرته جانباً من الجوانب التي قررت العقوبة لأجلها. أما الجانب الآخر الذي تنظر القوانين الوضعية إلى العقوبة من خلاله فهو كونها تشرّع لأجل حفظ النظام الحاكم في البلاد وبناءً على هذا الجانب تجد العقوبات المقررة لبعض ما ينال من النظام لا تتناسب مع ما يقترفه الإنسان. ففي بعض الدول مثلاً يعاقب بالإعدام كل من ينال شخص قائد البلد ولو بكلمة واحدة، وهذا الجزاء لا يتناسب أبداً مع الجرم الذي قرر له، فشخص ذلك القائد لا يرتبط مع الحق بحيث يكون النيل منه نيلاً من الحق ولذلك يجب أن تحفظ هذه النسبة في العقوبات. |
|||||
هناك أغراض عدة للعقوبة نذكر منها: 1) تحقيق العدالة: إن حياة الإنسان، وممتلكاته، وعرضه من الأمور الواجبة الاحترام وبالتالي فليس من العدل في شيء ترك الإنسان الذي يتعرض لهذه الأمور دون أن يطاله شيء، فإن في ذلك إجحافاً في حقوق الناس وتشجيعاً للجناة على ارتكاب الجرائم. 2) تحقيق الردع: والردع هنا على نحوين: أـ الردع العام: (وتتحقق وظيفة الردع العام للعقوبة بإنذار الجماعة بشرها إذا ما ارتكب أحد أفرادها فعلاً يعد جريمة، أو بمثل العقوبة التي تصدر ضد الجاني إذا ارتكب فعلاً مجرماً وتثبت مسؤوليته، فوظيفة العقوبة هنا إذن تهديدية موضوعها نفسية أفراد المجتمع، ولا سيما أولئك الذين تتوافر لديهم دوافع إجرامية، ويساعد على تخفيف حدة هذه الوظيفة إحساس الأفراد بأن يد العدالة ستلاحقهم، وأن عقوبة ما ستوقع بهم حتماً إذا ما وقعوا في هاوية الجريمة. ب ـ الردع الخاص: أما وظيفة الردع الخاص فيما يتركه ألم العقوبة من أثر نفسي في المحكوم عليه يحول بينه وبين العودة إلى الإجرام مرة ثانية). 3) إصلاح الجاني: فالعقوبة إنما قررت لإصلاح الجاني لا للانتقام من الجاني والتشفي منه، فالمجرم إذا شعر بالألم وأحس به فإنه سيشعر حتماً بمقدار ما تسبب به للآخرين من الألم مما يولّد حالة صحوة الضمير في نفسه ذلك الذي يدفعه إلى تأنيبها مما يؤدي بالنتيجة إلى الإقلاع عن الأعمال الإجرامية. إن هذا الأمر قد يكون مورد اعتراض من قبل البعض في كون العقوبة قد تخلق من الإنسان مجرماً فيما لو حكم عليه بعقوبة السجن، وأودع الزنزانات إلى جانب أصحاب السوابق. لقد تنبهت القوانين إلى مثل هذه الحقيقة فرتبت لها ترتيباً خاصاً، وذلك من خلال منح القاضي سلطة تقديرية يمكنه من خلالها تقدير الظروف المحيطة بالجريمة. فلو أدرك القاضي بأن الجاني لم يكن من ذوي السوابق مثلاً واضطر إلى ما ارتكبه اضطراراً، فإن له الحق ـ بناءاً على سلطته التقديرية ـ أن يوقف تنفيذ العقوبة المقررة لفعل الجاني، وذلك بعدم جدوى تنفيذ العقوبة في حقه. ولو فرض حصول مؤدى ذلك الإشكال فإنا نقول إن هذا الأمر لم يكن نتيجة خلل في مبدأ العقوبة ذاتها بقدر ما هو ناشئ بسبب ظرف خارجي بعيد عن العقوبة ذاتها. |
|||||
