ان انعدام الأمن الغذائي والجوع وسوء التغذية، تحديات هائلة يوجهها العالم، إذ يعاني نحو 795 مليون نسمة من نقص التغذية الى جانب تفاقم الفقر وتدهور الصحة، فيما يمكن ان تفيض بعض مخازن القمح الغربية هذا الشتاء بينما بات الجوع يستخدم اكثر فاكثر سلاحا في الحرب من سهول سوريا الى بعض مناطق نيجيريا حيث دمر النشاط الزراعي، ويعاني اكثر من خمسين مليون شخص في 17 بلدا متضررا من الصراعات التي طال امدها من "انعدام خطير في الامن الغذائي"، ولم يعد بإمكان المزارعين السوريين الحصول على اي من البذور التي طورها مهندسون زراعيون محليون، بسبب الحرب واغلاق مركز استراتيجي لتخزين البذور في حلب، لذا كان من الضروري طلب مساعدة المعهد العالمي الذي يتخذ من النروج من اجل الحصول على المادة الزراعية الوراثية السورية المخزنة لديه، من اجل اعادة تكاثر النبات. وهي المرة الاولى التي تتأكد فيها فائدة هذا المركز الذي يقع في منطقة جليدية ويضم نماذج من بذور زراعية عديدة.
من جهة أخرى تذكر الإحصائيات أن ثلث سكان العالم يعانون قلة التغذية أو زيادة الوزن ما يؤدي لزيادة معدلات تفشي الأمراض والضغط على الخدمات الصحية، ويأتي سوء التغذية في عدة صور منها بطء نمو الأطفال والقابلية للعدوى للذين لا يحصلون على قدر كاف من الغذاء إلى جانب السمنة وأمراض القلب وداء السكري ومخاطر الإصابة بالأورام للذين يعانون زيادة الوزن أو الذين يزيد في دمائهم معدلات السكر أو الملح أو الدهون أو الكوليسترول.
كما إن سوء التغذية مسؤول عما يقرب من نصف حالات وفاة الأطفال دون سن الخامسة في أنحاء العالم كما يأتي سوء التغذية جنبا إلى جنب مع فقر النظام الغذائي كمسبب أول لظهور الأمراض، وتتحمل 57 دولة على الأقل عبئا مضاعفا لمستويات خطرة من قلة التغذية - وتتسبب في الدوار وفقر الدم - إضافة إلى زيادة في عدد البالغين الذين يعانون السمنة ما يلقي بمزيد من الضغوط على أنظمة الصحة التي تكون أحيانا هشة في الأساس.
على صعيد ذي صلة يسعى البنك الافريقي للتنمية الى جمع 300 الى 400 مليار دولار بحلول 2025 لاطعام افريقيا وفق استراتيجيته لتحويل الزراعة الافريقية التي عرضها الاثنين في مقره بابيدجان، وتنفق افريقيا قرابة 35 مليار دولار سنويا لاستيراد الغذاء في حين ان 65% من اراضيها الزراعية غير مزروعة.
في الوقت نفسه قال تكتل اقتصادي إقليمي إن ما يقدر بنحو 41 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي وإن 21 مليونا يحتاجون لمساعدة فورية في جنوب القارة الأفريقية بعد أن اجتاح جفاف المنطقة.
الى ذلك قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن ارتفاع الإنتاجية الزراعية والزيادة الطفيفة في المساحات المزروعة بالمحاصيل خلال العقد القادم سيغطيان نمو الطلب على الغذاء مما سيؤدي إلى استقرار الأسعار وفترة من الهدوء في الأسواق الزراعية، في سياق متصل ذكرت المنظمة إن الزراعة هي أكبر محرك وراء إزالة الغابات عالميا نتيجة تزايد الطلب على الغذاء مع أنه من الممكن توفير الغذاء للعالم دون إزالتها.
وتقدر الأمم المتحدة أنه بحلول 2050 سيحتاج العالم إلى توفير الطعام لعدد من السكان يزيد على تسعة مليارات نسمة بزيادة عن 7.4 مليار نسمة اليوم. وحتى الآن تُستخدم 80 في المئة من الأراضي الصالحة للزراعة عالميا.
