ناقش مركز آدم عنوان (إنفاذ أحكام المحكمة الاتحادية العليا، الحكم بعدم دستورية قانون النفط والغاز بإقليم كردستان)، ما الدلالات المتحصلة من حكم المحكمة الاتحادية العليا بخصوص قانون نفط إقليم كردستان؟ هل يمكن لصانع القرار العراقي (السلطات الاتحادية) الزام الإقليم بالامتثال لحكم المحكمة الاتحادية العليا؟ وما الوسائل المقترحة لبلوغ ذلك...
ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية موضوعا حمل عنوان (إنفاذ أحكام المحكمة الاتحادية العليا، الحكم بعدم دستورية قانون النفط والغاز بإقليم كردستان)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.
قدم الورقة النقاشية وأدار الجلسة الحوارية الدكتور علاء إبراهيم الحسيني أستاذ جامعي وباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، وابتدأ حديثه قائلا:
"تعد ثروة النفط والغاز أهم مصادر التمويل الحكومي للموازنة العامة وقد أشار الدستور العراقي للعام 2005 في المادة (111) إلى أن "النفط والغاز ملك الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات" بيد إن إقليم كردستان بادر ومنذ العام 2007 إلى التعاقد مع شركات أجنبية لتطوير قطاع استخراج وتصدير النفط بعيداً عن رقابة وإشراف الحكومة الاتحادية، وبحسب تقرير أفصحت عنه حكومة الإقليم أنها وخلال النصف الأول من العام 2021قامت بتصدير ما يربو على سبعين مليون برميل من النفط الخام عبر ميناء جيهان التركي، وحققت إيرادات تقدر بمليارات الدولارات كما إن معدل التصدير اليومي يفوق أربع مئة إلف برميل يباع إلى مشترين الغالب منهم من دول الشرق الأوسط بأسعار تفضيلية تقل عن الأسعار العالمية ويتهم الإقليم ببيع النفط إلى دولة إسرائيل رغم نفي بعض المسؤولين الكورد لذلك.
لذا تصدت وزارة النفط العراقية للأمر ورفعت دعوى أمام المحكمة الاتحادية العليا منذ العام 2012 طلبت فيها إلزام حكومة الإقليم بالتراجع عن مسارها في ملف الطاقة الذي تلفه الكثير من الشكوك حول دستورية وقانونية إبرام العقود بعيداً عن إشراك الحكومة الاتحادية لا سيما إن علمنا إن المادة (112) من الدستور تنص على الآتي "أولاً: تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة على إن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع إنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدة محددة للأقاليم المتضررة والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق والتي تضررت بعد ذلك بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد وينظم ذلك بقانون، ثانياً: تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معا برسم السياسات الإستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي معتمدة أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار".
ومن النص المتقدم نلحظ إن إدارة النفط اختصاص معقود للحكومة المركزية في الوقت الذي احتكرت حكومة الإقليم إدارة النفط المستخرج من حقول المحافظات الشمالية بل امتد الأمر في بعض الأحيان إلى حقول موجودة في محافظات كركوك والموصل، لذا تصدت المحكمة الاتحادية للأمر بالدعوى المرفوعة أمامها بالعدد (59/ اتحادية/2012) في 15/2/2022 بالحكم بعدم دستورية قانون النفط والغاز الخاص بالإقليم رقم (22) لسنة 2007 وإلغائه، وقضت المحكمة كذلك بإلزام حكومة الإقليم بتسليم كامل إنتاجها من النفط من حقول محافظات الإقليم والمناطق الأخرى التي تسيطر عليها إلى الحكومة الاتحادية ممثلة بوزارة النفط وتمكين الأخيرة من اختصاصاتها الدستورية باستكشاف النفط واستخراجه وتصديره، أضف لذلك أعطت للوزارة الاتحادية متابعة موضوع بطلان التعاقدات النفطية التي ابرمها الإقليم مع أطراف خارجية سواء ممثلة بدول أم شركات، كما انتهى الحكم إلى إلزام سلطات الإقليم بتمكين وزارة النفط وديوان الرقابة المالية الاتحادي من مراجعة كافة العقود النفطية المبرمة بخصوص تصدير النفط والغاز وبيعه لغرض تدقيقها وتحديد الحقوق المالية المترتبة بذمة حكومة إقليم كردستان.
