لقد شهد العالم في الآونة الاخيرة ازدياد ملحوظ لكارثة بشرية، الا وهي الاعتداء الجنسي على الأطفال. فقد عبرت الإحصائيات الى ان 20% من الأطفال حول العالم يتعرضون الى الاعتداء الجنسي من قبل نفوس همجية مريضة.
حسن، المراهق الذي يبلغ من العمر 15 سنة من محافظة الناصرية.. تعرض الى اعتداء جنسي عندما كان في الثامنة من عمره من قبل معلمهِ في المدرسة الابتدائية... و قد تفاقمت أعراض الاعتداء عليه، مما أدى الى تدهور حالته النفسية... فهو يعاني حالياً من التخوف و الرهبة من المدرسة على وجه الخصوص، و من الغرباء على وجه العموم.. و على الرغم من كبر سنه الا انه يتصرف تصرفات الأطفال، فتراه يزحف، و يرفض ان يأكل وحده، فيتم إطعامه من قبل والديه، كما انه يخاف مواجهة العالم و يشعر بالدونية. و ما كان على اهله الا ان يلتزموا الصمت نتيجة تخوفهم من الفضيحة و الأمور العشائرية، و عدم محاسبة الجاني على فعلته البشعة. و هناك الكثير الكثير مِن حالة حسن منتشرة في العالم، و لربما احد أسباب تفاقم هذه الظاهرة و عدم الحد منها هو صمت الناس، إضافةً للصمت الإعلامي الذي نشاهده تجاه هذه الظاهرة.. فلحساسية الموضوع نجد اعداد قليلة من الاعلاميين يسلطون الضوء على هكذا ظاهرة. و لمعرفة معلومات اكثر عن هذه الموضوع أخذنا رأي الباحثة الاجتماعية ضحى العوادي فكان جوابها :{هي كارثة اجتماعية...منتشرة بطريقة مخيفة بين أفراد المجتمع المرضى نفسياً، لذا ينبغي الحد منها ومعاقبة من يقوم بهذا الفعل لان إهمال هذه الظاهرة تؤدي الى انتشارها اكثر فأكثر، وبالتالي يكون من الصعوبة السيطرة عليه.، كما ان مفهوم الاعتداء لا يقتصر على الفعل الكامل.. بل يشمل الاحتكاك او المداعبة حتى، فهنالك أمور مهمة يجب ان يأخذها الأهل بنظر الاعتبار... فمثلا على الوالدين مراقبة الأطفال عند جلوسهم مع أشخاص يكبرونهم سناً (الأهل و الأصدقاء)، و ينبغي عليهم مساعدة اولادهم في اختيار الاصدقاء الصالحين، و توجيه الطفل و تنبيهه في حال تعرضه لهكذا موقف. و في حال تعرض الطفل لا سامح الله الى الاعتداء الجنسي يجب على الأهل تبليغ الجهات المعنية وعدم التردد او التخوف من الفضيحة لان التستر على هكذا موضوع يؤدي الى زيادتها}.
ما هي أعراض المعتدى عليه
غالباً لا تجد أعراض واضحة بعد عملية الاعتداء، لان الطفل في طبيعته يحاول تناسي الامور السيئة التي تحدث معه عن طريق اللهو و اللعب.. ومن الممكن ان لا يلاحظ الأهل اي تغيير على طفلهم، و لكن في المقابل ستظهر الأعراض النفسية فيما بعد.. و تلازمه حتى الكبر. فنجد المعتدين عليهم يعانون من حالات الاكتئاب الشديدة و الدونية أيضاً.