إن تحقيق الأمن الغذائي يستدعي معالجة جميع أبعاده المختلفة بصورة كافية، بما في ذلك توافر الأغذية والحصول عليها واستقرارها واستخدامها. وبالمثل، فإن التغذية الجيدة تعتمد على أفعال مؤثرة في جميع القطاعات، مثل تحسين فرص الحصول على تغذية متنوعة، والرعاية المناسبة، وممارسات التغذية، مع تحقيق قدر كافٍ من الصحة والنظافة العامة. وإزاء هذا التحدي المتشابك، فإن أي تقدم سوف يتوقف على نظم فعالة للحوكمة، وإشراك الكثير من أصحاب المصلحة في جميع القطاعات، على أن تكون المشاركة والشفافية والمساواة والمساءلة مبادئ رئيسية في هذا الشأن.
وعلى المستوى العالمي، تشكل لجنة الأمن الغذائي العالمي منطلقاً وحيداً لحوكمة الأمن الغذائي. أما على المستويات الإقليمية والوطنية وشبه والوطنية، فلابد من تصميم وتنسيق سياسات وبرامج قطاعية مختلفة بطريقة تضمن الاهتمام بها وأن تعمل باتجاه استئصال الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.
إن ارتفاع أسعار الأغذية وتقلبها، وتدهور الموارد الطبيعية، والعولمة، والتوسع العمراني، وتغير المناخ، ليست سوى أمثلة معدودة للتحديات الهائلة التي تواجه الأمن الغذائي في أيامنا هذه، حيث يمكن للآليات المعززة للحوكمة والتنسيق الفعال فيما بين القطاعات، أن تحدث فرقاً حقيقياً.
الجوع سلاح في الحروب
قالت وكالتان تابعتان للامم المتحدة اطلقتا ناقوس الخطر، ويأتي اليمن وسوريا في رأس اللائحة التي نشرتها في اواخر تموز/يوليو منظمة الاغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الاغذية العالمي، وافادت الوكالتان ان 14 مليون شخص في اليمن يشكلون اكثر من نصف السكان، و8,7 ملايين في سوريا (37 بالمئة من السكان) "هم بحاجة ملحة الى الغذاء وتعزيز سبل عيشهم" عبر مساعدات في مجال الزراعة خصوصا، والامر نفسه ينطبق على مناطق في نيجيريا تشهد اعمال عنف ترتكبها جماعة بوكو حرام الاسلامية منذ 2009. وتقدر منظمة اطباء بلا حدود عدد الذين يعانون من "وضع صحي كارثي" في تلك المنطقة بأكثر من 500 الف شخص، واضطر الاف النازحين الجائعين والذين اقتلعوا من اراضيهم للانتظار حتى اواخر تموز/يوليو للحصول على اولى المساعدات الغذائية. بحسب فرانس برس.
توقع خبراء زراعيون ان تكون محاصيل القمح استثنائية في العام 2016 في العديد من البلدان المنتجة، وهو ما يدفع الى خفض اسعار المواد الزراعية الاولية في الاسواق العالمية ويتيح لبلدان مثل مصر، اكبر مستورد للقمح في العالم، ملء مستودعاتها باسعار جيدة، لكن في البلدان التي تشهد حروبا، يعتبر استيراد القمح احد اوجه الكماليات البعيدة المنال.
