q
ناقش مركز آدم مستلزمات نجاح الاستحقاق الانتخابي المبكر بثلاثة أسئلة، هل تتوقع أن يتم حل مجلس النواب العراقي ونسير باتجاه انتخابات مبكرة؟ ما الضمانات التي تحمي الإرادة الشعبية؟ وكيف يمكن للطاقات الشابة التي كان لها الحضور الفاعل في ساحات التظاهر من أن تحقق مكاسب تمثيلية...

ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات مع نخبة من المختصين والباحثين موضوع (مستلزمات نجاح الاستحقاق الانتخابي المبكر في العراق) بورقة بحثية مقدمة من قبل الأستاذ المساعد الدكتور علاء إبراهيم الحسيني والتي شملت استعراضا مفصلا حول الموضوع ثم ذيلها الباحث بثلاثة أسئلة طرحها للنقاش وتم الإجابة عليها من قبل المشاركين كلُ حسب رؤيته وإختصاصه.

فهل تتوقع أن يتم حل مجلس النواب العراقي ونسير باتجاه انتخابات مبكرة؟

وان صدقت النيات وتحدد بشكل نهائي موعد الانتخابات المبكرة ما الضمانات التي تحمي الإرادة الشعبية؟

وكيف يمكن للطاقات الشابة التي كان لها الحضور الفاعل في ساحات التظاهر من أن تلج العملية الانتخابية وتحقق مكاسب تمثيلية؟.

وهذا نص الورقة:

"دعا رئيس مجلس الوزراء لإجراء انتخابات مبكرة لمجلس النواب العراقي وحدد موعدا لها هو يوم (6/حزيران 2021) فتباينت المواقف وتضاربت الآراء حول هذه المبادرة التي جاءت استجابة للمطالب الشعبية المحقة، فمن الثابت ان الحلول لجميع المشاكل التي يعاني منها العراق تكمن في نزاهة وعدالة الانتخابات، ما يتطلب صياغة متأنية لمقدماتها الرسمية والشعبية، فنجاح المبادرة يحتاج إلى تضافر عوامل عدة والتغلب على الصعوبات التي تعترض الطريق وهذا ما سنبينه في الفقرات الآتية:

فمن الواضح أن الدستور والقوانين العراقية تضمنت العديد من المقدمات والشروط واجبة الإتباع للوصول إلى انتخابات جديدة لمجلس النواب، إذ ان الدستور العراقي النافذ حدد في المادة (56) عمر مجلس النواب العراقي بـأربع سنوات تقويمية وورد النص بالصياغة الآتية: (تكون مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب العراقي أربع سنوات تقويمية تبدأ بأول جلسة له، وتنتهي بنهاية السنة الرابعة) وبالتالي لا يمكن أن تجري الانتخابات في موعدها المقرر ما لم يكن هنالك حل لمجلس النواب العراقي وفق المادة (64) والتي قضت بأن: ((أولاً: يحل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلب من ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية،....) ثم أن البند (ثانياً) من المادة ذاتها أناط برئيس الجمهورية "الدعوة لانتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد خلالها مجلس الوزراء مستقيلاً ويواصل تصريف الأمور اليومية".

ما يعني الآتي:

‌أ- ليس لرئيس مجلس الوزراء أو رئيس الجمهورية أن يقوما بحل مجلس النواب لا منفردين أو مجتمعين إنما لهم حق الطلب فقط، والبت بالطلب من سلطة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة وهي نسبة كبيرة تتطلب أكثر من نصف عدد الأعضاء الكلي في المجلس، لذا الأمر يبدأ بتقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء إلى رئيس الجمهورية لحل لمجلس النيابي، فان وافق الأخير يرسل للمجلس للنظر فيه بالموافقة أو الرفض، وما تحديد التاريخ المتقدم كموعد للانتخابات المبكرة إلا أمل يتمسك به رئيس الوزراء لا غير.

‌ب- ليس من اختصاص رئيس الوزراء الدعوة للانتخابات بل أن الدستور العراقي في النص المتقدم واضح وصريح فالدعوة تقدم من رئيس الجمهورية خلال مدة أقصاها (60) يوما وخلالها يكون مجلس الوزراء حكومة تصريف أعمال.

‌ج- يبدو لي أن مجلس النواب العراقي أعطى موافقة ضمنية على الحل حينما وافق على البرنامج الحكومي للسيد الكاظمي في أوائل شهر أيار الماضي فقد تضمن المنهاج الوعد بإجراء انتخابات مبكرة بعد اكتمال قانون الانتخابات الذي تم التصويت عليه نهاية العام الماضي ولم ينشر في الجريدة الرسمية لأسباب مجهولة لغاية اللحظة، كما وعد الكاظمي بتفعيل عمل مفوضية الانتخابات وتطبيق سليم لقانون الأحزاب وما تقدم من وعود أيضا غير واقعية لأنها من اختصاص المفوضية العليا المستقلة للانتخابات المشكلة بموجب القانون رقم (31) لسنة 2019، كونها المسؤولة عن تنفيذ قانون الانتخابات وهي من تسجل وتراقب الأحزاب عبر دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية التابعة لها، ليضمن رئيس مجلس الوزراء نزاهة العملية الديمقراطية في العراق عليه أن يحرص على استقلالية المفوضية المعنية بالانتخابات، وان تجري العملية الانتخابية تحت رقابة صارمة من وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني وبالتعاون مع الأمم المتحدة في العراق، ويفترض أن كل أعضاء مجلس النواب اطلعوا على البرنامج الحكومي وعلى هذه الفقرة التي وعد بها رئيس الحكومة بإجراء الانتخابات المبكرة بالتحديد بل أن السياق المتبع أن رئيس البرلمان أحال المنهاج إلى لجان المجلس المختصة والتي أعدت تقريرا مفصلا عرض على النواب أيضاً وجرى التصويت على المنهاج وفق المادة (76) من الدستور دون تسجيل أي اعتراض من النواب على أي فقرة من الفقرات والغريب بالأمر إننا أمام احتمالين إما أن النواب لم يطلعوا على المنهاج وجرى التصويت هكذا أو إنهم كانوا مريدين وواعين ومصرين على الموافقة على الانتخاب المبكر، وهنا نقول أن الرأي الثاني هو الراجح ونجد أن المجلس ليس أمامه إلا أن يصوت على حل نفسه فان رفض سيقع تحت طائلة المبدأ القائل من سعى لنقض ما تم على يديه فسعيه مردود عليه.

مما تقدم نقول أن مجلس النواب عليه أن يكون صادقا مع نفسه وشعبه ويصوت على حل نفسه بنفسه ولكننا سنصطدم بعقبة دستورية هي ما ورد بالمادة (64) من الدستور التي أناطت برئيس الجمهورية وليس رئيس مجلس الوزراء الدعوة لانتخابات خلال مدة أقصاها (60) يوما فان تم التصويت الآن سنكون ملزمين بتنظيم انتخابات مبكرة خلال مدة لا تتجاوز ما ورد أعلاه وان سمحنا لمجلس النواب بالبقاء على أمل أن يصوت العام القادم على الحل قبل (60) يوماً من تاريخ (الخامس من حزيران) الذي عينه رئيس مجلس الوزراء فهل من ضمان لاجتماع المجلس خلال تلك المدة وتحقق النصاب القانوني للجلسة والنصاب القانوني لتصويت على الحل أي أغلبية مطلقة من عدد أعضاء مجلس النواب، هل ستكون الكتل صادقة في ما رحبت من تحديد موعد مبكر وهل سيكون النواب على استعداد لفقدان الامتيازات المالية وغيرها التي اعتادوا عليها؟.

من المعوقات الدستورية وجود المحكمة الاتحادية العليا التي أناطت المادة (93/ سابعاً) بها سلطة المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب) كما أسندت لها المادة (52) مهمة أخرى لا تقل أهمية عما سبق تتمثل بما ورد في البند الأول الذي منح مجلس النواب اختصاص الفصل في صحة عضوية أعضائه بعد الانتخابات والمصادقة على النتائج، في حال اعتراض شخص ما على فوز أحد المرشحين خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسجيل الاعتراض، ثم أجاز البند الثاني الطعن بقرار المجلس أمام المحكمة الاتحادية العليا خلال ثلاثين يوماً) ما يعني أن صحة الانتخابات وصحة العضوية في مجلس النواب منوطة بالمحكمة الاتحادية العليا وبما أن الأخيرة معطلة منذ أشهر بسبب إحالة أحد قضاتها على التقاعد ما سبب اختلال النصاب القانوني لانعقاد المحكمة الذي حدده القانون رقم (30) لسنة 2005 بان تنعقد المحكمة برئاسة الرئيس وعضوية ثمانية من القضاة، إذ أن المحكمة ذاتها حكمت بعدم دستورية المادة (3) من قانونها بالدعوى المرقمة (38/ اتحادية/2019) والتي كانت تعطي لمجلس القضاء الأعلى سلطة ترشيح أعضاء جدد للمحكمة، ماجعلنا أمام مفترق طرق إما أن تعدل المادة الثالثة من القانون المذكور ليتم استبدال عضو المتقاعد قبل الانتخابات وقبل حل المجلس النيابي الحالي أو يتم سن قانونها كما بينت المادة (92) من الدستور بأغلبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب وهو الخيار الأفضل بالطبع.

