يجب أن يتمسك العراقيون بخريطة مكافحة الفساد ونموذجها المستقى من مبادئ ومواقف الإمام الحسين عليه السلام، علينا كعراقيين نؤمن بالحسن عليه السلام وبما قام به من ثورة عملاقة ضد الفساد، أن نستثمر ذلك بقوة، وأن نبادر إلى استنهاض القيم الحسينية في مكافحة الفساد...

الفساد ظاهرة عالمية عابرة للحدود والدول والقارات، فهي لا تستثني بلدا كبيرا كان أو صغيرا، بل تعصف بالجميع، ولكن هناك وعي نخبوي وجماهيري، لا يتوقف عن مكافحة الفساد بكل أنواعه، وكلما توفرت فرصة وخريطة عمل لهذا النوع من المكافحة، تأتي النتائج نوعية وذات قدرة عالية على فضح ومحاصرة هذه الظاهرة.

ونحن في العراق يتوفر لدينا ركنان أساسيا لمكافحة الفساد وهذان الركنان هما:

أولا: وجود خريطة العمل الفعالة لوأد الفساد

هذا الركن غالبا ما تفتقر له الشعوب التي لا تمتلك تاريخا نضاليا مشهودا، على العكس من الأمم والشعوب التي تمتلك تاريخا يُشار له بالبنان، ونحن في العراق نعد من الشعوب ذات التاريخ العظيم، متعدد الأهداف، ويمتلك الجذور المبدئية الراسخة، كما نلاحظ ذلك في ملحمة الطف، والمواقف الشجاعة التي رشحت عنها والتي يمكن أن تنعكس على واقعنا الراهن في مجال الوقوف بوجه أرباب الفساد وصناع الأزمات.

هذه الخريطة يمكن أن نستثمرها بالشكل الصحيح ونطلع عليها بضمير حي وقلب نظيف وإرادة لا تتراجع ولا تتردد، فنحن نأخذ من مواقف الإمام الحسين عليه السلام المبدئية الشجاعة مثال لمقارعة الفساد وأدواته، من دون أن نصاب باليأس أو القنوط، لأن أصحاب الفساد يسعون أولا وقبل كل شيء نحو صناعة اليأس في قلوب الثائرين، لهذا يجب استثمار الثبات الحسيني بوجه فساد يزيد وفجوره والجور والظلم الذي كان يقوم به ضد الناس.

والسؤال الذي يتعلق بخريطة الطريق لمكافحة الفساد، كيف يمكن أن تنعكس صورة الفساد الأموي على ما يدور في عالم اليوم وتمدد وانتشار اخطبوط الفساد في كل أصقاع العالم، فهل هناك عدالة عالمية، وهل هناك إنصاف، وهل توجد قيم عالمية تصنع نوعا من الأدوات التي تكافح الفوارق الطبقية الهائلة بين الأمم والشعوب والأفراد.

من خلال ما ذكرنا في أعلاه يجب أن يتمسك العراقيون بخريطة مكافحة الفساد ونموذجها المستقى من مبادئ ومواقف الإمام الحسين عليه السلام، علينا كعراقيين نؤمن بالحسن عليه السلام وبما قام به من ثورة عملاقة ضد الفساد، أن نستثمر ذلك بقوة، وأن نبادر إلى استنهاض القيم الحسينية في مكافحة الفساد، حتى نخلّص العراق ونخلص أنفسنا من أخطبوط الفساد الذي يعصف ببلدنا وبالعالم باسرهِ.

ثانيا: وجود النموذج المحتذى به 

أما النموذج الذي نجعله دليلا لنا وطريقا نمشي فيه قُدُما نحو وأد بؤر الفساد، فهو بطل الإسلام والمسلمين وثائر الأمة الأعظم الإمام الحسين عليه السلام، الذي لم يتردد لحظة في مواجهة الفساد الأموي متمثلا بيزيد الذي حول الإسلام من طريق السداد إلى الانحراف، وأمر بنشر البدع والسفاهات، وحث المعنيين بتحريف الأحاديث بما يخدم مآربه الخبيثة، لكي يبرر خطوات الفساد الهائلة وغير المسبوقة التي كان يقوم بها.

وطالما يوجد لدينا النموذج الذي يمكن أن نسير على هدى مسيرته الكبرى، فهذا يمنحنا نحن العراقيين فرصة الانقضاض على الفساد وعلى الذين يدعمونه ويقومون به سواء في دوائر ومرافق الحكومة أو فيما يتعلق بمفاصل الدولة، فالمهم هو أن تكون هناك خطط فرعية واستراتيجية رئيسة لمكافحة الفساد بأسلوب منظم ومخطط حتى نتخلص من هذا الوباء الخطير الذي ينتشر منذ عقود بيننا وعلى مرأى منا، ولا نحرك ساكنا.

تحطيم مسببات الفساد

وهذا الأمر يتطلب منا أن نستثمر ما نعيشه اليوم في شهري محرم وصفر، واقتراب زيارة الأربعين الحسيني، واستذكار المواقف المبدئية العظيمة ومواجهة الفساد والجور والفجور بثبات لا نظير له، وعلينا خصوصا الأشخاص والجهات المعنية بتوعية الناس، أن نتحرك بقوة في هذه الأيام استثمارا لها حتى نتكاتف بقوة لمواجهة الفساد والمفسدين في بلد يزخر بمواقف أئمة أهل البيت عليهم السلام.

فلا يجوز البقاء على الحياد، وانتظار معجزة مكافحة الفساد أن تظهر لوحدها، هذا أمر لا يمكن أن يحدث لأن السعي والحركة والتخطيط والجدية ووضوح الأهداف هي التي تأتي بالنتائج المطلوبة، وهذا ما نحتاج له اليوم في استراتيجية مكافحة الفساد اعتماد على خريطة مكافحة الفساد (الحسينية)، واعتمادا كذلك على النموذج الذي قدمه لنا الإمام الحسين عليه السلام في مكافحة الفساد.

خلاصة القول، نحن في العراق نمتلك الركنين المهمين في قضية مكافحة الفساد وهما (خريطة العمل، والنموذج لتطبيق مكافحة الفساد)، وما علينا سوى استثمارهما بالطريقة المثلى، وعلينا أن ننتهز الفرصة للانقضاض على الفساد والمفسدين بلا خوف ولا تردد حتى لو كان الثمن أغلى ما نملك، ومثالنا في هذا الأمر هو الثائر الأعظم سيد الشهداء الإمام الحسين وذويه وصحبه الأبرار الذين ضحوا بأغلى ما يملكون في مواجهة الفساد الأموي.

اضف تعليق