قبل اقل من ثلاثة اشهر على موعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستحدث في 23 نيسان/أبريل/ 2017 تعرض اقرب المرشحين للفوز بالرئاسة الفرنسية من الحزب اليمني فرنسوا فيون الى فضيحة من خلال أتهامه بتأمين وظائف وهمية لافراد عائلته.
فرنسوا فيون سياسي يميني فرنسي، تولى رئاسة الوزراء خلال حكم الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي. دخل عام 2016 سباق الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي لتحديد مرشح هذا التيار لانتخابات الرئاسة الفرنسية 2017، وتمكن بالدور الأول من انتخابات الرئاسة التمهيدية من تحقيق تقدم كبير وحصل على 44% من الأصوات. فقد دعا في برنامجه الانتخابي إلى إعطاء سلطة أكبر للدول في علاقتها مع الاتحاد الأوروبي.
واجه فيون عاصفة من الانتقادات بعد ان تناقلت وسائل الإعلام الفرنسية معلومات عن زوجته قد تقاضت مئات الآلاف من اليورو من أموال الدولة دون أن تؤدي أي عمل. وايضا ولدين له عملا كمساعدين برلمانيين لوالدهما، وتقاضيا 84 ألف يورو بين عامي 2005 و2007 بينما كانا لا يزالان طالبين.
لكن فيون دافع عن قانونية وظائف اولاده وزوجته بينيلوب المولودة في بريطانيا وله منها خمسة أولاد في مؤتمر صحافي طويل من مقر حملته الانتخابية بباريس، تابعه اكثر من مليوني مشاهد. وقدم للمرة الاولى اعتذاراته الى الفرنسيين لكونه وظف افرادا في عائلته كمساعدين برلمانيين.
في محاولة للدفاع عن نفسه لمواجهة الشبهات التي تعصف بحملته فيما يعرف بـ"بينيلوب غيت". واقر بان هذه الممارسات تصدم الراي العام واتهم خصومه السياسيين اليساريين بأنهم وراء الاتهامات التي تطاله. ويرى بعض المراقبين أن خطاب فيون يعد "فرصة أخيرة" للمرشح لتحسين صورته واستعادة ثقة الناخبين.
حيث أن 76 في المئة من الناخبين غير مقتنعين ببراءته المعلنة بحسب استطلاع للرأي وأظهر الاستطلاع ايضا أن سبعة من كل عشرة ناخبين فرنسيين يرغبون في انسحاب المرشح الرئاسي المحافظ فرانسوا فيون من سباق الرئاسة بعد أن ثارت حوله فضيحته. وقد شن حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف حملة على فيون مطالب بأنسحابه من الانتخابات.
مع تصاعد الدعوات لانسحابه من السباق الرئاسي في الوقت الذي طالبت أصوات في اليمين الفرنسي بضرورة استبدال فيون بمرشح آخر، يجد مرشح اليمين الفرنسي فرنسوا فيون نفسه في موقع يزداد ضعفا، لكنه اكد بأنه سيواجه الهجمات ضده حتى النهاية وسيستمر مرشحا للانتخابات.
وقال فيون "حين يختار المرء أن يكون مرشحا للانتخابات الرئاسية، عليه ألا يشكو لاحقا من هجمات عنيفة سأواجههم حتى النهاية. سأكون مرشحا لهذه الانتخابات الرئاسية". " لكنه أشار إلى أنّه لم يتوقع أن تكون الحملة الانتخابية الرئاسية قاسية إلى هذا الحد.
من جانب اخر توجّه محققون إلى مقر الجمعية الوطنية حيث أجريت عملية تفتيش وتحقيق في أحد المكاتب التابعة للقسم الإداري وقسم الدفع للتأكد من مزاعم فرنسوا فيون. وقال اثنان من المحامين الذين يتولون الدفاع عن المرشح اليمين الفرنسي للانتخابات الرئاسية فرانسوا فيون وزوجته، إن على النيابة العامة المالية إيقاف تحقيقها بشأن شكوك بوظائف، واعتبرا أن هذا التحقيق غير شرعي.
فضيحة فساد
افادت اسبوعية "لوكانار انشينيه" الفرنسية ان زوجة مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية في فرنسا فرنسوا فيون، المتهمة بالاستفادة من وظائف وهمية، تقاضت ما مجموعه اكثر من 900 الف يورو في اطار العمل ك"مساعدة برلمانية" او متعاونة مع مجلة ثقافية.