لقد اتخذت العقوبة على مرّ العصور صوراً وأشكالاً مختلفة تختلف في طبيعتها من مجتمع إلى آخر ومن عصر إلى عصر آخر. أما أول صورة اتخذتها العقوبة فهي صورة الحرمان. (وقد أخذ فيما بعد بعض الفلاسفة ـ الذين عالجوا مسألة العقاب ـ فكرة الحرمان أساساً لكل عقوبة). أي أنهم اعتبروا من الحرمان أساساً للفلسفة التي يقوم عليها مبدأ العقوبة. فقد قالوا في ذلك: (بأن الجرم الذي يرتكبه أحد الأشخاص يجلب له بعض المتعة، ولكي يشعر المجرم بسفاهته، يجب أن يفرض عليه عقاب يحرمه من المتعة التي حصل عليها، بوسائل غير مشروعة، وهذا الحرمان يكون إما بتعذيبه وبتحميله الآلام، وإما بنزع جريمته وعدم تمكينه من الاستفادة منها). كان ما تقدم ـ الحرمان ـ هو أول صورة من الصور التي تقوم عليها فلسفة العقاب، ولذا تجد بأن الانتقام الفردي هو الأساس لحق العقاب في المجتمعات الأولى (حيث كان المجني عليه أو أفراد قبيلته يثأرون من الجاني، والثأر كان ردّاً طبيعياً من المجني عليه ضد الجاني محافظة على كيانه. أو من قبيلته محافظة على كيانها لأن الفرد لم يكن يشكل ذاتاً مستقلة عنها، بل ذاتاً مندمجة فيها متضامنة معها في السرّاء والضرّاء وكلنا يذكر قول الشاعر العربي الجاهلي: وما أنا إلا من غزيَّة إن غوت غويت وإن ترشد غزيَّة أرشد أما مع تقدم المجتمعات وتعلقها في ذيل ركب الحضارة فقد تغير الأساس الذي يقوم عليه مبدأ العقوبة في الفكر البشري. فبدلاً أن تكون فكرة الانتقام الفردي هي المتحكمة في مسألة فرض العقوبة وتنفيذها أصبحت فكرة الانتقام العام (الحق العام) في القوانين الوضعية، أو الانتقام الإلهي في القوانين الإلهية هي التي تحكم تنفيذ العقوبة. إذ (بدأت المجتمعات تنظر إلى الجريمة على أنها عدوان على المجتمع كله لا على المجني عليه فحسب، كما أخذت الدولة ـ باعتبارها المتولي لإدارة أمور المجتمع ـ هي التي تمارس حق العقاب لا بالاستناد إلى حق الانتقام، بل بالاستناد إلى فكرة الانتقام العام أو الإلهي. وكان شعار هذه الحقبة: العين بالعين، والسن بالسن، والشر لا يندفع إلا بالشر. كما كان طابعها العام القسوة على المجرم، والاعتباطية في التجريم وتوقيع العقاب). في تقييمنا لهذه الحقبة من الزمن نقول: إن المجتمع وإن تطور في طريقة تفكيره بحيث صار يضع نصب عينيه في مسألة العقوبة كونها تخص المجتمع بناءاً على أن الجريمة في نظر من كان في تلك الحقبة موجهة بالدرجة الأولى ضد المجتمع قبل أن تكون موجهة ضد الفرد، ولكن الطابع العام الذي تتسم به العقوبة في ذلك الوقت تسوده القسوة والتشفّي. كما أن طريقة التجريم في تلك الفترة كانت تتسم بالاعتباطية وعدم الدقة نظراً لما تتسم به تلك المرحلة من المستوى. أما في العصر الحاضر فقد تغيرت الفلسفة التي تستند عليها العقوبة كما كانت عليها في الحقب السابقة على عصرنا، فلم تعد العقوبة تقوم على الانتقام والتشفي اقتصاصاً من الجاني للحق الفردي، أو للحق العام ـ بحسب العصور المارة الذكر ـ إنما صارت العقوبة تقوم على العدل والحفاظ على الحق الفردي والعام وبطريقة تختلف عن تلك التي كانت تمارس سابقاً إنما أصبحت العقوبة تتدرج بحسب الجرم ويهدف من ورائها إصلاح الجاني لا الانتقام منه. |
|||||