وقال دومينيك بورجون مدير الطوارئ في منظمة الاغذية والزراعة في روما، في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان حماية الزراعة في البلدان التي تشهد حروبا، بما في ذلك الزراعة التقليدية، تلعب دورا مصيريا من اجل ابقاء المزارعين في حقولهم وتجنب انضمامهم الى صفوف المهاجرين، واضاف "من الواضح ان الزراعة تلعب دورا مهما في صمود السكان في مواجهة صدمة الحرب"، وخلال الصيف الحالي، تكفل نازحون طردوا من مناطق سورية تشهد اعمال عنف، بالقيام بجزء من الاعمال الزراعية وجمع المحاصيل في مناطق اخرى. لكن هذه المقاومة لا تمنع الانهيار المتواصل للقطاع الزراعي في سوريا التي كانت تشكل خزانا للقمح في الشرق الاوسط، وحيث يعتمد 80 بالمئة من سكان الارياف على الزراعة، وقال بورجون "في سوريا، دمرت جميع مزارع الدواجن مما يؤثر على الاكثر فقرا، لان الدجاج هو مصدر للحصول على البروتين"، وهذا العام قدرت منظمة الاغذية والزراعة بأقل من 1,9 مليون طن محصول القمح المتوقع في سوريا، مقابل اكثر من اربعة ملايين طن قبل الحرب، وتجهد المنظمة الدولية لاقناع الدول المانحة في اطار الامم المتحدة بأن تتكفل بهذه القضية لشراء البذور والاسمدة والادوات للمزارعين السوريين.
قال بورجون "نريد ان نظهر تأثير الامن الغذائي على استقرار السكان "، معبرا عن اسفه لان "النداء الذي تم اطلاقه للحصول على 86 مليون دولار" لم يؤمن حتى الان سوى عشرة بالمئة من الاموال المطلوبة، وفي اواخر حزيران/يونيو، عبر البابا فرنسيس خلال زيارة له الى المقر الرئيسي لبرنامج الاغذية العالمي في روما، عن غضبه بسبب استخدام الجوع كـ"سلاح حرب". وأعرب عن اسفه لان المعدات العسكرية تتدفق بسهولة اكبر من الغذاء.
لكن الغذاء والمساعدات الزراعية يجب ان توزع بشكل صحيح اثناء الكارثة او بعد حصولها، خشية التسبب بأضرار اخرى، وفي هذا السياق حذر بورجون بعض المنظمات غير الحكومية التي تسعى الى توزيع البذور في سوريا. وقال "لا جدوى من ارسال بذور لا تتوافق مع خصائص هذا البلد (المناخ والتربة والماء..)". وقال ان ذلك قد يفسد كل البحوث الزراعية ويعيد البلاد سنوات الى الوراء.
سوء التغذية يزيد من تفشي الأمراض عالميا
قال لورانس حداد أحد كبار الباحثين في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية - الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له - وأحد المشاركين في هذا التقرير "واحد من كل ثلاثة أشخاص يعاني أحد أشكال سوء التغذية"، وأشار التقرير إلى ما سماه "التكلفة الاقتصادية المذهلة لسوء التغذية" محذرا من فقدان نحو 11 في المئة من إجمالي الناتج المحلي سنويا في أفريقيا وآسيا نتيجة لعواقبه.
كما يمكن أن تزيد تكلفة المعيشة لكل أسرة، وفي الولايات المتحدة فإن وجود فرد واحد في الأسرة يعاني السمنة يعني أنفاقا زائدا بنحو ثمانية في المئة في المتوسط على الرعاية الصحية، وفي الصين تؤدي الإصابة بداء السكري إلى خسارة سنوية بمعدل 16.3 في المئة من دخل المريض، ورغم هذه المشكلات كشف التقرير وجود نقاط إيجابية. فعدد الأطفال الواهنين من دون الخامسة يتراجع في كل إقليم باستثناء أفريقيا وأوقيانوسيا. وتراجع المعدل إلى نحو النصف في دولة غانا خلال عقد واحد ليصل إلى 19 في المئة بعدما كان 36 في المئة. بحسب رويترز.
وقال حداد إنه "رغم التحديات فإنه يمكن اجتناب سوء التغذية" طالما كان هناك التزام سياسي بحل هذه المشكلة، وأضاف في بيان "ما دام القادة في الحكومة والمجتمع المدني والأكاديمي ومجتمع الأعمال ملتزمين.. يمكن أن يحدث أي شيء"، ويصدر تقرير التغذية العالمي من جانب مجموعة خبراء مستقلة تعمل تحت إشراف المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية. ويمول التقرير من جانب عدد من الجهات المانحة منها حكومية وأخرى خيرية من بينها الإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية والمفوضية الأوروبية ومؤسسة جيتس.