وبعدما كانت الصحيفة اوردت مبلغ "500 الف يورو" نقلت في عددها الاخير ان المبلغ الاجمالي الذي تقاضته بينيلوب فيون لقاء عملها كمساعدة برلمانية لزوجها او للمنتدب عنه مارك جولو، بلغ 831440 يورو خلال الفترة ما بين 1988 و1990 وما بين 1998 و2007 ثم خلال العامين 2012 و2013.
كما تقاضت زوجة فيون نحو 100 الف يورو لقاء عمل في مجلة "لا ريفو دي دو موند" خلال العامين 2012 و2013. من جهة ثانية تنقل الصحيفة ان ولدين لفرنسوا فيون عملا ايضا كمساعدين برلمانيين لوالدهما وتقاضا 84 الف يورو بين عامي 2005 و2007 بينما كانا لا يزالان طالبين. بحسب فرانس برس.
ويأتي كشف هذه المعلومات بعد ساعات من قيام محققين بزيارة مكتب فيون في الجمعية الوطنية. ووصف رئيس كتلة حزب "الجمهوريين" في الجمعية الوطنية كريستيان جاكوب ما حصل بانه "مداهمة". واستمع عناصر الشرطة المكلفون هذا التحقيق الى فيون وزوجته بناء على طلب النيابة العامة المالية في باريس بعد معلومات اولية نقلتها اسبوعية لوكانار انشينيه.
انكسار الحملة الانتخابية
في الشأن نفسه وصل احراج فيون الى ذروته عندما بثت القناة الفرنسية الثانية شريطا يتضمن مقابلة اجرتها صحيفة بريطانية عام 2007 مع بينيلوبي زوجة المرشح اليميني تقول فيها "لم اكن يوما مساعدته الفعلية او اي شيء من هذا القبيل". وشاهد 5،4 مليون شخص هذا الشريط على القناة الفرنسية الثانية، ما زاد من قلق اليمين ازاء تمكنه من الابقاء على فيون مرشحه، خصوصا ان استطلاعات الراي تؤكد تراجعه بعد ان كان المرشح الاكثر ترجيحا للفوز بالرئاسة الفرنسية.
وقال النائب الاوروبي رينو موزولييه ملخصا الوضع ان فرنسوا فيون "استغل النظام ومن الناحية الاخلاقية لا يمكن للفرنسيين ان يقبلوا بذلك. لقد فقد مصداقيته ولا بد ان يعي هذا الامر". كما قالت رشيدة داتي النائبة الاوروبية ووزيرة العدل السابقة خلال حكم نيكولا ساركوزي (2007-2012) "لقد لوثتنا هذه القضية التي كسرت زخم الحملة الانتخابية". بحسب فرانس برس.
وكان النائب اليميني جورج فنش اعتبر مطلع ان نتائج الانتخابات التمهيدية لليمين التي اختارت فيون مرشحا باتت "باطلة وكأنها لم تكن". وبات البعض يتكلم عن "الخطة ب" لايجاد مرشح بديل عن فيون. وبين الاسماء التي يتم التداول بها رئيس الوزراء الاسبق الان جوبيه، او الوزير السابق فرنسوا باروان رئيس جمعية رؤساء البلديات في فرنسا.
اخترت الصمود أمام الفرنسيين
على صعيد متصل أجبرت الفضيحة فيون على الاعتذار كما هوت نسب شعبيته. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن المرشح الوسطي المستقل إيمانويل ماكرون ربما يكون الفائز في الانتخابات التي ستجرى في أبريل نيسان ومايو أيار بعد أن يتغلب على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان في الجولة الثانية بأغلبية الثلثين.
وقال فيون في عمود صحفي نشرته صحيفة وست-فرانس الإقليمية "قررت ألا أستسلم للترويع والضغط. لقد اخترت الصمود أمام الفرنسيين ومواجهة قرارهم." وسعيا لاسترجاع زمام المبادرة وإظهار أنه يتمتع بدعم كبار أعضاء حزبه زار فيون منطقة شامبانيا بصحبة عضو البرلمان عن المنطقة فرانسوا باروان الذي ورد اسمه كمرشح بديل محتمل لفيون. بحسب رويترز.