من أهم المعوقات التي تعترض إتمام الاستحقاق الانتخابي القادم هو إكمال تشريع قانون انتخابات مجلس النواب العراقي حيث شرع مجلس النواب في أواخر 2019 بقراءة مشروع قانون جديد وتم التصويت عليه حيث تضمن العديد من النقاط الإيجابية وان كان لم يحالفه الحظ تماماً في تجاوز كل السلبيات المتوقعة ومنها أنه لم يلزم المفوضية باعتماد البطاقة الانتخابية البايومترية الحيوية والتي من شأنها أن تحد من حالات التزوير، كما سمح باعتماد الأقضية كدوائر انتخابية بالاعتماد على بيانات وزارة التخطيط بدل من معيار (100) إلف عراقي كدائرة انتخابية كون هذا الأمر سيسبب بعض الإشكاليات، ولم يتضمن القانون الذي تم التصويت عليه بعض الثوابت التي من شأنها أن تنهي هيمنة بعض الشخصيات والأحزاب الفاسدة المتحكمة بالمشهد العراقي والتي خرجت الجماهير الغفيرة في اليوم الأول من تشرين الأول للمطالبة بإبعادها كونها أتت على الدولة وإمكانياتها وحولتها إلى سلطة فاشلة، من ضمن تلك النقاط التي أهملت في مشروع القانون:

- منع الأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة غير منضوية تحت مظلة القوات المسلحة العراقية وبالتحديد هيئة الحشد الشعبي من المساهمة في الانتخابات عبر الترشح.

- منع مزدوجي الجنسية من الترشح.

- عدم اعتماد معيار الكثافة السكانية لتقسيم الدوائر الانتخابية، حيث أن الأقضية الصغيرة ستضطر إلى الاندماج مع الأقضية الأكبر ما يعزز فرصة ضياع حق سكنه هذه الأقضية لاسيما من الأقليات العرقية أو اللغوية في التمثيل المتكافئ.

- عدم تحديد أسس واضحة للدعاية الانتخابية لمنع الإفراط غير المبرر للبعض في ذلك واستغلال هذه الفجوة لشراء الذمم.

- عدم تضمين القانون نص يلزم النواب الفائزين بتأدية القسم خلال مدة من تاريخ انعقاد الجلسة الأولى لا تزيد عن خمسة عشر يوم لمنع البعض من فرصة التلاعب بكسب مقعد والامتناع عن أداء اليمين الدستوري ريثما يجد له مكان في رئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء.

ولكن يسجل للقانون المصوت عليه أنه أعتمد مبدأ الترشح الفردي ما يمنح المستقلين فرصة للترشح والفوز كما يمكن للكفاءات العراقية أن تجد لها مكاناً في السباق الانتخابي بعيداً عن الأحزاب المتنفذة كون الترشح فردي بيد إننا نعتقد جازمين أن تحقيق التغيير الشامل يحتاج إلى عوامل عدة في مقدمها:

1- الوعي الشعبي لخطورة المرحلة وأهمية العملية الانتخابية كونها مفتاح التغيير الحقيقي.

2- الكثافة الشعبية في المشاركة بالانتخابات ما يقطع دابر التزوير ويعزز فرص التغيير.

3- الرقابة الفاعلة شعبياً وإعلامياً على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وإجراءاتها وقراراتها التي تتصل بالانتخابات.

4- تنظيم صفوف الشباب والمستقلين في تنظيمات سياسية كالأحزاب أو الجمعيات الداعمة لترشح الأفضل من العراقيين وتشكيل لوبيات ضغط على الأحزاب والسياسيين للحد من محاولاتهم المحمومة في الالتفاف على الاستحقاق الشعبي بكل الوسائل.

5- كما ونعتقد أن تقسيم القضاء إلى دوائر متعددة أمر مهم جدا لضمان التمثيل الحقيقي للشعب على أن تضاف للقانون فقرة تشترط حصول المرشح على أغلبية أصوات الناخبين في الدائرة وفي حال فشل جميع المرشحين في ذلك، تنظم جولة إعادة إما بين جميع المرشحين أو بين أولئك الحاصلين على أعلى الأصوات لنضمن فوز من يحصل على الأكثرية في الجولتين ومن شأن ما تقدم أن يضمن لنا نزاهة وعدالة الانتخابات ومزيد من التأثير الشعبي على المرشح ما يلزم الأخير بالانصياع للإرادة الشعبية وان يكون أكثر قرباً منهم وأشد تحملاً لأمالهم وطموحاتهم.

6- إلزام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بإعلان نتائج الانتخابات بعد ساعة واحدة أو أقل في كل مركز انتخابي وإعلانها على مستوى كل قضاء بمدة لا تتجاوز أربع وعشرين ساعة لمنع التلاعب أو محاولات حرق وتخريب المواد المستعملة في الاستحقاق الانتخابي كالصناديق المخصصة للاقتراع وغيرها بغية التأثير على النتائج أو على الحالة النفسية للناخبين والمرشحين.

س1// هل تتوقع أن يتم حل مجلس النواب العراقي ونسير باتجاه انتخابات مبكرة؟

اكمال الأطر التشريعية اللازمة لإجراء الانتخابات

د. حسين السرحان، الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية ورئيس قسم الدراسات الدولية في مركز الدراسات الستراتيجية-جامعة كربلاء:

بعد إعلان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي موعد الانتخابات، صار حل جلس النواب امرأ واقعا خلال المدة قبل الانتخابات بشهرين لتمكن رئيس الجمهورية من الدعوة إلى إجراء انتخابات خلال ستين يوما. ولكن على المجلس أن يكمل التشريعات والأطر التشريعية اللازمة لإجراء الانتخابات ومنها استكمال الأمور الفنية لقانون الانتخابات وفق المادة 15 من القانون الذي صوت عليه المجلس قبل 8 اشهر وكذلك سد الشاغر في المحكمة الاتحادية التي تصادق على نتائج الانتخابات وفق الدستور، وتخويل الحكومة بتوفير التخصيصات المالية اللازمة لإجراء الانتخابات.

حل مجلس النواب صعب

الدكتور خالد الجبوري، أستاذ القانون الجنائي في جامعة كربلاء:

في ظل الظروف السابقة والحالية فإن حل مجلس النواب هو أمر صعب ولكن ليس مستحيلا، وموضوع إجراء الانتخابات المبكرة قد ورد في المنهاج الحكومي الذي صوت عليهم مجلس النواب في شهر أيار الماضي، وحتى يتحقق الحلف نحتاج إلى ضغط جماهيري كبير من مختلف الشرائح على المجلس لإجباره على حل نفسه.

تحديات صعبة لتحقيق الأمنيات

المستشار الدكتور عز الدين المحمدي رئيس مجلس المفوضين المرحلة الانتقالية:

رغم إعلان مجلس الوزراء بتحديد موعد للانتخابات المبكرة في ٦ حزيران ٢٠٢١ وإعلان رئيس مجلس النواب مطالبته بموعد أبكر للانتخابات المبكرة إلا المعطيات الموجودة على الساحة العراقية تعطي إشارات غير ذلك فالطرح على بساط الإعلام شيء والواقع الذي يفرض نفسه شيء آخر، أمام كل جهة ممن تقع عليها مسؤولية تامين الانتخابات المبكرة تحديات صعبة لتحقيق الأمنيات مجلس النواب لازال أمامه حل مشكلة المحكمة الاتحادية وتامين الإرادة الحقيقية لحل مجلس النواب وتشريعات ذات صلة بالموضوع وأمام مجلس الوزراء تامين الظروف الأمنية في عموم العراق وحل تحديات وباء كورونا والوضع الصحي العام وتحييد المجموعات المسلحة المنفلتة خارج سيطرة الدولة، اما المفوضية فلازالت تعاني عدم استقرار الملاكات الفنية والإدارية واللوجستية وحاجتها للتدريب المكثف لما تم تغيير ٧٠٠ كادر أصحاب الكفاءة والخبرة بكوادر أخرى وتامين عدم تحزب هؤلاء إلى جانب إصدار الأنظمة الإجرائية لكل مفاصل العملية الانتخابية والواقع يؤكد عدم وجود خبرة انتخابية للسادة أعضاء مجلس المفوضين ومدراء مكاتب المحافظات وشكوك الأمم المتحدة في عمل المفوضية ابتداء من تعينات الكوادر الجدية في مفاصل المفوضية.