اطعام افريقيا
يسعى البنك الافريقي للتنمية الى جمع 300 الى 400 مليار دولار بحلول 2025 لاطعام افريقيا وفق استراتيجيته لتحويل الزراعة الافريقية التي عرضها في مقره بابيدجان، وقال شيجي اوجوكو مدير الزراعة والمنتجات الزراعية الصناعية في البنك لفرانس برس "نحتاج الى ما بين 300 و400 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة لانجاح التحول الكامل"، سيضخ البنك مباشرة 24 مليار دولار لتحريك الخطة. وقال اوجوكو "مساهمتنا بسيطة، انها نقطة في بحر. نحتاج الى اكثر من ذلك بكثير. صناديقنا يجب ان تشكل محفزات لكي ينضم الينا مانحون وشركاء اخرون".
واضاف ان القطاعين العام والخاص لا يبديان اهتماما بالزراعة و"الحكومات الافريقية اسهاماتها متواضعة في الزراعة. علينا ان نعمل على زيادة الاستثمارات الحكومية في قطاع الزراعة"، واضاف ان "القطاع الخاص لديه موارد هائلة لا يستخدمها. البنوك على سبيل المثال لا تقرض المزارعين. علينا ان نغير هذ التوجه ونجعلها تزيد استثماراتها خمس مرات"، وقال "علينا ان نوفر راس المال الاساسي للبنوك ونسهم في ضمان عدم تعريضها للمخاطر"، وايجاد ادوات لتوظيف الصناديق السيادية لصالح الزراعة.
وقال اوجوكو ان "المشكلة الاولى للزراعة الافريقية هي ضعف الانتاجية. التكنولوجيا متوفرة ولكنها لا تصل الى المزارع. يجب ان يصل المزارعون الى الاستقلالية ولكن لتحقيق ذلك عليهم ان يتعاملوا مع الزراعة بوصفها عملا تجاريا وليست وسيلة للعيش".
واضاف ان "المشكلة الثانية هي القيمة المضافة. نحن لا نحول ما ننتجه. نحن نصدر المادة الخام. صناعة الشوكولاته تمثل على سبيل المثال 100 مليار دولار سنويا في العالم. افريقيا تحصل على اقل من 10% رغم انها تنتج 80% من بذور الكاكاو".
وتطرق كذلك الى ضعف البنى التحتية وشبكات الري والقطاع المصرفي ومناخ الاعمال، ولكنه اعرب عن تفاؤله بقوله "نعتقد ان بامكاننا تحقيق ذلك خلال عشر سنوات ولكن لا ينبغي الانتظار حتى 2025. السباق يبدأ اليوم".
الحصانة المحلية
تتلقى الطفلة راماتو البالغة سبعة اشهر، العلاج من سوء التغذية في احد مستشفيات عاصمة النيجر، وهي تتماثل للشفاء بفضل غذاء مصنوع محليا يلاقي نجاحا كبيرا، يحتوي هذا الغذاء المسمى "بلامبي نات"، وهو عجينة مصنوعة من الفول السوداني، على فيتامينات واملاح معدنية وبروتينات ودهون وكل ما يحتاجه المصاب بسوء التغذية ليستعيد وزنه وعافيته، على ما يقول مامو اميناتو مدير مركز علاج المصابين بسوء تغذية في المستشفى.
واللافت في هذا المنتج انه بخلاف معظم العقاقير والاكتشافات المفيدة، ليس مصنوعا في دولة اجنبية، بل هو منتج في مصنع يبعد بضعة كيلومترات فقط عن العاصمة نيامي. وهو من انتاج شركة "اي تي آيه" المحلية.