وأضاف فيون في مؤتمر لرواد الأعمال "حين تختار أن تكون مرشحا لانتخابات الرئاسة فإنك لا تشكو فيما بعد من عنف الهجمات." وقال "أود أن أقول شيئا واحدا... سأتصدى لها (الهجمات) للنهاية. سأكون مرشحا لانتخابات الرئاسة." وقال مصدر في الحزب الاشتراكي إن كبار أعضاء حزب الجمهوريين الذين ينتمي إليه فيون لن يطيحوا به على الأرجح في الوقت الحالي لعدم وجود مرشح بديل واضح ولضيق الوقت بما لا يسمح بالتنظيم لانتخابات تمهيدية جديدة.
خطاب الفرصة الأخيرة
في السياق نفسه يحاول مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية في فرنسا فرانسوا فيون شن هجوم مضاد يشرح فيه للفرنسيين الشبهات حول الوظائف الوهمية التي استفادت منها زوجته وجعلته في وضع صعب. وقالت أوساط مقربة من فيون لوكالة فرانس برس "يرغب فيون في مخاطبة الفرنسيين". وتم التحضير للرد الإعلامي والسياسي مع تبني استراتيجية "هجومية أكثر"
اعتبرت صحيفة "لوفيغارو" اليمينية من جهتها أن فيون "بات في وضع المواجهة" وسيقوم "بهجوم مضاد". وسيكون على فيون أن يقنع أيضا أنصاره لأنه سيواجه نواب حزبه (حزب الجمهوريون) في اجتماع قد يكون متفجرا. وبدا بعض نواب القاعدة غاضبين جدا في دوائرهم حيث واجهوا أحيانا غضب القواعد.
وقال نائب يميني طلب عدم كشف هويته "الوضع ميدانيا سيء جدا. صورة فرانسوا فيون النزيه لطخت. لقد استغل نفوذا، وما فعل أولاده لا يمكن تجاوزه". وحض القيادي لوسط اليمين فرانسوا بايرو الذي لا يزال يثير شكوكا بشأن ترشحه للانتخابات الرئاسية، فيون على الانسحاب.
وقال "إن الفرنسيين يعتقدون وأنا مثلهم، أنه ما من حل آخر لاستعادة مستوى النقاش" العام في البلاد. وكثيرا ما يشار إلى آلان جوبيه الذي كان خسر الانتخابات التمهيدية أمام فيون في تشرين الثاني/نوفمبر، واعتبر رئيس الوزراء الأسبق دومينيك دو فيلبان أنه سيكون "الأكثر شرعية" لكي يحل محل فيون.
معاودة اطلاق الحملة بدون خطط بديلة
على صعيد ذي صلة سعى مرشح اليمين فرنسوا فيون الى اعادة اطلاق حملته بعد اتهامه بتأمين وظائف وهمية لافراد عائلته، لكنه يواجه معلومات جديدة تم كشفها. فاسبوعية "لو كانار انشينيه" الساخرة التي كانت اثارت القضية قبل اسبوعين، ستنشر معلومات جديدة في عددها الاسبوعي مفادها ان بينيلوب فيون زوجة رئيس الوزراء الاسبق تقاضت 16 الف يورو في 2002 هي بمثابة تعويضات صرف من الخدمة فضلا عن 29 الف يورو من المكافات سددتها الجمعية الوطنية في 2013.
وتاتي هذه المعلومات الجديدة في غمرة هجوم مضاد للمرشح. فبعد اسبوعين من المشاكل التي افقدته صفة المرشح الاوفر حظا للفوز في السباق، عقد فيون اجتماعا مع نواب يمينيين قبل ان يتوجه الى شمال شرق فرنسا. بحسب فرانس برس.
وبدا القضاء الفرنسي تحقيقا اوليا لتحديد حقيقة عمل هؤلاء. واوردت لو كانار انشينيه ان المحققين لم يعثروا حتى الان على دليل يثبت وظيفة بينيلوب فيون. وفي حين بدأ القلق يتسرب الى انصاره من امكان خروجه من الدورة الاولى، حرص اقرب المقربين منه على تبديد هذه الاجواء. وقال كريستيان جاكوب رئيس كتلة نواب حزب "الجمهوريين" "لقد عاودنا اطلاق الحملة" فيما صرح برونو روتايو منسق حملة فيون ان الاخير "اثبت فعلا موقعه القيادي" وان "لا خطة بديلة".