التطورات المفاجئة

الدكتور خالد عليوي العرداوي، مدير مركز الفرات للدراسات والتنمية الاستراتيجية:

يمر العراق في الوقت الحاضر بظروف معقدة للغاية، ومن جميع الجوانب: السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن تعقيدات الساحتين: الإقليمية والدولية. ناهيك عن التعقيدات القانونية التي أشارت الورقة البحثية الرائعة إلى كثير من مظاهرها. لذا تبدو قضية الانتخابات المبكرة قضية شائكة للغاية، وتجري على صفيح ساخن للغاية.

لا خيار أمام مجلس النواب الحالي سوى حل نفسه، على الرغم من وجود قوى داخله تتمنى إكمال دورتها النيابية، وذلك لسببين: الأول ضغط الشارع الشعبي المطالب بالانتخاب المبكر والذي من المتوقع أن ينشط أكثر ليزيد الضغط من اجل تحقيق هذه الخطوة. والسبب الثاني التزام المجلس بحل نفسه عندما وافق على المنهاج الوزاري لحكومة الكاظمي. ولكن ما قد يحول دون إجراء الانتخابات المبكرة فقط التطورات المفاجئة في الأحداث المحلية والدولية، فإذا ما حصل أمر طارئ وغير متوقع عندها ربما يعيق إجراء الانتخابات، بل وربما يهدد امن واستقرار الدولة العراقية.

عوامل الضبط السياسي

الدكتور حميد الطرفي، مسؤول الهلال الأحمر في كربلاء وعضو مجلس محافظة سابق:

هل يمكن أن نسير باتجاه حل مجلس النواب لنفسه وإقامة انتخابات مبكرة؟ يتنازع في هذا المجال تياران الأول: يريد أن تقوم انتخابات مبكرة في العراق خشية أن ينقلب رئيس الوزراء على الكتل السياسية ويتلاعب بعوامل الضبط السياسي فتتحول حكومته إلى حكومة طوارئ أو إنقاذ وطني يتم بعدها إزاحة قادة الكتل بتهمة الفساد والدعوة إلى انتخابات وفق مقاسات وآليات جديدة. أو أن الكاظمي ولوبياته يستثمر بعض الانجازات فيرتب أوراقه الانتخابية بمساعدة دول داعمة على رأسها أمريكا ودول في المنطقة فيشترك بكيان انتخابي يحصد به مقاعد انتخابية على حساب الكتل الفائزة حالياً. ومع كل هذا فهي تعترض على اختيار حزيران موعدا للانتخابات وتفضل تقديمها إلى الشهر الرابع أو تأخيرها إلى تشرين الثاني أو كانون الأول بسبب ارتفاع درجات الحرارة في حزيران وأثر ذلك على مزاج الناخب العراقي، وتحميله الكتل الحاكمة مسؤولية الإخفاق في حل مشكلة الكهرباء. تحالف الفتح يقف في طليعة هذا التيار.

أما التيار الثاني ويقف على رأسهم الكرد فهم يودون أن يكمل السيد الكاظمي ما تبقى من الدورة الانتخابية الحالية التي تنتهي في أيار عام 2022 وهو موعد قريب لا يستحق أن تتقدم الانتخابات عليه ولم يبق من عمر الدورة سوى اقل من سنة كما أنها تكافح من اجل تعديل قانون الانتخابات الذي ترى فيه معوقات إدارية وديمغرافية وغير قابل للتطبيق وهي حتى الان لم تنتهي من تحديد الأقضية بسبب خلافات تتعلق بالقاضية التي أعلنت بعد 2003 وعدد نفوس بعض الأقضية التي لا يبلغ المائة الف نسمة المحددة بالدستور لكل مقعد نيابي. إضافة إلى المشاكل بين الحزبين الكبيرين وبقية الأحزاب.

ونتيجة للفوضى الإدارية الحالية في عموم مفاصل الدولة بسبب كورونا فمن المستبعد أن يتم إجراء الانتخابات في الموعد الذي اقترحه رئيس الوزراء ما لم يقم بخطوات تسخن الصراع بينه وبين الحشد الشعبي أو بينه وبين دولة القانون لأن ذلك التسخين يدفع بالكتل السياسية الرافضة لخطواته بان تستعجل في إبعاده عن رئاسة الحكومة.

تأخير توقيت حل مجلس النواب

الدكتور رائد الهاشمي، وباحث وخبير إقتصادي:

في اعتقادي أن حلّ مجلس النواب أمر مفروغ منه وسيتحقق ولكن ليس بالتوقيتات التي حددها رئيس مجلس الوزراء لأن النواب لن يتخلون بسهولة عن امتيازاتهم ومناصبهم التي يعتبرونها استحقاقات جاءت لجهودهم وتحركاتهم السياسية والشعبية وهذه الاستحقاقات يعتبرونها دستورية لأنها جاءت من رحم عملية انتخابية ديمقراطية، لذلك ستمارس الكتل السياسية جميع أنواع الضغوط المشروعة وغير المشروعة لتأخير توقيت حل مجلس النواب وتأخير الانتخابات المبكرة أملاً منهم بالتمتع بالامتيازات الكبيرة التي يعرف الجميع حجمها وايراداتها المالية ولكن الضغط الجماهيري الكبير وغضب الشارع نتيجة الوضع المأساوي الذي يعيشه سيجبر الكتل السياسية في الأخير للرضوخ الى الأمر الواقع وحلّ مجلس النواب واجراء الانتخابات المبكرة وفي تقديري أن التأخير والمماطلة ستكون لفترة لاتقل عن ثمانية أشهر الى عام من التأريخ المحدد من قبل رئيس مجلس الوزراء.

تأثير القوى الإقليمية والدولية

الباحث حسن كاظم السباعي، نيوزلندا:

التكهن بهذا الحدث لا يستدعي متابعة المجريات داخل العراق فحسب؛ وإنّما ينبغي دراسة ما تفكّر به القوى الإقليمية والدولية تجاه العراق أيضًا، وذلك لأسباب معروفة، فإن شاءت الإرادات الدخيلة فسيتم حل المجلس وسيُعيّن موعد ليوم الانتخابات، وإلّا فلا.

منع حل مجلس النواب

علي حسين عبيد، كاتب وأديب:

فرص حل مجلس النواب قليلة جدا لأسباب كثيرة وبعضها واضح جدا، ولعل أهم الأسباب عدم إقدام الأحزاب والكتل وحتى الشخصيات الفردية على مثل هذه الخطوة التي تشكل تهديدا مباشرا لمصالح السياسيين، لذلك سوف تعمل الطبقة السياسية بالخفاء على منع حل مجلس النواب بكل الأساليب والطرق المتاحة.

الرغبة السياسية ونصوص الدستور

الدكتور أحمد جابر صالح، أستاذ القانون الدولي في جامعة وارث:

من الواضح أن الدستور العراقي النافذ لا يعرف "الانتخابات المبكرة"، إلا في حالة حل مجلس النواب، وأسلوب الحل الذي انتهجه الدستور هو الحل الذاتي، أي أن يحل مجلس النواب نفسه بنفسه. وقبل وقوع هذا الحل وفقاً للآلية الدستورية المقررة، لا يمكن الحديث من الناحية القانونية عن انتخابات مبكرة، وإذا بقينا في هذه الناحية (القانونية)، فان من المستغرب أن يقوم رئيس مجلس الوزراء بتحديد موعد لانتخابات مبكرة، دون أن يُحل مجلس النواب بالطريقة أنفة الذكر.

ولكن، على ما يبدو أن الأمر تتجلى فيه الجنبة السياسية، إذ أن هناك اتفاقات بين الكتل السياسية على إجراء انتخابات مبكرة. ولهذا، فقد تطرق المنهاج الحكومي لمسألة "إجراء انتخابات مبكرة" وقد صوت عليه مجلس النواب. وهذا يعني أن إجراء انتخابات مبكرة محكوم بالإرادة السياسية التي يجب أن تتجه نحو هذا الإجراء، وإلا لا يمكن الحديث عن إجراءات نيابية مبكرة، سيما وأن حل مجلس النواب –الذي تتوقف عليه الانتخابات المبكرة– لا يتم إلا إذا قام بها لمجلس ذاته. ومما لاشك فيه، أن قيام المجلس بحل نفسه محكوم بالإرادة السياسية وبالطريقة التي تتألف وتتكون من هذه الإرادة.