فيحاول المعتدى عليه ان يشبع هذا الفراغ عن طريق العلاقات العاطفية المحرمة و حزن فائق غالباً ما يؤدي به الى الانتحار.. وكما ان بعضهم يصيبهم حالات الشذوذ الجنسي، او يفقدون حب الذات مما يشعرون بان اجسادهم يجب ان تستغل، او الكثير منهم من الممكن ان يصاب "بالسادية" اي ايذاء الاخرين او "المازوشية" اي ايذاء النفس، و من المحتمل ان تجد الطفل يكره الاختلاط مع الناس.. او يرفض فكرة الزواج عندما يكبر، لان هنالك كرهاً شديدا للجنس الاخر. و قد تجد المعتدي نفسه، هو ضحية اعتداء تعرض اليه في صغره فأخذ يسد ذلك النقص او الوجع بأفعاله الحالية.
وهنالك إرشادات مهمة يجب ان يلتفت اليه الأهل:
١-اخذ الحيطة و الحذر من جميع الناس و خصوصاً الأهل و الأقرباء لان اغلب المعتدين هم يكونون من اقارب الدرجة الاولى و الثانية .
٢- توعية الطفل تجاه هذا الموضوع عن طريق التفاهم السلمي، و بث روح الطمأنينة في نفس الطفل ثم استجوابه بطريقة لطيفة، ان كان قد تعرض لهكذا موقف من قبل، او هل قام احد بملامسة اجزاء معينه من جسمه.
٣- غرس مفهوم الحياء في نفوس الأطفال لكي يمنع احد من الاقتراب منه و ملامسة الأجزاء الحساسة في جسمه.. و تعليمه بعدم تغيير ملابسه امام اي شخص، و عدم التحدث مع الغرباء من الناس او تقبيلهم.
٤- متابعة الطفل أسبوعياً على الأقل، ليتعرف الأهل على كل ما يجري مع طفلهم في المدرسة و الشارع ...الخ، اضافة الى مراقبة الطفل بعدم تكوين صداقات مع من يكبره سناً، لان ذلك سيشكل خطرا عليه.
٥- ابلاغ الطفل في حال تعرضه لهكذا موقف بان يقوم بالصراخ بأعلى صوته.. لان المعتدى غالبا ما يكون من الأقرباء فسيخاف على سمعته الشخصية و سيترك الطفل فوراً.
٦- في حال تعرض طفلك الى الاعتداء الجنسي تصرف بطريقة سليمة و حاول اخبار الجهات المعنية بذلك.. و اعرض طفلك على الاستشارات النفسية لكي تمنع الاذى عن طفلك و عن الناس، و اذا كنت ممن يخافون من الفضيحة و الامور العشائرية التي ستعرضك و تعرض طفلك الى الاحراجات الاجتماعية، فما عليك الا ابعاد طفلك من الالتقاء بهكذا أشخاص، و مراجعة المراكز الاستشارية.. مع العلم بان هذه المراكز تأمن سرية تامة لحالة المريض و معلوماته الشخصية و تتستر عن كشف هويته.
و الجدير بالملاحظة بان للإعلام دور مهم في توعية الناس تجاه هذا الموضوع و طرحه على شكل برامج توعوية و تثقيفية تطرح النقاط الاساسية لحماية الأطفال من هذه المشكلة، و لا يقل دور القانون ايضا.. بفرض عقوبات على المعتديين إضافةً الى اعادة تأهيلهم اجتماعياً.. في مراكز خاصة كما ينبغي ع الجهة المعنية اخذ الاجراءات اللازمة لمن يعتدي على الاخرين فعقوبة الضرب ليست الحل الأمثل لهكذا حالات.. بل يجب تعريضهم لاخصائي اجتماعي او نفسي لكي يجد له حل لهذه المشكلة فعند خروجه الى الواقع يكون انسان سوي حتى لا يعود الى نفس حالته الاولى.. لان عقوبة الضرب في بعض الاحيان لا تجدي نفعا.
اذا إيتها الأم الكريمة... ايها الأب الجليل، المسؤولية الكبرى تقع على عاتقيكما انتم...فليكن لديكم وعي تام في هذا الموضوع لتحافظوا على براءة طفلكم و تحموه من الاعتداء الجنسي .. الذي لو حصل لا سامح الله، لخلّف بعده دماراً لطفلكم و لمستقبل الجيل القادم.
اضف تعليق