من الافضل ان ينسحب فيون من الانتخابات
هذا وقد قال نائب رئيس حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف فلوريان فيليبو "من الافضل لفرنسوا فيون ان يتحمل مسؤولياته وان ينسحب من الانتخابات الرئاسية". ومع ان مارين لوبن استهدفت ايضا باتهامات عن توظيف وهمي لمساعدة لها على حساب الاتحاد الاوروبي، فهي تستعد لاطلاق حملتها الرسمية في مدينة ليون في شرق فرنسا.
وفي هذه المدينة نفسها سيقيم مرشح الوسط ايمانويل ماكرون مهرجانا انتخابيا لتقديم برنامجه. وافاد استطلاع للراي ان ماكرون سيتأهل للدورة الثانية لانه سيحل ثانيا جامعا 23% من الاصوات وراء مارين لوبن التي ستجمع 27%. ورغم الحملة التي تستهدفه لا يزال فيون متمسكا بترشحه مؤكدا انه "مقاتل". بحسب فرانس برس.
وقال امام نحو الف من مؤيديه في شمال شرق فرنسا "انهم لا يبحثون عن العدالة بل يريدون العمل على تحطيمي، وبالتالي كسر اليمين وانتزاع اصواته". ولا يزال التحقيق جاريا في ما اصطلح على تسميته "بينيلوبي غيت". واعلن مجلس الشيوخ الفرنسي انه سيسلم الى القضاء وثائق تتعلق بالوظائف التي تسلمها ولدا فرنسوا فيون، عندما عملا كمساعدين له في مجلس الشيوخ.
تحقيق غير شرعي
من جانب اخر أعلن محاميان يدافعان عن مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية الفرنسية فرانسوا فيون أنهما طلبا من النيابة العامة المالية التخلي عن تحقيقها حول وجود شكوك إزاء وظائف وهمية استفادت منها زوجته، واعتبرا هذا التحقيق "غير شرعي". وقال أنطونين ليفي، محامي فيون، في تصريح صحافي مع بيار كورنو جانتيي محامي زوجته بينيلوب "طلبنا اليوم من النيابة العامة المالية التخلي عن التحقيق التمهيدي الجاري حاليا".
وإثر معلومات نشرتها أسبوعية "لوكانار أنشينيه"، تحرك القضاء في 25 كانون الثاني/يناير للنظر في حقيقة العمل الذي قامت به بينيلوب طيلة 15 عاما كمساعدة برلمانية لزوجها ولاحقا للشخص البديل عنه. واعتبر المحاميان أن "تهمة اختلاس أموال عامة لا تنطبق على فرانسوا فيون وباتت النيابة العامة المالية غير مخولة التحقيق، وأن تحقيقها يصبح بهذه الحالة غير شرعي". فرانس برس.
وتابع المحامي أن "التحقيق بات اليوم إعلاميا أكثر منه قضائيا، ومن المهم ألا يتعرض الناخبون لسرقة انتخاباتهم في نيسان/أبريل المقبل". وتوكان فيون قد أقر في مؤتمر صحافي طويل بأنه ارتكب "خطأ" عندما وظف زوجته وولدين له كمعاونين برلمانيين، وقدم "اعتذاراته" مع التأكيد بأن ما قام به كان "شرعيا".
استطلاع رأي
أظهر استطلاع للرأي أن سبعة من كل عشرة ناخبين فرنسيين يرغبون في انسحاب المرشح الرئاسي المحافظ فرانسوا فيون من سباق الرئاسة بعد أن ثارت حوله فضيحة قيل فيها إن زوجته تلقت أموالا مقابل "عمل وهمي".
وأظهر الاستطلاع أيضا أن آراء 74 بالمئة من المشاركين في رئيس الوزراء السابق البالغ من العمر 62 عاما سلبية وأن نسبة 53 بالمئة من ناخبي اليمين يريدون استبداله. وتغلب فيون على مرشحين معروفين وفاز بأغلبية كبيرة من أصوات الناخبين اليمينيين مستندا إلى سجله القضائي النظيف ومقدما نفسه في صورة سياسي صادق نادر سيخفض الإنفاق الحكومي. وتراجع أداء فيون وشعبيته في استطلاعات آراء الناخبين من المركز الثالث إلى الثامن عشر. وحل ماكرون في المركز الأول. بحسب رويترز.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن فيون سيحل في المركز الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات المقررة في 23 أبريل نيسان بعد ماكرون بفارق ضعيف على أن تحل زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف مارين لوبان في المركز الأول. ويقضي نظام الانتخابات في فرنسا بأن يتنافس مرشحا المركزين الأول والثاني في جولة إعادة.
اضف تعليق