لقد اتفقت كلمات العلماء على اختلاف مذاهبهم في أن الشريعة الغراء إنما جاءت لحفظ الأمور التالية: حفظ الدين. حفظ النفس. حفظ النسل. حفظ المال. حفظ العقل. وقد قام بعض علماء الإسلام بالتقسيم التالي لتكاليف الشريعة في قوله: (تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق، وهذه المقاصد لا تعدوا أن تكون: (ضرورية) أو (حاجية) أو (تحسينية). ويعنى بالضرورية تلك الأمور التي لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا (ومجموع الضروريات خمسة وهي: حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل). إن المتأمل في الشريعة الإسلامية الغراء يرى مدى حكم الشارع حين تشدد في وضع الحدود اللازمة التي يمكن من خلالها حفظ هذه الضروريات. إن الشريعة الإسلامية تختلف عن غيرها في طريقة التجريم فهي لم تكن قد وضعت الإجراءات الاعتباطية في طريقة تجريم الإنسان كما فعل غير من أشرنا إليه سابقاً. وإنما كان الدين الإسلامي أحرص على تبرئة ساحة المتهم قبل أن يدان بالجرم الذي اتهم فيه امتثالاً للقواعد العامة التي تقوم على العدل والرحمة في آن واحد من قبيل: (ادرؤوا الحدود بالشبهات). و(ادرؤوا الحد عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجاً فخلّوا سبيله، فإن الإمام لئن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة). فالعقوبة في الإسلام هي (الجزاء المقرر لمصلحة الجماعة على عصيان أمر الشارع، والمقصود من فرض عقوبة على عصيان أمر الشارع هو إصلاح حال البشر وحمايته من المفاسد، واستنقاذهم من الجهالة، وإرشادهم من الضلالة، وكفهم عن المعاصي وبعثهم على الطاعة ولم يرسل الله رسوله للناس ليسيطر عليهم أو ليكون عليهم جباراً وإنما أرسله رحمة للعالمين وذلك في قوله تعالى: ( لست عليهم بمسيطر) الغاشية: 22. و( وما أنت عليهم بجبار) ق: 45. وقوله كذلك: ( وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين) (الأنبياء: 107). فالعقاب إذن في الشريعة الإسلامية إنما هو لإصلاح الفرد، ولحماية المجتمع وصيانة نظامه من الانهدام. |
|||||
ما تختلف فيه فلسفة العقوبة في القانون الإسلامي عنها في القانون الوضعي.. |
|||||
تختلف فلسفة العقوبة في الشريعة الإسلامية عن نظيراتها في القوانين الوضعية في أن الأخيرة إنما تقوم على أساس الجزاء الدنيوي فحسب؛ وذلك أن القوانين الوضعية لم تضع، بل ولم تعتبر من صميم اختصاصها كل الأمور التي تمس عالم الآخرة وما وراء هذا العالم المادي. عالم الآخرة الذي تقوم عليه الشريعة الإسلامية. فالجزاء فيها ـ الشريعة الإسلامية ـ سواء كان ثواباً أم عقاباً إنما يكون في الدنيا والآخرة كذلك، بل يعد الجزاء الأخروي الجزاء الأعظم أثراً في طبيعته من الجزاء الدنيوي. وهذا الاقتران بين كل من الجزاء الدنيوي والأخروي إنما يعد واحداً من الأسباب التي تبعث الإنسان على طاعة أحكام الشريعة الإسلامية، وخصوصاً إذا عرف أن العذاب الأخروي هو من الأمور المهولة، فمن لا يرتدع رغبة منه في طاعة أحكام الشريعة فإن الأحكام الإسلامية الخاصة بالعقوبة الأخروية قد أعدت لأن يطيع الإنسان رهبة وذلك أمر منطقي إذ أن من لا يراعي ما يصلح المجتمع والفرد معاً رغبةً وإيماناً منه بضرورة طاعته يلزم إجباره على الطاعة كي لا يختل توازن النظام الاجتماعي. وقبل أن نختم بحثنا هذا حول العقوبة نرى أنه من المستحسن ذكر آراء البعض من علماء المسلمين في فلسفة العقاب في الشريعة الإسلامية الغراء نستهل في ذلك بقول أمير المؤمنين… : (إن الله عز وجل خلق الخلق