ومهما يكن من أمر، فان إجراء انتخابات مبكرة –وان كانت تعبيراً عن رغبة الطبقة السياسية القابضة على السلطة– فانه إلا يمكن أن تتم إلا وفق الطرق الدستورية المنصوص عليها، إذ ليس من المقبول أن تشوه الرغبة السياسية نصوص الدستور وتصيبها في مقتل وتذهب بالغاية المتوخاة من إقرارها، وان كانت هذه الرغبة تؤثر في تطبيق هذه النصوص، بشكل أو بآخر، تأثيراً لا يمكن إنكاره.

وبناءً على ما تقدم، نود أن نشير إلى إن هناك اختلافاً قد ثار حول تفسير نص المادة (64) من الدستور، وقد ظهر هذا الاختلاف بعد تحديد رئيس مجلس الوزراء موعداً لإجراء الانتخابات المبكرة، وتمثل بظهور تفسير جديد لنص هذه المادة يقرر بان هناك طريقاً ثانياً لحل مجلس النواب لا يحتاج فيه إلى موافقة المجلس ذاته، مخالفاً بذلك ما تواضع عليها لفقه من أن تفسير هذه المادة يعني أن الأسلوب الوحيد لحل مجلس النواب هو "الحل الذاتي" والذي يكون بطلب إما من (ثلث عدد أعضاء المجلس) أو (من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية)، وحرف العطف الذي يربط شقي الحالة الثانية هو (الواو) والذي يفيد الجمع في اللغة العربية، وعليه فان الطلب الذي يتقدم به رئيس مجلس الوزراء لحل مجلس النواب لا قيمة له ما لم يقترن بموافقة رئيس الجمهورية؛ لأن الاثنين هما على رأس السلطة التنفيذية، ولهذا يجب أن يتوافقا على طلب الحل.

وذهب البعض مؤخراً إلى أن عبارة (... وبموافقة رئيس الجمهورية...) تعني طريقاً ثانياً لحل مجلس النواب، إذ بمجرد تقديم الطلب من رئيس مجلس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية يحل المجلس تلقائياً، وذلك تمسكاً بخصائص النظام البرلماني الذي قررته المادة (1) من الدستور محددةً هوية نظام الحكم في العراق فوصفته بأنه جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي، ومقتضى ذلك إقامة التوازن بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وعدم السماح لأي منهما التغول على الأخرى.

أن ما جاء به الرأي الثاني لا يمكن مسايرته، وقد انبرى أستاذ القانون العام (أ. د. غازي فيصل) للرد عليه، قائلاً: من المعلوم أن القوانين بما فيها الدستور، بحسب انه القانون الاعلى في الدولة، تخرج من فطرة الشعوب واحتياجاتها كما يخرج النبات من الأرض، وقانون دولة ما لا يصلح للتطبيق في دولة أخرى كما قال (مونتسكيو)، أن للنظام البرلماني خصائص متسالم عليها لعل أهمها إقامة التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وعدم سماح لأي منهما التغول على الأخرى، هذا من الناحية النظرية. إما من ناحية الواقع، فان الأمر بيد الدستور ونصوصه هي الحاكمة، فإذا أرادت ترجيح سلطة على أخرى فلا أحد يعترض على إرادته؛ لأنه يكون قد انطلق من الواقع السياسي الذي يعيشه البلد. أن النظام البرلماني ليس وصفة جاهزة نطبقها بجملتها وتفصيلها، وإلا لما احتجنا إلى وضع نصوص دستورية حاكمة للموضوع، فالأخذ بالنظام المذكور لا يعني الانحناء أمامه والتسليم بخصائصه، وإلا كان فوق إرادة الشعب وهو مصدر السلطة وشرعيتها. أن النص في المادة (1) من الدستور على أن نظام الحكم برلماني لا يعني جلب خصائص النظام المذكور وإنزالها في صلب الدستور؛ لأن من حق واضعيه أن يأخذوا ببعض خصائصه.

نستنتج من كل ما تقدم، أن متطلبات إجراء انتخابات مبكرة، من الناحية القانونية، تتمثل بحل مجلس النواب حلاً ذاتياً وفقاً لما قرته المادة (64) من الدستور، مع الأخذ بنظر الاعتبار ضرورة تدخل المشرع لوضع حل للإشكالية التي وقعت فيها المحكمة الاتحادية العليا وعطل تعملها.

ولا يحدث هذا إلا إذا اتجهت الإرادة السياسية نحو إجراء انتخابات مبكرة، فالدور الحاسم والقول الفصل في إجراء هذه الانتخابات وفقاً لقواعد الدستور راجع للإرادة السياسية التي تعبر عنها الكتل السياسية القابضة على السلطة والتي بدورها، من المفترض، أن تعبر عن الإرادة الشعبية التي تجلت بوضوح من خلال الاحتجاجات والمظاهرات التي اجتاحت الشارع العراقي ضد الطبقة السياسية الحاكمة.

المطالب الشعبية والطاقات الشابة

الدكتور قحطان حسين طاهر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بابل والباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:

من خلال متابعتي لتصريح أعضاء مجلس النواب فأن الأغلبية الساحقة منهم أن لم نقل جميعهم غير راغبين بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة لأسباب قد تكون معروفة للجميع أهمها عدم وجود ضامن بالفوز في الانتخابات المقبلة نتيجة التغيير في مزاج الناخب العراقي، فضلا عن أن الحملة الانتخابية تتطلب جهودا كبيرة وأموال وفيرة لإدارتها وتحقيق النجاح فيها وهذا ما يجعل أغلب النواب يترددون في قبول الدعوة إلى حل البرلمان، رغم عدم معارضتهم لها إعلاميا، وقد يلجأ البرلمان إلى عرقلة مساعي الحل من خلال تأجيل إقرار قانون الانتخابات الذي تم التصويت عليه بعد تظاهرات تشرين ٢٠١٩ والذي يتضمن آليات تتفق نوعا مع المطالب الشعبية وبالتالي وضع معرقلات أمام الانتخابات المبكرة.. ويبدو إن الحكومة والبرلمان يسعيان كلاً على حده إلى الظهور بمظهر الملبي للمطالب الشعبية والانتخابات المبكرة هي من ضمن هذه المطالب، فإن حل البرلمان وإجراء الانتخابات المبكرة سيخضعان بالتأكيد إلى مبدأ التوافق بين الحكومة والبرلمان وفق شروط تنسجم مع طموحات الطرفين أولا والمطالب الشعبية ثانيا.. بمعنى إن محاولات الالتفاف على المطالب الشعبية لن تغيب عن مجمل إجراءات حل البرلمان وإجراء الانتخابات المبكرة وسيتم العمل على التحكم بالإرادة الشعبية سواء عن طريق قانون الانتخابات أو الخطاب والدعاية الانتخابية للكتل السياسية.. لكن في كل الأحوال ستلجأ هذه الكتل إلى احترام جزء من رغبة الجماهير بالإصلاح كي لا تظهر بمظهر المتمردة على رأي الجماهير أو خوفا من ردود فعلها الغاضبة..

أما في ما يتعلق بقدرة الطاقات الشابة على دخول لعبة الانتخابات وتحقيقا لمكاسب فيها فالواضح غياب أي مشروع متكامل لحد هذه اللحظة لفئة الشباب يضمن تنظيم جهودهم وصفوفهم وتقديم تجمع أو تنظيم سياسي كبديل ممكن الوثوق به جماهيري أو انتخابه للخلاص من الكتل السياسية التي حكمت البلاد منذ ١٧ عاما وقادتهم من فشل إلى آخر.

التغيرات الايجابية المنشودة

الدكتور ضياء عبد الله الأسدي، أستاذ القانون الجنائي وعميد كلية القانون السابق في جامعة كربلاء:

الانتخابات المبكرة لا يمكن أن تكون مجرد دعوة تدعو لها السلطات المختصة في الدولة، ولا هي مجرد تمنيات يتمناها المتمني، بلهي عمل شاق وصعب ومكلف في الوقت ذاته، ويحتاج إلى جملة من المتطلبات أو المقدمات التي يمكن أن تقود إلى نتائج تعكس الواقع الفعلي، وتعبر بصدق وأمانة موضوعية عن إرادة المواطن وتطلعاته المستقبلية، وهذا الأمر لا يمكن أن يتم إلا من خلال خارطة طريقة يقوم برسم محاورها السلطتين التشريعية والتنفيذية إضافة إلى تنفيذها بالشكل الصحيح من قبل المفوضية العليا (المستقلة) للانتخابات.