من كل ما تقدم سنتساءل عن تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا لضمان حقوق العراقيين جميعاً بالثروة الوطنية النفطية ومنع التلاعب بها بما من شأنه إن يحد من الفساد المالي والإداري ويعزز الشفافية بموضوع الثروة السيادية ونظرا لكون قرارات المحكمة الاتحادية باتة وملزمة للسلطات كافة بموجب المادة (94) من الدستور العراقي لذا سنبين وسائل الإرغام على التنفيذ وفق الآتي:
أولاً: الآليات الوطنية: والتي تقسم بدورها إلى عدة صور منها:
1- آليات الإرغام القانونية: وهي تظهر بصور متعددة منها:
1- إذ ورد بقانون وزارة النفط رقم (101) لسنة 1976 في المادة (5) على ما يأتي: "أولاً: تتولى وزارة النفط إدارة قطاع النفط ويعبر عنه بالقطاع لأغراض هذا القانون، ويختص بممارسة عمليات استكشاف وحفر واستخراج النفط والغاز، بالإضافة إلى نقل وتسويق النفط الخام والغاز ومنتجاتهما....ثانياً: تنحصر بمركز الوزارة، مهمة تنسيق وتوحيد الخطة الأولية لمختلف أوجه نشاط استثمار النفط والغاز..."لذا يمكن لوزارة النفط إن تمنع الحكومة الإقليمية من احتكار استثمار ثروة النفط واتخاذ الإجراءات القانونية داخل البلد بملاحقة كل من يثبت انتهاكه للقانون والدستور العراقي بكل الوسائل الرسمية ومنها مفاتحة الجهات المركزية كمجلس الوزراء لإصدار قرارات مشابهة لتلك التي اتخذت غداة الاستفتاء على استقلال الإقليم وأدت إلى إجهاض تلك المحاولة.
2- تشريع قانون النفط والغاز الاتحادي لوضع حد لحالة الفراغ القانوني الناتج عن فشل البرلمان بسن قانون منذ سبعة عشر سنة منذ نفاذ الدستور العراقي ولغاية الآن.
3- تفعيل قانون الهيئة العامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية رقم (55) لسنة 2017 حيث ورد في المادة (3) إن الهيئة تسعى لتحقيق أهداف هذا القانون بالوسائل الآتية "أولاً: القيام بالتحقق من عدالة توزيع الواردات الاتحادية عند إعداد مشروع الموازنة العامة الاتحادية وصحة احتساب توزيع تخصيصات الواردات.."
2- آليات الإرغام القضائية: ومنها الآتي:
1- إمكانية رفع دعوى قضائية جنائية ضد مسؤولي الإقليم إن تجاهلوا الحكم فالامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء العراقي يعد جريمة بموجب قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل إذ تنص المادة (329) على أنه "1- يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف أو مكلف بخدمة عامة استغل وظيفته في وقف أو تعطيل تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو إحكام القوانين والأنظمة أو أي حكم أو أمر صادر من إحدى المحاكم أو أية سلطة مختصة أو تأخير تحصيل الأموال أو الرسوم ونحوها المقررة قانوناً، 2- يعاقب بالعقوبة ذاتها كل موظف أو مكلف بخدمة عامة امتنع عن تنفيذ حكم أو أمر صادر من إحدى المحاكم أو من أية سلطة عامة مختصة بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره رسمياً بالتنفيذ متى كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً باختصاصه"
2- إمكانية رفع دعوى قضائية ضد قرار الحكومة الإقليمية أمام مجلس شورى الدولة في إقليم كردستان المؤسس بالقانون رقم (14) لسنة 2008 إذ تنص المادة (13) على أنه "تختص المحكمة الإدارية بما يلي،.. النظر في صحة الأوامر والقرارات الإدارية التي تصدر من الموظفين والهيئات في دوائر الإقليم بعد نفاذ هذا القانون..".