حين خلقهم غنياً عن طاعتهم آمناً من معصيتهم لانه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه). ويقول أحدهم: (الحدود زواجر وضعها الله تعالى للردع عن ارتكاب ما خطر وترك ما أمر، لما في الطبع من فعالية الشهوات الملهية عن وعيد الآخرة بعاجل اللذة. فجعل الله تعالى من زواجر الحدود ما يردع به ذا الجهالة حذراً من ألم العقوبة، وخيفة من نكال الفضيحة، ليكون ما حظر من محارمه ممنوعاً وما أمر به من فروضه متبوعاً، فتكون المصلحة أعم والتكاليف أتم). ويقول آخر في ذلك أيضاً: (العقوبات الشرعية إنما شرعت رحمة من الله تعالى بعباده، فهي صادرة عن رحمة الله للخلق، وإرادة الإحسان إليهم، ولهذا يبغي لمن يفرض العقوبات على جرائم الناس وجناياتهم، أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة بهم، كما يقصد الوالد تأديب ولده، وكما يقصد الطبيب معالجة المريض). |
|||||
لقد مرّت العقوبة من حيث مراحل تنفيذها بمراحل عديدة وحسب التشكيل الاجتماعي الذي ينضوي الإنسان تحته. فالبعض الذين فرضت عليهم الظروف العيش بمفردهم في كهوف الجبال أو في قلوب الغابات لم يكن هناك من يندفع لتنفيذ العقوبة غيرهم، وكان أولئك يتصرفون أو ينساقون نحو تنفيذ وإنزال العقوبة بمن يمس، أو يحاول المساس بحقوقهم بوحي من غريزة حب البقاء. فهذه المرحلة هي التي يطلق عليها علماء الاجتماع بمرحلة شريعة الغاب التي يندفع كل إنسان نحو تنفيذ عقوبته بنفسه، ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه المرحلة لم تختص فقط بأولئك الذين يعيشون بمفردهم وانما طالت أولئك الذين ينضوون تحت راية القبيلة أو العشيرة ولكنهم لم يخرجوا في تفكيرهم عن طريقة التفكير الفردية المتقدمة. ثم وبعد تطور الإنسان وإدراكه بأن الجريمة إنما تمس المجتمع قبل أن تمس المجني عليه صار لزاماً أن يكون وضع العقوبة وتنفيذها من اختصاص المجتمع. وبعد أن تطورت سلطة الدولة أصبحت الدولة هي التي تمتلك ناصية تنفيذ العقوبة في حق الجاني، ثم وبعد الوصول إلى مرحلة الفصل بين السلطات وظهور الدعوة إليها صار تنفيذ العقوبة في حق الجاني من صميم اختصاص السلطة التنفيذية. |
|||||
لا يتسنى لنا القول بأن تنفيذ العقوبة في الشريعة الإسلامية قد مر بمراحل مختلفة، وذلك أن تنفيذ العقوبة في الشريعة الإسلامية لم يكن قد خضع لقاعدة التدرج في الأحكام، وذلك لعدم الحاجة إلى التدرج في هذا المجال. فالقول الصحيح إذن في المقام هو أن هناك سلطات توالت على مبدأ تنفيذ العقوبة. ففي عصر الرسول مثلاً كان المنفذ هو شخص رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أو من يقوم مقامه، ثم من بعده شخص الإمام الذي تولى القيادة بعد الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أو من يقوم مقام الإمام… . وبعد غيبة الإمام الثاني عشر الحجة بن الحسن … أصبح تنفيذ العقوبة موكولاً إلى الفقيه الجامع لشرائط النيابة العامة وهذا ما ذهب إليه أكثر فقهاء الشيعة غير أن هناك رأيا آخر ضعيفا يقول بأن العقوبات وخصوصاً القصاص والحدود والتعزيرات لا تجري إلا بوجود الإمام المعصوم … ومعنى هذا أنه لا يحق لأي فقيه إجراء الحد أو العقوبة... |
|||||