أن أي انتخابات لابد لها من قانون تستند إليه وتقوم عليه، فهو عصب تلك العملية أو الوتد الذي تقوم عليه العملية الانتخابية، فمن خلال هذا القانون يمكن تحقيق مطالب الجماهير والمرجعية في ضرورة تشريع قانون عادل ومنصف، محقق للإرادة الشعبية ومعبر عنها تعبيرا حقيقيا، وهذا الأمر يقع على عاتق مجلس النواب والذي صوت قبل مدة ليست بالقليلة على مشروع قانون انتخابات مجلس النواب.

ولكن المؤسف لحد الآن لم يتم الاتفاق على تحديد موعد لإكمال تقسيمات الدوائر الانتخابية.

فالمطلب الأول المهم والضروري للقول بوجود عملية انتخابية لابد من وجود الأساس والسند القانوني لتلك العملية الانتخابية، وهذا الأمر يتأتى من خلال إكمال مجلس النواب لقانون الانتخابات الذي صوته عليه فيما سبق بشكله النهائي وإرساله إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه.

ونرى أن هذا الأمر يجب أن يتم بالسرعة الممكنة لكي تستطيع المفوضية القيام بالمتطلبات اللازمة في التهيئة والاستعداد للانتخابات، وان كنا نعتقد صعوبة إقراره خلال شهر أب، ولكن نرجح أن يتم ذلك خلال شهر أيلول.

٢- ضرورة وجود قانون جديد للمحكمة الاتحادية عليا وان كان البعض يرى تعدي لنصفي قانون المحكمة رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٥، للسهولة واليسر من حيث الأغلبية المطلوبة للتصويت والموافقة على ذلك.

ونحن نفضل تشريع قانون جديد استنادا لنص المادة ٩٢من دستور جمهورية العراق لعام ٢٠٠٥، الواجب الإتباع، وتتأتى أهمية اكتمال نصاب المحكمة من كونها الجهة المختصة بالمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب وفقا لما نصت عليه المادة٩٣/ سابعا من الدستور.

٣- حل البرلمان.

أن العمل عل تنظيم انتخابات مبكرة يستلزم حل البرلمان، وهذا الحل يعني إنهاء دورة انعقاد البرلمان المحددة دستوريا وفق النص المادة٦٤ من الدستور والتي حصل الخلاف بخصوص تفسير ما ورد فيها من أحكام.

فهناك من يرى أن الحل يكون ذاتيا في كلا الفرضين (الصورتين) الوارد ينفي المادة سالفة الذكر، أي أن البرلمان هو من يقوم بالتصويت بالموافقة على الحل من عدمه.

وسواء جاء هذا الحل بإرادة سياسية طوعية واختيارا –ونقصد هنا من قبل مجلس النواب– أي بإرادة الكتل السياسية المكونة للمجلس، وهو خيار ممكن، ولكننا نراه صعب المنال في الوقت الحاضر، فبعد أن حدد موعد الانتخابات في حزيران ٢٠٢٠، يجب أن يتم الحل قبل ذلك على اقل تقدير وبحد أقصى (شهرين) من تأريخ الحل.

وهذا الأمر مرهون بقناعات الكتل السياسية التي قد ترى ذلك وتخضع تحت الضغط والمطالب الشعبية، وعليها أن تقوم بذلك في حينها مجبرة على ذلك؛ وإلا كانت النتيجة زيادة في المظاهرات وتوسعها بشكل كبير لاسيما أن المجلس قد وافق على البرنامج الحكومي والذي تضمن في مقدمة أولوياته العمل على إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة.

إما الخيار الثاني هو الحل الذاتي الإجباري أي حل البرلمان لنفسه مجبرا تحت ضغط الإرادة الشعبية الجماهيرية الفعلية، وهو ما يتوقع حصوله في حالة عدم اللجوء لخيار الحل الاختياري وإصرار الكتل السياسية على عدم الحل.

وبغض النظر عن خيار الحل أنه يجب أن يتم من خلال نص المادة ٦٤ والتي حددت طريقتين للحل، الأولى الحلال ذاتي للمجلس بناء على طلب من ثلث أعضائه. الثانية الحل الذاتي بناء على طلب يقدم من قبل احد أقطاب السلطة التنفيذية الاتحادية –رئيس مجلس الوزراء وبموافقة القطب الآخر –رئيس الجمهورية. ليتم التصويت على الطلب في كلا الحالتين أو الطريقتين بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس.

ونعتقد أن كلا الطريقتين تحتاج توافقا سياسيا عليه قبل أن يكون دستوريا، وهذا ما اعتادت عليه العملية السياسية طوال السنين الماضية.

اما الرأي القائل بأن الحل الذي يتم بطلب من رئيس مجلس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية لا يحتاج إلى تصويت البرلمان استدل إلا بنصوص دستورية أخرى كالمادة ١ وبالرجوع إلى طبيعة النظام السياسي الذي اخذ بالنظام البرلماني الذي يعد من أهم خصائصها لتوازن بين السلطتين وعدم إعطاء الحق في الحل للسلطة التنفيذية يخلب هذا التوازن ويهدم ركنا مهما من أركان النظام البرلماني، فنقول أن نظامنا السياسي لايمكن القول بأنه برلماني كبقية الأنظمة البرلمانية بل هو نظام خاص.

ثم أن صراحة المادة الدستورية صياغة تجعلنا نكتفي بالمعنى الظاهر للنص دون اللجوء للبحث عن الإرادة الضمنية للمشروع الدستوري هنا، ورغبة في عدم الدخول في مساجلات تفسير النص الدستوري والوسائل التي يمكن اللجوء إليها وصولا إلى معناه.

٤- التفعيل الحقيقي لمبدأ استقلالية المفوضية العليا للانتخابات ليأتي الاسم منسجما مع التطبيق، وللإنصاف نقول أن إقرار قانون المفوضية الجديد خطة جوهرية بهذا الاتجاه.

وهذا الاستقلال لا يقتصر على مجلس المفوضين بل يشمل الكوادر المتقدمة فيها من مدراء عامين ومدراء المكاتب الوطنية جميعا.

٥- العمل على رصد وتخصيص المبالغ المالية الخاصة بالعملية الانتخابية.

٦- الوعي الجماهير والمشاركة الفاعلة في العملية الانتخابية، ترشيح أو انتخابا.

٧- أن العملية الانتخابية تستند على السجلات الانتخابية التي من المفترض أن تراجع وتدقق لغرض تصويبها وإعدادها بالشكل السليم لتكون بعيدة عن الطعون والتشكيك فسلامة العملية الانتخابية بسلامة وصحة سجلات الناخبين بدرجة كبيرة ومؤثرة.

٨- ان الرقابة الدقيقة للعملية الانتخابية من قبل الجهة القائمة عليها والإشراف عليها أمر مهم جدا، وذلك لضمان نزاهتها وحياديته أو يعد إشراف الأمم أمر مهم فيها.

٩- التطبيق السليم لأحكام القانون من قبل الجهات التي أعطاها القانون ذلك سواء كانت مجلس المفوضين أو الهيئة القضائية الانتخابية التمييزية أو المحكمة الاتحادية العليا، ووفق المبدأ المساواة والحيادية والموضوعية والاستقلالية.

١٠- توخي الدقة من قبل المفوضية عند إصدار الأنظمة والتعليمات الخاصة بالعملية الانتخابية وكلما يتعلق بتنظيمها (مرحلة تسجيل الناخبين، مرحلة الترشيح، الدعاية الانتخابية، التصويت، العد والفرز، الطعن الانتخابية).

ولاسيما بطاقة الناخب (البطاقة الالكترونية البايومترية) التي تحتاج إلى تدقيق وإعادة نظر من جديد وفق الآليات تضعها المفوضية لذلك؛ منعا للتزوير والتلاعب وضمانا للدقة والنزاهة.

١١- أن الإرادة الشبابية لا يمكن أن تحقق ما أرادته وخرجت من أجلهما لم تتحد تلك الجهود وتنظم مع بقية فعاليات المجتمع الأخرى، فتتوحد في توجهاتها وتنظم نفسها بإطار مؤسساتي يتخذ من الوسائل القانونية طريق ألها، فلها أن تنتظم في حزب أو أحزاب تشترك في العملية الانتخابية من خلال حسن اختيار المرشحين، وأيضا مواصلة التوعية الانتخابية لضمان مشاركة اكبر عدد في الانتخابات القادمة، ولكن ليس أي مشاركة، بل المشاركة الواعية البعيدة عن المؤثرات التي شهدتها الانتخابات السابقة، فحسن الاختيار يعطيها حسن الخيار، ويمكن أن يكون بداية حقيقية لتشكيل سلطة تشريعية تمارس دورها الحقيقي في التشريع والرقابة وممارسة الصلاحيات التي أناطها الدستور بها.

