بعد التفجيرات الدامية والمروعة التي حدثت في بغداد والسماوة وقضاء بلد، الأسبوع الماضي، تفجيرات وحشية جديدة تشهدها العاصمة العراقية، الثلاثاء، وكما في كل مرة، فإن الضحايا عشرات الشهداء والجرحى.
إن "قتل الشيعة في العراق أصبح أمراً معتاداً"، هذا ما ذكره مراسل إحدى القنوات الأوربية في معرض تعليقه على تفجيرات ضربت عدة مدن عراقية مؤخراً.
وهذا الواقع السقيم دفع قنوات إعلامية إلى جعل أخبار قتل الشيعة بالعراق خبراً ثانوياً دون ذكر لكثير من تفاصيله الوحشية، ويبدو كأنها أخبار قتل أشخاص ليس وراءهم مُطالِب بحقهم!
والأمر المعتاد أيضاً أنه مع كل مناسبة دينية يجري استباحة دماء زوار مراقد أهل البيت (سلام الله عليهم)، فما يجري منذ سنوات هو قتل متواصل دون حدود، قتل يطال الجميع دون استثناء، حيث إن "المطلوب" هو قتل الشيعي.
ومع كل هذه التفجيرات التي فتكت بعشرات الآلاف وخلّفت مئات آلاف المعاقين من شيعة العراق، ورغم أن القاتل معروف الاسم والهوية ويجاهر بأن "قتل الرافضة من الجهاد في سبيل الله" لا أحد يسأل: "من الذي يقتل الشيعة بالعراق؟! ولماذا يقتل؟! ومتى يتوقف هذا القتل؟! وأين المجتمع الدولي من كل هذا القتل؟!
وليس ذلك الإرهاب الأسود في العراق فقط، فهناك مثله في سوريا واليمن، فحيث ما تكون الوهابية فسيكون ذبح بالسيوف، وفصل الرؤوس بالمناشير الكهربائية، وقطع أثداء النساء بالمناجل، ونخر أجساد الشباب بالرصاص، وإلقاء الأحياء من فوق بنايات عالية، وإبادة عوائل بكامل أفرادها وهم وأطفالهم نيام، وأجساد متفجرة وسيارات مفخخة وأشلاء متناثرة.
أنها مشاهد موت فظيع باتت أمامنا في كل يوم، وإنها مشاهد رعب تنبأ الناس بفوضى قتل تعم الأرض، فالقائمون بها يقتلون لأي سبب وبلا سبب، فهم لا يحتاجون لأكثر من فرصة كي يقتلوا إنساناً أو ألف إنسان، لا ضير كم يقتلون، فهم بعدد القتلى يفاخرون، والحساب عندهم يبدأ من العشرة، فـ"من يذبح عشرة يصبح أميراً"، وأفضل الجهاد عندهم قتل الرافضة، ونشوة إيمانهم في إبادة زوار القبور، وكل هذا القتل مشرعن، فقد أباحه أئمة بغي وفقهاء تكفير.
في عالمنا اليوم قتل الإنسان يعد فعلاً إرهابياً وتهديداً لمكون اجتماعي وتأزيماً دولياً إلا إذا كان القتيل شيعياً، فسيكون مجرد خبر، وهذا الواقع الإنساني المريض دليل على أن (الأزمة شيعية) أولاً (وفي هذا الحديث يطول).
وحيث لا عتب ولا أسف على أتباع فقه التكفير والذبح والتفخيخ، فإن على المجتمع الدولي أن يخجل من "عالم الحرية والسلام" الذي يُقتل فيه الشيعي بدم بارد وفي كل مكان.
وإن توجيه أصابع الاتهام والإدانة الى الوهابية (فقهاً ومؤسسات وتنظيمات) والدول التي تدعمها، لا ينفي التقصير والقصور الحكومي والفشل الإداري والانحدار السياسي الذي كان ومازال سبباً في ديمومة الإرهاب في العراق، لكن هذا شيء وذاك شيء آخر، فإن الإرهاب، الذي يضرب العراق وسوريا واليمن ولبنان ومصر وباكستان وفرنسا وبلجيكا وغيرها، أساسه الفقه التكفيري حصراً.
اضف تعليق