3- آليات الإرغام الشعبية: حيث يمثل الشعب العراقي بكل مكوناته من أنجع الآليات القادرة على إرغام السلطات العامة في الإقليم للامتثال لحكم المحكمة الاتحادية العراقية بوصفها تحاول الانتصاف لمبدأ الشرعية ومنع كل ما من شأنه إن يمس بالمصلحة العامة والثروة الوطنية لذا للفعاليات الشعبية إن تمارس دورها بالآتي (التظاهر السلمي، التعبير عن الرفض بكل وسائل التعبير المرئية والمسموعة والمقروءة وبالأخص وسائل التواصل الاجتماعي) بما من شأنه ان يشكل عامل ضغط على الإقليم.
4- آليات الإرغام السياسية: وتتمثل في الآتي:
1- مجلس النواب العراقي: إذ يمكن للمجلس النيابي إن يقوم بإصدار قرار برلماني بموجب المادة (58) من دستور جمهورية العراق للعام 2005، يوجه إلى الإقليم يأمره بتسليم النفط والغاز إلى الحكومة العراقية ليتم بيعه من خلال شركة التسويق (سومو) وتخصيص الأموال المتحصلة منه إلى الخزينة العامة للعراق.
2- الأحزاب وجماعات الضغط السياسية: إذ يملك العراق خزين من الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية التي تجهد بالتفاوض مع الأحزاب الكردية لتشكيل الحكومة الاتحادية واختيار رئيس الجمهورية وما إلى ذلك فمن الواجب الوطني والأخلاقي لهذه الجهات إن تحث الإقليم وأحزابه وتكتلاته السياسية على الانصياع لقرار المحكمة الاتحادية.
ثانياً: الآليات الدولية: وهي بدورها تنقسم إلى صور متعددة أهمها:
1- المنظمات الدولية: إذ تلعب العديد من المنظمات دوراً مهما وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة حيث ورد بمقاصد المنظمة بموجب المادة الثانية من ميثاقها للعام 1945 ما نصه "تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء، جعل هذه الهيئة مرجعاً لتنسيق أعمال الأمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة"
2- القضاء الدولي: يمكن القول إن تركيا تمثل بلد الممر لتصدير جزء من النفط العراقي بموجب اتفاقية ثنائية أبرمت العام 1973 وتم تجديد الاتفاقية وتطويرها في الأعوام 1976 والعام 1985 وأخيرا في العام 2010 وجرى الاتفاق على توسيع التصدير ليمكن إن يستوعب مليوني برميل في اليوم وتنص الاتفاقية على انه "يجب تمتثل الحكومة التركية لتعليمات الجانب العراقي فيما يتعلق بحركة النفط الخام الآتي من العراق في كل مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية"وعند التجديد عام 2010 تم الاتفاق على إن الحكومة المركزية هي الوحيدة التي تمثل العراق، وحين سمحت الحكومة التركية للإقليم سابقاً بالتصدير وان استمرت بذلك فلا بد من إقامة دعوى ضدها أمام محكمة العدل الدولية إذ ينص النظام الأساسي للمحكمة العام 1946 في المادة (36) على أن "1- يشمل اختصاص المحكمة جميع القضايا التي يحيلها الأطراف إليها وجميع المسائل المنصوص عليها بشكل خاص في ميثاق الأمم المتحدة أو في المعاهدات والاتفاقيات النافذة، 2- يجوز للدول الأطراف في هذا النظام الأساسي أن تعلن في أي وقت أنها تعترف باختصاص المحكمة في جميع المنازعات القانونية المتعلقة بما يلي:
1- تفسير المعاهدة.
2- أي مسألة من مسائل القانون الدولي.
3- وجود أي حقيقة، إذا تم إثباتها، من شأنها أن تشكل انتهاكًا لالتزام دولي.
4- طبيعة أو مدى الجبر الذي يتعين تقديمه عن خرق التزام دولي."
3- العلاقات الدولية: حيث يمكن للعراق إن يستغل شبكة العلاقات الدولية وبخاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية لإلزام الحكومة التركية بالامتثال للقانون العراقي واحترام قرار المحكمة الاتحادية بالاعتبار النفط المصدر من الإقليم نفط مهرب ويسلم إلى الحكومة العراقية.