فتشبيب المؤسسة الدستورية أمر مطلوب ولو بنسب مقبولة لإتاحة الفرصة للشباب للدخول في الحياة السياسية واكتساب الخبرات اللازمة، والعمل على إحداث التغيرات الايجابية المنشودة.

التغيير في ماهيّة الوجوه وحقيقتها

الدكتور محمد مسلم الحسيني، بروكسل-بلجيكا:

مشروع إعادة انتخاب أعضاء جدد للبرلمان العراقي سواء أكان نجح أو فشل، فهو معالجة لأعراض العلّة وليس لأسبابها ومعالجة الأعراض دون الأسباب أمرٌ لا يفي بالغرض المطلوب ! لقد انتخب العراقيون أعضاء لمجلس النواب العراقي مرارا وتكرارا منذ تأريخ السقوط وما بدّلوا تبديلا ! صور الرفض وعدم الرضا واستمرار المعاناة عند الشعب العراقي قائمة لم تتغيّر رغم تغيّر الحكومات وبعض الوجوه. وإن يعني هذا شيئا إنما يعني بأن ما يبغيه الشعب العراقي هو التغيير في ماهيّة الوجوه وحقيقتها، فالعراق يحتاج من ينكر ذاته لبناء الوطن ومن يهاب المسؤولية ويتحمل ثقلها، يحتاج إلى من تجري النزاهة ويجري الصدق في عروقه، حيث يتجرد عن المصالح والأغراض الشخصيّة والحزبية والطائفية والعرقية. يحتاج الأكفاء المخلصين الأمناء على مال الشعب ومستقبله، يحتاج المبدعين باختصاصاتهم ونهجهم وسيرتهم ومواقفهم ومعرفتهم وفكرهم، هؤلاء يملؤون العراق ولكن الناخب قد لا يدركهم أو قد لا يعرف كيف يبحث عنهم، لأنهم محاربون من السلطة التي تخشاهم ولا تريد بروزهم وظهورهم لأنهم الأحق في تحمل المسؤولية والإدارة ! الناخب العراقي وبشكل عام يفتقد لثقافة الديمقراطية وقصّر من بيدهم السلطة في بث ثقافة الوعي الديمقراطي عند الشعب لأن هذا لا يخدم مصالحهم!.

الموزائيك غير المتجانس لبنية المجتمع العراقي المتباين بأعراقه وطوائفه وأحزابه ورؤاه، جعله فريسة سهلة الوقوع بيد مطامح ومطامع وتدخلات الغير، النفوذ الخارجي صار يملي إراداته ويؤثر سلبا على القرار السياسي العراقي بل يحفز الفوضى والنزاع والخراب في هذا البلد. كما أن غياب البرنامج العلمي العملي الواضح لدى من بيدهم الأمر والذي يعالج الترهل السياسي والاقتصادي والعمراني والاجتماعي والنفسي في العراق جعل العراق أمام مهب الريح وأمام حالة ضياع مستمر، حيث إن كل إجراء في سبيل الإصلاح كان ترقيعيا مؤقتا لا يعالج جذور الحالة. وهكذا فبدون التوقف عند مواقع العلة للحالة السياسية العراقية ومعرفة حيثياتها وخطط معالجتها سيبقى العراق يدور في دوامة وفي حلقة مفرغة وبحالة غير مستقرة قابلة للمضاعفات الوخيمة، حتى وإن تغيرت الوجوه والأشكال والألوان.....!

عصا سحرية

الأستاذ جواد العطار، باحث وسياسي عراقي:

يعتقد الكثيرون أن دعوة رئيس مجلس الوزراء بتحديد موعد لانتخابات مبكرة في الشهر السادس من العام القادم بأنها حقيقية وملزمة للجميع، بينما هي لا تستند لأي نص دستوري وتسبق وقتها القانوني بتسعة اشهر وتخالف نص المادة 56 من الدستور التي أناطت موضوع الدعوة لانتخابات مبكرة برئيس الجمهورية منفردا او مع رئيس مجلس الوزراء.

فلماذا أقدم السيد الكاظمي على هذه الخطوة؟ ولماذا اختار مخالفة نص الدستور بانفراده بها؟ ولماذا هذا التوقيت البعيد جدا والذي لا يتفق أصلا مع كلمة انتخابات مبكرة؟

أسئلة تحتمل الكثير من الإجابات منها: أن السيد الكاظمي أراد الضغط على الكتل السياسية وإلزامها بموعد محدد وإحراجها إمام الجماهير الغاضبة أولا؛ وبالاتفاق مع رئيس الجمهورية ثانيا؛ لأنه لم يبدي اعتراضا عليها. وثالثا؛ أراد إثبات انه قادر على تنفيذ برنامج حكومته المؤقتة الذي كان مهمتها الرئيسية إجراء انتخابات مبكرة. ورابعا؛ امتصاص زخم الجمهور وبث الأمل بمستقبل أفضل وهذا ما راهن ويراهن عليه من خلال تحركاته وخطابه الإعلامي.

لكن يبقى السؤال: هل ستجري الانتخابات في موعدها الذي حدده الكاظمي مسبقا؟ وهل يستطيع توفير أجواءها المناسبة مثلما افترض بوجود مفوضية نزيهة وقانون انتخابات عادل وحصر السلاح بيد الدولة وتقويتها للنهوض بالعملية الانتخابية القادمة؟.

من السهل بمكان إعطاء الفرضيات ولكن من الصعب جدا في أوضاع العراق الحالية الوفاء بها، فقانون الانتخابات رهن البرلمان والكاظمي لا سلطة له عليه، والمفوضية خاضعة للمحاصصة ولا يمكن القفز على هذه المحددات مع وجود الأحزاب في الوقت الراهن، وحصر السلاح بيد الدولة مهمة صعبة جدا في هذه الفترة القصيرة.

عليه، أن دعوات الانتخابات المبكرة يجب أن تخضع لمحددات وضوابط دستورية وقانونية والظروف الملائمة لتنفيذها، وكل ما تقدم يضع مهمة الكاظمي ومن يؤيده إمام محك صعب ومطلب بعيد المنال في تحقيق انتخابات نزيهة وعادلة في هذا الوقت بالذات، إلا إذا امتلك الكاظمي عصا سحرية يسلطها على كل خصومه في الفترة المقبلة، وهذا ما لا نتوقع حدوثه. لذا فان إجراء انتخابات مبكرة في العام القادم أمر لا يتعدى عملية تخدير يكسب من خلالها الكاظمي الجمهور لكن سرعان ما ينتهي مفعولها بمرور الوقت.

عدم وجود إرادة حقيقية وجدية

المحامي احمد السعد: ان موعد الاستحقاق الانتخابي يعد أهم موضوعات الإصلاحات التي طالب بها الشعب من خلال المظاهرات والضغط الجماهيري. وما كان على السلطة الحاكمة إلا الانصياع إلى هذا المطلب الأهم كونه يؤدي إلى إصلاح حال البلد نحو الأفضل. لكن هناك معوقات في طريق إجراء الانتخابات في الموعد المحدد الذي حدده رئيس مجلس الوزراء ألا وهي إكمال الصياغة الكاملة لقانون الانتخابات الذي ينظم الإطار العام لعملية إجراء الانتخابات العامة في العراق والحاجة إلى صياغة قانون المحكمة الاتحادية التي تعتبر جهة قضاء دستوري معتبر في العراق لها الأهمية في المصادقة على نتائج الانتخابات إذ المحكمة حاليا مختل نصابها القانوني بإحالة احد أعضاءها على التقاعد ولم يوجد نص قانوني بخصوص حلول البديل محل الأصيل وهذا نقص تشريعي يقع على عاتق مجلس النواب العراقي يجب معالجته قبل حل المجلس نفسه. الأمر المقلق الأخر عدم وجود إرادة حقيقية وجدية وإجماع سياسي على موعد إجراء الانتخابات في موعدها لكن الكتل السياسية قد ألزمت نفسها بالموافقة على المنهاج الوزاري الذي قدمه السيد ألكاظمي وصوت عليه مجلس النواب والذي يتضمن في فقراته الموعد المبكر لإجراء الانتخابات العامة في البلد.

دستورية الدعوة للانتخابات

المحامي زهير الميالي: ان تعين السيد رئيس مجلس الوزراء، يوم 6 حزيران عام 2021 موعدً للانتخابات، تعتبر نوعاً من الوفاء بتعهداته التي قطعها، إلى القوى السياسية التي أجمعت على تعينه، واعتبرته حلاً الأزمة السياسية التي يعتبرها البعض وصلت إلى طريق مسدود، وكذلك تنفيذ أبرز مطلب من مطالب الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في الشهر العاشر من العام الماضي.

أما عن دستورية دعوة رئيس مجلس الوزراء من عدمها، فإن ذلك يخضع للميزان القانوني، وتتم معالجته بطريقة قانونية، تجعل من دعوة رئيس الوزراء متوافقة مع القانون والدستور.