ويقول اسماعيل بارمو المدير العام للشركة "تمكنا مع هذا العقار من انقاذ 270 الف طفل من سوء التغذية الحاد في العام 2015"، واسماعيل بارمو البالغ من العمر 35 عاما، درس في فرنسا وبريطانيا، لكنه قرر ان يعود الى بلده، احد افقر بلدان العالم، وان يعمل فيه.
وتعاني النيجر من ازمات اقتصادية وانسانية متكررة، وتضم اكثر من 300 الف نازح، 240 الفا منهم هربوا من فظاعات جماعة بوكو حرام المتشددة الناشطة في جنوب شرق البلاد، اما الستون الفا الباقون فهم فروا من عنف الجماعات المتشددة في مالي، وقد هرب خمسون الف لاجئ اضافي من هجوم جديد شنته بوكو حرام في الثاني من حزيران/يونيو، في بوسو جنوب شرق البلاد، بحسب تقديرات اللجنة الدولية للصليب الاحمر، يحتاج اكثر من تسعة ملايين شخص الى المساعدة العاجلة في منطقة بحيرة تشاد، اي ما يضم تشاد والنيجر والكاميرون ونيجيريا، ويقول دومينيك ستيلهارت المسؤول في اللجنة "ثمة نقص كبير في الغذاء، الاكثر عرضة للخطر هم الاصغر سنا، لا يمر يوم من دون ان يقضي الجوع على طفل" في هذه المنطقة، ازاء هذا الواقع، طلبت وكالات الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في المنطقة من شركة "اس تي آيه" انتاج كميات اضافية من عجينة الفول السوداني هذه "بلامبي نات".
تأسست الشركة في العام 2001، وكانت تنتج اول الامر اغذية مخصصة لاكثر السكان فقرا، وبحسب بارمو، كانت الشركة تضم اربعة عاملين فقط، يشغلون الات العجن يدويا في العام 2005، ومع تعرض البلاد لازمة غذائية جديدة، اتسع نطاق عمل الشركة بشكل كبير، وشركة "اس تي آيه" مؤسسة خاصة، يملك ثلثي رأسمالها نيجيريون، والثلث الباقي شركة "توتريست" الفرنسية.
واليوم، صارت الشركة تحقق رقم اعمال عند مستوى عشرة ملايين يورو سنويا، وتشغل 115 شخصا وتنتج يوميا 27 طنا من العجينة الغذائية، يتلقى المصنع يوميا ستة اطنان من الفول السوداني، يضيف اليها عناصر غذائية مثل السكر البرازيلي وزيت الصويا والحليب وزيت النخيل من غانا، وتمتزج هذه المواد في ظروف انتاج صحية سليمة تضاهي المعايير الاوروبية، وباعتماد كبير على الآلات. بحسب فرانس برس.
بعد ذلك يسلم هذا الغذاء في اكياس صغيرة الى المنظمات التي تتولى نقله الى العائلات المحتاجة، ويقول غربا سلايسو المسؤول عن الانتاج "بلامبي نات له ميزات كثيرة تفيد منظمات الاغاثة، فهو لا يتطلب تبريدا، ولا تحضيرا، يكفي ان يفتح الكيس".
ومن الميزات ايضا ان مذاق الفول السوداني معروف للسكان وهم معتادون عليه جيلا عن جيل، كما ان الانتاج داخل البلد نفسه يجنب مخاطر التأخير في التسليم، ويقول بارمو "نأمل يوما ما ان تنتهي النيجر من ازمة سوء التغذية، لكن ذلك يتطلب ايضا تطوير البنية الاقتصادية في البلد".
استقرار أسعار الغذاء خلال العقد القادم
قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن ارتفاع الإنتاجية الزراعية والزيادة الطفيفة في المساحات المزروعة بالمحاصيل خلال العقد القادم سيغطيان نمو الطلب على الغذاء مما سيؤدي إلى استقرار الأسعار وفترة من الهدوء في الأسواق الزراعية، وفي تقريرهما السنوي الاستشرافي لقطاع الزراعة قالت المنظمتان إن معدل استهلاك الغذاء سيتراجع بفعل النمو الاقتصادي المتواضع وتباطؤ الزيادة السكانية واتجاه الأسر لتخصيص المزيد من الدخل للإنفاق على سلع غير غذائية بما في ذلك في الدول النامية.