ولمناقشة الموضوع والوصول الى المزيد من الأفكار والحلول تم طرح السؤالين التاليين:
س1/ ما الدلالات المتحصلة من حكم المحكمة الاتحادية العليا بخصوص قانون نفط إقليم كردستان؟
س2: هل يمكن لصانع القرار العراقي (السلطات الاتحادية) الزام الإقليم بالامتثال لحكم المحكمة الاتحادية العليا؟ وما الوسائل المقترحة لبلوغ ذلك؟
المداخلات
مصالح كردستان الإستراتيجية
الشيخ مرتضى معاش:
"إن حكم المحكمة الاتحادية يصب بالنتيجة لصالح كردستان لإيقاف التهريب وعصابات الفساد الموجودة الذي يهدد كردستان وامنها أكثر من أي شيء آخر، لأننا رأينا كيف الأوضاع غير الجيدة سببت أزمات كبيرة فيها ومنها هروب الكثير من الأكراد في شمال العراق وطلب اللجوء الى الدول الاوربية، فهذا من مصلحة الشعب الكردي بالدرجة الأولى، وثانياً إن هذا الحكم سوف يؤدي إلى تقارب كردستان مع المركز لحل الكثير من المشاكل العالقة.
ومن الأخطاء التي وقع فيها بعض المسؤولين الأكراد وهو دلالة على فقدان الرؤيا الإستراتيجية للمستقبل هو تكريد كردستان بشكل كامل وعزلها عن بقية العراق، بالنتيجة أدى إلى انفصال الشعب الكردي عن الشعور بالانتماء الى العراق وأصبحت كردستان في عزلة شاملة، مع العلم ان العراق يبقى هو العمق الاستراتيجي الوحيد لكردستان، فكردستان لها مشاكل وحساسيات كبيرة مع دول الجوار، فعزلهم هذا أدى إلى إضرار كبير بالشعب الكردي.
ومن المعوقات الأخرى عدم تكامل المؤسسات الدستورية التي تساهم في عملية الضبط والانسجام بين كافة المكونات مثل مجلس الاتحاد أو اللجان المرتبطة بالدستور وتضعيف دور المؤسسات المستقلة، وضعف الرقابة القضائية والمسائلة القانونية والشعبية، كما ان الشركات ستضطر الى قطع التعامل مع كردستان لان هناك مصالح إستراتيجية اكبر مع المركز لان كردستان وضعها الاستراتيجي ضعيف في الحالة الإقليمية والدولية، ولا احد سيضحي بمصالحه مع المركز، ولاحظنا ذلك في الاستفتاء حيث لم يجد المسؤولون في كردستان من يقف معهم. فالأفضل للأكراد إن يجدوا حلفاء داخل المركز ويعملون بتوافق وانسجام في قضية النفط وإيقاف التهريب والفساد في كردستان وفي باقي مناطق العراق. ومن المقترحات في ذلك الانفتاح العراقي على المجتمع الكردي فهو مستاء بشكل كبير جداً من وضع بعض الحكام في كردستان وإذا كانت هناك حركة للمجتمع الكردي فستصبح حركة رأي عام جيدة تضغط على الحكومة الكردية. كما ان الدبلوماسية الإقليمية تساعد خصوصاً مع تركيا التي تعتبر المنفذ الرئيس عبر دبلوماسية اقتصادية فاعلة مع تركيا، ومقاطعة الشركات التي تنتهك سيادة العراق".