كون ذلك سوف يقودنا إلى التوافقات مره أخرى، لأن الكرة الآن في داخل مجلس النواب.

لأن الدعوة للانتخابات يستلزم، القيام بعدة أمور تعتبر شرطاً، مهماً، بحيث أن تحققت تمت الانتخابات وأن لم تتحقق فإن الفشل يلاحق الانتخابات كسابقاتها، من تلك الأمور التي يجب إتمامها، قبل موعد الانتخابات هي إقرار قانون المحكمة الاتحادية، أو تعديل المادة 3 من أمر بريمر رقم 30 لسنة 2005.

كذلك إتمام قانون الانتخابات البرلمانية الذي لازال يشوبه النقص في التشريع، وتحديد الآلية التي من خلالها تجري الانتخابات.

وبالرجوع إلى موعد السيد الكاظمي للانتخابات يمكن أن يكون متوافق للدستور والقانون، بالطريقة الآتية.

بما أن الدستور العراقي لم يعطي لرئيس الوزراء، في مواده وفقراته حق في تعين موعد انتخابات بصورة تفصيلية ودقيقة، كما هو الموعد الذي حدده سابقاً، فإن ذلك يصار إلى الرجوع إلى المادة 64.

أولاً: - يُحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلب من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء.

ثانياً: - يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية.

أي بعد إكمال التشريعات والقوانين التي تخص العملية الانتخابية بشكل كامل، يجري اتفاق بين الحكومة التنفيذية والبرلمان ورئاسة الجمهورية تكون كالآتي. يقدم طلب من قبل السيد ألكاظمي إلى السيد رئيس الجمهورية بحل البرلمان يوم ٤/١ /٢٠٢١، فيحَّل البرلمان وتصبح الحكومة حكومة تصريف أعمال، وتجري الانتخابات يوم ٢٠٢١/٦/١، عند هذا يصبح موعد الانتخابات موعد قانوني، ومتوافق مع الدستور.

س2// أن صدقت النيات وتحدد بشكل نهائي موعد الانتخابات المبكرة ما الضمانات التي تحمي الإرادة الشعبية؟

الدكتور حسين سرحان: تم تحديد موعد الانتخابات، ويبقى الدور على مجلس النواب لأخذ دوره كما وضحنا في أعلاه، وتبقى الإجراءات الضامنة لأمن وحماية الإرادة الشعبية عديدة منها، هي:

1- السيطرة على السلاح المنفلت.

2- إخضاع المجاميع المسلحة لسلطة الدولة.

3- تحييد كامل لكل الفصائل المسلحة في هيئة الحشد الشعبي عن الحياة السياسية وتعديل قانون الأحزاب لمنع أية فصيل أو مليشيا من المشاركة في الانتخابات والدخول بقوائم بمسميات مختلفة.

4- حماية المال العام وعدم استغلاله لأغراض انتخابية.

5- فرض سلطة الدولة على كامل إقليمها وتعزيز الأمن المجتمعي بالشكل الذي يمنع استهداف المرشحين.

الدكتور خالد الجبوري: أعتقد أن من أهم الضمانات هو موضوع حصر السلاح بيد الدولة، مع توفير رقابة صارمة على الأحزاب والتكتلات السياسية الذين يؤثرون في إرادة الناخبين بصور غير مشروعة قبل وأثناء الحملة الانتخابية لملاحقة وتقديم مرتكبي الجرائم الانتخابية إلى العدالة لنيل جزاءهم العادل، وهذا من مسؤولية السلطتين التنفيذية والقضائية.

المستشار عز الدين محمدي: للأسف ليست هناك أية ضمانات لحماية الإرادة الشعبية من قبل الحكومة فالإرادة الشعبية تكمن في احترامها في خياراتها في الانتخابات وعدم المساس بحرياتها والأمر ليس في بيان الحكومة لاحترام الإرادة الشعبية بل المجموعات المتنفذة للأحزاب السياسية العسكرية وغير العسكرية هي التي تلزم زمام الساحة والمشهد الانتخابي وعلى الشعب العراقي الاعتماد على نفسه في حماية إرادته والوقوف بحزم وقوة أمام أية جهات تريد مصادرة حقوقه وإرادته وتحريفها في صناديق الاقتراع.

الدكتور خالد عليوي العرداوي: ان الضمانات الأساسية لتمثيل الإرادة الشعبية في العملية الانتخابية تتمثل بـ: سعة المشاركة الشعبية، وتشريع قانون انتخابي مناسب، واستقلالية حقيقية لمفوضية الانتخابات، فضلا على وجود رقابة محلية ودولية قوية للعملية الانتخابية، ووجود خيارات بديلة للشعب عن الوجوه والقوى الحالية، فانعدام البديل يعني انعدام التغيير الحقيقي.

الدكتور حميد الطرفي: الانتخابات لعبة وفن ومهما بلغت قواعدها وقوانينها من الصرامة فهناك من يقفز فوق هذه القواعد ويحاول تجييرها لصالحه وليس أدل على ذلك ما حصل في الانتخابات الأمريكية لعام 2016 واتهام روسيا بالتدخل لصالح الحزب الجمهوري وتشكيل لجان تحقيق استمرت سنتين. فمن الصعب أن تكون الإرادة الشعبية نقية وحيادية ولا تتأثر بالمؤثرات الانتخابية نفسها من مال ودعاية وأحداث مفتعلة وتزوير في بعض الأحيان. لكن ما يعول عليه هو أن هذه الانتخابات تجري ولأول مرة بقيادة وإشراف القضاء الذي لازال يحتفظ ببعض الحياد والمصداقية لدى الناخبين وإن كانت تجربته فقيرة ويستند على الكادر الوسطي الذي تقع على عاتقة المهمة الأكبر في إجراء الانتخابات وهو من الكادر السابق لكن الحزم والحسم والحياد القضائي سيلعب دوراً في الحفاظ على إرادة الناخب الحقيقية.

أما العامل الآخر في حفظ إرادة الناخب فيعود إلى سلطة الدولة وفرضها للقانون وصرامتها في التعامل مع المخالفات وذلك يبدأ قبل الانتخابات وليس في يومها حينها ستمنع استخدام القوة من قبل الكتل لتجيير إرادة الناخب وتوفير فرص متساوية لجميع الأحزاب وحماية الصناديق الانتخابية وعدم التدخل في خيارات الناخب.

الدكتور رائد الهاشمي: النيات السياسية في العراق لم ولن تكون صادقة أبداً ولكن كما أسلفت فإن الضغط الجماهيري والدولي سيكونان العاملان الرئيسان في اجراء الانتخابات، أما الضمانات التي تحمي الارادة الشعبية فهي محدودة وتتلخص بالرقابة الأممية والدولية التي ستضمن جزء يسير من نزاهة الانتخابات وفي اعتقادي المتواضع أن التغيير في الخارطة السياسية في العراق بعد الانتخابات المبكرة سيكون محدوداً لايتجاوز من 15 الى 20 % في أفضل الأحوال وهذا أفضل من لاشيء يعني أن المواطن العراقي سيكون عنده أملاً بالتغيير الكامل في المستقبل والتخلص من الطبقة السياسية التي جثمت على صدور العراقيين والتي فشلت بشكل كامل في ادارة البلاد.

الباحث حسن كاظم السباعي: ليس في الانتخابات المرتقبة فحسب وإنما في جميع الانتخابات السابقة ومنذ عام ٢٠٠٥ م حيث أجريت أول انتخابات شعبية وحرّة في تأريخ العراق، كان المواطنون يشاركون وأرواحهم مفعمة بالأمل وهم يضعون أصابعهم لا في الحبر الأزرق وإنما في مُهجهم، حالمين بغدٍ أفضل لكنهم بعد فترة يعودون بالخيبة. وفي هذه المرة لا يختلف الوضع كثيرًا، لكن مع ذلك يبقى الأمل موجودا.

الكاتب علي حسين عبيد: أهم الضمانات لإقامة انتخابات نزيهة وناجحة هو الجانب الرقابي، وهو على أنواع أهمها دور الأمم المتحدة والرقابة الدولية المشددة على عدم التزوير والتلاعب، كذلك تشديد دور الرقابة الداخلية، الإعلام المستقل والمنظمات المختصة، تحييد قوة السلاح من جميع الأطراف السياسية المشاركة في الانتخابات، وكذلك تطوير الرقابة الشعبية وتنظيمها، ومن الطرق الأساسية لضمان عدم التلاعب بنتائج الاقتراع اعتماد النظام البارومتري لقطع الطريق أمام استخدام هويات الانتخاب المزورة.. وأخيرا توفير الأمن في جميع دوائر ومراكز الانتخاب وهذا ما يقع على عاتق الحكومة بشكل تام.