وعزز التقرير وجهة النظر القائلة بأن السلع الزراعية خرجت من عهد التقلبات الحادة الذي تسببت فيه ارتفاعات الأسعار المفاجئة والمخاوف بشأن المعروض في عامي 2007 و 2008 إذ يتراجع الطلب بفعل تباطؤ الاقتصاد العالمي في الوقت الذي تتلقى فيه المخزونات دعما من الإنتاج القوي.
وقالت المنظمتان "مع اتساق نمو العرض والطلب مع بعضهما البعض على نطاق واسع من المتوقع أن تبقى الأسعار الحقيقية (للسلع) الزراعية مستقرة بعض الشيء، "من المتوقع تغطية الارتفاع في الطلب على الغذاء من خلال الزيادة في الإنتاج مع تغييرات متواضعة في المساحات المزروعة بالمحاصيل وقطعان الماشية"، وستستمر الدول النامية في قيادة معدل النمو في الاستهلاك بسبب نمو عدد السكان وزيادة نصيب الفرد من الإنفاق، وتوقعت المنظمتان أن يؤدي ذلك إلى انخفاض عدد من يعانون من سوء التغذية إلى ثمانية بالمئة من سكان العالم أو نحو 650 مليون نسمة في 2025 انخفاضا من 11 بالمئة أو 800 مليون نسمة حاليا.
يمكن توفير الغذاء للعالم دون إزالة الغابات
قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) إن الزراعة هي أكبر محرك وراء إزالة الغابات عالميا نتيجة تزايد الطلب على الغذاء مع أنه من الممكن توفير الغذاء للعالم دون إزالتها، وأضافت الفاو في تقرير أن معظم عمليات إزالة الغابات جرت في المناطق الاستوائية من العالم والتي فقدت سبعة ملايين هكتار سنويا فيما بين عامي 2000 و2010 في الوقت الذي زادت فيه الأراضي الزراعية ستة ملايين هكتار في العام.
وقالت الفاو إن بعض الدول في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية تمكنت من تغيير هذا النمط من خلال تحسين حقوق الأراضي وزيادة الإنتاج الزراعي وحماية الغابات، وقالت إيفا مولر مديرة إدارة سياسة الغابات والموارد في الفاو" هناك دائما فكرة أنه من أجل إنتاج طعام أكثر لتوفير الطعام للعدد المتزايد من السكان فعليك إخلاء مساحات أكبر من الأراضي للزراعة"، ولكنها أردفت قائلة لمؤسسة تومسون رويترز في مقابلة "من الممكن (إنتاج قدر أكبر من الطعام دون إزالة الغابات)".
وقالت الفاو إن تشيلي وفيتنام وغانا من بين أكثر من 20 دولة حسنت خلال العشرين عاما الماضية أمنها الغذائي من خلال زيادة الإنتاج الزراعي في الوقت الذي احتفظت فيه بغطاء الغابات أو زادت منه.
وقالت مولر إن أحد العوامل الرئيسية هو الاستثمار في الزراعة لزيادة الانتاج، وأضافت أن" الاستثمار في الزراعة يهدف أساسا إلى زيادة الإنتاج الزراعي من خلال التكثيف بدلا من إخلاء أراض جديدة للزراعة"، وقالت إن تحسين تخطيط الأراضي وتعزيز حقوق الأراضي والتي تسهم في تحسين حماية الغابات وتحسن التنسيق بين السياسات المتعلقة بالغابات والزراعة عوامل مهمة أيضا، وأضافت أن"وجود حيازة آمنة وواضحة عامل أساسي لأنه إذا كان الناس يملكون الحق في الأرض سيعاملونها بشكل مختلف عما إذا لم يكن لهم حق فيها"، وقالت الفاو إن الغابات مهمة للزراعة لأنها تحمي التربة من التآكل وتحافظ على المياه وتقلص خطر الفيضانات.
اضف تعليق