قانون النفط والغاز والدلالات القانونية
الدكتور حسين السرحان، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية:
"هناك دلالات عدة في هذا الموضوع وأولها الدلالة القانونية حيث إن حكم المحكمة الاتحادية أعاد كل السلطات وكل حكومات الأقاليم وفي المستقبل سوف تمتثل للدستور الاتحادي، وبالتالي لن يكون هناك مكان للتوافقات السياسية وان تصدير النفط في إقليم كردستان تم على أساس توافق سياسي والذي يسمح للإقليم تصدير النفط والغاز لان القانون الاتحادي لم يسن وبالتالي قانون النفط والغاز هو كان مقصود بالدرجة الأساس من قبل الأكراد ومن قبل كتلة دولة القانون التي كانت مسيطرة على مجلس النواب، إما الدلالة الثانية هي اقتصادية وهي مبدأ مهم في موضوع الاقتصاد الوطني هي عدالة التوزيع أو توزيع الموارد وممكن ان يكون هناك ثلاث محافظات تستولي على كمية كبيرة من الإيرادات وفي علم الحكومة الاتحادية وعدم الامتثال لقوانين الموازنات الاتحادية في السنوات السابقة مثل قانون موازنة ٢٠٢١ الذي كان ينص على إن الإقليم يصدر ويسلم الحكومة الاتحادية ٢٥٠ إلف برميل وهذا لم يلتزم به الإقليم شأنه شأن عدم التزامها في كل قوانين الموازنات السابقة، والسبب هو الاتفاقات السياسية التي تتسيد على الأطر القانونية والأطر التنفيذية والتشريعية بالدولة العراقية، إما الدلالة الثالثة فهي الدلالة السياسية وان القوى السياسية وخاصة التحالف الثلاثي والكتلة الصدرية بالذات التي تبحث عن مواجهة الفساد والعدالة والتوزيع العادل للثروة وهذا الأمر يحرجها كثيراً إذا ما تشكلت الحكومة، وان هذا التحالف الثلاثي لن يستمر لان التحالف الكردستاني سوف يستمر رفضه لحكم المحكمة الاتحادية وبالتالي قد يدفع إلى إقرار قانون النفط والغاز الاتحادي أو يتم إشغال الرأي العام العراقي بموضوع جلسات ولجان وغيرها، وان الكتلة الصدرية سوف تكون محرجة كثيراً إذا ما استمرت بالتحالف مع الحزب الذي يرفض حكم المحكمة الاتحادية، وهذه هي الدلالات المهمة ولكن لم تعد التوافقات السياسية تعلو القوانين هذا الأمر ممكن إن يكون مهم إذا ما جعله التيار الصدري مساحة للحركة وحتى محاسبة الحكومات السابقة باعتبارها خالفت القانون".
العدالة الاجتماعية في المجتمع العراقي
حامد الجبوري، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية:
"هناك دلالتين في المجتمع العراقي أولها الدلالة الأخلاقية تتمثل في تحقيق العدالة بين إفراد المجتمع العراقي وهذا ما يتناسب مع المادة (١١١) وخصوص إن النفط والغاز ملك كل الشعب العراقي، وثانيها دلالة اقتصادية تتمثل في تقليل التفاوت الطبقي اقتصادياً، وان العراق لازال يسير في النظام المركزي وبعيد عن الفدرالية المالية، وان إعادة أموال النفط من الإقليم للخزانة العامة هو ما يمثل نوع من العدالة الاجتماعية تتناسب مع الجنية الأخلاقية ويقضي على جنب كبيرة من الفساد في إقليم كردستان".
الرضوخ لحكم المحكمة الاتحادية العليا
الباحث حسن كاظم السباعي:
"إنَّ قانون النفط و الغاز بإقليم كردستان ليس إلا جزءا من كلية كبرى وهي الأزمة الكردية وعمرها حوالي القرن، وكل ما حصل خلال هذه الفترة وحتى يومنا الحاضر ليس إلا تحديث متجدد لتلك الأزمة القديمة، من هنا فإنَّ الأمر لا يرتبط بحكم المحكمة الاتحادية العليا أو الرضوخ أو الامتثال لها بقدر ما انه مرتبط بأصل المشكلة، ولذلك فإنَّ أنجع الآليات كما أشير إليها في الورقة البحثية هو "آليات الإرغام الشعبية" بكل مكوناته، وتعتبر مؤسسات المجتمع المدني والديني من أهم تلك المكونات.
ولا بأس هنا بنقل تجربة تاريخية إبان بروز تيار "القومية العربية" مما استفز الأكراد فأدى إلى مطالبتهم بالانفصال و حصل صراع بين الطرفين فاستنجدت الحكومة آنذاك بالمراجع ليأخذوا فتوى للحرب ضد الأكراد تحت ذريعة أنهم يريدون تجزئة العراق، وحينما امتنع الإمام الشيرازي عن إصدار الفتوى بعثوا وفدا وقالوا له: أ لستم تنادون بالوحدة الإسلامية وإزالة الحدود الجغرافية فلماذا لا تصدرون فتوى وهؤلاء الأكراد انفصاليون يريدون تجزئة العراق و استئصاله لإنشاء دولة قومية لهم، فقال لهم الإمام الشيرازي: إنَّ أساس المشكلة أنكم لم تطبقوا العدالة فيهم ولا حقوق لهم، من هنا وبناءً على هذا المثال؛ فلو أراد المجتمع المدني أن يؤدي دوره في هذا المجال فلابد له أن يبحث عن جذر المشكلة، وبما أنَّ الأكراد قد حصلوا على معظم حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومنها منصب رئاسة الجمهورية وبعض الوزارات، وكذلك الحكومة الفيدرالية المستقلة، وأصبحت اللغة الكردية اللغة الثانية في العراق وأخذت مكانها في الجوازات والأوراق الرسمية ولافتات الدوائر والمجالس والمؤتمرات إضافة إلى الامتيازات الأخرى التي لم تكن في تاريخ العراق من قبل.
فلابد من فتح باب الحوار الوطني ليس لإنهاء هذه المشكلة (الامتثال لحكم المحكمة الاتحادية العليا) فحسب، بل لاجتثاث المشكلة بصورة جذرية ودائمة؛ تمنع القوى الخارجية أو الداخلية من تأجيجها بين فترة وأخرى تحت مختلف الذرائع".
قرار المحكمة الاتحادية وحكم القضاء
الدكتور قحطان حسين طاهر، أكاديمي وباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:
"هناك تساؤل مطروح: لماذا جاء هذا القرار في هذا التوقيت؟ وما الذي تغير أو ما الذي حصل؟، هل القضاء العراقي تحرر من القيود السياسية التي كانت توضع عليه في الحكومات السابقة أو هل إن هناك جهة سياسية برز نجمها مع الانتخابات الأخيرة تؤثر على القضاء العراقي سراً لاتخاذ هكذا قرار في هذا التوقيت؟، الاحتمالات كلها واردة ويبدو إن هناك جهة سياسية فاعلة لتخريب الاتفاق وقد يكون هناك نفس الكتلة التي تتحالف مع الأكراد ومع برزاني بالتحديد قد تعمل باتجاهين لممارسة ضغوط من نوع أخر على الكردستاني لتدفعه لاستجابة على الشروط الكتلة المخالفة معه، وهل تلتزم حكومة كردستان بهذا القرار؟ وهي أعلنت لن تلتزم وممكن إن نقوم بتوظيف هذا القرار لتثير مرة أخرى مظلومية الأكراد ويمكن إن توظف هذا القرار لتستجدي تعاطف إقليمي ودولي على اعتبار إن الحكومة المركزية تتخذ قرارات من شأنها الإضرار بالشعب الكردي أو أنها تحاربهم اقتصادياً أو تمنع الرواتب عنهم خصوصاً في ظل ضعف أداء الحكومة المركزية وإشغالها بالصراعات بين الكتل واللاعبين الفاعلين في بغداد لكن في نفس الوقت ممكن تجبر على تطبيق هذا القرار بالالتزام به إذا ما أحسنت حكومة بغداد توظيف هذا القرار من الناحية السياسية والقانونية والاقتصادية، واعتقد ستبقى حكومة كردستان متمردة وغير ملتزمة لسبب بسيط لأنها تعتبر نفسها خارج أو فوق القانون الاتحادي والدلائل كثيرة، أنها تأوي مطلوبين للقضاء العراقي وتمتنع دائماً عن الالتزام بقرار الحكومة الاتحادية، إلا إن الحكومة ببغداد توحد ضغوطها وتتخذ موقف موحد بين العرب بطوائفهم وتوحيد المواقف والوقوف صفاً واحداً بوجه الكورد، اللعب على ورقة التعاطف الشعبي من حكومة الحزب الكردستاني اعتقد ضعيفة جداً وإنها لن تحقق الهدف المنشود لان الشعوب دائما مغلوب على أمرها وتبق الهيمنة والقوى والتأثير والنفوذ دائماً للحكومات، وكأمر واقع حكومة كردستان الان يمثلها الحزب الكردستاني الديمقراطي وبالتالي التعويل على هذا الجانب والتعويل على القضاء الدولي غير مجدي كثيراً لان القانون الدولي أيضا محكوم بتوجهات اللاعبين الأساسين في العلاقات الدولية".
وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الدكتور علاء إبراهيم الحسيني، بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك وأبدى برأيه حول الموضوع.
اضف تعليق