س3// كيف يمكن للطاقات الشابة التي كان لها الحضور الفاعل في ساحات التظاهر من أن تلج العملية الانتخابية وتحقق مكاسب تمثيلية؟

الدكتور حسين سرحان: بالإمكان ذلك، ولكن تبرز الحاجة إلى وجود تنظيمات سياسية تجمع المستقلين تكون لها رؤية سياسية وأهداف واضحة، غير طائفية ولا عرقية تشتمل في عضويتها على إفراد وعناصر من مختلف المحافظات وبرز في الآونة الأخيرة تشكيل باسم تجمع الحراك الاحتجاجي في العراق وهو قيد التشكل. وان تعبر تلك التنظيمات عن تطلعات الجماهير بتشكيل سلطة سياسية مغايرة لما ألفتها البلاد خلال الحقبة الماضية، وتتبنى مشروعا سياسيا إصلاحيا يتجاوز كل أخطاء تلك الحقبة وفق مشروع انتخابي، يترجم على ارض الواقع بعد الفوز في الانتخابات.

الدكتور خالد الجبوري: أعتقد أن ذلك يتحقق من خلال تنظيم صفوفهم ووضع برنامج مبكر لهم والعمل على اختيار من يمثلهم للترشيح في الانتخابات القادمة سواء كانت مبكرة أملا، على الرغم من أن هذا الموضوع تواجهه بعض الصعوبات التي في مقدمتها الدعم المالي اللازم الذي يفتقر له أغلب الشباب المستقل.

المستشار عز الدين المحمدي: على الشباب المنتفض تشكيل تيار واحد وقيادة واحدة والمشاركة في الانتخابات القادمة بقوة وجودهم في المحافظات وتنظيم أنفسهم تنظيما سياسيا وفكريا ووطنيا وحماية أنفسهم من أي تغلغل للأحزاب المتنفذة من استغلالهم إلى جانبها والأمر إذا لم يكون بتنظيم واعي ومنظم وبإرادة ذاتية وقوية لن يجنوا شيئا في موسم حصاد الانتخابات.

الدكتور خالد عليوي العرداوي: شباب الساحات المحتجة وغيرهم لا يمكن أن يكون لهم دور في العملية الانتخابية ما لم ينظموا أنفسهم سواء تحت مظلة حزب أو كتلة سياسية معينة واحدة، لمنع تشتيت أصواتهم أولا، وطرح خيار بديل للناخب العراقي. ان البدء بعملية التنظيم هذه واختيار الشخصيات المناسبة لخوض غمار الانتخابات القادمة ستكون حصان طروادة للشباب في قلب المعادلات وتغيير الوجوه والقوى السياسية، فإذا عرفوا كيف يفعلون ذلك حققوا رهان التغيير إما إذا فشلوا فستضيع فرصة ثمينة لهم، بل ولبناء الدولة العراقية بكاملها.

الدكتور حميد الطرفي: حتى الآن لا يبدو في الأفق أن الطاقات الشابة التي شاركت في التظاهرات قد استطاعت تشكيل تكتل أو تيار أو حركة عابرة للتوجهات المكوناتية أو الكتلية القائمة. ولا يبدو أيضاً أن تلك الطاقات قد حسمت أمرها بالمشاركة الواسعة في الانتخابات لكي تتصرف وعلى أساس فردي في تغيير الوجوه القديمة واستبدالها بوجوه شابة نزيهة، فلازال البعض ينادي بالمقاطعة ولازال هناك من يروج لليأس والإحباط من نتائج تظاهرات تشرين وإنها لم تستطع أن تأتي بشيء وان الكتل الحاكمة نفسها ستعود إلى الساحة وان الخيار الأمثل هو المقاطعة. بالمقابل فإن هناك من يعمل على استثمار السخط الشعبي فيجند بعض من قادة التظاهرات لأجندات غير وطنية - وللأسف- آملاً بتحقيق مكسب انتخابي لصالح بعض الدول التي لا تبالي بضخ المزيد من الأموال وبطرق لايمكن رصدها لحرف إرادة الناخب الحقيقية.

على العموم فإن تظاهرات الشباب لا يتوقع أن تأخذ أثرها الذي يجب أن تأخذه في المشاركة الانتخابية رغم ضخامتها واستمرارها لخمسة أشهر، لقد تم اختطاف أهدافها ضمن فريق الحكم الحالي الذي لا يتوقع أن يحظى بتأييد المتظاهرين في الانتخابات إذا ما قرر المشاركة عبر كيان انتخابي لأنه ادعى في بداية ترشحه لرئاسة الحكومة انه ليس طامعاً في الحكم ويريد إقامة انتخابات مبكرة، كما أن حكومته لن تتمكن في المدة المتبقية لها من انجاز الكثير على مستوى الخدمات رغم الضجيج الإعلامي المؤيد الذي تتمتع به حتى ألان.

وبالمجمل فإن تغييراً سيحصل في الانتخابات القادمة لكنه ليس بمستوى الطموح ولا يقلب الطاولة وسيبقى النظام السياسي الحالي بهناته وضعفه وما يشوبه من فساد وتعثر حتى إشعار آخر.

الدكتور رائد الهاشمي: ان ساحات التظاهر ستفشل بشكل مؤكد في اثبات حضورها الفاعل في العملية الانتخابية المرتقبة بسبب استمرار هذه الطاقات الشبابية في ارتكاب نفس الخطأ منذ اندلاع ثورة اكتوبر ولحد الآن وهو عدم وجود قيادات محددة لهم وعدم توحيد الرؤى والخطاب بينهم ما جعل ساحات التظاهر تُخترق بسهولة من قبل الكتل السياسية، فكثرت التدخلات والتصريحات وتشتت المطالب وكثرت الأصوات التي تتحدث باسم المتظاهرين فضاعت جهودهم وكثرت الاتهامات والتسقيطات بحقهم فضعف موقف وقلّ الالتفاف الجماهيري حولهم لذلك من الصعب جداً في الظرف الحالي أن تتوحد الرؤى والخطاب للمتظاهرين ومن الصعب تشكيل تكتلات أو أحزاب منظمة للولوج الى العملية الانتخابية، ولكن ستلعب الكتل السياسية دوراً غير نزيهاً تستغله لمصلحتها حيث ستعمل على دعم عدد قليل من الناشطين البارزين في ساحات التظاهر للحصول على نجاح في الانتخابات لكي يكون ذريعة لإسكات الغضب الجماهيري وتحقيق التغيير المطلوب من قبل الشعب، ولكن هذا التغيير سيكون محدوداً وسيبقى تسلط الكتل السياسية الكبيرة على المشهد السياسي في العراق بسبب امتلاكهم لكل وسائل وأدوات النجاح ولسيطرتهم على الدولة العميقة بشكل كامل.

الباحث حسن كاظم السباعي: المشكلة ليست في العراق بقدر ما أنها في خارج العراق، فلو كفّت دول الجوار عن تدخلها في أمور العراق بأن لا تحولها إلى ساحة صراع، فحينئذ ستظهر وجوه وطنية جديدة، وسيكون التنافس سليمًا ومبنيًّا على من يخدم أكثر لا من ينهب أكثر، وعليه ينبغي إبعاد جميع الوجوه الحالية مع أحزابها التي جرّبها العراق وجرّبت هي العراق.

وعلينا أن نعرف؛ أن تجربة الديمقراطية جديدة في العراق، وهذه الوليدة لازالت تحبو، وقد أصيب الشعب العراقي بالإحباط، لاسيما من الأزمات المفتعلة لإفشال التجربة برمتها، لكن لأهمية دور العراق في مرحلة حساسة من تاريخ المنطقة وغليان الأحداث، يجب أن نعوّل على العنصر الشبابي ليضم طاقاته إلى بعضها البعض ويتوحد من جديد لإصلاح النظام الديمقراطي لكيلا ينهدم من الأساس، ولا تأتي الأزمات السابقة على ما تبقى من الأمل في النفوس.

الكاتب والباحث علي حسين عبيد: أهم نقطة بخصوص الطاقات الشبابية، هو تنظيم الحراك الشبابي وحمايته من الاختراق الحزبي، وعدم التردد في خوض غمار معترك الترشيح والمشاركة الشبابية الواسعة في الانتخابات لقطع الطريق أمام التحزب والتلاعب والتزوير، على الشباب أن يخوضوا الانتخابات القادمة بنفس الروحية التي خاضوا فيها معترك التظاهر السلمي الضاغط، وهو أمر قابل للتحقيق في إطار تنظيم سياسي ناجح.

.......................................
** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...
http://ademrights.org
[email protected]
https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق